أعطى اللورد آرثر بلفور وزير خارجية بريطانيا وعده لإقامة دولة لليهود عام 1917، وهو ذات العام الذي ولد فيه العالم الأمريكي "إدوارد لورنتز" Edward Lorenz مبتكر نظرية "أثر الفراشة" The Butterfly effect. ويأتي إسم النظرية من استعارة لفظية تشير إلى أن الفروق الصغيرة في المرحلة الأولى لنظام ديناميكي متحرك، قد تنتج عنها في المدى البعيد فروق كبيرة.. حيث تتوالد منها سلسلة متتابعة من النتائج بشكل غير متوقع. وحسب نظرية لورنتز فإن رفـّة جناحي فراشة في الصين قد تحدث تغييراً طفيفًا في مجرى الهواء، وتؤثر على اتجاه الريح، مما قد يؤدي إلى التسبب بفيضانات وأعاصير في أبعد الأماكن. فكيف يمكن لجناحي الفراشة أن يغيّرا التاريخ؟ وكيف كان من الممكن أن لا تحدث النكبة؟!
ترف فراشتي بجناحيها عام 1872 حين يلتحق الشريف حسين ابن الـ18 عامًا بجامعة أوكسفورد في بريطانيا، ويتخرج بامتياز، ثم يصبح عالمًا لامعًا في المجتمع البريطاني. ويصبح صديقاً لبلفور! ماذا لو كان الشريف حسين صديقا لبلفور؟ يلتقي به ويعجب بشخصيته بدلاً من حاييم وايزمن؟ فيقتنع بلفور بأنّ العرب هم حلفاء الإمبراطورية البريطانية؟ ويبقى يراوغ وايزمن، لا يعطيه الوعد.
ماذا لو منعت بريطانيا الهجرات اليهودية إلى فلسطين؟ ماذا لو خضع البريطانيون لثورة عام 1936 وأعطوا الفلسطينيين حكمًا ذاتيًا مؤقتا تحت الانتداب؟ ماذا لو أسس اليهود دولة في أوغندا؟ ماذا لو ترك آخر جندي بريطاني فلسطين في 15 أيار عام 1948 كي تحصل فلسطين على استقلالها؟ ماذا لو كان عز الدين القسام أول رئيس لها؟ ماذا لو راحت فلسطين تطالب بحقها التاريخي في الأردن؟ ماذا لو إتهم العالم فلسطين باضطهاد الأقلية اليهودية؟ ماذا لو منعت دولة فلسطين الحجاج اليهود من القدوم إلى القدس لزيارة الهيكل؟
ماذا لو استبدلتُ: (ماذا لو) بـ (وقد)؟ سيكون هذا تاريخ فلسطين المختلف، ليس فيه نكبة! وربما كُنا نعد لجمعة الغضب ضد الرئيس الدكتاتور! ربما كان ناجي العلي رساماً جريئًاً يهاجم الرئيس! وربما كان غسان كنفاني سجين رأي، يطالب المجتمع الدولي بإطلاق سراحه.
لو حرّكت الفراشة جناحيها. ماذا كنا سنقرأ صباح اليوم في الجريدة الرسمية؟