مقدمة
ما كادت الدول القطرية الناشئة حديثًا في العالم العربي -إثر تسويات واتفاقيات استعمارية- أن نالت استقلالها السياسي حتى وقعت تحت أنظمة سياسية استبدادية شمولية ساوت بين مؤسسات الدولة ومؤسسات النظام السياسي. ما جعل من تلك المؤسسات أداة لقمع الشعوب بدلًا من أن يتطور عملها لاستكمال بناء دولة وطنية حديثة متماسكة، تعمل وفق نظام مؤسساتي مستقل. كما ارتكزت تلك الأنظمة على شبكة من العصبيات ما قبل المدنية والاستزبانات الاجتماعية السياسية في تكوين أجهزتها الضاربة، واختراق بنية المجتمع من خلالها، مما عزز عملية إعادة بناء تلك العصبيات وتوظيفها سياسيًا، ما كرس وزاد من قوة هذه الجماعات العشائرية والطائفية والإثنية وحَدّ من ترسخ مفهوم الدولة الوطنية. لقد عملت الأنظمة السياسية الحاكمة في المشرق العربي على إدارة التنوعات الهوياتية بقصد كسب الولاء وديمومة استبدادها، ولو تقاطعت مع بث قيم عروبية في حالتي سورية والعراق، لكنها فشلت في تحقيق التنمية الاقتصادية وغيبت شروط الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وأفقدت المواطنين أغلب قواعد حقوق الإنسان، فلم يكتمل مشروع بناء الدولة الوطنية الحديثة في المشرق العربي.
إعادة تَخيّل الماضي القريب
أُعيدَ طرح سؤال الدولة في المشرق العربي للنقاش مع الثورات العربية ربيع عام 2011 بما فيه وجودها ذاتها[1]. ومع تمدد تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق" وسيطرته على أجزاء واسعة من المحافظات العراقية في عام 2014، تداخل النقاش الأكاديمي لإشكالية الدولة العربية مع أسباب صعود تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق". وجد حسن أبو هنية ومحمد أبو رمان في كتابهما (تنظيم "الدولة الإسلامية ": الأزمة السنية والصراع على الجهادية العالمية) بأن التنظيم وعنفه نتاج البيئة العربية في واقعها الراهن؛ بسبب سلطوية الأنظمة السياسية وفسادها، والمنظومة الفقهية الفكرية. وهو ما أدى إلى توترات اجتماعية وسياسية، تحولت إلى صراع هوياتي[2]؛ فنتجت "أزمة سنية"، أعادت إحياء تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق". هنا العنف هو نتاج "أزمة سنية" في العراق. لكن كيف يمكن تأويل عنف الميليشيات العراقية الشيعية؛ والذي مارسته منذ الاحتلال الأميركي للعراق 2003، وما زالت تمارسه، أحيانًا قد يكون بطرق غير مباشرة تحت إطار سقف الحكومة العراقية[3]. تمكن هذه المقارنة من الانتقال إلى مقاربة أخرى بعيدة عن ترويج مصطلح "الأزمة السنية" إلى توصيف العنف الجاري في العراق على أنه أزمة وطنية عراقية.
في إطار النقاش الأكاديمي حول تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق" رفض حمزة المصطفى في مقالته "الدولة الإسلامية والجهاد في زمن الحداثة: قراءة في المفاهيم والتجارب المعاصرة" العودة إلى الماضي وقراءة نماذج الحكم الإسلامية في التاريخ[4]. فقد نشأ التنظيم في إطار الاشتباك الإسلامي مع الحداثة والدولة الحديثة، وبأن "داعش" ومثيلاتها من الحركات الجهادية مثل جبهة النصرة قد طرحت نفسها نقيضًا للحداثة، وحاولت إنتاج بديل عن الدولة الحديثة، لكنها وجدت نفسها في سياق الحداثة، وأنتجت تجارب لا تختلف كثيرًا عن تجارب "الحداثة المشوهة" أو "الحداثة الرثة"[5]. وفي ذات السياق، يبتعد أحمد دلّال عن النقاشات التي تفكر في بنية المجتمعات العربية وثقافتها إذ يتساءل في دراسته "لاهوت (داعش) السياسي: الأنبياء والمخلّصون المنتظَرون واندثار المنطقة الرمادية)" "لماذا يجدر بنا أن نبحث عن تفسير لوحشية داعش، في سمة أساسية معينة من سمات الثقافة الإسلامية، وليس في السلوك النمطي لرجال العصابات الذين يحتاجون لإظهار القسوة والعنف؟"[6]. إذ يبحث في المبادئ الإيدلوجية للتنظيم بناء على كتب منظريه[7]. ويجد بأن "داعش" يُخضع "محبة الله ورحمته لعدالته"، ويجعل من "التضحية بالنفس وبالغير هدفًا في ذاته". ما يعني بأن لاهوت داعش السياسي تستمد فيه السيادة من "الله ذاته وليس من شريعة الله فحسب"[8]. ومن هنا تنبع القسوة والرعب في فكر وممارسات التنظيم، فكل الأسئلة لها أجوبة يقينية من دون مساءلة عن الأفعال[9]. ويشير في نهاية الدراسة إلى أن التنظيم نتاج نظام إقليمي يعاني من"الحداثة المشوهة" يسوده إجرام مافيوي نابع من دكتاتوية الأنظمة العربية والرأسمالية العالمية[10].
قد يكون المقصود ب "الحداثة المشوهة" هو العيش في ظل نظام اجتماعي وسياسي تسلطي استبدادي تغيب فيه شروط العدالة الاجتماعية. لكن كيف يمكن تأويل انضمام أفراد للتنظيم من دول أوروبا وأمريكا، وهم عاشوا وتربوا في ظل دول عرفت الحداثة وما بعدها. وفي كافة الأحوال، فإن السؤال الذي قد يبدو أكثر أهمية لماذا لجأت مجموعات عراقية وغير عراقية إلى البحث عن تبريرات شرعية يؤولونها على أنها "مستمدة من الله ذاته" لممارسة أقصى درجة من العنف؟ يحيل فالح عبد الجبار في كتابه "دولة الخلافة: التقدم إلى الماضي، (داعش) والمجتمع المحلي في العراق" عودة الجهادية إلى العراق وعنفها إلى فشل الدولة في بناء نظام سياسي يقر بتعدد الهويات[11]. وعلى الرغم من اعترافه بفعل الاحتلال الأميركي للعراق في عام 2003 ونقده، لكنه لا يشير إليه سببًا رئيسيًا لتشكل القاعدة وتوابعها في العراق؛ فالغائب عنده بأن هناك حدثًا كولونياليًا أوقف مسيرة الدولة في العراق وغيّر هويتها. صحيح بأن فشل وقمع السلطة البعثية سابق على فعل الاحتلال. لكن لماذا نفترض بأن الدولة كانت ستكمل مسيرة فشلها إن كان قد تم تدمير الدولة بالأصل من قبل قوى خارجية واحتلال البلد. كيف سيكون شكل الدولة العراقية مع الثورات العربية لو لم يحدث الاحتلال الأميركي للعراق؟
ماذا لو جاءت الثورات العربية في زمن لم يشهد فيه المشرق العربي أعمالًا من العنفين الطائفي والسياسي، ولا كان لإيران نفوذ كبير في العراق، ولما وجدت حكومة المالكي لكي تصطف إلى جانب السلطة الحاكمة في سورية، ولم يهاجر العراقيون إلى الدول العربية المجاورة ويرووا مأساتهم لجيرانهم. ربما لالتحق العراق بموجة الثورات العربية في ظل نظام إقليمي مختلف لا نعرف كيف كان سيكون شكله، بتركيبة اجتماعية وسياسية مختلفة عن تركيبته في عام 2011. ليس في العراق وحسب وفي سورية كذلك؛ والتي عاشت على إيقاع سنوات الحرب في العراق[12]. ماذا لو انتفض الشعبان السوري والعراقي في لحظة الثورات العربية ضد سلطة تصنف إيديولوجيًا على أنها بعثية؟ كيف يمكن تخيُّل المشهدين الاجتماعي والسياسي في المشرق العربي؟
لتَخيُّل مقاربة لهذا المشهد سوف نستعين بنتائج استطلاع المؤشر العربي؛ والذي يجريه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات سنويًا. ظل المجتمع العراقي بغالبيته متمسكًا بخيار الدولة غير الدينية أو المذهبية. تشير نتائج استطلاع المؤشر العربي لعام 2011 إلى أن العراق هو البلد العربي الثاني بعد لبنان الذي يرى مواطنوه بضرورة فصل الدين عن السياسة إذ أن 47% يوافقون جدًا على ذلك و27% يوافقون إلى حد ما ولم يعارضه إلا 5 % فقط[13]. كما لا يجوز تعميم المواقف السياسية وربطها مع الانتماءات الاجتماعية واعتبارها على أنها مسلمات. في استطلاع عام 2012/2013، اعتقد 66.9% من المستجيبين العراقيين "الشيعة" أن الحل الأمثل لحل الأزمة السورية هو تغيير نظام الحكم في سورية في مقابل 82.3% من العراقيين "السنة". وأيد 45.9% من العراقيين "الشيعة" تنحي الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة بينما أيدها 88.2% من العراقيين "السنة" كأفضل حل لإنهاء النزاع في سورية. ولم يطرح خيار القضاء على الثورة كأفضل حل للأزمة السورية إلا بنسبة 8.4% عند العراقيين "الشيعة" في مقابل 2.5% عند العراقيين "السنة"[14]. تأتي هذه النسب على الرغم من كل ما حدث في العراق منذ عام 2003، وقد تكون كافية للتعبير عن شعب واحد يرغب بالتغيير السياسي المدني الديمقراطي لذاته وعلى مستوى المشرق العربي عامة.
لم يتحقق ذلك بسبب الاحتلال، وبفضل الاحتلال هاجر أبو مصعب الزرقاوي إلى بغداد (ربما كان قد اعتقل في الأردن أو لم يتطرف إلى هذا الحد من الفكر التكفيري)، ولا توفرت الشروط الاجتماعية والسياسية لنشوء القاعدة في العراق، ولا انتقل الجولاني إلى سورية في عام 2011 وشكل جبهة النصرة، ولا ظهرت داعش ذاتها في سورية. كيف يمكن تخيّل المشهد في سورية لو لم توجد جبهة النصرة وداعش؟ لا ننوي دراسة الحالة السورية في هذه الورقة لأن لها خصوصية معينة تحتاج إلى دراسة موسعة، لكن أغلب الدراسات الأكاديمية قد أكدت بأن الشخصيات القيادية انتقلت من العراق إلى سورية.
ليس الهدف من إعادة تخيل الماضي هو طرح أسئلة تجاوزها الزمن، وإنما البرهنة على أن الحدث والسبب الرئيس على ظهور القاعدة في العراق وعودتها بأشكال ومسميات أخرى أكثر عنفًا هو الاحتلال الأميركي للعراق في 9 نيسان/ أبريل 2003[15]، وأن كل الأسباب الأخرى التي يتم تأويلها على أنها أسباب صعود "دولة العراق الإسلامية" (الطائفية السياسية، التمدد الإيراني في المشرق العربي، وعنف الميليشيات العراقية الشيعية...إلخ) ما هي إلا نتاج الاحتلال وعرضًا من أعراضه. ولذلك يجب دائمًا الإشارة بشكل جازم وقاطع إلى تلك اللحظة التاريخية الكولونيالية وإدانة فعلها الاستعماري العنيف وتحميلها مسؤولية ظهور الحركات الجهادية المتطرفة في العراق وسورية، ومن ثم مناقشة نتائجه وإدانتها؛ والتي أدت إلى المزيد من العنف.
ولموضعة هذه الأفكار في سياقها الأكاديمي النظري، سوف يتم الاستعانة بأفكار المفكر الفرنسي فرانز فانون Frantz Fanon؛ والذي صاغ النقد التحرري المناهض للكولونيالية، وهو بمثابة المرجع الروحي لمدرسة ما بعد الكولونيالية[16]. قدم في دراساته فهمًا لسيكولوجيا العنصرية والسيطرة الكولونيالية خاصة في كتابيه "معذبو الأرض" (1961) و"بشرة سوداء، أقنغة بيضاء" (1952) مرتكزًا على عمله في مجال علم النفس الإكلينكي وتجربته طبيبًا في الجزائر إبان الاحتلال الفرنسي، فأنتج فهمًا لآثار الهيمنة الكولونيالية على نفسية المستعمَر[17]. عندما جاء الجلاد الذي يعذب المقاومين الجزائريين إلى العيادة النفسية لفانون وهو المنضم للثورة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي، قَبِلَ فانون الاستماع له ومعالجته. ووجد بأن الجلاد نفسه كان "ضحية عملية نزع الإنسانية التي قامت الكولونيالية بها"[18]. تكمن أهمية مساهمة فانون بنقله النقاش من مفاهيم تضارب الهويات إلى "حقائق" الحكم الكولونيالي وأبعاده النفسية والاجتماعية والاقتصادية في تأويل العنف والعنف المضاد[19]. يُبسط فانون هذه العلاقة "المستعمِر هو الذي صنع المستعمَر"[20] بمبادرته باحتلال أراضي الآخرين وأساليبه في السيطرة والهيمنة وتعيينه لوكلاء عنه في إدارة شؤون البلاد. وهو ما يترتب عليه من نتائج سوف يحاول البحث تأويلها خلال النص.
وضع فانون تصوره لفهم العلاقة بين المستعمِر والمستعمَر والعنف الكامن بينهما في ستينات القرن الماضي، ولذلك فإن أفكاره قد لا تكون قادرة على تأويل الظاهرة كليًا، حيث يمكن الاستفادة منها في تقديم مساهمة في فهم الأبعاد الكولونيالية لصعود تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق" وعنفها فقط. أما حالة الجهاديين الأجانب بين عناصرها فتقع خارج سياق فهم فانون، وكذلك تطور التقنيات الحديثة عما كان سائدًا حينها مثل تطور استخدام التكنولوجيا. ولذلك سيضطر البحث إلى الاستعانة بمساهمة السوسيولوجي الفرنسي جان بودريار Jean Baudrillard في محاولته لفهم الإرهاب في أحداث 11 أيلول. ينتقد بودريار فهم إرهاب الحركات الإسلامية المتطرفة بتفسيره وفقًا لمبدأ الصفر أي الثأر (فانون ليس ضمن هذا السياق وإن جرى تأويله خطأً مرات كثيرة كذلك[21])، إذ يمنح هذا الفهم الصفري "معنى تاريخياً، سياسياً، دينياً، نفسياً"[22]. لكن ما يغيب عنه هو معنى العمل الإرهابي والشر الكامن فيه. المعنى يكمن في الموت الرمزي وشعائره التي يقدمها الإرهابي على مسرح الجريمة[23].
سوف أستعرض في هذه المناقشة نمطين فقط من الأنماط السوسيولوجية لعناصر تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق" (العراقيون والأجانب). حيث أن ثمة أنماط أخرى يتكون منها التنظيم مثل "الجهاديين" العرب؛ إلا أن هذه الحالة تحتاج إلى بحث ميداني منفرد في البيئات المحلية التي ينحدر منها هؤلاء المقاتلون، قبل الدخول في نقاش الأدبيات الأكاديمية عنها.
الجلادون المستعمَرون
توضح مبادئ الوثيقة التي نشرها التنظيم في عام 2010[24]؛ تأثير الكولونيالية على المجتمع العراقي[25]. في تقديمه لكتاب "معذبو الأرض" يوضح جان بول سارتر Jean-Paul Sartre "إن هذا الحنق المكتوم يظل يلوب في صدور المضطهدين فيفسدهم هم أنفسهم حين لا يستطيع أن ينطلق". إن تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق" وأي ميليشيا عراقية أخرى تقتل عراقيين آخرين هي من تمثل هذه الفئة المُفسَدة في المجتمع العراقي. ويكمل "وهم ينتهون من أجل التحرر منه إلى أن يقتل بعضهم بعضًا، فالقبائل تقتتل فيما بينها لأنها لا تستطيع أن تجابه العدو الحقيقي- وفي وسعهم أن يعتمدوا على السياسة الاستعمارية لتغذية خصوماتهم"[26]. فلم يعد من المهم قتال المحتل بلغة التنظيم "الصليبيين" ومن ثم "الصفويين"؛ فلن توجه له إلا رصاصة واحدة بعد اليوم، أما الرصاصات التسع الأخرى فهي موجهة لجميع أبناء الشعب العراقي (الصحوات والمقاومة العراقية وعموم العراقيين الشيعة). يوضح فانون بأن هذا السلوك بقتل المواطنيين الآخرين هو الذي يسمح للمستعمِر بوصف هؤلاء بفاقدي العاقل[27]. وهذا صحيح ولكنهم امتهنوا الإجرام منذ أن احتلت بلادهم، فتبنوا القتل المباح. أما المحتل ووكلاؤه، فيستغلون هذا النمط الإجرامي لتعميمه على كل من يقاومهم، وهو ما سيظهر في خطابات رئيس الحكومة العراقية السابق نوري المالكي في النص.
تلخص خطابات التنظيم بشكل عام حول القسوة والقتل وممارساته الوحشية في القتل أهم أفكار فانون عن المجتمعات في ظل الاستعمار وما بعده بما يسميه "توحش الفكر"؛ والذي يتولد من عنف المستعمِر ووكلائه بعدم إمكانية المجتمعات المستعمَرة بالرد على "القصف الجوي بنيران البنادق"[28]. يوضح فانون آلية توحش الفكر "إن عنف النظام الاستعماري، وعنف المستعمَر، يتوازيان ويتجاوبان في تجانس مشترك، وسيطرة العنف هذه لا بد أن تصبح أشد هولًا كلما زاد عدد المستوطنين. إن اشتداد العنف لدى الشعب المستعمَر سيكون متناسبًا مع العنف الذي يمارسه النظام الاستعماري المرفوض"[29]. إن تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق" هو النمط غير التحرري من الشعب العراقي الذي تبنى فكرًا متوحشًا موازيًا للممارسات الكولونيالية الأميركية، وازداد فكره توحشًا مع التدخلات الإيرانية في الشؤون العسكرية والسياسية والاجتماعية للمجتمع العراقي. ولذلك لم يعد تنظيم القاعدة في نظر من دعم التنظيم من العراقيين، تتماشى مع الرغبة في انتقامها من الاستعمار ووكلائه والمتدخلين الإيرانيين في شؤونهم المحلية.
لم يختلف العنف الذي مارسته القوى الأمنية العراقية عما كان الاحتلال الأميركي في العراق يقوم به. فعادة ما تكون السلطة الكولونيالية "سواء جاءت من حزب أم جيش أم دولة، التي تتمظهر في قيام الأجهزة الأمنية بترهيب الشعب وتشتيت قواه" عنيفة بقدر مواز للعنف الاستعماري المباشر[30]. من التبسيط اعتبار بأن صعود تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق" هو ردة فعل على سياسات حكومة المالكي. فلطالما ارتكبت الأنظمة العربية مجازر بحق شعوبها ومارست سياسات إقصائية تجاه المكونات السياسية. لكن حكومة المالكي أكملت مسيرة العنف والإقصاء الاستعمارية التي بدأتها الولايات المتحدة منذ عام 2003، مع التدخل الإيراني بشؤون العراق. فتولدت ردود فعل تعتبر عنيفة في المجتمع العراقي إحداها وأبشعها عنف تنظيم الدولة، وهو عنف متصل بالاستعمار الكولونيالي يأخذ طابعًا ثأريًا حاصله صفر[31].
يلاحظ على المجالس التي يتكون منها التنظيم غلبة المكون البعثي السابق من ضباط الجيش العراقي[32]. كيف انتقل ضباط علمانيون يساريون قوميون إلى النقيض الإيديولوجي المقابل التطرف الجهادي الإسلامي. يمكن تأويل ذلك مع فهم فانون إلى وجود "سياسة مصلحية خلال النضال المناهض للاستعمار، غالبًا ما تبررها الحاجة إلى الوحدة ضد عدو مشترك، تحل محل ثقافة النقاش والديمقراطية". وإذا ما تعثرت العملية السياسة في البلدان المستعمَرة تقود إلى توحش الفكر[33]. توحش الفكر الإيديولوجي لهؤلاء الضباط مع الاحتلال الأميركي وحله للجيش الذي كانوا يخدمون فيه، وسن قانون اجتثاث البعث؛ والذي يمنعهم من ممارسة أي وظائف في الدولة. ولذلك ألغى هؤلاء الفروقات الإيديولوجية مع القاعدة ومن ثم تنظيم الدولة بهدف مقاومة الاستعمار، لكنهم دون أن يدروا من الناحية النفسية بأنهم تمثلوا وحشية المستعمِر ذاتها. واتجهت بنادقهم إلى أبناء شعبهم أكثر من المحتل. وهو ما يمكن أن يطلق عليهم وعلى غيرهم من العامة الذين لا يتبنون إيديولوجية التنظيم ب "المانويون* الانتهازيون"، معنى المانوية، هو يتبنى الثأر عقيدة في رغبته بالانتقام من قوات الحكومية العراقية نتيجة شعور مستديم بالذل والإهانة تولد منذ لحظة الاحتلال الأميركي للعراق. كما يتميزون بالانتهازية؛ فقد كان بإمكانهم الانضمام لدى فصائل عراقية أخرى غير جهادية، تمكنه من رد الذل والدخول في مشروع تحرري وطني. فَضَلَ هذا التيار الانتهازي الانضمام للتنظيم؛ لأن الكولونيالية وما بعدها أفسدت حالته النفسية والفكرية بموجات من العنف المستمر، معتقدين ومتعلقين بإيديولوجيات رمزية تتصور بأنه كلما تطرف الفكر تجاه الاستعمار ووكلائه كلما أتيحت له فرصة بالفوز في المعركة[34]. إن هؤلاء بسبب اختلالاتهم النفسية التي عاشوها نتيجة خسارة امتيازاتهم بعد الاحتلال وتدينهم بشكل مفاجئ، أصبحوا ينظرون إلى أنفسهم كقوى غيبية جبارة، أما قوى المستعمِر فتصغر في نظرهم كثيرًا وأنه بالإمكان هزيمتها بسهولة[35]، ويتجهون نحو التركيز على الوكلاء؛ فهم الذين حلوا مكانهم وأخذوا مناصبهم وامتيازاتهم، وبل يخلقون أعداء خرافيين من المجتمع، يتخيلون بأنهم يشكلون عائقًا لعودة الزمن إلى ما قبل الاحتلال.
الساديون الأغراب
تشير الوثيقة سالفة الذكر أعلاه إلى هشاشة النظام الدولي، وهو ما يتكرر في خطب أعضاء التنظيم، حيث يتوهمون دائمًا بأن هزيمته سهلة جدًا على الرغم من هزيمته لهم بشكل دائم. هذه المفارقة يمكن تأويلها بالاستناد إلى أفكار بودريار. ذلك أن الواقع هو ساحة النظام العالمي ولا يمكن للإرهابيين هزيمته تبعًا لميزان وعلاقات القوى. فلذلك يلجأ الإرهابيون إلى صنع الحدث في عالم المعنى والغائية والفاعلية. أي نقل الصراع إلى الإطار الرمزي بمعنى الرد على الموت بالموت الموازي. وهو ما سيجبره على الرد بالعنف. تقوم الفرضية الإرهابية في هشاشة النظام والاستعداد للموت على أن "النظام نفسه ينتحر ردًا على تحد هائل للموت والانتحار. لأنه لا يمكن للنظام ولا السلطة أن يتملصا من الالتزام الرمزي، الالتزام القائم على الرد تحت طائلة فقدان المكانة"[36]. يخسر النظام العالمي بقيمه وإيدلوجييته مكانته باستمرار العنف والعنف المضاد، وعدم قدرته على وضح حد لظاهرته. أما التنظيمات المتطرفة مثل تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق" فهو غير مهتم بمكانته وسمعته، فهو يظن بأن "مشروعيته" مستمدة من عنف القوى الخارجية ووكلائها المحليين.
المقاتلون الأجانب في التنظيم لا ينطبق عليهم فهم تحليل فانون لعنف ما بعد الكولونيالية، فهم لم يعيشوا تحت الاحتلال وما بعده من حكومات وكيلة. فلكل منهم قصة مختلفة عن الآخر. نروي هنا بعضاً منها بالاستناد إلى مصادر صحفية استقت معلوماتها من أهالي المنضمين من التنظيم أو منهم أنفسهم عندما عادوا إلى بلادهم.
فتاة أصولها من الكونغو، مسيحية – كاثوليكية. عاشت في باريس مع أمها وأختها بدون أب. وبعد وفاة والدتها، عملت في الخدمة الاجتماعية لمساعدة المهاجرين في ضواحي باريس حينها اعتنقت الإسلام، وبنت علاقة صداقة قوية مع ثلاثة شبان يصغرونها ب 10 سنوات. سافر الشبان الثلاثة إلى سورية والتحقوا بالتنظيم، وأقنعوها بالسفر إليهم بعد أن فشلت بإقناعهم بالعودة. تروي هي بأنهم استغلوا شعورها بحاجتها إلى الاستقرار النفسي ويتمها وحياتها غير الآمنة[37].
شخص آخر ليس له أصول مهاجرة، مواطن كندي أبيض مسيحي. حاول الانتحار خلال مراهقته، ثم اعتنق الإسلام وهو في السابعة عشر من عمره. استقر نفسيًا بعد ذلك، بمعنى أن لم يعد شخصًا منعزلًا. تشدد إسلاميًا في عام 2013 وأصبحت له حياته الخاصة المنعزلة مرة أخرى، ومن ثم هاجر إلى سورية[38]. مواطنة ألمانية، مسيحية، ليس لها أصول مهاجرة، مراهقة، عاشت مع أمها وزوج أمها. هاجرت إلى سورية وعمرها 15 سنة بعد أن أعلنت إسلامها وسلكت سلوكًا إسلاميًا في المظهر والخطاب[39].
مواطن بليجكي مسيحي كاثوليكي متدين، لا ينحدر من أصول مهاجرة. كان خادم المذبح في الكنيسة، عاش في عائلة متوسطة الدخل. كانت والدته مدمنة كحول، افترق والداه وهو في مرحلة المراهقة، وعانى من مرض ADHA ؛ والذي يجعل الشخص غير قادر على التركيز. أدمن الحشيش ومن ثم المخدرت؛ فانخفضت معدلاته الدراسية. وهو في عمر السادسة عشر من عمره قرأ كتاب "طريق المسلم" فشعر بأن "الإسلام ينظم الحياة بدرجة أعلى من المسيحية". اعتنق الإسلام ومن ثم هاجر إلى سورية لاحقًا[40].
الأمريكيون المنضمون للتنظيم ليس لهم نمط معين منهم فقراء ومنهم طبقة وسطى أو ميسورو الحال، منهم مسلمون ومنهم مسيحيون، عاش أجدادهم في أمريكا أو هاجروا وهم أطفال إلى أميركا، يعيشون في قرى صغيرة أو مدن كبيرة. مهاجر من بنغلادش مسلم دخل في مرحلة اكتئاب خلال مراهقته. لجأ إلى عائلة أخته المتشددة دينيًا، خرج من حالة الاكتئاب بعد أن أصبح متشددًا دينيًا. تولدت لديه قناعة بأن الالتزام الديني هو الذي ساعده على ذلك. انضم للتنظيم مع عائلة أخته. شخص آخر يعيش في كاليفورنيا مسيحي كاثوليكي مؤمن، أجداده عاشوا في المكسيك. شخص هادئ ومنعزل، اعتنق الإسلام وانضم للتنظيم لاحقًا[41].
الاختلاف السوسيولوجي سمة تميز هذا النمط من التنظيم، ما يجمعه هو التشارك في مشاكل الحياة الخاصة. اختاروا هؤلاء بأن يعبروا عن نوازع صراعاتهم الداخلية في إرهاب العالم، وفضلوا أن يقدموها بصورة تشد الأنظار لهم بالعمليات الانتحارية للتنظيم والقتال في صفوفه في سورية العراق. الرمزية في ما وراء الانتحار الإرهابي وفقًا لبودريار هي "المبادلة المستحيلة للموت، بتحدي النظام من خلال الملكة الرمزية للموت"[42]. إن الهدف من تبادل الموت المستحيل إثارة عنف الواقع وهدم النظام تلقائيًا من خلال استمرارية دوامة عنف الواقع[43]. هنا العنف ليس واقعيًا وغير منبثق من التاريخ[44]. المعنى فيه رمزي، ف"العنف الرمزي هو الذي يولد الفرادة"[45]. هو مرآة للعنف الوحيد الذي لا يستطيع ممارسته، عنف موته الخاص، فيختار أن يكون فريدًا في موته، يموت ويقتل معه أشخاصًا آخرين (عددهم غير مهم) دون أن يفكر بهؤلاء الضحايا؛ والذين هم أنفسهم يعانون من سلبيات النظام العالمي المعولم. المهم عنده هو إرضاء حقده وذاته المغرورة على حياة يعتقد أنها لم تنصفه وحده، فيقدم الشر بالقتل للجميع. هذا هو معنى التبادل المستحيل للموت.
الصدام في الحياة اليومية وما سببه لهم من عنف رمزي في مراحل حياته المبكرة؛ فهو مسائل شخصية دفينة في أعماقهم لا يعرفها إلا هم أنفسهم. لكل منهم روايته وحكايته ومشاكله. تمردوا على هذا النظام العالمي السائد. لكنهم اختاروا الشر للاختلاف ومحاولة تغيير العالم. البعض يختار الفن للتغيير أو الكتابة والبحث العلمي أو الانضمام للحركات الاجتماعية...إلخ للاحتجاج على الظلم وقيم النظام العالمي السائدة. أما هذا الفئة فقد اختارت العنف والقتل بأسلوب رمزي مسرحي استعراضي، وهي بذلك أعادت إنتاج نفسها لتصبح جزءًا من هذا النظام العالمي.
الإسلام ليس إيديولوجية للإرهاب
إذا كانت القضية حالة نفسية ورمزية لنمط من المجتمع العراقي، تولدت ردة فعل على الاستعمار وما بعده، لماذا اختار هذا النمط الإسلام إيديولوجيةً له؟
يوضح فانون بأن المستعمَر من أجل ألا يعبأ بالمستعمِر ويخفف آلامه يلجأ إلى الدين والتعلق بقضاء الله وقدره لتحقيق الاستقرار النفسي والتوازن الداخلي[46]. ومن الدين ينتقل إلى الماضي في الدين فحين "يكتشف الشخص المنزوعة ثقافته التقاليد من جديد ويعايشها وكأنها آلية دفاع ورمز مقاومة وخلاص، يوحي للآخرين بأن الوساطة تنتقم من خلال عودتها إلى الجوهر"[47]. ويعني بذلك الارتداد إلى الأوضاع الجاهلية الثقافية البعيدة عن التطور التقني. ولأن المجتمع يبحث عن استقراره النفسي في ظل الكولونيالية والذي وجده في الدين، يختار الدين من هذه الثقافة المحلية القديمة؛ وهكذا "بات للثقافة الخاملة والمحاط بها منذ السيطرة الأجنبية قيمة جديدة. ولكن لم يتم البحث فيها من جديد وترميمها وتنشيطها من الداخل، بل جرت المطالبة بها"[48]. فتبدأ مجموعات من المجتمع "باستكشاف معنى الماضي من جديد وإقامة شعائر الأجداد"[49]. ومن هذه الفئة يخرج ما يسميهم فانون "المسفّلون" أي السفلة غير القابلين للتهذيب[50] الذين استعملوا الدين مذهبًا للانتقام من الاحتلال والدولة والمجتمع. ومن هنا أخذ تنظيم "قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين" الدين إيديولوجية لتبرير أعماله، وورثها إلى تنظيم "دولة العراق الإسلامية".
على ذات المنوال، يفهم بودريار العلاقة بين الإسلام والإرهاب، فالإرهابي شخص لا يريد الاختفاء مهما كان دينه وعقائده، بل يطمح لكي يراه الناس، ولو مرة واحدة خلال موته، ولذلك لا بد أن يموت بطريقة تجعل الجميع يراه. وهنا الإسلام بوصفه إيديولوجية لا يدخل في معادلة الإرهاب، كما يوضح بودريار "فلو كان الإسلام هو الذي يسيطر على العالم لنشط الإرهاب ضد الإسلام" [51].
خاتمة
تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق" و"داعش" مجموعة من البنى الاجتماعية والأفراد نزعت إنسانيتهم بفعل الاستعمار والاستبداد وقسوة العولمة. اختاروا أو خرجت قوى الشر من بواطنهم الإنسانية وسيلةً للثورة على هذا النظام العالمي، ومارسوا أبشع أنواع القتل والعنف. اتبعوا منهج الثأر بدلًا من مناهج أخرى متاحة، فالحلول العسكرية الخالصة تؤدي إلى توحش الفكر[52] دون برنامج سياسي وطني تحرري[53]. كان تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين نمطًا شاذًا هرب من حقل مقاومة الاستعمار إلى حقل التكفير والقتل والتوحش. وكذلك نتج تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق" من الإرث الكولونيالي الأنغلوسكسوني في عام 2003 ومنتجاته من عنف الحكومة العراقية والطائفية السياسية والتدخل الإيراني في شؤون العراق. حيث استغلت لحظة الاحتجاج ضد الحكومة العراقية، وهيمنت بالقوة والعنف على مساحات واسعة من العراق.
مشروع تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق" نقيض التحرر من الاستعمار؛ بل هو إعادة تمثل للاستعمار لأنها ناتجة عنه مع تبنيها لأفكاره في تقسيم المجتمع العراقي إلى طوائف وقبائل وقوميات وممارسة الإقصاء والعنف والتعذيب بكل أشكاله[54]. التنظيمات المتطرفة بطوائفها المختلفة ظاهرة اجتماعية لتجاوزها يجب نزع الكولونيالية بنتائجها وأفكارها من المجتمع العراقي، ليس بمعنى العودة إلى استبداد ما قبل عام 2003، وإنما فهم الماضي والتطلع إلى المستقبل بطرح برامج سياسية واجتماعية تحررية على الصعيدين الفردي والوطني تقوم على الاعتراف بالآخر المختلف، والتأكيد على استحالة القتل أخلاقيًا.
المراجع
أبو هنية، حسن و أبو رمان، محمد، تنظيم "الدولة الإسلامية": الأزمة السنية والصراع على الجهادية العالمية (عَمان: مؤسسة فريدرش إيبرت، 2015).
المصطفى، حمزة. "الدولة الإسلامية والجهاد في زمن الحداثة: قراءة في المفاهيم والتجارب المعاصرة"، دورية تبين للدراسات الفكرية والثقافية، المجلد 5، العدد 18 (خريف 2018).
دلّال، أحمد. لاهوت "داعش" السياسي: الأنبياء والمخلّصون المنتظَرون واندثار المنطقة الرمادية، في: مجموعة مؤلفين، الثورات العربية: عسر التحول الديمقراطي ومآلاته (بيروت/ الدوحة: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2018).
عبد الجبار، فالح. دولة الخلافة: التقدم إلى الماضي، (داعش) والمجتمع المحلي في العراق، (الدوحة/ بيروت: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2017).
"مشروع قياس الرأي العام العربي"، المؤشر العربي 2011، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، آذار/ مارس 2012، ص 70، شوهد في 10/9/2018
أنطون، سنان. فهرس (بيروت: منشورات الجمل، 2016).
بيل أشكروفت وآخرون، دراسات ما بعد الكولونيالية المفاهيم الرئيسية، ترجمة، أحمد الروبي وآخرون (القاهرة: المركز القومي للترجمة، 2010).
غبسون، نايحل سي، فانون المخيلة بعد- الكولونيالية، ترجمة: خالد عايد أبو هديب، مراجعة: فايز الصياغ (بيروت/ الدوحة: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2013).
فانون، فرانز. معذبو الأرض، ترجمة، سامي الدروبي وجمال الأتاسي (عمان: دار الأهلية، 2015).
بودريار، جان. "عنف العالم"، في: عنف العالم، جان بودريار وإدغار موران، ترجمة: عزيز توما (اللاذقية: دار الحوار، 2005).
فانون، فرانز. لأجل الثورة الإفريقية، ترجمة، ماري وديالا طوق (بيروت/ الجزائر: دار الفارابي/ منشورات آنيب، 2007).
بودريار، جان. "ذهنية الإرهاب"، في: مجموعة مؤلفين، ذهنية الإرهاب لماذا يقاتلون بموتهم، إعداد وترجمة، بسام حجار (الدارة البيضاء: المركز الثقافي العربي، 2003).
الخطة الاستراتيجية لتعزيز الموقف السياسي لدولة العراق الإسلامية، مفكرة الفلوجة ([د.م]: [د.ن]، 2009- 2010)، شوهد في: 22/8/2018، متاح الكترونياً هنا.
سارتر، جون بول ، "تصدير بقلم جول بول سارتر"، في: فرانز فانون، معذبو الأرض، ترجمة، سامي الدروبي وجمال الأتاسي، ط2 (القاهرة: مدارات للأبحاث والنشر، 2015).
ساتيك، نيروز. "صعود تنظيم الدولة الإسلامية في العراق: الخلفيات والممارسات"، في: مجموعة مؤلفين، تنظيم الدولة المكنى "داعش": التشكل والخطاب والممارسة (بيروت/ الدوحة، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2018).
أنطون سنان. "العراق: خطاب التقسيم والأقلمة"، موقع جدلية، 28/6/2014، شوهد في 7/9/2018
مجموعة مؤلفين، عشر سنوات هزت العالم: عقد على احتلال العراق 2003-2013 (بيروت/ الدوحة: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2015).
ر. هل، كريستوفر. "نهاية الدولة العربية"، الجزيرة نت، 13/8/2014، شوهد في 7/9/2018
الإنكليزية
“A Jihadi in the Family”, CBC TV, 1/9/2016, accessed on 14/9/2018
“from Altar boy to ISIS Fighter”, CNN, march 2017, accessed on 14/9/2018
Engel, Richard and others. “ The Americans: 15 Who Left the United States to Join ISIS”, NBC, 15/5/2017, acseesed on 14/9/2018
Noack, Rick. “At 15, she joined ISIS after converting to Islam. Now this German teen wants to go home“, the washington post, 24/7/2017, accessed on 14/9/2018
Willsher, Kim.“ ‘I went to join Isis in Syria, taking my four-year-old. It was a journey into hell’”, The Guardian, 9/6/2016, accessed on 14/9/2018
هوامش
[1] يمكن النظر في: كريستوفر ر. هل، "نهاية الدولة العربية"، الجزيرة نت، 13/8/2014، شوهد في 7/9/2018 وكذلك حول الرد عليها: سنان أنطون، "العراق: خطاب التقسيم والأقلمة"، موقع جدلية، 28/6/2014، شوهد في 7/9/2018
[2] حسن أبو هنية ومحمد أبو رمان، تنظيم "الدولة الإسلامية": الأزمة السنية والصراع على الجهادية العالمية (عَمان: مؤسسة فريدرش إيبرت، 2015)، ص 15 – 16.
[3] تمتلئ مواقع منظمات حقوق الإنسان بانتهاكات قوات الحشد الشعبي وباقي الميليشيات العراقية الشيعية لحقوق الإنسان. انظر مثلًا. "العراق: اعتقال عشرات الرجال في مدرسة: قوات موالية للحكومة تحتجز وتعذب سكان منطقة الموصل"، منظمة هيومان رايتس وتتش، 22/5/2017، شوهد في: 8/9/2018
[4] حمزة المصطفى، "الدولة الإسلامية والجهاد في زمن الحداثة: قراءة في المفاهيم والتجارب المعاصرة"، دورية تبين للدراسات الفكرية والثقافية، المجلد 5، العدد 18 (خريف 2018)، ص 145-164.
[5] المصدر نفسه، ص 160-161.
[6] أحمد دلّال، لاهوت "داعش" السياسي: الأنبياء والمخلّصون المنتظَرون واندثار المنطقة الرمادية، في: مجموعة مؤلفين، الثورات العربية: عسر التحول الديمقراطي ومآلاته (بيروت/ الدوحة: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2018)، ص 628.
[7] المصدر نفسه، ص 619.
[8] المصدر نفسه، ص 629.
[9] المصدر نفسه، ص 630.
[10] المصدر نفسه، ص 630-631.
[11] فالح عبد الجبار، دولة الخلافة: التقدم إلى الماضي، (داعش) والمجتمع المحلي في العراق، (الدوحة/ بيروت: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2017)، ص 35-36.
[12] عن مناقشة أسئلة تأثير الاحتلال الأميركي على المجتمع العراقي والمحيط العربي والإقليمي والعالم يمكن الرجوع إلى: مجموعة مؤلفين، عشر سنوات هزت العالم: عقد على احتلال العراق 2003-2013 (بيروت/ الدوحة: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2015).
[13] "مشروع قياس الرأي العام العربي"، المؤشر العربي 2011، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، آذار/ مارس 2012، ص 70، شوهد في 10/9/2018
[14] بيانات غير منشورة من تقرير: "اتجاهات الراي العام العربي نحو الأزمة السورية"، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، المؤشر العربي، 2013، شوهد في 10/9/2018، تم تزويد بها الباحث من فريق عمل المؤشر العربي.
[15] "الزمن ثقب أسود. حفرة تقع فيها الأشياء وتختفي. حتى بداية كل كل هذا الوجود، بحسب إحدى النظريات، كانت انفجارًا، وليس الوجود إلا شظايا وأشلاء. وها نحن نعيش تبعاته وآثاره. وأنا سأنتشل هذه الدقيقة من الثقب الأسود. لكن لماذا؟ هناك من يكتب ليغيّر الحاضر، أو المستقبل. أما أنا، فأحلم بتغيير الماضي. وهذا منطقي ومنطق فهرسي"، سنان أنطون، فهرس (بيروت: منشورات الجمل، 2016) غلاف الراوية الخلفي.
[16] عن تأثير فانون في مدرسة ما بعد الكولونيالية يمكن الرجوع إلى: بيل أشكروفت وآخرون، دراسات ما بعد الكولونيالية المفاهيم الرئيسية، ترجمة، أحمد الروبي وآخرون (القاهرة: المركز القومي للترجمة، 2010) ص 175.
[17] المصدر نفسه، ص 176-177.
[18] نايحل سي. غبسون، فانون المخيلة بعد- الكولونيالية، ترجمة: خالد عايد أبو هديب، مراجعة: فايز الصياغ (بيروت/ الدوحة: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2013) ص 116.
[19] المرجع نفسه، ص 26.
[20] فرانز فانون، معذبو الأرض، ترجمة، سامي الدروبي وجمال الأتاسي (عمان: دار الأهلية، 2015)، ص 12.
[21] عن الثأر عند فانون يمكن النظر في: غبسون، ص 25-26.
[22] جان بودريار، "عنف العالم"، في: عنف العالم، جان بودريار وإدغار موران، ترجمة: عزيز توما (اللاذقية: دار الحوار، 2005)، ص 56-57.
[23] جان بودريار، "ذهنية الإرهاب"، في: مجموعة مؤلفين، ذهنية الإرهاب لماذا يقاتلون بموتهم، إعداد وترجمة، بسام حجار (الدارة البيضاء: المركز الثقافي العربي، 2003)، ص 26.
[24] الخطة الاستراتيجية لتعزيز الموقف السياسي لدولة العراق الإسلامية، مفكرة الفلوجة ([د.م]: [د.ن]، 2009- 2010)، شوهد في: 22/8/2018
[25] "طفل. انا. طفل يجلس في حديقة بيتنا الذي لم يعد بيتًا. ترجمته هدية سماوية إلى ركام هائل. ألتقط قطعة زجاج مكسور من بقايا شباك. أتحسس حافتها فتجرحني وتستدرج قطرة من دمي. أشعر بألم بسيط وأراقبها تسقط على التراب. اللحظة جرح. أضع قطعة الزجاج على جسد الزمن لأجرحه. سأجرحه وأستدرج منه قطرة. لحظة. سأستنزفه حتى يموت كما ماتوا كلهم". سنان أنطون، فهرس ، ص 180.
[26] جون بول سارتر، "تصدير بقلم جول بول سارتر"، في: فرانز فانون، معذبو الأرض، ترجمة، سامي الدروبي وجمال الأتاسي، ط2 (القاهرة: مدارات للأبحاث والنشر، 2015)، ص 28.
[27] فانون، معذبو الأرض، 30.
[28] غبسون، ص 22.
[29] فانون، معذبو الأرض، 65.
[30] غبسون، ص 23.
[31] غبسون، ص 44-45.
[32] يمكن العودة إلى البنية السوسيولوجية والإدارية للتنظيم إلى: نيروز ساتيك، "صعود تنظيم الدولة الإسلامية في العراق: الخلفيات والممارسات"، في: مجموعة مؤلفين، تنظيم الدولة المكنى "داعش": التشكل والخطاب والممارسة (بيروت/ الدوحة، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2018)، ص 94-95.
[33] غبسون، ص22.
* نسبة إلى مؤسس الديانة المانيشية ماني صاحب مقولة "العين بالعين".
[34] عن الثأر عند فانون يمكن النظر في: غبسون، ص 25-26.
[35] فانون، معذبو الأرض، ص 33.
[36] بودريار، عنف العالم، ص 62.
[37] Kim Willsher,“ ‘I went to join Isis in Syria, taking my four-year-old. It was a journey into hell’”, The Guardian, 9/6/2016, accessed on 14/9/2018
[38] “A Jihadi in the Family”, CBC TV, 1/9/2016, accessed on 14/9/2018
[39] Rick Noack, “At 15, she joined ISIS after converting to Islam. Now this German teen wants to go home“, the washington post, 24/7/2017, accessed on 14/9/2018
[40] “from Altar boy to ISIS Fighter”, CNN, march 2017, accessed on 14/9/2018
[41] Richard Engel and others, “ The Americans: 15 Who Left the United States to Join ISIS”, NBC, 15/5/2017, acseesed on 14/9/2018, at
[42] بودريار، عنف العالم، ص 60.
[43] المرجع نفسه، ص 62-63.
[44] بودريار، ذهنية الإرهاب، ص 34.
[45] بودريار، ذهنية الإرهاب، ص 34.
[46] فانون، معذبو الأرض، ص 30.
[47] فرانز فانون، لأجل الثورة الإفريقية، ترجمة، ماري وديالا طوق (بيروت/ الجزائر: دار الفارابي/ منشورات آنيب، 2007)، ص 61.
[48] المرجع نفسه.
[49] المرجع نفسه، ص 31.
[50] المرجع نفسه، ص 60.
[51] المرجع نفسه، ص 22.
[52] غبسون، ص 22.
[53] المرجع نفسه، ص 44-45.
[54] "منذ سنين والخراب والموت يتناوبان على صفع وجوهنا ووجوه مدننا كل صباح. يشطبان الأسماء كلها، أسماء الأمكنة والأحبة، واحدًا بعد الآخر. تارة يشطبان بالأحمر القاني الذي يبقي الجراح مفتوحة وتارة أخرى بالأسود الذي يعمي شمس العراق ويطيل ليله الطويل"، سنان أنطون، فهرس، ص 282.