على الطريق الفرعي في واهاكا، المكسيك، سألت صديقي ميغل أنخل: ألا تعتقد أن تبنيك لطريقة بناء الأوروغوياني إلاديو ديسته Eladio Dieste فيها إنقاص لعملك الشخصي؟ لم أعد اذكر كيف التففت على الكلمات لكي لا يصبح السؤال مجحفاً كما أكتبه الآن، أنا أذكره كما دار في رأسي حينها. تماماً كما أذكر جواب ميغل أنخل: إنها شجرة واحدة، نحن فروع تبحث عن السماء.
في بحث أمريكا الجنوبية عن سمائها، نستطيع التعميم قليلاً. فمدنها تعرف بعضها البعض جيداً، تصغي لجلاديها وأبطالها. معماريوها، كفنانيها وشعرائها وكتابها، يشربون من جذور مشتركة، ويتفرعون، كما يقترح ميغل أنخل، في سماء واحدة. تثير تجاربها في العمارة والعمران الكثير من الأسئلة والاجوبة للباحثين عما لا ندرسه في مدارس العمارة، ذلك الذي يصيغ الحداثة حول تجارب الشمال في الشمال ثم يصيغ الكولونيالي حول تجارب الشمال في الجنوب. يسقط ما ندرس، سهواً أو عمداً تجارب الجنوب في الجنوب، أو تحال لمآلات كولونيالية. لا أحد يفكر بشجرة ميغل أنخل. انتبه لذلك الآن، أما حينها، فكنت سعيداً، جالساً في سيارة صديقي المعمار وهو يقودها باتجاه مدرسة قام ببنائها منذ عشرين عاماً، مخترعا نظاماً إنشائياً لتغطية قشرية من الإسمنت المسلح، شرحه لي لاحقا ونحن نتجول حول سور المدرسة المغلق.
عرّف تاريخ العمارة منتج أمريكا الجنوبية بتعاريف متغيرة العلاقة مع عمارة الحداثة، لكنه فشل في تقديم هذا المنتج بصورة شاملة وواضحة في آن معاً. يعود ذلك ربما للمركزية الذاتية التي يرى بها الغرب نفسه، وهو من كتب ويكتب تاريخ العمارة لسياقات خارج حدود جغرافيته. عند بزوغ مشهد الحداثة في العالم وإسقاط هذا المشهد على المدينة، ظهر دور جديد للمعماري كونه الفاعل والقادر على تحقيق وعدها بإمكانية حياة أفضل. بعد الخمسينيات، حضرت عمارة أمريكا اللاتينية في هذا المشهد. فنحتت قالباً متفوقاً لصياغة عمارتها في الوقت الذي كانت أوروبا تزيل أنقاض حربها، وبينما كانت أمريكا الشمالية تتعثر بمشاريع التجديد الحضري. كسرت أمريكا الجنوبية ارتباطها بالتبعية المطلقة لتصاميم مستوردة لتصيغ مساراً خاصاً بجغرافيتها واجتماعيتها، بعمارة تتباين وتتفاضل عن مسار الغرب حتى وإن كانت انعاكساً لها. ظهرذلك واضحاً في تصميم جناح البرازيل في معرض 1939 New York World's Fair في نيويورك، والمصمم من قبل اوسكار نيماير Oscar Niemeyer ولوسيو كوستا Lúcio Costa والذي كان منتجاً مثيراً يطرح علاقات جديدة بين الداخل وبين الخارج، بين الشكل وبين الفعالية، بين الفتحات وبين الكتلة، في الوقت الذي لم تكن فيه الأجنحة الأخرى أكثر من ترسبات النيو-آرت ديكو في عمارة الأربعينيات في أوروبا وامريكا. من حينها كان الإعجاب بالمنتج المعماري البرازيلي لفرادته، فحضر في مراجعات نقاد أوروبيين وشماليين في العمارة.[i]
لكن هذا الحضور لم يكن دائماً إيجابياً. ففي أواخر الخمسينيات اتهمت عمارة البرازيل وأمريكا اللجنوبية بالفردانية، والتشكيلية العضوية الفارغة، والخروج من المحتوى الاجتماعي. ربما كان من الممكن نقاش هذه النقاط أكثر لو كانت الأكاديميا واللغة عادلة في حينها، متيحة المجال لتوثيق ردود معماريى أمريكا اللجنوبية النصية والمعمارية. لكن نقاد العمارة في الغرب، والذين غالباً ما كانوا ينصبوا أنفسهم أوصياء على مفاهيم الحداثة، قاموا عمداً أو سهواً بإسقاط العديد من التجارب الغنية لقارة كبيرة مركزين على شكلانية بعض المشاريع التي تغلّب نقاشهم. وبذلك تم التركيز على المشهد التشكيلي في عمارة أمريكا الجنوبية، فظهرت مصطلحات ترسخ الكولونيالية بتوثيق العمارة، على الأقل فيما نقرؤه الآن بالإنكليزية كـ)حداثة اخرى، "تجارب" دول في طور التطور،..إلخ(.
غير أن أخطر ما قام به هذا التركيز على الشكل والتايبولوجيا فقط هو عزل ما شكل، برأيي، أساس فرادة عمارة وعمران أمريكا الجنوبية. وهو جدية العمل الجمعي التجميعي على تطوير المواد المتوفرة لتصبح فراغات، أي على تطوير عناصر الإنشاء السائدة في سياق "الحاجة" و"القلة"، وهي مفاهيم لم تستطع الحداثة الأوروبية فهمها لتعلقها البدائي بالتفاؤلية، حيث كل شيءٍ ممكن. تطوير هذا السياق هو ما أريد التركيز عليه وإسقاطه على عمارتنا في المشرق، ليس باختلافاته التقنية فحسب، ولكن أيضا بنقديته العفوية تجاه مفاهيم سهلة الاستهلاك كالثقافة، والأصالة، والتراث.
من الصعب جداً الإلمام بعمل القارة على المستوى العمراني وإسقاطاته على مفهومي الحاجة والقلة، إذ يظهران في نصوص متفرقة أو كتب معينة كتبت هنا وهناك عن أشخاص ومعماريين بعينهم. غير أن التركيز على عنصر إنشائي-معماري يتيح المجال لمقارنات قد تكون أكثر تخصصية، وغنية، وقادرة على إعطاء مقطع شاقولي في سياقات ثقافات البناء في أمريكا الجنوبية. بالتركيز مثلاً على "بدائل الاسقف البيتونية المسحلة"، يمكننا مقارنة الحلول الإنشائية المدروسة والمطبقة في عدد من دول أمريكا الجنوبية، وقياس المواد والإمكانيات بدلاً عن مناقشة التشكيلات والحجوم فقط. عند الحديث عن بدائل الإنشاء، يظهر بشكل تلقائي أحد أهم وأشهر المعماريين-المهندسين في الجنوب، وتحديداً في الأوروغواي. ألاديو ديسته، والذي قام بمزاوجة التسليح (المتبع عادة في الإسمنت المسلح) مع الإنشاء بالطوب المشوي (المتبع عادة في البناء اليومي) لإنتاج عمارة قشريات إنشائية بأبعاد جديدة لم نكن نعرفها في الإنشاء التقليدي من أقباء وعقود، وباسعار جديدة لم نكن نعرفها في إنشاء قشريات الإسمنت المسلح. إن عبقرية ديسته في الأوروغواي تكمن في شقه نهجاً جديداً بأدوات موروثة، وعامة، وتقليدية.
لكن ديسته لم يكن وحده في هذا البحث، فهو حلقة مميزة في سلسلة أطول بكثير من تجارب ومحاولات تبحث عن تبادل معرفي جدي بين معماريي أمريكا الجنوبية، مضافاً إليهم أوروبيون وشماليون جدد قادمون من إسبانيا، وإيطاليا، وإلمانيا، وفرنسا، هاربين من حروب أوروبا قبل منتصف القرن الماضي. إن أول عمل لديتسه كمهنس إنشائي كان بالتعاون مع المعماري الكاتالوني الإسباني انتوني بونت كاستيانا "Antoni Bonet Castellana" في بيت بيرلينغييري "Berlingieri"، في هذا البيت تم مداخلة الإنشاء بالقبوات بنظام التشبيك "Bovedas Tabicadas" وهو الإنشاء السائد في اسبانيا مع التسليح الذي اقترحه ديتسه. [ii]من خلال هذا التزاوج بدأت منشآت ديسته بالاتجاه نحو ما تم تسميته بالسيراميك المسلح "Ceramica Armada" والذي انتهى به المطاف ليكون من أهم منتجات الاورواغواي الإنشائية، إن لم يكن كامل أمريكا الجنوبية والعالم. [iii]
[الاديو ديسته Cristo Obrero y Nuestra Señora de Lourdes المصدر Dr. Michael Ramage مايكل راماج]
ديتسه هو المثال الأكثر سطوعاً من بين العديد من الآخرين الذين لم أعرف عنهم شيئا في دراستي في أو دمشق أو كامبريدج. لم أستطع التعرف عليهم سوى بالاختصاص الضيق الذي شاء له أن يحمل أسئلة شبيهة بتلك التي عالجها هو وأصدقاؤه في جنوبهم الشحيح. فتسليح القباء الإنشائية كان أيضا هاجساً لأعمال العديد من المعماريين الذين وجدوا فيه حلاً لنقص الإسمنت أو الحديد. في الأرجنتين، عمل إدواردو سكريسته "Eduardo Sacriste" لفترات طويلة على تطوير نماذج بيوت مبنية من القبب بحيث تصبح هذه المفردة الإنشائية جزء لا يتجزأ من عمارة المنزل ممثلة بعنصر مسبق الصنع. أما في المكسيك، فقد عمل خورخة غونثاليث لوبو "Jorge Gonzalez Lobo" على تطوير أساليب إنشاء الفرو سمنت باتجاه استخدام الطين بديلاً عن الإسمنت. كذلك لا يخفى عمل فيلكس كانديلا Felix Candela المكسيكي الاسباني والذي نهج تطويع جيومتريات السطوح المسطرة "Ruled surfaces" لتبسيط إنشاءات قشرية معقدة مستخدماً نفس عنصر الخشب المعتاد للكوفراجات الإسمنتية لصب الأسطح المثنية، متيحا المجال لأي عامل بناء في المكسيك للعمل على هذه الإنشائيات المعقدة.
ربما يرجع ذلك إلى كون العلاقة اليورو-لاتينية بين المعماريين خصوصاً فيما يتعلق بالإنشاء وتطبيقاته قائمة على مبدأ الندية وليس التبعية قبل كل شيء، أي أنها كانت قائمة على البحث المشترك للجديد وليس استعارته من نماذج سابقة. هنالك الكثيرون من الأمريكيين الجنوبيين ممن عملوا في مكاتب لوكوربوزيه ووالتر غروبيوس، وفرانك لويد رايت. نذكر منهم إيميليو دورهات Emilio Duhart من تشيلي، والأوروغواييان كارلوس كليموت Carlos Clémot وخوستينو سيرالتا Justino Serralta الأخيران عملا مع لوكوربوزيه في فرنسا ولاحقا مع ديسته في الأوروغواي. خلقت هذه السلسلة من القادمين الجدد وطلابهم ممارسة تصميمية مختلفة تماماً عن أدوات وتطبيقات العمل المعماري في أوروبا. فالبحث التقني الأيديولجي كان مشتركا ونابعا من الحياة اليومية. على عكس اعتقاد نقاد العمارة في الخمسينيات، كان البحث عن العمارة يستقى من المجتمع في كل تفصيلاته، بذلك يصبح أوسكار نيماير واجهة لماكينة تصميمية نسيها الكثير من هؤلاء النقاد وركزوا على شخصه المعماري. تماما كما يتم التركيز الآن على عمارة سولانو بينيتثSolano Benitiz وفريدا اسكوبيدو Frida Escobedo.
[المعمار ميغيل أنخل باوتسيتا. يمين: صورة من بيت من تصميم المعمار. يسار: المعمار أمام منزله. من تصوير الكاتب]
كل هذه الأعمال ليست فردية بالمطلق بل تمت بمجموعات تتناقلها مكانياً وزمانياً من أجيال لأجيال ومن حدود لحدود. هذه شجرة ميغل أنخل الذي كان هو نفسه طالباً لدى غونثالث لوبو في مدرسة العمارة في المكسيك، وإن كانت مشاريع الأخير معروفة للمهتمين بالعمارة التي تبحث عن بدائل الاسمنت المسلح، فإن ميغل أنخل هو مثال لامتداد هذه العمارة لعمق الريف المكسيكي والذي قام خلال سنوات عمله ومعيشته في هذه المدينة على تطبيقه وممارسته في عمله المعماري دون الحاجة لصفحات استهلاك العمارة السريعة التي تلتهمنا يومياً. صمم ميغل أنخل منزله بالفرو سمنتFerro Cement، وهو يقوم الآن ببناء بيوت أقربائه بتقنيات مشابهة بالطوب والحديد مقارباً بين كل من قمت بذكرهم وآخذاً منهم. كنت قد تركت ميغل أنخل في واهاكا وهو يعد غرفة جديدة ليتعلم بها كيفية التطبيق الأمثل لتقنية الإنشاء بالطوب المائل بدون أي دعائم مؤقتة، متعلماً من أحد أهم الخبراء المعاصرين في هذا الإنشاء، ألفونسو راميريث بونثه Alfonso Ramirez Ponce. في بيت الأخير جلسنا على مقاعد من الصوف تصطف على مصطبة صممها هو كما صمم كل مفردات بيته الإنشائية. استخدم المعماري ألواح المعدن المرمي من مصانع زجاجات الصودا والذي تستخدمه هذه المصانع لصناعة الأغطية ليقوم بتحويلها لقوالب إسمنتية في بيته. في واحدة من غرف هذا البيت، قام ألفونسو بتجريب أول قبة مبنية بنظام الطوب المائل. جربها ببيته قبل كل شيء، منذ أكثر من ثلاثين عاماً، ليصبح اليوم أحد أهم مراجع هذا النوع من البناء وطرق تصيميمه وتنفيذه[iv].
تحت سقف تلك الغرفة، أخبرني المعلم ألفونسو راميرث عن الفيلسوف المكسيكي في الأنتروبولجيا غيريمو بونفيل باتايا Guillermo Bonfil Batalla والذي قارب الثقافة من خلال علاقة البشر معها بنوعين: قريبة Propia غريبة Anjena. في عالم عادل لا يشبه عالمنا، يمكن للثقافتين أن تتعايشا في ظروف مثالية من الاستقلالية الذاتية لشعوب العالم. لكن الغلبة اليوم لآليات كولونيالية لسلطة خارجة عن تحكم المجتمع بثقافتة، تغرب ثقافة القريب وتقرب ثقافة الغريب. في تحليل بونفيل للثقافة والكولونيالي موازنة رصينة لعلاقة الثقافة بالماضي، الحاضر، والمستقبل. وفي ذلك دروس عن مفاهيم الأصالة والهوية والتي لا أجدها تثقل الثقافات في أمريكا الجنوبية بقدر ما تفعل في شرقنا. فبونفيل يعتبر ما يتم إنتاجه "اليوم" من مفردات ثقافية جديدة من داخل المجتمع لها قيمة هوياتية لا تختلف كثيراً عن ما توارثته هذه الثقافة. بل ويمكن أيضا التشكيك بالمتوارث من الثقافة كونه النسخة المغرّبة من الثقافة الماضية والتي أعاد الكولونيالي إنتاجها وتقديمها لنا لتصبح شكلاً جديداً من أشكال الاستحواذ الثقافي.
[المعمار الفونسو راميرث بونثة. يمين: صورة غلاف لكتاب المعمار منحنيات من الطين. يسار : بيت المعمار (من تصوير الكاتب). الأسفل Salon de Fiestas من أعمال المعمار.]
أجد هذا النوع من النقدية للقادم من الماضي غائبة في علاقتنا بماضينا في المشرق. حيث يصبح القديم أو التراثي أهم من الممكن أو المتاح. شرقنا المتعب من مقارنات خطية بين الـ"نحن" والـ"هم" أو اللاهث وراء ثقافة الفقد، تلك التي تؤطرنا بالخارجين من جنان مدننا التقليدية كأننا كنا نملك مفاتيحها أو كأنها تملك أرواحنا. ثقافة الفقد التي تدفع بعضنا في المشرق لصوغ مقاربات تصل لاعتبار جنوننا وحروبنا نتيجة هذا الخروج الطوعي عن مدننا القديمة. كل ذلك لا يهم في عمارة أمريكا الجنوبية التي ينتصر فيها فعل المضارع. هنالك من يبحث الآن عن حل لمشكلة ما، يستمر في بحثه وأسئلته مدوناً أسئلة معلميه واقتراحاتهم، مضيفاً عليها القليل أو الكثير. لأنها مشغولة بصياغة نفسها في فعل المضارع، تتفوق أمريكا الجنوبية على نموذج جنة الماضي بنفس الأسلوب الذي تتفوق به على نموذج استيراد حداثة المستقبل.
[مدارس الفن في كوبا, المعماريون Ricardo Porro ريكاردو بورو، Vittorio Garatti فيتوريو غراتي، Roberto Gottardi روبرتو غوتاردي. من تصوير الكاتب. [v]]
في هذا، وبينما كنت اقوم بملاحقة الأسطح الملتوية في أسقف بيوت ومدراس المكسيك وكوبا، وجدت تجربة أمريكا الجنوبية ثرية إنشائياً ومجتمعياً بشكل مختلف عما أعرفه في شرقنا المتوسطي.أكتب ذلك الآن وأنا على أمل انتاج مقارنات أكثر تفصيلية. لكن، يبدو من الصعب في الوقت الحالي، كما أشارت لي أستاذة في الجامعة التقنية في كوبا، صوغ مقارنات الجنوب-جنوب المتحمسة دون المرور بالشمال، تمويلياً كانت تقصد، أما معرفيا، فقد فهمتها وأفهمها الآن. في الوقت الذي تتردد فيه مفردات إنهاء الاستعمار "Decolonization" وإعادة التفكير في آليات إنتاج المعرفة والثقافة "Knowledge Production". وإذ تبدو هذه الهموم واعدة ومشتركة في الجنوب، فإنها تغص بتفاصيل صغيرة تجعلها متباينة، وتجعل من الأطلسي الجنوبي محيطاً واسعاً.
لكن وفي الوقت الذي يتسع فيه الأطلسي وترتفع جدران الفصل، وتنكمش الأكاديميا والعمارة على نقاشات كيفية تعريف إنهاء الاستعمار، تماماً كما ينكمش العالم على نفسه، تنساب المسارات المعرفية للبناء متجاوزة الجغرافيا. إن إنشاء القبب بنظام التمييل المنتشر في المكسيك، والذي تعلمته في إسبانيا في عام 2015 مع المعماري رامون اغيرة Ramon Aguirre، مازال ممارساً في المشرق، في مصر وإيران تحديداً، تصبح مراقبة هذه التقنية في مساحات التواصل الاجتماعي ممتعة وسوريالية. يعلّق معلم بناء مصري (ما شاء الله، جميل!) على صور لقبة نشرها عامل مكسيكي ليرد عليه الأخير بالعرفان، يترجمها الفيسبوك، فيدخل بينهما إنشائي من أيران ليكتب بالفارسية ما يكتب. في هذا المشهد يصبح الانتماء للعمل الحرفي أعمق من مجرد عمل يومي، فهو محاولة مستمرة لرفع إمكانيات هذه التقنية بشكل مجرد، دون التقيد بحدود مكانية أو ثقافية. فتصبح قبة العامل المكسيكي، ولو للحظة، هاجساً كونياً لأكوان معزولة، متحدية بذلك المفاهيم المباشرة عن المحلية والعالمية، تماما كما تفعل بمفاهيم الغرابة والقرابة، والماضي والمستقبل.
كل الشكر للدكتور مايكل راماج على اتاحة استخدام ارشيفه عن إلاديو ديسته, و لحازم رعد على تدقيق النص.
هوامش
[i] للمزيد عن بدايات عمارة الحداثة في أميركا اللاتينية Latin America in Construction: Architecture 1955–1980
[ii] للمزيد عن هذا النوع من الإنشاء بالقبوات بنظام التشبيك Guastavino Vaulting: The Art of Structural Tile
[iii] للاطلاع على أعمال الاديو ديسته Eladio Dieste: Innovation in Structural Art
[v] يمكن التعرف على مشروع المدارس الخمسة بكتاب Revolution of Forms: Cuba's Forgotten Art Schools