تفتح فرقة شكسبير الملكية التركة الاستعمارية البريطانية بجرأة في مسرحية "متحف في بغداد". تحكي هذه المسرحية حكاية المتحف الوطني العراقي في لحظتين حرجتين من تاريخ العراق: 1926، سنة تأسيس المتحف بأيد بريطانية وفي ظل الاحتلال الإنجليزي، وسنة 2006 في أعقاب الغزو الأمريكي ونهب المتحف. ومن خلال المتحف تستكشف المسرحية قضايا الاستعمار والهوية. ذهبنا إلى هذه المسرحية ونحن نتوقع أن نرى أنفسنا في أعين البريطانيين،فإذا بنا أمام عرض صاغته الكاتبة البريطانية، الفلسطينية-الأيرلندية هناء خليل لنرى فيه البريطانيين والأمريكيين والعراق بين احتلالين من وجهة نظرنا نحن.
تعددت الأصوات في هذا العرض، فمَنَح الاستعمارَ صوتاً كما منح ناقديه. ولكنه، على طريقة بيرتولت بريخت في المسرح الملحمي، كان يكسر هذا التعدد الصوتي مراراً ليقدم لنا، من خلال لحظات تتجمد فيها المشاهد ويكرر الممثلون كلمة أو مقطعا ما، أحيانا بالعربية وبالإنجليزية، ومن خلال مشاهد الكورس/الجوقة،وغيرها من التقنيات المسرحية، رؤيةً ملحمية تراجيدية تسائل الاستعمار وتحمله المسؤولية.وبينما تدور أحداث المسرحية في عامي 1926 و 2006 يعود الحديث مراراً إلى لحظة القصف البريطاني للعراق لوأد ثورته في عام 1920وإلى لحظة القصف والغزو الأمريكيين، وإلى لحظة نهب المتحف في أعقاب الغزو.وتصبح هذه اللحظات التي يمتزج فيها الدمار بالميلاد "موجةً/تتضخم/ عاصفة/ إعصار/ من الإرادة/تدافُع حتى/الفيضان/ السدود تنهار/ موجة عارمة/ من النوايا/من الدمار/ يقهر/ يقهر/ يبتلع/يغرق/ يغرقنا جميعا/ فما الذي سيبقى بعد أن تهمد المياه؟" (بالعربية في الأصل).
تستدعي هذه الصور طوفان نوح وفيضانات بلاد ما بين النهرين التي كانت تُغرقُ حضارةً لتقوم على أنقاضها أُخرى—ومنها طوفان غلغامش. وتمتدهذه الصور إلى بنية المسرحية نفسها؛ إذ تتدفق أحداثها بشكل متناغم في بعض الأحيان، ومتنافر متضارب في أحيان [D1] أخرى، منتقلةً من زمنٍ إلى زمن، ومن فكرة إلى نقيضها أو إلى الرد عليها، كما لو كانت موجات من الطوفان أو شظايا انفجار لا يستطيع المشاهد أن يتعامل معها من دون أن يشعر بحِدَّتِها.
وبدلا من الاستكانة للتدفق السلس لأحداث العرض، يحفزنا هذا التلاطم وهذه الحدة على التفكير ويذكرنا بأن الواقع أليم وأن حكاية متحف العراق، وتاريخ الغزو، والتركة الاستعمارية، ليست مجرد تسلية. وفي مقابل هذا الاغتراب الذي ينشأ، على طريقة بريخت، بين المشاهدين وبين أحداث المسرحية، لا نعدم، نحن مشاهدي المسرحية العرب، من لحظات من الألفة مع الخشبة ومع العرض، بالذات والممثل العراقي رسول الصغير يعلن افتتاح العرض بالعربية والإنجليزية. تَمَكَّنَرسول الصغير، ابن العراق وابن المنفى، من أن يسبك في أدائه حُبٍّا للعراق وماضيه وآثاره، وقلقاً (يخالطه الأمل في كثير من الأحيان بالرغم من قَدَر المسرحية التراجيدي) نحو مستقبله، وهو يلعب دور أبي زمان الذي يسكن المتحف كأنه روحه والذي يتحرك بحرية بين زمني المسرحية، والذي تمنحه المسرحية قدرة التحكم في خطوط الزمن وتغييرها –هذا التغيير الذي يصطدم دائما بالنهايات المأسوية إذ تستلهم المسرحية التراجيديا من حيث هي صراعٌ مع قدرٍ محتوم، إلا أنها تستعيض عن المفهوم الميتافيزيقي للقدر بالاستعمار الذي تصبح كل النهايات مأسويةً في ظله.
زمن الاحتلال وزمن المتحف
تتلاحق أحداث الماضي مع أحداث الحاضر إذ نرى أمامنا بالتوازي أحداث 1926 حين أنشات المستشرقة البريطانية وعالمة الآثار غيرترود بيل المتحف لتموت بعد افتتاحه بجرعة زائدة من الحبوب المنومة، والأحداث المتخيلة لعام 2006 إذ يحاول فريق من العلماء العراقيين بقيادة البريطانية-العراقية غالية حسين (المستوحاة بتصرف من لميا الغيلاني التي رحلت عنا في مطلع العام الجاري) إعادة افتتاح المتحف وسط أجواء الاحتلال والعنف.ويتقاطع الزمنان، على سبيل المثال،على قطعة آثار ظلت في المتحف من هذا الزمن إلى ذاك فنرى المرأتين تدرسانها على التوالي وتلتقطهاهذه من يد تلك أو تجتمع عليها أعين شخصيات الزمنين.
هذا الزمن الذي يسكن ماضيه حاضره هو زمن علمالحفريات-الأركيولوجيا من حيث هي استكشاف خطوط الزمن المتعاقبة على نفس المكان، واستكشاف قطع الآثار التي تبقى من زمن إلى زمن.وهو كذلك زمن المتحف من حيث هو تجميع لأزمنة مختلفة في مكان واحد لتحكي رواية واحدة (وإن كان نص هناء خليل يقلب التناغم الذي يصطنعه المتحف إلى اضطرابٍ يحفز على التفكير).وهو كذلك الزمن الوطني (كما يختلقه الاستعمار والنخب الوطنية المعادية للاستعمار على حد سواء) الذي يجمع الأزمنة المختلفة التي تعاقبت على مكان واحد في هوية واحدة مختلقة ويفترض أن الناس من خلال هويتهم الوطنية يعيشون الماضي والحاضر معًا.
استطراد نظري: يذكرنا تعامل المسرحية مع المتحف كأداة أيديولوجية لتشكيل الهوية الوطنية بتحليل بنيدكت أندرسون لوظيفة المتحف في كتاب المجتمعات المتخيلة. وكذلك عندما تستكشف المسرحية الدور الاستعماري للمتحف – ليس في تغطيته على نهب الآثار فحسب، ولكن في تشكيل رواية التاريخ أيضاً—فإن ذلك يذكرنا بنقد دراسات ما بعد الاستعمار للمتاحف وبحديث تيموثي ميتشيل، في كتاب «استعمار مصر»، عن دور المعرض في إنتاج نظام معرفي (إبستمولوجيا) غربية. أما زمن المسرحية الذي يسكن ماضيه حاضره، ويتجاور فيه الماضي والحاضر والمستقبل، فيذكرنا بما قال به جوزيف مسعد، في كتاب «آثار استعمارية» عن الزمن الوطني "المزدوج-المتزامن" "بحيث يعيش الوطن ماضيه وتقاليده وحاضره الناشئ وحداثته المستقبلية في وقت واحد."(انتهى الاستطراد)
وحين تجمع الآثار خطوط الزمن المختلفة، فإن ذلك يحاكي إيمان أبي زمان بأن الآثار هي ما يجمع الحاضر بالماضي ويلهم المستقبل، وتحاكي كذلك ظن غيرترود بيل أنها إذ تحفر في رمل العراق وتستخرج آثاره وتجمع نصفها في المتحف (إذ يذهب النصف الآخر لمتاحف أوروبا بحسب قوانين الآثار العراقية التي خطتها بيل بنفسها)فإنها تخلق العراق خلقا.
إلا أن المسرحية، على العكس من غيرترود بيل، لا تسقط في الوهم الإيديولوجي الذي يجعل من الآثار والماضي السحيق الرابط الوحيد لتاريخ الأمة، إذ تربط هناء خليل أزمنة حكايتها من خلال شخصيتين عراقيتين أولهما أبو زمان، وثانيهما ناسية، العرافة التي تتنبأ بالمستقبل "معتمدة لا على مرآة/ ولا على تعاويذ سحرية/وإنما على الحسابات/بالمعرفة، بميكروفون، بكاميرا/ ورؤية واضحة لما حدث في الماضي البعيد والتاريخ/الحديث، وفهم لطبيعة الإنسان – لأنماط سلوك/ البشر" (بحسب ما يصفها أبو زمان، بالعربية في الأصل).
ناسية، إذن، هي نقيض المتحف، إذ تمثل الوعي الوطني بالماضي وبالحاضر والمستقبل بعيدا عن سلطة المتحف وعن مؤسسات الدولة، خاصة إذ تؤدي الممثلة البريطانية ذات الأصل العربي نادي كمب-صيفي الدور بآداء شعبي وبتقمص بديع لدور البدوية.وفي مشهد من أروع مشاهد المسرحية، تقتحم ناسية افتتاح المتحف (الذي يحدث في الزمنين على التوالي)، ويثير وجودها بملابسها البدوية وهي تتأمل الآثار استغراب الحاضرين، إذ فُتِح المتحف للمسؤلين فقط وحيل بينه وبين سائر جمهور العراق بالأسوار والحراس، ما يطرح السؤال "لمن هذه الآثار؟"، نفس السؤال الذي يطرحه مالكولم ريد في سياق مشابه في كتابه فراعنة من؟، ونفس السؤال تطرحه ناسية فتقول لغالية: "إذا كان هذا المكان لنا معشر العراقيين كما تزعمين، فلماذا يُترك الناس العاديون في الخارج؟" ثم ترد بعنف بأن هذا المتحف لم يرحب بالعراقيين يوما وأنهم في المستقبل سيتذرعون بما حدث للمتحف من تخريب ونهب (وربما تشير بشكل غير مباشر كذلك إلى تدمير الجماعات المسلحة للآثار) لكي يظل المتحف مغلقا في وجه الجمهور؛ ولكنهم سينسون أنهم هم (أصحاب السلطة) من دفع بالعراقيين إلى هذه الحال:"لم يكن ثمة طعام لنأكله، لا ماء، لا مكان آمن. لقد جعلوا منا همجاً، البريطانيين" وتعيدها بعد ذلك مرتين مستبدلةً بالبريطانيين الأمريكيين مرة، والدولةَ مرةً أخرى (وكأنها تنتقل في كل مرة بخطبتها إلى زمن مختلف، من دون أن تساوي تماماً ما بين قمع الدولة الوطنية وقمع المستعمرين: "على الأقل أيام صدام لم يكن يقتل بعضنا البعض."). وفي نهاية هذا المشهد تعمد إلى التاج الأثري (الذي يوحد المشهدين اللذين يجريان بالتوازي في زمنين مختلفين) وترفعه لتلقي خطبة أخيرة عن تفاهة الآثار حين يتضور الناس جوعاً في الخارج، ثم تدمره. ويتجمد المشهد، وينتهي وعيون الشخصيات من الزمنين معلقة بها، وبندقية المجندة الأمريكية التي تؤَمِّن المتحف مصلتة [D2] في وجهها، ومديرتا المتحف في الزمنين تقولان في نَفَسٍ واحد "كيف سمحت لمثل هذا الأمر أن يحدث؟"
في هذا المشهد يظهر كذلك التناقض ما بين أبي زمان وما بين ناسية (وهو التناقض الذي أسرت به هناء خليل إلى مشاهديها العرب دون سواهم من البداية من خلال التناقض اللفظي بين الاسمين). فبالرغم من التوازي ما بين الشخصيتين، إلى حد التناغم (إذ تظهر ناسية أول ما تظهر على وقع وصف أبي زمان لها وفي كثير من المشاهد يتحدثان معا كجوقة واحدة)، فإن أبا زمان يحاول أن يحافظ على خطوط الحكاية ويوجهها، بينما تنهار تلك الخطوط حول ناسية التي تدمر التاج الذي يجمع هذه الخطوط. ونرى كذلك التناقض ما بين إيمان أبي زمان بأن الآثار يجب أن تبقى لكي تلهم الأجيال الآتية، وتدمير ناسية للآثار لكي لا تلهي الناس عن حقيقة الواقع الذي خلقه أصحاب السلطة (نفس أصحاب السلطة الذين يستخدمون هذه الآثار لفرض رؤيتهم للتاريخ والهوية).
الحبكة والشخصيات
هذا التوازي والتناقض ما بين الشخصيات يمتد إلى باقي شخوص المسرحية؛ فالحبكة قائمة بشكل كبير على التوازي ما بين غيرترود بيل وما بين غالية حسن، ليس فقط لأنهما امرأتان مهتمتان إلى حد الشغف بالآثار وبالتاريخ القديم ولكن لأنهما كذلك تظنان أنهما تمنحان العراق شيئا. تحاول غيرترود بصدق، فتصطدم بموقعها كجزء من منظومة استعمارية،وبواقع العراق الذي يفاجئها كلما ظنت أنها خبرته(وذلك صراعها مع قدرها الاستعماري التراجيدي) فينتهي بها المطاف منتحرة – أو مطمورة تحت أكوام من الرمل في تمثيل المسرحية الرمزي والسريالي لانتحار غيرترود.وفي اللحظات التي نرى فيها غيرترود بيل وهي تقترب من نهايتها المأسوية، نرى غالية تسير في مصير شبيه إذ تصطدمهي الأخرى مع واقع العراق وواقع الاحتلال الأمريكي وواقع أنها بريطانية الثقافة وإن كانت عراقية الأصل،فتشكو من الأرق وتتحدث عن أنها بدأت تتعاطى حبوب التامازيبام المنومة. منذ أتت إلى العراق.وتحاول أن تهرب لكي لا يقتلها "هذا المكان" (المتحف؟ العراق؟) كما قتل غيرترود بيل.
من المهم هنا أن التي ترث غيرترود بيل هي عراقية ولكنها كذلك عراقية-بريطانية. وبالإضافة لتمثيلها الصادق لتناقضات الهوية لدى قسم كبير من أنصاف العرب وعرب المهجر (بالذات الجيل الثاني منهم)، فإن لنا أن نقرأ غالية على أنها مجاز عن النخبة الوطنية المحلية التي تحاول أن تجعل من الإرث الاستعماري شيئا وطنيا والتي تتنازعها ميولها الوطنية وانحيازاتها المعرفية الغربية-الاستعمارية.
وفي مقابلهما ليلى، عالمة الآثار العراقية التي تقدم رداً حاسماً على تركة غيرترود بيل الاستعمارية: "هذه المرأة!" تقول ليلى عن غيرترود، "لقد كانت مهووسة بالمتاحف بنسختها الغربية. [وبسببها] أُخِذَ الكثير من الآثار من مكانها الطبيعي وذهب النصف مكافأةً للذين نظموا الحفر، أي الغرب!"وتحاول غالية أن تدافع عن تركة غيرترود فتقول لليلى إنه لولا غيرترود لذهبت آثار العراق إلى متاحف لندن وبرلين ونيويورك فتذكرها ليلى بأن آثار العراق هناك بالفعل. وأمام اهتمام غالية الفوقي بالآثار وتذمرها، في بعض الأحيان، من عدم اهتمام العراقيين بآثارهم، تضع ليلى الأمور في نصابها فتقول"ثمة جثث في الشوارع، ما يضع التماثيل المدمرة في حجمها [الطبيعي]."
تؤمن ليلى بأن الآثار يجب أن تترك حيث وجدت "أمَا وقد أُخذت هذه التماثيل من الأرض فإنها ينبغي أن تكون حيث تنتمي، حيث عُثِر عليها، جُزءًا من متحفٍ للمجتمع، لا هذه النسخة المعولمة، المسلعة، الغربية من المتاحف، التي تُشَكِّل الرواية التاريخية على هوى أصحاب السلطة [وتعرض] الآثار كأنها غنائم حرب."
تزداد قوة هذه السطور إذ تقولها الممثلة المغربيةهدى الشوافني بلهجة عربية وبحضور طاغ جعلها، من دون منازع، نجمة العرض، وجعل صوتها هو الأكثر حزماً وحسماً، وأعطى جمهور المسرحية عدسة عربية ناقدة للاستعمار ليروا من خلالها الدور الذي تلعبه غيرترود وغالية في بقية المسرحية.
ولأنها تؤمن بأن الآثار يجب أن يكون لها حياة مع البشر فإن ليلى في أحد المشاهد تستجيب لغواية أن ترتدي التاج الأثري الذي يجمع خيوط المسرحية فتقف على كرسي في منتصف المسرح لتنزع حجابها وترخي شعرها، جعداً ومسترسلاً وتضع التاج على رأسها وتتسمر، شامخة تحت التاج، كأنها تستعيد التاريخ أو تقول لنا بأن ثمة طريقة لوراثة التاريخ القديم خارج إطار "هذه النسخة المعولمة، المسلعة، الغربية من المتاحف، التي تشكل الرواية التاريخية على هوى أصحاب السلطة [وتعرض] الآثار كأنها غنائم حرب." ثم يدخل عليها أبو زمان وغالية فتهرب خجلى وهي تلملم حجابها وتتوارى من أعينهما اللائمة – ومرة أخرى تظهر براعة هدى الشوافني التي انتقلت في لحظة من شموخ ليلى تحت التاج إلى خجلها وارتباكها.
استطراد: تصبح ليلى هنا أقرب إلى ناسية، خاصة وأنها تقف تحت التاج في نفس البقعة التي سترفع فيها ناسية التاج لتلقي خطبتها قبل أن تدمره. (انتهى الاستطراد)
تحمل ليلى كذلك عداءً واضحا للاحتلال الأمريكي حتى لا تطيق وجود حارسة أمريكية لتأمين المتحف. وبينما يقول آخرون إنهم أحسنوا الظن أول الأمر بنوايا الأمريكان تقول ليلى: "أنا توقعت أنه ما إن يأتي رعاة البقر فستتحول بغداد إلى زقاق لإطلاق النيران."ثم في مقابلها نرى ساميورك، المجندة الأمريكية السوداء، ساذجةً إلى درجة تثير الغيظ أحياناً والشفقة أحيانا أخرى. وهي على عدم كفاءتها، وعلى التبريرات الساذجة التي تعطيها للغزو وجرائمه، ودودة ودؤوبة ولا تمانع في كنس المتحف (لتقدم لنا المسرحية صراعا ًمجازياً بين الغزاة الأمريكيين وبين رمل العراق، وبينما تكنس يورك وتكنس لا ينضب الرمل الذي يتراكم، بسبب طبيعة المكان وبسبب حركة الناس فيه).
وإذ تقدم لنا المسرحية سام في معظم الأوقات في ظل ليلى تجعلنا نرى المحتلين في سياق رفض أهل البلد لوجودهم. وفي ظل ليلى تنشأ علاقة من التوتر والثقة لتعترف سام لليلى بما يثقل ضميرها. وتتعجب ليلى من أن سام، بعد "كل ما رأت، وكل ما فعلت" لا يثقل ضميرها سوى صغائر الأشياء، فتبرر سام الأمر بأن العسكريين حين يتلقون أمراً فكأنهم "ليسوا هم الذين ينفذونه، مهما كان سيئاً". وتبرر وجودها في العراق بأنه لم يكن خيارًافتقول "لم يكن ثمة الكثير من [حرية] الاختيار حيث كنت. كنت أتمنى لو ذهبت للجامعة. لكن ذلك لم يكن خياراً متاحاً." (لتلقي باللوم، من دون أن تدري، على أمريكا التي تلقي بفقرائها وأقلياتها إلى الحرب، وتذكرنا بالضبط بما كنا نقوله حين كنا نحاول مقاومة زحف برنامج "فرقة تدريب قوات الاحتياط" ROTC على الجامعات الخاصة في أمريكا والذي يبتز الفقراء لينضموا للجيش مقابل دراستهم في الجامعة).
وفي التناقض ما بين سام الساذجة والتي لم تذهب إلى الجامعة، وليلى، العالمة التي تستخدم في حديثها العادي مصطلحات إنجليزية لا تفهمها سام، نرى أهل العراق أقوى من محتليهم، ونرى قلباً للصورة النمطية الاستشراقية التي تظن نساء العرب جاهلات وضعيفات مقارنةً بنساء الغرب.
استعارة الرمل
تقلب هذه المسرحية الكثير من الصور النمطية الاستشراقية وتستهزئ بها. يظهر ذلك منذ بداية المسرحية حينما تطلب غيرترود بيل من أبي زمان أن يلقي بالعملة ليحل الخلاف بينها وبين عالم الآثار البريطاني الذي يريد أن يأخذ تمثال إلهة عراقية قديمة إلى المتحف البريطاني وتريد غيرترود أن تبقيه. تقول غيرترود "لنحلها بالطريقة العربية: مكتوبة" (وتقول الكلمة الأخيرة بالعربية ولكن من الواضح أن الذي يريد أن يقامر وأن يركن إلى القدر والمكتوب همالإنجليز لا العرب، بالتناقض مع العرافة العربية ناسية التي تتنبأ بالمستقبل عن طريق العلم والحساب). يتكرر مشهد إلقاء أبي زمان للعملة مرتين، وفي كل مرة يعطينا نتيجة مختلفة ولكن في الحالتين يرى أبو زمان فيما يشبه الحلم أن النتيجة في المستقبل البعيد واحدة وهي سقوط العراق في دوامة العنف التي خلقها الاحتلال. هذه النهاية التراجيدية الواحدة التي لا تتغير مع تغير تفاصيل الحكاية تشي مرة أخرى بأن قوى الاستعمار (غيرترود بيل التي تقدم الشق الليبرالي من الاستعمار الذي يظن أنه يساعد أهل البلد، وغريمها ليونارد وولي الذي يمثل الاستعمار الواعي بذاته الذي يريد مصلحته ويعي أن أهل البلد سيكرهونه لا محالة وأن علاقته بهم هي علاقة عنف) تقامر بمصير شعب العراق ثم تلومه هو على نتيجة مقامرتهم.
وعندما يُخرِجُ أبو زمان العملةَ من جيبه ليلقيها تتساقط من يده حفنة كبيرة من الرمل كأنه كان يخبئها في ثيابه. نضحك في أول الأمر على هذه الصورة النمطية التي تربط العربي بالرمل والصحراء، إلا أننا مع توالي الأحداث ندرك أن الرمل المتساقط من يد أبي زمان هو مثل الرمل في ساعة الرمل، وأن الرمل خلال المسرحية يمثل مرور الزمن وتوالي الأحداث، ويمثل كذلك رمل العراق الذي يطأه الغزاة ويحفره المستكشفون، (كما في المشهد المضحك الذي تكنس فيه سام المتحف وتتحدث عن عبثية كنس الرمل في الصحراء).
تستمر رمزية الرمل إلى مشهد النهاية حيث نرى غيرترود نائمة في قفص زجاجي بينما الرمل ينهمر عليها، كما في ساعة الرمل، ليغمرها. في هذا المشهد شيء من الانتقام التراجيدي، ليس فقط بسبب حتمية مرور الزمن وتساقط الرمل في الساعة، ولكن أيضا لأن بيل التي حفرت في رمل العراقوخطّت عليه الحدود غمرها رمل العراق. وأن غيرترود بيل التي أحبت العراق وشاركت في رسم حدوده وأتقنت لهجاته، لا قِبَل لها هي الأخرى برمله. تتعاطف المسرحية مع غيرترود بيل من حيث هي امرأة قوية وفاعلة في عالم يحكمه الرجال، وتعاقبها بقسوة على دورها الاستعماري. طبعا لا يخلو هذا المصير التراجيدي من تمجيد إذ تصبح غيرترود، إذ تُدفَنُ في رمل العراق، أثرا من آثار العراق التي يؤمن أبو زمان أنها ستلهم الأجيال القادمة، خاصة وأبو زمان يختتم المسرحية بحثه الجوقة أن تحفر (ليستخرجوا غيرترود؟)— بينما تتردد ليلى في الحفر.
ويرمز الرمل أيضًا للناس الذين تتلاعب بهم مصالح المستعمرين وأهواؤهم. تقول ليلى"لن يكون لأي منا خيار حتى يرحل الجميع [تعني الإنجليز والأمريكيين]. حتى ذلك الحين نظل مثل الغبار، مثل رملٍ في مهب الريح، تحركنا أهواء الغرب كيف تشاء." إلا أن هذه الاستعارة حمّلت الرمل أكثر مما يحتمل وظهرت مجتزأة كأنما تحتاج إلى توضيح أو إنضاج أكثر.
ربما كان النص المسرحي بحاجة كذلك إلى مزيد من التناص مع الأدب العربي لتكتمل استعارة الرمل، وربما كان بحر الرمل المتدفق على المسرح فرصةً للتناص مع بحر الرَمَل في الشعر العربي، خاصة والمسرحية عن نساء "فاعلاتٍ فاعلات".
عن النساء والأركيولوجيا
في مشهد مبكر تجتمع جوقة من نساء المسرحية ليروين مع أبي زمان (بالعربية وبالإنجليزية) حكايةَ ماضٍ مُتَخَيّل كانت النساء تعيش فيه في "عزلة" فـ"حللن المشاكل/ ووثقن نتائجهن بالقلم/ اكتشفن أدوية وعلاجات لم تُعرف بعد/ يسمعن لغة الأرض ويفهمنها" (بالعربية في الأصل)، ولكن الرجال سئموا من ذلك الوضع فـ"تسللوا ... في جوف الليل/وأحرقوا كل شيء" حتى "لم تنج أي امرأة وألقيت الجثث في القبر" وأخذوا الفتيات الصغيرات ليصبحن "نساءً في هذا العالم الذكوري/اتبعن القواعد/ لأنهن لم يعرفن الحقيقة عن ماضيهن" إلا أنهن "غالبا ما/ يتحرقن شوقاً/ إلى شيء لم يفهمنه/ لكن أقدامهن ستحملهن/ إلى الغابة، إلى مكان محدد/ .../ولكنهن لم يعرفن الحقيقة المأساوية/ أن تاريخهن أسفل/أقدامهن/ محروق ومدفون مع أمهاتهن/وفي طي النسيان."يلمح هذا المشهد إلى تصور المؤرخين وعلماء الآثار عما يعرف بالمجتمعات الأمومية التي ربما وجدت يوما قبل بداية التاريخ المدون، وتبني عليها تخيلاً لعلاقة أبطال مسرحيتها النساء بالحفريات. وفي نفس الوقت يعطينا مجازاً عن كبت السرديات الذكورية السائدة لروايات النساء وأصواتهن. وإن كان هذا المشهد يصطنع نسوية عابرة للأعراق تجمع غيرترود بيل المستعمِرة مع ليلى التي تكره الاستعمار والتي قتل الاستعمار أخاها، وتجمع الاثنتين مع سام يورك المستعمِرة والفقيرة في آن، فإن المسرحية قد ردت على هذه النسوية القاصرة بعدة مشاهد تناقض هذا المشهد، ومنها مشهد ترفض فيه ليلى محاولات سام المساواة ما بين عنف عموم الرجال ضد النساء وعنف الجنود الأمريكيين (الذي تختزله سام في عنف الجنود الذكور ضد الجنديات الإناث)، وترفض أن ينشأ تضامن بينها وبين سام كضحيتين متساويتين لهذا العنف.
وفي مشهد آخر تحاول المسرحية استنطاق صوت عراقي نسوي معاد للاستعمار لترد به على نسوية غيرترود بيل فتترك سالم، عامل المتحف العراقي ومساعد غيرترود بيل، أمام تاريخ بلاد ما بين النهرين ليقول لغيرترود إنه يتمنى أن يُحضِر زوجته وبنته وحفيدته المتخيلات ليرين تمثال الإلهة العراقية القديمة الذي استخرجته بيل وتحاول حفظه، ليدركن أن قدرة النساء على أن يكن فاعلات ليست أمراً مستحدثاً ولكنه أمر "عتيق" ancient .
ولكن، ما بين الحداثة وبين العتاقة، تختلق السلطةُ القائمة، الاستعماريةُ وما بعد الاستعمارية،الهويةَ، وتتم القطيعة مع ماضي العراق القريب وثقافته الحية.
فعلى العكس من الحكاية المتخيلة/الرمزية التي تحكيها جوقة النساء عن ماضيهن، فإن التراث العربي، بالذات فيما يتعلق بالعراق، لم يمحُ أو يحرق آثار النساء وأصواتهن حتى حين كانت النصوص تُكتب بأقلام الرجال؛ وكان ذلك جزءاً من عقيدة تدوينية تجمع الشذرات كلها حتى وإن لم يؤمن الرواة بما جاء فيها أو يوافقوا عليه؛ وهكذا حُفِظَت حكاياتُ النساء حتى وهن يناظرن الرجال في الطرقات ويفحمنهم، وحتى قول التي هجرت زوجها لتنضم إلى الخوارج(وهي عميرة زوجة مجاشع)، والتي خطبت فيهم على المنبر في الكوفة وتولت إمارتهم (وهي غزالة الشيبانية)، وقول التي كانت تفاضل بين أمير العراق مصعب بن الزبير وبين سائر أزواجها (وهي عائشة بنت طلحة ابنة الصحابي طلحة بن عبيد الله وبنت أخت أم المؤمنين عائشة وكانت من رواة الحديث). يمكن أن يقال ما يقال عن تهميش الرواة الذكور لروايات النساء أو كتابتهم فوقها ولكن تبقى هذه الروايات أقرب إلى سالم العراقي من الغابة المتخيلة أو من إلهة قديمة من بلاد ما بين النهرين تستخرجها له مستشرقة بريطانية تظن أنها تنشئ العراق، والعراقيين، إنشاءً. وربما كانت روايات النساء بالفعل مدفونة ولكن التي دفنتها حداثة ترفض تعدد السرديات والروايات (تشبه حداثة المتحف التي تنتقدها ليلى).ولو كنا نبحث عن تاريخ أمومي لم يدوَّن، فلدينافي العراق بالذات حادثة تاريخية مدونة بتفاصيلها وبرواياتها المختلفة عن حركة سياسية كانت الأمومية جزءاً من دعواها: أعني بالطبع دعوى أم المؤمنين عائشة الناس إلى الخروج على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب؛ وكانت دعوى الأمومة واضحة في أقوال الذين كانوا في صفها (يا أمنا يا عيش لن تراعي/كلُّ بَنِيكِ بطل شجاعِ) وفي أقوال الصف المقابل (وأمهم قائمة تراهم/ يأتمرون الغي لا تنهاهم[1]/ قد خضبت من علق لحاهم). وربما لو كانت هذه المسرحية بالعربية لتوقعنا منها أن تحفر أكثر لتصل إلى التراث الحقيقي لهؤلاء النسوة بدلا من مشهد متخيل يفرض عليهن أن يقفن جنباً إلى جنب مع المستشرقات والمجندات في صفوف جيوش الغزو.
صوت العرب على مسرح شكسبير
بدأ العرض وانتهى بأبي زمان وهو يتحدث بالعربية. لم يستسهل معدو العرض، غرباً وعرباً وأنصاف عرب، محاكاة الصوت العربي أو تغييبه (على طريقة هوليوود). بل على العكس حرص المعدون أن تكون المقاطع العربية مكتوبة بعربية سليمة وأن يلعب ممثلون ناطقون بالعربية أدوار العرب. وحتى حين تحدث الممثلون الإنجليز بعربية مكسرة ضمن الجوقة، فإنهم أصبحوا هم الاستثناء أمام الجوقة العربية وأصبح الإنجليزي هو الآخر وأصبح عليه أن يحاول الحديث بالعربية وأن يبدو، بعربيته القاصرة، عاجزا مقابل جوقة من المتكلمين بالعربية بطلاقة.ومنحت هذه المسرحية فرصة لممثلين عرب الأسماء والألسنة والوجوه، ليتصدروا مسرح فرقة شكسبير الملكية وليصبحوا عن استحقاق نجوم العرض.
هذا الحضور العربي لم يقتصر على مسرحية "متحف في بغداد". ففرقة شكسبير الملكية قائمة على مبدأ الفرقة المسرحية التي تؤدي أكثر من عرض في نفس الفترة، فيصبح من المعتاد أن يلعب الممثل الواحد أدواراً في أكثر من مسرحية. وتصادف أن المسرحية الثانية التي تعرضها الفرقة بالتوازي هي مسرحية "الملك جون" لويليام شكسبير، والتي تعتبر من مسرحيات شكسبير التاريخية-الدعائية التي تؤرخ لأسطورة ميلاد إنجلترا. (وكما يذكرنا "البرنامج" المصاحب للعرض فإن الملك جون هو المسؤول عن إنجلترا كما نعرفها حاليا حين انسحب، تحت ضغط الفرنسيين والنبلاء، من المقاطعات النورماندية التي أصبحت الآن جزءاً من فرنسا، ما اضطره إلى أن يتخذ من إنجلترا قاعدة لحكمه بعد أن كانت نورماندي—التي تنحدرمنها عائلته – هي مقر حكم أسلافه. وهو الذي أعطى نبلاء الإنجليز وثيقة الحقوق المعروفة بالماغنا كارتا والتي ينظر إليها على أنها منبت الدستور –غير المكتوب— لبريطانيا الحالية. )
وهكذا أصبح الكثير من الممثلين الذين يقدمون لنا هذه اللحظة التاريخية-الأسطورية من التاريخ الإنجليزي من ذوي الأسماء والوجوه واللهجات العربية. هذا "الزحف العربي" على العرض وإن بدا وافدًا على النص الشكسبيري، ليس دخيلاً عليه.فالعرب والترك والمسلمون وغيرهم من "الشرقيين" حاضرون في نصوص شكسبير، إما على الهامش كما في مسرحيات مثل«تاجر البندقية»(من خلال شخصية ملك المغرب) و«هنري السادس» (إذ يقول الأمير تشارلز لجان دارك: "أألهمت الحمامة محمداً؟ إذن فالنسر يوحي إليكِ" في إشارة إلى الاعتقاد السائد لدى الأوروبيين وقتها أن جبريل أتى الرسول على شكل حمامة)، أو في القلب كما في مسرحية «أوثيلو»(التي أفضل ترجمتها إلى «عطاء الله» بدلا من «عطيل». ويحضر العرب والمسلمون في المسرحية من خلال التركي المعمم في حلب، والعثمانيين الذين يحاربهم جيش البندقية، وحتى في حديث إيميليا عن المرأة التي كانت "لتسير حافية إلى فلسطين للمس شفة [كاسيو] السفلى." بالإضافة طبعا إلى شخصية أوثيلو/عطاء الله نفسه.) وإن كانت إنجلترا في زمن الملك جون وبدرجة أقل في زمن شكسبير، بيضاء لا وجود واضح فيها للعرب والهنود وغيرهم من الأعراق الذين ستلملمهم الإمبراطورية البريطانية قبل أن يضيق بهم اليمين الإنجليزي، فإن الأغيار، عرباً ومسلمين بالذات،كانوا حاضرين بقوة في خيال هذا العالم، خاصةً من خلال الحروب الصليبية التي ألقت بظلالها بقوة على السياسات الداخلية في إنجلترا وسائر أوروبا. فلم يكن الملك جون ليوطد لنفسه في الحكم لولا غياب أخيه ريتشارد قلب الأسد في الحروب الصليبية. فلما مات ريتشارد استطاع جون أن ينحي أو يقتل باقي الورثة، وهو ما لا يغيب عن مسرحية الملك جون. وكذلك يفتتح شكسبير ثلاثيته التي تروي ملحمة هنري الخامس بالملك هنري الرابع وهو يتمنى أن يشن حربا صليبية جديدة "ليطارد الكفار [يعني المسلمين واليهود] من هذه الأراضي المقدسة" قبل أن تجبره القلاقل الداخلية أن يشن حملته الصليبية في إنجلترا لا في فلسطين.
استطراد أخير:يبدو أن شكسبير لم يكن مغرما بالحروب الصليبية إذ نرى أن ملحمة هنري الخامس وأبيه كانت توحيد إنجلترا لا غزو فلسطين، وهنرى الرابع الذي استبدت به فكرة تنظيم حملة صليبية جديدة بعد أن أنبأه عراف أنه سيموت في القدس، ينازعه الموت في معسكره أثناء حروبه لتوحيد البلاد فيسأل عن اسم القرية التي عسكروا فيها فيقولون له إن اسمها هو القدس، وكأن شكسبير يقول للإنجليز بأن بيت مقدسهم في إنجلترا لا في فلسطين. (انتهى الاستطراد).
تَدَّعي شكسبير طائفتان من الإنجليز، فئة تزهو بالعرق الإنجليزي وتستخدم شكسبير لبث النعرة القومية، وفئة تقرأ مسرحياته قراءة إنسانية، وتستلهم وجود الغرباء في النص الشكسبيري وتضيف إليه (وأزعم أن تلك القراءة هي الأقرب للنص الشكسبيري؛وهذا حديثٌ يطول). تقف فرقة شكسبير الملكية بوضوح مع الفئة الثانية إذ تقدم، في لحظة يتنازع فيها يمين بريطانيا ويسارها، فَصْلا مهمًا من التاريخ الأسطوري للهوية الإنجليزية وقد زحف بريطانيون من غير البيض (عرباً وغير عرب) عليه، وتقدِّمه جنباً إلى جنب مع عرض يسائل بشكل خاص تاريخ بريطانيا الاستعماري وبشكل أعم النبش الأيديولوجي للتاريخ لتشكيل الهوية على أهواء السلطة.
(تعود هذه المسرحية إلى مسارح لندن لمدة شهر ابتداء من 22 أبريل نيسان المقبل).
هوامش
[1] "تأمرهم بالقتل لا تنهاهم" عند ابن الأثير.