قراءة في أحوال الصورة بعد ثورة يناير

[\"???? ?? ???? ???? \"?? ????] [\"???? ?? ???? ???? \"?? ????]

قراءة في أحوال الصورة بعد ثورة يناير

By : Essam Zakarea عصام زكريا

فيسبوك وأفلام ومقاطع فيديو: قراءة في أحوال الصورة بعد ثورة يناير

لهيلاري كلينتون أن تصف ثورة مصر بأنها "انتفاضة" أو مجرد انتقال من نظام سياسي إلى آخر أكثر ديموقراطية، ولجون كيري أن يسعى للقضاء عليها من خلال دعم فاشية دينية فاسدة، يسهل لأمريكا التحكم فيها. وللاسلاميين أن يعتبروها هدية سقطت عليهم من السماء. ليعتقد من يشاء ما يشاء حول ما حدث في 25 يناير وما بعده، ولنا أن نتصورها كما نشاء. 

هي أكبر ثورة في تاريخ مصر. ليس لأنها أطاحت بنظام اعتقل المصريين في قفص من الجهل والفقر واليأس لثلاثة عقود، ولا لأن الملايين شاركوا فيها على طول البلاد وعرضها. وليس بالطبع لأنها أتت بدستور أسوأ من القديم وانتخابات أكثر فساداً وتزويراً مما كان يحدث. عندما أقول "ثورة" فلست أعني ما حدث خلال الثمانية عشر يوماً من يناير وفبراير 2011. ذلك لم يكن سوى مقدمة، أو "برولوج"، لمسرحية لم تزل في فصلها الأول بعد. الثورة هي انقلاب ثقافي بالأساس، وإلا ستصبح مجرد استبدال نظام سياسي بمثيله أوسلسلة من الاغتيالات على طريقة المماليك.

ليست الثورة مجرد استبدال نظام بآخر، ملكية بجمهورية، ديكتاتورية بديموقراطية، ولكنها بالأساس انقلاب وطفرة في البنية الثقافية والفكرية لجماعة ما. بهذا المفهوم أزعم أن ما يحدث في مصر والعالم العربي هو بداية تغيير جذري وشامل في الثقافة بمعناها الشامل: كل ما يتعلق بالانتاج الفكري والعلمي والعادات والتقاليد وأنماط الحياة والعلاقات بين الأفراد داخل الأسرة والعائلة والجماعة كلها. لم تصبح الثورة الفرنسية ثورة إلا مع انتشار قيم الإخاء والمساواة والحرية وانشاء عقد اجتماعي جديد بين المواطنين و"الدولة". ولم تصبح الثورة الأمريكية ثورة إلا مع القضاء على العبودية وارساء مفهوم الحريات الشخصية. وقبل أن تنجح الثورة الشيوعية كانت أفكار القرن التاسع عشر حول العدالة الاجتماعية قد أحدثت جدلا هائلا في كل مكان بالعالم.

على السطح يبدو وكأن الربيع العربي بلا ايديولوجية أو مرجعية ثقافية مماثلة لهذه الثورات. وسأحاول هنا أن أثبت العكس من خلال تتبع بعض المجالات والوسائط الثقافية مركزا على لغة الصورة عبر تجلياتها السينمائية والتليفزيونية والاليكترونية.

الصورة/الثورة

هل اختلف مفهوم الصورة لدى المصريين نتيجة ما حدث – ويحدث- منذ ثورة يناير؟ لنتأمل مفهوم المصريين عن الصورة السينمائية والتليفزيونية قبل الثورة.

 التصور السائد عن السينما أنها تسلية للترفيه وعلى أفضل الأحوال قصص تعبر عن الواقع بعد تنقيح وفلترته وتعقيمه ليوافق الذوق البورجوازي وتصوراته عن الأخلاق والدين والعلاقات الاجتماعية.

التصور السائد عن الصورة التليفزيونية أكثر محافظة، وهناك اعتقاد عام بأن التليفزيون هو قناة النظام والطبقة العليا لتوصيل ما يريده إلى الناس. وهذا النظام أو الطبقة من حقه، بل واجبه، أن يضع قواعداً وشروطاً وإطاراً حديدياً لما يمكن قوله وعرضه وما لا يسمح بقوله أو عرضه في التليفزيون.

بالنسبة للانترنت الأمر مختلف بالطبع، ودخوله إلى مصر أحدث صدمة معرفية هائلة، خاصة فيما يتعلق بالمفهوم السائد عن امكانية الرقابة، وظل التعامل معه باعتباره مجالاً هامشياً مختلساً وغير معترف به رسمياً...يقع على حدود الخصوصية والسرية عوضاً عن أن يكون فضاء علنيا، public.

خلال الكثير من حواراتي التليفزيونية أو الصحفية عن الرقابة على الأفلام والتليفزيون، كثيراً ما يحدث أن يصاب المحاور أو الضيف المعارض بالدهشة حين أذكر له أن في بيته وفي غرفة أطفاله شئ اسمه الكمبيوتر ينقل إليه كل شئ في العالم بما في ذلك أكثر الأفكار تخريبا وأكثر الصور بورنوجرافية، ويبدو كأنه لم يكن يعرف، أو لم يكن يرغب في التفكير في هذا الأمر.

لقد ظل الانترنت فضاء مسكوتا عنه وغير معترف به حتى 25 يناير عندما فزعت الدولة فجأة وقررت ايقافه ليلة 28 يناير. قبل ذلك بعدة أشهر عندما قام أحد الصحفيين بسؤال جمال مبارك عن المعارضة على الانترنت و"الفيسبوك" ضحك مستهزئا...وقال عبارته الشهيرة "رد عليهم يا حسين"!

الحتمية التكنولوجية وثورة يناير

حتى نفهم حجم التأثير الذي أحدثته تكنولوجيا الاتصالات المسماة بالثورة الرقمية يمكن أن نضع في الخلفية مقارنة بما أحدثه اختراع المطبعة في أوروبا في القرن الثامن عشر، أو ما أحدثه ظهور القنوات الفضائية العابرة للحدود في بداية التسعينيات مع حرب الخليج الثانية ودخول قناة "سي إن إن" للفضاء العربي لتنقل وقائع الحرب على الهواء مباشرة.

لم يكد العقل العربي يفيق قليلاً من صدمة هذا الانتهاك المادي، بالطائرات والصواريخ، والثقافي، بالأقمار الصناعية، لحدوده، حتى بدأت أجهزة الكمبيوتر والهواتف النقالة في دخول حياته اليومية بسرعة هائلة ومرعبة. فيما يتعلق بمجال صنع الأفلام حدثت طفرة مماثلة منذ عام 1998، السنة التي قام فيها المركز الثقافي السويسري بالقاهرة، برولفستيا، بعقد أول ورشة للتدريب على استخدام الكاميرات الرقمية الحديثة، ومولد ما عرف باسم "السينما المستقلة". قبل ذلك لم يكن من الممكن لأي مواطن أن يعمل في مجال صناعة الأفلام إلا و تخرج رسمياً من المعهد العالي للسينما الذي يقبل عددا محدوداً من الطلبة كل عام، معظمهم يتخرج ولا يجد فرصة للعمل لأن المجال الوحيد المتاح كان السينما التجارية السائدة، أو العمل في التليفزيون المصري أو الهيئة العامة للاستعلامات.

على مدار عشرين عاماً من حرب الخليج الثانية وحتى بداية 2011، حدثت ثورة ثقافية "صورية"هائلة أزعم أن أبنائها هم المعادل لما يسمى بالطبقة العاملة، أو البروليتاريا، في الأدبيات الماركسية. رأى ماركس أن الثورة ستقوم بها الطبقة العاملة لعدة أسباب على رأسها أنها الطبقة الأكثر وعياً بحكم صلتها المباشرة بالتكنولوجيا. ولعل الكثير من الماركسيين أنفسهم لا يعرف الأهمية التي أولاها ماركس للتكنولوجيا ووسائل الإتصال الحديثة لدرجة أن بعض خصومه اتهموه بأنه من دعاة "الحتمية التكنولوجية"...أي أن تطور التكنولوجيا هو الذي يحرك الوعي والفكر والفن والثورة.

في "البيان الشيوعي" الصادر عام 1872، يقول ماركس وانجلز بالنص:

" الطبقة العاملة لا يزداد عددها فحسب مع تطور الصناعة، ولكنها تتجمع أيضاً في جماهير أوسع وأعظم فتنمو قوتها وتحس هي بهذه القوة بصورة أكبر. كذلك يزداد تقارب المصالح وظروف الحياة المختلفة في صفوف الطبقة العاملة بمقدار ما تمحو الآلة كل فرق في العمل....ويساعد على هذا الإتحاد واشتداده تطور وسائل المواصلات التي تخلقها الصناعة الحديثة والتي تجعل العمال في مختلف الجهات والمناطق على احتكاك ببعضهم البعض".

هذه الفكرة نسيت تقريباً أمام الحديث عن "الحتمية التاريخية" الذي أغرق الأدبيات الماركسية، ولكنها ولدت مرة أخرى على يد المفكرين الذين تناولوا تأثير وسائل الاعلام الحديثة، خاصة التليفزيون، منذ ستينيات القرن الماضي، مثل يورجن هابرماس ومارشال ماكلوهان و ايهاب حسن وجان بودريلار. 

هابرماس طرح الفكرة بوضوح في كتابه "التكنولوجيا والعلم بوصفهما ايديولجية" الصادر عام 1968. وقبله بأقل من عام أصدر مارشال ماكلوهان كتابه الفارق " الوسيط هو الرسالة" Message is the medium. تتلخص فكرة الكتاب في أن تأثير الوسيط الإعلامي أهم من الرسالة والمضمون اللذين يحملهما، وهو قارن اختراع التليفزيون بإختراع المصباح الكهربائي، وقال أن الإثنين غيرا حياة ووعي البشر بنفس القدر، وبغض النظر عن المضمون الذي يبثه التليفزيون سواء كان مادة ثقافية أو مجرد اعلانات تافهة!

المفكر الأمريكي المصري إيهاب حسن طور أفكار ماكلوهان وقال بالنص أن "الكمبيوتر سيصبح بديلاً للوعي أو امتداداً للوعي الإنساني". المفكر الفرنسي جان بودريلار كتب في بداية الثمانينيات أن "وسائل الإعلام تحدث ثورة، بل أنها في حد ذاتها ثورة بغض النظر عن محتواها" وأن تطورها يحدث بالضرورة تغييرات اجتماعية وسياسية.

فيضان الصورة وأيقونات الثورة

ليس هناك شك في الدور الذي لعبته الصورة في الثورة المصرية، الفيسبوك، الكاميرات الرقمية سواء التي يحملها مراسلوا الصحف والقنوات الفضائية أو مواطنون عاديون، كاميرات الهاتف المحمول، فيضان من الصور ومقاطع الفيديو لعبت الدور الأكبر في التحريض على الثورة وتشجيع الآلاف على الانضمام إليها مع بث كل صورة أو مقطع متميز. من صورة الشاب الذي وقف أمام المدرعة في شارع القصر العيني يوم 28 يناير، وحتى الشاب الذي دهسته المدرعة أمس الأول في المنصورة.

في الآونة الأخيرة صدرت العديد من الكتب والمقالات والأفلام التي رصدت "ثورة الجرافيتي" في مصر بالتزامن تقريبا مع صعود ثقافة الثورة وامتدادها. الفن التشكيلي عادة ليس من الفنون التي يستهلكها المصريون المعاصرون، ولكن الجرافيتي أحدث انقلاباً في الذائقة تحتاج بالتأكيد إلى بحث منفصل. 

الموسيقى والفرق الغنائية التي سبقت وظهرت مع الثورة تحتاج أيضا إلى أكثر من بحث. قبل الثورة قام المخرج أحمد عبد الله بتوثيق الفرق المستقلة في فيلمه "ميكروفون". بعد الثورة قام إثنان من المخرجين الألمان هما ألكسندر بريف ويوهانيس روزكام، بعمل فيلم وثائقي طويل في جزئين بعنوان "أغاني القاهرة" أو Tracks of cairo قاما فيه برصد عدد كبير من الفرق والمغنيين الذين ولدوا من رحم الثورة.

برامج "التوك شو" التليفزيونية، وبرامج السخرية السياسية على طريقة "برنامج" باسم يوسف ربما تكون قد ظهرت في مصر على استحياء قبل الثورة، ولكنها شهدت ازدهارًا كمياً مصحوباً بقدر من الحرية لا مثيل له في التاريخ. من الملاحظات الجديرة بالاهتمام أيضا ذلك التواصل بين أنواع الفنون والمجالات الثقافية، الكتب والأفلام والتصوير والرسم والأغاني.

حضور السينمائي...وغياب السينما

سأحاول هنا أن ألخص المشهد السينمائي في مصر قبل وعقب الثورة. ينقسم هذا المشهد إلى ثلاثة قطاعات رئيسية هي: 

* السينما السائدة التجارية الروائية، وهي عماد صناعة السينما في مصر التي تعد من الصناعات المزدهرة منذ أكثر من سبعين عاماً.

* السينما الوثائقية، أو التسجيلية، والتي تنتجها الدولة غالباً، ممثلة في المركز القومي للسينما والتليفزيون المصري والهيئة العامة للاستعلامات.

* السينما المستقلة.

ظهر تعريف "السينما المستقلة" في مصر منذ حوالي خمسة عشر عاماً، مع دخول الكاميرات الرقمية وبرامج الكمبيوتر المتطورة، ونمت خلال هذه السنوات ببطء وتعثر أحياناً، ولكن بدون توقف. هذه السينما كان لها حضور كبير في ثورة يناير، يمكن تلخيصه في الملاحظات الآتية:

* معظم صناع هذه السينما شاركوا في الثورة فعليا بكاميراتهم وهتافاتهم ومشاركتهم في الفعاليات المختلفة للثورة، وكثير منهم صنع أفلاماً، بعضها انتهى، وبعضها لم ينته بعد، عن الثورة.

* معظم المصورين العاملين في القنوات الفضائية العربية من دارسي السينما، سواء في المعهد العالي للسينما الحكومي أو المدارس والورش الخاصة التي ظهرت في مصر خلال السنوات العشر الماضية، وكثير منهم يضيق به مجال العمل المحدود في السينما فيتجه إلى التليفزيون.

* معظم المصورين الصحفيين يحملون الآن كاميرات رقمية حديثة، تسجل الصور ثابتة ومتحركة. وقد خرجت عدة أفلام من المواد المصورة التي قام بتصويرها المراسلون الصحفيون. مثل صور موقعة كوبري قصر النيل، أو الشاب الذي وقف أمام المدرعة.

* إذا اعتبرنا أن الهواة هم عماد السينما المستقلة، فقد تحول الآلاف من المواطنين إلى صناع أفلام وثائقية خلال الثورة. بعض هذه المواد تم ارساله إلى القنوات الفضائية العربية للعرض على موقعها الاليكتروني أو القناة نفسها، وبعد ذلك تم استخدامه في صنع الأفلام. مثل فيديو الشاب الذي فتح صدره أمام الداخلية فقاموا بقتله في الأسكندرية، أو السيارة الديبلوماسية التي دهست المتظاهرين في شارع القصر العيني مساء 28 يناير، أو صور قتل شهداء السويس وسيناء وغيرها.

الأفلام عن ثورة يناير تنقسم بدورها إلى عدة قطاعات: الروائية، سواء التي تنتمي للسينما السائدة والصناعة، أو التي تنتمي للسينما المستقلة. والوثائقية بمختلف أنواعها وسوف أبدأ بالحديث عنها.

تنقسم الأفلام الوثائقية المصنوعة عن ثورة يناير إلى كتلتين أساسيتين. الأولى تضم الأفلام التي أنتجتها شركات انتاجية سينمائية للأفلام الروائية أو الوثائقية ومؤسسات اعلامية على رأسها محطات التليفزيون ويليها بعض الصحف المعروفة والهيئات الحكومية. والثانية تضم الأفلام "المستقلة" التي أنتجها أفراد سواء كانت فقيرة انتاجيا أو توفر لها تمويل جيد عبر شركات انتاج سينمائية.

فيما يتعلق بمحطات التليفزيون العربية والأجنبية تأتي "الجزيرة" في المقدمة بأكثر من خمسين فيلما، ثم تلحق بها قناة أو اثنتين أخريين بفيلم أو اثنين.

فيما يتعلق بالأفلام التي أنتجتها هيئات حكومية مثل هيئة الاستعلامات أو المركز القومي للسينما فليس هناك ما يمكن ذكره. وقد أثبتت هذه الهيئات الرسمية خصومتها للثورة وولائها المطلق للنظام القديم منذ اليوم الأول لقيامها، وحتى بعد شهور طويلة من سقوط النظام. ومن المذهل أن نعرف أن كلا الهيئتين لم ترسل كاميراتها إلى الميادين لترصد أهم حدث في تاريخ مصر الحديث! من الأفلام العديدة التي أنتجتها "الجزيرة" سأكتفي هنا باشارات سريعة لبعضها كأمثلة.

فيلم " المشهد من الثورة" إخراج وليد الجنيدي يتكون من سبعة مشاهد رئيسية من الثورة المصرية، التقطتها كاميرات المصورين المحترفين والمواطنين العاديين وتم بثها عبر الانترنت وعلى القنوات الفضائية فأثارت القلوب وحرضت العقول ودفعت الآلاف للانضمام إلى الثورة والتعاطف مع الثوار.

من بينها مشهد الشاب الذي تصدى لعربة رش المياه في شارع "القصر العيني" يوم 25 يناير، والذي رفض أن يعلن عن نفسه أو اسمه، ومشهد الشاب الذي اعتلى المصفحة في ميدان "التحرير" في نفس اليوم وسقط من فوقها هو وضابط الأمن الذي حاول اجباره على النزول، وحتى مشهد النقيب ماجد بولس يوم "موقعة الجمل" حين كسر الأوامر العسكرية وتصدى للبلطجية الذين حاولوا اقتحام الميدان، والذي رفض، أو منع بواسطة قادته، من الظهور في الفيلم.

يعتمد الفيلم على عرض هذه المشاهد مع العودة إلى الأماكن التي التقطت فيها بصحبة من قام بتصويرها وشخصياتها، أو الذين بقيوا منهم، فأغلبهم استشهد أو فضل عدم الظهور.

أيضا من الأفلام التي ركزت على ملمح بعينه من الثورة فيلم "عندما أشعلنها" للمخرج محسن عبد الغني الذي يرصد دور المرأة في الثورة، ويسجل بعض البطولات لنساء وفتيات عرضن حياتهن وسمعتهن للخطر في سبيل بلدهن، وكان الدور الذي لعبنه حاسماً في نجاح هذه الثورة لأسباب كثيرة، من بينها التأكيد على سلمية وتحضر الثورة، وعلى وجهها المديني على عكس ما كان يروج نظام مبارك من أن الأخوان هم صناع هذا "الانقلاب"، وهي الكذبة التي صدقها الإخوان أنفسهم بعد ذلك. وقد بذلوا، ولا يزالون، جهدا حثيثاً لطرد النساء من ميادين الثورة.

من أوائل الأفلام التي صنعت عن الثورة أيضا التقرير الفيلمي "الثورة الضاحكة" الذي أنتجته قناة "بي بي سي" بعد أيام من تنحي مبارك. فبالرغم من أنه تقرير إخباري تليفزيوني من الناحية الوظيفية إلا أنه أقرب لطبيعة الفيلم الوثائقي.

بجانب محطات التليفزيون هناك بعض المحاولات المتواضعة التي قامت بها مؤسستا "الشروق" و"المصري اليوم" الصحفيتين، للاستفادة من المواد التي صورها مراسلوا الصحيفتين، والمواد التي أرسلها إليهما بعض القراء.

صحيفة "الشروق" اليومية أنتجت سلسلة من الأفلام تشبه سلسلة يوميات الثورة التي أنتجتها "الجزيرة" بنفس الاسم، ونفس التقسيم الزمني إلى أيام، ولكن بمستوى بدائي لدرجة أنه لا يوجد اسم مخرج لهذه التقارير الفيلمية، وإنما مشرف عام.

صحيفة "المصري اليوم" كانت أكثر طموحاً وبدلاً من التقارير قررت أن تنتج فيلماً وثائقياً باسم "الثورة خبر" استعانت له بمخرج شاب هو بسام مرتضى، وقامت بانتاجه بشكل احترافي، ويمكن القول أن التجربة نجحت خاصة أن الفيلم اختير للعرض في مهرجان برلين السينمائي الدولي، كما أختير للمشاركة في عدد من المهرجانات الأخرى، ولكن للأسف لم تتحمس واحدة من القنوات العربية لشراء حقوق عرضه حتى الآن.

أيضا يمكن الإشارة إلى أنه للمرة الأولى تقريباً يعرض فيلم وثائقي طويل مكون من ثلاثة أفلام قصيرة في دور العرض السينمائي العامة، المخصصة للأفلام الروائية. صحيح أن دور العرض العامة تشهد أحيانا عرض بعض الأفلام الوثائقية في إطار مهرجان، أو حدث ثقافي ما، ولكن المختلف هنا هو أن الفيلم، الذي يحمل عنوان "الطيب والشرس والسياسي" ( اخراج تامر عزت، أيتن أمين وعمرو سلامة)، قد أنتج خصيصاً لهذا الهدف وهو العرض العام، كما أن منتجه محمد حفظي واحد من منتجي الأفلام الروائية المعروفين في الساحة السينمائية المصرية الآن.

متى يمكن صنع فيلم عن الثورة؟

السؤال الذي يطرح كثيراً هذه الأيام هو الوقت اللازم الذي ينبغي انقضاءه قبل انجاز عمل فني جيد عن ثورة يناير. يمكن الاجابة على هذا السؤال من خلال تأمل فيلمين ينتميان لنوعية اليوميات، التي أعتقد أنها فكرة جيدة تحل معضلة الحديث عن حدث لا يزال يجري على الأرض. الأول هو فيلم "مولود في 25 يناير" للمخرج أحمد رشوان، والثاني هو "نصف ثورة" اخراج عمر الشرقاوي وكريم الحكيم.(1)

 

\"\"

\"\"

لكن المسألة في تصوري لا تتعلق بتقديم أعمال تدور حول أحداث الثورة، بقدر ما تتعلق بأن تكون هذه الأعمال نفسها قد تأثرت بالثورة وثقافتها. الأفلام الروائية التي صنعت عن الثورة حتى الآن شديدة التقليدية. معظم الأفلام والمسرحيات التي ظهرت عقب تنحي مبارك مباشرة تم اضافة مشاهد للثورة على أحداثها. واحد من هذه الأفلام كان عنوانه "الحقنا ياريس" وتحول بعد الثورة إلى "صرخة نملة"، والثاني هو"الفاجومي" لمؤلفه ومخرجه عصام الشماع، ورغم أنه ينتمي للمعارضة السياسية تماماً، إلا أنه فيلم تقليدي يحتوي على التوليفة المعتادة للسينما التجارية. الشئ نفسه ينطبق على فيلم "18 يوم" بالرغم من أن معظم السينمائيين الذين شاركوا في صنعه ينتمون فكريا إلى الثورة. وبدرجة أكبر على فيلمي "تيك توك بوم" لمحمد سعد و"حظ سعيد" لأحمد عيد، وبدرجة أقل على فيلم "بعد الموقعة" ليسري نصر الله. 

\"\"\"\"

هذه الأفلام تظل أسيرة نظام الانتاج والتفكير القديم في معنى ودور وجمهور الفن. لكن محاولات التحرر نجدها في السينما المستقلة بأنواعها. هناك مثلا الأفلام القصيرة جدا التي يمكن تشبيهها برسومات الجرافيتي على الحوائط، والتي تمزج بين الفن والتحريض السياسي المباشر، ومن بينها سلسلة أفلام تحريك طريفة لشركة انتاج اسمها "خرابيش"، ومثلها يوجد العشرات من الأنواع التي تتخذ شكل الكليب الاعلاني السريع أو الشكل الوثائقي أو الروائي، ويجمع بينها أنها تهدف إلى التوعية السياسية المباشرة من خلال استخدام القوالب الفنية المعروفة، أو الاستعانة ببعض التقنيات المستمدة من السينما الروائية والوثائقية السائدة.

وفي مجال الأفلام الروائية الطويلة فإن أكثر فيلمين يعبران في تصوري عن السينما المصرية القادمة هما "الخروج للنهار" للمخرجة هالة لطفي و"هرج ومرج" للمخرجة نادين خان. وهما لا يتناولان موضوعات لها علاقة بالثورة من قريب أو بعيد. الأول يخطو بجرأة نحو واقعية تختلف عن الميلودراما الاجتماعية التي طالما سادت السينما المصرية ووصفت بالواقعية. والثاني يسحب هذه الواقعية إلى مجال الفانتازي أو  الواقعية السحرية محرراً هذه السينما من قيود الالتزام السياسي التي طالما كبلتها (2).

الثورة لا تزال مستمرة، وسوف يستغرق الأمر بعض الوقت حتى تصل إلى عقولنا وحياتنا اليومية وفنوننا.الخلاصة أنها لم تفرز فنها الخاص بعد، لكن ملامح الجنين لم تزل تتشكل أمام أعيننا.

:هوامش  

1. يمكن الرجوع إلى مقالتين تفصيليتين عن الفيلمين على الرابطين التاليين: 
http://www.masress.com/rosasabah/137183
http://doc.aljazeera.net/followup/2012/05/20125218279298656.html  

 2. للمزيد عن الفيلمين يمكن الرجوع للرابطين التاليين:
http://www.elsaba7.com/articledetails.aspx?id=255
http://www.elsaba7.com/articledetails.aspx?id=709

بدرخان علي: "الانتخابات الحرّة" ليست شيئاً عظيماً، بعد خراب البلد

‫يأخذنا الباحث الكردي السوري بدرخان علي في هذه المقابلة في جولة نقدية حول الثورة السورية ودروبها المتشعبة، خصوصاً في المناطق ذات الأغلبية الكردية، التي تقع تحت سيطرة أحزاب كردية متعددة، تتضارب في المصالح والأهداف. ويتطرق إلى طبيعة العلاقة التي تربط حزب الإتحاد الديمقراطي PYD بالنظام السوري وبحزب العمال الكردستاني PKK في تركيا، وكذلك عن علاقة بقية الأحزاب الكردية بالسيد مسعود البرزاني رئيس إقليم كردستان العراق. وهو إذ يصف نفسه هنا بـ "أكثر المتشائمين"، لا يرسم بطبيعة الحال، صورة وردية عن مستقبل سورية ما بعد الأسد، إلا أن مكاشفته القارئ تلامس حيزاً كبيراً من هواجس كل سوري ومخاوفه المستقبلية.

م.د: ثمة لغط كثير حول مطالب الأكراد، هل لك أن تضعنا بصورة تفصيلية وواضحة حول المطالب الكردية الحقيقية؟‬

ب.ع: قبل اندلاع الثورة السورية كانت مطالب الحركة السياسية الكردية ترد إجمالاً في صيغ "الحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي في إطار وحدة البلاد". وكان ثمة تشديد دائم على نفي تهمة الانفصال عن سوريا التي تلصق عادة بالحركة الكردية، وإبراز الدور الوطني للكرد في سوريا منذ الاستقلال حتى اليوم. وبالطبع التركيز على المظالم التي مورست بحق الكرد، مثل حرمان حوالي ربع مليون منهم من الجنسية السورية بموجب الإحصاء الاستثنائي لعام 1962 الخاص بمحافظة الحسكة، وحظر اللغة والثقافة الكرديتين إلى التمييز في سلك الديبلوماسية والجيش، وإقامة "الحزام العربي" في محافظة الحسكة.
بعد اندلاع الثورة وتشكيل المجلس الوطني الكردي (إئتلاف يضم معظم الأحزاب الكردية والتنسيقيات الشبابية الكردية) طرحت صيغة حق تقرير المصير في إطار وحدة البلاد، واللامركزية السياسية، ومن ثم الفيدرالية والدولة الاتحادية. يلاحظ أن هناك تصوّراً كردياً غالب أنّ الفرصة مواتية لانتزاع أكبر قدر من المطالب القوميّة بعد سقوط النظام الحاكم. وفي ظنّي هذا رهان كبير، ولا يخلو من قدر غير محسوب من المغامرة، ويحصر المسألة الكردية في السلطة الحاكمة أو شخص الرئيس. ويغفل معطيات وعوامل عديدة في المسألة القومية الكردية في بعدها السوريّ.

م. د: ما هي العوائق التي تقف في طريق المطالب الفيدرالية الكردية؟

ب.ع: الحقيقة أن هناك جملة عوامل جغرافية، سكانية، محلية، سياسية، إقليمية تطرّقت إليها في كتابات سابقة سوف تعترض صيغة الفيدرالية المطروحة بمجرد سقوط النظام، لا بل من الآن. وستضطر النخبة الكردية نفسها إلى مواجهة الواقع كما هو، لا كما تشتهي. حتى الآن رغم كل الاجتماعات واللقاءات والنقاشات، ورغم إلحاح الجانب الكردي، ورغم رغبة قوى المعارضة في ضمّ الأحزاب الكردية إلى صفوفها، لم تبد أية جهة سياسية سورية موافقتها على هذه المطالب الفيدرالية، أي أنه لم يمكن حتى الآن انتزاع "اعتراف وطني-عربي سوري" بالحقوق الكردية وفق ما تطرحها القوى الكردية. وهو الأمر الذي تسبّب به الطرف الكردي برفع سقف مطالبه خلال الثورة، وكذلك بعض الأطراف في المعارضة التي لا ترى في المطالب الكردية سوى مشكلة عابرة لا تحتاج سوى إلى كلمات عامة، ناهيك عن وجود تيار قوميّ- شوفينيّ بكل معنى الكلمة داخل صفوف المعارضة اليوم.

وهناك لا شك عوامل عديدة سوف تحدّ من بقاء سورية دولة مركزية متشددة، بالمعنى الإدراي الإقتصادي-الأمني، أي بصورة تتيح للأطراف والمحافظات ممارسة سلطات أوسع في نطاقها المحليّ. لكني أرى أن تصبح سورية دولة لامركزيّة سياسياً ودستورياً، أمراً بعيد الاحتمال.

خلال فترة قصيرة من الإضطراب والفوضى قد تمارس سلطات الأمر الواقع من جماعات مسلّحة وقوى سياسية قدراً من سلطة سياسية محليّة. لكن ليس على المدى البعيد وعلى نحو مستقرّ. من جهة أخرى يبقى الأمر مرهوناً بمآلات الحرب القائمة في البلاد، وكيف ستنتهي، والارتدادات الإقليمية للصراع السوري.

م.د: هل يخشى الأكراد من أن تدير المعارضة السورية العربية لهم الظهر حال سقط النظام، وما الضمانات التي تطالبون بها لمنع ذلك؟

ب.ع: بلى، هناك تخوّف من هذا القبيل، ويستند هذا الخوف إلى ميراث الاضطهاد والتهميش الذي مورس بحق الكرد بعد مشاركتهم الفاعلة في نيل استقلال سورية عن الانتداب الفرنسي، كما يجري استحضار تجارب كردية خارج سورية وبشكل خاص المشاركة الكردية في معارك الاستقلال التركي ووعود كمال أتاتورك لهم بالحكم الذاتي والمشاركة في الدولة الجديدة، والتي أخلفها على الفور بعد نيل الاستقلال ومارس أشد السياسات عنفاً وشوفينية ضد الكرد في الجمهورية التركية التي سارت على نهجه في اضطهاد الكرد. كما مشاركة الكرد في "الثورة الإسلامية" في إيران عام 1979. وتهميشهم واضطهادهم بعد استقرار الحكم للملالي ورجال الدين. يعبّر أحياناً بعض الساسة الكرد عن ذلك، في لحظات الصراحة والوضوح، بالقول "لن نكون بندقية على كتف أحد" أو " ثوّاراً تحت الطلب". الثورة السورية أنعشت آمال الأكراد في سوريا في نيل حقوقهم، ودفعت النخب، باستثناءات قليلة، إلى رفع سقف مطالبها على شكل حكم قوميّ ذاتيّ موسّع (بصرف النظر عن التعبيرات)، من غير أن يطالب أحد بالانفصال عن سوريا. الضمانات المطلوبة المطروحة هي انتزاع اعتراف مسبق من الآن بتضمين الحقوق القومية الكردية، بالصيغة المطروحة، في الدستور القادم.

م.د: تحوّلت مناطق الأكراد إلى مناطق آمنة للاجئين السوريين من المناطق التي تعرضت لعنف النظام بعد احتضانها المعارضة المسلحة، فهل تضعنا في صورة الوضع الاقتصادي في تلك المناطق؟ وما صحة أن حزب العمال الكردستاني يدير الوضع الاقتصادي/ المعاشي بغض نظر من النظام؟

ب.ع: كان الوضع المعاشي في محافظة الحسكة ممكناً و مقبولاً، بشكل نسبي، حتى قبل بضعة أشهر وكان النازحون من المناطق السورية الأخرى يتمتعون بأمان. لكن مع اشتداد المعارك في المنطقة الشرقية والاشتباكات بين الجماعات المسلحة العربية والكردية في رأس العين (سري كانيه) والخراب في البنية الخدمية عموماً وحالة الفوضى وبروز العصابات التي تسطو على الشاحنات القادمة من حلب وغيرها، تدهورت الشروط المعيشية خاصة خلال الشتاء حيث البرد الشديد وانقطاع الكهرباء لساعات طويلة و أيام متواصلة أحياناً. وبسبب إغلاق المنافذ بين المحافظة والجوار، التركي والعراقي، حيث المعبر بين قامشلي ونصيبين التركية مغلق، والمعبر بين اليعربية (تل كوجر) السورية وربيعة العراقية مغلق أيضاً، ورأس العين تشهد معارك، والسلطات التركية كانت تسمح فقط للمسلّحين والأسلحة بالدخول لمجموعات مسلّحة مدعومة منها على الأغلب، قامت حكومة إقليم كردستان العراق بإرسال معونات إنسانيّة مقدّمة باسم رئيس الإقليم السيد مسعود بارزاني، تتضمن محروقات ومواد أساسية لأهل المحافظة عبر معبر غير نظامي بين حدود إقليم كردستان العراق ومدينة ديرك (المالكية) الكردية السورية، ودون موافقة الحكومة المركزية في بغداد. وكذلك السماح بإدخال معونات مقدمة من المواطنين وجمعيات وقوى سياسية عبر الإقليم. وقد شكّل هذا المعبر شريان حياة صغير للمنطقة ومازالت بعض المواد الأساسية ترد عبره. أما في المناطق الكردية الأخرى شمال حلب والرقة فالوضع هناك أسوأ، حيث منطقة عفرين مثلا (شمال حلب) محرومة من أية مساعدات إنسانية من الجهة التركية.

م.د: في مؤتمر القاهرة الذي أعد لوحدة المعارضة، حصل في نهايته خلاف عربي- كردي أرخى ظلالاً سيئة على العلاقة العربية الكردية عموماً وعلى وحدة المعارضة السياسية. هل ترى أن الخلاف بين العرب والكرد هو خلاف عميق الجذور من الصعب تجاوزه على المستوى السياسي فحسب، أي أنه عمودي، أم أنه خلاف مرهون بوجود الاستبداد ويزول بزواله؟

ب.ع: لا أودّ الحديث غير الواقعي بالتهويل عن متانة الوحدة الوطنية وإطلاق الشعارات الجميلة. وكما بيّنت في سؤال سابق، مشكلة الكرد وحقوقهم ليست مرهونة فقط بالنظام الحالي، ولا بالطبقة الحاكمة وحسب، حتى يكون إسقاطهما حلاً ناجزاً للمسألة الكردية. بالتأكيد، الاستبداد المديد، وثقافة حزب البعث القومية، وتغييب الحياة السياسية والحريات العامة أسهم في تعقيد القضية الكردية. كما أن تطورات المسألة الكردية في الجوار الإقليمي تلعب دوراً مؤثراً على الحركة الكردية في سوريا.

لكن الفرق الأساسي هو بين رؤيتين أساسيتين (مع استثناءات وتدرّجات في الجهتين): الكرد باتوا ينظرون إلى سوريا من منظورهم الكرديّ الخاص (ولذلك أسباب ومعطيات) أكثر من أي وقت مضى، أي كشعب ضمن شعب وإقليم ضمن دولة، وتحضر هنا تجربة كردستان العراق في المخيلة السياسية، في المقابل ينظر عموم السوريّون إلى الكرد من منظور عام، "الوحدة الوطنية" و"الشعب الواحد" و"أسنان المشط".

في تقديري: الواقع الذي سيفرز بعد سقوط النظام ونتائج الحرب المستعرة حالياً، والمخاض الإقليمي جراء الوضع السوري المتفجّر، والجدل القائم حول البدء بحل ما للقضية الكردية في تركيا وما سيتمخض عن ذلك، سيكون له دوراً كبيراً في تقرير حدود الحلّ السوري للمسألة الكردية. أي موازين القوى ومعادلات القوة الناتجة. الشعارات من الطرفين (سلباً أو إيجاباً) لن تفيد كثيراً، ولا "التطمينات" المتبادلة. رغم أهمية التواصل الأهلي وضرورة التنسيق بين المكونات الاجتماعية في المناطق المتداخلة من أجل تجنب الصراعات الأهليّة.

م.د: ثمة كثير من الأساطير تحاك حول حزب الاتحاد الديمقراطي (الجناح السياسي لحزب العمال الكردستاني) بين من يرى أنه يعمل لحساباته الخاصة مستغلاّ التحولات الحاصلة في سوريا والمنطقة، وبين من يرى أنه أداة بيد النظام السوري، وبين من يرى أنه يتحاور مع أنقرة من تحت السطح. كيف تقرأ واقع هذا الحزب الإشكالي في الانتفاضة السورية؟

ب.ع: القسط الأكبر من "الأساطير" التي تقال عن حزب الاتحاد الديمقراطي ( pyd) تعود إلى سياسته وسلوكياته بالطبع، لا إلى اتهامات من الآخرين. فالواقع أن سياسة الحزب في سوريا خاضعة تماماً للأجواء التي تسود العلاقة بين قيادة حزب العمال الكردستاني، خارج سوريا، والسلطة السورية. ولو قارننا مثلاً موقف الحزب في انتفاضة قامشلي 2004 مع موقفه الحالي لتوصلنا إلى ذلك. ففي العام 2004، كانت علاقة الحزب قد تدهورت مع دمشق بعد طرد زعيم الحزب السيد عبدالله أوجلان، من الأراضي السورية عام 1998 وتوقيع الاتفاقية الأمنية بين دمشق وأنقرة، التي تسمح لتركيا بالتوغل داخل الأراضي السورية لملاحقة مقاتلي الحزب. ورغم أن النظام السوري كان أقوى بكثير في 2004، ورغم أن الكرد كانوا معزولين عن بقية السوريين وفي المواجهة لوحدهم، كان حزب الاتحاد الديمقراطي، وإعلامه خصوصاً، يمارس تجييشاً كبيراً وتحريضاً غير مسبوقاً ضدّ النظام السوري، وبإغفال تام لإمكانات الكرد ومقدرتهم على خوض ثورة مستمرّة ضد النظام. إلا أن ذلك كان مطلوباً حينذاك من قبل قيادة حزب العمال الكردستاني للضغط على النظام السوري.

أما في الثورة السورية الراهنة، فنلاحظ لغة سلميّة غير مألوفة منهم تجاه النظام السوري، وبات الشباب المحتجّون ضد النظام السوري عملاءً لأردوغان!
لا أرى أن حزب العمال الكردستاني أداة بيد النظام السوري. إلا أن هناك استفادة متبادلة بين الطرفين. النظام السوري يستفز تركيا عبر الورقة الكردية مجدداً، ويسمح لقادة حزب الاتحاد الديمقراطي، واللجان الشعبية التابعة له، بالنشاط المستقل تماماً عن الحراك الثوري في البلاد، والكابح له في المناطق الكردية. من جهة أخرى، ازدادت وتيرة العمليات الهجومية لحزب العمال الكردستاني وشدّتها ضدّ الجيش التركي خلال فترة الأزمة السورية في خطوة أعادت إلى الأذهان الدعم الذي كان يتلقاه الحزب سابقاً من النظام السوري.

م.د: أين يكمن الانعكاس السلبي للحزب على القضية الكردية، خاصة أن هناك من يقول أن الحزب يعمل لاستغلال الأوضاع الحالية للهيمنة على الداخل الكردي لفرض رؤيته القومية؟

ب.ع: ليس من خطأ شنيع ارتكبه الحزب في سوريا بقدر محاولة فرض هيمنته الحزبية على الساحة الكردية، ولو كان ذلك بالعنف الصريح، والاعتداء الجسدي. وهذه، كما نفترض، وسائل غير مشروعة للعمل السياسي والدعاية السياسية ونيل الهيبة الحزبية. الشهوة للسلطة والتلهّف المبكر لها وللتسلّط، كان وراء كل الممارسات الطائشة والقمعيّة للحزب بشكل أضرّ به أيضاً، ووضعه في موقع حرج. كل ما عدا ذلك يخضع للنقاش والاختلاف.

لذلك لست مع نظرة تقول أنه بمجرد سقوط النظام السوري سوف تتوقف هذه الممارسات، بافتراض أن ذلك يجري خدمة للنظام السوري وبأوامر منه. موضوع حزب الاتحاد الديمقراطي وتشابكه مع وضع الـ (ب ك ك) في تركيا معقّد بعض الشيء. وهناك ثقافة قمعيّة ذاتية، وتربية شمولية، و"عبوديّة طوعيّة"، أي لا علاقة مباشرة لها بالموقف من النظام السوري، قد تستثمر في أية لحظة، والقاعدة الشعبية جاهزة للتلبية والتصفيق بطبيعة الحال، وللهجوم أيضاً.

م.د: الحوار بين حزب العمال الكردستاني وأنقرة الجاري الآن، هل تعتقد أن يكون له انعكاس على الداخل السوري وتوازن القوى، أي هل يمكن أن يبيع الحزب النظام السوري؟

ب.ع: بلا شك، سياسة حزب الاتحاد الديمقراطي يخضع بشكل مباشر لتأثير الحزب الأم (العمال الكردستاني. ما تزال المفاوضات في بدايتها وغير معلنة للرأي العام، سوى تسريبات من هنا وهناك. ولا نعلم كيف ستسير. وإذا ما قيّض لها النجاح بعد فترة، رغم الصعوبات الكبيرة والجمّة والملفات المرتبطة، سوف يلقى الأمر بظلاله على سياسة الاتحاد الديمقراطي في سوريا. أكبر تأثير إيجابي قد نجنيه في سوريا هو إعادة الاعتبار للسياسة والعقل، والعمل لمصالح الكرد السوريين أنفسهم، وتصالح أنصار حزب العمال الكردستاني السوريين أنفسهم مع مكانهم الواقعي والمحيط المعاش. وربما خلاص باقي أطراف الحركة الكردية من الابتزاز المزمن لحزب العمال الكردستاني.فحتى اليوم لم تكن قضايا الكرد السوريين أنفسهم على رأس أولويات المناصرين للـ pkk، لا قديماً ولا الآن.

م.د: في رأس العين، وبعد اقتتال بين الطرفين، عقد الجيش الحر وحزب الاتحاد الديمقراطي اتفاقية وشكلوا معاً "لجنة حماية السلم الأهلي والثورة". هل يمكن لهذا الأمر أن ينجح رغم الإيديولوجية المختلفة لكل منهما، والأجندة الخارجية المتضاربة لكل منهما أيضا؟

ب.ع: التفاهم الذي جرى في رأس العين (سري كانيه) كان بين وحدات الحماية الشعبية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي وتشكيل عسكري تابع لـ"الجيش الحر" والإئتلاف الوطني السوري، هو المجلس الثوري العسكري في محافظة الحسكة. ووقع هذا التفاهم بعد زيارة وفد برئاسة المعارض ميشيل كيلو ودعوات عدة من "الهيئة الكردية العليا" وقوى المعارضة وقيادة "الجيش الحر" لوضع حد للمعارك والاقتتال الدائر في رأس العين والذي تسبب بتشريد ومقتل الكثير من أبناء المنطقة ونهب البيوت.

لكن على الفور قامت جهات عديدة بمهاجمة الإتفاق، لا سيما ذات النزوع القومي- الطائفي مثل "جبهة تحرير الفرات والجزيرة" التي يقودها السيد نواف راغب البشير المدعوم من تركيا، والذي يضمر بعض رواسب النزاعات القبلية التي تعود للخمسينات بين عشيرته- البكارة- وبعض العشائر الكردية. ولم يعد يخفي السيد نواف البشير ميوله المعادية للأكراد. إلا أن المفاجأة كانت حين هاجم الجنرال سليم إدريس، رئيس أركان "الجيش الحر" التابع للإئتلاف الوطني الاتفاقية واعتبرها لاغية. من هنا لا أظن أن الصراع انتهى. إذ قد يتجدد بأشكال أخرى وفي منطقة أخرى.

م.د: في البيت الداخلي الكردي هناك طرفان أساسيان: المجلس الوطني الكردي المدعوم من أربيل ويحظى بشرعية دولية وعلاقات دولية مقبولة مقابل ضعف سيطرته على الأرض، والاتحاد الديمقراطي المدعوم من حزب العمال الكردستاني في جبال قنديل والمفتقد لشرعية وغطاء دولي في حين لكنه يمسك بالأرض. هل ترى أن الاتفاق الذي وقعه الطرفان في أربيل وأسفر عن تأسيس "الهيئة الكردية العليا" هو اتفاق حقيقي، أم أنه اتفاق هش أو "زواج مصلحة" ولا يمكن التعويل عليه؟

ب.ع: الاتفاق بين الطرفين الكرديين جاء من أجل تطويق مخاطر حرب كردية-كردية ، حيث بلغت الرغبة لدى الطرف المهيمين على الأرض إلى إقصاء غيرهم بالعنف وفرض هيمنتهم القسرية بطريقة هستريائية، وممنهجة. إنه اتفاق أمر واقع وتجنباً لإراقة الدماء. خلاصة الاتفاق هو أن حزب الاتحاد الديمقراطي استطاع انتزاع الاعتراف الرسمي بكونه "الحزب القائد" عملياً، وهو كان مستعداً لإشعال حرب أهلية كردية من أجل تحقيق هذا الاعتراف، في مقابل إزاحة شبح الاقتتال الكردي- الكردي بعض الشيء. من هذه الزاوية المهمة نال تشكيل "الهيئة الكردية العليا" ارتياحاً كبيراً في الوسط الكردي، رغم الملاحظات العديدة. فالمسؤولية الوطنية والقومية اقتضت تنازلاً سياسياً من قبل الأطراف الكردية تجاه حزب الاتحاد الديمقراطي في هذه المرحلة الحساسة والحرجة.

م.د: من المعلوم أن إقليم كردستان برئاسة مسعود البرزاني يدرب جنودا أكراد انشقوا عن الجيش السوري، وهناك من يقول أن تدريب هذه الفرقة العسكرية يأتي في إطار إعداد ذراع عسكرية للمجلس الوطني الكردي لمواجهة حزب الاتحاد الديمقراطي الذي يسيطر على الأرض. ما رأيك؟

ب.ع: حسب معلوماتي هي قوة عسكرية قليلة العدد مؤلفة من الجنود السوريين المنشقّين من الرتب الدنيا والمطلوبين للخدمة العسكرية، إذ لا يوجد أكراد برتب عالية في الجيش السوري، لكن بسبب الضجة الإعلامية التي أثيرت، يتوقع المرء أنه جيش كبير كأيّ جيش نظامي.

السيد مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان العراق، لم يعرض على المجلس وطني الكردي تبني تلك القوة العسكرية الموجودة في كردستان العراق ولم يعرض إرسالها إلى سورية في أي لقاء مع قيادات المجلس في أربيل، حسبما سمعنا. لكن بالطبع، فور تداول الخبر حول إحتمال عودة الجنود المنشقين المتدربين في كردستان العراق إلى مناطقهم في سوريا، أعلنت قيادات الاتحاد الديمقراطي علناً رفضهم لقدومهم وعدم السماح بدخولهم، والتهديد بمقاومتهم أيضاً بحجة أنّ هذا الأمر سيكون سبباً لاقتتال داخلي كردي. و في هذا هم يتكلمون صحيحاً. إذ لا يمكن أن يرضى "الحزب القائد" بأي شيء يحد من نفوذه، ولو كلف ذلك اقتتالاً كردياً كردياً.
بغياب مركز قرار سياسي كردي موحّد هناك خطر كبير بالفعل من وجود قوتين مسلّحتين مختلفتين في نفس المنطقة.

م.د: بالإطار الأوسع، أي بما يتعلق بسوريا ككل، نقرأ لك انتقادات حادة أحياناً للمعارضة "الراديكاليّة" كما تسميّها. برأيك أين أخطأت المعارضة السورية في تعاملها مع الانتفاضة السورية؟

ب.ع: مع أنه أصبح النقاش حول هذا الموضوع بلا فائدة عمليّة بعد حصول ما حصل وخراب البلد، لكن للتوثيق والتاريخ فقط، يمكن القول أن الخطأ الجوهري الأساسي كان منذ الأسابيع أو الشهور الأولى للانتفاضة. أما الآن فلم يعد بمقدور أحد السيطرة على الوقائع على الأرض، بعد أن أصبح البلد كله مستنقعاً من الدماء و الدمار، وخرج الأمر من سيطرة المعارضة السياسية نفسها. بدون الدخول في التفاصيل أقول: أخفقت المعارضة السورية التقليدية والجديدة في تقدير قوّة النظام السوري و تماسكه، وبالتالي وقوعها في فخّ "الوهم البصريّ" الذي أشاعته الميديا من خلال نمذجة انتفاضتي تونس ومصر عربيّاً؛ أي أن كلّ نظام عربي يلزمه بضعة أسابيع ليسقط. هذا قبل أن تتحوّل بعض الفضائيات العربية المعروفة إلى منبر للمعارضة السورية الراديكالية، التي كانت تدفع الشباب المتحمس والثوار في الداخل إلى مزيد من الحماس، بل إلى التهوّر، وتقوم بتزيين ذهاب زهرة شباب سوريا إلى دورة العنف الجهنميّ و"محرقة" النظام. كما أخفقت المعارضة في البناء على شيء مهم وأساسي تحقّق فعلاً بعد انتفاضتي تونس ومصر هو عودة السوريين إلى السياسة والشأن العام. الأمر الذي غيّب لعقود في "سوريا الأسد".

كانت هذه فرصة تاريخية لا تعوّض ومكسباً كبيراً بالنسبة لشعب كالشعب السوري غيّب عن السياسة والشأن العام تحت حكم ديكتاتورية شنيعة. بيد أن المعارضة الراديكالية ولأسباب مختلفة أحياناً (الإخوان المسلمين في الخارج، الذين وجدوا أنفسهم أمام فرصة مؤاتية للانتقام من النظام، و النشطاء السياسيين، من المعتقلين السابقين الذين ذاقوا الويلات في سجون النظام ،من بعض التنظيمات اليسارية والقومية، وبعض الشباب المتحمّس قليل الخبرة السياسية) وجدت في ذلك فرصة للذهاب إلى أقصى المطالب فوراً ظناً أنه "أقصر السبل". من هنا تفرّعت كلّ المشكلات برأيي.

لا أغفل أننا لسنا في لعبة شطرنج، نختار ما نشاء من خطط وحركات. ونهمل أشياء أخرى، ولسنا في شروط صحيّة تسمح لنا بالتفكير البارد، ولا الواقع يسير بناء على تفكيرنا وبرامجنا. غير أنه كان للحسابات الدقيقة والمدروسة في بداية الانتفاضة أن تنقذ السورييّن من هذه الكارثة الإنسانية التي يعيشونها منذ سنتين، أو تقلّل من حجمها وعمقها. لا ننسى بالطبع أن رعونة النظام ووحشيّته اللامحدودة تتحمل المسؤولية الكبرى عما جرى وما سيجري لاحقاً. ليس من خلاف كبير حول تشخيص النظام، كونه أكبر عصابة منظّمة ومسلّحة ومستولية على مقدرات البلد. الخلاف هو حول سبل المواجهة و الحلول، والخسارة والربح. وأصارحك أنني لا أعرف شيئاً في العالم يستحق كل هذه التضحيات العظيمة بما فيها "الديمقراطية". لا شيء خلف التلّة. "الانتخابات الحرّة" ليست شيئاً عظيماً، بعد خراب البلد.

م. د: كيف تقرأ المستقبل السوري إذن؟

ب.ع: ليس مبشّراً على أية حال، حتى وفق أكثر السيناريوهات تفاؤلاً، إن بقي هناك متفائلون أو سيناريوهات لحلول قريبة. ليس هناك حل سياسي متوقّع للاستعصاء السوري الدموي. ولا حسماً عسكرياً قريباً. برغم رفع درجة التمويل العسكري للجماعات المقاتلة، في الآونة الأخيرة، بدرجة غير كافية للحسم. ولا ترضى أميركا بحسم سريع. بل نتوقع اشتداد ضراوة المعارك وازدياد منسوب العنف وضحاياه.

وهذه ليست مهمة أميركا ولا أوربا على أية حال. ولا يمكن لومهم أيضاً، إذ ليس من مهمة الأميركان وغيرهم إحصاء عدد القتلى السوريين. هناك أشياء واقعيّة أهم بكثير: أمن إسرائيل، خطوط الطاقة في الشرق الأوسط، الاقتصاد الأميركي، إيران وملفها النووي، التنظيمات الجهادية المعادية لها، الخ…

كان أكثر المتشائمين، مثلي، يقول أن النظام السوري لن يسقط إلا بسقوط الدولة بأكملها معه. الآن نحن أمام حالة رهيبة وأشد خطورة: انهيار الدولة وبقاء السلطة! حتى في المناطق المحرّرة (الأدق أن نقول مناطق منكوبة) والتي تغيب فيها الدولة تماماً بأبسط أركانها (ماء، خبز، كهرباء، وقود) هناك "حضور" ما للسلطة بشكل متقطع: صواريخ السكود وطائرات الميغ بين الفينة والأخرى!
أن نقترب من سقوط السلطة الحاكمة لا يعني أن أهداف الثورة قد تحقّقت. فور سقوطها (لا أدري متى) سوف يتعيّن على السوريين إعادة بناء الدولة نفسها، ولملمة أشلاء المجتمع المحطّم، ولن يكون الأمر سهلاً في أي حال من الأحوال. بعد ذلك يمكن الحديث عن إمكان (فقط إمكان) تحقيق الديمقراطية، والحريات والعدالة وحكم القانون ودولة المؤسسات.
وفي ظني أن لحظة سقوط بشار الأسد وسلطته الفاشيّة لن تجلب للسوريين تلك السعادة المتوقعة، بمن فيهم من ضحّى أكثر وفقد أعزّاء من أسرته أو شرّد من بيته على يد هذه السلطة. هي لحظة عابرة وسنفتح أعيننا جميعاً على خرابٍ عميم، وسيتساءل كثيرون: أمن أجل هذا قُتِل أولادنا، وهُجّرنا وشُرّدنا ودمّرت بيوتنا؟.

*بدرخان علي: اسمه الأصلي "آزاد علي"، كاتب وباحث سياسي سوري، من مواليد مدينة القامشلي 1978. درس في جامعة حلب، كلية الطب البشري، وتخرج عام 2004، ومقيم منذ العام 2010 في السعودية. يكتب بدرخان علي في صحف كردية وعربية عديدة حول الشأن الكردي و السوري وقضايا فكريّة تتعلّق بالعلمانيّة والديمقراطيّة. شارك في الكتابة في أول المواقع الكردية في سوريا "موقع عامودا"، وفي العام 2005 انضم لأسرة تحرير مجلة "الحوار"، وهي فصلية ثقافية كردية تصدر باللغة العربية تهتم بالشؤون الكردية وتهدف إلى تنشيط الحوار العربي الكردي، تطبع وتوزع سرّاً منذ عام 1993. يقوم حالياً بإعداد كتاب عن المسألة الكردية في سوريا، يتضمن سجالات مع مثقفين وسياسيين عرب وكرد.


[ نشر الحوار في موقع "مراسلون" Correspondents.org وتعيد “جدلية” نشره]‬
‫ ‬