هل يجرؤ جو بايدن على العودة إلى الاتفاق النووي الإيراني؟

هل يجرؤ جو بايدن على العودة إلى الاتفاق النووي الإيراني؟

هل يجرؤ جو بايدن على العودة إلى الاتفاق النووي الإيراني؟

By : Arabic Editors

سيلفان سيبيل

يتولى جو بايدن رئاسة الولايات المتحدة في 20 يناير/كانون الثاني 2021. ومن بين القضايا الساخنة في السياسة الخارجية، توجد مسألة العلاقات مع طهران. هل تختار واشنطن العودة إلى الاتفاق النووي؟ هل ستتمكن من تجاوز المقاومات الإسرائيلية والسعودية؟ شيء واحد يبدو مؤكدًا، لن يطرأ أي تغير أساسي في الملف الفلسطيني، حيث إن اصطفاف البيت الأبيض مع تل أبيب يعد ثابتا في السياسة الخارجية الأمريكية.

تحدث كاتب العمود في صحيفة نيويورك تايمز توماس فريدمان، في أوائل ديسمبر/كانون الأول، عن المقابلة التي خصه بها جو بايدن، الرئيس المنتخب للولايات المتحدة. تحدث هذا الأخير كثيرًا عن القضايا الداخلية بعد حالة الركود الذي تركها دونالد ترامب كإرث. كما تناول القضايا الدولية وأشار إلى أولويتين في هذا المجال. تتعلق الأولى بعلاقات بلاده مع الصين وهذا باختصار ملف ضخم يريد بايدن أن يمنح نفسه الوقت فيه. لكن الأولوية الثانية في نظره مستعجلة، وهي استئناف الحوار مع إيران.

يعتزم بايدن العودة دون مماطلة إلى أحكام ما يسمى “خطة العمل الشاملة المشتركة” التي تم التوقيع عليها مع إيران سنة 2015 من قبل الولايات المتحدة وخمس دول (فرنسا، ألمانيا، المملكة المتحدة، روسيا والصين) بشأن الحد والمراقبة الدولية للإنتاج الإيراني للمواد الانشطارية ذات الاستعمال العسكري. وتمنع هذه الاتفاقية إيران من تصنيع أسلحة ذرية خلال الخمس عشر سنة القادمة مقابل -بالأساس- رفع تدريجي للعقوبات الاقتصادية الدولية التي تطال الإيرانيين. وهي الاتفاقية التي أدانها ترامب، مما أثلج صدر قادة إسرائيل ودول الخليج العربي، قبل أن يصعد بشكل غير مسبوق في حجم العقوبات المالية على إيران.

الأولوية، العودة إلى الاتفاق

أشار بايدن في البداية بشكل مبطن إلى فكرة العودة إلى هذه الاتفاقية مع وضع عدد من الشروط المسبقة. وقد صرح خلال الحملة الانتخابية في 16 سبتمبر/أيلول 2020 بأنه على طهران القيام بالخطوة الأولى و“العودة إلى الاحترام الصارم للاتفاق النووي”، كأنها ليست الولايات المتحدة التي ولت ظهرها لهذا الاتفاق. كان بايدن يريد خاصة التفاوض في نفس الوقت على تمديد فترة الحظر المفروض على الإنتاج الإيراني لليورانيوم المخصب، وأيضا على تحديد صارم للصواريخ الباليستية المتوفرة لدى الإيرانيين. لكن بعد ستة أسابيع من هذا التصريح، بدا كلامه أقل حدة. لن يتخلى بايدن عن حمل إيران على التفاوض بشأن قضية الصواريخ، لكن تبقى الأولوية القصوى هي استعادة الثقة، ثقة في الكلمة الأمريكية التي يعرف أنها ضعفت بشكل رهيب في إيران.

رغم أنه لا يقول ذلك صراحة، فهو يعلم أنه حتى وإن كانت هناك مقاربات غير معلنة مع طهران جارية بالفعل، فلن تفتح أي مفاوضات جادة دون أن تظهر الولايات المتحدة أولاً بأن عودتها إلى اتفاق 2015 ليست لفظية فحسب. يجب أن يُتبع ذلك بأفعال، بدءًا من رفع العقوبات بشكل فعلي. وفي جوابه لفريدمان، الذي حثه على أن يكون أكثر صرامة مع طهران، رد بايدن بصراحة: “انظر، يقال الكثير عن الصواريخ الباليستية، وخاصة عن سلسلة كاملة من الأشياء [التي يقوم بها الإيرانيون] التي تزعزع استقرار المنطقة. لكن أفضل طريقة لتحقيق نوع من الاستقرار في هذه المنطقة هو التفاوض حول القضية النووية أولا”. لأنه إذا تحصلت إيران على القنبلة الذرية – وهو يعتقد أن ذلك سيحدث إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق - فإن إمكانية الانتشار النووي ستصبح خطيرة بشكل مروع. “وآخر شيء لعين نحتاجه في هذا الجزء من العالم هو توسيع القدرة النووية”.

فضلا عن ذلك، يرى بايدن أنه يجب التصرف بسرعة. لا شيء يضاهي بضعة إجراءات قوية لإقناع طهران بالنوايا الحسنة للإدارة الجديدة. يعقب فريدمان بقلق: أليست هذه مخاطرة؟ يجيبه بايدن بأن العقوبات التي ترفع يمكن أن يعاد فرضها إذا لزم الأمر. بعبارة أخرى، لنبدأ برفعها. إذا سارت المفاوضات بشكل سيئ، فالتراجع ممكن دائما. وهو ينوي المضي قدما رغم أن ذلك “سيكون صعبا”. سيكتشف بايدن قريبًا بالتفصيل الوضع الذي ترك فيه ترامب الملف الإيراني. قبل أسبوع من مقابلته، في 27 نوفمبر/تشرين الثاني، قام كوماندوز يفترض أنه إسرائيلي بقتل علي محسن فخري زاده، الذي قُدِّم على أنه المشرف الرئيسي على البحث النووي العسكري الإيراني. لم يتطرق بايدن في حواره لهذا الحدث. لكنه يعلم بأنه قبل خمسة أيام من جريمة القتل، التقى مايك بومبيو - وزير خارجية دونالد ترامب - برجله القوي، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في المملكة العربية السعودية، إلى جانب بنيامين نتنياهو. وقد تم الكشف على الفور عن هذا اللقاء “السري”...

بتنفيذه هذا الاغتيال يكون نتنياهو إما قد أراد أن يُظهر لبايدن بأنه يظل مصمماً على تقويض أية مفاوضات مع إيران، وإما أن إسرائيل تصرفت بناءً على طلب صريح من ترامب. وفي الحالتين، فالقصد من هذا الفعل ليس فقط إظهار للإيرانيين بأن إسرائيل قادرة على ضرب قادتها الأكثر حماية، بل تتمثل الغاية أكثر في إحداث فوضى بهدف تخريب السياسة الإيرانية التي يرغب الرئيس الأمريكي الجديد في تطويرها. وإذا بقي بايدن صامتًا بشأن جريمة القتل هذه فإن العديد من مقربيه كانوا جد قاسيين بخصوصها، إذ غرد بن رودس، نائب المستشار الأمني السابق لأوباما بأنه يرى في ذلك “عملًا شائنًا يهدف إلى تقويض دبلوماسية الإدارة الأمريكية القادمة تجاه إيران”. ووصفها مدير وكالة المخابرات المركزية السابق، جون برينان، بأنها “عمل من أعمال إرهاب الدولة”.

مناورات دونالد ترامب

هل مازال بإمكان ترامب والمتواطئين معه من الإسرائيليين إحباط طموح بايدن الإيراني قبل تنصيبه في غضون أسبوعين؟ يبدو ذلك غير محتمل. فكما قال مارك فيتزباتريك، المسؤول السابق عن منع الانتشار النووي في وزارة الخارجية الأمريكية، “لم يكن سبب اغتيال فخري زاده إعاقة القدرة النووية الإيرانية، بل كان إعاقة دبلوماسية الإدارة القادمة”. لكن روبرت مالي، رئيس منظمة مجموعة الأزمات الدولية، لا يؤمن بفعالية هذه الطريقة ويرى أن ترامب ونتنياهو لن يتمكنا من “قتل الدبلوماسية”. وبالفعل، لم ترد إيران حتى الآن بعدوانية على مقتل عالمها. ومع ذلك، تبقى العودة إلى علاقة أكثر هدوءا بين الولايات المتحدة وإيران غير مؤكدة. لم يتخل الإسرائيليون والسعوديون وأنصار ترامب في الولايات المتحدة عن السعي لإحباط أي انفتاح من واشنطن تجاه طهران. فهم يعلمون أنه حتى في إيران أصبح الرئيس حسن روحاني، الذي دعا خلال أربع سنوات إلى ضبط النفس في مواجهة “مجنون” واشنطن، في حالة ضعف اليوم، وبأن بايدن سيواجه صعوبات مع رأيه العام بخصوص الرهان الإيراني. لكن فوز نائبين عن الحزب الديمقراطي في ولاية جورجيا في 6 يناير/كانون الثاني يعطي أغلبية لجو بايدن في مجلس الشيوخ، ما سيسهل عمله في عدة ملفات، ما عدا اللف الإيراني، إذ يبقى الكونغرس مناهضا لأي اتفاق نووي مع إيران.

من جهتهم، شرع المسؤولون الإيرانيون في الضغط على بايدن، إذ أعلنوا في 4 يناير/كانون الثاني عودة إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 20% والذي فرض عليهم اتفاق 2015 التنازل عنه. وهي طريقة لإبصال الرسالة التالية: إن كانت واشنطن تنوي العودة إلى الاتفاق، فعليها تقديم تعهدات ملموسة. من جهة أخرى، من المقرر إجراء انتخابات رئاسية في إيران في 18 يونيو/حزيران 2021. وإن انتخب صاحب السلطة الرئيسية، مرشد الثورة علي خامنئي، مرشحًا معاديًا للمفاوضات، فإن محاولات جو بايدن لتحقيق اتفاق موسع مع طهران قد تسقط بسرعة. لكن هذا ليس رأي سید حسین موسویان. كان هذا الدبلوماسي الإيراني الكبير سابقا، المقرب من الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني (1989-1997)، متحدثا باسم الوفد الإيراني في المفاوضات الأولى مع الغرب من 2003 إلى 2005، وهو اليوم أستاذ في جامعة برينستون. موسویان مقتنع بعودة محافظ إلى الرئاسة في إيران في غضون أشهر قليلة، لكن هذا لن يضع حدًا لرغبة خامنئي، مهما كانت مخاوفه، في العودة إلى طاولة المفاوضات.

ويصل موسويان إلى تحديد ملامح محادثات واسعة النطاق قد ترضي جو بايدن… والإيرانيين. وقد كتب في موقع ميدل إيست آي أن طهران سترى ابتداءً من الأشهر الأولى للإدارة الجديدة للبيت الأبيض عودة حقيقية لشروط اتفاقية عام 2015، وبالتالي إلى رفع العقوبات. وبعد تحقيق هذه النقطة يمكن أن تركز بقية المفاوضات على الطلبات الأمريكية لتوسيع نطاق الاتفاقية. وفي هذه الحالة، وفقا للأخذ والعطاء، سيكون من اللياقة أن تقوم واشنطن أيضًا بمبادرة، قد يمثل شطب “الحرس الثوري” من قائمة التنظيمات الإرهابية إحداها. وتوقيف العقوبات الاسمية ضد القادة الإيرانيين أخراها.

ثم ستأتي، عاجلاً أم آجلاً، مسألة الصواريخ الباليستية. يريد الغربيون أن تكف طهران عن تجميعها. ويقول موسويان أنه بالنسبة لإيران، يتعين حل المشكلة من خلال “مقاربة متعددة الأطراف”. ويذكر بأن المملكة العربية السعودية تتوفر على العديد من الصواريخ الصينية التي يصل مداها إلى أكثر من 5000 كيلومتر، وبأن إسرائيل تمتلك مئات الرؤوس النووية ولديها 5000 صاروخ أريحا لحملها. وبالتالي ستتم دعوة هذين البلدين وغيرهما إلى مفاوضات متعددة الأطراف. باختصار، نقطة انطلاق الموقف الإيراني بسيطة. إذا تخلت إسرائيل والسعودية والقوى الإقليمية الأخرى أو حدت من عدد صواريخها، فستقوم طهران بعمل مماثل. وإذا رفضت، فلماذا تذعن إيران لذلك؟ مساحة الغربيين للتفاوض ليست منعدمة ولكنها ضعيفة. ولكن الحال كان مماثلا عند بداية المفاوضات النووية (التي استمرت قرابة 15 عامًا).

“إعادة تقييم” العلاقة مع الرياض؟

من المؤكد أن الرد السعودي والإسرائيلي على مثل هذا الطلب سيكون رفضًا غاضبًا. لكن من خلال القيام بذلك، سيحدث الإيرانيون ثغرة إضافية بين إدارة بايدن وحليفيها الإقليميين. وفي هذا الصدد، بدأت فجوة تظهر بمجرد فوز جو بايدن في الانتخابات الرئاسية، وهو فوز استقبله نتنياهو ومحمد بن سلمان بقليل من الحماس والدفء. منذ ذلك الحين، وكما كتب عاموس هاريل، المحلل العسكري في صحيفة هآرتس الإسرائيلية، يتعمد نتنياهو “تسخين الأجواء مع اقتراب دخول بايدن إلى البيت الأبيض”. وقد قامت إسرائيل بموافقة من القاهرة بإرسال غواصة عبر قناة السويس باتجاه الخليج. وأكد نتنياهو أمام طلاب مدرسة الطيران العسكرية أن إسرائيل ستمنع في كل الظروف إيران من امتلاك أسلحة نووية.

يعتزم بايدن العودة دون مماطلة إلى أحكام ما يسمى “خطة العمل الشاملة المشتركة” التي تم التوقيع عليها مع إيران سنة 2015 من قبل الولايات المتحدة وخمس دول (فرنسا، ألمانيا، المملكة المتحدة، روسيا والصين) بشأن الحد والمراقبة الدولية للإنتاج الإيراني للمواد الانشطارية ذات الاستعمال العسكري.

أما بايدن، فهو ليس من المعجبين بالتحالف الذي أقامه ترامب في الشرق الأوسط والذي من خلاله انضمت مملكات الخليج (وكذلك مصر) إلى المحور الأمريكي-الإسرائيلي في جبهة معلنة مناهضة لإيران. وقد لمح إلى أنه بمجرد وصوله إلى البيت الأبيض قد يطلب “إعادة تقييم” علاقته بالرياض. وبأنه سيطالب على الخصوص الكونغرس بإنهاء الدعم المالي للتدخل السعودي في حرب اليمن. أما بخصوص علاقته بإسرائيل، ووراء مظاهر الصداقة الراسخة، فإن بايدن الذي شاهد كيف أهان نتنياهو باراك أوباما بنجاح يدرك أنه إذا روج لاتفاق جديد مع إيران سيتعين عليه مواجهة عداء إسرائيلي ربما يكون أكبر من الذي واجهه أوباما. الإسرائيليون، بدءًا من الغالبية العظمى من طبقتهم السياسية، هم أيتام دونالد ترامب. وقد أظهرت استطلاعات الرأي التي أجريت قبل الانتخابات الأمريكية أن اليهود الإسرائيليين يؤيدون ترامب بنسبة 77٪ (مقابل 22٪ فقط فضلوا بايدن). وبعد انتخاب بايدن، صرّح نتنياهو أنه “لا يمكن أن تكون أية عودة إلى الاتفاق النووي السابق” مع إيران. الفجوة صارخة من الوهلة الأولى.

إذا كان جو بايدن مصمماً على العودة إلى اتفاق مع طهران، يتعين عليه إذن مواجهة الإسرائيليين. أهو مستعد لذلك؟ ماذا سيقدم لهم، إذا اقتضى الأمر، لجعلهم يرضخون؟ يسجل بايدن نفسه ضمن تقليد كان فيه حزبه الديمقراطي تاريخيًا الأكثر تفضيلًا لإسرائيل في الولايات المتحدة، وذلك قبل تشكيل تحالف شبه انصهاري بين اليمين الجمهوري الأمريكي والراديكالي، سواء أكانوا من الإنجيليين أو القوميين، واليمين الإسرائيلي الاستعماري المتطرف، وكلاهما يعرف نموا قويا في بلديهما. حاول سلفاه الديمقراطيان بيل كلينتون وباراك أوباما حل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، لكن دون جدوى ولا يعود ذلك لقلة الجهد. وفي كلتا الحالتين، منعت إسرائيل أي اتفاق، برفضها قبول وجود دولة فلسطينية في جميع الأراضي التي احتلتها منذ حرب يونيو/حزيران 1967. وقد اختار الرئيسان الديمقراطيان في كل مرة عدم مواجهة الإسرائيليين. هل يستطيع بايدن أن يفهم بعد كل هذه الإخفاقات وبالنظر إلى استمرار سياسة الاستحواذ وتفكيك الأراضي الفلسطينية التي يقودها الإسرائيليون بشكل ممنهج، بأن “مفاوضات” بين شريكين غير متكافئين على جميع المستويات بشكل غير عادي وتؤدي إلى وجود دولتين “تعيشان بسلام جنباً إلى جنب” قد باتت سرابًا وهميًا؟ مجرد تعويذة (مانترا) ليس لها من مضمون سوى ضمان استمرار الوضع القائم، وبالتالي استمرار الاحتلال العسكري والاستعمار.

إنهاء احتلال فلسطين

هل يمكن لبايدن أن يفهم أن ما هو على المحك الآن ليس “السلام” بل إنهاء احتلال الفلسطينيين؟ أن يفهم أنه ليس لديهم سلاح آخر غير مجرد وجودهم، في حين أن الإسرائيليين، بسبب الإفلات المتراكم من العقاب، عالقون في عقلية استعمارية تمنعهم من التصور بأنفسهم أفقا آخَر غير استمرار هيمنة أبدية على شعب آخر؟ باختصار، هل بمقدور بايدن فهم بأنه لا يوجد سبب يدعو الإسرائيليين للانخراط بمفردهم في عملية توازن بين فكرة التسوية والمساواة في الحقوق والكرامة مع أولئك الذين يضطهدونهم؟ لكي يتم قبولهم بذلك، يتعين إجبارهم. ما عدا ذلك، فلن يتحركوا، بل سيواصلون تخريب كل اتفاق ممكن مدعين بأن الفلسطينيين لا يريدون السلام، مع الاستمرار يوميا في جز القليل مما تبقى لديهم من تقرير المصير. هل بايدن مدرك لهذا الواقع؟ هل هو مستعد لتغييره؟ يبدو ذلك غير محتمل جدا. لم تتوقف حاشيته، خلال حملته الانتخابية، عن تكرار بأنه لن يغير تحت أي ظرف في الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل (3.8 مليار دولار سنويًا من إمدادات مجانية بالأسلحة مرفوقة بإلغاء الديون). وقد كتب بيتر بينارت، الأخصائي في العلوم السياسية ومدير مجلة يهودية تقدمية: “إذا كان الأمر كذلك، فإن ذلك لا يعطي [لنتنياهو] سببًا يُذكر لإعادة النظر في سلوكه الحالي. […] إنه أمر مقلق. مخيف حتى.”

الإشارات التي أرسلها بايدن حتى الآن ليست مطمئنة كثيرا. صحيح أنه قال بأنه سيعيد فتح التمثيل الأمريكي لدى الفلسطينيين وتمثيل منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، وكلاهما أغلقها ترامب، كما أعلن بأنه سيعيد مساهمة الولايات المتحدة إلى الأونروا، وكالة اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة. لكنه رافع أيضا بالاحتفاظ بالسفارة الأمريكية في القدس. وفوق كل شيء، لم يكن يتحدث كثيرًا عن الموضوع الإسرائيلي-الفلسطيني. ولا بد من القول هنا بأن هذه المسالة تراجعت خلال عقد من الزمن بعدة درجات في أولويات السياسة الدولية الأمريكية.

اختيار غير جريء لوزارة الخارجية

أخيرًا، بتعيينه لأنطوني بلينكن في وزارة الخارجية، كان من الصعب على بايدن أن يكون أكثر لطفًا مع الإسرائيليين. وقد صرحت تسيبي ليفني وزيرة الخارجية السابقة لأرييل شارون، وهي من اليمين الوسط، بأنه الخيار “الأفضل” لإسرائيل. وقال دوري غولد، وهو منظّر من اليمين الاستعماري المقرب جدا من نتنياهو بأنه “مطمئن”. بعد بيل كلينتون الذي رفضه اليمين الإسرائيلي، وباراك أوباما الذي كانوا يكرهونه، هاهو جو بايدن، من خلال تسمية بلينكن، يبدو لهم أكثر تفهمًا. بلينكن لم يثن على نقل ترامب للسفارة الأمريكية إلى القدس فحسب، بل قال أيضًا إنه مؤيد “للحفاظ على اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل ودول الخليج [...] لدفع هذه الدول ليكونوا فاعلين مثمرين في جهود السلام الإسرائيلية الفلسطينية”. هذا “التطبيع” بين إسرائيل والأنظمة الملكية في المنطقة بُني، من بين أمور أخرى، على الفكرة الإسرائيلية جدا المتعلقة بـ“السلام الاقتصادي” مع الفلسطينيين، والذي يفترض أنه يقنعهم بالتخلي نهائيا عن أية مطالب سياسية.

على عكس جزء من الحزب الديمقراطي الذي أصبح يتحرر بشكل متزايد من “العلاقة الثابتة” مع إسرائيل، يجسد بلينكن موقفه التقليدي من القضية الإسرائيلية الفلسطينية. وهذا الموقف كان دائمًا مفيدا لأنصار الاستعمار ويضمن لهم الاستفادة من الإفلات من العقاب. في هذا الصدد ما انفك بلينكن، طوال الحملة الانتخابية لبايدن يؤكد مرارا وتكرارا في المنتديات اليهودية الأمريكية عن “التزامه الراسخ تجاه إسرائيل”. وأضاف أنه في حالة حدوث خلافات مع القادة الإسرائيليين، فإن بايدن “يؤمن بشدة بضرورة إبقاء الخلافات بين الأصدقاء خلف الأبواب المغلقة”. ليس بلينكن هو الذي سيعامل إسرائيل كما عامل دولة أخرى هي أيضاً “صديقة” الولايات المتحدة، أي المملكة العربية السعودية. ففي الوقت نفسه، أعلن بلينكن أيضًا: "سنراجع علاقتنا مع الحكومة السعودية التي منحها الرئيس ترامب صكًا على بياض لسياساتها الكارثية، بما في ذلك الحرب في اليمن، وكذلك مقتل جمال خاشقجي وقمع المنشقين في بلادها”.

خمسة أشهر لاتخاذ قرار

باختصار، بلينكن الذي لعب دورًا رائدًا في المرحلة النهائية لإعداد الاتفاقية النووية مع إيران في عام 2015، يعتقد أو يريد الإقناع بأن بإمكانه التوفيق بين إعادة الارتباط مع إيران والحفاظ على المصالح الإسرائيلية كما يراها الاسرائيليون ولجم محمد بن سلمان. بعبارة أخرى، فهو ينوي أولاً طمأنة الكونغرس الأمريكي (الداعم بلا شروط لإسرائيل والمعادي جدًا لطهران ولكن أيضًا للرياض). قد يتيح ذلك القيام بسياسة اتِّصال ولكن ليس بدبلوماسية متماسكة.

الصعوبة الرئيسية التي تواجهها إدارة بايدن هي أن التحالف الذي أقامه ترامب في الشرق الأوسط بين كل أولئك الذين يفكرون مثله “بلدي أولاً”، يبدو قائما على مصالح مشتركة قوية نسبيًا. تحالف يجمع دولة، إسرائيل، التي لديها الكثير مما تقدمه لأصدقائها الجدد بدءا من فتح العديد من الأبواب في واشنطن إلى توريد معدات متخصصة للغاية للمراقبة الإلكترونية للمواطنين، وأنظمة أظهر “الربيع العربي” الأخير مدى خشيتها من انتفاضة شعوبها. يبدو هذا التحالف أيضًا أكثر تماسكًا وأسهل للتجسيد من مشروع إعادة توازن القوى بين الأطراف في الشرق الأوسط.

ومع ذلك، يرى تريتا بارسي، محلل إيراني يعيش في الولايات المتحدة (وهو رئيس سابق للمجلس الوطني الإيراني-الأمريكي)، بأن أمام بايدن خمسة أشهر فقط، إلى غاية الانتخابات في إيران، لتطهير العلاقة الأمريكية الإيرانية من الإرث الذي خلفه ترامب. فإذا تخلى عن ذلك، أو إذا تعثرت المحادثات، كما يقول، فإن هذه العلاقة “ستعرف تدهورا خطيرا مما يزيد بشكل كبير في احتمال نشوب حرب”.

[ترجم هذا المقال من الفرنسية حميد العربي.]

[تنشر المقالة ضمن اتفاقية شراكة مع موقع اورينت]

  • ALSO BY THIS AUTHOR

    • جدلية في شهر (أيار 2025)

      جدلية في شهر (أيار 2025)

      نستعرض أدناه المواد التي نشرت في جدلية الشهر الماضي.

    • ترشيحات مسموعة (19)

      ترشيحات مسموعة (19)

      تُعلن جدلية عن سلسلة شهرية معنية بترشيح بعض حلقات البودكاست من حول العالم على قرّائها، إذ إن الخيارات كثيرة، وقد يحتاج الإنسان في بعض الأحيان إلى نصيحة من هنا أو هناك.

    • ترشيحات مسموعة (18)

      ترشيحات مسموعة (18)

      تُعلن جدلية عن سلسلة شهرية معنية بترشيح بعض حلقات البودكاست من حول العالم على قرّائها، إذ إن الخيارات كثيرة، وقد يحتاج الإنسان في بعض الأحيان إلى نصيحة من هنا أو هناك.

بدرخان علي: "الانتخابات الحرّة" ليست شيئاً عظيماً، بعد خراب البلد

‫يأخذنا الباحث الكردي السوري بدرخان علي في هذه المقابلة في جولة نقدية حول الثورة السورية ودروبها المتشعبة، خصوصاً في المناطق ذات الأغلبية الكردية، التي تقع تحت سيطرة أحزاب كردية متعددة، تتضارب في المصالح والأهداف. ويتطرق إلى طبيعة العلاقة التي تربط حزب الإتحاد الديمقراطي PYD بالنظام السوري وبحزب العمال الكردستاني PKK في تركيا، وكذلك عن علاقة بقية الأحزاب الكردية بالسيد مسعود البرزاني رئيس إقليم كردستان العراق. وهو إذ يصف نفسه هنا بـ "أكثر المتشائمين"، لا يرسم بطبيعة الحال، صورة وردية عن مستقبل سورية ما بعد الأسد، إلا أن مكاشفته القارئ تلامس حيزاً كبيراً من هواجس كل سوري ومخاوفه المستقبلية.

م.د: ثمة لغط كثير حول مطالب الأكراد، هل لك أن تضعنا بصورة تفصيلية وواضحة حول المطالب الكردية الحقيقية؟‬

ب.ع: قبل اندلاع الثورة السورية كانت مطالب الحركة السياسية الكردية ترد إجمالاً في صيغ "الحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي في إطار وحدة البلاد". وكان ثمة تشديد دائم على نفي تهمة الانفصال عن سوريا التي تلصق عادة بالحركة الكردية، وإبراز الدور الوطني للكرد في سوريا منذ الاستقلال حتى اليوم. وبالطبع التركيز على المظالم التي مورست بحق الكرد، مثل حرمان حوالي ربع مليون منهم من الجنسية السورية بموجب الإحصاء الاستثنائي لعام 1962 الخاص بمحافظة الحسكة، وحظر اللغة والثقافة الكرديتين إلى التمييز في سلك الديبلوماسية والجيش، وإقامة "الحزام العربي" في محافظة الحسكة.
بعد اندلاع الثورة وتشكيل المجلس الوطني الكردي (إئتلاف يضم معظم الأحزاب الكردية والتنسيقيات الشبابية الكردية) طرحت صيغة حق تقرير المصير في إطار وحدة البلاد، واللامركزية السياسية، ومن ثم الفيدرالية والدولة الاتحادية. يلاحظ أن هناك تصوّراً كردياً غالب أنّ الفرصة مواتية لانتزاع أكبر قدر من المطالب القوميّة بعد سقوط النظام الحاكم. وفي ظنّي هذا رهان كبير، ولا يخلو من قدر غير محسوب من المغامرة، ويحصر المسألة الكردية في السلطة الحاكمة أو شخص الرئيس. ويغفل معطيات وعوامل عديدة في المسألة القومية الكردية في بعدها السوريّ.

م. د: ما هي العوائق التي تقف في طريق المطالب الفيدرالية الكردية؟

ب.ع: الحقيقة أن هناك جملة عوامل جغرافية، سكانية، محلية، سياسية، إقليمية تطرّقت إليها في كتابات سابقة سوف تعترض صيغة الفيدرالية المطروحة بمجرد سقوط النظام، لا بل من الآن. وستضطر النخبة الكردية نفسها إلى مواجهة الواقع كما هو، لا كما تشتهي. حتى الآن رغم كل الاجتماعات واللقاءات والنقاشات، ورغم إلحاح الجانب الكردي، ورغم رغبة قوى المعارضة في ضمّ الأحزاب الكردية إلى صفوفها، لم تبد أية جهة سياسية سورية موافقتها على هذه المطالب الفيدرالية، أي أنه لم يمكن حتى الآن انتزاع "اعتراف وطني-عربي سوري" بالحقوق الكردية وفق ما تطرحها القوى الكردية. وهو الأمر الذي تسبّب به الطرف الكردي برفع سقف مطالبه خلال الثورة، وكذلك بعض الأطراف في المعارضة التي لا ترى في المطالب الكردية سوى مشكلة عابرة لا تحتاج سوى إلى كلمات عامة، ناهيك عن وجود تيار قوميّ- شوفينيّ بكل معنى الكلمة داخل صفوف المعارضة اليوم.

وهناك لا شك عوامل عديدة سوف تحدّ من بقاء سورية دولة مركزية متشددة، بالمعنى الإدراي الإقتصادي-الأمني، أي بصورة تتيح للأطراف والمحافظات ممارسة سلطات أوسع في نطاقها المحليّ. لكني أرى أن تصبح سورية دولة لامركزيّة سياسياً ودستورياً، أمراً بعيد الاحتمال.

خلال فترة قصيرة من الإضطراب والفوضى قد تمارس سلطات الأمر الواقع من جماعات مسلّحة وقوى سياسية قدراً من سلطة سياسية محليّة. لكن ليس على المدى البعيد وعلى نحو مستقرّ. من جهة أخرى يبقى الأمر مرهوناً بمآلات الحرب القائمة في البلاد، وكيف ستنتهي، والارتدادات الإقليمية للصراع السوري.

م.د: هل يخشى الأكراد من أن تدير المعارضة السورية العربية لهم الظهر حال سقط النظام، وما الضمانات التي تطالبون بها لمنع ذلك؟

ب.ع: بلى، هناك تخوّف من هذا القبيل، ويستند هذا الخوف إلى ميراث الاضطهاد والتهميش الذي مورس بحق الكرد بعد مشاركتهم الفاعلة في نيل استقلال سورية عن الانتداب الفرنسي، كما يجري استحضار تجارب كردية خارج سورية وبشكل خاص المشاركة الكردية في معارك الاستقلال التركي ووعود كمال أتاتورك لهم بالحكم الذاتي والمشاركة في الدولة الجديدة، والتي أخلفها على الفور بعد نيل الاستقلال ومارس أشد السياسات عنفاً وشوفينية ضد الكرد في الجمهورية التركية التي سارت على نهجه في اضطهاد الكرد. كما مشاركة الكرد في "الثورة الإسلامية" في إيران عام 1979. وتهميشهم واضطهادهم بعد استقرار الحكم للملالي ورجال الدين. يعبّر أحياناً بعض الساسة الكرد عن ذلك، في لحظات الصراحة والوضوح، بالقول "لن نكون بندقية على كتف أحد" أو " ثوّاراً تحت الطلب". الثورة السورية أنعشت آمال الأكراد في سوريا في نيل حقوقهم، ودفعت النخب، باستثناءات قليلة، إلى رفع سقف مطالبها على شكل حكم قوميّ ذاتيّ موسّع (بصرف النظر عن التعبيرات)، من غير أن يطالب أحد بالانفصال عن سوريا. الضمانات المطلوبة المطروحة هي انتزاع اعتراف مسبق من الآن بتضمين الحقوق القومية الكردية، بالصيغة المطروحة، في الدستور القادم.

م.د: تحوّلت مناطق الأكراد إلى مناطق آمنة للاجئين السوريين من المناطق التي تعرضت لعنف النظام بعد احتضانها المعارضة المسلحة، فهل تضعنا في صورة الوضع الاقتصادي في تلك المناطق؟ وما صحة أن حزب العمال الكردستاني يدير الوضع الاقتصادي/ المعاشي بغض نظر من النظام؟

ب.ع: كان الوضع المعاشي في محافظة الحسكة ممكناً و مقبولاً، بشكل نسبي، حتى قبل بضعة أشهر وكان النازحون من المناطق السورية الأخرى يتمتعون بأمان. لكن مع اشتداد المعارك في المنطقة الشرقية والاشتباكات بين الجماعات المسلحة العربية والكردية في رأس العين (سري كانيه) والخراب في البنية الخدمية عموماً وحالة الفوضى وبروز العصابات التي تسطو على الشاحنات القادمة من حلب وغيرها، تدهورت الشروط المعيشية خاصة خلال الشتاء حيث البرد الشديد وانقطاع الكهرباء لساعات طويلة و أيام متواصلة أحياناً. وبسبب إغلاق المنافذ بين المحافظة والجوار، التركي والعراقي، حيث المعبر بين قامشلي ونصيبين التركية مغلق، والمعبر بين اليعربية (تل كوجر) السورية وربيعة العراقية مغلق أيضاً، ورأس العين تشهد معارك، والسلطات التركية كانت تسمح فقط للمسلّحين والأسلحة بالدخول لمجموعات مسلّحة مدعومة منها على الأغلب، قامت حكومة إقليم كردستان العراق بإرسال معونات إنسانيّة مقدّمة باسم رئيس الإقليم السيد مسعود بارزاني، تتضمن محروقات ومواد أساسية لأهل المحافظة عبر معبر غير نظامي بين حدود إقليم كردستان العراق ومدينة ديرك (المالكية) الكردية السورية، ودون موافقة الحكومة المركزية في بغداد. وكذلك السماح بإدخال معونات مقدمة من المواطنين وجمعيات وقوى سياسية عبر الإقليم. وقد شكّل هذا المعبر شريان حياة صغير للمنطقة ومازالت بعض المواد الأساسية ترد عبره. أما في المناطق الكردية الأخرى شمال حلب والرقة فالوضع هناك أسوأ، حيث منطقة عفرين مثلا (شمال حلب) محرومة من أية مساعدات إنسانية من الجهة التركية.

م.د: في مؤتمر القاهرة الذي أعد لوحدة المعارضة، حصل في نهايته خلاف عربي- كردي أرخى ظلالاً سيئة على العلاقة العربية الكردية عموماً وعلى وحدة المعارضة السياسية. هل ترى أن الخلاف بين العرب والكرد هو خلاف عميق الجذور من الصعب تجاوزه على المستوى السياسي فحسب، أي أنه عمودي، أم أنه خلاف مرهون بوجود الاستبداد ويزول بزواله؟

ب.ع: لا أودّ الحديث غير الواقعي بالتهويل عن متانة الوحدة الوطنية وإطلاق الشعارات الجميلة. وكما بيّنت في سؤال سابق، مشكلة الكرد وحقوقهم ليست مرهونة فقط بالنظام الحالي، ولا بالطبقة الحاكمة وحسب، حتى يكون إسقاطهما حلاً ناجزاً للمسألة الكردية. بالتأكيد، الاستبداد المديد، وثقافة حزب البعث القومية، وتغييب الحياة السياسية والحريات العامة أسهم في تعقيد القضية الكردية. كما أن تطورات المسألة الكردية في الجوار الإقليمي تلعب دوراً مؤثراً على الحركة الكردية في سوريا.

لكن الفرق الأساسي هو بين رؤيتين أساسيتين (مع استثناءات وتدرّجات في الجهتين): الكرد باتوا ينظرون إلى سوريا من منظورهم الكرديّ الخاص (ولذلك أسباب ومعطيات) أكثر من أي وقت مضى، أي كشعب ضمن شعب وإقليم ضمن دولة، وتحضر هنا تجربة كردستان العراق في المخيلة السياسية، في المقابل ينظر عموم السوريّون إلى الكرد من منظور عام، "الوحدة الوطنية" و"الشعب الواحد" و"أسنان المشط".

في تقديري: الواقع الذي سيفرز بعد سقوط النظام ونتائج الحرب المستعرة حالياً، والمخاض الإقليمي جراء الوضع السوري المتفجّر، والجدل القائم حول البدء بحل ما للقضية الكردية في تركيا وما سيتمخض عن ذلك، سيكون له دوراً كبيراً في تقرير حدود الحلّ السوري للمسألة الكردية. أي موازين القوى ومعادلات القوة الناتجة. الشعارات من الطرفين (سلباً أو إيجاباً) لن تفيد كثيراً، ولا "التطمينات" المتبادلة. رغم أهمية التواصل الأهلي وضرورة التنسيق بين المكونات الاجتماعية في المناطق المتداخلة من أجل تجنب الصراعات الأهليّة.

م.د: ثمة كثير من الأساطير تحاك حول حزب الاتحاد الديمقراطي (الجناح السياسي لحزب العمال الكردستاني) بين من يرى أنه يعمل لحساباته الخاصة مستغلاّ التحولات الحاصلة في سوريا والمنطقة، وبين من يرى أنه أداة بيد النظام السوري، وبين من يرى أنه يتحاور مع أنقرة من تحت السطح. كيف تقرأ واقع هذا الحزب الإشكالي في الانتفاضة السورية؟

ب.ع: القسط الأكبر من "الأساطير" التي تقال عن حزب الاتحاد الديمقراطي ( pyd) تعود إلى سياسته وسلوكياته بالطبع، لا إلى اتهامات من الآخرين. فالواقع أن سياسة الحزب في سوريا خاضعة تماماً للأجواء التي تسود العلاقة بين قيادة حزب العمال الكردستاني، خارج سوريا، والسلطة السورية. ولو قارننا مثلاً موقف الحزب في انتفاضة قامشلي 2004 مع موقفه الحالي لتوصلنا إلى ذلك. ففي العام 2004، كانت علاقة الحزب قد تدهورت مع دمشق بعد طرد زعيم الحزب السيد عبدالله أوجلان، من الأراضي السورية عام 1998 وتوقيع الاتفاقية الأمنية بين دمشق وأنقرة، التي تسمح لتركيا بالتوغل داخل الأراضي السورية لملاحقة مقاتلي الحزب. ورغم أن النظام السوري كان أقوى بكثير في 2004، ورغم أن الكرد كانوا معزولين عن بقية السوريين وفي المواجهة لوحدهم، كان حزب الاتحاد الديمقراطي، وإعلامه خصوصاً، يمارس تجييشاً كبيراً وتحريضاً غير مسبوقاً ضدّ النظام السوري، وبإغفال تام لإمكانات الكرد ومقدرتهم على خوض ثورة مستمرّة ضد النظام. إلا أن ذلك كان مطلوباً حينذاك من قبل قيادة حزب العمال الكردستاني للضغط على النظام السوري.

أما في الثورة السورية الراهنة، فنلاحظ لغة سلميّة غير مألوفة منهم تجاه النظام السوري، وبات الشباب المحتجّون ضد النظام السوري عملاءً لأردوغان!
لا أرى أن حزب العمال الكردستاني أداة بيد النظام السوري. إلا أن هناك استفادة متبادلة بين الطرفين. النظام السوري يستفز تركيا عبر الورقة الكردية مجدداً، ويسمح لقادة حزب الاتحاد الديمقراطي، واللجان الشعبية التابعة له، بالنشاط المستقل تماماً عن الحراك الثوري في البلاد، والكابح له في المناطق الكردية. من جهة أخرى، ازدادت وتيرة العمليات الهجومية لحزب العمال الكردستاني وشدّتها ضدّ الجيش التركي خلال فترة الأزمة السورية في خطوة أعادت إلى الأذهان الدعم الذي كان يتلقاه الحزب سابقاً من النظام السوري.

م.د: أين يكمن الانعكاس السلبي للحزب على القضية الكردية، خاصة أن هناك من يقول أن الحزب يعمل لاستغلال الأوضاع الحالية للهيمنة على الداخل الكردي لفرض رؤيته القومية؟

ب.ع: ليس من خطأ شنيع ارتكبه الحزب في سوريا بقدر محاولة فرض هيمنته الحزبية على الساحة الكردية، ولو كان ذلك بالعنف الصريح، والاعتداء الجسدي. وهذه، كما نفترض، وسائل غير مشروعة للعمل السياسي والدعاية السياسية ونيل الهيبة الحزبية. الشهوة للسلطة والتلهّف المبكر لها وللتسلّط، كان وراء كل الممارسات الطائشة والقمعيّة للحزب بشكل أضرّ به أيضاً، ووضعه في موقع حرج. كل ما عدا ذلك يخضع للنقاش والاختلاف.

لذلك لست مع نظرة تقول أنه بمجرد سقوط النظام السوري سوف تتوقف هذه الممارسات، بافتراض أن ذلك يجري خدمة للنظام السوري وبأوامر منه. موضوع حزب الاتحاد الديمقراطي وتشابكه مع وضع الـ (ب ك ك) في تركيا معقّد بعض الشيء. وهناك ثقافة قمعيّة ذاتية، وتربية شمولية، و"عبوديّة طوعيّة"، أي لا علاقة مباشرة لها بالموقف من النظام السوري، قد تستثمر في أية لحظة، والقاعدة الشعبية جاهزة للتلبية والتصفيق بطبيعة الحال، وللهجوم أيضاً.

م.د: الحوار بين حزب العمال الكردستاني وأنقرة الجاري الآن، هل تعتقد أن يكون له انعكاس على الداخل السوري وتوازن القوى، أي هل يمكن أن يبيع الحزب النظام السوري؟

ب.ع: بلا شك، سياسة حزب الاتحاد الديمقراطي يخضع بشكل مباشر لتأثير الحزب الأم (العمال الكردستاني. ما تزال المفاوضات في بدايتها وغير معلنة للرأي العام، سوى تسريبات من هنا وهناك. ولا نعلم كيف ستسير. وإذا ما قيّض لها النجاح بعد فترة، رغم الصعوبات الكبيرة والجمّة والملفات المرتبطة، سوف يلقى الأمر بظلاله على سياسة الاتحاد الديمقراطي في سوريا. أكبر تأثير إيجابي قد نجنيه في سوريا هو إعادة الاعتبار للسياسة والعقل، والعمل لمصالح الكرد السوريين أنفسهم، وتصالح أنصار حزب العمال الكردستاني السوريين أنفسهم مع مكانهم الواقعي والمحيط المعاش. وربما خلاص باقي أطراف الحركة الكردية من الابتزاز المزمن لحزب العمال الكردستاني.فحتى اليوم لم تكن قضايا الكرد السوريين أنفسهم على رأس أولويات المناصرين للـ pkk، لا قديماً ولا الآن.

م.د: في رأس العين، وبعد اقتتال بين الطرفين، عقد الجيش الحر وحزب الاتحاد الديمقراطي اتفاقية وشكلوا معاً "لجنة حماية السلم الأهلي والثورة". هل يمكن لهذا الأمر أن ينجح رغم الإيديولوجية المختلفة لكل منهما، والأجندة الخارجية المتضاربة لكل منهما أيضا؟

ب.ع: التفاهم الذي جرى في رأس العين (سري كانيه) كان بين وحدات الحماية الشعبية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي وتشكيل عسكري تابع لـ"الجيش الحر" والإئتلاف الوطني السوري، هو المجلس الثوري العسكري في محافظة الحسكة. ووقع هذا التفاهم بعد زيارة وفد برئاسة المعارض ميشيل كيلو ودعوات عدة من "الهيئة الكردية العليا" وقوى المعارضة وقيادة "الجيش الحر" لوضع حد للمعارك والاقتتال الدائر في رأس العين والذي تسبب بتشريد ومقتل الكثير من أبناء المنطقة ونهب البيوت.

لكن على الفور قامت جهات عديدة بمهاجمة الإتفاق، لا سيما ذات النزوع القومي- الطائفي مثل "جبهة تحرير الفرات والجزيرة" التي يقودها السيد نواف راغب البشير المدعوم من تركيا، والذي يضمر بعض رواسب النزاعات القبلية التي تعود للخمسينات بين عشيرته- البكارة- وبعض العشائر الكردية. ولم يعد يخفي السيد نواف البشير ميوله المعادية للأكراد. إلا أن المفاجأة كانت حين هاجم الجنرال سليم إدريس، رئيس أركان "الجيش الحر" التابع للإئتلاف الوطني الاتفاقية واعتبرها لاغية. من هنا لا أظن أن الصراع انتهى. إذ قد يتجدد بأشكال أخرى وفي منطقة أخرى.

م.د: في البيت الداخلي الكردي هناك طرفان أساسيان: المجلس الوطني الكردي المدعوم من أربيل ويحظى بشرعية دولية وعلاقات دولية مقبولة مقابل ضعف سيطرته على الأرض، والاتحاد الديمقراطي المدعوم من حزب العمال الكردستاني في جبال قنديل والمفتقد لشرعية وغطاء دولي في حين لكنه يمسك بالأرض. هل ترى أن الاتفاق الذي وقعه الطرفان في أربيل وأسفر عن تأسيس "الهيئة الكردية العليا" هو اتفاق حقيقي، أم أنه اتفاق هش أو "زواج مصلحة" ولا يمكن التعويل عليه؟

ب.ع: الاتفاق بين الطرفين الكرديين جاء من أجل تطويق مخاطر حرب كردية-كردية ، حيث بلغت الرغبة لدى الطرف المهيمين على الأرض إلى إقصاء غيرهم بالعنف وفرض هيمنتهم القسرية بطريقة هستريائية، وممنهجة. إنه اتفاق أمر واقع وتجنباً لإراقة الدماء. خلاصة الاتفاق هو أن حزب الاتحاد الديمقراطي استطاع انتزاع الاعتراف الرسمي بكونه "الحزب القائد" عملياً، وهو كان مستعداً لإشعال حرب أهلية كردية من أجل تحقيق هذا الاعتراف، في مقابل إزاحة شبح الاقتتال الكردي- الكردي بعض الشيء. من هذه الزاوية المهمة نال تشكيل "الهيئة الكردية العليا" ارتياحاً كبيراً في الوسط الكردي، رغم الملاحظات العديدة. فالمسؤولية الوطنية والقومية اقتضت تنازلاً سياسياً من قبل الأطراف الكردية تجاه حزب الاتحاد الديمقراطي في هذه المرحلة الحساسة والحرجة.

م.د: من المعلوم أن إقليم كردستان برئاسة مسعود البرزاني يدرب جنودا أكراد انشقوا عن الجيش السوري، وهناك من يقول أن تدريب هذه الفرقة العسكرية يأتي في إطار إعداد ذراع عسكرية للمجلس الوطني الكردي لمواجهة حزب الاتحاد الديمقراطي الذي يسيطر على الأرض. ما رأيك؟

ب.ع: حسب معلوماتي هي قوة عسكرية قليلة العدد مؤلفة من الجنود السوريين المنشقّين من الرتب الدنيا والمطلوبين للخدمة العسكرية، إذ لا يوجد أكراد برتب عالية في الجيش السوري، لكن بسبب الضجة الإعلامية التي أثيرت، يتوقع المرء أنه جيش كبير كأيّ جيش نظامي.

السيد مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان العراق، لم يعرض على المجلس وطني الكردي تبني تلك القوة العسكرية الموجودة في كردستان العراق ولم يعرض إرسالها إلى سورية في أي لقاء مع قيادات المجلس في أربيل، حسبما سمعنا. لكن بالطبع، فور تداول الخبر حول إحتمال عودة الجنود المنشقين المتدربين في كردستان العراق إلى مناطقهم في سوريا، أعلنت قيادات الاتحاد الديمقراطي علناً رفضهم لقدومهم وعدم السماح بدخولهم، والتهديد بمقاومتهم أيضاً بحجة أنّ هذا الأمر سيكون سبباً لاقتتال داخلي كردي. و في هذا هم يتكلمون صحيحاً. إذ لا يمكن أن يرضى "الحزب القائد" بأي شيء يحد من نفوذه، ولو كلف ذلك اقتتالاً كردياً كردياً.
بغياب مركز قرار سياسي كردي موحّد هناك خطر كبير بالفعل من وجود قوتين مسلّحتين مختلفتين في نفس المنطقة.

م.د: بالإطار الأوسع، أي بما يتعلق بسوريا ككل، نقرأ لك انتقادات حادة أحياناً للمعارضة "الراديكاليّة" كما تسميّها. برأيك أين أخطأت المعارضة السورية في تعاملها مع الانتفاضة السورية؟

ب.ع: مع أنه أصبح النقاش حول هذا الموضوع بلا فائدة عمليّة بعد حصول ما حصل وخراب البلد، لكن للتوثيق والتاريخ فقط، يمكن القول أن الخطأ الجوهري الأساسي كان منذ الأسابيع أو الشهور الأولى للانتفاضة. أما الآن فلم يعد بمقدور أحد السيطرة على الوقائع على الأرض، بعد أن أصبح البلد كله مستنقعاً من الدماء و الدمار، وخرج الأمر من سيطرة المعارضة السياسية نفسها. بدون الدخول في التفاصيل أقول: أخفقت المعارضة السورية التقليدية والجديدة في تقدير قوّة النظام السوري و تماسكه، وبالتالي وقوعها في فخّ "الوهم البصريّ" الذي أشاعته الميديا من خلال نمذجة انتفاضتي تونس ومصر عربيّاً؛ أي أن كلّ نظام عربي يلزمه بضعة أسابيع ليسقط. هذا قبل أن تتحوّل بعض الفضائيات العربية المعروفة إلى منبر للمعارضة السورية الراديكالية، التي كانت تدفع الشباب المتحمس والثوار في الداخل إلى مزيد من الحماس، بل إلى التهوّر، وتقوم بتزيين ذهاب زهرة شباب سوريا إلى دورة العنف الجهنميّ و"محرقة" النظام. كما أخفقت المعارضة في البناء على شيء مهم وأساسي تحقّق فعلاً بعد انتفاضتي تونس ومصر هو عودة السوريين إلى السياسة والشأن العام. الأمر الذي غيّب لعقود في "سوريا الأسد".

كانت هذه فرصة تاريخية لا تعوّض ومكسباً كبيراً بالنسبة لشعب كالشعب السوري غيّب عن السياسة والشأن العام تحت حكم ديكتاتورية شنيعة. بيد أن المعارضة الراديكالية ولأسباب مختلفة أحياناً (الإخوان المسلمين في الخارج، الذين وجدوا أنفسهم أمام فرصة مؤاتية للانتقام من النظام، و النشطاء السياسيين، من المعتقلين السابقين الذين ذاقوا الويلات في سجون النظام ،من بعض التنظيمات اليسارية والقومية، وبعض الشباب المتحمّس قليل الخبرة السياسية) وجدت في ذلك فرصة للذهاب إلى أقصى المطالب فوراً ظناً أنه "أقصر السبل". من هنا تفرّعت كلّ المشكلات برأيي.

لا أغفل أننا لسنا في لعبة شطرنج، نختار ما نشاء من خطط وحركات. ونهمل أشياء أخرى، ولسنا في شروط صحيّة تسمح لنا بالتفكير البارد، ولا الواقع يسير بناء على تفكيرنا وبرامجنا. غير أنه كان للحسابات الدقيقة والمدروسة في بداية الانتفاضة أن تنقذ السورييّن من هذه الكارثة الإنسانية التي يعيشونها منذ سنتين، أو تقلّل من حجمها وعمقها. لا ننسى بالطبع أن رعونة النظام ووحشيّته اللامحدودة تتحمل المسؤولية الكبرى عما جرى وما سيجري لاحقاً. ليس من خلاف كبير حول تشخيص النظام، كونه أكبر عصابة منظّمة ومسلّحة ومستولية على مقدرات البلد. الخلاف هو حول سبل المواجهة و الحلول، والخسارة والربح. وأصارحك أنني لا أعرف شيئاً في العالم يستحق كل هذه التضحيات العظيمة بما فيها "الديمقراطية". لا شيء خلف التلّة. "الانتخابات الحرّة" ليست شيئاً عظيماً، بعد خراب البلد.

م. د: كيف تقرأ المستقبل السوري إذن؟

ب.ع: ليس مبشّراً على أية حال، حتى وفق أكثر السيناريوهات تفاؤلاً، إن بقي هناك متفائلون أو سيناريوهات لحلول قريبة. ليس هناك حل سياسي متوقّع للاستعصاء السوري الدموي. ولا حسماً عسكرياً قريباً. برغم رفع درجة التمويل العسكري للجماعات المقاتلة، في الآونة الأخيرة، بدرجة غير كافية للحسم. ولا ترضى أميركا بحسم سريع. بل نتوقع اشتداد ضراوة المعارك وازدياد منسوب العنف وضحاياه.

وهذه ليست مهمة أميركا ولا أوربا على أية حال. ولا يمكن لومهم أيضاً، إذ ليس من مهمة الأميركان وغيرهم إحصاء عدد القتلى السوريين. هناك أشياء واقعيّة أهم بكثير: أمن إسرائيل، خطوط الطاقة في الشرق الأوسط، الاقتصاد الأميركي، إيران وملفها النووي، التنظيمات الجهادية المعادية لها، الخ…

كان أكثر المتشائمين، مثلي، يقول أن النظام السوري لن يسقط إلا بسقوط الدولة بأكملها معه. الآن نحن أمام حالة رهيبة وأشد خطورة: انهيار الدولة وبقاء السلطة! حتى في المناطق المحرّرة (الأدق أن نقول مناطق منكوبة) والتي تغيب فيها الدولة تماماً بأبسط أركانها (ماء، خبز، كهرباء، وقود) هناك "حضور" ما للسلطة بشكل متقطع: صواريخ السكود وطائرات الميغ بين الفينة والأخرى!
أن نقترب من سقوط السلطة الحاكمة لا يعني أن أهداف الثورة قد تحقّقت. فور سقوطها (لا أدري متى) سوف يتعيّن على السوريين إعادة بناء الدولة نفسها، ولملمة أشلاء المجتمع المحطّم، ولن يكون الأمر سهلاً في أي حال من الأحوال. بعد ذلك يمكن الحديث عن إمكان (فقط إمكان) تحقيق الديمقراطية، والحريات والعدالة وحكم القانون ودولة المؤسسات.
وفي ظني أن لحظة سقوط بشار الأسد وسلطته الفاشيّة لن تجلب للسوريين تلك السعادة المتوقعة، بمن فيهم من ضحّى أكثر وفقد أعزّاء من أسرته أو شرّد من بيته على يد هذه السلطة. هي لحظة عابرة وسنفتح أعيننا جميعاً على خرابٍ عميم، وسيتساءل كثيرون: أمن أجل هذا قُتِل أولادنا، وهُجّرنا وشُرّدنا ودمّرت بيوتنا؟.

*بدرخان علي: اسمه الأصلي "آزاد علي"، كاتب وباحث سياسي سوري، من مواليد مدينة القامشلي 1978. درس في جامعة حلب، كلية الطب البشري، وتخرج عام 2004، ومقيم منذ العام 2010 في السعودية. يكتب بدرخان علي في صحف كردية وعربية عديدة حول الشأن الكردي و السوري وقضايا فكريّة تتعلّق بالعلمانيّة والديمقراطيّة. شارك في الكتابة في أول المواقع الكردية في سوريا "موقع عامودا"، وفي العام 2005 انضم لأسرة تحرير مجلة "الحوار"، وهي فصلية ثقافية كردية تصدر باللغة العربية تهتم بالشؤون الكردية وتهدف إلى تنشيط الحوار العربي الكردي، تطبع وتوزع سرّاً منذ عام 1993. يقوم حالياً بإعداد كتاب عن المسألة الكردية في سوريا، يتضمن سجالات مع مثقفين وسياسيين عرب وكرد.


[ نشر الحوار في موقع "مراسلون" Correspondents.org وتعيد “جدلية” نشره]‬
‫ ‬