خمسة ملاعيب اقتصادية للاستيلاء على ثورتنا

[?????? ??? ???] [?????? ??? ???]

خمسة ملاعيب اقتصادية للاستيلاء على ثورتنا

By : Wael Gamal وائل جمال


1.    الاقتصاد ينهار

مصر ستعلن إفلاسها والاقتصاد دخل مرحلة الخطر. نائب محافظ المركزي يحذر من ثورة جياع. المجلس العسكري يقول إن وحش الفقر سيطر على 70% من المصريين. لاشيء يمكن أن يسبب الفزع والصدمة أكثر من وضع كهذا بعد أقل من 4 شهور على اندلاع ثورة يناير؟ لكن هل هذا تقدير سليم للموقف؟ الحقيقة أن الأرقام التي أعلنت ونشرت بشكل واحد في جميع الجرائد المصرية تتمتع بدرجة هائلة من عدم الدقة وعدم العلمية اضطرت بعض وزراء الحكومة الاقتصاديين للتدخل بنهاية الأسبوع لتصحيح بعضها. أول الأرقام الخاطئة كما يبين الباحث الشاب محمود كمال هو رقم عجز الموازنة الذي أشير إلى أنه سيصل إلى 1290 مليار جنيه، بينما تؤكد الأرقام التقديرية بحسب وزير المالية سمير رضوان إلى أنه سيزيد في الموازنة الجديدة ولكن إلى ما بين 155 إلى 185 مليارا أو مابين 9.9% إلى 11.9% من الناتج المحلي. علما بأن العجز تراجع في الفترة من يوليو 2010 إلى نهاية مارس 2011 (بما فيها شهور الثورة) من 7.2% في نفس الفترة من العام السابق إلى 6.8%، وفقا لتقرير المالية في أبريل. فإذا كان هناك مؤشر في شهور الثورة يتعلق بالعجزفهو انخفاضه وليس العكس. وبالمناسبة لم يعد عجز الموازنة مقدسا كما كان قبل الأزمة العالمية بالنسبة للاقتصاديين. (العجز المتوقع في الولايات المتحدة مثلا هو 10.9% وبدون ثورة).

وتمتد قائمة الأرقام الخاطئة إلى تقديرات الفقر، الذي لا يزيد عن 41% حتى بضم من هم على حافته، وإلى رقم الاستثمار الأجنبي المباشر الذي قيل إنه صفر. بينما رصد  كمال تدفقات، فقط عبر تأسيس وزيادة رؤوس أموال الشركات في مصر بأموال أجنبية، بحوالي  773.9 مليون جنيه في الفترة بين ينايروأبريل 2011  . هذا ناهيك عن استثمارات معلنة ومؤكدة رسميا من شركة بريتيش بتروليوم البريطانية ومؤسسة التمويل الدولية التابعة للأمم المتحدة.

وإذا نظرنا لتقرير صادر يوم الخميس الماضي عن بنك باركليز العالمي فالتقدير الذي يقدمه لنا هو أن الآثار السلبية للفترة الأخيرة على السياحة والاستثمار الأجنبي المباشر  صدمة مؤقتة ينتظر انتهاؤها "بإرساء الأمن وانتخاب حكومة جديدة". ويؤكد التقرير، وهو لمؤسسة لها نصيب كبير من تعاملات الأجانب على الأوراق المالية الحكومية المصرية، إن توازن المخاطر يميل لصالح الجنيه المصري في الشهور الثلاثة المقبلة. وهاهو وزير المالية يرفع توقعات النمو في العام المالي الحالي إلى 2.6% بعدما كان التوقعات الرسمية هي ألا يزيد عن 2%.

الاقتصاد المصري تعرض لمصاعب بسبب المعركة السياسية التي أسقط بها الشعب الديكتاتور. لكن هذه مصاعب طبيعية ومؤقتة كما حدث في كل الانتفاضات الشعبية الشبيهة، بل إن مصاعبنا أقل بما لايقاس مقارنة بحال ثورات أمريكا اللاتينية وشرق آسيا الشعبية في العقدين الماضيين.

2.    الأرقام لا تكذب

يقدم السياسيون واقتصاديوهم أرقام الاقتصاد على أنها حقيقة علمية مطلقة..مدفعية ثقيلة سياسية تخاطب في حالتنا هذه الغريزة الأعمق عند الجنس البشري: الخوف. لكن الحقيقة أن الأرقام تكذب حتى لو كانت صحيحة. خذ عندك رقم البطالة الذي قيل لنا إنه زاد إلى 10%. الرقم في حد ذاته استخدم هنا للقول إن أناسا فقدوا وظائفهم. لكن لكي تفهم دلالة هذا الرقم يجب أن تقارنه بما كان الوضع عليه سابقا. (مثلا في 2005 كان 11.5% ثم وصل إلى 10.9% في 2006، أما العام الماضي فقد كان 9.2%). يعني هذا أن هذه النسبة أقل من سنوات نمو نظيف في 2005 و2006 وأنها تدور حول المتوسط الطبيعي للاقتصاد في السنوات الأخيرة. أما طريقة الحساب التي أنتجت هذا الرقم فيتحفظ عليها اقتصاديون مستقلون كثيرون فيقولون إن النسبة ستصبح أكبر من المعدل الرسمي لو تم تغيير منهاجيتها. كان هذا الكلام في مواجهة حكومة قيل إنها تستخدم عمدا منهجا يقلل من حقيقة عدد العاطلين في مصر.

الأرقام ليست نهائية ولا كاملة. هي محدودة بسياقها وأسبابها ودلالاتها التي تتضح بفهم طريقة حسابها ومقارنتها بالتاريخ وبالدول الأخرى وبطرق الحساب الأخرى. الأرقام سلاح ممتاز في خدمة السياسة. لكن هل يعني هذا تركها للخبراء الذين يعلمون دهاليزها؟  

3.    اتركوا الاقتصاد للخبراء

هكذا يقال لنا في الاقتصاد وفي السياسة أيضا.  حان وقت عودة الجماهير للمنزل بعد أن اقتحمت عالم السياسة بثورة أسقطت ديكتاتورية 30 سنة بلا قائد ملهم ولا منظر تاريخي. اتركوا ساحة السياسة وترتيب الاقتصاد الجديد للخبراء وعودوا إلى مقاعد المتفرجين لأنكم "تفتون فيما لا تعلمون".

مع انفجار الأزمة المالية العالمية في نوفمبر 2008 ، تصادف أن كانت ملكة بريطانيا تزور كلية لندن للاقتصاد LSE  فاستخدمت سلطتها الملكية في طرح سؤال بديهي وبسيط  لم يستطع أي من الحاضرين في تلك المؤسسة الأكاديمية العريقة الإجابة عليه: كيف لم تستطيعوا أن تروا أن أزمة كهذه على وشك الحدوث؟ الخبراء لا يعلمون كل شيء وربما لا يعلمون كثيرا، وهو شيء دعا كثيرين لمراجعة علم الاقتصاد برمته.

بالإضافة إلى هذا فإن الخبير أسير لمن يخدمه سواء كان قناعاته النظرية والفكرية أو الحزب السياسي الذي ينتمي إليه أو الشركة أو الحكومة التي يقدم لها الاستشارات أو يأمل في أن يقوم بذلك لحسابها. لا يوجد في الاقتصاد، وهو علم اجتماعي ينظم حياة البشر ويتعامل مع مصالحهم المتناقضة، رؤية فنية مطلقة. الرؤى الفنية تظللها المصالح والتوجهات والأهواء ويجب أن تؤخذ في هذا الإطار. والحكم يبقى هو جمهور الناس. لكن هل يمتلكون الوعي اللازم؟

فلنفترض أنك ترغب في شراء سيارة جديدة. يحكم قرارك بالأساس رغبتك وقدراتك المالية التي أنت أعلم بها من غيرك. لكنك تبدأ في استشارة "خبراء" من كل الأصناف: أخوك المغرم بالسيارات. مجلات السيارات أو ملاحق السيارات بالصحف. تزور المعارض لتفحص بنفسك السيارات المحتملة وتستمع إلى البائع. لكن من الذي يتخذ القرار؟ هل تقبل أن أيا من هؤلاء الذين قد يمتلكون معرفة أعمق منك في المجال سيعرف مصلحتك أكثر منك لدرجة أنك ستترك له القرار وتقبله بصدر رحب دون تدخل؟ لا أعتقد ذلك. وهذا المنطق يسري على الشركات الكبرى. فأصحاب المال يعينون الخبراء من كل الأصناف والأشكال لاستشارتهم فنيا لكن القرار يبقى  لهم. وفي المجال العام، ينبغي أن تقوم بهذا الدور الأحزاب السياسية والبرلمانات ووسائل الاعلام (المستقلة حقا والمهنية حقا لا الكسولة أو المنحازة التي تنقل على لسان المسئول أو رجل الأعمال قرآنا لم ينزل من السماء)، التي تحقق في البيانات الرسمية وتضعها في سياقها وتشرحها للناس من أرضية مصالح ورؤى مختلفة.

أصحاب المصلحة المباشرة، أصحاب الشأن ممن أثبتوا جدراتهم بإنجاز ما لم  تكن النخب تحلم به، يمتلكون فردا فردا أعلى درجات الدكتوراة فيما يخص مصالحهم، ومن ثم فهم أصحاب الرأي والقرار في السياسة وفي الاقتصاد. 

4.    الاستقرار الهدف الاقتصادي الأول

في حوار مع جريدة الوول ستريت جورنال الأمريكية، قال محمد العريان الاقتصادي المصري المرشح لرئاسة صندوق النقد الدولي تعليقا على الثورة المصرية إن كل حدث كبير غير متوقع يفتح الباب أمام "مخاطر جديدة وفرص جديدة" من وجهة نظر السوق والاستثمار. ويرد هذا على دعاة أن عدم اليقين الذي يصاحب التحولات الكبرى المفاجئة كالتي جلبتها ثورة يناير مدمر بالضرورة للاقتصاد وللإنتاج ويدفع المستثمرين للهروب..الخ. وبالتالي يستنتجون أن تحسن الحياة يعني ضرورة إعادة الاستقرار بأي ثمن.

في مقال في مجلة فورين أفيرز الأمريكية الرصينة كتب نسيم طالب صاحب كتاب البجعة السوداء، أحد أكثر الكتب مبيعا عن الأزمة العالمية، يقول إن الثورة المصرية والأزمة العالمية تتشابهان في أنهما نتاج إعلاء هدف الاستقرار بكبح كل تذبذب (في أسواق المال)، وكل تغير (في عالم السياسة). يقول طالب إن الأنظمة التي تكبح التذبذب سياسية كانت أم اقتصادية تمهد لانفجارات كبرى غير متوقعة تزيح كل ما يمكن اعتباره ثمارا للاستقرار في لحظات داعيا لتبني المثل اللاتيني الذي يقول "إنه يتقلب لكنه لا يغرق" ليقول إن ما يمكن أن يعده التفكير المعتاد عدم استقرار مضر قد يكون شرطا لعدم الانهيار. 

5.    يجب وقف الإضرابات والمظاهرات فورا

هذه هي الخلاصة السياسية المستهدفة للملاعيب الاقتصادية السابقة. الإضرابات والاحتجاجات الاجتماعية للمطالبة بزيادة الأجور وتحسين ظروف العمال والفلاحين والموظفين هي السبب في الكارثة الاقتصادية المزعومة ويجب وقفها فورا. الإضرابات أنانية ومدمرة. والعمال لا يفهمون شيئا. لكن هل هذا صحيح؟ الحقيقة أنه لا يوجد لدى الحكومة أو وسائل إعلام رجال الأعمال دراسة حقيقية علمية تقول لنا مدى تأثير الاحتجاجات على توقف العمل أو في أي قطاعات. ويتجاهل المدافعون عن هذه الفكرة تأثير الوجود الضعيف للشرطة حتى هذه اللحظة ناهيك عن قرارات اتخذها بعض رجال الأعمال، عمدا أو خوفا، بإبطاء الإنتاج أو ايقافه.

ولنأخذ إضراب الأطباء مثلا. هو إضراب التزم تماما بمعايير منظمة العمل الدولية في الحفاظ على حد أدنى من الخدمة لحماية المرضى، هو إضراب تجاوز التمييز الطائفي والديني إذ تقود فيه د.منى مينا الآلاف باختيار ديمقراطي مبني على الكفاءة والاخلاص والنضالية. هو إضراب لم يشهد تخريبا لمنشأة أو جهاز. هو إضراب يطالب بتحسين شروط خدمة المرضى في المستشفيات قبل زيادة أجور الأطباء.

أما عن أصحاب الشأن فهم يرون أن الحال أحسن. فوفقا لاستطلاع رأي قام به مركز بيو الأمريكي المستقل للأبحاث  في 25 أبريل الماضي يرى  65% من المصريين أنهم راضون عن الواقع السياسي الحالي مقارنة ب 28% فقط في استطلاع مماثل أجري العام الماضي.

إضرابات العمال والمهنيين والفقراء ليست عائقا أمام تحسن الأحوال. هي شرط تحسن الأحوال. لكن لأن كل قرار اقتصادي يواجه مصالح متناقضة ويخدم بعضها على حساب الآخر، فالمشكلة في الإضرابات أنها تمد الثورة بروحها التسامحية النضالية إلى مجال العيش، لتحسين أحوال أغلبية الفقراء، في مواجهة المصالح الضيقة للمستفيدين من النظام الاقتصادي السابق. ولذلك يجب أن تستمر. 

عن الشروق 

  

Firing Ibrahim Eissa From Al-Dostour Exposes The Reality Of The Wafd's New President

وأخيرا خلع السيد البدوي برقع الحياء بفصله إبراهيم عيسى وطاقمه من الدستور

 

وحدث ما كنا نتخوف منه ونتوجس حدوثه. فقد أقال بالفعل مجلس إدارة صحيفة الدستور إبراهيم عيسى من رئاسة تحرير الجريدة أمس، ووقع القرار كلامن رئيس مجلس إدارة الجريدة د. السيد البدوي (رجل الأعمال المعروف ورئيس حزب الوفد الذي يتم تلميعه منذ شهور) والرئيس التنفيذي لمجلس الإدارة رضا إدوارد (وهو وعضو الهيئة العليا لحزب الوفد أيضا). وواجه صحفيو الدستور ذلك القرار على الفور باعتصام مفتوح بمقر الجريدة (بعد ساعات من صدور القرار)، وهو ما يعني دخول الجريدة في أزمة طاحنة لمدة لا يمكن لأحد التكهن بنتائجها. ثم تلى ذلك فصل كل أعضاء سكرتارية التحرير: شادي عيسي ومحمد فوزي، مساعدا رئيس التحرير، وعبدالمنعم محمود سكرتير عام التحرير. وهذا يعني أن ما تعرضت له الجريدة لا يقل عن مجزرة واسعة لاستئصال مراكز ثقل سياسة التحرير القديمة.

لا أظن أن هذا القرار فاجأ أحد، فمنذ أن أشترى السيد البدوي، رئيس حزب الوفد، ومعه مجموعة من رجال الأعمال الوفديين الجريدة من مالكها السابق ونحن نتوجس إزاحة إبراهيم عيسى عن الساحة ليهدئوا بذلك من وتيرة معارضة النظام ومحاربة التوريث التي كانت تنتهجها الدستور تحت قيادته. لكن ما فاجأني أنا شخصيا هو تنفيذهم لمخططهم بهذه السرعة، فكنت أتوقع أن يكونوا أكثر حصافة من ذلك. لكن يبدو أن السيد البدوي لا يبالي بأية حصافة فقرر خلع برقع الحياء بكل بساطة وبسرعة البرق. لماذا لم ينتظر بضعة أشهر قبل أن ينفذ مخططه، وهو ما كان سيكفل له الوقت اللازم للتغطية على أغراضه الحقيقية؟ هل وصلت له تعليمات أمنية بضرورة الاسراع في تنفيذ المخطط؟ هل يريد أن يغلق فم الدستور قبل الانتخابات التي ستشهد تزويرا واسعا للوفد؟ أم أن تحالفاته الجديدة لا تتحمل الحصافة أصلا (فمن المعروف عن رجال الأعمال أنهم يرهقون أنفسهم في تحقيق شيء غير ممكن)؟ 

للأسف ما قيل على صفحات الانترنت من أن سبب فصل إبراهيم عيسى هو اعتراض البدوي علي نشر مقال ما أو وجود خلافات بينه وبين إبراهيم عيسى بشأن المرتبات هو تفسير غير مقنع على الاطلاق، وضار جدا أيضا. فلا يمكن إقالة شخص بوزن إبراهيم عيسى من صحيفة كصحيفة الدستور (تدور كلها حول شخص إبراهيم عيسى) بهذه السهولة على خلفية خلافات عادية كهذه. وعلى الرغم من سخافة هذه تفسيرات نراها للأسف تقنع الكثيرين من أصحاب النوايا الحسنة. الثابت هنا هو أن البدوي يبيت النية لهذا القرار منذ اللحظة الأولى...تشير كل الدلائل إلى أنه أخذ قرار إسكات إبراهيم عيسى مع سبق الإصرار والترصد، وكلنا كنا نتوقع أن يفعل ذلك. بل كان ذلك هو السبب الرئيسي والوحيد لشرائه الجريدة. لنترفع إذن عن التحليلات السخيفة التي لا تفعل أي شيء سوى تبرير القرار بالبحث عن أسباب <<معقوله>> و<<محترمة>> له، ولنبدأ جميعا من الاعتراف بأن البدوي فصل إبراهيم عيسى وطاقمه للتقليل من حدة الجريدة في معارضة النظام...كجزء من مخطط متعدد الخطط والأطراف يهدف لتهدئة الاحتقان في البلد وتسهيل عملية انتقال السلطة بشكل عام (برلمان، رئاسة، إلخ).

الهدف الرئيسي من وراء شراء رجال الوفد الصحيفة هو إغلاق أحد أهم أبواق المعارضة المستقلة في الدعاية ضد النظام وتوريث الحكم، ولهذا السبب يجري تلميع حزب الوفد وقياداته منذ فترة الآن. وذلك إنما يكشف أن السيد البدوي وحزبه لا يختلفان عن جمال مبارك وحزبه.

لكن يبقى السؤال: ماذا ستفعل المعارضة المستقلة تجاه ذلك؟ هل ستسكت على ما يفعله البدوي وحزبه بعد أن أثبتوا أنهم جزء لا يتجزأ من حملة تجفيف أقلام المعارضة المستقلة؟ هل ستظل تتعامل مع حزب الوفد على أنه من المعارضة، وتتعامل مع رئيسه على أنه معارض لامع؟ وهل ستستطيع المعارضة المستقلة فتح مساحات إعلامية وتثقيفية مستقلة في المستقبل؟ أين ستنشر أخبارها وآرائها؟

في كل الأحوال يشير قرار فصل إبراهيم عيسى بهذا الشكل الفج أننا على أعتاب فترة حرجة جدا ستضيق فيها المساحات المفتوحة أمام المعارضة المستقلة (وهي قليلة بالفعل) بشكل خانق وغير مسبوق، وأن التنكيل بالمعارضة المستقلة سيأتي من النظام وبعض مؤسسات المعارضة على حد سواء. إذا نجحوا في ذلك لا سمح الله ستختلف ساحة صنع الرأي العام في البلد بشكل مخيف. إقالة إبراهيم عيسى حدث مخيف ومؤسف جدا، وفيه تهديد مباشر لنا كلنا، ويجب أن نتعامل معه على انه كذلك. ولن يكون الأخير بكل تأكيد، بل هو بداية حملة للتقليل من المساحات القليلة المفتوحة أمام المعارضة، وملاحقة كتابها، صحفي صحفي. وتشمل هذه الحملة توسعة مساحة المعارضة المنضبطة، ولذلك تنوي الحكومة السماح لثلاث صحف جديدة بنشر إصدارا يوميا، وهم: <<الكرنك>>، جريدة هشام قاسم الجديدة (كان قاسم من أهم مؤسسي المصري اليوم)، و<<اليوم السابع>> ولها موقع إنترنت معروف وتنشر جريدة اسبوعية بالفعل، و<<الفجر>> جريدة عادل حمودة الأسبوعية. وهذا يعني أن المرحلة القادمة ستشهد مضاعفة مساحة الصحافة <<المستقلة>> اسما والتضييق على الصحافة المستقلة فعلا.

لا أعلم إلى أين سينتهي إضراب الدستور، وما إذا كان سيفشل أم ينجح في الوصول إلى حل وسط ما. لكن حتى لو نجح في الوصول إلى حل وسط ستظل الخسارة كبيرة لأن هذا سيعني ان طاقم الجريدة سيعمل تحت التهديد المستمر. كما لا أفهم سر شماتة البعض في إبراهيم عيسى والدستور بسبب اختلافهم معه، فعدم تقدير فداحة هذا الحدث هو قمة الغباء السياسي. وأقول لهؤلاء: أنتم اللاحقون أيها البلهاء.