الكاتب: أنطونيو دي لاوْرِي Antonio De Lauri
توفِّيَ إميل سيوران، المفكِّرُ والفيلسوفُ الرُّومانيُّ(1) اللَّامعُ، صديقُ ميرسيا إلياد(2) وأوجين يونسكو(3) اللذَين شكَّلَ معهما في القرن العشرين ثلاثيَّاً ثقافيَّاً عالميَّاً، في باريس سنة 1995. وكان إميل سيوران، الذي وصفَ نفسَه بأنَّه ذلك "البربريُّ من جبال الكاربات"، في إشارةٍ إلى الأسلوب والشَّكلِ التَّعبيريِّ الفطريِّ الذي دمغَ فِكْرَه وكتاباته، والذي جاء ممتزجاً بقوَّةٍ شعريَّةٍ عظيمةٍ واستثنائيَّةٍ، قد هاجرَ إلى فرنسا في عام 1937، وهو في السَّادسة والعشرين من العمر، بعد حصوله على منحةٍ دراسيَّةٍ من جامعةِ بوخارست للحصول على درجة الدُّكتوراه في الفلسفة.
إلَّا أنَّه لم يكن يوماً مِن مُرتادي صالونات المفكِّرين في باريس. لقد عاش إميل سيوران مصيرَ مجتمعٍ هامشيٍّ: مجتمعِ الطُّلاب الجامعيِّين، وقد كان هو نفسُه طالباً بدون مشاريع حياةٍ عدا القراءة والكتابة؛ ومجتمعِ المتشرِّدين الذين أحبَّهم لأنَّهم مُستثنون من التَّاريخ وحماقات التَّقدُّم؛ ومجتمعِ المومسات اللَّاتي كنَّ جاراتٍ له في الأبنيةِ المتداعيةِ التي عاش فيها، واللَّاتي تطفو صورُهنَّ في صفحاته كنموذجِ حياةٍ وفِكْرٍ يجسِّدنه من خلال بيرونِيَّتهنَّ(4) "بيرونيَّةِ الأرصفة"، ومن خلالِ "الابتسامةِ المتعَبَة"، و"الإحساسِ بالمرارة" حيالَ السُّوق الكبرى التي هي هذا العالَم، ومن خلال كونهنَّ "المخلوقات الأقلَّ عقائديَّةً" اللَّاتي "يَقْبَلْن كلَّ شيءٍ ويرفضْنَ كلَّ شيء"، "المنفصِلات عن كلِّ شيءٍ والمنفتحاتِ على كلِّ شيء".
اليوم، تُنقَلُ لنا أعمالُ سيوران بالإيطاليَّة مِن قِبَل منشورات أدِلْفي. من صفحات كتبه الأهمِّ، تلك التي يتلمَّسُ المرءُ فيها أفضلَ ما كُتِبَ في النَّثر الفرنسيِّ في القرن العشرين، مثل "السُّقوط في الزَّمن"، و"موجزٌ في التَّفكيك"، و"تاريخٌ ويوتوبيا"، و"الخالق السَّيِّئ"، و"مثالب الولادة"، و"التَّمزُّق"، و"مُقايساتُ المرارة"، و"دموعٌ وقدِّيسون"، و"تمارين الإعجاب"، تظهرُ جليَّةً صورةُ فيلسوفٍ متشائمٍ على نحوٍ جذريٍّ، مع أنَّه بشذراته الموجِعة شاحذُ هِمَمٍ؛ تظهرُ صورةُ عدميٍّ ماجنٍ، ومدنِّسٍ مُنتشٍ بغضبهِ اللَّدود الحارقِ والمُذيبِ للميتافيزيقيا، وللقيَم، وللمثل العليا، ولكلِّ الإرث التَّاريخيِّ والثَّقافيِّ لكوكبنا الصَّغير. لأنَّه هكذا كان يبدو له عالمُنا: قطعةً لا قيمةَ لها من "مادَّةٍ قاتمة"، و"دمعةً متحجِّرَةً" سقطت من "ارتعاشة الله الأولى" ولا تستطيع دموعُنا البشريَّة أن تفعل حيالَها شيئاً سوى أن تتكسَّر من دون أن يسمعها أحد. هكذا كان يبدو له العالَم في صفحةٍ من صفحات "موجزٍ في التَّفكيك" عنوانها "في عُلِّيَّةٍ من علاليِّ الأرض".
كانت تلك هي بالضَّبط وجهة النَّظر التي نظرَ من خلالها إميل سيوران إلى العالَم في جميع كتاباته: من علياءِ "عُلِّيَّته" المتشامخة ما فوق التَّاريخ وما وراء الزَّمن، أو ما دون الزَّمن كما كان لِيقولَ هوَ، نذيرُ وبشيرُ الإنسانيَّةِ التي ما هي إلَّا ضحيَّةٌ لسقوط آدم وفقدان عدن،- من هناك، كان يراقبُ سقوطاً آخرَ جديداً وحاسماً وجحيميَّاً في قرارةِ أبديَّةٍ أحطَّ وأدنى، حيث لا مناص من أن يغوصَ في الرِّمال منهوكاً وعقيماً "المركبُ" الذي هو التَّاريخ. نحن السَّاقطون في الزَّمن، رآنا هو مُعَدِّين للسُّقوط أيضاً من الزَّمن، مُحرَّرين إلى الأبد من لعنة الصَّيرورة، ولكن ليس لهذا السَّبب افتُدينا وخُلِّصنا، بل على العكس، فنحن الآن سُجناء فردوسٍ مقلوبٍ، حديقةٍ خبيثةٍ ومُخيفةٍ، غير مأهولةٍ بالله، فيها ينتهي نهايتَه البائسةَ التَّاريخُ وشرُّه.
انفصالُه هذا عن العالم، عن التَّاريخ الذي بقي يتأمَّله من بعيدٍ، بيقينٍ لا يهزُّ طمأنينتَه شيءٌ، إنَّما يشكِّلُ الشَّفرةَ السِّريَّةَ لصفاء "منطقٍ" روحانيٍّ ومختلفٍ كلِّيَّاً عن "الوعي" الهيغليِّ المتَّصلِ جذريَّاً بالمنطق الجدليِّ في معالجة موضوع العلاقة بين الرُّوح وحركةِ التَّاريخ: "داخلَ الدَّائرة التي تحبسُ الجنسَ البشريَّ في وحدةِ المصالح والآمال تفتحُ روحُ الوهمِ العدائيَّةُ طريقاً من المركز إلى المحيط. لم يعد بإمكانه أن يسمعَ عن قُرْبٍ جعجعةَ البشر: يريدُ أن ينظر من أبعد مسافةٍ ممكنةٍ إلى ذلك التَّطابق اللَّعين الذي يوحِّدُهم".
عينُه الضَّاريةُ كعينٍ صقرٍ جارحٍ نظرَتْ إلينا من الأعلى مثلما كانت تفعلُ عينُ ألبرت كاراكُو(5)، لكي نتذكَّر مَن كان صنوَاً فكريَّاً له في القرن العشرين والذي دائماً ما قُورِن به؛ ومع ذلك فإنَّ سيوران أقلُّ منه قتامةً، وأقلُّ برودةً، وأكثر اختلاطاً بالحياة، وأكثر التصاقاً بالهيكل العظميِّ وباللَّحم اللَّذَين كان مكبَّلاً إليهما بأرقٍ مزمنٍ حاولَ بعلاجِ الكتابة فحسب التَّطهُّرَ منه في اللَّيالي الطَّويلةِ والعويصةِ، ليالي السَّهَد. وإذا كان كاراكُو قد انتحر بطريقةٍ مُبرمَجةٍ، فإنَّ إميل سيوران لم ينجح أبداً في ذلك، بل إنَّه همسَ في إحدى المرَّات لِكونستانتين نويكا(6): "اسمعْ، لا تُخبرَنَّ أحداً بذلك، ولكنَّني أحبُّ الحياةَ كثيراً".
كعدميٍّ، أو بالأحرى كمتشائمٍ، لكي نستخدمَ مصطلحاً أكثر قرباً وشيوعاً، أو أكثر ليوبارديَّةً لِنقُل... نسبةً إلى ليوباردي(7) الذي عرفَه جيِّداً وأحبَّه (فإميل سيوران قدَّمَ استثنائيَّاً للدِّراسةِ النَّقديَّةِ حول ليوباردي التي كتبها صديقه الصَّحفيُّ ماريو أندريا ريغوني)، كان سيوران قد عُدَّ كذلك غنوصيَّاً، بسبب تأمُّلاته حول الله، والهبوط من الجنَّة، والدِّيميورغوس(8)، والزَّمن وما إلى ذلك. كان يحبُّ الفلسفةَ الشَّرقيَّةَ والثَّقافةَ الغنوصيَّةَ القديمة. يُفتَتَحُ "التَّمزُّق" بحكايةٍ "ذات أصلٍ غنوصيٍّ" يحكي فيها عن ملائكةِ ميكائيل الذين قاتلوا ملائكةَ التِّنِّين وأولئك الملائكةَ الذين، لبقائهم متردِّدين وعاجزين عن اتِّخاذ قرار الاصطفاف مع هذه الفرقةِ أو تلك، طُرِدوا من مملكة السَّماء: من هنا، مرَّةً أخرى، يُفهَمُ التَّاريخ على أنَّه الخسارةُ المأساويَّةُ لوِحدةٍ سابقةٍ عليه لا يمكن وصفُها ولا تعيها الذَّاكرةُ.
ربَّما كانت الصُّورُ البعيدةُ للملائكة ورؤساء الملائكة المسلَّحين بالسُّيوف والمرسومةُ على جدران الكنائس المسيحيَّةِ-الأرثوذكسيَّةِ في بلده الحبيب رومانيا، على جدران الكنيسة الصَّغيرةِ في رازيناري ربَّما، القريةِ الصَّغيرةِ التي وُلِدَ فيها والتي كانت تمثِّلُ له فردوسَ طفولته الشَّخصيَّ والمفقود، أو ربَّما كانت الرُّؤى التي كانت تبعثها في مخيِّلته قراءاتُ والدِه، الذي كان كاهناً أرثوذكسيَّاً، قد بقيَتْ محفورةً في ذاكرته. ولكنَّه على أيَّة حالٍ غنوصيٌّ كافرٌ، هدَّامٌ، ومخرِّب.
مَلَاكٌ مُبيدٌ، وفقاً لوصفِ فِرناندو ساباتير(9). مُشعِلُ حرائق. لم يكن لديه مكتبةٌ حسنةُ التَّنظيم في منزله، بل كومةٌ من الأوراق والكتب المتناثرة في جميع أنحاء الغرفة و"الجاهزة للمحرقة"، كما كتبَتْ فريدغارد توما، صديقته الحميمةُ وكاتبةُ سيرته الذَّاتيَّة. ومع ذلك، فإنَّ تلك المحارق التي يحرق فيها الغربَ كلَّه وثقافتَه كلَّها لا تشبه في شيءٍ محارقَ النَّازيَّةِ أو محاكمِ التَّفتيش. إنَّ قلمَه، العذبَ والرَّهيبَ في آنٍ واحدٍ، يبقى على الدَّوام قلمَ مفكِّرٍ عبقريٍّ، حتَّى وإن كان يطيبُ له أن يقولَ إنَّه يطمحُ إلى البلاهة، إلى خواء البلاهة، وهو المفكِّرُ الذي ينبغي لنا البحثُ عن إرثه وعن بصمته الإبداعيَّة في الجانبِ السَّلبيِّ ذاتِهِ من كلامه.
إذاً، يمكن بالتَّأكيد قراءة إميل سيوران كمفكِّرِ أزمةٍ، أو بالأحرى كمفكِّرِ نهايةٍ، نهايةِ هذا العالَم، وإذا أردنا تعبيراً أفضل: كمفكِّرِ أبوكاليبس. إنَّه فيلسوفُ الومضة، ومعلِّمُ الشَّذرة، فيلسوفٌ عديمُ المنهجيَّةِ ومع سِماتٍ ما بعد حداثويَّة إذا شئنا، عاجزٌ عن الارتقاء إلى أيِّ نسقٍ أو منهجٍ، وإلى أيَّةِ رؤيا متكاملة، أو أيَّةِ بداهةٍ وجوديَّةٍ جديدةٍ ومتجدِّدةٍ. غير أنَّ الأهمِّيَّة التَّاريخيَّة العميقة التي يحقِّقها في أعماله إنَّما تكمن بالضَّبط في إعلانه نهايةَ كلِّ أنساق الوجود ورؤاه، بل وحتَّى نهاية تاريخ الفِكْر أو التَّاريخ برمَّته على حدِّ قول ريغوني.
"إنَّ كلَّ فكرةٍ هي في حدِّ ذاتها مُحايدةٌ، أو هكذا يُفترض أن تكون؛ ولكنَّ الإنسان هو الذي يُحييها، وينفخ فيها من ناره وجنونه؛ وهكذا إذْ تتدنَّسُ الفكرةُ وتتحوَّلُ إلى عقيدةٍ فإنَّها تصبحُ جزءاً من الزَّمن، وتأخذُ شكلَ الحدَث: هكذا يتحقَّق الانتقالُ من المنطق إلى داء الصَّرع... بل هكذا تولَدُ الأيديولوجيَّات والمذاهبُ وهزليَّاتُ الصِّراعات الدَّمويَّة": بهذا الاستبصار، كتبَ في عام 1949 هذه الصَّفحةَ التي افتتحَ بها الموجَزَ في التَّفكيك. لقد تنبَّأ إميل سيوران بالفِعل بهذا الانهيار، الرَّهيبِ والسُّخريِّ معاً، لكلِّ الأيديولوجيَّات، اليمينيَّةِ واليساريَّة، كأنَّه أدرك بالحدسِ في سريرةِ نفسِهِ المنطقَ الغامضَ والبعيدَ الغورِ للسُّقوط: "أرِني شيئاً واحداً في هذا العالَم بدأ بشكلٍ جيِّدٍ، ولم ينتهِ بصورةٍ سيِّئة".
في نهاية عصر الأيديولوجيَّات هذا، أو بالأحرى في نهاية "الاستعراض الطَّويل للمُطلَقات الزَّائفة"، يعودُ إميل سيوران إلينا بصفته النَّبيَّ المخالفَ الذي يُنكرُ كلَّ الحقائقِ، المُنزَلَةِ منها والدُّنيويَّة. في صفحةٍ من الموجَز عنوانُها، على وجه التَّحديد، النَّبيُّ المخالفُ، يعلمُ سيوران أنَّ البشر "الوثنيِّين بالفطرة" مستعدُّون لتحويل موضوعات أحلامهم واهتماماتهم إلى "مُطلَقٍ غير مشروط"، لإجبار الآخرين على نهجِ نهجِهم، وإبادتهم إذا رفضوا، وإعلاءِ المعابدَ كذرائع، وأنَّ قدرتهم تلك على العبادة إنَّما هي المسؤولة عن جميع جرائمهم: "في كلِّ واحدٍ منَّا ينامُ نبيٌّ... عندما يستيقظ يكون الشَّرُّ قد زادَ قليلاً في العالَم". ولكنَّ تصريحه هذا هو في الوقت نفسه انسحابٌ حتميٌّ ونهائيٌّ من مجتمع البشر، إن لم يكن من الطَّبيعةِ البشريَّةِ بأسرِها: "بعد أن قتلتُ النَّبيَّ في داخلي"، يتساءلُ سيوران، "كيف يمكن أن يبقى لي مكانٌ بين البشر؟".
في هذه العزلة بالضَّبط، في هذا الرَّفض لمشايعةِ أيَّة حقيقةٍ قديمةٍ أو جديدة، أو حتَّى لإنشاء بُنَىً فكريَّةٍ جديدة، نعثرُ كذلك على عصريَّةِ هذا النَّبيِّ المخالِف. لأنَّه، في ما وراء تشاؤمه الجذريِّ، أو ربَّما من خلال هذا التَّشاؤم في الواقع، تبعثُ فينا صفحاتُ إميل سيوران، إلى جانب الحاجةِ القويَّة إلى التَّحرُّر من العالَم، ومن التَّاريخ وأعبائه، ومن ثِقَل الوجودِ ذاتِه، بل ولهذا السَّبب بالذَّات،- تبعثُ فينا إحساساً قويَّاً بالحريَّة: "يكفي أن أسمعَ أحدَهم يتحدَّث بإخلاصٍ عن المثاليَّة، والمستقبل، والفلسفة، أن أسمعه يقول "نحن" بنبرةٍ جازمةٍ، ويستشهدُ بـ"الآخرين" ويعدُّ نفسَه المؤوِّلَ لكلامهم، حتَّى أعدَّه عدوَّاً لي".
[التَّرجمة عن الإيطاليَّة: أمارجي]
* * *
الحواشي (كما وضعها المترجِم):
1- نسبةً إلى رومانيا.
2- Mircea Eliade (1907=1986)، كاتبٌ ومؤرِّخُ أديان وفيلسوفٌ وروائيٌّ رومانيٌّ، شغل كرسيَّ أستاذ تاريخ الأديان في جامعة شيكاغو.
3- Eugène Ionesco (1909-1994)، مؤلِّفٌ مسرحيٌّ رومانيٌّ فرنسيٌّ من أبرز مسرحيِّي مسرح اللَّامعقول.
4- البرونيَّة هي مذهب الشَّكِّ عند الفيلسوف اليونانيِّ بيرُّو الذي اشتهر بأنَّه أوَّلُ فيلسوفِ شكٍّ إغريقيٍّ.
5-Albert Caraco (1919-1971)، فيلسوفٌ وشاعرٌ وكاتبُ مقالاتٍ فرنسيٌّ-أورغوايانيٌّ ينحدرُ من أصولٍ تركيَّةٍ يهوديَّة.
6-Constantine Noïca (1909-1987) شاعرٌ رومانيٌّ.
7- جياكومو ليوباردي Giacomo Leopardi (1798-1837) شاعرٌ وفيلسوفٌ وكاتبٌ إيطاليٌّ.
8- الدِّيميورغ أو الدِّميورغوس (وفقاً للأصل الإغريقيِّ للكلمة) هو مصطلَحٌ يشيرُ في الفلسفة الأفلاطونيَّة إلى الصَّانع الإلهيِّ الذي نظَّمَ الكون المادِّيَّ، لا الذي خلقَه. أمَّا في الفلسفات الغنوصيَّة فهو يشيرُ إلى أحد فيوض الرَّبِّ الأعظم المسؤول عن خلق الكون المادِّيِّ.
9- Fernando Savater فيلسوفٌ وكاتبٌ إسبانيٌّ من مواليد عام 1947. من مؤلَّفاته: "مقالةٌ عن سيوران" 1974؛ و"أفِقْ واقرأ" 1998؛ و"أسئلة الحياة" 1999؛ و"عُذراً على الإزعاج" 2001.