المعارضة المصرية تحاول جاهدةً تجاوز الانقسامات

[القاهرة في 30 يناير/ كانون الثاني 2018. مؤتمر صحافي لأعضاء المعارضة ومن ضمنهم حمدين صباحي (الصف الثاني، الى اليسار) والمحامي جورج إسحاق (في الوسط) وخال داوود (الصف الثاني من اليمين) ومحمد البرادعي (الصف الأول من اليمين)] [القاهرة في 30 يناير/ كانون الثاني 2018. مؤتمر صحافي لأعضاء المعارضة ومن ضمنهم حمدين صباحي (الصف الثاني، الى اليسار) والمحامي جورج إسحاق (في الوسط) وخال داوود (الصف الثاني من اليمين) ومحمد البرادعي (الصف الأول من اليمين)]

المعارضة المصرية تحاول جاهدةً تجاوز الانقسامات

By : Cherif Ayman شريف أيمن

فتح النجاحُ المرحليّ لثورة يناير البابَ أمام الأيديولوجيات المختلفة للتعبير عن نفسها في أُطُر قانونية، وتشكّلت عشرات الأحزاب، وبرزت عدة أحزاب تمثّل الكتلة الحزبية الكبرى من حيث التنظيم وأعداد العضوية، وتنوّعت الاتجاهات السياسية لتلك الكتلة الكبرى بين الأحزاب السياسية الإسلامية الأكبر حجما وأحزاب ليبرالية ويسارية وقومية، وفي ظل الاستقطاب السياسي السابق على انقلاب تموز/ يوليو 2013، كان هناك تكتلان رئيسيّان يضمان مجموعة من الأحزاب، أحدهما إسلامي بزعامة حزبي جماعة الإخوان والسلفيين، والآخر علماني تحت مسمى “جبهة الإنقاذ”، لكن تدخّل الجيش استهدف الإسلاميين بعنف وقام بتنحيتهم سياسيا واجتماعيا عن الشارع، وتم تشكيل حكومة من أحزاب شاركت في جهة الإنقاذ المصرية، لكن بعد مرور ست سنوات تقريبا من تحرك الجيش نجد أن هذه الأحزاب اختفت أيضا من المشهد السياسي، فما الذي حدث للحياة الحزبية المصرية؟

شلّ العملية السياسي

يعتمد النظام المصري في تعامله مع الأحزاب على التضييقات التي تدفع الأحزاب إلى تعليق نشاطاتها بصورة ذاتية، ولا يلجأ النظام إلى حل الأحزاب إلا في أضيق نطاق، مثل حل حزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الإخوان المسلمين، وأبقى على أحزاب كانت منضوية تحت تجمع “تحالف دعم الشرعية”1 مثل الوسط والبناء والتنمية ولم يقم بحلِّها، لكنه جعلها دون نشاط سياسي يُذكر.

ولإحكام الرقابة على الأحزاب، يقوم النظام باعتقال أعضائها لتوجيه رسالة إلى قيادتهم، وعند تجاوز الحدود يتم اعتقال قيادات الحزب، أو الاعتداء عليهم في المناسبات العامة2 أو التلويح بورقة حل الحزب، عبر تقديم بلاغات تتهم الحزب بمخالفة قانون الأحزاب، وفي ظل الحصار تختار الأحزاب أن ترفع السقف بحذر لا يتجاوز البيانات الإعلامية، لأن عاقبة الاتصال الجماهيري لن تكون هيّنة.

يعتبر مصطفى عبد العال عضو اللجنة التحضيرية بحزب (العيش والحرية - تحت التأسيس)3 المناخَ السياسيَّ في أسوأ حال “لسنا قبل ثورة 25 يناير حتى، والنظام ضد أي حرية”، وبدأت مجموعة خرجت من حزب التحالف الشعبي (حزب يساري) تأسيس حزب العيش والحرية، وكان بيان الدعوة لتأسيسه أواخر 2013، ويمكن القول أن هذه المجموعة اختارت توقيتا حرجا لمحاولة تأسيس حزب ليس من رحم النظام عقب تغيير يقوم به العسكر، ويقول مصطفى في هذا السياق “اهتممنا ببناء الكوادر ليكون لدينا 5 آلاف عضو مؤسس بشكل حقيقي عند التأسيس، ولكن المناخ السياسي وإمكانيات الوصول إلى الجمهور المستهدف كانا يضيقان مع الوقت”.

استدعاءت من جهات الأمن

أثناء عمل النظام على تضييق مساحات العمل أمام الأحزاب، فإنه لا يقوم باعتقال كوادر الحزب كرسالة لباقي الأعضاء، بل يسعى إلى القيام بتجفيف منابع العمل الحزبي، فوفقا لمصطفى فإن هناك “تعليمات بعدم عمل توكيلات للراغبين في تأسيس الحزب إلا بعد استئذان الأمن الوطني، وأثناء تكرر الشكاوى أظهر أحد مديري الشهر العقاري ورقة لهم بهذا المضمون، وإزاء ذلك قاموا بتقديم بلاغات للنائب العام، كما يتعرضون لتضييقات أثناء محاولة تأجير المقرات، أو القاعات لعمل فعاليات”.

وبشكل عام هناك “استدعاءات دائمة من جهات الأمن لأعضاء في الحزب، وتعتقل السلطات حاليا 5 من أعضائه، والملاحظ أنهم من ذوي النشاط الاجتماعي والسياسي بشكل فعليّ”، فالاعتقالات تستهدف الفاعلين داخل الحزب لإعاقة حركته، لا لمجرد الاستهداف الأمني والتضييق السياسي.

لا يختلف الوضع كثيرا في حالة حزب (مصر القوية)، وهو الحزب الذي نشأ عقب الانتخابات الرئاسية وحاز عبد المنعم أبو الفتوح خلالها على ما يجاوز 4 ملايين صوت، وأصبح رئيسا للحزب عقب تأسيسه الرسمي، وقبيل الانتخابات الرئاسية العام الماضي، قامت قوات الأمن باعتقال نائب رئيس الحزب، وبعدها بعدة أيام اعتقلت رئيس الحزب على خلفية لقاءات إعلامية هاجم فيها استبداد السلطة والأجواء القمعية التي صاحبت العملية الانتخابية، واعتقال المرشح الرئاسي المحتمل سامي عنان رئيس أركان الجيش المصري الأسبق.

من 110 مقر... الى مقر واحد

نتج عن تلك الاعتقالات تعليق العمل داخل الحزب وفقا لأحد قياداته (فضّل عدم ذكر اسمه)، وأصبحت الاجتماعات تُعقد على مستوى هيئة المكتب السياسي فقط لتسيير الأمور الإدارية فقط، كما توقف العمل بكل المحافظات، ويربط المصدر بالحزب هذه الحالة بـ“خوف أعضاء الحزب من العمل، فإذا كان رئيس الحزب تم اعتقاله ويتم التعامل معه بتشديد أمني غير اعتيادي داخل محبسه، رغم وضعه السياسي كرئيس للحزب ومرشح رئاسي بارز، فكيف سيتم التعامل مع الأعضاء العاديين؟”.

من ناحية أخرى يقول المصدر أن الحزب كانت له 110 مقرات حزبية على مستوى الجمهورية، ولم يعد للحزب الآن سوى مقر واحد فقط، وهذا الانخفاض في المقرات نتيجة توقف التفاعل من الأعضاء بعد الانقلاب العسكري خوفا من البطش الأمني، خاصة مع رفض الحزب لإجراءات 3 تموز/ يوليو 2013، وكان ملفتا أن “أكبر عدد من الاستقالات التي شهدها الحزب كانت بعد وصول السيسي إلى الحكم، وأصرّ أعضاء مستقيلون على قيام الحزب بالرد على استقالاتهم بما يفيد قبول الاستقالة، كمستند يثبت انتهاء علاقتهم بالحزب”، الأمر الذي يكشف حجم الخوف الذي أشاعته الإجراءات الأمنية عقب انقلاب 2013.

اتفق المصدران السابقان على عدم وجود تواصل بين حزبيهما والنظام المصري الحالي، وكانت الرئاسة قد وجهت دعوة لرئيس حزب مصر القوية عام 2014، لكنه اعتذر بسبب اعتبارها دعوة بغرض التسويق الإعلامي أكثر منها لفتح حوار مجتمعي، وهو ما تأكد بعد ذلك من لقاءات الرئاسة بالأحزاب أو غيرها بحسب المصدر بالحزب.

رفض التعاون مع التيارات الإسلامية

إذا كان النظام المصري يقوم بعملية حصار للأحزاب، وتجفيف لمنابع العمل الحزبي، فإن هناك حصارا ذاتيا تقوم به الأحزاب لنفسها، عبر تعميق الانقسام الأيديولوجي، ورفض التوافق بينها على المواقف المشتركة، وهو ما يبدو من موقف الحركة المدنية المصرية من الإسلاميين في مصر، وربما يكون هناك رفض مفهوم للتعاطي مع جماعة الإخوان المسلمين، باعتبارها مصنّفة كجماعة إرهابية من قِبل السلطات، لكن غير المفهوم (في ظل قمع السلطة للجميع) رفض التعاطي مع أحزاب معارضة كالوسط والبناء والتنمية ومصر القوية.

في المقابل كان خطاب الإخوان قبل وفاة مرسي يتمسك بعودته رئيسا كحل للأزمة السياسية، وهو خطاب مناكفة سياسية للقوى العلمانية، ولا يبدو أن هناك من الكيانات الكبرى من يسعى إلى تقديم تنازلات على مستوى المواقف والتراجع لخطوات، بهدف أخذ موقف موحّد يكسر الاستقطاب السياسي والتمهيد لبناء جبهة سياسية معارضة.

ربما تقوم الكيانات الأقل فاعلية بصنع خطاب متوازن، لكنها لا تقدر على كسر حلقة الاستقطاب حتى الآن، كتقديم حركة السادس من ابريل نعيا في وفاة الرئيس الأسبق محمد مرسي، وهي من أبرز الحركات التي دعت إلى إسقاطه أثناء حكمه، أو القفزة الكبيرة التي قام بها أحد أجنحة الإخوان -الجناح الذي ترفض قيادات الجماعة الكبار الاعتراف به- بإصداره بيانا جاء فيه: "[فإننا نعلنُ أنَّ جماعة الإخوان المسلمين تقفُ الآن على التفريق بين العمل السياسي العام وبين المنافسة الحزبية الضيقة على السلطة"] .

والقفزة التي قام بها هذا الجناح من الجماعة، تتعلق بإعلانهم أن الإخوان لن تدخل في منافسات سياسية على السلطة، وهو ما يضع جميع الأطراف أمام مازق، فالجناح الأكبر من الجماعة يرفض تلك الخطوة، بينما يعتبر الكثير من شبابها أن عملية التمييز بين الوظيفتين أو التخصص في العمل، خطوة لا بد منها، خاصة بعد تجربة الحكم والانقلاب، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن تحجج القوى السياسية بأن الإخوان هم الفصيل الأكثر جاهزية حال المنافسة على السلطة، لن يعود مبررا إذا انسحبوا منها، ومن جهة ثالثة، فإن النظام الذي يستخدم الإخوان كفزّاعة أمام الحلفاء في الغرب، ستصبح حجته واهية إذا أصبح هذا التوجه عاما لدى جسم الجماعة كاملا.

التقينا بمصدرين داخل الحركة المدنية الديمقراطية4 (فضّلا عدم ذكر اسميهما) واتفقا على أن العامل الأمني سبب أساسي للابتعاد بين الأحزاب ذات الخلفية الإسلامية وغيرها من أحزاب الحركة، فهناك تهديدات واضحة من النظام المصري لهم في حالة التقارب مع حزب كمصر القوية مثلا، بالإضافة إلى وجود قيادات حزبية داخل الحركة المدنية، تخشى من ربطها بالإسلاميين في ظل القمع الشديد الذي يتعرضون له، مما سيجعلهم عرضة لنفس المستوى من البطش الأمني، فالرفض هنا مرتبط بالخوف من رد فعل الدولة.

اجترار الخلافات القديمة

كذلك هناك تباين أيديولوجي لم تتعافى منه الحالة النخبوية المصرية، وتبدو هذه الحالة مع ذكرى مناسبات كأحداث شارع محمد محمود في نوفمبر 2011، وتظاهرات 30 يونيو 2013 وما تبعها، فيتم اجترار مرارة الأحداث وما صحبها من خلافات.

ووفقا لأحدى قيادات الأحزاب المشَكِّلة للحركة المدنية فهو إن كان يتفق على أن العامل الأمني سبب لعدم التقارب، لكنه يضيف سببين آخريْن لعدم التقارب بين التيار المدني والإخوان، أحدهما، فقدان الثقة بين الأطراف، ثانيهما، اختلاف الأهداف، ففي تقديره هناك فرق بين السعي إلى دولة مدنية وبين السعي إلى الحكم، ويرى أن الإخوان يسعون إلى الحكم كهدف، وهذا يبدو منهم عند التفاوض، إذ كان مطلب عودة مرسي هو المطلب الأول5، وهو يعتبر أن الإخوان فضّلوا مصلحتهم التنظيمية، كما فضلوا المصلحة الخاصة على المصلحة العامة، فضلا عن عدم تطور التنظيم فكريا، بحسب قوله. وما يثير التساؤل هنا، أن طبيعة ووظيفة الأحزاب السياسية أنها تهدف إلى حيازة السلطة، فإذا كانت هناك رؤية لدى حزب ما، فكيف سيسعى لتحقيقها دون وصوله إلى السلطة؟ بعبارة أوضح، هل كان يجب على حزب الإخوان المسلمين ألا ينافس على السلطة؟

المصدر الآخر أخبرنا أن هناك قبولا من العديد من الشخصيات المستقلة داخل الحركة لفكرة التحالف مع الإسلاميين، لكنهم لا يقدرون على الذهاب إلى تحالف معهم لأن الأحزاب داخل الحركة المدنية ستنسحب منها في تلك الحالة، وغياب الأحزاب سيؤثر على الحركة بشدة، لأنها تمثل مظلة سياسية للحركة المدنية، وهو نفس ما أكده المصدر الأول بالحركة، خاصة بالنسبة إلى حزب مصر القوية الذي أصبح هناك قبول أوسع لوجوده بعد نقاشات عديدة، لكن الاعتراضات مرتبطة أكثر بالجيل الأكبر سنا، وأكّد أن “التقارب سيحدث لكن ليس بين هذه القيادات من الأطراف المختلفة”.

الملاحظة الجديرة بالاهتمام هنا، أن الشباب لديهم موقفان مختلفان عن الأجيال الأكبر سنا داخل الحركة المدنية الديمقراطية، ويمكن توسيع تلك الملاحظة إلى ما يجاوز الحركة، الموقف الأول، أنهم أكثر انفتاحا من حيث إمكانية قبول الإسلاميين في تحالف أوسع، والثاني، أنهم أكثر تشددا في قبول دخول المحسوبين على النظام السياسي في تحالفاتهم السياسية، وربما كان مثال تجربة (اتحاد الدفاع عن الدستور) أبرز مثال لذلك؛ حيث رفضوا التحالف مع حزبي (المحافظين والاتحاد) لأن قيادات الحزبين كان منهم أعضاء في الحزب الوطني الحاكم قبيل ثورة 25 يناير 2011.

وضع ينذر بانفجار

اتعلّم النظام المصري الحالي من تجربة ثورة يناير، فسعى لسد الفراغات التي قد تُسهم في إعادة الاحتجاج عبر استراتيجية شاملة مستخدما عدة أدوات، الأداة الأمنية، والأداة التشريعية، والأداة القضائية، والأداة الإعلامية، والأداة الاجتماعية، والأداة الاقتصادية، وبدلا من مجرد سد فراغات الاحتجاج، فقد قام النظام بصنع كتلة صمّاء تتفاعل داخليا، الأمر الذي ينذر بتفجر الوضع في لحظة ما، دون وجود قدرة لأي طرف على السيطرة على الشارع حال تفاقم الأمر.

على المستوى الأمني، فإن الحلول الأمنية تعد الخيار الأول لدى النظام المصري الذي قام باعتقال عشرات الآلاف، قدّرتهم منظمات حقوقية بستين ألف معتقل، وفي بيان لوزير الداخلية في مارس 2018، ذكر أن الوزارة اعتقلت خلال أربع سنوات 19108 أسماهم بالإرهابيين6، ولم يسْلم أي طرف من الاعتقال منذ يوليو 2013، فتم اعتقال رموز سياسية وشبابية شاركت في حراك 30 يونيو الذي أدى إلى الإطاحة بنظام مرسي، كأحمد دومة وحازم عبد العظيم، وتم اعتقال عسكريين سابقين أبرزهم الفريق سامي عنان، رئيس أركان الجيش لسبع سنوات، وعسكريين في الخدمة كالعقيد أحمد قنصوة، بسبب إعلانهما نيتهما الترشح للرئاسة، وقضاة سابقين مثل المستشار محمود الخضيري، ودبلوماسيين سابقين كالسفير الأسبق رفاعة الطهطاوي، بخلاف الاعتقالات التي طالت الإسلاميين، فضلا عن اعتقال الفتيات والنساء، وتم توثيق حالات لاعتقال أسر بأكملها بمن فيهم الأطفال7 لفترات قبل أن يُسلموا إلى أحد أقاربهم ، وتجاوزت الممارسات الأمنية حدود الاعتقال، فقامت بحرق منازل بعض المطلوبين لديها، وتحطيم أخرى، كما يتم تعذيب معتقلين بصورة قاسية أدت إلى حدوث حالات وفيات.

كوسيلة من مشائل القمع القتل خارج القانون

السلوك الأمني الأبرز تمثّل في القتل خارج نطاق القانون، ووفقا لتقرير وكالة رويترز8 التي قامت بتحليل بيانات وزارة الداخلية المصرية، فإن الوزارة أعلنت عن مقتل 465 فردا على مدار ثلاث سنوات ونصف، وتحدث التقرير عن حالات عديدة أكد ذووها أن القتلى كانوا محتجزين لدى أجهزة الأمن المصرية.

على المستوى التشريعي، قام نظام ما بعد الانقلاب العسكري بسن تشريعات تضمن تأميم المجال العام، كان أهمها “قانون التظاهر” سنة 2013، ثم “قانون مكافحة الإرهاب” سنة 2015، ثم قانون “الجمعيات الأهلية” سنة 2017، وإذا كان يُفترض في قانون التظاهر أنه مخصص لتنظيم عملية التظاهر، فالواقع أنه قام بتكبيلها، ويُستخدم القانون كأداة للبطش بالمعارضين، وكذلك الحال بالنسبة للقانونين الآخرين.

وبموازاة ذلك صدرت عدة قوانين أخرى بهدف هندسة المشهد السياسي وفق حسابات السلطة، مثل قانون الانتخابات البرلمانية الذي صاغته السلطة بما يضمن لها برلمان تابع للنظام، وقانون تنظيم الإعلام الذي يمنح السلطة التنفيذية الكلمة العليا في تشكيل المجالس والكيانات المنظّمة للعمل الإعلامي، أضف إلى ذلك قانون تعيين رؤساء الأجهزة الرقابية الذي أصدره السيسي في غيبة البرلمان، ويعطي رئيس الجمهورية حق تعيين رؤساء هذه الأجهزة9 وعزلهم، الأمر الذي اعتبره كثيرون مساسا باستقلالية عمل هذه الأجهزة .

قضائيا، تم استحداث 6 دوائر نهاية ديسمبر 2013 للنظر في قضايا “الإرهاب”، وبلغت 9 دوائر في العام القضائي الجديد 2018/2019، وقامت هذه المحاكم بإصدار أحكام إعدام على المئات، ووفقا لحقوقيين، فإن جلسات الانعقاد تفتقر لأدنى معايير العدالة، كوجود المتهمين خلف حاجز زجاجي يمنعهم من التواصل بوضوح مع القضاة أو المحامين، وما يرتبط بعمليات التحقيقات من تعذيب، ورغم ذلك يأخذ القاضي بالأقوال المنتزعة تحت التعذيب، ويرفض الإقرارات أمامه، فضلا عن الأحكام المشددة التي تصدر في معظم القضايا.

اتهام المعرضة بأنها مرتزقة

تتداخل الأداتان الإعلامية والاجتماعية أكثر من غيرهما، فكل وسائل النظام على جميع المستويات متشابكة، لكن الأداتين الإعلامية والاجتماعية أكثر تداخلا من غيرهما، فالأداة الإعلامية كانت البوابة لشحن الشارع ضد السياسيين بشكل عام، وضد الإخوان خلال فترة تواجدهم بمجلس الشعب أو الرئاسة، وقام الإعلام بعملية ازدراء اجتماعي للإخوان، وتم تعميم مصطلحات دونية كـ“خرفان”، لوصفهم كقطيع الخراف الذي يطيع طاعة عمياء، وخرجت مصطلحات موجهة لنشطاء من حركات شبابية كـ“نشطاء السبوبة” (وهي كلمة من العامية المصرية في إشارة إلى أنهم ينتقدون النظام الحاكم بسبب تمويلات خارجية يتلقونها تستهدف إحداث اضطرابات داخلية).

اقتصاديا، قام النظام الحالي بالتحفظ على أموال آلاف الأشخاص، خاصة المنتمين للإخوان المسلمين والتيار الديني الإسلامي بوجه عام، سواء كانوا حركيين أو أولئك الذين اكتفوا بالعمل الاجتماعي والخيري، ثم صدر القانون رقم 22 لسنة 2018 “الخاص بتنظيم إجراءات التحفظ والحصر والإدارة والتصرف في أموال الجماعات الإرهابية والإرهابيين”، فانتقل سلوك الدولة من التحفظ إلى المصادرة، كما عمد النظام إلى إجراءات فصل من العمل بحق المعارضين له على خلفية الانتماء السياسي.

كان هدف التفاعل بين كل هذه الأدوات إحداث حالة ذعر بين عموم المجتمع، خاصة النشطاء السياسيين، وفي ظل حالة الاستقرار الظاهرية لحكم السيسي ودخوله في فترة ولاية ثانية، وتمريره لتعديلات دستورية ترسخ سلطته، فقد نجحت هذه الوسائل في تخفيف الاشتباك مع النظام بدرجة واضحة، مقارنة بالفترة السابقة للانقلاب العسكري، وأصبحت استراتيجة النظام بأدواتها تمثل هاجسا لدى السياسيين من جهة، ولدى عموم الشارع من جهة أخرى، لكن هذه الاستراتيجية رغم أهميتها في التأثير على القرار الجماهيري وخطورتها في حالة محاولة مواجهتها، فإنها ليست العامل الأساسي في إحجام الشارع عن الاشتباك، إذ العامل الأكثر فاعلية هو غياب البديل المطروح أمام النظام، والبديل لا يقتصر على رأس النظام، بل يتعداه إلى وجود رؤية شاملة ومتماسكة ومقبولة للشارع للانتقال من حالة الفوضى السياسية والاقتصادية والتشريعية التي يصنعها النظام، إلى حالة من الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي والتشريعي، وغياب الرؤية لدى المعارضة وتعمد التنافر بين أطرافها، يكشفان صلب الأزمة الداخلية التي تعيشها أجنحة المعارضة المصرية.

[تنشر المقالة ضمن اتفاقية شراكة مع موقع اورينت]

هوامش

1. تحالف دعم الشرعية مكون من عدة أحزاب وحركات، بغرض مناصرة الرئيس الأسبق محمد مرسي، ومناهضة الانقلاب العسكري

2. اعتقل النظام المصري رئيس حزب الوسط ونائبه عقب الانقلاب العسكري مباشرة، كما اعتقل رئيس حزب مصر القوية ونائبه كذلك منذ أكثر من عام، واعتدى على مجموعة من السياسيين من قيادات الحركة المدنية الديمقراطية خلال تجمع لهم أسفر عن إصابة رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي الذي كان أول رئيس وزراء بعد الانقلاب من قياداته السابقة.

3. الأحزاب تحت التأسيس هي الأحزاب التي لم تستكمل الاشتراطات المطلوبة لتأسيس الحزب بحيث يصير حزبا رسميا معترفا به من الناحية القانونية، ومن ضمن هذه الشروط أن يبلغ عدد المؤسسين 5 آلاف شخص موزّعون على 10 محافظات على الأقل.

4. تتكون الحركة من مجموعة من السياسيين وأحزاب: المصري الديمقراطي الاجتماعي - تيار الكرامة - الدستور - التحالف الشعبي الاشتراكي - حزب الإصلاح والتنمية - حزب العيش والحرية (تحت التأسيس) - حزب مصر الحرية.

5. كانت المقابلة قبل وفاة مرسي.

6. “تعرف على جهود الداخلية على مدار 4 سنوات”،اليوم السابع

7. “مصر: الأطفال يواجهون انتهاكات مروعة من بينها التعذيب والاختفاء القسري”، منظمة العفو الدولية

8. “قوات الأمن في مصر تقتل مئات المشتبه بهم في اشتباكات مشكوك فيها”، رويترز

9. النعماني، علي، حصار العمل الأهلي في مصر: خنق المجال العام، مركز الجزيرة للدراسات، ص 3.

  • ALSO BY THIS AUTHOR

    • قطاع الصحة في مصر: بين الخصخصة وشبح الهجرة

      قطاع الصحة في مصر: بين الخصخصة وشبح الهجرة

      التهميش، والنقص الفادح في البنى التحتية، وضعف في الرواتب.. تلك هي الأسباب الرئيسية – لا الحصرية – التي تفسّر ترك الأطباء المصريين القطاع العام، بل حتى ترك البلاد. يُفترض أن تكترث الحكومة لهذا الوضع، بيد أنها لا تبدي نيّة بتخفيف القيود المالية عن القطاع الصحي.

بدرخان علي: "الانتخابات الحرّة" ليست شيئاً عظيماً، بعد خراب البلد

‫يأخذنا الباحث الكردي السوري بدرخان علي في هذه المقابلة في جولة نقدية حول الثورة السورية ودروبها المتشعبة، خصوصاً في المناطق ذات الأغلبية الكردية، التي تقع تحت سيطرة أحزاب كردية متعددة، تتضارب في المصالح والأهداف. ويتطرق إلى طبيعة العلاقة التي تربط حزب الإتحاد الديمقراطي PYD بالنظام السوري وبحزب العمال الكردستاني PKK في تركيا، وكذلك عن علاقة بقية الأحزاب الكردية بالسيد مسعود البرزاني رئيس إقليم كردستان العراق. وهو إذ يصف نفسه هنا بـ "أكثر المتشائمين"، لا يرسم بطبيعة الحال، صورة وردية عن مستقبل سورية ما بعد الأسد، إلا أن مكاشفته القارئ تلامس حيزاً كبيراً من هواجس كل سوري ومخاوفه المستقبلية.

م.د: ثمة لغط كثير حول مطالب الأكراد، هل لك أن تضعنا بصورة تفصيلية وواضحة حول المطالب الكردية الحقيقية؟‬

ب.ع: قبل اندلاع الثورة السورية كانت مطالب الحركة السياسية الكردية ترد إجمالاً في صيغ "الحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي في إطار وحدة البلاد". وكان ثمة تشديد دائم على نفي تهمة الانفصال عن سوريا التي تلصق عادة بالحركة الكردية، وإبراز الدور الوطني للكرد في سوريا منذ الاستقلال حتى اليوم. وبالطبع التركيز على المظالم التي مورست بحق الكرد، مثل حرمان حوالي ربع مليون منهم من الجنسية السورية بموجب الإحصاء الاستثنائي لعام 1962 الخاص بمحافظة الحسكة، وحظر اللغة والثقافة الكرديتين إلى التمييز في سلك الديبلوماسية والجيش، وإقامة "الحزام العربي" في محافظة الحسكة.
بعد اندلاع الثورة وتشكيل المجلس الوطني الكردي (إئتلاف يضم معظم الأحزاب الكردية والتنسيقيات الشبابية الكردية) طرحت صيغة حق تقرير المصير في إطار وحدة البلاد، واللامركزية السياسية، ومن ثم الفيدرالية والدولة الاتحادية. يلاحظ أن هناك تصوّراً كردياً غالب أنّ الفرصة مواتية لانتزاع أكبر قدر من المطالب القوميّة بعد سقوط النظام الحاكم. وفي ظنّي هذا رهان كبير، ولا يخلو من قدر غير محسوب من المغامرة، ويحصر المسألة الكردية في السلطة الحاكمة أو شخص الرئيس. ويغفل معطيات وعوامل عديدة في المسألة القومية الكردية في بعدها السوريّ.

م. د: ما هي العوائق التي تقف في طريق المطالب الفيدرالية الكردية؟

ب.ع: الحقيقة أن هناك جملة عوامل جغرافية، سكانية، محلية، سياسية، إقليمية تطرّقت إليها في كتابات سابقة سوف تعترض صيغة الفيدرالية المطروحة بمجرد سقوط النظام، لا بل من الآن. وستضطر النخبة الكردية نفسها إلى مواجهة الواقع كما هو، لا كما تشتهي. حتى الآن رغم كل الاجتماعات واللقاءات والنقاشات، ورغم إلحاح الجانب الكردي، ورغم رغبة قوى المعارضة في ضمّ الأحزاب الكردية إلى صفوفها، لم تبد أية جهة سياسية سورية موافقتها على هذه المطالب الفيدرالية، أي أنه لم يمكن حتى الآن انتزاع "اعتراف وطني-عربي سوري" بالحقوق الكردية وفق ما تطرحها القوى الكردية. وهو الأمر الذي تسبّب به الطرف الكردي برفع سقف مطالبه خلال الثورة، وكذلك بعض الأطراف في المعارضة التي لا ترى في المطالب الكردية سوى مشكلة عابرة لا تحتاج سوى إلى كلمات عامة، ناهيك عن وجود تيار قوميّ- شوفينيّ بكل معنى الكلمة داخل صفوف المعارضة اليوم.

وهناك لا شك عوامل عديدة سوف تحدّ من بقاء سورية دولة مركزية متشددة، بالمعنى الإدراي الإقتصادي-الأمني، أي بصورة تتيح للأطراف والمحافظات ممارسة سلطات أوسع في نطاقها المحليّ. لكني أرى أن تصبح سورية دولة لامركزيّة سياسياً ودستورياً، أمراً بعيد الاحتمال.

خلال فترة قصيرة من الإضطراب والفوضى قد تمارس سلطات الأمر الواقع من جماعات مسلّحة وقوى سياسية قدراً من سلطة سياسية محليّة. لكن ليس على المدى البعيد وعلى نحو مستقرّ. من جهة أخرى يبقى الأمر مرهوناً بمآلات الحرب القائمة في البلاد، وكيف ستنتهي، والارتدادات الإقليمية للصراع السوري.

م.د: هل يخشى الأكراد من أن تدير المعارضة السورية العربية لهم الظهر حال سقط النظام، وما الضمانات التي تطالبون بها لمنع ذلك؟

ب.ع: بلى، هناك تخوّف من هذا القبيل، ويستند هذا الخوف إلى ميراث الاضطهاد والتهميش الذي مورس بحق الكرد بعد مشاركتهم الفاعلة في نيل استقلال سورية عن الانتداب الفرنسي، كما يجري استحضار تجارب كردية خارج سورية وبشكل خاص المشاركة الكردية في معارك الاستقلال التركي ووعود كمال أتاتورك لهم بالحكم الذاتي والمشاركة في الدولة الجديدة، والتي أخلفها على الفور بعد نيل الاستقلال ومارس أشد السياسات عنفاً وشوفينية ضد الكرد في الجمهورية التركية التي سارت على نهجه في اضطهاد الكرد. كما مشاركة الكرد في "الثورة الإسلامية" في إيران عام 1979. وتهميشهم واضطهادهم بعد استقرار الحكم للملالي ورجال الدين. يعبّر أحياناً بعض الساسة الكرد عن ذلك، في لحظات الصراحة والوضوح، بالقول "لن نكون بندقية على كتف أحد" أو " ثوّاراً تحت الطلب". الثورة السورية أنعشت آمال الأكراد في سوريا في نيل حقوقهم، ودفعت النخب، باستثناءات قليلة، إلى رفع سقف مطالبها على شكل حكم قوميّ ذاتيّ موسّع (بصرف النظر عن التعبيرات)، من غير أن يطالب أحد بالانفصال عن سوريا. الضمانات المطلوبة المطروحة هي انتزاع اعتراف مسبق من الآن بتضمين الحقوق القومية الكردية، بالصيغة المطروحة، في الدستور القادم.

م.د: تحوّلت مناطق الأكراد إلى مناطق آمنة للاجئين السوريين من المناطق التي تعرضت لعنف النظام بعد احتضانها المعارضة المسلحة، فهل تضعنا في صورة الوضع الاقتصادي في تلك المناطق؟ وما صحة أن حزب العمال الكردستاني يدير الوضع الاقتصادي/ المعاشي بغض نظر من النظام؟

ب.ع: كان الوضع المعاشي في محافظة الحسكة ممكناً و مقبولاً، بشكل نسبي، حتى قبل بضعة أشهر وكان النازحون من المناطق السورية الأخرى يتمتعون بأمان. لكن مع اشتداد المعارك في المنطقة الشرقية والاشتباكات بين الجماعات المسلحة العربية والكردية في رأس العين (سري كانيه) والخراب في البنية الخدمية عموماً وحالة الفوضى وبروز العصابات التي تسطو على الشاحنات القادمة من حلب وغيرها، تدهورت الشروط المعيشية خاصة خلال الشتاء حيث البرد الشديد وانقطاع الكهرباء لساعات طويلة و أيام متواصلة أحياناً. وبسبب إغلاق المنافذ بين المحافظة والجوار، التركي والعراقي، حيث المعبر بين قامشلي ونصيبين التركية مغلق، والمعبر بين اليعربية (تل كوجر) السورية وربيعة العراقية مغلق أيضاً، ورأس العين تشهد معارك، والسلطات التركية كانت تسمح فقط للمسلّحين والأسلحة بالدخول لمجموعات مسلّحة مدعومة منها على الأغلب، قامت حكومة إقليم كردستان العراق بإرسال معونات إنسانيّة مقدّمة باسم رئيس الإقليم السيد مسعود بارزاني، تتضمن محروقات ومواد أساسية لأهل المحافظة عبر معبر غير نظامي بين حدود إقليم كردستان العراق ومدينة ديرك (المالكية) الكردية السورية، ودون موافقة الحكومة المركزية في بغداد. وكذلك السماح بإدخال معونات مقدمة من المواطنين وجمعيات وقوى سياسية عبر الإقليم. وقد شكّل هذا المعبر شريان حياة صغير للمنطقة ومازالت بعض المواد الأساسية ترد عبره. أما في المناطق الكردية الأخرى شمال حلب والرقة فالوضع هناك أسوأ، حيث منطقة عفرين مثلا (شمال حلب) محرومة من أية مساعدات إنسانية من الجهة التركية.

م.د: في مؤتمر القاهرة الذي أعد لوحدة المعارضة، حصل في نهايته خلاف عربي- كردي أرخى ظلالاً سيئة على العلاقة العربية الكردية عموماً وعلى وحدة المعارضة السياسية. هل ترى أن الخلاف بين العرب والكرد هو خلاف عميق الجذور من الصعب تجاوزه على المستوى السياسي فحسب، أي أنه عمودي، أم أنه خلاف مرهون بوجود الاستبداد ويزول بزواله؟

ب.ع: لا أودّ الحديث غير الواقعي بالتهويل عن متانة الوحدة الوطنية وإطلاق الشعارات الجميلة. وكما بيّنت في سؤال سابق، مشكلة الكرد وحقوقهم ليست مرهونة فقط بالنظام الحالي، ولا بالطبقة الحاكمة وحسب، حتى يكون إسقاطهما حلاً ناجزاً للمسألة الكردية. بالتأكيد، الاستبداد المديد، وثقافة حزب البعث القومية، وتغييب الحياة السياسية والحريات العامة أسهم في تعقيد القضية الكردية. كما أن تطورات المسألة الكردية في الجوار الإقليمي تلعب دوراً مؤثراً على الحركة الكردية في سوريا.

لكن الفرق الأساسي هو بين رؤيتين أساسيتين (مع استثناءات وتدرّجات في الجهتين): الكرد باتوا ينظرون إلى سوريا من منظورهم الكرديّ الخاص (ولذلك أسباب ومعطيات) أكثر من أي وقت مضى، أي كشعب ضمن شعب وإقليم ضمن دولة، وتحضر هنا تجربة كردستان العراق في المخيلة السياسية، في المقابل ينظر عموم السوريّون إلى الكرد من منظور عام، "الوحدة الوطنية" و"الشعب الواحد" و"أسنان المشط".

في تقديري: الواقع الذي سيفرز بعد سقوط النظام ونتائج الحرب المستعرة حالياً، والمخاض الإقليمي جراء الوضع السوري المتفجّر، والجدل القائم حول البدء بحل ما للقضية الكردية في تركيا وما سيتمخض عن ذلك، سيكون له دوراً كبيراً في تقرير حدود الحلّ السوري للمسألة الكردية. أي موازين القوى ومعادلات القوة الناتجة. الشعارات من الطرفين (سلباً أو إيجاباً) لن تفيد كثيراً، ولا "التطمينات" المتبادلة. رغم أهمية التواصل الأهلي وضرورة التنسيق بين المكونات الاجتماعية في المناطق المتداخلة من أجل تجنب الصراعات الأهليّة.

م.د: ثمة كثير من الأساطير تحاك حول حزب الاتحاد الديمقراطي (الجناح السياسي لحزب العمال الكردستاني) بين من يرى أنه يعمل لحساباته الخاصة مستغلاّ التحولات الحاصلة في سوريا والمنطقة، وبين من يرى أنه أداة بيد النظام السوري، وبين من يرى أنه يتحاور مع أنقرة من تحت السطح. كيف تقرأ واقع هذا الحزب الإشكالي في الانتفاضة السورية؟

ب.ع: القسط الأكبر من "الأساطير" التي تقال عن حزب الاتحاد الديمقراطي ( pyd) تعود إلى سياسته وسلوكياته بالطبع، لا إلى اتهامات من الآخرين. فالواقع أن سياسة الحزب في سوريا خاضعة تماماً للأجواء التي تسود العلاقة بين قيادة حزب العمال الكردستاني، خارج سوريا، والسلطة السورية. ولو قارننا مثلاً موقف الحزب في انتفاضة قامشلي 2004 مع موقفه الحالي لتوصلنا إلى ذلك. ففي العام 2004، كانت علاقة الحزب قد تدهورت مع دمشق بعد طرد زعيم الحزب السيد عبدالله أوجلان، من الأراضي السورية عام 1998 وتوقيع الاتفاقية الأمنية بين دمشق وأنقرة، التي تسمح لتركيا بالتوغل داخل الأراضي السورية لملاحقة مقاتلي الحزب. ورغم أن النظام السوري كان أقوى بكثير في 2004، ورغم أن الكرد كانوا معزولين عن بقية السوريين وفي المواجهة لوحدهم، كان حزب الاتحاد الديمقراطي، وإعلامه خصوصاً، يمارس تجييشاً كبيراً وتحريضاً غير مسبوقاً ضدّ النظام السوري، وبإغفال تام لإمكانات الكرد ومقدرتهم على خوض ثورة مستمرّة ضد النظام. إلا أن ذلك كان مطلوباً حينذاك من قبل قيادة حزب العمال الكردستاني للضغط على النظام السوري.

أما في الثورة السورية الراهنة، فنلاحظ لغة سلميّة غير مألوفة منهم تجاه النظام السوري، وبات الشباب المحتجّون ضد النظام السوري عملاءً لأردوغان!
لا أرى أن حزب العمال الكردستاني أداة بيد النظام السوري. إلا أن هناك استفادة متبادلة بين الطرفين. النظام السوري يستفز تركيا عبر الورقة الكردية مجدداً، ويسمح لقادة حزب الاتحاد الديمقراطي، واللجان الشعبية التابعة له، بالنشاط المستقل تماماً عن الحراك الثوري في البلاد، والكابح له في المناطق الكردية. من جهة أخرى، ازدادت وتيرة العمليات الهجومية لحزب العمال الكردستاني وشدّتها ضدّ الجيش التركي خلال فترة الأزمة السورية في خطوة أعادت إلى الأذهان الدعم الذي كان يتلقاه الحزب سابقاً من النظام السوري.

م.د: أين يكمن الانعكاس السلبي للحزب على القضية الكردية، خاصة أن هناك من يقول أن الحزب يعمل لاستغلال الأوضاع الحالية للهيمنة على الداخل الكردي لفرض رؤيته القومية؟

ب.ع: ليس من خطأ شنيع ارتكبه الحزب في سوريا بقدر محاولة فرض هيمنته الحزبية على الساحة الكردية، ولو كان ذلك بالعنف الصريح، والاعتداء الجسدي. وهذه، كما نفترض، وسائل غير مشروعة للعمل السياسي والدعاية السياسية ونيل الهيبة الحزبية. الشهوة للسلطة والتلهّف المبكر لها وللتسلّط، كان وراء كل الممارسات الطائشة والقمعيّة للحزب بشكل أضرّ به أيضاً، ووضعه في موقع حرج. كل ما عدا ذلك يخضع للنقاش والاختلاف.

لذلك لست مع نظرة تقول أنه بمجرد سقوط النظام السوري سوف تتوقف هذه الممارسات، بافتراض أن ذلك يجري خدمة للنظام السوري وبأوامر منه. موضوع حزب الاتحاد الديمقراطي وتشابكه مع وضع الـ (ب ك ك) في تركيا معقّد بعض الشيء. وهناك ثقافة قمعيّة ذاتية، وتربية شمولية، و"عبوديّة طوعيّة"، أي لا علاقة مباشرة لها بالموقف من النظام السوري، قد تستثمر في أية لحظة، والقاعدة الشعبية جاهزة للتلبية والتصفيق بطبيعة الحال، وللهجوم أيضاً.

م.د: الحوار بين حزب العمال الكردستاني وأنقرة الجاري الآن، هل تعتقد أن يكون له انعكاس على الداخل السوري وتوازن القوى، أي هل يمكن أن يبيع الحزب النظام السوري؟

ب.ع: بلا شك، سياسة حزب الاتحاد الديمقراطي يخضع بشكل مباشر لتأثير الحزب الأم (العمال الكردستاني. ما تزال المفاوضات في بدايتها وغير معلنة للرأي العام، سوى تسريبات من هنا وهناك. ولا نعلم كيف ستسير. وإذا ما قيّض لها النجاح بعد فترة، رغم الصعوبات الكبيرة والجمّة والملفات المرتبطة، سوف يلقى الأمر بظلاله على سياسة الاتحاد الديمقراطي في سوريا. أكبر تأثير إيجابي قد نجنيه في سوريا هو إعادة الاعتبار للسياسة والعقل، والعمل لمصالح الكرد السوريين أنفسهم، وتصالح أنصار حزب العمال الكردستاني السوريين أنفسهم مع مكانهم الواقعي والمحيط المعاش. وربما خلاص باقي أطراف الحركة الكردية من الابتزاز المزمن لحزب العمال الكردستاني.فحتى اليوم لم تكن قضايا الكرد السوريين أنفسهم على رأس أولويات المناصرين للـ pkk، لا قديماً ولا الآن.

م.د: في رأس العين، وبعد اقتتال بين الطرفين، عقد الجيش الحر وحزب الاتحاد الديمقراطي اتفاقية وشكلوا معاً "لجنة حماية السلم الأهلي والثورة". هل يمكن لهذا الأمر أن ينجح رغم الإيديولوجية المختلفة لكل منهما، والأجندة الخارجية المتضاربة لكل منهما أيضا؟

ب.ع: التفاهم الذي جرى في رأس العين (سري كانيه) كان بين وحدات الحماية الشعبية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي وتشكيل عسكري تابع لـ"الجيش الحر" والإئتلاف الوطني السوري، هو المجلس الثوري العسكري في محافظة الحسكة. ووقع هذا التفاهم بعد زيارة وفد برئاسة المعارض ميشيل كيلو ودعوات عدة من "الهيئة الكردية العليا" وقوى المعارضة وقيادة "الجيش الحر" لوضع حد للمعارك والاقتتال الدائر في رأس العين والذي تسبب بتشريد ومقتل الكثير من أبناء المنطقة ونهب البيوت.

لكن على الفور قامت جهات عديدة بمهاجمة الإتفاق، لا سيما ذات النزوع القومي- الطائفي مثل "جبهة تحرير الفرات والجزيرة" التي يقودها السيد نواف راغب البشير المدعوم من تركيا، والذي يضمر بعض رواسب النزاعات القبلية التي تعود للخمسينات بين عشيرته- البكارة- وبعض العشائر الكردية. ولم يعد يخفي السيد نواف البشير ميوله المعادية للأكراد. إلا أن المفاجأة كانت حين هاجم الجنرال سليم إدريس، رئيس أركان "الجيش الحر" التابع للإئتلاف الوطني الاتفاقية واعتبرها لاغية. من هنا لا أظن أن الصراع انتهى. إذ قد يتجدد بأشكال أخرى وفي منطقة أخرى.

م.د: في البيت الداخلي الكردي هناك طرفان أساسيان: المجلس الوطني الكردي المدعوم من أربيل ويحظى بشرعية دولية وعلاقات دولية مقبولة مقابل ضعف سيطرته على الأرض، والاتحاد الديمقراطي المدعوم من حزب العمال الكردستاني في جبال قنديل والمفتقد لشرعية وغطاء دولي في حين لكنه يمسك بالأرض. هل ترى أن الاتفاق الذي وقعه الطرفان في أربيل وأسفر عن تأسيس "الهيئة الكردية العليا" هو اتفاق حقيقي، أم أنه اتفاق هش أو "زواج مصلحة" ولا يمكن التعويل عليه؟

ب.ع: الاتفاق بين الطرفين الكرديين جاء من أجل تطويق مخاطر حرب كردية-كردية ، حيث بلغت الرغبة لدى الطرف المهيمين على الأرض إلى إقصاء غيرهم بالعنف وفرض هيمنتهم القسرية بطريقة هستريائية، وممنهجة. إنه اتفاق أمر واقع وتجنباً لإراقة الدماء. خلاصة الاتفاق هو أن حزب الاتحاد الديمقراطي استطاع انتزاع الاعتراف الرسمي بكونه "الحزب القائد" عملياً، وهو كان مستعداً لإشعال حرب أهلية كردية من أجل تحقيق هذا الاعتراف، في مقابل إزاحة شبح الاقتتال الكردي- الكردي بعض الشيء. من هذه الزاوية المهمة نال تشكيل "الهيئة الكردية العليا" ارتياحاً كبيراً في الوسط الكردي، رغم الملاحظات العديدة. فالمسؤولية الوطنية والقومية اقتضت تنازلاً سياسياً من قبل الأطراف الكردية تجاه حزب الاتحاد الديمقراطي في هذه المرحلة الحساسة والحرجة.

م.د: من المعلوم أن إقليم كردستان برئاسة مسعود البرزاني يدرب جنودا أكراد انشقوا عن الجيش السوري، وهناك من يقول أن تدريب هذه الفرقة العسكرية يأتي في إطار إعداد ذراع عسكرية للمجلس الوطني الكردي لمواجهة حزب الاتحاد الديمقراطي الذي يسيطر على الأرض. ما رأيك؟

ب.ع: حسب معلوماتي هي قوة عسكرية قليلة العدد مؤلفة من الجنود السوريين المنشقّين من الرتب الدنيا والمطلوبين للخدمة العسكرية، إذ لا يوجد أكراد برتب عالية في الجيش السوري، لكن بسبب الضجة الإعلامية التي أثيرت، يتوقع المرء أنه جيش كبير كأيّ جيش نظامي.

السيد مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان العراق، لم يعرض على المجلس وطني الكردي تبني تلك القوة العسكرية الموجودة في كردستان العراق ولم يعرض إرسالها إلى سورية في أي لقاء مع قيادات المجلس في أربيل، حسبما سمعنا. لكن بالطبع، فور تداول الخبر حول إحتمال عودة الجنود المنشقين المتدربين في كردستان العراق إلى مناطقهم في سوريا، أعلنت قيادات الاتحاد الديمقراطي علناً رفضهم لقدومهم وعدم السماح بدخولهم، والتهديد بمقاومتهم أيضاً بحجة أنّ هذا الأمر سيكون سبباً لاقتتال داخلي كردي. و في هذا هم يتكلمون صحيحاً. إذ لا يمكن أن يرضى "الحزب القائد" بأي شيء يحد من نفوذه، ولو كلف ذلك اقتتالاً كردياً كردياً.
بغياب مركز قرار سياسي كردي موحّد هناك خطر كبير بالفعل من وجود قوتين مسلّحتين مختلفتين في نفس المنطقة.

م.د: بالإطار الأوسع، أي بما يتعلق بسوريا ككل، نقرأ لك انتقادات حادة أحياناً للمعارضة "الراديكاليّة" كما تسميّها. برأيك أين أخطأت المعارضة السورية في تعاملها مع الانتفاضة السورية؟

ب.ع: مع أنه أصبح النقاش حول هذا الموضوع بلا فائدة عمليّة بعد حصول ما حصل وخراب البلد، لكن للتوثيق والتاريخ فقط، يمكن القول أن الخطأ الجوهري الأساسي كان منذ الأسابيع أو الشهور الأولى للانتفاضة. أما الآن فلم يعد بمقدور أحد السيطرة على الوقائع على الأرض، بعد أن أصبح البلد كله مستنقعاً من الدماء و الدمار، وخرج الأمر من سيطرة المعارضة السياسية نفسها. بدون الدخول في التفاصيل أقول: أخفقت المعارضة السورية التقليدية والجديدة في تقدير قوّة النظام السوري و تماسكه، وبالتالي وقوعها في فخّ "الوهم البصريّ" الذي أشاعته الميديا من خلال نمذجة انتفاضتي تونس ومصر عربيّاً؛ أي أن كلّ نظام عربي يلزمه بضعة أسابيع ليسقط. هذا قبل أن تتحوّل بعض الفضائيات العربية المعروفة إلى منبر للمعارضة السورية الراديكالية، التي كانت تدفع الشباب المتحمس والثوار في الداخل إلى مزيد من الحماس، بل إلى التهوّر، وتقوم بتزيين ذهاب زهرة شباب سوريا إلى دورة العنف الجهنميّ و"محرقة" النظام. كما أخفقت المعارضة في البناء على شيء مهم وأساسي تحقّق فعلاً بعد انتفاضتي تونس ومصر هو عودة السوريين إلى السياسة والشأن العام. الأمر الذي غيّب لعقود في "سوريا الأسد".

كانت هذه فرصة تاريخية لا تعوّض ومكسباً كبيراً بالنسبة لشعب كالشعب السوري غيّب عن السياسة والشأن العام تحت حكم ديكتاتورية شنيعة. بيد أن المعارضة الراديكالية ولأسباب مختلفة أحياناً (الإخوان المسلمين في الخارج، الذين وجدوا أنفسهم أمام فرصة مؤاتية للانتقام من النظام، و النشطاء السياسيين، من المعتقلين السابقين الذين ذاقوا الويلات في سجون النظام ،من بعض التنظيمات اليسارية والقومية، وبعض الشباب المتحمّس قليل الخبرة السياسية) وجدت في ذلك فرصة للذهاب إلى أقصى المطالب فوراً ظناً أنه "أقصر السبل". من هنا تفرّعت كلّ المشكلات برأيي.

لا أغفل أننا لسنا في لعبة شطرنج، نختار ما نشاء من خطط وحركات. ونهمل أشياء أخرى، ولسنا في شروط صحيّة تسمح لنا بالتفكير البارد، ولا الواقع يسير بناء على تفكيرنا وبرامجنا. غير أنه كان للحسابات الدقيقة والمدروسة في بداية الانتفاضة أن تنقذ السورييّن من هذه الكارثة الإنسانية التي يعيشونها منذ سنتين، أو تقلّل من حجمها وعمقها. لا ننسى بالطبع أن رعونة النظام ووحشيّته اللامحدودة تتحمل المسؤولية الكبرى عما جرى وما سيجري لاحقاً. ليس من خلاف كبير حول تشخيص النظام، كونه أكبر عصابة منظّمة ومسلّحة ومستولية على مقدرات البلد. الخلاف هو حول سبل المواجهة و الحلول، والخسارة والربح. وأصارحك أنني لا أعرف شيئاً في العالم يستحق كل هذه التضحيات العظيمة بما فيها "الديمقراطية". لا شيء خلف التلّة. "الانتخابات الحرّة" ليست شيئاً عظيماً، بعد خراب البلد.

م. د: كيف تقرأ المستقبل السوري إذن؟

ب.ع: ليس مبشّراً على أية حال، حتى وفق أكثر السيناريوهات تفاؤلاً، إن بقي هناك متفائلون أو سيناريوهات لحلول قريبة. ليس هناك حل سياسي متوقّع للاستعصاء السوري الدموي. ولا حسماً عسكرياً قريباً. برغم رفع درجة التمويل العسكري للجماعات المقاتلة، في الآونة الأخيرة، بدرجة غير كافية للحسم. ولا ترضى أميركا بحسم سريع. بل نتوقع اشتداد ضراوة المعارك وازدياد منسوب العنف وضحاياه.

وهذه ليست مهمة أميركا ولا أوربا على أية حال. ولا يمكن لومهم أيضاً، إذ ليس من مهمة الأميركان وغيرهم إحصاء عدد القتلى السوريين. هناك أشياء واقعيّة أهم بكثير: أمن إسرائيل، خطوط الطاقة في الشرق الأوسط، الاقتصاد الأميركي، إيران وملفها النووي، التنظيمات الجهادية المعادية لها، الخ…

كان أكثر المتشائمين، مثلي، يقول أن النظام السوري لن يسقط إلا بسقوط الدولة بأكملها معه. الآن نحن أمام حالة رهيبة وأشد خطورة: انهيار الدولة وبقاء السلطة! حتى في المناطق المحرّرة (الأدق أن نقول مناطق منكوبة) والتي تغيب فيها الدولة تماماً بأبسط أركانها (ماء، خبز، كهرباء، وقود) هناك "حضور" ما للسلطة بشكل متقطع: صواريخ السكود وطائرات الميغ بين الفينة والأخرى!
أن نقترب من سقوط السلطة الحاكمة لا يعني أن أهداف الثورة قد تحقّقت. فور سقوطها (لا أدري متى) سوف يتعيّن على السوريين إعادة بناء الدولة نفسها، ولملمة أشلاء المجتمع المحطّم، ولن يكون الأمر سهلاً في أي حال من الأحوال. بعد ذلك يمكن الحديث عن إمكان (فقط إمكان) تحقيق الديمقراطية، والحريات والعدالة وحكم القانون ودولة المؤسسات.
وفي ظني أن لحظة سقوط بشار الأسد وسلطته الفاشيّة لن تجلب للسوريين تلك السعادة المتوقعة، بمن فيهم من ضحّى أكثر وفقد أعزّاء من أسرته أو شرّد من بيته على يد هذه السلطة. هي لحظة عابرة وسنفتح أعيننا جميعاً على خرابٍ عميم، وسيتساءل كثيرون: أمن أجل هذا قُتِل أولادنا، وهُجّرنا وشُرّدنا ودمّرت بيوتنا؟.

*بدرخان علي: اسمه الأصلي "آزاد علي"، كاتب وباحث سياسي سوري، من مواليد مدينة القامشلي 1978. درس في جامعة حلب، كلية الطب البشري، وتخرج عام 2004، ومقيم منذ العام 2010 في السعودية. يكتب بدرخان علي في صحف كردية وعربية عديدة حول الشأن الكردي و السوري وقضايا فكريّة تتعلّق بالعلمانيّة والديمقراطيّة. شارك في الكتابة في أول المواقع الكردية في سوريا "موقع عامودا"، وفي العام 2005 انضم لأسرة تحرير مجلة "الحوار"، وهي فصلية ثقافية كردية تصدر باللغة العربية تهتم بالشؤون الكردية وتهدف إلى تنشيط الحوار العربي الكردي، تطبع وتوزع سرّاً منذ عام 1993. يقوم حالياً بإعداد كتاب عن المسألة الكردية في سوريا، يتضمن سجالات مع مثقفين وسياسيين عرب وكرد.


[ نشر الحوار في موقع "مراسلون" Correspondents.org وتعيد “جدلية” نشره]‬
‫ ‬