شيرمان أليكسي، شاعر وقاص وسينمائي أميركي من السكان الأصليين، صدر له العديد من الدواوين الشعرية منها سأسرق الخيول (1993) وصيف الأرامل السوداوات (1996)، أول هندي على القمر (1993)، قمصان قديمة، جلود جديدة (1993). حصل على جوائز أدبية مرموقة بينها جائزة همنغواي\ رابطة القلم الأميركية، وجائزة بوشكارت وجائزة ماديسون، كما حصل على جائزة فوكنر\رابطة القلم الأميركية. في قصائده يتحدث شيرمان عن ضرورة التضامن الإنساني والانفتاح على الآخر واعتناق نظرة أكثر إنسانية تتجاوز الانقسامات العرقية والقومية، ويتناول في قصصه القصيرة مواضيع كاليأس والبؤس وإدمان الكحول بين الأميركيين من أصل هندي أحمر الذين يعيشون في المحميات. وتثير قصائده ورواياته وقصصه القصيرة الحزن والاستياء وتدعو إلى التضامن مع الأشخاص الذين في مواقف يائسة. نشط أيضاً في مجال السينما وكتب سيناريو أول فيلم هندي أحمر بعنوان "إشارات الدخان“ الذي أُنتج في 1998.
اخترنا هذه القصائد المترجمة من مجموعات مختلفة للشاعر.
تشريح جثة
(قصيدة كتبها الشاعر تعبيراً عن رفضه لسياسة ترامب ضد المهاجرين)
حلمتُ ليلة أمس أن جواز سفري ينزف
حلمتُ أن جواز سفري شاهدةُ قبْرٍ
لولاياتنا المتحدة، التي ماتت مؤخراً.
حلمتُ أن جواز سفري مصنوعٌ من العظام
أنه زورقٌ منحوتٌ من الصخور.
لكنني قلت: لا أستطيع السباحة. سأغرق
إذا لم أستطع بلوغ الشاطئ، سأموت وحيداً
في الملح. كلا، سيُعْثَر على جسدي
مع ملايين الأجساد، وكلها سمراء.
حلمتُ أن جواز سفري كتابُ صلواتٍ
لم يستجب الله لها ألّفه مدقّقو حقائق
يرتدون بزات رسمية.
قالوا لي:”هناك أخطاء في أوراقك“. ثم اقتادوني إلى الأسفل.
إلى غرفة فيها أظافر على الأرض.
حلمتُ أن جواز سفري كان المفتاح الخاص بي
لكن الجنود أشعلوا النار في الأبواب
في الأبواب كلها، ونشب حريقُ أبوابٍ.
حلمتُ أن جواز سفري كاهن:
”شيرمان، هل ستقاتل آكلي اللحوم
أم هل ستستدير وتتخلى عن الضعفاء؟
هل ستكون ملاذاً؟ أم ستتنازل؟“
حلمتُ ليلة أمس أن جواز سفري كان حياً
حين دخل وحدة العناية المركزة. تنفّسَ، تنفَّس،
ثم تنهَّدَ وأغمضَ عينيه. وبعد ذلك فارقَ الحياة.
الأسى يدعونا إلى أشياء هذا العالم
هواء الصباح يعج بالملائكة
رتشارد وليبر، "الحب يدعونا إلى أشياء هذا العالم”.
العينان مفتوحتان تتأملان هاتفاً أزرق اللون
في حمّام فندق خمس نجوم.
تساءلتُ: بمن أتصل؟ بإسكافيّ،
بطبيب مختصّ بالمستقيم، بطبيب مسالك بولية، أم بكاهنٍ؟
من المُبارَك بيننا، الذي يستحقّ مكالمتي الأولى
أكثر من غيره؟ اخترتُ أبي لأن
هواتف الحمامات كانت تسلب لبّه.
اتصلتُ بالبيت فردتْ أمي. قلتُ: "أمي،
هل أستطيعُ التحدث مع أبي؟" شهقتْ
فتذكرتُ أنّ أبي
توفي منذ سنة تقريباً. قلتُ: ”اللعنة، يا أمي،
نسيتُ أنه مات. أنا آسف، كيف أنسى هذا؟" فقالت: "لا بأس يا ولدي
لقد أعددتُ له فنجان قهوة سريعة التحضير
هذا الصباح ووضعْته على الطاولة
كما اعتدتُ أن أفعل طيلة سبعة وعشرين عاماً
ولم أدرك خطأي حتى بعد ظهر اليوم“.
تضحك أمي ساخرةً من الملائكة التي تنتظرنا كي نتوقف
خلال الأيام الأكثر عادية
وننشد مديحنا للنسيان
قبل أن تصفع أرواحنا بأجنحتها الباردة.
تضغط علينا الملائكة بثقلها وتُفقدنا توازننا
الملائكة اللعينة التي تركبُ على ظهورنا
الملائكة التي تسقط إلى الأبد وتُوقعنا في فخاخها
وتجرّنا كفرائس أو كمصلّين إلى داخل التراب.
كيف تؤلّف رواية أميركية هندية عظيمة
يجب أن يكون لجميع الهنود ملامح مأساوية: أنوف وأعين وأذرع مأساوية.
يجب أن تكون أيديهم وأصابعهم مأساوية حين يمدّونها إلى طعام مأساوي.
يجب أن يكون البطل مُهجّناً، نصف أبيض ونصف هندي، ومن الأفضل
أن يكون من القبائل التي تربي الخيول. ويجب أن يبكي وحيداً معظم الأوقات. هذا إلزاميّ.
إذا كان البطل امرأة هندية ينبغي أن تكون جميلة ونحيلة
ومتيّمة برجل أبيض. لكن إذا أحبتْ هندياً
يجب أن يكون مهجناً، ومن الأفضل من القبائل التي تربي الخيول.
إذا أحبت المرأة الهندية رجلاً أبيض يجب أن يكون ناصع البياض
كي نرى العروق الزرقاء تجري عبْر جلده كالأنهار.
حين تتعرى امرأة هندية من فستانها يلهث الرجل الأبيض
من الجمال اللانهائي لبشرتها السمراء. ويجب أن تُقارَن بالطبيعة:
بالتلال السمر والجبال والأودية الخصبة والأعشاب الندية والريح والمياه الصافية.
إذا شُبِّهتْ بالمياه العكرة يجب أن يكون لديها سرّ.
فالهنود يمتلكون دوماً أسراراً، تُكْشَف بحرصٍ وببطء.
لكنّ الأسرار الهندية يمكن أن تُكْشف فجأةً كعاصفة.
فالرجال الهنود هم عواصف بالطبع، ويجب أن يدمّروا حياة
أية امرأة هندية تختار أن تحبهم. جميع النساء البيضاوات
يعْشقن الرجال الهنود. هذا هو الحال دوماً. تتظاهر النساء البيضاوات بالاشمئزاز
من المتوحش في بنطلون الجينز الأزرق وقميص التي شيرت، لكنهن يشتهينه في السر.
النساء البيضاوات يحلمْن برجال مهجنين ينحدرون من القبائل التي تربي الخيول.
الرجال الهنود أحصنة، تفوح منهم رائحة حيوانية نتنة . حين يفك الهندي
أزرار بنطلونه، يجب أن تفكر المرأة البيضاء بالتربة السطحية.
يجب أن تحدث جريمة واحدة، انتحار واحد، ومحاولة اغتصاب واحدة.
يجب معاقرة الكحول وقيادة السيارات بسرعات كبيرة.
يجب أن يرى الهنود رؤى. يستطيع البيض رؤية الرؤى نفسها
إذا كانوا في علاقة حب مع الهنود. وإذا أحبَّ رجل أبيضٌ هندية
يصبح هندياً من خلال العلاقة. ويجب على الرجال البيض أن يحملوا
رجلاً هندياً عميقاً داخل أنفسهم. وهؤلاء الهنود الداخليون مهجّنون
ويجب أن يكونوا من القبائل التي تربي الخيول. وإذا كان الهندي الذي في الداخل ذكراً
يجب أن يكون محارباً، خاصة إذا كان داخل رجل أبيض.
إذا كان الهندي الذي في الداخل أنثى، يجب أن تكون مُعالِجة، خاصة إذا كانت داخل
امرأة بيضاء. أحياناً هناك تعقيدات
يستطيع رجل أبيض أن يختبئ داخل امرأة بيضاء. ويمكن أن تختبئ امرأة هندية
داخل رجل أبيض. في هذه الحالات النادرة،
الجميع مهجنون ويصارعون لتعلم المزيد عن تربية خيولهم.
يجب أن يكون هناك خلاص بالطبع، ويجب أن تُغْفر الذنوب.
من أجل هذا، نحتاج إلى أطفال. طفل أبيض وطفل هندي، الجنس
ليس مهماً، يجب أن يُعبَّر عن العاطفة العميقة بطريقة طفولية.
حين تُنْجَز الرواية الهندية الأميركية العظيمة في النهاية
يكون جميع البيض هنوداً وجميع الهنود أشباحاً.
مرثية
كانت أمي قاموساً
أحد آخر المتحدثين الفصيحين للغة قبيلتنا
كانت تعرف الكثير من الكلمات التي لم يعرفها أحد.
وحين توفيت، دفنا جميع تلك الكلمات معها.
كانت أمي قاموساً.
عرفتْ كلمات نُطقتْ لآلاف الأعوام
كلمات لن تُنْطق مرة ثانية
عرفت أغنيات لن تُنْشد مرة أخرى
وقصصاً لن تُرْوى بعد الآن.
كانت أمي قاموساً.
كانت قاموساً موسوعياً للمفردات.
كانت موسوعة.
لم تعلّم أبناءها أبداً لغة القبيلة
لكنها علمتنا كيف نعد إلى العشرة
علمتنا كيف نقول: "أحبك".
علمتنا كيف نقول:"أَصْغوا إليّ".
وبالطبع، علمتنا كيف نتفوّه بلعنة.
كانت أمي قاموساً.
كانت أحد آخر أربعة ناطقين بلغة قبيلتنا.
بعد بضع سنوات، سيموت آخر المتحدثين الباقين على قيد الحياة، وكلهم كبار.
هناك هنود أصغر في السن يتحدثون نسخة جديدة من لغة القبيلة
لكن آخر متحدثي الزمن القديم سيرحلون.
كانت أمي قاموساً
لم تعلمني أبداً لغة القبيلة
ولم أطلب تعلمها أبداً.
كانت تقول لي دوماً: "ستكون الإنجليزية سلاحك الأول".
وكانت محقة، محقة، محقة.
كانت أمي قاموساً.
حين ماتت، ندبها أولادها بالإنجليزية.
كانت أمي تعرف كلمات تم التحدث بها لآلاف السنين.
أحياناً، في وقت متأخر من الليل، كانت تنشد إحدى تلك الأغنيات القديمة
تهدهدنا بأغنيات قديمة
كان أسلافنا هم الذين يهدهدوننا.
كانت أمي قاموساً.
أمتلك شريط كاسيت سُجِّل في 1974
وفيه تتحدث أمي لغة القبيلة.
تتحدث لغة القبيلة مع أمها، الأم الكبيرة.
ثم تنشد أغنية قديمة.
لم أصغ لذلك الشريط لعقدين.
لا أريد أن أجازف بوضع الشريط في جهاز تسجيل قديم.
ولا أريد أن أجازف بجعل أي شخص يحوله إلى شريط رقمي.
حديث أمي وجدتي لا ينتمي إلى الكلاود.
أغنية قديمة مقدسة لا يناسبها الإنترنت.
وهكذا، يسوء حال شريط الكاسيت، وأعرف أنه سيتلف قريباً.
ربما سأدفنه قرب قبر أمي.
ربما سأدفنه في قاعدة القبر الذي دُفنتْ فيه مع أبي.
بالطبع أنا أكذب.
لن أدفنه أبداً حيث يمكن أن يعثر عليه أحد ما.
أغربوا من هنا يا علماء الآثار! ارحلوا! ارحلوا!
كانت أمي قاموساً
عرفتْ كلمات نُطقت لآلاف السنوات
كلمات لن تُنْطق أبداً ثانية
أتمنى لو كان بوسعي أن أصنع
شاهدة قبرلكل كلمة من هذه الكلمات.
ربما قصيدتي هذه شاهدة قبر.
كانت أمي قاموساً
تحدثتْ لغة قديمة
لكنها لم تعلّمْني أبداً كيف أنطق تلك الكلمات القديمة.
كانت تقول لي دوماً: "ستكون الإنجليزية سلاحك الأفضل".
كانت محقة، محقة، محقة.
مهرجان في نهاية العالم
قال لي كثيرون منكم إنني يجب أن أصْفح وهذا ما سأفعلهُ
بعد أن تضع امرأةٌ هندية كتفها على سدّ جراند كولي
وتقلبه. قال لي كثيرون منكم إنني يجب أن أصفح
وهذا ما سأفعله بعد أن تفجّرَ مياه الطوفان جميع السدود المتعاقبة
التي باتجاه مصب النهر بعد الجراند كولي. قال لي كثيرون منكم
إنني يجب أن أصفح وهذا ما سأفعله بعد أن تعثر مياه الطوفان
على طريقها إلى مصب نهر كولومبيا وهو يدخل المحيط الهادي
وتجعله كله يفيض. قال لي كثيرون منكم إنني يجب أن أصفح
وهذا ما سأفعله بعد أن تبتلع أسماك السلمون التي تنتظر
في المحيط الهادي القطرة الأولى من مياه الطوفان.
قال لي كثيرون منكم إنني يجب أن أصفح وهذا ما سأفعله
بعد أن تسبح أسماك السلمون عكس التيار، عبر مصب نهر كولومبيا
ثم تعبر المدن التي يغمرها الطوفان، والجسور المهدمة والمفاعلات المهجورة لهانفورد.
قال لي كثيرون منكم إنني يجب أن أصفح وهذا ما سأفعله
بعد أن تسبح أسماك السلمون عبر مصب نهر سبوكاني وهو
يلتقي بنهر كولومبيا، ثم عكس التيار، إلى أن تصل
إلى المياه الضحلة لخليج سريّ في أرض المحمية حيث أنتظر وحيداً.
قال لي كثيرون منكم إنني يجب أن أصفح وهذا ما سأفعله بعد
أن تقفز أسماك السلمون في هواء الليل فوق المياه، وترمي
صاعقة على الأجمة عند قدميّ، وتشتعل النار
التي ستقود جميع الهنود الضائعين إلى الوطن.
قال لي كثيرون منكم إنني يجب أصفح وهذا ما سأفعله
بعد أن يجتمع الهنود حول النار مع أسماك السلمون
التي تمتلك ثلاث قصص يجب أن ترويها قبل شروق الشمس: الأولى ستعملّنا
الصلاة، والثانية ستُضحكنا لساعات،
وستقدم لنا الثالثة سبباً للرقص.
قال لي كثيرون منكم إنني يجب أن أصفح وهذا ما سأفعله وأنا أرقص
مع قبيلتي أثناء مهرجان نهاية العالم.
ترنيمة ضد الكراهية
(كتب الشاعر هذه القصيدة كي يعلن تضامنه مع احتجاجات تشارلوتسفيل في ولاية فيرجينيا ضد النازيين الجدد ودعاة التفوق العرقي الأبيض في 2017 والتي قُتلت فيها المحتجة الأميركية هيزر هايير دهساً بالسيارة)
لماذا نقيسُ قدرة البشر على الحب
بمدى حبهم الصادق لنسلهم؟
إن هذا الصنف من الحب سَهْل ومُشَفّر.
فأيّ أسد سيكون مخلصاً
لأشباله. وأية حشرة، سواء كانت ضحية
أو مفترسة، تعبد حمضها النووي.
نحن البشر مُبرْمجون على حبّ ما نحبل به
مثل الذئب والفيل والدب والنحل
لهذا نُصْدم حين يقود
جارٌ سيارته إلى بركة ويقتل أطفاله
غرقاً. ولمثل هذا السبب نلعن
الأم التي تهجر أولادها، بيتها
ولا تعود أبداً. إن هذا النوع من الخيانة
يُزعج أرواحنا. إنه خراء إنجيلي.
نعم يجب أن يغمرنا الأسى بأمواجه
حين نصادف شخصاً مُقدِّماً للرعاية محطماً هكذا.
لكنني لن أُرْسل إليكم بطاقة شكر
إذا كنتم آباء وأمهات جيدين لأنه ليس صعباً
أن تحبوا أشخاصاً يشبهونكم.
وإذا أردتم أنشودة انضمّوا إذاً إلى الطابور اللانهائي
من الناس الجيدين مع أقربائهم
الذين يحبون بطريقة ما أشخاصاً يشبهونهم في الذقن
والجلد والدين واللهجة والعينين.
هل تحب شقيقك؟ يا لها من مفاجأة كبيرة لعينة.
لكن كم تحب ما هو غريب ومن هو غريب؟
أخْبرني، يا رجل الكهف، هل ترى شيئاً غير الخطر
حين تحدق في الليل؟ هل أنت خائف
من البلاد التي خارج كهفك؟
أخْبرني، يا رجل الكهف، متى ستتطور؟
هل ما تزال تربكك الطريقة التي تدور بها الأرض
حول الشمس وليس العكس؟
هل ترعبك الأرض المتبدلة دوماً؟
يا ترامب، أعرفُ أن والدك لم يحبك بما يكفي.
كان يبيع ورق السنفرة، وخشّن وخشّن وخشّن العالم.
أتعاطفُ قليلاً مع الطفل الذي كنْتهُ.
لكن افتقارك للتمدن وعدوانيتك البركانية وقوائمك
من الأعداء، وجائحتك الأخلاقية
يجعلون منك مغفلاً وخطيراً.
أنت المسيح الدجال الذي يجب ألا نثق به
أو ربما أنت مجرد دكتاتور فريق ثانوي
مؤقت، صغير وضعيف.
جرحتَ بلادنا وهي يمكن أن تشفى.
لكنني، أفكّر بما كَشَفْتهُ
بملايين البشر الذين يمارسون العبادة تحت برجك الملطخ
معجبين بافتقارك للتعاطف
ظانين أنه شريف وأصيل
ويدعونك تقليدياً ومسيحياً.
سأضحك بصوت مرتفع! أعطيتهم إذناً
كي يصبحوا قساة. كُوفئوا
لأنهم مدججون بالأسلحة وتحت حراسة مشددة.
أقْنعتهم أن خطاياهم المهلكة
(الحسد، الغضب، والجشع) تحولتْ إلى مكاسب.
بالطبع، أنا أيضاً هشّ ومحدود ولا أخلو من عيوب.
لم أكفّر بعد عن الألم الذي سبّبتهُ
أنا ملحدٌ يؤمن بالنعمة، هذا إذا لم يؤمن بالله.
أنا إنسانيٌّ يعتقد أننا كلنا
لسنا إنسانيين بما يكفي. أفكّر ببعض من يحبني
(صديق أبادله الشعور نفسه) وكيف لم يصدقني
حين حزنتُ كثيراً على موت برينس في بيزلي
مشككاً بأي شخص يستطيع أن يحزن هكذا بعمق
على موت أي غريب، وخاصة إذا كان نجماً.
قال: "لا يبدو هذا حقيقياً". لو كان بمقدوري أن أعزف الغيتار
وأغني، لاحمرّ وجهي وزأرتُ
مائة أغنية لبرينس، جميع الألحان القصيرة والمتآلفة،
لكنني أعتقد أن صديقي ما يزال يشك بي.
والآن، في سياق هذه القصيدة، أستطيع أن أشاهد
أن حب صديقي من النوع الذي يحرق فقط
متوقعاً ناراً بالمقابل.
انتهت صداقتنا. أندب خسارتي.
في أعقاب كارثة ترامب درستُ جميع خسائر
وأرباح حب الذين لا يحبون الغرباء.
في النهاية أنا الغريب
أنا أغربُ غريبٍ في أي حقل أو غرفة.
وستُنْقَش عبارة ”كان غريباً“ على شاهدة قبري.
لكن من الخطأ تقييم عائلتي وأصدقائي
من حيث يبدأ حبهم لي أو ينتهي.
من السهل جداً الحفاظ على حب كهذا.
يتطلب هذا العالم حباً أكثر من هذا. أكثر بكثير.
سأطرح عليكم أسئلة ملحة: هل ستكونون
عينين للأعمى؟ هل ستصبحون قدمين للجريح؟
هل ستحمون الفقراء؟
هل سترحّبون بالضائعين على شاطئكم؟
هل ستقاتلون سارقي الدم
وتنقذون الضعفاء من بين أسنانهم؟
من ستكونون؟ من سأكون
حين نجتمع في هذه المملكة المرعبة؟
يا أصدقائي، لست متأكدا ما الذي سأفعله.
أنا غاضبٌ وخائف وخائب الأمل مثلكم.
لكنني أعرف هذا: سنقاوم الكراهية. سأقاوم.
سأقف منتصباً وأنشد حبي. سأستخدم قبضتيَّ
كي أقرع وأقرع على حبي. سأنظم القصائد وأقرأها
وهذا يقدم الدفء والملاذ كأي منزل جيد.
سأغني للناس الذين يمكن ألا يغنوا لي.
سأغني للناس الذين ليسوا عائلتي.
سأنشد أناشيد تكريم لغير المعروفين والجدد.
سأزور كنيسة مختلفة وأصلي في مقصورة مختلفة.
سأجلس بصمت وأصغي لقصص جديدة
عن مآسي وأمجاد شعب آخر.
لن أفترض أن ألمي ومتعتي هما الأفضل.
لن أزعم أن شعبي اخترع الجاذبية أو الطقس.
أعرف أنني سأظل أشعر بغضبي غضبي غضبي
لكنني لن أتصرف كأنني الشخص الوحيد على المسرح.
أنا مواطن يتظاهر ضد الكراهية.
حين نكون وحيدين لا نستطيع الدفاع عن أنفسنا،
حين نكون معاً نصبح مقدسين.
سنتظاهر بالملايين. سنرتجف ونحزن.
سنمدح ونبكي ونضحك. سنؤمن.
سنكون شجعاناً بحبنا. سنجازف بالتعرض للخطر.
ونحن نغني ونغني ونغني كي نرحب بالغرباء.
[ترجمة: أسامة إسبر]