تقرير: خمسون عاماً على احتلال القدس الشرقية: سياسات القضم والإبعاد والتهويد تتواصل

تقرير: خمسون عاماً على احتلال القدس الشرقية: سياسات القضم والإبعاد والتهويد تتواصل

تقرير: خمسون عاماً على احتلال القدس الشرقية: سياسات القضم والإبعاد والتهويد تتواصل

By : Abd El Raouf Arnaout عبد الرؤوف ارناؤوط

بعد مرور 50 عاماً على الاحتلال الإسرائيلي لمدينة القدس الشرقية، باتت مساحتها تتقلص أكثر فأكثر لحساب المستعمرات، إلاّ إن عدد الفلسطينيين يزداد على نحو يؤشر إلى فشل سياسات التهويد الإسرائيلية.

مع بداية الاحتلال الإسرائيلي للقدس الشرقية في سنة 1967 كان عدد سكانها بشطرَيها الشرقي والغربي 266,300 نسمة تقريباً، يشكل الفلسطينيون 68,600 منهم (أي 26%)، واليهود 197,700 تقريباً (أي 74%)؛ لكن مع نهاية سنة 2014 بلغ عدد سكان المدينة بشطرَيها 849,800 تقريباً، يشكل الفلسطينيون 351,900 تقريباً منهم (أي 37%)، واليهود 533,900 تقريباً (أي 63%)، وذلك بحسب معطيات مركز القدس لبحث السياسات، الإسرائيلي شبه الحكومي.

غير أن تزايد عدد السكان يترافق مع تقلص مستمر في مساحات الأراضي المتاحة لسكان المدينة الفلسطينيين، إذ تشير تقديرات دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية إلى أنه منذ سنة 1967 لم يُسمح للفلسطينيين سوى باستخدام 12,1% فقط من مساحة المدينة بعد أن جرت مصادرة 43,5% من أراضي المدينة لغايات الاستيطان، في حين أن 41% من مساحة المدينة مصنفة "مناطق خضراء" تخضغ لقيود بناء مشددة وضعتها الحكومة الإسرائيلية.

يقول المهندس وزير شؤون القدس ومحافظ القدس عدنان الحسيني، لـ "مجلة الدراسات الفلسطينية": "منذ الاحتلال الإسرائيلي في سنة 1967، دأبت الحكومات الإسرائيلية على مصادرة مساحات واسعة من الأراضي وتنفيذ العديد من المشاريع الاستيطانية في داخل المدينة، فضلاً عن تنفيذ مشاريع تهويدية في محاولة لتشويه الوجه الحصاري للمدينة. ومع ذلك، ظلت المدينة عربية، وبقيت آثارها وملامحها ومقدساتها وثقافتها، لأنها أمور لا تتغير باعتبارها أصل المدينة."

ويضيف: "سعت الحكومات الإسرائيلية لتغيير أسماء الشوارع وتغيير ملامح المدينة الأصلية، لكنها كلها لا تغير من بنية المدينة الفلسطينية الأصلية، وهو أمر يجعلنا نقول بثقة إن المشروع التهويدي فشل حتى الآن بهمّة سكان المدينة الذين لا يزالون يتوقون إلى، ويتمنون الدعم العربي والإسلامي الذي طال انتظاره."

ويلفت الحسيني إلى أنه على الرغم من السياسات الإسرائيلية الهادفة إلى تقليص عدد السكان في المدينة من خلال مصادرة مزيد من الأراضي لأغراض الاستيطان، وإصدار رخص البناء بحدها الأدنى، وهدم المنازل، والملاحقات من طرف مؤسسات الضرائب الإسرائيلية، وسياسات سحب الهويات، فإن عدد الفلسطينيين في المدينة يزداد، كدليل واضح على فشل السياسات الإسرائيلية كافة.

ويتابع الحسيني: "منذ بداية السبعينيات كان القرار الإسرائيلي يقضي بألاّ يزداد عدد الفلسطينيين عن 22% من سكان المدينة بشطرَيها الشرقي والغربي، وتم من أجل ذلك تطبيق كثير من السياسات التي تخطر أو لا تخطر على بال بشر. ومع ذلك فإن نسبة السكان الآن تزيد على 37%، وهذا إنجاز يُحسب لسكان المدينة الأصليين الذين لم يتخلوا عن مدينتهم على الرغم من جميع الأوضاع الصعبة التي لا تطاق في كثير من الأحيان."

مؤشرات الفلسطينيين السكانية منذ سنة 1967

تطور نمو الفلسطينيين على مدى الأعوام، إذ بلغ عددهم في سنة 1980 نحو 114,800 (أي 28% من عدد السكان في شطرَي المدينة)، وارتفع في سنة 1990 إلى 146,300 تقريباً (أي 28%)، ووصل في سنة 2000 إلى 208,700 تقريباً (أي 32%)، وبلغ في سنة 2010 نحو 283,900 (أي 36%)، وذلك بحسب دراسة مركز القدس لبحث السياسات، الإسرائيلي شبه الحكومي الذي يستند في مؤشراته إلى معطيات وزارة الداخلية الإسرائيلية.

والمجتمع الفلسطيني في مدينة القدس الشرقية فتيّ، إذ إن 12,9% يقعون ضمن الفئة العمرية 0-4 أعوام، و25,1% ضمن الفئة العمرية 4–15 عاماً، و20,3% ضمن الفئة العمرية 15-24 عاماً، و25,3% ضمن الفئة العمرية 25–44 عاماً، و12,6% ضمن الفئة العمرية 45-65 عاماً. أمّا الفئة العمرية 65-74 عاماً فتصل إلى 2,6% فقط، في حين أن الفئة العمرية التي تزيد على 75 عاماً، لا تتعدى 1,4% فقط من عدد السكان.

12 مستعمرة و13 بؤرة

وفي المقابل، وصل عدد المستوطنين الإسرائيليين في المستعمرات المقامة على أراضي مدينة القدس الشرقية إلى 220,000، بينهم 2900 في حارة الشرف التي باتت إسرائيل تطلق عليها اسم حارة اليهود.

ويلفت مدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية خليل التفكجي، "مجلة الدراسات الفلسطينية"، إلى أنه فضلاً عن المستعمرات الكبيرة مثل النبي يعقوب والتلة الفرنسية وبسغات زئيف وراموت ورامات شلومو وغيلو، فإن الحكومة الإسرائيلية عمدت في الأعوام الأخيرة إلى إقامة بؤر استعمارية إسرائيلية في داخل الأحياء الفلسطينية في المدينة.

ويلفت في هذا الصدد إلى إقامة 28 وحدة استعمارية في الصوانة، و24 وحدة على أنقاض فندق شبرد في حي الشيخ جراح، ومقر للحركة الاستيطانية "أمانا" أيضاً في الشيخ جراح، علاوة على مستعمرة في حي رأس العمود، فضلاً عن مخططات لإقامة بؤر إستعمارية في باب الساهرة والشيخ جراح وسلوان.
ويشير التفكجي إلى أن الجماعات الاستعمارية الإسرائيلية وضعت يدها أيضاً على العشرات من المنازل الفلسطينية في البلدة القديمة وأحياء سلوان والشيخ جراح والطور من خلال التحايل على القانون وتزوير الوثائق.

وفي هذا الصدد تشير حركة "السلام الآن" الإسرائيلية إلى وجود 12 مستعمرة في القدس الشرقية، فضلاً عن 13 بؤرة إستعمارية في داخل الأحياء الفلسطينية في المدينة.

ويشير التفكجي إلى أن "إسرائيل تسير بانتظام ضمن خطة محكمة لتنفيذ المخطط 2020 الذي يقضي ببناء 58,000 وحدة استعمارية في مدينة القدس الشرقية حتى سنة 2020."

ويلفت إلى أن "عدد المستوطنين في المستعمرات المقامة على أراضي القدس الشرقية وصل إلى 220,000، وهذا العدد من دون شك مرشح للازدياد في الأعوام المقبلة مع تزايد عدد الوحدات الاستعمارية، وكثرة أحاديث المسؤولين الإسرائيليين عن محاولة حل أزمة الأزواج من الشباب اليهود في مستعمرات مقامة على أراض القدس الشرقية."

28 حياً فلسطينياً

وفي القدس الشرقية المحتلة 28 حياً فلسطينياً تقع ضمن منطقة ما يسمى حدود بلدية القدس التي يرفض الفلسطينيون المشاركة في انتخاباتها.

ففي الأعوام الأخيرة بدأت إسرائيل، حكومة ومعارضة، بالتلويح بسلخ بعض الأحياء عن المدينة بهدف التخلص من الزيادة المطردة في أعداد السكان الفلسطينيين.

ويتضح أن اهتمام الحكومة الإسرائيلية يتركز على البلدة القديمة من المدينة وبعض الأحياء في محيطها مثل وادي الجوز والشيخ جراح وسلوان والطور، لكنها تفكر في التخلص من الأحياء الأُخرى ذات الكثافة السكانية مثل بيت حنينا والعيساوية وجبل المكبر بعد أن عزلت أحياء مثل كفر عقب ومخيم شعفاط من خلال جدار الفصل العنصري والحواجز التي تتخلله.

وفي نهاية سنة 2014 كان أكبر تجمّع للفلسطينيين المقدسيين هو في بلدة بيت حنينا التي بلغ عدد سكانها نحو 37,300، تليها البلدة القديمة التي بلغ عدد سكانها 33,800 تقريباً، بينهم 27,100 تقريباً في الحي الإسلامي، و4470 في حي النصارى، و2360 في حارة الأرمن.

يلي ذلك: حي رأس العمود (25,170 نسمة)؛ حي الطور (بما يشمل حي الصوانة) الذي يقطنه 24,980 نسمة؛ جبل المكبر (23,470 نسمة)؛ حي شعفاط (21,860 نسمة)؛ حي كفر عقب (21,150 نسمة)؛ حي سلوان (19,270 نسمة)؛ مخيم شعفاط (18,230 نسمة)؛ حيَّا وادي الجوز والشيخ جراح (16,460 نسمة).

ويبلغ عدد سكان حي صور باهر 15,990 نسمة، وحي العيساوية 15,260 نسمة، وحي الثوري 13,090 نسمة، وحي بيت صفافا 12,130 نسمة، وحي عناتا الجديدة 7540 نسمة، وحي أم طوبا 3880 نسمة، وأخيراً منطقة باب الساهرة وشارع المسعودي اللذين يقطنهما 2590 نسمة.

3 مؤسسات إسرائيلية لتقليص أعداد الفلسطينيين

ولتقليص أعداد الفلسطينيين في مدينة القدس الشرقية تعمد الحكومات الإسرائيلية أساساً إلى تقليص منح رخص البناء وزيادة أوامر هدم المنازل، وذلك من خلال بلدية الاحتلال في القدس ووزارة الداخلية، وكذلك عبر سحب هويات المقدسيين بحجة تغيير مركز الحياة من خلال وزارة الداخلية ومؤسسة التأمين الوطني.

ويذكر مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية زياد الحموري، لـ "مجلة الدراسات الفلسطينية" أن البلدية الإسرائيلية تمنح الفلسطينيين أعداداً قليلة جداً من رخص البناء، فيقول: "بالمعدل العام، يتم إصدار ما يقارب 50 رخصة بناء سنوياً، وفي سنة 2008 أُصدرت 18 رخصة بناء فقط للفلسطينيين في المدينة، الأمر الذي يدفعهم إلى مواجهة هذا الواقع من خلال البناء من دون ترخيص على الرغم من التهديدات الإسرائيلية. والتقديرات الإسرائيلية تشير إلى وجود نحو 22,000 منزل في القدس الشرقية ضمن ما تسميه البلدية بناء غير مرخص."

أمّا التفكجي فيقول إن السلطات الإسرائيلية صادقت في سنة 2016 وحدها على بناء 2600 وحدة استيطانية في القدس الشرقية، وإن الوتيرة نفسها استمرت خلال مطلع سنة 2017.

ويقول مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا) إن البلدية الإسرائيلية هدمت 190 منزلاً في القدس الشرقية خلال سنة 2016 وحدها، وهو ما أدى إلى تهجير 254 فلسطينياً، وفي سنة 2017 هُدم 65 منزلاً حتى منتصف أيار / مايو، الأمر الذي أدى إلى تشريد 135 فلسطينياً.

وبحسب مركز بيتسيلم الإسرائيلي فإنه في الفترة ما بين مطلع سنة 2004 حتى شباط / فبراير 2017، هدمت البلدية الإسرائيلية 696 منزلاً فلسطينياً في القدس الشرقية بداعي البناء غير المرخص.

سحب الهويات مستمر

خلافاً لما تحاول الحكومة الإسرائيلية ترويجه، فإنها لا تزال ماضية في سياسة سحب الهويات من المقدسيين بحجة تغيير مركز الإقامة.

ويقول مركز الدفاع عن الفرد (هموكيد)، مستنداً إلى معطيات حصل عليها من وزارة الداخلية الإسرائيلية، إنه خلال سنة 2016 جرى شطب إقامة 95 فلسطينياً في القدس الشرقية، بينهم 41 إمرأة و11 قاصراً، وإنه في الفترة ما بين سنة 1967 حتى نهاية سنة 2016، شُطبت إقامة 14,595 مقدسياً.
وتعتبر إسرائيل سكان القدس الشرقية الفلسطينيين "مقيمين"، ولهذا فإنها تخوّل وزارة داخليتها سحب هويات مَن يقيم منهم في الضفة الغربية، أو خارج حدود مدينة القدس، بموجب ما تصفه بـ "تغيير مركز حياتهم."

قلّة يحملون الجنسية الإسرائيلية

ويجيز القانون الإسرائيلي للفلسطينيين من سكان القدس الشرقية الحصول على الجنسية الإسرائيلية، غير أنهم في أغلبيتهم العظمى يمتنعون من التقدم للحصول عليها على الرغم من ميزاتها الكثيرة في السفر، وذلك لأسباب وطنية ودينية، وهم يستخدمون جوازات السفر الأردنية ووثائق السفر الإسرائيلية في التنقل.

ويقدّر الحموري أن ما يتراوح بين 12,000 و14,000 من سكان القدس الشرقية حصلوا على الجنسية الإسرائيلية منذ سنة 1967، بعضهم بسبب إقامته في الضفة الغربية وخشيته من سحب إقامته في المدينة.

وتشير المعطيات الصادرة عن وزارة الداخلية الإسرائيلية إلى انخفاض حاد طرأ في الأعوام الأخيرة على عدد الفلسطينيين المقدسيين الذين حصلوا على الجنسية. إذ إنه في الفترة 2003-2016 قُدّم 8074 طلباً إلى الوزارة للحصول على جنسية، فتمت المصادقة على 2897 طلباً منها فقط، بينما رُفض 2521 طلباً، وجرى تأجيل النظر في 121 طلباً، ولا يزال 2535 طلباً في قيد النظر.

ويلفت الحموري إلى أن المعطيات الإسرائيلية كثيراً ما تكون مضللة، فـ "على سبيل المثال نعلم أن الآلاف من المواطنين العرب داخل الخط الأخضر يقيمون في مدينة القدس الشرقية وهم أصلاً لا جنسية لهم سوى الجنسية الإسرائيلية، وبالتالي فإنهم عندما يتقدمون بطلبات الجنسية لأبنائهم وزوجاتهم مثلاً فإنهم يُحتسبون كأنهم من سكان القدس الشرقية غير المفروض فيهم الحصول على الجنسية، وبالتالي فإن من الصعب جداً معرفة الأرقام الدقيقة، لكن بالإجمال هناك عزوف عن الحصول على الجنسية الإسرائيلية."
وينقسم الحاصلون على الجنسية الإسرائيلية بين راغب في الاستفادة من مزاياها، وخصوصاً أنها توفر إمكان السفر إلى 144 دولة من دون الحاجة إلى الحصول على تأشيرة، وبين مَن يأمل بأن تجنّبه الجنسية شطب إقامته في القدس في حال إقامته في الضفة الغربية، أمّا القسم الثالث فبهدف تخليص مصالحه مع المؤسسات الإسرائيلية.

وتزعم إسرائيل أن الفلسطينيين في المدينة يرغبون في الحصول على الجنسية الإسرائيلية من أجل بقائهم تحت الحكم الإسرائيلي، غير أن الوزير عدنان الحسيني يستهزىء بهذه المزاعم ويقول: "لا أحد يريد الاحتلال، ما الذي يقدمه الاحتلال للمقدسيين سوى المخالفات والاعتقالات وهدم المنازل وغيرها من الممارسات؟" ويضيف: "كل شيء في القدس الشرقية بائس، سواء التعليم أو الوضع الاقتصادي أو الوضع الاجتماعي، وحتى البنية التحتية، إذ يكفي أن تقوم بجولة قصيرة في القدس الغربية، ثم في القدس الشرقية، كي تكتشف الفرق الهائل بين القسمين، فهم يجمعون الأموال من سكان القدس الشرقية وينفقونها في القدس الغربية، بينما القدس الشرقية مهملة من النواحي كافة."

35% ضرائب و6% من الخدمات

يشير الحموري إلى أن 35%-36% من مجموع مداخيل بلدية الاحتلال في القدس تأتي من سكان القدس الشرقية الذين يُعتبر دفعهم الضرائب شرطاً أساسياً للإقامة في المدينة وتفادي الاعتقال.

ويتابع قائلاً: "سكان القدس الشرقية يؤمّنون سنوياً 2 مليار دولار من ميزانية البلدية الإسرائيلية البالغة نحو 7 مليارات دولار، ويتم دفع هذه المبالغ على شكل ضرائب على العقارات والأراضي والأملاك ومخالفات البناء الباهظة ومخالفات السير ورسوم البناء الباهظة التي تصل إلى ما لا يقل عن 40,000 دولار للشقة التي تبلغ مساحتها 100 متر مربع." ويضيف: "وفي المقابل، فإن ما يحصل عليه الفلسطينيون في القدس الشرقية يعادل 5-6% من ميزانية إنفاق البلدية، أمّا الباقي فيُنفق في القدس الغربية."

250 محلاً أغلقت أبوابها في البلدة القديمة

ولا يشمل هذا الرقم الضرائب التي يدفعها التجار الفلسطينيون، والتي تُثقل كاهلهم، وخصوصاً تجار البلدة القديمة الذين يعانون الكساد التجاري منذ إغلاق القدس أمام الفلسطينيين من سكان الضفة الغربية الذين كانوا حتى سنة 1993 مصدر رزقهم الأساسي.

جرّاء ذلك كله، وبسبب إغلاق المدينة أمام سكان الضفة الغربية، والإجراءات التي تقوم بها القوات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين على بوابات البلدة القديمة، وخصوصاً باب العمود الذي يُعتبر المدخل الأساسي لأسواق البلدة القديمة، من عمليات توقيف وتفتيش وحتى تصفية بداعي محاولة الطعن، فإن الحركة في البلدة القديمة بدأت تخف شيئاً فشيئاً.

ويقول الحموري: "بالأرقام والأسماء فإن 250 محلاً في البلدة القديمة أغلقت أبوابها بسبب الكساد والضرائب الباهظة. نحن نتكلم عن 22% من المحال التجارية في البلدة القديمة التي يتراوح عددها ما بين 1100 و1200 محل، وهذه من دون شك كارثة بكل ما تحمله الكلمة من معنى."

لقد أعدت إسرائيل للاحتفال بمرور 50 عاماً على احتلال القدس الشرقية برنامجاً حافلاً بالنشاطات بعنوان "50 عاماً على تحرير القدس"، ومن ضمن مظاهر تلك الاحتفالات، رفع الأعلام الإسرائيلية في أنحاء المدينة، بالتوازي مع نشر الآلاف من عناصر الشرطة لتأمين مسيرات المستوطنين في المدينة.
وفي هذا الصدد يقول الحسيني: "سواء رفعوا الأعلام أو نظموا النشاطات فالاحتلال هو احتلال، وهذا الاحتلال يجب أن ينتهي. نقول لهم إن للقدس تاريخاً الكل يعرفه، وكفلسطينيين وعرب فإن تاريخنا راسخ وثابت في أنحاء المدينة كلها، ولن يكون في إمكانهم شطبه مهما يفعلوا."

استراحة مخيّم: روايات من مخيم الرشيدية والبحر

لا نعرف الكثير حول سبب تواجد المخيمات الفلسطينية حيث هي اليوم. كما لا نعرف المسارات التي اتخذها سكانها من فلسطين إلى تلك المخيمات. كثيراً ما نظن أنّ اللاجئين، نقلوا عند وصولهم، مباشرة إلى الخيام التي أصبحت في وقت لاحق "مخيمات." انطلاقاً من أفكار حول اللجوء وسُبل كتابة تاريخ مغاير للمخيمات الفلسطينية في لبنان، عملنا في مجموعة الدكتافون على مشروع "استراحة مخيم" الذي تم تطويره بتكليف من مقر دار النمر للفن والثقافة في بيروت خلال فعاليات مهرجان قلنديا الدولي لعام 2016.

عملُنا في مجموعة الدكتافون هو مزيج من الفن الحيّ مع البحث المتعدد الحقول. يتشابك البحث والفن الحيّ منذ الفكرة الأولية للمشروع ثم أثناء تطويرها ولاحقاً في مشاركتها مع الناس. من هذا المنطلق وعلى غرار العديد من المشاريع الفنية التي تنجز مع مجتمعات محلية بدلاً من المشاغل الفنية، تكون منهجية المشروع بأهمية نتيجته.

اهتماماتنا الشخصية والفنية هي أن نبحث بأماكن مهمشة خارج مركزية العاصمة وأن نحكي عن علاقتنا وحقنا بالوصول للبحر والاستمتاع به كمكان عام مفتوح للجميع. في صيف ٢٠١٢ قدمنا مشروعاً كان عنوانه "هذا البحر لي" دعى الجمهور إلى رحلة بقارب صيد من ميناء عين المريسة الى دالية الروشة المتنازع عليها. كان المشروع عبارة عن رحلة على قارب يتوقف عند كل موقع على الشاطىء ليحكي قصته والقوانين التي ترعاه والتعديّات عليه وكيفية استعماله من قبل الناس. في عام ٢٠١٥، قدمنا مشروعاً بالاشتراك مع مجموعة شبابية وناشطة من مدينة صيدا تحت عنوان "مشي تَ دلّيك" حول علاقة سكان صيدا بالمساحات المشتركة والتغيّرات التي تطال مدينتهم من خلال التخطيطات والمشاريع التي تترك تغييراً جذرياً بالأحياء وبشكل خاص على شاطئ صيدا.

يستكمل "استراحة مخيم" اهتمامنا بالبحث في علاقة الأفراد والمجموعات بالبحر وبحيّزهم الطبيعي. المشروع هو عبارة عن تركيب فيديو قمنا بتطويره مع أربعة من سكان مخيم الرشيدية. صوّرنا مساراتهم اليومية من منازلهم باتجاه البحر حيث قادنا كل مُشارك ومُشاركة نحو المشهد الأخير ليختار مكان تواجده مع خلفية البحر. نسج هؤلاء، على طول الطريق، قصصاً عن تاريخ الأرض ووصولهم إلى المخيم وصراعهم للعمار والحياة اليومية في مخيم مفصول عن المدينة تحدّه حقول زراعية والبحر.

يُعرض هذا العمل في غرفة صغيرة حيث يجد الجمهور نفسه وسط أربع قصص تبرز كل واحدة منها على حائط في الغرفة. يبدأ التصوير في منزل كل واحد من المشاركين ثم ينتقل معهم في أزقة وشوارع المخيم حتى الوصول إلى البحر.

أملى تواجُدنا في مخيم الرشيدية في تلك الأيام المحددة نتيجة المشروع. اللقاءات التي أجريناها مع أناس مختلفين كنا قد التقيناهم عن قصد أو عن طريق الصدفة كشفت لنا فضاءات المخيم من خلال الحياة اليومية هناك. كزوار للمخيم، كان ملفتاً لنا التناقض بين انفتاح المكان على البحر والحقول الزراعية المجاورة مع مدخل المخيم الذي هو كناية عن نقطة تفتيش للجيش ونقاط المراقبة التي تضم حتى شاطئ البحر. وضّح هذا التناقض في المكان القمع الملثم والحرية الوهمية التي تعطى لسكان المخيم.

تاريخ الأرض والوصول إلى المخيم

"بحصار المخيمات، لولا البساتين كانت الناس ماتت من الجوع." هكذا يحكي سكان مخيم الرشيدية الذي يقع على الساحل اللبناني جنوب مدينة صور. مخيمٌ محاط بأراضٍ   زراعية وبساتين حمضيات، جميعها تُروى من قنوات مياه تاريخية مصدرها منطقة رأس العين.

يحتضن الموقع برك رأس العين لمياه الشفة، اثنان منها في تلة الرشيدية والتي تعد أحد أقدم العيون على الساحل اللبناني.1 كما تشكل منطقة رأس العين وتلة الرشيدية جزءاً أساسياً من "صور القديمة" التي امتدت على الساحل. سَكنها أهل صور قديماً لكثرة المياه فيها وإمكانية زراعتها، فيما تركوا صور التي نعرفها اليوم مكاناً للحكم والعبادة. يُروى أنّ اسكندر المقدوني هدم صور المبنية على تلة الرشيدية لأن الكاهن رفض إدخاله إلى المعبد. ما تبقى من صور القديمة هي قرية الرشيدية.2

خلال سنوات الانتداب الفرنسي، وهبت السلطات الفرنسية أراضٍ كثيرة في مدينة صور للوقف الكاثوليكي.3 من ضمن هذه الأراضي الموهوبة كانت أراضٍ  على تلة الرشيدية التي كانت تحوي كنيستين. هنا أنشأت السلطات الفرنسية في العام 1936 مخيماً لمئات اللاجئين الأرمن الفارين من المجازر في منطقة كيليكيا. وصول اللاجئين الأرمن تبعه بعد حوالي العقد من الزمن وصول اللاجئين الفلسطينيين. روَت لنا امرأة مسنّة من الرشيدية، أنها وصلت هي وعائلتها في البداية من شمال فلسطين إلى بلدة مارون الراس الجنوبية: "من مارون الراس رحنا على بنت جبيل ومن هونيك على البص بمدينة صور. لقانا القائم مقام. كان في قطار يوصل لهون. نطرناه. ركبنا فيه صوب سوريا. وصلنا على حما، لقينا سيارات أخدتنا على الجامع. كان في كتير فلسطينية، قعدنا ٧ أيام. جابوا سيارات وسألوا كل واحد شو بيشتغل وأخدوه على بلد يشتغل فيها. أبوي قال بده يروح على الشام. قالوله ممنوع. رحنا على حوران. رجعنا على الشام وبعدين حملنا حالنا ورجعنا على لبنان وقعدنا ببلدة تبنين لأن كان عنا قرايب فيها".

ولكن في العام 1950 أي بعد بضع سنوات من سكنهم في القرى الجنوبية - اتخذت السلطات اللبنانية قراراً بإجلاء الفلسطينيين القاطنين في القرى الجنوبية (تبنين والمنصوري والقليلة وبنت جبيل وغيرها) ونقلهم إلى مخيمات، من ضمنها مخيم أنشأته في محيط المخيم الأرمني القديم. كان عبارة عن شوادر. قام الأهالي بتثبيت الشوادر عبر بناء حيطان من طين وتراب. كانت الحمّامات مشتركة؛ حمام لكل ثمانية بيوت على بعد خمسين متراً من البيوت.

بعد مرور حوالي العقد على مجيىء الفلسطينيين، بدأ اللاجئون الأرمن بالرحيل وأخذ الفلسطينيون مكانهم". كان هناك 311 بيتاً أرمنياً، بقي منها 200 بيت. وهذا ما يُسمى اليوم بالمخيم القديم.

أما المخيم الجديد، فقامت ببنائه منظمة الأونروا في العام 1963 لإيواء اللاجئين الفلسطينيين الذين كانوا يسكنون في "ثكنة غورو" في بعلبك. قررت الحكومة اللبنانية إخلاء الثكنة، وتم بناء "المخيم الجديد" في الرشيدية على مقربة من "المخيم القديم". كان عبارة عن شبكة طرقات عمودية وأفقية، فيها وحدات سكنية، كل منها ذات مساحة 99 متر مربع تحتوي على ثلاث غرف وحمام وساحة. انتقل إليه سكان ثكنة غورو، بالإضافة إلى البعض الذي ترك المخيم القديم للسكن هنا. لكن الغرف كانت صغيرة والسقف منخفض جداً. مع الوقت، أغلبية العائلات هدمت هذه البيوت وعمرت بديلاً عنها.


على مر العقود، عمل جزء كبير من سكان الرشيدية في البساتين المحيطة، إمّا في الضمان الموسمي أو كعمال مياومين، واستفادوا بذلك من كثرة المياه في المنطقة. يشرح أبو حسين، أحد الأشخاص الذين عملنا معهم في هذا المشروع:
"لو ما عنّا ميّ بالمخيم ما كنا عشنا. عنا ميّ كتير ومن زمان: قنايا راس العين ونهرين وبرك. من البرك منضخ ميّ للخزان ومن الخزان للشبكة وبعدين للبيوت والأراضي الزراعية."

بعد العام 1969 وإعطاء الشرعية لوجود منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان، عمل سكان الرشيدية في أراضي الجفتلك المحيطة بالمخيم من دون دفع رسوم الضمان. كل مزارع اختار أرضاً وزرعها وباتت عرفياً تعتبر ملكاً له. فأراضي الجفتلك ذات ملكية عامة، منها أملاك لوزارة المالية ومنها للتربية وأغلبيتها ملك للجمهورية اللبنانية. لكن زراعة أراضي الجفتلك اقتصرت على الحشائش: علت، فاصوليا، خس، بقدونس، كزبرة، فجل، وغيرها. وذلك، بسبب عدم ملكيتهم لهذه الأراضي، مُنعوا من زراعة الأشجار المثمرة فيها. فبحسب قانون الملكية اللبناني، من يزرع شجرة يملكها.

اليوم، تخضع هذه الأراضي الزراعية التي يتميّز بها المخيم لتحوّلات كثيرة بسبب معركة العمار بين أهالي المخيم والسلطات اللبنانية.

\"\"

معركة العمار

بسبب قربه إلى فلسطين وموقعه على الشاطىء، لطالما حمل البحر فدائيين من الرشيدية في قوارب إلى إسرائيل للقيام بعمليات عسكرية، فتعرّض المخيم لهجمات إسرائيلية عديدة، أبرزها في 1973، 1978، 1982 حيث تم تدمير 600 ملجأً ونزوح خمسة آلاف نسمة.4

بعد العام 1985، قامت الدولة اللبنانية بالسيطرة الكاملة على مداخل المخيم واقتصر دخول السكان على مدخل واحد يحرسه الجيش اللبناني. هذا الحصار يعيشه المخيم حتى اليوم، ويأخذ أشكالاً مختلفة. مُقيّد ضمن حدود واضحة والبحر، ليس بإمكان المخيم أن يتوّسع عمرانياً، إنما يحصل ذلك على حساب المساحات المشتركة، مثل ملعب كرة القدم وشاطىء البحر، وعلى حساب الأراضي الزراعية.

"أول ملعب فوتبول بالمخيم كان هون، بقلب المخيم. كان حلو لأن كنا نقعد على البرندات ونتفرج على الماتش ونشجعهم. بعدين صار المخيم يضيق علينا، وبلشت هالناس كل شوي تعمر على أرض الملعب. هلق بطل موجود. صار فيه بدل منه ثلاثة، بس كل واحد عملته منظمة. القديم ما كان محسوب على حدا. أهل المخيم هنني يللي عملوه." هكذا روَت منى، التي تسكن بالقرب من حيث كان ملعب كرة القدم الأول في المخيم. حدثتنا أيضاً عن بدء عمليات البناء في هذه الأيام على الأراضي الزراعية. "الطلب على البيوت عم يزيد، خصوصاً مع مجيء اللاجئين من سوريا. صار مربح أكثر الواحد يعمر ويأجر من أنه يزرع. شوفي حارة الكواكنة مثلاً، كانت زراعية واتعمرت. صاحب الأرض سوّرها من شي عشر سنين (وضع يد يعني) وصار يزرعها. من خمس سنين صار يعمّر فيها. يعمل غرف ويأجر للمهجرين السوريين. هو بالأساس عمّر الغرفتين استراحة. بس ما مشي حاله. أجرهم بعدين سكن. وكمان صار يبيع شقف أرض والناس تعمر." منى وغيرها كثر أيضاً حكوا عن شاطىء الرشيدية.

تعرّض شاطىء صور ومن ضمنه شاطئ الرشيدية الى عملية شفط الرمول خلال الحرب الأهلية. عرّض هذا البيوت المواجهة للبحر الى خطر الهدم والتلف بسبب الأمواج. يواجه سكان المخيم هذه المشكلة من خلال بناء جدار بين البيوت والواجهة البحرية باستخدام الردميات الناتجة عن عمليات حفر الطرقات. بالرغم من قباحتها، فهي حل مناسب لأنها لا تكلّفهم شيئاً سوى نقلها. سكان الواجهة الأمامية في معظم الأحيان هم الأفقر في المخيم. اختاروا السكن على الشاطىء لتدنّي سعر الأراضي فيه. روى لنا صاحب استراحة على البحر: "أهلي دوّروا على الرخص مش على البحر." كما شرح أن جزء كبير من بحر الرشيدية الآن عبارة عن ردميات مكدسة على طول الشاطىء، بالإضافة إلى نفايات يتم إلقاؤها في قنوات المياه التي تصب في البحر، ليعود الموج ويلقيها على الشاطىء. الأونروا لا تقوم بتنظيف الشاطىء. يقتصر عملها على تجميع النفايات من الحاويات الموّزعة في الأحياء، لترميها لاحقاً في المكب المتواجد على أطراف المخيم. يتم نقلها فيما بعد الى مكب في بلدة قانا، وذلك بعد أن تمّ إغلاق مكب راس العين الغير صحي والموازي للبحر في العام 2015.

معركة العمار أيضاً تعقدت بقرار الدولة اللبنانية منع إدخال مواد البناء إلى المخيم من دون الحصول على تصريح، مما يأخذ وقتاً طويلاً وفي معظم الأحيان لا يُمنح. يصف سكان المخيم. هذا المنع على أنّه تواطؤ بين المنظمات الفلسطينية وبين السلطات اللبنانية التي تعطي تراخيصاً فقط للنافذين في المخيم الذين بدورهم يبيعونه للسكان بأسعار مضاعفة. معركة العمار تطال مخيمات الجنوب كلها. آخرها كان خبر إصابة شخصين أحدهما شرطي في بلدية صور والآخر فلسطيني من سكان مخيم البصّ، على خلفية محاولة إدخال مواد بناء إلى المخيم من دون تصريح.

هذه الحكايات بالإضافة للكثير غيرها كان قد عبّر عنها المشاركون الأربعة في مشروع "استراحة مخيم." أردنا العمل على مادة بحثية تساهم بصياغة خطاب مختلف عن المخيمات الفلسطينية في لبنان.

المشاريع المجتمعية

المشاريع المجتمعية ليست ببسيطة. السياسات الأخلاقية للمشروع تكون من خلالها على المحك. كيف يمكننا أن نخلق فناً مع المجتمع المحلي وليس فقط عنه؟ كيف يمكننا تمثيل الناس بالطريقة التي هم يريدون أن يتم تمثيلهم بها مع الحفاظ على فكرة العمل الفني؟ هذه الأسئلة تصبح ملحة أكثر حين نتعامل مع مجتمع مهمش أرادت دولتنا أن تعطينا امتيازات عليه.

العمل مع مجتمع محليّ يعني أن نسمح للقاءات أن تحدث وللعمل الفني أن يتغيّر وللجدول الزمنيّ أن يتم تحويله وللقصص أن تُكتشف من خلال اكتشافنا للمكان. على سبيل المثال، كانت فكرتنا الفنية أن ندعو كل شخصية مشاركة في المشروع إلى أن تصمم المشهد الأخير في الفيديو وتختار خلفيتها مع البحر. في الواقع، لم يتجاوب أحد مع هذا الاقتراح لأسباب عديدة كإرادة الابتعاد عن النظرة الرومانسية للبحر والقرب الجغرافي من فلسطين.

العمل مع مجتمع محلي يعني أيضاً أن نبحث عن الأسباب الشخصية والسياسية وراء تقاسم هذه الحكايا معنا واحترام هذه الأسباب مع إبقاء مسافة نقدية في تعاطينا معها. تقول إحدى الشخصيات المشاركة إنّ غرضها من مشاركة الناس لقصة وصولها إلى المخيم وللعنف الذي كانت عائلتها ضحيته خلال حرب المخيمات مع أحزاب لبنانية أنّ على الفلسطينيين أن يروا قصصهم كي لا تموت معهم.

مثل العديد من مشاريع مجموعة الدكتافون، وجدنا أنّ سرد تاريخ المساحات هو مفتاح لفهم الحالة الراهنة للأمور. روايات الفلسطينيين الذين هُجروا إلى لبنان في عام 1948 تكشف عن وجود نقص في التنظيم من قبل الدولة اللبنانية التي نشهده حالياً مع اللاجئين السوريين الذين يصلون بأعداد كبيرة منذ عام 2011. تروي أم خليل وصولها إلى سوريا بعد أن توقفت مع عائلتها في لبنان وبالتالي أجبرتهم السلطات السورية العودة إلى لبنان إذ كان هو أول ميناء لوصولهم. اليوم تُعرف هذه الممارسة باسم «قانون دابلن» الذي ينص على ترحيل اللاجئين إلى أول ميناء حيث تم تسجيلهم في أوروبا بغض النظر عمّا يفضلون أو يخططون له.

نذكر من خلال هذا المشروع أن تجاهل آلام وخيارات الناس والعنصرية المتعمدة وشيطنة اللاجئين في القرى والمدن اللبنانية، والدعوات لتجميعهم في مخيمات يتم السيطرة عليها بسهولة وبالتالي الهجوم عليها بسهولة، ليس بشيء جديد. في حين أن العالم كله مشغول بمناقشة ما يسمونه أزمة اللاجئين، نأمل أن نتذكر أهمية الاستماع إلى أولئك الذين هم بأنفسهم في قلب هذه الأزمة. كما ونأمل أن نتذكر أن ترك الناس في طي النسيان مع موارد وحقوق قليلة ليس حلاً بل عدم وجود
أي حل.

 

لقراءة هذا المقال باللغة الانجليزية، اضغط/ي هنا


بحث وإدارة فنيّة وكتابة المقال: تانيا الخوري وعبير سقسوق
كاميرا: كرم غصين
مونتاج: علي بيضون
تصميم صوت: مجد الحموي
المشاركون: حسين الزيني وخديجة المصري وحسن عجاوي وزهراء فاعور

مصادر البحث
1 من تقرير عن برك رأس العين من إعداد "الجنوبيون الخضر"
2 جميع المعلومات عن صور القديمة استندت الى مقابلة قمنا بها مع المهندس والباحث نصر شرف الدين في حزيران 2016
3 من مقابلة قمنا بها مع المهندس والباحث نصر شرف الدين في حزيران 2016
4 Rebacco Roberts, Palestinians in Lebanon: Refugees Living with Long-Term Displacement, Journal of Refugee Studies (2011)24 (2): 416-417

- مقابلات مع سكان من مخيم الرشيدية
- صوَر جويّة وخرائط
- إفادات عقارية من الدوائر العقارية في مدينة صور
- مقابلات مع المهندس نصر شرف الدين والمهندس والباحث اسماعيل الشيخ حسن والمهندسة والباحثة لينا أبو رسلان
- تقرير الأونروا عن مخيم الرشيدية