حتى هذه اللحظة، لا يزال ولاء الطائفة العلوية، الأكثر التباساً بين المواضيع المطروحة في الثورة السورية. الطائفة التي لم يعطها التاريخ حقها من الدراسة والبحث، لا يفهم كثيرون أسباب ولائها المطلق. والبعض يشطح بخياله بعيداً ليحمّل الموضوع أكثر مما يحتمل. هل الاضطهاد الذي تعرضت له الطائفة عبر تاريخها على يد السلاجقة والمماليك، هو السبب في موقفها الآن؟<..
-
-
مناف طلاس ... إنشقاق أم هروب!
ثمة فرق شاسع بين الانشقاق وبين الهروب. ويبقى استخدام مفردة بدل الأخرى، مجرد خيار سياسي يخصّ المحطات الإعلامية وأقطاب المعارضة السورية في الداخل وفي الخارج، كما يخصّ النظام السوري والإعلام المتحدث باسمه. المحطات الإعلامية المعارضة للنظام السوري، قالت إن العميد المحيّد منذ أكثر من سنة، قائد الفرقة 105 في الحرس الجمهوري، مناف طلاس، انشقّ عن النظام وتسلل إلى تركيا ومنها إلى فرنسا. ب..
-
الشعب لا يريد
في دمشق، لا يزيد من سماجة حرّ نيسان، سوى اللافتات المعلّقة على الجدران، فوق أسطح العمارات، بين جذعي شجرتي نخيل، بين عامودي كهرباء، بين إشارتين ضوئيتين. تلك اللافتات تبدو أشدّ خطورة من الحرّ ومن سماجته. تلك اللافتات، وكأنها خرجت من جوارير المؤسسات الحكومية، لم ينفض عنها غبار السنوات الماضية، كتبت عليها العبارات ذاتها، وعلّقت. تلك اللافتات، تجعل المتجوّل في شوارع دمشق، يصدّق أن ال..
-
بتوقيت بابا عمرو
الساعة الثامنة والنصف صباحاً. أجلس أمام التلفزيون. أشرب قهوتي وأدخن. الجزيرة مباشر تنقل لنا "بابا عمرو" هذه اللحظة. كاميرا مثبتة على سطح ما أو على شرفة عالية. تظهر سطوح العمارات. مئذنة تنتصب على يمين الشاشة. سماء ملبدة بالغيوم. وأصوات قصف عنيف تدوي في الفضاء. وأنا أحتسي القهوة وأدخن. يأكلني الوجع. أتمنى لو أنني معهم. وأعرف أنني لست هناك. وأنني في مكان آمن. الدفء يملأ غ..
-
لحظة
أرى رجلاً في الأربعينيات. أو أنني لا أعرف كم يبلغ من العمر. ربما يكون في العشرينيات أو الثلاثينيات. الكدمات تملأ وجهه. شفته العليا متورمة من آثار الضرب. عيناه كحبتي خوخ يانعتين. مكبل اليدين. يرتدي كنزة قطنية بلا أكمام، تعكر بياضها آثار دم طازج. أحاول مشاهدة الفيديو. أقرأ تحذيراً يشير إلى أن الشريط يحتوي على مشاهد عنيفة. أصرّ على مشاهدته. إلا أنني لا..
-
-
هنا دمشق
لم أرَ دمشق كئيبة كما رأيتها هذه المرة. هدوء حزين يخيم على شوارعها وأزقتها. أصوات الناس باتت خفيضة، مكسورة، مقهورة، بالكاد تخرج. وفي الصوت الخفيض، ثمة حياء وإحساس بتأنيب الضمير. صوت الموت يغطي على كل الأصوات. يبتلعها ويتلاعب بإيقاعها فتبدو خافتة، بائسة. مثلها مثل ملامح الوجوه الكئيبة. حتى العراك حول أسطوانة غاز يدور بالأعين والإشارات. كأنه مشهد مسحو..
-
استعد.. استرح
في مدرسة "دار السلام" وسط ساحة النجمة، قلب العاصمة دمشق، أمضيت كل فترة دراستي. من عمر الرابعة وحتى الثامنة عشر. كانت واحدة من أفضل المدارس الخاصة. طلابها ينتمون إلى عائلات ميسورة. تجار، مسؤولون، وما كان يسمى آنذاك بـ "الطبقة الوسطى". في المدرسة ذاتها، درست إبنة خالتي التي تكبرني عشرين عاماً. الكثير من أساتذتها في المرحلتين الإعدادية وا..