يقول الطاهر لبيب :"إن التغيير في معناه الاجتماعي هو موضوع فعل، أي موضوع إرادة وتدخل، إنه باختصار موضوع صراع تؤثر نتائجه في مستوى البنية الاجتماعية، التمييز إذن بين تغيير ينظر إليه خارج التغيير الاجتماعي وبين تغيير يتضمن التغير".[1]
إذا كان المغرب حافلا بثقافة التظاهر والاحتجاج في فترة ما بعد الاستقلال،[2] فإن هذه السمة لم ترق بعد إلى مستوى التقليد المنظم سياسيا وحقوقيا، أي لم تنتقل إلى مستوى الاحتجاج وفق مشروع اجتماعي متكامل. وأقصى ما رامت إليه احتجاج معيشي مشاكس يبطن رسائل غير حجاجية لا تمتد في الزمن وليس لها أفق قيمي متناغم واستباقي، إذ سرعان ما تخبو وينطفئ بريقها اجتماعيا وإعلاميا، على الرغم من تفاعلها الإيجابي مع "منطق" التطور في المطالب، والتي انتقلت فيه من الطابع المادي (السلامة الجسدية و المادية) نحو قيم ما بعد مادية (إثبات الذاتـ الحريةـ الكرامة) وكلها تنبئ بتفاعل إيجابي مع الرهانات التي صاغتها الحركات الاحتجاجية الجديدة في مطالبها المتنوعة.[3] وإن كان من الصعب صوغ توصيف نهائي في ظل السياقات المتباينة للظاهرة الاحتجاجية في عموم المجال الجغرافي الذي ميزته هذه الحركات، من حيث الانتقال السياسي المتردد، أو النكوص والارتداد نحو الحلكة والظلمة السياسية بعتاد وأجهزة منظمة، بشكل جعل المشروع الاحتجاجي متدهورا من حيث المدنية السياسية، وفي حاجة ماسة إلى جهود مضنية حتى تستقر ملامحه وتتجذر فلسفته [4] ويشتد عوده ويستقيم معناه ومبناه. ولعل الصفة الملازمة لهذا العطب تكمن في غياب النموذج التنموي الذي ارتضته الحركات الاحتجاجية سبيلا؛ إذ حصرت مطالبها في القضية الديمقراطية والحريات الشخصية، دون النفاذ إلى بناء نموذج تنموي خاص ومتجدد ينأى ويستقل عن النموذج الليبرالي الذي يسود المجال المهيمن عالميا و إقليميا [5] لدرجة أن هذا الإحياء الثوري استعاد الماضوية وداء التاريخ ، وأبد العوائق التقليدانية الكامنة في نموذج الماضي دون روح المستقبل. حيث تسنمت القوى المحافظة القيادة بعد ثورة الربيع العربي.[6] ولا غرو أن القوى الخطية تلغي الحركات الاجتماعية المركبة والمتعددة هوياتيا، وتحصر المجال العام في أسلوب الهيمنة والفاعلية الأحادية، وتتوسل بمختلف الوسائل الداعمة للخطاب المهيمن، الذي يعكس ثقافة العنف وإن تلبس بالقيم الأخلاقية والإنسانية،[7]والذي يتوارى خلف التسليم بالديمقراطية والقبول باللعبة السياسية. لذا فالحداثة السياسية والتأسيس لها يقتضيان الاشتغال النقدي على الثقافة التراثية في بعدها المهيمن، عبر مشروع مدني ينطلق من التجديد من الداخل، انطلاقا من شراكة بين الدولة والمجتمع المدني، تنبني معالمها ليس على التشريعات فقط، وإنما تؤطرها التزامات أخلاقية وسياسية، [8] بغرض إنتاج القيم التنموية الكفيلة بتحقيق الانتقال البناء والثقة المتبادلة .
1ـ السلطة وطبيعة الموقف من المجتمع المدني والحراك الاجتماعي .
تفهم ظاهرة المجتمع المدني في سياق العلاقة مع الدولة والمجتمع، وتفسر مشروعية وجوده في إطار تصور السلطة القائمة، سواء اتخذ هذا الاعتراف صفة الشريك، أو الطرف غير المرغوب فيه. فالصفة المميزة لهذا المجتمع جعلته في توتر دائم مع الدولة التي تعتمد القسر وتروغ التخلي عن وظيفتها، بتحويل الحيز العام إلى مزرعة وملك خاصين.[9] ونقل ريعها إلى النسيج الاجتماعي الداعم لها والدائر في فلكها (ونقصد هنا الاحتياطي السياسي والتقنوقراطي المدعوم من قبل الأجهزة السلطوية)، في سعي لتنظيم مختلف مناحي الحياة بما ينسجم ومفهوم الهندسة الاجتماعية والمقاربة التقنية لقضايا التنمية باسم المصالح العامة، التي تعد المدخل والبوابة المثلى لتكريس وترسيخ الاستبداد.[10] حيث ظل الإصلاح وزمام المبادرة في مجموع ما سمي بدول الربيع العربي[11] بيد السلطة، وأضحت الحياة الاجتماعية والتعدد الذي يميزها مجرد روافد ثانوية لمركز ينثر مقومات وقدرات الاندماج. وينتج الخضوع الاجتماعي لكافة الأطياف لدرجة تهميش دورها الطبيعي وتقوية لا شرعيتها، ونقلها إلى مستوى المستفيد المرحلي لا الفاعل الحاسم.[12] ولا حاجة للتذكير بأن بناء الأنظمة الاجتماعية لا يتم على أساس الإجراءات الجبرية والقهرية مهما كانت طبيعة التجربة التاريخية.[13]
أحكم النظام السياسي المغربي قبضته على الحياة السياسية منذ أن نجح في كبح الانتفاضات التي رافقت التطبيق الأهوج لسياسة التقويم الهيكلي سنوات 1981و 1984و 1990[14] معلنا عن توجهات تروم إفراغ التعددية السياسية من أي محتوى تعاقدي مبني على مشروع اجتماعي. فجعلها تعددية حسابية عاجزة عن تجاوز القبلية والولاءات العشائرية وعلاقة الشيخ بالمريد كما لم يسمح لها إلا بهامش محاصر "ظني و هامشي". [15] وحسب أن المواطنة والتعبئة التي واكبت ما سمي بالانتقال الديمقراطي في بداية السبعينات ينبغي أن تكون شاملة لتوجهاتها و اختياراتها [16] مما مثل رغبة غير عاقلة للدولة من أجل الهيمنة على المجتمع. لذلك لم يكن الانفتاح على المجتمع المدني محكوما برغبة في تفعيل مبدأ الشراكة، وإنما جاء نتيجة الفشل الذريع في تحقيق التنمية. وفي الاختيارات التي جربتها السلطة مع الاحتياطي السياسي والتقنوقراطي الذي دعمته وساندته، و التي لم تكن إلا التزاما في الشكل الديمقراطي دون الحديث عن المبدأ ومقوماته كما يقول عزمي بشارة، و ذلك عبر التغييب المتعمد للسياسة الاقتصادية والاجتماعية، وتركيز "الاهتمام" على العمليات الدستورية وآليات السلطة، ولا يخفى مدى إهمال القضايا المرتبطة بالعدالة الاجتماعية والحاجات اليومية الخاصة بعموم المواطنين.
ولا شك أن هذا المسلك المبني على الإجبار قد أفقد لحظات الانتقال السياسي من أي محتوى تعاقدي. إذ تأجل المطلب الديمقراطي وتم الالتفاف على مطالب القوى السياسية والاجتماعية، وحرمانها من إدارة المشروع السياسي التنموي، مع ما يوازيها من إرساء ثقافة الزعيم والشخصية الكاريزمية وتغييب ثقافة المؤسسات وروحها[17]، وإعطاء مساحة مقننة لحرية التعبير وغيرها من الإجراءات الشكلية التي لم توفر ما لم يلزم من فرص حقيقية للنمو والعطاء. [18] و بل واحتواء كل القدرات والطاقات الحيوية وإقصاءها لدرجة قد تصل إلى استئصال كل الفعاليات غير المرغوب فيها، أو الخارجة عن النص والإخراج السياسي، والتغاضي عن الخطر الأشد الكامن في سلطة المواريث الاجتماعية و السياسية و"فلسفة" الاستعلاء والطقوس المرافقة لها. [19]
سلف بنا أن أكدنا[20] أن علاقة السلطة بالمجتمع المدني مشوبة بثلاث خصائص وليس استراتيجيتان كما ذهب إلى ذلك بعض الدارسين.[21] وهي المواجهة أو ما يسمى بسنوات الرصاص في التاريخ السياسي المغربي المعاصر، وسمتها العنف المتطرف والرغبة في استئصال الكيانات غير المرحبة بالسلطة في بعدها الفج والانتقال بعد فشل المحاولة الأولى إلى أسلوب التنظيمات الموالية من خلال إنشاء منظمات موازية تعيش في كنف الدولة [22] مدعومة ماليا ومعنويا ترفل في نعيم السلطة وتنفذ اختياراتها وتبجل "مشاريعها". وكانت هذه العملية بمثابة تلغيم لامتداد منظمات المجتمع المدني و الحقوقي أساسا، وانتهاء بسياسة الاختراق عبر المشاركة في فعاليات المجتمع المدني، والتحكم فيه من الداخل وإنشاء مؤسسات جديدة تضمن سيطرة النظام عبر الالتفاف على الفكرة وعلى سقف وتوجيه مسار الفعل والمبادرة وربما حتى المستقبل.[23] وبالتالي التحكم في الأفق من خلال الحرب الاستباقية لمجمل المشاريع التي ينخرط فيها المجتمع المدني أو يطالب بها .
لم يأت سياق الانفتاح على المجتمع المدني داخل التجربة المغربية نتيجة اقتناع موضوعي يسعى إلى بناء دولة المؤسسات والثقافة الديمقراطية. ولكنه كان أسير الحرج السياسي والحقوقي أمام المنتظم الدولي بفعل الصورة "القاتمة" التي تروجها بعض المنظمات الوطنية والإقليمية والدولية. فعلى المستوى السياسي تم نفخ الحياة في مفهوم المجتمع المدني في إطار طبيعة الخيارات "الديمقراطية" الواجب إرساؤها في ظل العوز والضعف الذي عرى على الأنظمة السلطوية العربية. [24] لذلك اتجهت هذه الأنظمة ومنها النظام المغربي إلى إعادة ترتيب التوازنات السياسية. وذلك بالقطع مع مرحلة الصراع حول طبيعة السلطة وصناعة القرار السياسي، وتحويله نحو فاعلية المؤسسة السياسية. [25] قد يفسر ذلك بتنامي مفهوم الحكامة والتركيز فيه على الأسس الديمقراطية التي تخول المشاركة الواسعة وإرساء مبدأ الحكامة، والارتقاء بأداء هيآت المجتمع المدني. فبدأ الربط وفقا لهذا السياق بين الحكامة وإدارة شؤون الدولة، ليشمل مجموع العلاقات بين الحكومة والمواطنين. [26] ولتأكيد هذا المسعى أنشئ المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان والمحكمة الإدارية، وتم السماح برجوع العناصر السياسية المعارضة، وتنصيب هيأة الإنصاف والمصالحة انطلاقا من مراجعتين دستوريتين.[27] وقد انخرط النظام في هذا المسلسل بكل هيآته قصد تجاوز المأزق السياسي، واحتواء المعارضة السياسية دون تقديم ثمن سياسي يمكن أن يعتد به ويمكنه أيضا أن يدخل البلد في خانة البلدان الديمقراطية ونواديها. حيث ظلت الشرعية السياسية أسيرة ثوابت تاريخية لم تنفصل عن سلطة القوة والشوكة وشخصانية نظام الحكم،[28] مستفيدة من عسكرة السياسة بمفهومها العام وبلقنتها، و التي مثلت مصدر التأييد السياسي لنظام الحكم. [29]
أما على المستوى الحقوقي، فقد سعى المجتمع المدني عبر المسار الذي شقه من أجل حماية الحقوق السياسية والمدنية وتحرير الحياة العامة من التدخل البيروقراطي والتعسفي.[30] إذ إن العودة إلى الظهير الشريف 376ـ 58 ـ 1 الصادر في 15 نونبر 1958، الذي ينظم عملية تأسيس الجمعيات، يتضح بجلاء الرقابة التي تمارسها الدولة على الجمعيات انطلاقا من إجراءات التأسيس، مرورا بالتمويل الذي تم تقنينه ليضم الإعانات العمومية، وواجبات الانخراط الخاصة بالأعضاء والمساعدات التي يتم تلقيها من منظمات دولية، حيث أن القانون يمنع تأسيس الجمعيات التي تتنافى أهدافها وغاياتها مع ما يسمى بالأخلاق الحميدة أو تمس بالإسلام أو النظام الملكي أو بوحدة التراب الوطني. وهذا النوع من العبارات الفضفاضة يشكل قيودا واسعة النطاق خاصة عند حدود التأويل الذي يبقى حكرا على السلطة والمضمون الذي تمنحه لكل بادرة لا تتماشى وسياقات وأهداف النسق المخزني العام، بشكل قد يدفع إلى القول بأن هذه الحرية المزعومة تتعارض مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان ذات الصلة.[31] والأدهى من ذلك أن الخيارات القانونية والتنظيمية والإدارية المؤطرة للمشاركة المدنية غير منسجمة و ينقصها التحيين والتجاوب واستباق القواعد، والآليات الكفيلة بمسايرة التحولات العميقة التي شهدها أداء المجتمع المدني ووضعه الاعتباري داخل المجتمع.[32] حيث وبمجرد إنشاء فعاليات المجتمع المدني يتم إقحام هذه المنظمات في شبكة من الممارسات البيروقراطية والقواعد القانونية واللوائح والتعليمات الإدارية والتي سمحت لنظام الحكم بمتابعتها وتنظيم نشاطاتها الجماعية[33] على أمل التقليل من مبادراتها وفرملة تحركاتها وحصر حريتها وحركتها ومراقبة نشاطها وفعلها. وهكذا سجل تقرير التنمية الإنسانية لسنة 2016 أن تصاريح تأسيس الجمعيات والسماح بالتظاهرات تمنح بصورة انتقائية في أغلب الأحيان ويتماشى مع ما تراه السلطة خيرا ويكون انسجاما مع ذلك الأفراد الراغبون في تكوين جمعيات رهن قرارات اجتهادية من السلطة، والتي تسيء استخدام لغة النص القانوني الغامضة لحظر جمعيات أو لإغلاق منظمات غير حكومية. [34]
وإذا كانت الوثائق الدستورية تحتفي وتحتفل بالحقوق المدنية والسياسية، وتسطرها في ديباجاتها وفصولها، فالمعضلة التي تطبع أغلب النصوص الدستورية هي إحالة عملية تأويلها وتنظيمها للنصوص المنظمة، والتي كان من الطبيعي أن تعقب النص المجمل لتفسره. لكن الخطر هو في عملية التحوير والتعويم وإفراغ النص من قيمته ومحتواه القانوني وحياده عن الإرادة المفترضة للمشرع. ولا سيما أن جهة إعداده وتنزيله هي الخصم والحكم.[35] إضافة إلى أن تقنية الملتمسات التشريعية حسب الفصل الرابع عشر من دستور 2011، يمكن أن تشي بتصور يرقى بعملية إنتاج السياسات العمومية. وهذه التقنية وإن كانت مكفولة دستوريا، فهي غامضة من حيث إجراءاتها العملية والمساطر الواجب اتباعها لكي تصل إلى المؤسسة التشريعية آمنة مطمئنة. [36] ولعل في هذا وجاهة من حسب أن هيئات المجتمع المدني تشتغل بأجندة الدولة عوض أن تشتغل الدولة بأجندة الفاعل المدني حسب الأعراف الديمقراطية وهو ما يفقدها الفاعلية والقدرة على المبادرة[37] ويجعل منه مجرد فاعل ذيلي تابع يشتغل في هامش حرية ضيق وفاقد للإرادة والحرية اللازمة.
وفي الجانب الحقوقي والخارجي منه بالخصوص، فالضغط الذي مارسته الهيآت الحقوقية الدولية، كان له الأثر البالغ في دفع المغرب إلى تبني واحتضان المجتمع المدني والدفع به نحو دوره الحقيقي ومن بينها حركة حقوق الإنسان.[38] وأولى المؤشرات الدالة في هذا المستوى إعلان برشلونة سنة 1995، والذي جاء بغرض تقديم الدعم لدول جنوب المتوسط من أجل النهوض بالمسائل الديمقراطية والإصلاح السياسي وإدماج المجتمع المدني في مقومات الدولة الحديثة.[39] بالإضافة إلى برنامج "ميدا" والذي يروج لمبادئ سيادة القانون وحقوق الإنسان والديمقراطية، وتعزيز دور المجتمع المدني في إطار الشراكة الأورومتوسطية عن طريق تقديم المنح والإعانات للمنظمات غير الحكومية والجامعات ومراكز البحوث، ولعل انخراط ودخول المجتمع المدني بشمال افريقيا في شبكات مع نظيره في الضفة الأخرى أكبر معبر عن تغلغل القيم المرتبطة بهذه الشراكات. ومن أهمها التجمع المدني الأورو متوسطي، وشبكة أورو ميكسو، ومؤسسة أليندا الأورو متوسطية للحوار بين الثقافات، ووكالة "أتسامد" من أجل بلدان المتوسط.[40] وثاني الإشارات دور الضغط الدولي والحقوقي منه بالخصوص من خلال تنامي ملف حقوق الإنسان وسيادته على مستوى العلاقات الدولية، وتوظيفه سياسيا في الضغط على دول معينة مثل سوريا والعراق والسودان، وخضوعه في مستوى ثان لمفاهيم حقوق الإنسان الخالصة دون خلفية سياسية.[41] لذلك أصبح دور هذه الجمعيات خاصة "أمنستي أنترناشونال" و "هيومن رايتس ووتش" و أخيرا "روبرت كينيدي" لافتة في ملف الصحراء، حيث لا يمكن فصل الانفراج السياسي الذي عرفه المغرب في التسعينات دون استحضار الضغط الذي مارسته هذه الجمعيات، و دفع شريكه الرئيس "الاتحاد الأوربي" إلى تبني العديد من المواقف الحقوقية، وإعادة النظر في الملف الزراعي والصيد البحري[42] والذي وظفته القوى المناوئة في الضغط على المغرب وسيادته المجالية على جزء من ترابه.
يوازي التأثير الموجه للمسألة الحقوقية خارجيا، دور باهت للتفاعل الجدي مع الملف نفسه داخليا، حيث ظلت توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة حبرا على ورق باستثناء مسألة جبر الضرر الذي بذل فيه مجهود محمود.[43] وتبقى بالمقابل مجهودات المغرب ضعيفة في مجالات أخرى، حيث لم يصادق المغرب على العديد من الاتفاقيات الدولية والبروتوكولات الحقوقية. ولم يتم لحدود اللحظة أجرأة الحقوق المنصوص عليها في دستور .2011[44]
إن استمرار الفشل في تدبير مقتضيات الصراع بما يمكن الفاعلين من بناء النسق السياسي الديمقراطي، وفق ما تقتضيه ضرورة إفراز نموذج منتج للمعنى سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وقيميا، يبقى المجال مفتوحا على التوتر والصدام وغياب الأمن بالمعنى التنموي، وإن بدا الاستقرار سمة مميزة فمن غير ثمن سياسي حقوقي دال ونوعي. ولا مشاحة في أن الانفتاح المعبر عنه في ظل الألفية الثالثة، يندرج فقط في إطار "التحول" من نظام مغلق إلى نظام مفتوح[45] لم تكن فيه الخطوة الاستباقية المعبر عنها بخطاب التاسع من مارس 2011 إلا تجديدا لشرعية النظام، و إثباتاً لقدراته "الخارقة" على التكيف مع متطلبات المرحلة، بشكل جعل العملية السياسية الحالية وفي الكثير من جوانبها وقسماتها مبنية على "فلسفة" التحايل والخداع السياسي والتسويف والالتفاف على سقف المبادرة والفعل، وبمنأى عن الاقتناع بضرورة إرساء دعائم الإصلاح المتينة[46] إذ كرس هذا الدستور هيمنة المؤسسة الملكية حسب ما يتبين من هندسة السلط (الملك ـ المجلس الأعلى للإفتاء ـ المجلس الأعلى للأمن) التي يتحكم فيها الملك.[47] كما أن الخطوات التي نهجتها المؤسسة الملكية [48] تعبر عن الرغبة الجادة في احتواء وامتصاص المد الاحتجاجي في أفق تدجينه إلى درجة التراجع عن مضمون الوثيقة الدستورية فيما يمكن أن يسمى بخطر الاسترداد والرجوع عن المكتسبات، بل والإمعان في تكريس الدولة العميقة[49] حسب ما تتعرض له التجربة السياسية الموصوفة بالإصلاحية والاستثنائية من انتقادات نتيجة مواصلة هيمنة وانفراد المؤسسة الملكية باتخاذ القرار الفعلي بالبلاد[50] في ظل تراخي وتلاشي الآلية الرقابية للمؤسسة التشريعية، وإهمال السلطة التنفيذية لخيار المراهنة على تعزيز الثقة ما بين الأغلبية الحكومية والمجتمع المدني. [51] لذلك الحديث عن الوضع السياسي الجديد الذي أفرزه دستور 2011 والذي تميز بمزاوجته الخلاقة بين الاستقرار واستمرار الإصلاحات، [52] يعد حديثا خارج السياق التاريخي ولا يكتسي معنى التحول والتغيير إلا في المخيال السلطوي والنسيج التابع له ـ وبعيد عن المنافحة والدفاع عن الحق في الانتماء الحضاري والتنموي للقرن الواحد والعشرين باعتباره قرن العلم والمعرفة والقيم الانسانية والديمقراطية .
2ـ المجتمع المدني والحركة الاحتجاجية ومكامن الخلل .
ينبني المجتمع المدني على نظام قيم تمكنه من ترسيم قيم العدالة والتسامح والمساواة ومبدأ تكافؤ الفرص، تستهدف هذه القيمة المركزية نصرة الحلقات الأضعف، وتسعى جاهدة للتأكيد على قيمة الحرية في القول والمعتقد، ومن ثم تشكل منطلقا للكثير من الأفراد والخصوصيات والأقليات بفعل ما تنطوي عليه من قيم ووعود إيجابية و"حاضنة" مقصودة بالمقارنة مع المجتمع السياسي، وما يميزه من احتكار وتسلط وهيمنة واستقواء [53]، وذلك بتحويل الفضاء العمومي إلى قوة اقتراحية يمارس فيه الفعل الديمقراطي النابع من الثقافة التواصلية قصد التفاوض والمناظرة بخصوص المشاكل الطارئة لحلحلتها وتغيير الآسن منها، وإضفاء الحركية على القوى الحية باعتبارها متغيرا مستقلا باستطاعته التأثير في صنع السياسات العامة داخل المجتمع والدولة[54] وتبنى على فلسفة جديدة قوامها قيم العمل والاقتراح والمشاركة في طرح سياسات مستقبلية تهدف تحقيق التوازن المجتمعي والإسهام في عملية التحول وتحقيق التنمية متجاوزا بذلك الطابع التكميلي والإلحاقي الذي ألصق به عادة، [55] بناء على ذلك تبدو مهمة المجتمع المدني مقرونة بالعمل على ثلاث واجهات؛ مفاد الواجهة الأولى الكرامة والديمقراطية والحرية ضد الاستبداد، ومناط الثانية السيادة ضد التدخل الأجنبي، والواجهة الثالثة المواطنة ضد مطابقة الانتماءات السياسية بالهويات الطائفية والمذهبية والقبلية، أي ضد تشظية المجتمع السياسي والكيان السياسي و تذريته. [56]
يتوقف تحقيق هذه المرام على طبيعة التحول الذي ترتضيه الدولة، [57] وفقا لذلك يدخل المجتمع المدني في المرحلة الانتقالية باعتباره لبنة أساس في العملية الديمقراطية توازي قوة الدولة، و تمنعها من اللجوء أو العودة إلى الصيغة الاستبدادية في إدارة المجال العام والفضاء الاجتماعي، عن طريق الرفع من وتيرة الضغط والمناصرة، واجتراح البدائل لمراقبة السياسات العامة وتحسينها، ولن يتأتى ذلك إلا إذا تحولت هيئاته ـ أي المجتمع المدني ـ إلى مستوى الرأي العام الدال على السلطة عوض الحشد والكتلة التاريخية الفاقدة لموجه قيمي وثقافي، برفع منسوب الوعي والعقلية الديمقراطية، وتحقيق العدالة في تكافؤ الفرص الاجتماعية بدل حصرها في مقولتي التصويت الانتخابي والمساواة أمام القانون. [58] وإن كان هذا المبتغى بعيد المنال في حدود الإمكانات التي تتوفر عليها هذه المجتمعات ، والكامنة في طبيعة الظروف السياسية والصعوبات الذاتية التي تحول دون الاستقلالية حيال الأنظمة السياسية السائدة. كما أن المواطنين لم يتمكنوا بعد من تصور أنفسهم واضعين للقانون الذي يخضعون له، [59] بمعنى أن يتضح للمشاركين في الرأي العام أن سلوكهم أو تخليهم عن سلوك معين يصبح نافعا وذا آثار إيجابية في المحصلة الإيجابية. [60]
إن القيمة الحقوقية والسياسية التي تعزى عادة للمجتمع المدني تبطن أبعادا ايديولوجية حالمة ترى المعيار، وتتجنب سخونته الاجتماعية، وتعتمد الإسقاط والتعميم لتوحيد وتائر التغيير وأساليبه، ولعل وجه الاعتراض على هذا المنحى في التفكير يكمن في الأفكار المغالية والمواقف السائرة في فلكه، والأدهى استحضار المجتمع المدني بشكل معزول عن النضال الديمقراطي والقضايا الراهنة ، مما قد يعني عملية " إجهاض " لمعاني هذا المجتمع ومضامينه وطاقته النقدية، فضلا عن نزوع قدرته التفسيرية على فهم الأبنية الاجتماعية والسياسية.[61] وهذا ما تعكسه انتفاضات عام 2011 التي كشفت عن الخيارات الهزيلة التي تقدمها النماذج السياسية، وأفصحت عن الأزمات العميقة التي تقتضيها العملية السياسية (الثقافة الديمقراطية) والتدرج في بناءها ودور الشباب في إحداث مقومات التغيير. [62]
على الرغم من هامش الحرية الذي تسمح به التجربة المغربية حسب منطوق الدستور الذي رافق الحركة الاحتجاجية، فإن هذه التجربة حصنت النظام السياسي وجددت أوصاله، دون أن تتمكن من دمقرطة النظام السياسي بأسره. وهذا ما تشي به الازدواجية التي ينبني عليها النظام، وهي الجمع بين الشرعية التاريخية، والتحديث الذي واكبها، حيث لا زالت قدرات الحركات الاحتجاجية ضعيفة في مستوى المناصرة والضغط والقدرة على التعبئة والمبادرة تجاه سلطة الدولة، بإيعاز من الآلية القانونية إذ رغم التعديلات الناتجة عن الإطار القانوني وآليات حقوق الإنسان، فهي غير كافية ولا تصل إلى مستوى التنفيذ[63] بالرغم من إسهامات جمعيات حقوق الإنسان التي تظل كبيرة، لكن لم ينتج عنها تأثير على السياسات الوطنية أو المجتمعات المحلية[64] بل إن الممارسات السائدة بعد إقرار دستور 2011 تعد مؤشرا قويا على التوجه العام ورغبة الفاعلين في تفعيل "الدستور الضمني" الذي يؤبد هيمنة المؤسسة الملكية والمؤسسات التابعة لها، وما يترتب عن ذلك من تجاوز للوثيقة المكتوبة، والتي عادة ما تؤول وفق ما ترومه السلطة.[65] وهذا ما دفع البعض إلى اعتبار المؤسسة الملكية حائلا أمام استقلالية فعلية للمجتمع المدني وكل الحركات المرتبطة به، ما دامت السلطة الروحية لا زالت تلعب دورا أساسا في العديد من القضايا[66] خاصة وأن الفصل الرابع عشر من الدستور والمتعلق باختصاصات الملك وإمارة المؤمنين يساعد على استخدام الإسلام كأداة لضبط سير المؤسسات الدستورية، وما يترتب عنها من نتائج سياسية وقانونية ودينية.[67] وإذا كانت التقارير الحقوقية [68] قد أكدت على ضعف وغياب الضمانات الدستورية والقضائية المتعلقة بتنفيذ الحقوق المنصوص عليها دستوريا وصيانتها وحمايتها، فإن اللافت هو تنامي التغلغل المسترسل لمصالح الدولة والسياسة والاقتصاد لتنظيمات المجتمع المدني، أضحت معه "جماعات المصالح" المؤلفة من بعض المتنفذين والسلطة والمتمكنين، ذات نفوذ قوي في المجتمع المدني، تتحكم في الموارد ومختلف أشكال الدعم الموجه للجمعيات[69] الأكثر من ذلك اختراق تحالف السلطة المحلية وأشخاص محسوبين على العمل المحلي المدني؛ حيث أن (4) جمعيات من أصل (10) تأسست بعد سنة 2005 تاريخ انطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية[70] وتشير أيضا الدراسة التقييمية التي أعدها المرصد الوطني للتنمية البشرية حول الفترة الأولى من عمر هذه المبادرة، أن اختيار الجمعيات داخل أجهزة الحكامة الترابية يخضع في أغلب الأحيان إلى توجيه السلطة، وإلى معايير غامضة تستند إلى منطق المقاربة الأمنية، و إلى إرادة التحكم الاستباقي في قرارات وسلوكات الفاعلين المدنيين. [71]
لا يفسر ضعف الحركة المدنية الاحتجاجية فقط الدور الذي تلعبه المؤسسة الملكية والاحتياطي السياسي والعسكري والمدني المرافق والداعم لها، بل يمتد إلى البنية الداخلية للحركة الاحتجاجية، والتي لم تصل إلى مرحلة الترسيم الفكري والسياسي والبناء التنظيمي للحركة، والذي على أساسه تبنى الرؤية الاستراتيجية. لهذا لم تستطع أن تتجاوز حدة التباين في سقف المطالب والأهداف والتوجه [72]، وتصدرت قيادتها حركة تغيير متعددة الرؤوس والمرجعيات، غابت معها أواصر التنظيم إلى درجة "تقديس" العفوية (الشارع) باعتبارها منهجية للعمل السياسي وقاعدة مؤسسة له لا محيد عنها [73] وهو ما أسقط عنها الحجية السياسية والثورية حين انتقلت دون سابق إنذار من فضاء الإصلاح إلى مربع الثورة دون تقدير دقيق للشروط المحيطة بها[74] ودون تملك العدة النضالية الكفيلة بتحقيق المطالب عبر حبك الخطوات، وتنويع مصادر الاشتغال دون حصرها قسرا في التظاهر والاعتصام وما إلى ذلك العمليات المرافقة للاحتجاج والتظاهر، وهي على الرغم من ذلك بقيت دون العصيان المدني الذي يمكنها من إحراج النظام السياسي برمته، وتحقيق مطلب التفاوض على أرضية وشرعية نضالية من موقع القوة الاقتراحية المدعومة بكتلة اجتماعية منسجمة وواعية وبعيدة عن العنف والأساليب التخريبية .
3ـ خلاصة عامة .
انشاحت السلطة في المغرب عن قاعدتها الشرعية من خلال مشروعية فعلها السياسي، وذلك بعد ابتعادها المستمر عن الديمقراطية والعدالة والقيم المرتبطة بذلك. وحاولت بكل الوسائل والإمكانات، تعيد إنتاج الخضوع الاجتماعي سالكة في ذلك طرائق قددا، ومنها على وجه الخصوص تثبيت وتقديس الولاء وخيرية السلطة، و توطيد التغلب وإحاطته بسياج "حقوقي" رسمته بالتوقيع الشكلي على المواثيق الدولية، وأدخلته في الغربة وإن كان معترفا به في ديباجة "دساتيرها" وبنود تقاريرها الرسمية. هذا التوظيف لم يكن مبنيا على الاقتناع بدوره في دمقرطة النظام السياسي، وإنما كان مشفوعا بخلفية إدماجه في نسق وصيرورة اشتغال النظام السياسي حتى يتحول إلى مرتبة المشرع والمنفذ والساهر على التطبيق الفعلي والحرفي .
و إذا كانت الشرعية السياسية المتأتية من دسترته، وإطلاق المبادرات بشأنه، فإن هذا التوظيف يتعالى على القيمة التنموية لهذا المجتمع، إذ يتماشى مع القراءة السلطوية والمرتكز الذي يحكم نظرتها، والقائم على الإدماج الايديولوجي والمؤسساتي بغية إلغاء مشروعيته الاجتماعية، عبر تقوية سبل تفكيك وتجزيء قيمه في قضايا معزولة عن النضال الديمقراطي، أو عبر سن "تدابير" استباقية الغرض منها الالتفاف على الفكرة، والتقليل من جدواها وفعاليتها، وإطفاء جذوة مضمونها التشاركي ، لصالح تجديد مشروعية النظام المخزني وتقوية ارتباطه بالقضايا الآنية والمستعجلة، بتسويق خطاب التكيف والمناعة الداخلية، والاستجابة "الشكلية" للمواثيق الحقوقية الدولية، التي تفصح عن طبيعة النظام وخلله القيمي، النابع من "الترقيع" عوض الانخراط الجاد في الانتقال نحو نظام المؤسسات الدستورية الفاعلة.
بالمقابل؛ توارت الحركة الاحتجاجية المرتبطة بالمجتمع المدني عن الحس والمشروعية النضالية المبنية على مقومات التنظيم والإبرام السياسي، والنابع من حركة احتجاجية منسجمة النشأة والتطور في أفق بناء "تنظيم" احتجاجي ، له مقومات الامتداد والتكيف والتحيين .
يعزى هذا الفراغ و "العطب" في التركيب الهجين والهش الذي يطال مكونات هذا المجتمع، وغياب سقف التوافق في مكوناته، وتوحيد الرؤى وسلم الأولويات، وهو ما أدخله في سياق الانقسام والتصدع، و لل من الثمن السياسي الذي أحرزه في مسار نضاله، والذي أثرى بالرغم من ذلك الساحة بمفاهيم جديدة أهمها مفهوم "الحكرة"، والانتقال بالمطالب من طابعها المادي الصرف إلى القيم الرمزية المتعلقة بالكرامة و الحرية .
المحصلة النهائية وارتباطا بما تم رصده، أخلف المغرب موعده مع التاريخ في نقل التجربة نحو التأسيس الفعلي لمجتمع التنمية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وخسر الفرد والمجتمع الإمكان الذي أتاحته تجربة ما بعد 20 فبراير ودستور 2011، بشكل قد يدفع إلى اعتبار الزمن الاحتجاجي مرحلة لتجديد وتحديث الإعاقة ومقومات استمرارها وتأبيدها ومدها بمقومات الاستمرار و الحياة .
هوامش
[1] ـ الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ، المركز الدولي للقانون غير الربحي، المجتمع المدني في العالم العربي، التطور، الإطار القانوني والأدوار ، 2013، ص 81.
[2] ـ نخص بالذكر أحداث الدار البيضاء سنوات 1965 و 1981، وجل المدن المغربية في سنة 1984، فاس في سنة 1990 ، صفرو وسيدي إفني 2009 ، غالبية جهات المغرب سنة 2011، أحداث طنجة ومراكش 2012، والحسيمة 2016.
[3] ـ حسن دنان، التحولات الاجتماعية و التنمية السياسية ، مجلة أبحاث ،عدد 61ـ 62 ، 2015 ، ص 64.
[4] ـ محمد الأخصاصي ، " الحراك العربي " سراب الثورة، واقع اللاثورة، مجلة المستقبل العربي، عدد 427، سبتمبر 2014، ص 81.
[5] ـ جورج قرم ، الاقتصاد السياسي للانتقال الديمقراطي في الوطن العرب ، مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، ع 426، أغسطس 2014، ص 19.
[6] ـ يعتقد هاشم صالح أن الثورات العربية لم تنتج إلا الماضوية، لم تقطع مع الحضور التراثي المكبل في عالم متغير يحتاج إلى ثورة تستلهم ذاتها من الفلسفات التي سبقتها، من أجل تجاوز مثبطات تخلفها، انظر لمزيد من التوسع: الانتفاضات العربية على ضوء فلسفة التاريخ ، ط 1 ، دار الساقي 2013.
[7] ـ عبد المالك ورد، في مشروعية الحركات الاجتماعية الجديدة، على الرابط :File:///c:/Users/pv/documents/موقع أرنتروبوس ^^blogarchive.htm
[8] ـ انظر ، التقرير التركيبي للحوار الوطني حول المجتمع المدني الأدوار الدستورية الجديدة ، 2014، على الرابط التالي.
[9] ـ عزمي بشارة ، المجتمع المدني، دراسة نقدية ، ط 6 ، المركز العربي للأبحاث و دراسة السياسات ، بيروت 2012، ص 11.
[10] ـ جون اهرنبرغ ، المجتمع المدني : التاريخ النقدي للفكرة ، ترجمة علي حاكم صالح و حسن ناظم ، ط1، المنظمة العربية للترجمة ، بيروت 2008، ص 334 ، و يؤكد عزمي بشارة أن درجة تركيب الدولة في علاقاتها الداخلية كانت متدنية إلى حد اقتصارها على القوة العارية ، انظر المرجع السابق ، ص 6.
[11] ـ حول مفهوم الربيع العربي ، يرجى الاطلاع على مصلح خضر الجبوري ، جذور الاستبداد و الربيع العربي ، الأكاديميون للنشر و التوزيع، ط1 ، عمان ، الأردن 2014، ص 185 ، و يرى أن ما حدث هو أقل من ثورات بالمعنى المتعارف عليه للثورة ، و أكثر من انتفاضات مطلبية احتجاجية ، ص 191.
[12] ـ جون كلود سانتوشي، التعددية الحزبية المغربية وهيكلة المجال السياسي، ترجمة محمد حمادي ، مجلة وجهة نظر ، س3،ع11، 2001. ص 6.
[13] ـ آدريان راينرت، المجتمع المدني والإشكاليات الاجتماعية ، ترجمة راندا النشار ماجدة مذكور، عماد نخيلة ، وعلا عبد الجواد ، ضمن : المجتمع المدني والعدالة ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 2010 ، ص 70.
[14] ـ حياة درعي ، تطور الحركات الاحتجاجية بالمغرب ، مجلة رهانات ، س 8، ع 31، 2015، ص 23.
[15] ـ سعيد بوبيل ، المشروع المدني بالمغرب ، المحددات الممكنات : تحديد أصول المشروع السياسي والمدني في مسار التجربة المغربية ، مجلة الأزمنة الحديثة ، العدد 11، شتاء 2015، ص 46.
[16] ـ نفسه، ص 54.
[17] ـ المشروع النهضوي العربي ، مجلة النهضة ، العدد 11، ربيع 2016، ص 204.
[18] ـ الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية : المجتمع المدني في العالم العربي ، ص 22.
[19] ـ رشيد اليملولي، السلطة و المجتمع المدني في المغرب ، موقع أنفاس، 25 أبريل 2016 ،على الرابط التالي.
[20] ـ رشيد اليملولي، إشكالية المجتمع المدني في المغرب ، جدلية 15/ 10 / 2014.
[21] ـ خير الدين عبادي ، المجتمع المدني و العملية السياسية في دول شمال افريقيا ، كلية العلوم السياسية و الإعلام ، الجمهورية الجزائرية 2011، رسالة مرقونة ، ص 70.
[22] ـ و نقصد هنا جمعيات السهول و الهضاب، وهي إيليغ وأنكاد وأبي رقراق ، والاسماعيلية الكبرى، والأطلس الكبير ورباط الفتح ودكالة وحوض سبو والصويرة موغادور ، وفاس سايس ، وحوض آسفي وأحمد الحنصالي وتاونات الوردزاغ ، وهذه الجمعيات أشرفت عليها عائلات مخزنية وأعيان مقربة : انظر عبد الرحيم العطري ، صناعة النخبة في المغرب ، دفاتر وجهة نظر ، السنة 9 ، ط 1 ، 2006 ، ص 139 ـ 140 هامش 147.
[23] ـ أسامة الزكاري، هل انتهت فعلا حركة 20 فبراير؟ مجلة رهانات ، السنة 8، العدد 31، 2015، ص 6.
[24] ـ عزمي بشارة، المجتمع المدني ، ص 299.
[25] ـ عبد الإله سطي، أسئلة حول فرضية الانتقال الديمقراطي بالمغرب، المركز العلمي العربي للأبحاث والدراسات الإنسانية ، ص 10.
[26] ـ عبد العالي بوزبع، قراءة في مفهوم الحكامة الجيدة، ضمن المجتمع المدني و الحكامة الترابية، منشورات الملتقى الثقافي لمدينة صفرو تنسيق محمد الزرهوني ومحمد البقصي ، ط1 ، أبريل 2012، ص 7.
[27] ـ عبد الإله سطي ، أسئلة حول فرضية الانتقال الديمقراطي ، ص 6.
[28] ـ محمد فال السباعي ،تطور شرعية التغلب في دساتير الدول الإسلامية ، مجلة أبحاث ، ع 61ـ62، 2015، ص 112.
[29] ـ خير الدين عبادي ، المجتمع المدني والعملية السياسية ، ص 116 ، 117.
[30] ـ جون إهرنبرغ، المجتمع المدني، ص 328.
[31] ـ الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، التقرير السنوي حول وضعية حقوق الإنسان بالمغرب خلال سنة 2013،يونيو 2014، ص 17.
[32] ـ التقرير التركيبي للحوار الوطني حول المجتمع المدني، ص 33.
[33] ـ خير الدين عبادي، المرجع السابق ، ص 80.
[34] ـ برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والمكتب الإقليمي للدول العربية، تقرير التنمية الإنسانية العربية لعام 2016 : الشباب وآفاق التنمية الإنسانية في واقع متغير، ص 56.
[35] ـ بوطيب بناصر وهبة العوادي، الحماية الدستورية لحرية التعبير في الدول المغاربية : دراسة حالة تونس ، الجزائر ، المغرب ، مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية ، العدد 446، أبريل 2016، ص 61.
[36] ـ حول الأرضية القانونية الخاصة بتقديم الملتمسات التشريعية يرجى الاطلاع على التقرير التركيب للحوار الوطني حول المجتمع المدني وأدواره الدستورية ، ص 2.
[37] ـ عبد الإله سطي، المرجع السابق ، ص 9.
[38] ـ زهير البحيري، المجتمع المدني : التنمية والحكامة : العلاقة والإشكاليات ، ضمن المجتمع المدني والحكامة الترابية ، ص 33.
[39] ـ خير الدين عبادي، المرجع السابق ، ص 55.
[40] ـ نفسه، ص 57.
[41] ـ حسن مجدوبي، ملف الصحراء: العوامل المتحكمة في مسار نزاع اقترب من نهايته ، وجهة نظر ، السنة 19 ، العدد 58 ، خريف 2013، ص 11.
[42] ـ حول مزيد من التفاصيل انظ : عمر الربيب، تفاعلات قضية الصحراء في ضوء التقارير الدولية الحقوقية ، مجلة وجهة نظر ، السنة 19 العدد 58، خريف 2013.
[43] ـ الجمعية المغربية لحقوق الإنسان خاصة تقريرها السنوي لعام 2013 و 2014.
[44] ـ انظر الجمعية المغربية في تقرير سنة 2013 ، ص 16، و تقرير سنة 2014 ، ص 9.
[45] ـ حياة درعي، تطور الحركات الاحتجاجية بالمغرب ، ص 24.
[46] ـ توفيق عبد الصادق، حركة 20 فبراير الاجتماعية بالمغرب في ضوء نموذج للتفسير، مجلة رهانات، السنة 8 ، العدد 31 ، 2015، ص 14
[47] ـ محمد فال السباعي، تطور شرعية التغلب في دساتير الدول الإسلامية ، ص 120.
[48] ـ و تتمثل هذه الخطوات التي تماشت مع مراحل الحركة الاحتجاجية التي أعلنتها حركة 20 فبراير في ؛ التزام المصاحبة والمرافقة بدل المناهضة والمطاردة ، واستعادة زمام المبادرة بتفعيل المنهجية الاستباقية في خطاب 9 مارس 2011، ونهج مقاربة تشاركية في صياغة الدستور الجديد ، استثمار مخزون القدرات التكيفية والاغتراف من رصيد التجارب الإجماعية ، انظر محمد الأخصاصي ، الإصلاحات في المغرب ، الحصيلة المستقبل ، مجلة المستقبل العربي ، العدد 444، فبراير 2016، ص 26 ـ 27 ـ 28 ـ 29.
[49] ـ تسجل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في تقريرها السنوي لعام 2013 ، العديد من التراجعات في الملف الحقوقي والسياسي ، خاصة مشروع المدونة الرقمية لمراقبة الأنترنيت، تهريب الأرضية المواطنة للنهوض بثقافة حقوق الإنسان ،عدم تنزيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة المتعلقة بالشق السياسي ، واستمرار الاعتقال لأسباب سياسية ( 317 حالة ) ، انظر ص 17 ـ 19 ـ 25. بالإضافة إلى التصويت على مشروع قانون العدل العسكري سنة 2014 ، واستمرار الاعتقال لأسباب سياسية (251 حالة ) انظر تقرير الجمعية الخاص بسنة 2014
[50] ـ توفيق عبد الصادق ، حركة 20 فبراير الاحتجاجية في المغرب ، مكامن الاختلال وإمكان النهوض ، مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية ،ع 426، أغسطس 2014، ص 70.
[51] ـ محمد الأخصاصي ، الإصلاحات في المغرب، مجلة المستقبل العربي ، مركز دراسات الوحدة العربية ، ع444، فبراير 2016،ص 50.
[52] ـ التقرير التركيبي للحوار الوطني ، ص 22.
[53] ـ زهير الخويلدي ، المجتمع المدني بين الخروج عن الجمعانية والمرافعة عن الفردانية ، مجلة ذوات ، مؤسسة مؤمنون بلا حدود ، العدد 22، 2016 ، ص 28.
[54] ـ توفيق عبد الصادق ، حركة 20 فبراير الاحتجاجية بالمغرب في ضوء نموذج للتفسير ، ص 8.
[55] ـ زهير البحيري ، المجتمع المدني : التنمية و الحكامة : العلاقة والإشكاليات ، ص 39.
[56] ـ عزمي بشارة ، المجتمع المدني ، ص 18.
[57] ـ يرى صامويل هانتنغتون أن هناك ثلاثة أنماط من التحول، نمط التحول وتلعب فيه النخبة أو السلطة الحاكمة الدور الرئيس في التحول نحو الديمقراطية ، نمط الإحلال ويكون التحول فيه بمبادرة من المعارضة نتيجة تصاعد قوتها، نمط الإحلال التحولي ، ويحدث نتيجة حدوث توازن في قوة كل من المعارضة النخبة الحاكمة ، ويكون التحول فيه بطريقة توافقية .انظر خير الدين عبادي ، المرجع السابق ، ص 76.
[58] ـ سعيد بوبيل، المرجع السابق ، ص 57، 58.
[59] ـ محمد بن يعيش، دور المجتمع المدني في إرساء أسس دولة القانون من منظور يورغن هابرماس ، مجلة الأزمنة الحديثة ، العدد 11، شتاء 2015، ص 58ـ 59.
[60] ـ أدريان راينرت ، المجتمع المدني والإشكالات الاجتماعية ، ضمن المجتمع المدني و العدالة ، ص 71
[61] ـ عزمي بشارة ، المرجع السابق ، ص 9.
[62] ـ تقرير التنمية الإنسانية العربية لعام 2016، ص 31.
[63] ـ الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، تقرير استدامة منظمات المجتمع المدني لعام 2012 لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا ، ص 9، 37 .
[64] ـ نفسه ، ص 40 ، و في السياق ذاته يشير التقرير الذي أنجزه النسيج الجمعوي المغربي مع المنظمة الدولية " سيفيكوس " و بدعم من وزارة التنمية الاجتماعية و الأسرة و التضامن و برنامج الأمم المتحدة للتنمية ، إلى أن تأثير جمعيات حقوق الإنسان وصل إلى 42% ، و لذلك يوصي بتخصيص 1% من الميزانية العامة للنهوض بالعمل الجمعوي .
[65] ـ محمد الزهراوي ، دستور 2011و إشكالية التأويل ، مجلة وجهة نظر ، السنة 19 ، العدد 58 ، خريف 2013 ، ص 48 ، و حول دور و أساليب اشتغال المؤسسة الملكية و مقومات استمرارها في المجال السياسي المغربي ، انظر مجلة نوافذ ، العدد 24 ، أكتوبر 2004.
[66] ـ عبد المالك ورد ، في مشروعية الحركات الاجتماعية الجديدة ، الرابط المشار إليه سابقا .
[67] ـ محمد الزهراوي ، المرجع السابق ، ص 46.
[68] ـ و نقصد تقرير الجمعية المغربية لحقوق الإنسان لسنة 2013 و 2014 .
[69] ـ التقرير التركيبي للحوار المدني ، ص 37.
[70] ـ نفسه و الصفحة .
[71] ـ التقرير التركيبي للحوار الوطني حول المجتمع المدني ، ص 38.
[72] ـ توفيق عبد الصادق ، حركة 20 فبراير الاحتجاجية في المغرب ، ص 79
[73] ـ عبد الإله بلقزيز ، " الربيع العربي " جردة حساب أولية ، مركز دراسات الوحدة العربية ، مجلة المستقبل العربي ، ع 447، ماي 2016 ص 32،34.
[74] ـ محمد الأخصاصي ، الإصلاحات في المغرب ، ص 25 ، و يضيف أسبابا أخرى منها راديكالية النشأة و ثنائية التشكل و الريادة ، و التباس التوجهات الخاصة بالحركة ، ص 23 و 24 و 25، و يؤكد الأستاذ توفيق عبد الصادق إلى جانب ذلك فعالية خطوات النظام السياسي وتطويق الحركة الاحتجاجية ، انظر مقال حركة 20 فبراير الاحتجاجية في المغرب ، ص 85.