مما لا شك فيه أن المؤلف/راجي يبحث في مدينة لم تكن محط بحث مُعلن لدى المؤلفين الفلسطينيين الأوائل، وإنما كان هؤلاء يبحثون في مدن أخرى، تحددت بحسب موقع المؤلف في التجربة الفلسطينية ذات الأوجه المتعددة والمتشابكة. فمن بيروت درويش، إلى بغداد جبرا، فخليج كنفاني، فحيفا حبيبي، كلها لعبت أدواراً كمحطات يتحرك فيها الفلسطيني الباحث عن ذاته، والمتجوّل في أوطان عدة كامتداد مرتد إلى رحلة البحث في وعن ذات الذات في ذات المدينة وجسدها. مدينة راجي الأولى، الناصرة، والثانية حيفا، أما الثالثة فهي تل-أبيب. وهي مقارنة الحدث، الوعي من الدرجة الأولى، وفي تل أبيب يعي أشكال وعيه بحدثيته. هذه الصياغة ليست ضرورة وإنما هي تاريخية تحتمها الشروط الكولونيالية في فلسطين التاريخية. بمعنى صريح ومباشر، المقولة هنا لا تتضمن أن الفلسطيني يعي ذاته كحدث عبر الوعي المتشكل بعلاقاته مع مُستعمِرَه ومدينته، فقط، إلا أن الشرط التاريخي الموضوعي بتشكله كنظام استعماري لم يبق للفلسطينيين بعد 1948 من فضاء مدينيّ إلا موقعًا ما محددًا داخل بنية مدينته. راجي، مثل العديد من كتاب القصة من فلسطينيي 48 عبر أجيالهم المختلفة، يسعى في الفضاء المتشكل ما بين الناصرة وحيفا وتل أبيب. ولكن وبعكس من سبقوه، الذين نقلوا أجسادهم بين القرى والمدن المختلفة، تتنقل هذه المدن في مواقع جسد راجي/الراوي المختلفة، أي يصبح جسد الفاعل فضاء تتحول فيه المدن، وتحويراتها الكولونيالية، إلى فصول محدّدة في تاريخ الجسد/النصّ. فالراوي يصف ما يقوم فيه جسده في الناصرة وحيفا وتل-أبيب، هذا بحيث تتغير ملامح هذه المدن عبر ممارسة الوظائف الجسدية المتعددة. تبعاً لذلك، سأتتبع مسارات المدن الثلاث بما هي فصول في جسد الراوي ذاته.
إن أغلب المشاهد النصية التي تتمحوّر حول الناصرة تحدث في زمن النص الآني، أي في لحظة القراءة. وهي عبارة عن استحضار لأحداث تمت في ماضي الراوي الشخصي، حيث يقوم الراوي بإعادة تركيب وانتشال ومَنْتجَة لذلك الفصل من حياته وتحديداً من جسده. هناك مشهدان يبدآن من "الآن العام" ليتحوّلا سريعاً إلى زمن النص واستحضار الماضي عبره. يبدأ راجي باستحضار الناصرة من خلال إعادة فحص علاقاته مع أبيه حيث يقول بعد فحص ما تركه له أبوه من إرث (ص 11):
لأستحضر ... أسرار أبي، صوت دلال الخضار، دفء بائع البرغل، رائحة المجدرة، آذان الجمعة، سوق البلد، إلحاح المتسولين، جادة النساء المنسيات، لوعة المساء، حزنه، طفولتي المتربصة هناك ... ذلك الانتظار ... ذلك الانتظار ... ذلك الانتظار ...
الآن، صيف 2009 بحسب النص، والهنا، الفضاء النصي، تُمَكِن الراوي من إعادة صياغة هذه التجارب التي لم تمرّ في زمن وقوعها بعملية "عَجْن" وإنما حدثت وشكلت طفولة متربّصة، أي أنها تتحيّن لحظة الانقضاض على الوعي وبنائه. إنّ عملية بثها من جديد في النصّ لا تشكّل الراوي فقط، بل تضيء الأب بظلال وألوان أخرى، كما تفتح قضية الناصرة التي تنبني هنا كتجربة حسية لا بدّ من العمل عليها لنفي مغلقها باتجاه الآن وانفتاحه وعياً. ولكن هذا التحوّل لا يمكن له أن يتمّ عن طريق الأب. فممّا لا شكّ فيه أنّ الرّاوي يسعى إلى قتل الأب بطريقة تذكّر إلى حد بعيد بالقتل الناعم، بحسب وصف فوكو لأشكال العقاب الحداثية، حيث المشهد الثاني يعلن عن نزول الأب من على المسرح بسبب خسارته للبحر (ص 40):
(8)
لحظة سُرِقَ البحر من أبي، علمني ألا أسأل عنه-عن البحر- ليس هذا بحرنا يا ولدي ولا الرمل حقيقي ولا ذاك السرطان الزاحف باتجاهنا يقصدنا نحن بل أنه في الواقع سيبصق قربنا ويمضي إلى من جهزوا له عشباً طرياً عذباً منذ دهر، فلنشتري سمكتين من المقصف الجبلي المنسي ونفر عبر الهضاب والمرج إلى مخبأنا ومثوانا ومرتع انتظارنا على ضفاف نبع جف ...
في هذا المشهد من فصل بعنوان "بر-بحر" في ربع "خريف"، يتم تنحي الأب عن أبوته ويتخلى عن الحياة منتظراً مثواه. الفصل ككل مبنيّ من مقاطع مرقّمة، وهي وإن كانت تبحث في تيمة فقدان البحر وانعكاسات هذا الفقدان على علاقات الراوي العائلية، إلا أنها معروضة كشظايا حدثت في الماضي. وبهذا فإنّ التقطيع هو جزء من عملية إعادة صياغة لهذا الماضي وأحداثه النصراوية ومن ضمنها، أو للدقة التي تشكّل ما هي الناصرة. في المقطع رقم 8 المقتبس أعلاه هناك عدة مستويات أو دلالات من الممكن إثارتها عبر التداعي العلائقي. فمن جانب، هناك المفهوم الاستعماري فالفقدان هو فقدان فلسطين، ومن جانب آخر هناك فقدان صورة الأب بما هو سلطة، ومن جانب ثالث هناك فقدان البراءة للراوي الذي يدخل التاريخ وعياً، وكل هذه العمليات من الفقدان إذ تحدث وتتحقق عبر الخروج من الناصرة. فالناصرة بما هي حدث، هي بالضرورة التاريخية، بحسب الراوي، حيز للقفز إلى أمكنة أخرى حيث لا تملك سوى حدثيتها الأولى وحتى تلك سيبصق عليه السرطان، ذلك المخلوق الأولي بامتياز. بعد هذا الخروج للأب من مسرح التاريخ والراوي من الناصرة، تدخل الأم، وتقول، أو يُقَوَل صمتها، في صياغة من جديد لم تكن ممكنة في عهد نظام الأب البائد، ولأهميتها في متن النصّ العام سأطيل الاقتباس (ص 86):
قد تكون الحقيقة أسهل من هذا ... يا غلام ... ولكن أثر الوقت المسروق. المقتطع. الضائع. لا زال يلازمني. أمشي وزمن ليس من حقي يركب على أكتافي. يلعق ظلال السواد تحت عيوني. أقِّلُ أمي إلى حي المطران المُطل على ... الطريق إلى هناك. إلى الجنوب ... جنين. القدس. المطار. الأردن. تل أبيب ... أدخل الحي رجلاً آخراً ليس ككل مرة. أحاول أن أراقب ذلك الصبي اللاهي برمال تشييد الشارع وهو يسألها تلك الرمال. هل سيتغير شيء؟ هل ستبقى الحياة هكذا. أم أنها قد تقترب من حكاية "حمى ليلة السبت" الذي شاهدته خلسة في الأسبوع الماضي في سينما الناصرة. وها أنا آدمياً آخراً يدخل بعربته إلى حقل الألغام. ... أعبر شوارع بريئة من مخططاتي القديمة. أعود إلى منطقة ديانا عبر العمارة. ... ومع ذلك قد تكون الحقيقة أعطر مما تظن ... يا رجل ...
في هذا المشهد، الذي قد يذكّرك بـ"عودة الابن الضائع"، محاولة من الراوي لإعادة تشكيل التفاصيل الجغرافيةّ عله يجد في ذلك منفذاً للتصالح معها، مع مدينته الأولى، الناصرة، بكل ما تحمل هذه من ثقل وهموم تاريخية قد لا يعبأ بها الراوي. وهذا يتم من خلال الأم، حيث يثار السؤال: لماذا لا يمكن للناصرة أن تكون أماً؟ هي حقل يستطيع أن يحضن، ولكن هذا الحقل ملغوم، حيث لا تضع رِجلاً فيه للحظة وإذ بك تتفجر وتطير إرباً. ولكن قد تكون الحقيقة أعطرَ مما تظن إذا كنت رجلاً. وماذا عن غير-الرجال؟ هل تنتظرهم الألغام في مدينة السلام؟ هذا هو فصل الناصرة في جسد الراوي، جرح مفتوح جراء لغم وضعه طفل لأبيه، فقتل أمه، وخرج بنبوة أخرى.
حيفا محطة انتقال من فصل الناصرة إلى فصل تل-أبيب. لا نجد في حيفا سوى انتقاليتها، وعلى الأغلب، المرور عبرها لا يتم من خلال جسدها كمدينة وإنما عبر شاطئها. فعندما كان الراوي يدرس في إحدى جامعتيها تشكلت ذكريات العبور بين الطهارة والدنس على الشارع الذي يربط الناصرة بحيفا، لم تستطع حيفا أن تحتوي هذا الدنس النصراويّ، فهي هشة إلى حد بعيد مقارنة بالعمق التاريخي، وعياً على الأقل، القابع والمشكل لجسد مدينة الناصرة، كما لابنها، راوينا (ص 49-50):
حواف الخطر
: شغل الشريط من فضلك ...
1
نهاية الأسبوع، طريق الناصرة-حيفا، لا أعرف كم من السنين المتراصة قضيت على هذه الطريق
ذهابا
إيابا
محاولات حب
هروب من عبث
....
2
نهاية أسبوع
إياب
من حيفا إلى الناصرة
ها أنا أحتفل بالذكرى الرابعة أو ربما الخامسة ل.... لماذا؟
في مقابل هذه الانتقالية لحيفا، نلاحظ أنّ الراوي لا يستطيع العودة من تل-أبيب مباشرة إلى الناصرة، حيث عليه في عودته أن يمرّ عبر حيفا، وكأنما حيفا تنظفه مما عَلِق به والتقطه جسده في تل-أبيب. من الملاحظ أنّ العودة إلى الناصرة عبر حيفا هي، على الأغلب، غير واضحة المعالم، فهو لا يرجع إلى الناصرة كمدينة أبداً، بل يزور فيها مستودع الأسرار ليخرج منه في كل مرة بما استطاع حمله بعد حَيْفَنَتِه. تبرز هذه العلاقة عندما يحاول الراوي أن يطرح حلاً من خلال لقائه بابنه والمتوقع أن يكون في الناصرة، ولكننا لا نفاجأ، بأثر رجعي، أي بعد الانتهاء من قراءة النص كاملة، من أنّ اللقاء تم على شاطئ الكرمل (ص 11؛ 41-42). اللافت للنظر، أنّ الراوي يقول إنّ لا ذكريات له بعد بين تل-أبيب وحيفا، و/أو بالعكس، وكأنما الذكريات كانت، ويبدو أنها لا زالت، ممكنة بين الناصرة وحيفا فقط (ص 49). ولكن ما هي حيفا بالنسبة لتل-أبيب؟ نقطة انطلاق؟ هل يستطيع الشخص القادم من الناصرة أو أية قرية أخرى، مثلاً، أن يكتفي بتجربة حيفا؟ ما الذي يدفع باتجاه أكل "تفاحة" تل-أبيب؟ هل هي البنية الشمولية للتناقض الاستعماري التي تتطلب حلاً أدبياً جمالياً شمولياً؟ أم هو نوع محدد من الأدب والفعل الجمالي؟ ولعلّ التقاء نوع من هذا الأدب بتلك الشمولية؟ لنذهب إلى تل-أبيب.
لعلّ تل-أبيب هي المدينة الحداثية الوحيدة في النظام الاستعماري الصهيوني؛ فباستثناء القدس، ما تبقى من تجمعات سكنية هو في الحقيقة أقرب إلى البلدات منها إلى المدن. وهذه البلدات هي، على الأغلب، ذات طابع قروي-ريفي، بما في ذلك حيفا، حيث أنّ العلاقات الاجتماعية الاقتصادية مبنية على نوع من الحضور المباشر، والمعرفة المسبقة، فقلما تجد فضاء من العلاقات غير المعرّفة مسبقاً anonymity التي تميز المدينة الحداثية. من هنا، فإنّ الفلسطيني في انشباكه مع هذه التجمعات الاستعمارية لا يستطيع أن يكون إلا فلسطينياً نموذجياً. أما في تل-أبيب، وبعكس المتوقع، فإنه يستطيع أن يذوب في تفاصيل اليومي من دون أن يكون فلسطينياً بالمعنى المباشر والصداميّ لتعريف الذات مقابل الآخر الاستعماريّ. وبما أنّ أيّ تفاعل حقيقي وملموس يردّ العلاقة إلى صداميّة المواجهة بين قطبي الصراع الاستعماريّ، فإنّ هذه الفسحة الهشة هي المدخل السرديّ الذي ينطلق منه راجي وراويه في رحلة البحث في تل-أبيب، حيث يتشكل المشهد عبر لوح من الزجاج، أو قناع يلبسه الراوي، ليمارس من خلفه عمليتين أساسيتين: النظر بتمعّن في المُستعمِر، والنظر بتمعن تفكيكيّ في الذات المُستَعمَرة. تتم هاتان العمليتان بوحدة فعل واحدة، أي أنّ لحظة التبصّر في الجاني هي لحظة انعتاق الضحية، ومن هنا فإنّ الثغرة في بنية القوى الاستعمارية والتي نتجت عن هذا النوع من الاستعمار الاستيطاني -أي غرس وتشكيل مدينة أوروبية حداثية في جسد المشرق العربي الإسلامي- تُمَكِّن فعل الانعتاق في حال تمت صياغتها من جديد كما مورِسَت على يد المؤلف وراويته. فما هي لحظة التبصر النصية هذه؟
لعلّ من أهم ما يميز هذا النصّ هو عدم وجود سبب معلن لتواجد الراوي في تل-أبيب. فهو لا يكون أبداً في مسكنه، أو في عمله، حيث غير واضح مثلاً أين تقع غرفة المونتاج، أو لا نراه يصف غرفة نومه أو ما شابه، إلا أننا نستقي من حركته المتنقلة بين تل-أبيب وحيفا والناصرة أنه يقيم بشكل أو بآخر في تل-أبيب. إنّ الحفاظ على هذه الضبابية في العلاقة مع هذه المدينة يُخوِّل الراوي ممارسة الوظائف المتعددة التي يبتغيها من دون أن يخلّ بالبناء السّردي بل يعطيه هامشاً أوسع للحركة. فنراه مثلاً يجلس في الشارع العام كأيّ مقيم آخر في المدينة (ص 25)، أو يجلس في مقهى ليحتسي القهوة (ص 35)، أو يمارس السياحة خارج المدينة التي يقيم فيها (ص 43) أو ينتظر شخصاً ما ليعطيه طردًا ليوصله إلى صديق مشترك (ص 89)، أو ينتظر نتيجة فحص طبيّ هام (ص 107). ولكن هذه المشاهد التي تبدو عادية لدى سائر مقيمي المدن الأخرى، تتجلى كلحظات تنكسر فيها استمرارية الجسد المدينيّ الحامل لها. فالجلوس في الشارع العام هو تحوير على مجموعة أكاذيب صيفية صغيرة، أما الجلوس في المقهى فيثير قضية سلب هوية/لغة الضحية من طرف الجاني وإنكار الضحية لذاتها لكي لا تدخل في مواجهة لم تخطط لها؛ الشخص الذي سيأخذ الطرد هو متتياهو الذي سيوصله إلى القاهرة، أما الفحص الطبي فسيؤدّي إلى مواجهة الحقيقة النهائية والتي تقفل السّرد. إنّ هذه الانكسارات هي التي تفتح ثغرات في جسد المدينة للحظة ينظر الراوي من خلالها ثاقباً بنية القوى كما بنية ذاته التابعة والمشتقة من علاقات القوى الاستعمارية. لنأخذ مثالاً على هذه الآلية من العمل السرديّ. الفصل الأخير من النص (ص 107):
نصف الساعة التي مضت
فرصتك الأخيرة لفهم المقروء المرئي
1
00:30
أجلس على مقعد في جادة "يهوديت" حيث كانت تسكن نتاشا التي أطلقت على نفسها اسم "نيتاع" عندما صعدت من موسكو إلى أرض الحليب والعسل والمخلفات العضوية الأخرى في بداية التسعينيات من القرن الماضي ومعنى "نيتاع" هو الشتلة ... وأنا لا أفهم كيف أفكر في نتاشا هذه وأنا مقدم على تلقي نتائج الفحص الطبي الموعود ... ذلك الذي قد يقلب كياني ... ويكرّس الخوف الذي لازمني ويلازمني أنى حللت ... وفي الأحلام ... أيضاً.
هذا المقطع/المشهد يبدأ من عنوان يُموضعنا في سياق الانتظار بشكل عكسي، أي نحن الآن في لحظة ما بعده، ومن ثم فإن الجملة الموجهة لعامل المونتاج تحمل التهديد والتربية معاً، كأي علاقة أبوية كلاسيكية، يأتي رقم 1 ليعلن أن الفصل مشاهد متسلسلة، ثم يأتي عدّاد الزمن المتبقي لإعلان النتائج، وهو يبدأ من 30 دقيقة ويتناقص في كل مشهد 5 دقائق إلى أن يصل إلى النهاية، لحظة إعلان النتائج. أما المشهد ذاته فهو يبدأ من مشهد مديني، الجلوس في جادة مقابل مبنى كان يقطنه أحد معارفك، مقارنة بالقرية والناصرة حيث يسكن كل فرد في ذات البناية كلّ عمره، ثم الإعلان من طرف الراوي على أنّ هناك طبقة من الأحداث هي أهم من المشهد المديني ولذلك فهي تكسره؛ أي أنّ الفحص الطبي أهم من نتاشا وما تثيره من ذكريات. وفي مستوى ثان، من الممكن قراءة "وأنا لا أفهم" كتعبير عن المفارقة، حيث أنه يجلس قبالة الشقة التي سكنتها مرة من كانت السبب الذي أدّى إلى الحاجة إلى الفحص الطبي. وهذه المفارقة هي بعدة مستويات؛ الأول فرديّ، أي الاحتمال الوارد أن أذهب إلى تلقي نتائج فحص طبي فأجد نفسي قبالة بيت من سبّبت لي الشكّ بأني مصاب بداء ما، إلا أنّ المقطع الأول من المشهد يحيل إلى مستوى جمعيّ من المفارقة. فنتاشا هذه هي شتلة غربية غريبة في جسد الجماعة التي ينتمي إليها الراوي، وزراعة الأعضاء هذه لم تنجح، وبالرغم من ذلك فهي لا تزال مغروسة وحيّة، ممّا يؤدّي إلى ضرورة إجراء الفحص الطبيّ. بهذا، وفي مستوى ثالث، فإنّ "وأنا لا أفهم" هي تعبير سيمبتوماتي لعدم قدرة الراوي على جسر هوة بين التناقض الفعلي وبين الحديث عن هذا التناقض بمشهدية متشظية من حيث سرديّتها ولكن متواصلة خطياً من حيث زمنها. هذا الشكل من البناء السردي يميّز الطريقة الأساس التي تنبني عبرها تل-أبيب المدينة التي يتبصّر من خلالها الرّاوي سائر وجوده الاجتماعيّ. من هنا، فإن اكتشاف/اختطاف تل-أبيب، وتعرية بنية القوى، هو تفكيك للذات الحدثية الفلسطينية، على الأقل تلك التي حدثت في الناصرة، لترتقي وعياً، عبر حيفا.
من الممكن القول بأنّ المدينة بما هي مفتاح للولوج إلى نصّ بر-حيرة-بحر، فإنها ذات طبيعة جيولوجية لها ثلاث طبقات مرتبة عمودياً وهي من الأسفل إلى الأعلى: الناصرة، فحيفا، فتل-أبيب. ولكن هذه العموديّة ليست ذات طبيعة ارتقائية بالمعنى التقليدي الاستشراقيّ، وإن كانت هناك أصداء لـ قلب الظلام وموسم الهجرة إلى الشمال من حيث خروج الذات إلى أناها في الآخر عبر تدمير كليهما الصوريّ، حيث الوعي من الدرجة الثانية يتمعن في حدثه من جديد. فهذه قام المؤلف بتغييبها علناً في حال روما ولندن، فهو يعرضهما كحالة من اللا-جدوى النصيّة، الأهم في فهم مفتاح المدينة هو تغييب القدس الصامت، والتي تُذكر في النص مرة واحدة على أنها موقع ثانوي على طريق الجنوب، جنوب الناصرة. والسؤال، أين القدس نصياً؟
7
إن الغياب لا يعني عدم الفاعلية، بل هو نوع آخر من القوة الفاعلة في التاريخ الأدبيّ والجماليّ، تحديداً، وفي التاريخ الاجتماعي، عامةً. هناك من فاضل بين الحضور والغياب، فرفع أحدهما على الآخر زمناً ومرتبةً ومن ثم تفسيراً وشرحاً، ونحن في سياق انشباكنا مع ها النص لا نفاضل مسبقاً، بل ندعو بالأساس إلى فك وتركيب العلاقة بينهما كمحور من محاور التفسير الممكنة. ومن الممكن فحص هذه العلاقة بمستويات عدة، منها التفصيليّ ومنها البنيويّ العام، حيث أنّ كل لحظة تَشَكُل للنص حضوراً تحمل غيابات متعددة كما أن كل فعل تغييب يحمل عدة أشكال من الحضور. لهذا لا توجد وصفة معدة مسبقة لأشكال الحضور والغياب، بل هي احتمالات متعددة قد يتحقق بعضها وقد يخفق الآخر منها في أن يتشكّل وذلك تبعاً لتفاعلات بين عوامل شتى لا مجال للخوض فيها هنا بأكثر من الإشارة بأنها قائمة وفاعلة.
ثلاثة حضور غيابها بارز للعيان في بر-حيرة-بحر: الزمن المقدس على أنواعه المختلفة؛ قضيب جسد الراوي؛ القدس بما هي المدينة الفلسطينية الأم. هذه الغيابات الثلاثة هي حقول تشكلت في النص على أنها جزء من النظام النصراويّ، أي أنها نوع من الأنموذج للعلاقات السائدة في النظام الذي مكّن الحدث الطفولي الذي يستحضره الراوي من التحقق. حفرت هذه النماذج أقطاب حقل التناقضات الأساس الذي يحدّده النص: في مقابل المقدس هناك العادي صيف/خريف/شتاء/ربيع، والذي يرد إلى ما هو قبل توحيديّ. ومقابل القضيب، يركز النص على تقسيم العمل الاجتماعي عبر فتحات الجسد العلوية والسفلية للراوي ليعيد من ثمّ تقسيمه من جديد. وعوضاً عن السعي للقدس ليجد ذاته مُعدة له مسبقاً فهو ينطلق إلى تل-أبيب، ليدمِّر ببصره الثاقب وعيَ ما تحمله له وما يحمله لها. إن هذا التحديد لشكل التناقضات الاجتماعية التاريخية عبر تنصيصها، أي معالجتها أدبياً وجمالياً، هو أوليّ يشير إلى نوع من عدم نضج التناقض ليُحل، أو في الاصطلاح الماركسي لا يمكن حل التناقض عبر أقطابه الآنية. لذلك نجد المؤلف يلجأ إلى تقنيات سردية هي أقرب إلى مبدأ الحلم والتداعي الحرّ والسريالية والكولاج والترقيع والتسطيح وذلك إلى جانب مبدأ الواقع المألوف في النظام السائد من سرد الأحداث. فبعد تثبيت الإطار الزمني وعلاقات السلطة اتجاه عامل المونتاج يصبح من الأمان بمكان أن ينهمر هذا التيار الجرفيّ عبر هذه التقنيات ليعبر ومن ثم يصوغ المرحلة الأولية لحقل التناقضات كما حددناه أعلاه. والسؤال المفصليّ، في تفسير النص وشرحه، كما في الأبعاد الجمالية الاجتماعية العامة للحدث السّرديّ الفلسطيني: كيف نفسّر مراوحة التناقض الأساسي في هذه المرحلة الأولية من حياته النصية؟ وهل تتناظر هذه مع الواقع الفلسطيني عبر بنية كونية بتعبير لوسيان جولدمان وغيره؟ لنبدأ بالسؤال الأول، ونترك الثاني لقسم التلخيص من هذا المقال.
المقولة بأنّ النصّ في حالة مراوحة في المرحلة الأولية للتناقض، هي مقولة نقدية حداثية بامتياز. وهي تعتمد على جملة من المفاهيم والمواقف التي كانت سائدة في الحداثة الكلاسيكية، مثل: أولي-متقدم، فجّ-ناضج، سطح-عمق، واقع-نص تمثيليّ، وما إلى ذلك. ولكن، وهذا الأهم هنا، أننا نقرأ عبر عدسة عمودية، أي أنّ قراءتنا ترتب الأحداث والشخصيات، وما إلى ذلك عبر ترتبيها من جديد من الأسفل إلى الأعلى، ولا يمكن لأيّ جانب من النص أن يُفهم إلا من خلال حركته هذه من الأسفل إلى الأعلى. من هنا فالتناقض في مرحلة أولية، أسفل، سيتحرك إلى أعلى، ليصبح في مرحلة متقدمة، وعندها سيستخدم المؤلف مبدأ الواقع فقط وتصبح سرديّته مألوفة وأليفة، بل وحتى جميلة بحسب معايير الذوق العام. هذا هو مأزق الحداثيين على اختلاف تشكيلاتهم الفكرية والفئوية. ففي حال نظرنا بشكل أفقيّ، فإن هذه المرحلة من التناقض ليست إلا الخلفية التي يتم في حيزها تجهيز/هدم المقدّمة أو واجهة خشبة المسرح. اختيار خلفية المسرح كمكان للعرض المسرحيّ بدلاً من عرضها في مقدّمته هي مقولة جمالية؛ فوراء الزمن المقدس هناك الزمن الطبيعي، ومن خلف القضيب هناك فتحة الشرج، ووراء القدس تقف تل-أبيب. فالكتابة هنا هي، إذاً، كتابة خلفية تحمل الهامش وتحتفي وتحتفل به، وحتى وإن كان عَجْراً وفجاً، فهذا اللب الخلفي للتفاحة، كما هو مرحلتها الأولى، أيضاً.
8
إنّ البحث عن وفي الذات لهو موضوعة إنسانية عامة، ومن التحويرات الشائعة عليه ذلك الذي يتم عبر رحلة ما إلى المجهول الذي يشكّل نوعًا من المرآة، التي قد تمكِّن الباحث من الوقوف على بعد ما من ذاته ليتأملها، ذلك الفعل الأول في الصياغة. إنّ عملية البحث، والرحلة بما هي تحوير محدّد عليها، لم تقتصر على مجال فعل اجتماعي دون غيره، فنجدها بالإنتاج المادي كما بالإنتاج الرمزي، في فحص وتسخير الطبيعة للجماعة البشرية، في المقدس والديني، كما في الأدب والفن. الأدب هو، جزئياً على الأقل، عملية من إسقاط البحث على شاشة نصية، شفاهية كانت أم مكتوبة أم من خلال الأداء؛ فهو قصة ما يحكيها المجتمع عن ذاته، ولكنه في لحظة سردها/قراءتها تصبح القصة مسعىً في تجريب تشكيل الذات عبر تناقضاتها المتعددة، أو تقنين النظام القائم، أو -وهو الغالب- خلطة أدبية جمالية من كليهما. من ميزات الحداثة في هذا الجانب كونها مشروع مادته الأساسية، الزمن، والرواية بما هي الشكل الأدبي الحداثيّ بامتياز فهي تشكيل مادته، الزمن، ولذلك فإنّ المقولة الروائية الأساسية بحث تشكيليّ في ذات مادة الزمن، كتناظر مُوازٍ للبحث في الذات. فالرواية في هذا الجانب منها هي رحلة بحث زمنية يكتشف كاتبها/قارئها عبر ممارسة تأليفها/قراءتها تشكيلاته الزمنية الذاتية الممكنة حداثياً. وما هو غير ممكن حداثياً هو تحقق زمن المُستَعْمَر خارج الزمن الأورو-أمريكي السائد؛ فالاستعمار بما هو امتداد بنيويّ للمشروع الرأسمالي الحداثيّ ينفي الزمن عن المجتمعات المُستعمَرة لتتموضع من ثم فضاءً لا غير. ولكن هذا لا ينفي البحث والرحلة بل يجعلهما أكثر إلحاحاً وحتى في بعض الأحيان ضرورة للمُستَعْمَر، والذي في انتقاله من الفضاء إلى الزمن يسأل حول إحداثيات بنية القوى، وهو سؤال في النقد والتقويض. فلسطين التاريخية هي المُستعمَرة التي نحن بصددها هنا، ولنا في سرديات ويوميات رحلاتها البحثية شؤون وشجون.
يميل النص الروائي الفلسطيني، عامة، إلى البدء من التسجيل كمبدأ ناظم لسرديته، وكأنه أرشيف الزمن الفلسطيني الضائع والمُبذر على أعتاب المشروع الاستعماري الأوروبي بطبعته المحلية، أي الصهيونية. فالشاشة النصية الفلسطينية تسجل ما جرى ويجري في يوميات انتظار العودة على هودج ما يُنسَج من فشل المقاومة ونجاحاتها من حين إلى آخر. وبسبب من الحمولة الشعاراتيّة للتسجيل فهو ميز فترة ما، ولم يعد قادراً على حمل البنية الشعوريّة فيما جد من تحولات على المجتمع الفلسطيني ورحلاته في البحث عن ذاتيته كما في أشكال إسقاطاته الأدبية والفنية المتعددة والمتناقضة. نحن الآن لا نستطيع تحديد ميول ما هو سائد، كما التسجيل في الفترة السابقة، وعلى الأغلب فإنّ عصر السردية الفلسطينية الكبرى انتهت، وهذا جيد وإن كان من النوع الجيد الشائك. يأتي نصّ راجي بطحيش ماسكاً نقطة التحوّل هذه، حيث يستثمرها ويستنفد عصارتها إلى المدى الذي يحدّده التناقض الاستعماريّ، والذي لم يتبدل بقدر ما تبدلت أشكال التعبير عنه وعمّا تم تغييبه منه. في الشكل التسجيلي للنصّ الروائي الفلسطيني كانت الأرض الفضاء هي محور الأرشيف الجمالي الاجتماعي، أما في نص بر-حير-بحر، ونصوص أخرى، فإن محور الأرشيف هو الزمن. فأنت لست في الناصرة أو حيفا أو تل-أبيب، أنت في صيف أو خريف أو شتاء أو ربيع؛ لست في الحارة، بل في الصباح أو المساء من يوم الأربعاء؛ لست في مظاهرة على أطراف القرية لتواجه حقيقة أمرك، أنت في النصف ساعة الأخيرة قبل أن تعلن نتائج الفحص الطبي. قد يتبادر إلى الذهن أنّ الفلسطينيين كجماعة خسروا الأرض-الفضاء، أي حُسِم التناقض، والتعويل الآن على الزمن، ومن هنا فنص راجي هذا يبدو وكأنه يتنبأ بالقادم. ولكن تسقط هذه الإمكانية لأنّ الزمن ينمو جسداً ومدينةً، فهذان يخضعان لمنطق زمنيٍّ يعيد صوغهما من جديد فيتحركان وفقاً لإيقاع مختلف عمّا هو إيقاع الأرض-الفضاء المتعارف عليه. الاختلاف في هذا النص ليس مبنياً على النفي والإلغاء، حتى في حال القدس والمقدس والقضيب الذكوريّ، وإنما ناتج عن تفكيك تقسيم العمل السائد وانبثاق تقسيم عمل هو عبارة عن تركيبة مختلفة لأسس التناقض الاستعماري السائد، أي الأبوي/الهترو/الطبقي الفلسطيني في مقابل المُستعمِر الأبيض الأوروبي. من هنا تتضح معالم رحلة بحث فلسطينية مختلفة، تضيء تجربة فلسطينية راهنة إلى جانب رحلات سابقة، كما ولا بدّ رحلات قادمة.
بعد تتويج الزمن، كمبدأ ناظم للحدث النصّي، فإن العمل وتقسيمه هما المحور الأساسي الذي ينبني عليه بر-حيرة-بحر. والعمل الأساسي في هذا النص هو العمل الجنسي، أو الجنس بما هو طاقة عمل تضبط العلاقة بين المادة الأولى، الجسد، والمادة من الدرجة الثانية، أي الاجتماعية، مُتَمثِلة هنا بالمدينة. تبدأ الرحلة الباحثة فتصطدم المادة الأولى ببر العمل الذي تم تقسيمه بما يتلاءم مع الأبوي/الهترو/الطبقي، أي الرجل ثنائيّ الجنس التاجر الإقطاعي في تمفصله في البنية الاستعمارية السائدة (البنية الاجتماعية-الاقتصادية للناصرة). إلا أنّ العمل الجنسي في الزمن إيقاعه موجيّ متكرّر لا ينفد، فيغمر البر الجنس/الحياة، وهو مُوازٍ للقصّة الفلسطينية العامة، التي لا تفتأ تصطدم ببرٍّ من بنية القوى الاستعمارية التي تردها إلى أسفل جديد في كل مرة، ولكن هناك طاقة حياة أخرى، في الزمن وليس في الأرض، يقول لنا النصّ، فيخرج الراوي بجسده إلى مجهول هو سبب مباشر. لا يمكن فهم السفر من الناصرة إلى تل-أبيب إلا كرحلة إلى نواة المُستعمِر ومن هنا المباشرة، في تشكل البر بما هو عليه الآن. في الانتقال يتم التجهيز والتحضير لعملية إعادة تقسيم العمل الجنسي عبر ممارسة الخطيئة، بما هي عمل حرّ استعماليّ، وفتح المتعة الكامنة فيها. إنها حيرة عطشى تقف على الطريق وتسأل عن سائل المتعة/الحياة. لا يوجد نصّ فلسطيني لم يعطش على الطريق بعد خروجه إلى العمل، والعمل على إعادة إنتاج الذات هو عمل جنسي/حياتي بامتياز. فإن كان البر منطلقي والحيرة سفينتي، فلا بدّ للبحر أن يضمّني، وبحرنا في فلسطين تستعمره تل-أبيب. في البر، الجسد -المادة الأولى- يخضع لأحادية نظام العمل الجنسي الثنائيّ، ولكن بعد السعي في تقويض هذا التقسيم، يجد الراوي أنّ كل تقسيم هو نظام، ضرورة، أي أنّ تل-أبيب لا تقل نصراوية عن الناصرة ذاتها، وإن كان العكس غير مُتاح. لذلك تتكسّر بالتتالي مشاهد المدينة عند دخول الناصريّ وجلوسه فيها وممارسته لها، ليصل إلى حلّ التقسيم من خلال توزيع يتشكل في كل مرة من جديد بما يتلاءم ومنطق الزمن، فيطلق نبوءته (ص 81-82)، ويفتح الحقيقة كحيرة راحلة باستمرار (ص 112). فلسطين، هنا، هي السعي فيها.
* عن موقع قديتا
1 أغلب النصوص النقدية الفلسطينية تتم كتابته بحسب مناسبات مختلفة.اللافت للنظر في هذا السياق هو كتابات فيصل دراج في العقود الثلاثة الأخيرة والتي مما لا شك فيه أسّست لجسد نقدي أدبي فلسطيني، حيث نقل نوعياً هذا النوع من المعرفة إلى أفق عقلاني مُنْتِج. على سبيل المثال لا الحصر، أنظر:
دراج، فيصل، 1996. بؤس الثقافة في المؤسسة الفلسطينية. بيروت: دار الآداب.
1999. نظرية الرواية والرواية العربية. الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي.
2002. ذاكرة المغلوبين: الهزيمة والصهيونية في الخطاب الثقافي الفلسطيني. الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي.
2 أنظر: BC44E8C09872.htm-90A9-4C5E-9933-http://www.aljazeera.net/NR/exeres/CB925E38
(آخر زيارة في 23\\07\\2011).
3 أنظر، على سبيل المثال:
Goldmann, L., 1987. Towards a Sociology of the Novel. London: Routledge.
4 أنظر، مثلاً:
Lukacs, G., 1974. The Theory of the Novel. Cambridge, M.A.: The M.I.T Press.
5 حول موقع جمهور القراء في تشكيل النص في السياق العربي، أنظر مثلاً:
Hafiz, S., 1993. The Genesis of Arabic Narrative Discourse: A study in the sociology of modern Arabic literature. London: Al Saqi.
6 النصوص المشار إليها هي:
1998. الظل والصدى: شعر. الناصرة: د.ن.
2002. العري وقصائد أخرى. عمان: دار الشروق.
2003. حديقة للشتاء-ظل ربيع ضاع: نصوص. عمان: دار الشروق.
2005. بدل الضائع: قصص. بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر.
2007. غرفة في تل أبيب. بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر.
2009. ملح كثير-أرض أقل. بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر.
2011. بر-حيرة-بحر: بورتريه منثور. عمان: أزمنة.
7 مصطلح مينوريّ هو تعريب لمصطلح جيل ديلوز وفيلكس غواتاري، أنظر:
Deleuze, G., & Guattari, F., 1986. Kafka: Towards a minor literature. Minneapolis: Minnesota University Press.
8 بخصوص أهمية العنوان في النصوص الأدبية الفلسطينية والأخرى، أنظر:
Taha, I., 2009. Semiotics of Literary Titling: Three Categories of Reference. Applied Semiotics/Sémiotique Appliquée (AS/SA), 9:22, pp. 43-62.
Taha, I., 2000. The Power of the Title: Why Have You Left the Horse Alone? by Mahmud Darwish. Journal of Arabic and Islamic Studies, 3, pp. 66-83.
9 إن قضية الزمن هنا أساسية في التشكيل المعماري للنص، للإطلاع على أهمية الزمن في النصوص الروائية عامة من الممكن مراجعة دراسات ميخائيل باختين عامة حول هذا الموضوع، وبالأخص دراسته التالية:
Bakhtin, M.M., 1984. Forms of time and of the chronotope in the novel. In M. M. Bakhtin The Dialogic Imagination: Four essays. Austin, TX: The University of Texas Press.
10 للاطلاع على الأدبيات التي تقوم بهذا الربط، أنظر مثلاً (قسم منها تُرجِم للعربية ولكنها ترجمة إشكالية):
Butler, J., 2011. Bodies that Matter. London: Routledge Classics.
Douglas, M., 2002. Purity and Danger: An analysis of concepts of pollution and taboo. London: Rouledge Classics.
Foucault, M., 1990. History of sexuality: An introduction, vol. 1. N.Y.: Vintage.
11 للتوسع في المفهوم "الحل الجمالي الاجتماعي" من الممكن الرجوع إلى:
Jameson, F., 2002. The Political Unconscious: Narrative as socially symbolic act. London: Routledge Classics.
12 أنظر الهامش رقم 8 أعلاه.
13 حول أهمية الجرس في الجماليّة العربية الإسلامية، أنظر:
داغر، شربل، 1998. مذاهب الحسن: قراءة معجمية-تاريخية للفنون في العربية. عمان: الجمعية الملكية للفنون الجميلة.
14 للتوسع في مفهوم المدينة في المشروع الصهيوني، أنظر:
ناشف، إسماعيل، 2005. فك الصهيونية: الفضاء والإيديولوجيا في المدينة الإسرائيلية. بير زيت: معهد أبو اللغد للدراسات الدولية.
15 حول علاقة المُستَعمِر بمدينة المُستَعمر، أنظر:
فانون، فرانز، 1972. معذبو الأرض. بيروت: دار الطليعة.
16 حول موقع الغياب في التشكيل النصي وطرق استخلاصه، أنظر:
Macherey, P., 2006. A Theory of Literary Production. London: Routledge Classics.
17 لقد نادى إلى استخدام النقد الأفقي العديد من المفكرين\\ات ذوي التوجهات المختلفة، منهم مارتن هايدجر وجورج بتاي.