بين مكافحة التطبيع العربية، والـ«بي دي إس» العالمية

[فيلم [فيلم

بين مكافحة التطبيع العربية، والـ«بي دي إس» العالمية

By : Sharif S. Elmusa

رجل يقف على قمة جبل، وآخر لا يزال يتسلقه

في الشهر الماضي، قررت سينما «زاوية» القاهرية، والتي تعتبر نفسها مسوّقةً للأفلام «البديلة»، خاصة من مصر والدول العربية الأخرى، عرض فيلم «القضية 23» للمخرج اللبناني زياد دويري، الذي أصبح مثيرًا للجدل بعد إخراجه فيلمًا بعنوان «الصدمة»، أثناء إقامته في إسرائيل. وقتها، استنكر سلوكه هذا الكثيرون، بما في ذلك «زاوية» نفسها في بيان نشرته على موقعها على الإنترنت.

في هذا البيان، أكدت «زاوية» أيضًا أنها ضد التطبيع مع إسرائيل، وبالتالي لن تعرض «الصدمة»، ولكنها اعتبرت «القضية 23» حالة مختلفة، فالمخرج لم يعمل في إسرائيل ولم يحصل على تمويل منها، وبالتالي فلا يعتبر عرضه خرقًا للمقاطعة.

هذا البيان، الذي قوبل بالعديد من التعليقات النقدية، يمكن الاعتراض عليه من نواح متعددة. فقد اتخذ «حركة مقاطعة إسرائيل» المعروفة باسم «بي دي إس» كمرجعية، بينما المرجعية الصحيحة هي منظومة المقاطعة العربية. كما استشهد بشكل انتقائي بـ«بي دي إس فلسطين»، وفشل في الإشارة إلى أن إحدى شركات الإنتاج لديها علاقة حميمة بالدولة الإسرائيلية، تضمنت تبادل الأموال والميداليات.

لم تعر «زاوية» لاحقًا اهتمامًا لدعوة مقاطعة الفيلم من «بي دي إس مصر» ونشطائها. وبدلًا من ذلك قدّمت دار السينما نفسها كمدافعة عن حرية الرأي، وهو موقف جذاب خاصة بسبب القمع الحكومي المتصاعد للإعلام المعارض والحريات السياسية بشكل عام، رغم أن أحدًا لم يعترض على عرض الفيلم بسبب مضمونه، حتى وإن كانت هو الآخر عرضة للنقد. مكّنت كل هذه التجاوزات «زاوية» من اختلاق منطقة رمادية مضللة وجدت فيها عذرًا لتصرفها، وبدت معها وكأنها نصير لحرية التعبير ضد الرقباء.

غير أن الواقع هو أن «زاوية» نفسها انتهت بتقديم هدية للتطبيع. ألا يشجع عرضها للفيلم المزيد من المخرجين السينمائيين، أو الممثلين، على المشاركة مع إسرائيل أو إسرائيليين في أفلام قادمة، إذ يتوقعون أنهم سيُعاملون كما لو أن شيئًا لم يحدث، كما حدث في حالة دويري؟ أليس من شأن ذلك أن يجعل المقاطعة العربية موضع سخرية؟ وهذا بدوره يجعلنا نتساءل: كيف تخطط «زاوية»، التي قالت إنها ضد التطبيع، للتعامل مع الضرر الذي ألحقته، ولعدم تشجيع الآخرين على اتباع خطى دويري؟

لا أقصد، سواء من المقدمة السابقة أو التفاصيل التالية، أن أخص «زاوية» بالنقد، إذ أستخدمها وبيانها فقط لمحاولة توضيح الغموض الناشئ بسبب التباينات بين حركتي المقاطعة العالمية والمقاطعة العربية، أو ما يعادل الاخيرة، وهو «مكافحة التطبيع». كما أفعل ذلك أيضًا استجابة لدعوة «بي دي إس فلسطين» في بيانها عن فيلم دويري، والذي عبّرت فيه عن رغبتها المستمرة في إجراء حوارات بشأن مسألة المقاطعة مع الفلسطينيين، بمن فيهم من في الشتات.

في رأيي، فما نحتاجه اليوم هو الوضوح من قبل منظمات «بي دي إس» الفلسطينية والعربية بشكل عام عن ماهية التطبيع. النقطة المركزية التي تحتاج إلى التوضيح في هذا الشأن هي أن المقاطعة العربية و«بي دي إس» تختلفان في تاريخهما وتطوراتهما، وكذلك في ما يمكن لكل منهما عمله، وفي النتائج المتربة على فشلهما أو نجاحهما.

على وجه الخصوص، لا يجب أن تميّز مقاومة التطبيع، والتي يجب ان تعتبر حركات بي دي اس العربية نفسها جزءًا منها، بين التبادلات الفردية والمؤسسية مع إسرائيل، كما تفعل المقاطعة الدولية. أو بمعنى أعم، يجب ألا يضيق نطاق المقاطعة العربية ليتطابق مع تلك الدولية. وإذا حصل خلاف ذلك، فقد تتفكك المقاطعة العربية بسرعة، خصوصًا أن إسرائيل والولايات المتحدة تعملان بلا هوادة للقضاء عليها، مستغلتين الحالة السياسية العربية المؤسفة.

 كسوف المقاطعة العربية الرسمية وبزوغ الشعبية

ربما يصلح لجوء «زاوية» إلى «بي دي إس» كمرجعية مبررًا، لو كانت تعمل في نيويورك وليس في القاهرة.

بالنسبة للعالم العربي، لا يصح أن تكون «بي دي إس»، وهي الأقل شمولًا، الإطارالمحدد لماهية التطبيع. وإنما لا بد أن تكون المرجعية هي منظومة المقاطعة العربية لإسرائيل، فهي الأقدم والأشمل، والأهم من الناحية الجغرافية والرمزية. فقد استنت الدول العربية مقاطعة إسرائيل، من خلال الجامعة العربية، في عام 1948 بعد طرد الفلسطينيين من معظم وطنهم وإقامة الدولة إلصهيونية، أي قبل ما يقرب من ستين عامًا على ميلاد الـ«بي دي إس».

وكانت المقاطعة تتألف من ثلاثة درجات: الثالثة، والثانية، والرئيسية.

تطلبت الرئيسية ألا تقيم الدول العربية علاقات اقتصادية أو سياسية أو ثقافية مع إسرائيل، وأن تمنع سفر الافراد من تلك الدولة وإليها، وهذه الشمولية كانت السبب الرئيسي في كفاءة المقاطعة العربية والحيلولة دون اعتبار إسرائيل دولة عادية كباقي الدول، ما كان ليقضي على القضية الفلسطينية في حال حدوثه. بينما عنيت الدرجتان الثانية والثالثة بـ«الطرف الثالث»، اذ منعتا التعامل مع القائمة السوداء المدرجة فيها شركات لها علاقات واسعة مع إسرائيل، وكانت أشهرها شركة «كوكا كولا».

لم تصدر التصنيفات؛ الثالثة، والثانية، والرئيسية من جامعة الدول العربية نفسها، وانما من قبل المشرعين الامريكيين الذين قسّموا المقاطعة إلى أجزاء بهدف الاجهاز عليها.

بالتدريج تلاشى الأخذ ببنود الدرجتين الثالثة والثانية، بفضل الحسابات الاقتصادية والضغط الأمريكي، وتواصل الأخذ بالدرجة الرئيسية، حتى بدأ في التفسخ بعد ثلاثين سنة، في أعقاب معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية (1979)، ببطء في البداية ثم بخطى سريعة منذ التوقيع على اتفاقيات أوسلو الفلسطينية-الإسرائيلية (1993) ومعاهدة سلام الأردن مع إسرائيل (1994)، والتي سهّلت كذلك دخول إسرائيل إلى الأسواق العالمية خارج أوروبا وأمريكا الشمالية.

بعد تلك المعاهدات، ودون الدخول في نقاش حول الأسباب، انخرط عدد من الحكومات والشركات العربية الأخرى في شكل او آخر من أشكال التطبيع، لا سيما من الاطراف الجغرافية في المغرب والخليج، بما في ذلك المملكة العربية السعودية.

ولا يزال مدى التطبيع غير معروف، وعندما يُكشف عن بعض التفاصيل، فغالبًا ما يكون هذا عن طريق مصادر إسرائيلية وتسريبات إعلامية مجهولة، ولكن محسوبة، لإيقاع أكبر الأثر في النفس العربية، ونادرًا ما يقوم بها العرب الذين يشاركون فيها نفسهم.

لقد وصلنا اليوم إلى النقطة التي تواجه فيها المقاطعة بعض اختباراتها الأكثر خطورة، خاصة إذا قررت الحكومة السعودية التخلي عنها، كما أوحت التقارير الإعلامية والشائعات والتحركات من قبل بعض مواطني المملكة البارزين.

حاول، ولا يزال، المجتمع المدني العربي والمواطنون عمومًا تعويض التراجع الذي أصاب المقاطعة الرسمية، ولا تزال إسرائيل منبوذة بالنسبة لمعظم الشعب العربي، ولا يزال سلوكها العدواني المستمر يضمن بقاء مقياس العداوة عنده عاليًا، مضفيًا على المقاطعة قيمة رمزية عظيمة أيضًا.

هذا هو الحال الآن، وخاصة في مصر والأردن، وكذلك في مناطق السلطة الفلسطينية. فكما هو معروف، اتخذت منظمات المجتمع المدني في مصر، بما في ذلك النقابات المهنية والجامعات، موقفًا حازمًا لدعم المقاطعة، أو لمنع ما سمي بـ«تطبيع العلاقة مع إسرائيل». والمراد بذلك ليس فقط العلاقات المادية، وإنما محاولة ترويض وتعويد عقل الانسان العربي على قبول إسرائيل كوجود عادي في المنطقة، وهو بالضبط ما تحاول إسرائيل اليوم تحقيقه بوسائل شتى، مستغلة الانقسامات العميقة والاحتراب المنهك داخل الدول العربية.

مقارنة بين المقاطعة العربية والعالمية

بينما كانت المقاطعة العربية الرسمية تتآكل، بدأت موجة جديدة من حملات المقاطعة على مستوى العالم في الظهور، بدعوة من المجتمع المدني الفلسطيني في البداية، وبعدها أخذت الحملات حياة خاصة بها، وأصبحت معروفة ببساطة بالأحرف الأولى «بي دي إس»، أي مقاطعة، عقوبات، وسحب استثمارات.

لقد جذبت «بي دي إس»، بمرورالوقت، مؤيدين دؤوبين في العديد من البلدان، ما أجبر إسرائيل على الدخول في معركة شرسة، في محاولة لفرملة الحركة وإلحاق الهزيمة بها في النهاية. إن «بي دي إس» هي حملة لمواطنين ومجتمع مدني بالكامل، تسعى لجعل الأفراد والجماعات يعيدون التفكير في نظرتهم غير المدروسة لإسرائيل وفي تعاملهم معها، إلى أن تدفع النخبة الإسرائيلية ثمنًا للاحتلال والتشريد والاضطهاد التي ارتكبتها دولتهم ضد السكان الأصليين في فلسطين.

تبدأ حملة «بي دي إس» حيث تنتهي المقاطعة العربية. فالأرضية التي تبدأ منها الـ«بي دي إس» على سبيل المثال، هي وضع يكون فيه حصول بروفيسور إسرائيلي على زمالة في جامعة أمريكية روتينًا عاديًا، بينما ليحصل مثل هذا الأستاذ على زمالة في جامعة عربية، يتوجب خرق المحرّمات التي تحظر مثل هذا التبادل. لو وضعنا هذا التباين بشكل مجازي لقلنا إن «بي دي إس» تشبه شخصًا بدأ في تسلق الجبل، بينما المقاطعة العربية هي شخص يقف على القمة، ويحاول الآخرون إنزاله عبر التطبيع.

يؤدي الاختلاف في نقطة البداية أيضًا إلى الوصول، أو على الأقل إلى المساعدة على الوصول لاختلافات هامة أخرى. وفي المحصلة النهائية، يمكن اعتبار أن الـ«بي دي إس» حركة «ناعمة»، بينما المقاطعة العربية حركة «صلبة».

تدعو «بي دي إس» المؤسسات الدولية لمقاطعة المؤسسات الإسرائيلية، وليس الأفراد، لأن إسرائيل دولة معترف بها وتعد دولة عادية في تلك الأقطار، أو حتى أكثر من عادية، فقد يكون لها نفوذ كبير من خلال اللوبي الاسرائيلي، كما هو الحال في الولايات المتحدة الامريكية.

 لذلك نرى الداعين إلى المقاطعة الأكاديمية لإسرائيل، وهم يطمئنون دائمًا أعضاء منظماتهم بأن هذا العمل لا ينتهك حرية الأكاديميين الإسرائيليين. بينما عارضت الجامعات المصرية أي تبادل مع الجامعات الإسرائيلية، سواء على مستوى المؤسسات أو الأفراد، حتى يقرر الفلسطينيون مصيرهم. واذا كانت هناك اختراقات، فقد كانت تحدث بشكل سري.

أحدث مثال على هذا الوضع كان بيان لأعضاء هيئة التدريس في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، يدينون فيه إلقاء الأستاذ المتقاعد في جامعتهم، سعد الدين إبراهيم، محاضرة في مركز موشي دايان بجامعة تل أبيب. أذكر هذه الحالة أيضًا لأنها وثيقة الصلة بقضية دويري، من حيث أنها تبرز التهديد للمقاطعة الأكاديمية إذا حذا أعضاء آخرون في هيئة التدريس حذو سعد الدين إبراهيم.

ومن المفارقات أن «بي دي إس» قد أُدمجت في خطاب المقاطعة العربية أحيانًا كطريقة لتعزيز فكرة المقاطعة بين المترددين من العرب أنفسهم، بتذكيرهم بانضمام المواطنين غير العرب الى صفوف المقاطعة، بينما، وفي المقابل، أشار بيان «زاوية» إلى «بي دي إس» كمرجعية لتبرير خرق المقاطعة.

 ومشكلة أخرى ربما سببت الالتباس والخلط بين حركة المقاطعة العربية و«بي دي إس»، فتطابق الاسم يبدو أنه عنى للبعض تطابق السياسات والمواقف، ما قد ينسف حركة المقاطعة العربية من أساسها، فهل نريد، مثلًا، أساتذة إسرائيليين في الجامعات العربية؟

هذا ما أجاب عليه بالنفي أعضاء هيئات التدريس في تلك الجامعات المصرية منذ اتفاقية كامب دافيد، وهو ما ينطبق على باقي الجامعات في الدول العربية.

«زاوية» و«بي دي إس» بين مصر وفلسطين

للعودة إلى «زاوية»، ففي 22 تشرين الأول- أكتوبر الماضي، أصدرت حركة «بي دي إس» في فلسطين بيانًا يحوي لحظة من التردد تشير فيها إلى التمييز بين الفردي مقابل المؤسسي، لكن على المرء التحلى بسوء النية لكي يستخدم ذلك التردد لتبرير قرارعرض الفيلم.

ما جاء في البيان أن الفيلم نفسه، وفقًا لقواعد «بي دي إس» الدولية، لا يفي بمعايير المقاطعة. لكن في الوقت نفسه، طلب البيان من المهرجانات السينمائية العربية عدم عرض الفيلم، لأن القيام بذلك «سيشجع [دويري] في مساره المدمر» والهادف الى كسر المقاطعة. وهذا مطلب مباشر لا غموض فيه، بالإضافة لكون «بي دي إس مصر» حثّت سينما زاوية بشكل لا لبس فيه على العدول عن قرارها.

الملاذ الأخير لزاوية وآخرين مثل مؤسسة «فيلم لاب» الفلسطينية، غير الربحية، والتي كانت تخطط أيضًا لعرض الفيلم في رام الله، مستخدمة نفس أعذار «زاوية»، هو توجيه الاتهام إلى من يعارضون تحركاتهم بعدم احترام حرية الرأي والتعبير، أو بالافتقار إلى الحس الجمالي اللازم لتذوق أفلام حاصلة على جوائز أو مرشحة للاوسكار. هنا أيضًا تُخلط الامور، فهناك فرق كبير بين مقاطعة الفيلم بسبب مضمونه، ومقاطعته بسبب أفعال المخرج.

لم أشاهد الفيلم، وبالتالي لا أستطيع الحكم على محتواه، رغم كوني قرأت مراجعة دامغةله من قبل أستاذة السينما في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، تيري جينسبيرج، ومن ضمن مؤلفاتها كتاب «الكفاح الفلسطيني البصري». تقول الناقدة إن فيلم دويري في صميمه عنصري ومناهض للفلسطينيين، إذ يصور اللبناني الماروني اليميني الرئيسي كإنسان «ثلاثي الأبعاد»، بينما خصمه الفلسطيني شخص مغاير تظهر محاسن اللبناني بمغايرته له.

وعلاوة على ذلك، يبدو الفيلم وكانه يبرر المجزرة الإسرائيلية / المارونية (1982) في صبرا وشاتيلا، واللذين كان المقاتلون الفلسطينيون قد انسحبوا منهما نتيجة الغزو الاسرائيلي للبنان. وفي الوقت نفسه يقلل الفيلم من دور إسرائيل في المجزرة. هل تشاورت «زاوية» بخصوص هذا مع أشخاص يعرفون التاريخ والسياسة اللبنانيين؟

كما أن هناك بعدًا آخر مهمًا تشير إليه جينسبيرج، وهو أن مؤسس شركة «تشارلز س. كوهين»، إحدى الشركات المنتجة للفيلم، حصلت على وسام الدولة الإسرائيلية لجمعها 52.4 مليون دولار، وهو رقم قياسي، لسندات دولة إسرائيل، فهل تحرت «زاوية»، قبل عرض الفيلم، عن العلاقة المالية والحميمة للشركة المنتجة مع الحكومة إلإسرائيلية؟

على أي حال، لم تذكر «بي دي إس»، سواء في فلسطين أو مصر، شيئًا عن مضمون الفيلم، والذي لم يُسمح بعرضه في رام الله بسبب المعارضة الشعبية، ليس بسبب الجودة اوالمحتوى ولكن لتصرفات المخرج وعدائه المستمر لـ«بي دي إس».

نحن نقاطع الملابس التي تأتي من المصانع التي توظف عمالة الأطفال بسبب من ينتجها، وليس لجودة خاماتها أو عدم جودتها. أو في مثال آخر، ففي كانون الثاني/ يناير الماضي، صوّت البرلمان الدانمركي على استبعاد البضائع المُصنّعة في المستوطنات الإسرائيلية، بالضفة الغربية، من الاتفاقيات التجارية مع الدولة الإسرائيلية، بسبب عدم شرعية المكان الذي أُنتجت فيه.

على أي حال، هذه النقطة لا تحتاج إلى توضيح أكثر من ذلك. ما حدث في الحقيقة من قبل «زاوية»، بتصوير عرض الفيلم وكانه دفاع عن حرية التعبير، قد انتهي بضمان حرية دويري وآخرين في انتهاك قواعد المقاطعة، رغم محاولة «زاوية» تاكيد عكس ذلك.

إيقاف الحلقة المفرغة

الضرر وقع، وشاهد الفيلم، ربما، عدد أكبر من الناس، بدافع الفضول وبفضل الدعاية التي اكتسبها من الجدل الذي أثاره، وفاز دويري بهذه الجولة، كما فاز في جولات قبلها.

في لبنان، وبسبب الطائفية المزمنة، بُرئ المخرج أمام المحكمة من تهمة مخالفة القوانين اللبنانية ضد التطبيع، مع أن مخالفته لا لبس فيها، كما استطاع عرض فيلمه في المهرجانات السينمائية العربية، باسم «حرية التعبير».

وما يجب الآن على «زاوية» ودور السينما الاخرى فعله، هو الاختيار، إما أن تصبح منفذًا لصناع الأفلام والممثلين ممن لا يعيرون اهتمامًا للمقاطعة، أو يرغبون في إنهاء ما تبقى منها، أو أن تعترف بشجاعة بأنها ارتكبت خطأ فادحًا، فتنضم بذلك إلى من يؤيدون الاستمرار في فرض مقاطعة محكمة ضد دولة عنصرية لا يمكن إصلاحها إلا من خلال ضغط مستمر.

إن حادثة زاوية/ دويري ليست حادثة منعزلة، فهي صورة مصغرة لصورة أكبر لعدد متزايد من العرب في عوالم الثقافة والإعلام والسياسة (فالاقتصاد والاقتصاديون ورجال الأعمال يحتاجون إلى مناقشة منفصلة) يختارون زيارة إسرائيل، أو إجراء مقابلات مع محطاتها التليفزيونية والإذاعية، ممهدين بذلك الطريق لآخرين لفعل الشيء نفسه، خاصة إذا ثبت أن أعمال التطبيع لها فوائدها، أو على الاقل ليست لها أضرار.

وبالمثل، سمحت دول عربية كثيرة لعدد متزايد من الإسرائيليين؛ رياضيين، رجال أعمال، علماء، إلخ، بالمشاركة في الألعاب والمنتديات والفعاليات المختلفة على أراضيها، كما سمحت لوسائل الإعلام العربية بمحاورة مسؤولين إسرائيليين في برامجها، إن لم تكن شجعتها على هذا.

أقل ما يمكن لحملات بي دي إس الفلسطينية والعربية الأخرى فعله، هو وضع قواعد ومبادئ واضحة وصارمة لإيقاف هذا التبادل المتزايد، وعدم السماح له بأن يصبح تدفقًا مستمرًا وغزيرًا، ومثلها كذلك حول كيفية الرد على أولئك الذين ينتهكون المقاطعة. ربما يجب عليها إما تغيير اسمها، أو القول بشكل جلي إن استخدامها لذات الاسم العالمي ما هو إلا من باب التماهي معه، فيما لا يعني التزامها بنفس السياسات، فالموضوع ليس فيه، كما لا يجب أن يكون فيه، مركزية، والحالة العربية لها متطلباتها التي تختلف عن تلك متطلبات حركة تعمل في أوروبا أو أمريكا مثلًا.

خلال كتابتي لهذا المقال، حاول أعضاء في البرلمان التونسي إدراج بند في الدستور يجعل من التطبيع جريمة يعاقب عليها القانون، ولا أدري ما إذا كانت هذه المحاولة ستنجح أم لا، لكنها تمثل الحد الأعلى لما يمكن عمله، حيث يصعب الرجوع عنه، فتعديل الدستور يحتاج في العادة إلى أغلبية عظمى من أصوات البرلمان، كما أنه لا يترك مسالة خرق التطبيع عرضة لنزوات ومصالح فردية.

وقد يكون من الصعب سن تشريعات في العديد من الدول العربية، حيث البرلمانات، إذا وجدت، غالبًا ما توافق تلقائيًا على سياسات حكوماتها، وبالأخص في دولتين رئيسيتين، هما الأردن ومصر، تلتزم حكومتاهما بمعاهدات سلام مع إسرائيل.

أما في حالة المجتمع المدني، فإن انطباعي هو أن النقابات المهنية في مصر والأردن قد شرّعت من زمن طويل قواعد ومبادئ لمنع التطبيع، وبالتالي فربما لا تحتاج حملات بي دي إس العربية إلى إعادة اختراع العجلة هناك.

وعلى أية حال، يجب ألا تميز المبادئ التوجيهية لحركة المقاطعة العربية بين الأفراد والمؤسسات، مثلما تفعل بقية حملات المقاطعة غير العربية، ويجب أن يكون واضحًا أن هذا القاعدة تنطبق على التدفقات في الاتجاهين بين الدول العربية وإسرائيل، أي منها وإليها.

هناك خطر وشيك في هذه الأوقات التي تشهد اقتتالًا عربيًا، وسياسات متشظية بشكل خطير، ونظم فاسدة وسلطوية، أن يؤول التطبيع الى حلقة مفرغة لا يمكن وقف اتساع دائرتها، وبديناميكية أو صيرورة تأخذ الشكل التالي: مزيد من التبادل يحدث، فيصبح التطبيع القاعدة لا الاستثناء، حتى ينهدم بالكامل صرح المقاطعة العربية.

إذا حدث ذلك، فستبدأ حركة المقاطعة العالمية بالظهور وكأنها «أكثر كاثوليكية من البابا»، وقد تتفكك هي الأخرى، فيخسر الفلسطينيون في نهاية المطاف موقعًا رئيسيًا، إن لم يكن الموقع الرئيسي، للمقاومة.

  [نشر المقال بالتعاون مع مدى مصر]

  • ALSO BY THIS AUTHOR

    • Keep Counting

      Keep Counting

      In the beginning was the number.
      11,500 people dead:
      (round number)
      4,710 children will neither forget
      Nor remember their childhood

    • Step Gently: The Political Imagination of Iliya Abu Madi

      Step Gently: The Political Imagination of Iliya Abu Madi

      In 1900 Ilya Abu Madi, a boy of about ten followed in the footsteps of his older brother and uncle from Lebanon to Alexandria, Egypt. He grew up fast in this port city: he worked for a living, got engaged in Egyptian nationalist politics, suffered the death of his brother, and taught himself the craft of poetry. Eleven years later, he returned to Lebanon, and after a short sojourn took a boatnot unlike the perilous ones that haul today’s refugees through the Mediterraneanand arrived on the US shores in 1911. He eventually moved to New York City for good. In New York he met fellow mahjar (diaspora, émigré) writers, who together formed al-Rabita al-qalamiyya (Pen Association), which left a lasting influence on his work. His main poetry book appeared during the eleven odd years of the PA’s existence, securing him a lasting place in modern Arabic literature.

    • The Rock of Palestinian Resistance and Deal of the Century

      The Rock of Palestinian Resistance and Deal of the Century
      In his Myth of Sisyphus, Albert Camus defines the absurd as the chasm that is manifested in the confrontation between two highly unequal things or elements, such as the attempt of a person armed with

بدرخان علي: "الانتخابات الحرّة" ليست شيئاً عظيماً، بعد خراب البلد

‫يأخذنا الباحث الكردي السوري بدرخان علي في هذه المقابلة في جولة نقدية حول الثورة السورية ودروبها المتشعبة، خصوصاً في المناطق ذات الأغلبية الكردية، التي تقع تحت سيطرة أحزاب كردية متعددة، تتضارب في المصالح والأهداف. ويتطرق إلى طبيعة العلاقة التي تربط حزب الإتحاد الديمقراطي PYD بالنظام السوري وبحزب العمال الكردستاني PKK في تركيا، وكذلك عن علاقة بقية الأحزاب الكردية بالسيد مسعود البرزاني رئيس إقليم كردستان العراق. وهو إذ يصف نفسه هنا بـ "أكثر المتشائمين"، لا يرسم بطبيعة الحال، صورة وردية عن مستقبل سورية ما بعد الأسد، إلا أن مكاشفته القارئ تلامس حيزاً كبيراً من هواجس كل سوري ومخاوفه المستقبلية.

م.د: ثمة لغط كثير حول مطالب الأكراد، هل لك أن تضعنا بصورة تفصيلية وواضحة حول المطالب الكردية الحقيقية؟‬

ب.ع: قبل اندلاع الثورة السورية كانت مطالب الحركة السياسية الكردية ترد إجمالاً في صيغ "الحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي في إطار وحدة البلاد". وكان ثمة تشديد دائم على نفي تهمة الانفصال عن سوريا التي تلصق عادة بالحركة الكردية، وإبراز الدور الوطني للكرد في سوريا منذ الاستقلال حتى اليوم. وبالطبع التركيز على المظالم التي مورست بحق الكرد، مثل حرمان حوالي ربع مليون منهم من الجنسية السورية بموجب الإحصاء الاستثنائي لعام 1962 الخاص بمحافظة الحسكة، وحظر اللغة والثقافة الكرديتين إلى التمييز في سلك الديبلوماسية والجيش، وإقامة "الحزام العربي" في محافظة الحسكة.
بعد اندلاع الثورة وتشكيل المجلس الوطني الكردي (إئتلاف يضم معظم الأحزاب الكردية والتنسيقيات الشبابية الكردية) طرحت صيغة حق تقرير المصير في إطار وحدة البلاد، واللامركزية السياسية، ومن ثم الفيدرالية والدولة الاتحادية. يلاحظ أن هناك تصوّراً كردياً غالب أنّ الفرصة مواتية لانتزاع أكبر قدر من المطالب القوميّة بعد سقوط النظام الحاكم. وفي ظنّي هذا رهان كبير، ولا يخلو من قدر غير محسوب من المغامرة، ويحصر المسألة الكردية في السلطة الحاكمة أو شخص الرئيس. ويغفل معطيات وعوامل عديدة في المسألة القومية الكردية في بعدها السوريّ.

م. د: ما هي العوائق التي تقف في طريق المطالب الفيدرالية الكردية؟

ب.ع: الحقيقة أن هناك جملة عوامل جغرافية، سكانية، محلية، سياسية، إقليمية تطرّقت إليها في كتابات سابقة سوف تعترض صيغة الفيدرالية المطروحة بمجرد سقوط النظام، لا بل من الآن. وستضطر النخبة الكردية نفسها إلى مواجهة الواقع كما هو، لا كما تشتهي. حتى الآن رغم كل الاجتماعات واللقاءات والنقاشات، ورغم إلحاح الجانب الكردي، ورغم رغبة قوى المعارضة في ضمّ الأحزاب الكردية إلى صفوفها، لم تبد أية جهة سياسية سورية موافقتها على هذه المطالب الفيدرالية، أي أنه لم يمكن حتى الآن انتزاع "اعتراف وطني-عربي سوري" بالحقوق الكردية وفق ما تطرحها القوى الكردية. وهو الأمر الذي تسبّب به الطرف الكردي برفع سقف مطالبه خلال الثورة، وكذلك بعض الأطراف في المعارضة التي لا ترى في المطالب الكردية سوى مشكلة عابرة لا تحتاج سوى إلى كلمات عامة، ناهيك عن وجود تيار قوميّ- شوفينيّ بكل معنى الكلمة داخل صفوف المعارضة اليوم.

وهناك لا شك عوامل عديدة سوف تحدّ من بقاء سورية دولة مركزية متشددة، بالمعنى الإدراي الإقتصادي-الأمني، أي بصورة تتيح للأطراف والمحافظات ممارسة سلطات أوسع في نطاقها المحليّ. لكني أرى أن تصبح سورية دولة لامركزيّة سياسياً ودستورياً، أمراً بعيد الاحتمال.

خلال فترة قصيرة من الإضطراب والفوضى قد تمارس سلطات الأمر الواقع من جماعات مسلّحة وقوى سياسية قدراً من سلطة سياسية محليّة. لكن ليس على المدى البعيد وعلى نحو مستقرّ. من جهة أخرى يبقى الأمر مرهوناً بمآلات الحرب القائمة في البلاد، وكيف ستنتهي، والارتدادات الإقليمية للصراع السوري.

م.د: هل يخشى الأكراد من أن تدير المعارضة السورية العربية لهم الظهر حال سقط النظام، وما الضمانات التي تطالبون بها لمنع ذلك؟

ب.ع: بلى، هناك تخوّف من هذا القبيل، ويستند هذا الخوف إلى ميراث الاضطهاد والتهميش الذي مورس بحق الكرد بعد مشاركتهم الفاعلة في نيل استقلال سورية عن الانتداب الفرنسي، كما يجري استحضار تجارب كردية خارج سورية وبشكل خاص المشاركة الكردية في معارك الاستقلال التركي ووعود كمال أتاتورك لهم بالحكم الذاتي والمشاركة في الدولة الجديدة، والتي أخلفها على الفور بعد نيل الاستقلال ومارس أشد السياسات عنفاً وشوفينية ضد الكرد في الجمهورية التركية التي سارت على نهجه في اضطهاد الكرد. كما مشاركة الكرد في "الثورة الإسلامية" في إيران عام 1979. وتهميشهم واضطهادهم بعد استقرار الحكم للملالي ورجال الدين. يعبّر أحياناً بعض الساسة الكرد عن ذلك، في لحظات الصراحة والوضوح، بالقول "لن نكون بندقية على كتف أحد" أو " ثوّاراً تحت الطلب". الثورة السورية أنعشت آمال الأكراد في سوريا في نيل حقوقهم، ودفعت النخب، باستثناءات قليلة، إلى رفع سقف مطالبها على شكل حكم قوميّ ذاتيّ موسّع (بصرف النظر عن التعبيرات)، من غير أن يطالب أحد بالانفصال عن سوريا. الضمانات المطلوبة المطروحة هي انتزاع اعتراف مسبق من الآن بتضمين الحقوق القومية الكردية، بالصيغة المطروحة، في الدستور القادم.

م.د: تحوّلت مناطق الأكراد إلى مناطق آمنة للاجئين السوريين من المناطق التي تعرضت لعنف النظام بعد احتضانها المعارضة المسلحة، فهل تضعنا في صورة الوضع الاقتصادي في تلك المناطق؟ وما صحة أن حزب العمال الكردستاني يدير الوضع الاقتصادي/ المعاشي بغض نظر من النظام؟

ب.ع: كان الوضع المعاشي في محافظة الحسكة ممكناً و مقبولاً، بشكل نسبي، حتى قبل بضعة أشهر وكان النازحون من المناطق السورية الأخرى يتمتعون بأمان. لكن مع اشتداد المعارك في المنطقة الشرقية والاشتباكات بين الجماعات المسلحة العربية والكردية في رأس العين (سري كانيه) والخراب في البنية الخدمية عموماً وحالة الفوضى وبروز العصابات التي تسطو على الشاحنات القادمة من حلب وغيرها، تدهورت الشروط المعيشية خاصة خلال الشتاء حيث البرد الشديد وانقطاع الكهرباء لساعات طويلة و أيام متواصلة أحياناً. وبسبب إغلاق المنافذ بين المحافظة والجوار، التركي والعراقي، حيث المعبر بين قامشلي ونصيبين التركية مغلق، والمعبر بين اليعربية (تل كوجر) السورية وربيعة العراقية مغلق أيضاً، ورأس العين تشهد معارك، والسلطات التركية كانت تسمح فقط للمسلّحين والأسلحة بالدخول لمجموعات مسلّحة مدعومة منها على الأغلب، قامت حكومة إقليم كردستان العراق بإرسال معونات إنسانيّة مقدّمة باسم رئيس الإقليم السيد مسعود بارزاني، تتضمن محروقات ومواد أساسية لأهل المحافظة عبر معبر غير نظامي بين حدود إقليم كردستان العراق ومدينة ديرك (المالكية) الكردية السورية، ودون موافقة الحكومة المركزية في بغداد. وكذلك السماح بإدخال معونات مقدمة من المواطنين وجمعيات وقوى سياسية عبر الإقليم. وقد شكّل هذا المعبر شريان حياة صغير للمنطقة ومازالت بعض المواد الأساسية ترد عبره. أما في المناطق الكردية الأخرى شمال حلب والرقة فالوضع هناك أسوأ، حيث منطقة عفرين مثلا (شمال حلب) محرومة من أية مساعدات إنسانية من الجهة التركية.

م.د: في مؤتمر القاهرة الذي أعد لوحدة المعارضة، حصل في نهايته خلاف عربي- كردي أرخى ظلالاً سيئة على العلاقة العربية الكردية عموماً وعلى وحدة المعارضة السياسية. هل ترى أن الخلاف بين العرب والكرد هو خلاف عميق الجذور من الصعب تجاوزه على المستوى السياسي فحسب، أي أنه عمودي، أم أنه خلاف مرهون بوجود الاستبداد ويزول بزواله؟

ب.ع: لا أودّ الحديث غير الواقعي بالتهويل عن متانة الوحدة الوطنية وإطلاق الشعارات الجميلة. وكما بيّنت في سؤال سابق، مشكلة الكرد وحقوقهم ليست مرهونة فقط بالنظام الحالي، ولا بالطبقة الحاكمة وحسب، حتى يكون إسقاطهما حلاً ناجزاً للمسألة الكردية. بالتأكيد، الاستبداد المديد، وثقافة حزب البعث القومية، وتغييب الحياة السياسية والحريات العامة أسهم في تعقيد القضية الكردية. كما أن تطورات المسألة الكردية في الجوار الإقليمي تلعب دوراً مؤثراً على الحركة الكردية في سوريا.

لكن الفرق الأساسي هو بين رؤيتين أساسيتين (مع استثناءات وتدرّجات في الجهتين): الكرد باتوا ينظرون إلى سوريا من منظورهم الكرديّ الخاص (ولذلك أسباب ومعطيات) أكثر من أي وقت مضى، أي كشعب ضمن شعب وإقليم ضمن دولة، وتحضر هنا تجربة كردستان العراق في المخيلة السياسية، في المقابل ينظر عموم السوريّون إلى الكرد من منظور عام، "الوحدة الوطنية" و"الشعب الواحد" و"أسنان المشط".

في تقديري: الواقع الذي سيفرز بعد سقوط النظام ونتائج الحرب المستعرة حالياً، والمخاض الإقليمي جراء الوضع السوري المتفجّر، والجدل القائم حول البدء بحل ما للقضية الكردية في تركيا وما سيتمخض عن ذلك، سيكون له دوراً كبيراً في تقرير حدود الحلّ السوري للمسألة الكردية. أي موازين القوى ومعادلات القوة الناتجة. الشعارات من الطرفين (سلباً أو إيجاباً) لن تفيد كثيراً، ولا "التطمينات" المتبادلة. رغم أهمية التواصل الأهلي وضرورة التنسيق بين المكونات الاجتماعية في المناطق المتداخلة من أجل تجنب الصراعات الأهليّة.

م.د: ثمة كثير من الأساطير تحاك حول حزب الاتحاد الديمقراطي (الجناح السياسي لحزب العمال الكردستاني) بين من يرى أنه يعمل لحساباته الخاصة مستغلاّ التحولات الحاصلة في سوريا والمنطقة، وبين من يرى أنه أداة بيد النظام السوري، وبين من يرى أنه يتحاور مع أنقرة من تحت السطح. كيف تقرأ واقع هذا الحزب الإشكالي في الانتفاضة السورية؟

ب.ع: القسط الأكبر من "الأساطير" التي تقال عن حزب الاتحاد الديمقراطي ( pyd) تعود إلى سياسته وسلوكياته بالطبع، لا إلى اتهامات من الآخرين. فالواقع أن سياسة الحزب في سوريا خاضعة تماماً للأجواء التي تسود العلاقة بين قيادة حزب العمال الكردستاني، خارج سوريا، والسلطة السورية. ولو قارننا مثلاً موقف الحزب في انتفاضة قامشلي 2004 مع موقفه الحالي لتوصلنا إلى ذلك. ففي العام 2004، كانت علاقة الحزب قد تدهورت مع دمشق بعد طرد زعيم الحزب السيد عبدالله أوجلان، من الأراضي السورية عام 1998 وتوقيع الاتفاقية الأمنية بين دمشق وأنقرة، التي تسمح لتركيا بالتوغل داخل الأراضي السورية لملاحقة مقاتلي الحزب. ورغم أن النظام السوري كان أقوى بكثير في 2004، ورغم أن الكرد كانوا معزولين عن بقية السوريين وفي المواجهة لوحدهم، كان حزب الاتحاد الديمقراطي، وإعلامه خصوصاً، يمارس تجييشاً كبيراً وتحريضاً غير مسبوقاً ضدّ النظام السوري، وبإغفال تام لإمكانات الكرد ومقدرتهم على خوض ثورة مستمرّة ضد النظام. إلا أن ذلك كان مطلوباً حينذاك من قبل قيادة حزب العمال الكردستاني للضغط على النظام السوري.

أما في الثورة السورية الراهنة، فنلاحظ لغة سلميّة غير مألوفة منهم تجاه النظام السوري، وبات الشباب المحتجّون ضد النظام السوري عملاءً لأردوغان!
لا أرى أن حزب العمال الكردستاني أداة بيد النظام السوري. إلا أن هناك استفادة متبادلة بين الطرفين. النظام السوري يستفز تركيا عبر الورقة الكردية مجدداً، ويسمح لقادة حزب الاتحاد الديمقراطي، واللجان الشعبية التابعة له، بالنشاط المستقل تماماً عن الحراك الثوري في البلاد، والكابح له في المناطق الكردية. من جهة أخرى، ازدادت وتيرة العمليات الهجومية لحزب العمال الكردستاني وشدّتها ضدّ الجيش التركي خلال فترة الأزمة السورية في خطوة أعادت إلى الأذهان الدعم الذي كان يتلقاه الحزب سابقاً من النظام السوري.

م.د: أين يكمن الانعكاس السلبي للحزب على القضية الكردية، خاصة أن هناك من يقول أن الحزب يعمل لاستغلال الأوضاع الحالية للهيمنة على الداخل الكردي لفرض رؤيته القومية؟

ب.ع: ليس من خطأ شنيع ارتكبه الحزب في سوريا بقدر محاولة فرض هيمنته الحزبية على الساحة الكردية، ولو كان ذلك بالعنف الصريح، والاعتداء الجسدي. وهذه، كما نفترض، وسائل غير مشروعة للعمل السياسي والدعاية السياسية ونيل الهيبة الحزبية. الشهوة للسلطة والتلهّف المبكر لها وللتسلّط، كان وراء كل الممارسات الطائشة والقمعيّة للحزب بشكل أضرّ به أيضاً، ووضعه في موقع حرج. كل ما عدا ذلك يخضع للنقاش والاختلاف.

لذلك لست مع نظرة تقول أنه بمجرد سقوط النظام السوري سوف تتوقف هذه الممارسات، بافتراض أن ذلك يجري خدمة للنظام السوري وبأوامر منه. موضوع حزب الاتحاد الديمقراطي وتشابكه مع وضع الـ (ب ك ك) في تركيا معقّد بعض الشيء. وهناك ثقافة قمعيّة ذاتية، وتربية شمولية، و"عبوديّة طوعيّة"، أي لا علاقة مباشرة لها بالموقف من النظام السوري، قد تستثمر في أية لحظة، والقاعدة الشعبية جاهزة للتلبية والتصفيق بطبيعة الحال، وللهجوم أيضاً.

م.د: الحوار بين حزب العمال الكردستاني وأنقرة الجاري الآن، هل تعتقد أن يكون له انعكاس على الداخل السوري وتوازن القوى، أي هل يمكن أن يبيع الحزب النظام السوري؟

ب.ع: بلا شك، سياسة حزب الاتحاد الديمقراطي يخضع بشكل مباشر لتأثير الحزب الأم (العمال الكردستاني. ما تزال المفاوضات في بدايتها وغير معلنة للرأي العام، سوى تسريبات من هنا وهناك. ولا نعلم كيف ستسير. وإذا ما قيّض لها النجاح بعد فترة، رغم الصعوبات الكبيرة والجمّة والملفات المرتبطة، سوف يلقى الأمر بظلاله على سياسة الاتحاد الديمقراطي في سوريا. أكبر تأثير إيجابي قد نجنيه في سوريا هو إعادة الاعتبار للسياسة والعقل، والعمل لمصالح الكرد السوريين أنفسهم، وتصالح أنصار حزب العمال الكردستاني السوريين أنفسهم مع مكانهم الواقعي والمحيط المعاش. وربما خلاص باقي أطراف الحركة الكردية من الابتزاز المزمن لحزب العمال الكردستاني.فحتى اليوم لم تكن قضايا الكرد السوريين أنفسهم على رأس أولويات المناصرين للـ pkk، لا قديماً ولا الآن.

م.د: في رأس العين، وبعد اقتتال بين الطرفين، عقد الجيش الحر وحزب الاتحاد الديمقراطي اتفاقية وشكلوا معاً "لجنة حماية السلم الأهلي والثورة". هل يمكن لهذا الأمر أن ينجح رغم الإيديولوجية المختلفة لكل منهما، والأجندة الخارجية المتضاربة لكل منهما أيضا؟

ب.ع: التفاهم الذي جرى في رأس العين (سري كانيه) كان بين وحدات الحماية الشعبية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي وتشكيل عسكري تابع لـ"الجيش الحر" والإئتلاف الوطني السوري، هو المجلس الثوري العسكري في محافظة الحسكة. ووقع هذا التفاهم بعد زيارة وفد برئاسة المعارض ميشيل كيلو ودعوات عدة من "الهيئة الكردية العليا" وقوى المعارضة وقيادة "الجيش الحر" لوضع حد للمعارك والاقتتال الدائر في رأس العين والذي تسبب بتشريد ومقتل الكثير من أبناء المنطقة ونهب البيوت.

لكن على الفور قامت جهات عديدة بمهاجمة الإتفاق، لا سيما ذات النزوع القومي- الطائفي مثل "جبهة تحرير الفرات والجزيرة" التي يقودها السيد نواف راغب البشير المدعوم من تركيا، والذي يضمر بعض رواسب النزاعات القبلية التي تعود للخمسينات بين عشيرته- البكارة- وبعض العشائر الكردية. ولم يعد يخفي السيد نواف البشير ميوله المعادية للأكراد. إلا أن المفاجأة كانت حين هاجم الجنرال سليم إدريس، رئيس أركان "الجيش الحر" التابع للإئتلاف الوطني الاتفاقية واعتبرها لاغية. من هنا لا أظن أن الصراع انتهى. إذ قد يتجدد بأشكال أخرى وفي منطقة أخرى.

م.د: في البيت الداخلي الكردي هناك طرفان أساسيان: المجلس الوطني الكردي المدعوم من أربيل ويحظى بشرعية دولية وعلاقات دولية مقبولة مقابل ضعف سيطرته على الأرض، والاتحاد الديمقراطي المدعوم من حزب العمال الكردستاني في جبال قنديل والمفتقد لشرعية وغطاء دولي في حين لكنه يمسك بالأرض. هل ترى أن الاتفاق الذي وقعه الطرفان في أربيل وأسفر عن تأسيس "الهيئة الكردية العليا" هو اتفاق حقيقي، أم أنه اتفاق هش أو "زواج مصلحة" ولا يمكن التعويل عليه؟

ب.ع: الاتفاق بين الطرفين الكرديين جاء من أجل تطويق مخاطر حرب كردية-كردية ، حيث بلغت الرغبة لدى الطرف المهيمين على الأرض إلى إقصاء غيرهم بالعنف وفرض هيمنتهم القسرية بطريقة هستريائية، وممنهجة. إنه اتفاق أمر واقع وتجنباً لإراقة الدماء. خلاصة الاتفاق هو أن حزب الاتحاد الديمقراطي استطاع انتزاع الاعتراف الرسمي بكونه "الحزب القائد" عملياً، وهو كان مستعداً لإشعال حرب أهلية كردية من أجل تحقيق هذا الاعتراف، في مقابل إزاحة شبح الاقتتال الكردي- الكردي بعض الشيء. من هذه الزاوية المهمة نال تشكيل "الهيئة الكردية العليا" ارتياحاً كبيراً في الوسط الكردي، رغم الملاحظات العديدة. فالمسؤولية الوطنية والقومية اقتضت تنازلاً سياسياً من قبل الأطراف الكردية تجاه حزب الاتحاد الديمقراطي في هذه المرحلة الحساسة والحرجة.

م.د: من المعلوم أن إقليم كردستان برئاسة مسعود البرزاني يدرب جنودا أكراد انشقوا عن الجيش السوري، وهناك من يقول أن تدريب هذه الفرقة العسكرية يأتي في إطار إعداد ذراع عسكرية للمجلس الوطني الكردي لمواجهة حزب الاتحاد الديمقراطي الذي يسيطر على الأرض. ما رأيك؟

ب.ع: حسب معلوماتي هي قوة عسكرية قليلة العدد مؤلفة من الجنود السوريين المنشقّين من الرتب الدنيا والمطلوبين للخدمة العسكرية، إذ لا يوجد أكراد برتب عالية في الجيش السوري، لكن بسبب الضجة الإعلامية التي أثيرت، يتوقع المرء أنه جيش كبير كأيّ جيش نظامي.

السيد مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان العراق، لم يعرض على المجلس وطني الكردي تبني تلك القوة العسكرية الموجودة في كردستان العراق ولم يعرض إرسالها إلى سورية في أي لقاء مع قيادات المجلس في أربيل، حسبما سمعنا. لكن بالطبع، فور تداول الخبر حول إحتمال عودة الجنود المنشقين المتدربين في كردستان العراق إلى مناطقهم في سوريا، أعلنت قيادات الاتحاد الديمقراطي علناً رفضهم لقدومهم وعدم السماح بدخولهم، والتهديد بمقاومتهم أيضاً بحجة أنّ هذا الأمر سيكون سبباً لاقتتال داخلي كردي. و في هذا هم يتكلمون صحيحاً. إذ لا يمكن أن يرضى "الحزب القائد" بأي شيء يحد من نفوذه، ولو كلف ذلك اقتتالاً كردياً كردياً.
بغياب مركز قرار سياسي كردي موحّد هناك خطر كبير بالفعل من وجود قوتين مسلّحتين مختلفتين في نفس المنطقة.

م.د: بالإطار الأوسع، أي بما يتعلق بسوريا ككل، نقرأ لك انتقادات حادة أحياناً للمعارضة "الراديكاليّة" كما تسميّها. برأيك أين أخطأت المعارضة السورية في تعاملها مع الانتفاضة السورية؟

ب.ع: مع أنه أصبح النقاش حول هذا الموضوع بلا فائدة عمليّة بعد حصول ما حصل وخراب البلد، لكن للتوثيق والتاريخ فقط، يمكن القول أن الخطأ الجوهري الأساسي كان منذ الأسابيع أو الشهور الأولى للانتفاضة. أما الآن فلم يعد بمقدور أحد السيطرة على الوقائع على الأرض، بعد أن أصبح البلد كله مستنقعاً من الدماء و الدمار، وخرج الأمر من سيطرة المعارضة السياسية نفسها. بدون الدخول في التفاصيل أقول: أخفقت المعارضة السورية التقليدية والجديدة في تقدير قوّة النظام السوري و تماسكه، وبالتالي وقوعها في فخّ "الوهم البصريّ" الذي أشاعته الميديا من خلال نمذجة انتفاضتي تونس ومصر عربيّاً؛ أي أن كلّ نظام عربي يلزمه بضعة أسابيع ليسقط. هذا قبل أن تتحوّل بعض الفضائيات العربية المعروفة إلى منبر للمعارضة السورية الراديكالية، التي كانت تدفع الشباب المتحمس والثوار في الداخل إلى مزيد من الحماس، بل إلى التهوّر، وتقوم بتزيين ذهاب زهرة شباب سوريا إلى دورة العنف الجهنميّ و"محرقة" النظام. كما أخفقت المعارضة في البناء على شيء مهم وأساسي تحقّق فعلاً بعد انتفاضتي تونس ومصر هو عودة السوريين إلى السياسة والشأن العام. الأمر الذي غيّب لعقود في "سوريا الأسد".

كانت هذه فرصة تاريخية لا تعوّض ومكسباً كبيراً بالنسبة لشعب كالشعب السوري غيّب عن السياسة والشأن العام تحت حكم ديكتاتورية شنيعة. بيد أن المعارضة الراديكالية ولأسباب مختلفة أحياناً (الإخوان المسلمين في الخارج، الذين وجدوا أنفسهم أمام فرصة مؤاتية للانتقام من النظام، و النشطاء السياسيين، من المعتقلين السابقين الذين ذاقوا الويلات في سجون النظام ،من بعض التنظيمات اليسارية والقومية، وبعض الشباب المتحمّس قليل الخبرة السياسية) وجدت في ذلك فرصة للذهاب إلى أقصى المطالب فوراً ظناً أنه "أقصر السبل". من هنا تفرّعت كلّ المشكلات برأيي.

لا أغفل أننا لسنا في لعبة شطرنج، نختار ما نشاء من خطط وحركات. ونهمل أشياء أخرى، ولسنا في شروط صحيّة تسمح لنا بالتفكير البارد، ولا الواقع يسير بناء على تفكيرنا وبرامجنا. غير أنه كان للحسابات الدقيقة والمدروسة في بداية الانتفاضة أن تنقذ السورييّن من هذه الكارثة الإنسانية التي يعيشونها منذ سنتين، أو تقلّل من حجمها وعمقها. لا ننسى بالطبع أن رعونة النظام ووحشيّته اللامحدودة تتحمل المسؤولية الكبرى عما جرى وما سيجري لاحقاً. ليس من خلاف كبير حول تشخيص النظام، كونه أكبر عصابة منظّمة ومسلّحة ومستولية على مقدرات البلد. الخلاف هو حول سبل المواجهة و الحلول، والخسارة والربح. وأصارحك أنني لا أعرف شيئاً في العالم يستحق كل هذه التضحيات العظيمة بما فيها "الديمقراطية". لا شيء خلف التلّة. "الانتخابات الحرّة" ليست شيئاً عظيماً، بعد خراب البلد.

م. د: كيف تقرأ المستقبل السوري إذن؟

ب.ع: ليس مبشّراً على أية حال، حتى وفق أكثر السيناريوهات تفاؤلاً، إن بقي هناك متفائلون أو سيناريوهات لحلول قريبة. ليس هناك حل سياسي متوقّع للاستعصاء السوري الدموي. ولا حسماً عسكرياً قريباً. برغم رفع درجة التمويل العسكري للجماعات المقاتلة، في الآونة الأخيرة، بدرجة غير كافية للحسم. ولا ترضى أميركا بحسم سريع. بل نتوقع اشتداد ضراوة المعارك وازدياد منسوب العنف وضحاياه.

وهذه ليست مهمة أميركا ولا أوربا على أية حال. ولا يمكن لومهم أيضاً، إذ ليس من مهمة الأميركان وغيرهم إحصاء عدد القتلى السوريين. هناك أشياء واقعيّة أهم بكثير: أمن إسرائيل، خطوط الطاقة في الشرق الأوسط، الاقتصاد الأميركي، إيران وملفها النووي، التنظيمات الجهادية المعادية لها، الخ…

كان أكثر المتشائمين، مثلي، يقول أن النظام السوري لن يسقط إلا بسقوط الدولة بأكملها معه. الآن نحن أمام حالة رهيبة وأشد خطورة: انهيار الدولة وبقاء السلطة! حتى في المناطق المحرّرة (الأدق أن نقول مناطق منكوبة) والتي تغيب فيها الدولة تماماً بأبسط أركانها (ماء، خبز، كهرباء، وقود) هناك "حضور" ما للسلطة بشكل متقطع: صواريخ السكود وطائرات الميغ بين الفينة والأخرى!
أن نقترب من سقوط السلطة الحاكمة لا يعني أن أهداف الثورة قد تحقّقت. فور سقوطها (لا أدري متى) سوف يتعيّن على السوريين إعادة بناء الدولة نفسها، ولملمة أشلاء المجتمع المحطّم، ولن يكون الأمر سهلاً في أي حال من الأحوال. بعد ذلك يمكن الحديث عن إمكان (فقط إمكان) تحقيق الديمقراطية، والحريات والعدالة وحكم القانون ودولة المؤسسات.
وفي ظني أن لحظة سقوط بشار الأسد وسلطته الفاشيّة لن تجلب للسوريين تلك السعادة المتوقعة، بمن فيهم من ضحّى أكثر وفقد أعزّاء من أسرته أو شرّد من بيته على يد هذه السلطة. هي لحظة عابرة وسنفتح أعيننا جميعاً على خرابٍ عميم، وسيتساءل كثيرون: أمن أجل هذا قُتِل أولادنا، وهُجّرنا وشُرّدنا ودمّرت بيوتنا؟.

*بدرخان علي: اسمه الأصلي "آزاد علي"، كاتب وباحث سياسي سوري، من مواليد مدينة القامشلي 1978. درس في جامعة حلب، كلية الطب البشري، وتخرج عام 2004، ومقيم منذ العام 2010 في السعودية. يكتب بدرخان علي في صحف كردية وعربية عديدة حول الشأن الكردي و السوري وقضايا فكريّة تتعلّق بالعلمانيّة والديمقراطيّة. شارك في الكتابة في أول المواقع الكردية في سوريا "موقع عامودا"، وفي العام 2005 انضم لأسرة تحرير مجلة "الحوار"، وهي فصلية ثقافية كردية تصدر باللغة العربية تهتم بالشؤون الكردية وتهدف إلى تنشيط الحوار العربي الكردي، تطبع وتوزع سرّاً منذ عام 1993. يقوم حالياً بإعداد كتاب عن المسألة الكردية في سوريا، يتضمن سجالات مع مثقفين وسياسيين عرب وكرد.


[ نشر الحوار في موقع "مراسلون" Correspondents.org وتعيد “جدلية” نشره]‬
‫ ‬