كلمة طلاب جامعة أمير كبير المتظاهرين في طهران ضد إسقاط الطائرة.*
تغرق إيران هذه الأيام في الأسى والألم. فنغسل الدم بمزيد من الدم، ونراكم المعاناة، ونغسل جثمان شهيد بدم شهيد آخر. وكأن التاريخ قد تكثّف: أزمة تعقبها أخرى، وتهديدات تعقبها تهديدات. نحن، أبناء إيران، جزء لا يتجزأ من شعب البلاد. وألمهم هو ألمنا. والأسى الذي استقر في قلوبهم يثقل صدورنا نحن أيضاً. لقد وصلت المأساة ذروتها صباح الأربعاء، بعد يوم من مقتل العشرات من المواطنين في كرمان، رأت إيران أولادها يغيبون في الأفق ثانية. كنا بالكاد قد بدأنا حدادنا على شهداء أبان حين جاء سبب آخر للحداد.*
يتاخمنا الشر من كل صوب اليوم. فبينما تخنق السياسات الاقتصادية والقمع السياسي الشعب، يحوم ظل الحرب فوق رؤوسنا. وما يضيع في خضم المناخ السياسي الحالي، والتهديدات المستمرة من القوى العسكرية، هو صوت الشعب. الشعب الذي يتوق، أولاً وأخيراً، للحرية والمساواة. في أبان، أجبر الشعب الكل على أن يلتفت إلى ذلك الصوت على أفضل وجه. لقد أظهرت أحداث الشهرين الماضيين بوضوح كامل عجز النظام الحاكم في إيران. إنه نظام رده الوحيد على كل أزمة هو القمع. من الواجب علينا اليوم أن نواجه القمع بكل أشكاله، سواء كانت صيغته قمع الحكومة أم قمع قوة إمبريالية.
لم يؤد وجود الولايات المتحدة في الشرق الأوسط في السنين الأخيرة إلى إلى الاضطرابات والفوضى. ونحن نعرف منذ مدة طويلة أين نقف في مواجهة هذه القوة المعادية. ومع ذلك، نفهم أيضاً أن مغامرات الولايات المتدة في المنطقة لا يمكن أن تكون دريعة لتبرير القمع المحلي. إذا كان ”الأمن الوطني“ علي طرف لسان الجميع هذه الأيام، فقد آن الأوان لنسأل ما الذي يعنوه بالأمن، لأي مجموعات وطبقات وشرائح اجتماعية؟ لا نخاف من أن نصرخ «منذ سنوات وأمن الإيرانيين الفقراء والمهمشين والمحرومين مسلوب.» لقد خلقت السياسات الاقتصادية في العقود الثلاثة الماضية، بالاشتراك مع طبقة أصحاب العوائد، والأغنياء والفاسدين، أعدادً هائلة من المعدمين والمنبوذين. ومما يفاقم الوضع كله هو نمو معارضة فاسدة ومرتهنة خارج الحدود تدعمها قوى أجنبية إعلاميا ومادياً. نعم، نحن محاطون بالشر من كل صوب.
أيها الشعب الإيراني،
إن المخرج الوحيد من الأزمة الحالية هو العودة إلى السياسة الشعبية.
سياسة لا تتعلق بأذيال الاستكبار الإمبريالي خوفاً من القمع، ولا تبرر الطغيان باسم المقاومة والعداء للامبريالية. إن المخرج الوحيد من محنتنا الحالية هو رفض الطغيان المحلي والاستكبار الإمبريالي في ذات الوقت. نحن بحاجة إلى سياسة لا تدّعي الأمن والحرية والمساواة لمجموعة أو طبقة معينة، بل تؤمن أن هذه حقوق ثابتة للجميع. لقد أضحت الحاجة الماسة للديمقراطية اليوم واضحة للجميع. في ديمقراطية كهذه، لن تهمل الحكومة حاجات الشعب، بل ستحافظ على الأمن والحرية والمساواة للجميع.
نتقدم، نحن أبناء إيران، بالتعازي لشعبنا لموت المئات من المواطنين في كرمان وفي حادثة سقوط الطائرة. ونقسم أننا لن نسمح أن تذهب دماؤهم سدى. لن ينسى التاريخ دم الأبرياء. سيعود التاريخ بقوة لينتقم باسم المضطهدين من أولئك الذين اضطهدوهم.
ــــــــــــــــــــ
* افتتحت جامعة أمير كبير عام ١٩٥٨. وكانت مسرحاً لنشاط سياسي طلابي من مختلف الاتجاهات في الطيف السياسي، حتى ثورة ١٩٧٩.
** في ٦ كانون الثاني، ٢٠٢٠ قتل أكثر من خمسين شخصاً أثناء تدافع في مراسم تشييع سليماني في مدينة كرمان.
*** في كانون الأول، ٢٠١٩، اندلعت مظاهرات في عدد من المدن الإيرانية احتجاجاً على قرار الحكومة بتقنين الوقود ورفع الأسعار بنسبة خمسين بالمئة. «أبان» هو الشهر الثامن في التقويم الهجري الإيراني.
[نشر البيان بالفارسية وهذه الترجمة إلى العربية عن النسخة الإنكليزية التي نشرت علي «جدلية»]