نشبتْ معركة السيطرة على حلب منذ مدة وما تزال مستمرة، لكن من المحتمل أن تدخل طوراً أكثر حساسية وكلفة من زاوية الخسائر في الأرواح. سنقوم بتحديث هذه المادة المنشورة في الأيام القادمة كي نغطي ما ينذر بأن يكون كارثة محتملة تنطوي على مضاعفات خطيرة.
لا شك أن الأطراف التي تتحمل المسؤولية المطلقة عن عواقب هذه المعركة هي النظام السوري والقوات الروسية، الذين على ما يبدو حددوا اليوم كفرصة أخيرة للمقاتلين والمدنيين معاً كي يغادروا الجزء الشرقي من المدينة الذي يسيطر عليه المتمردون. وكما هو متوقع، لم تلْق الدعوة آذاناً صاغية بما أن هناك غياباً تاماً للثقة بأن أي طرف منخرط في الصراع سيلتزم بمعبر آمن للمدنيين. وقد رفض المتمردون، من جميع الخلفيات، عرضاً سابقاً للمغادرة مع أسلحتهم وأقسموا على البقاء والقتال.
سنقوم بتغطية أحدث التطورات فيما تتطور المسألة، وبينما يعيش سكان شرق حلب حالة ذعر والقنابل تمطر من السماء، وغير ذلك. ويتوقع سكان حلب الغربية أيضاً هجمات وقصفاً (في الأسفل تقرير القناة الرابعة من حلب) إن السكان في شرق حلب في حاجة ماسة إلى الطعام والدواء، ومن المحتمل أن يعانوا من أوضاع أكثر سوءاً على الأرجح في حال حدوث حملة قصف وحصار مطولة.
إن السياق الإقليمي وتوقيت “هذا الدفع الحاسم” الوشيك كما يسميه بعض الصحفيين في المنطقة مهمان. إن بعض العوامل والسيرورات التي تقوم بصياغة المعركة من أجل حلب أو تعمل في تواز معها هي التالية:
١- ستبدأ الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأميركية وتنتهي في أربعة أيام، في يوم الثلاثاء، ٨ تشرين الثاني ٢٠١٦. ويحرّك المعركة رغبة باستيلاء حاسم أو تقدم جوهري أو ثبات ومقاومة وعملية رد لبناء “الحقائق على الأرض” قبل أن يتم تحديد نتائج الانتخابات.
٢- إن الموصل عرضة لهجوم من قبل كل الأطراف تقريباً في المشهد العراقي للسيطرة على المدينة وإخراج داعش من معقله العراقي الضخم. وما تزال النتائج حتى الآن تشي ب “نجاح” وتقدم ضد مقاتلي داعش، مما يشير ربما إلى تراجع في القوة العسكرية لدى التنظيم وإحساسه بأنه لا يُهزم. وإذا نجحت معركة الموصل في الحط من قوة داعش فإن هذا سينطوي على معان ضمنية متعلقة باستقرار كل من العراق وسوريا، كمثل الخطوات التالية.
٣- إن الحرب التي تقودها السعودية وحملة القصف ضد الحوثيين في اليمن تتواصل حتى ولو كانت التغطية الإعلامية متراجعة مؤخراً، بما فيه كارثة المجاعة الناجمة. إن الولايات المتحدة منخرطة بشكل مباشر في جهد الحرب كما هو الأمر في العراق وسوريا، بطريقة أكثر أو أقل مباشرة.
٤- يزداد التورط التركي في سوريا والعراق، ويترافق مع عملية تطهير غير مسبوقة للمنشقين واعتقال قادة حزب الشعب الديمقراطي، فيما تتواصل حالة عدم الاستقرار في تركيا بعد الانقلاب. ويواصل القادة الأتراك تأكيد حقهم بدور أكثر مباشرة في كلا البلدين المجاورين في محاولة لتدعيم النفوذ التركي فيهما.
وما تزال بقية الأراضي السورية تشهد المعارك والهجمات والتراجعات. ويعيش ملايين السوريين داخل سوريا وفي البلدان المجاورة في ظل أوضاع مريعة، لكن هذه تظللها التغطية “المتركزة كلها على حلب”. إن مباراة الشطرنج في تغطية حلب، حتى إذا لم تقر بكلفة إنسانية، يجب ألا تظلل المعاناة اليومية وحالات الموت في أمكنة أخرى.
هناك عوامل وتطورات أخرى تكثر، وسنشدد عليها وهي تبرز كي نوضحها أكثر. إن تعليقاتكم حول ما أُغْفِلَ ومساهماتكم في شكل روابط مرحب بها على العنوان التالي: Syria@jadaliyya.com.
ابقوا معنا