شاعر من مواليد نيويورك 1929، ينحدر من شعب الموهوك (من السكان الأصليين لأميركا) ومن أصل إيرلندي. صدر له "رسائل ميتة مُرْسلة وقصائد أخرى" (١٩٥٨)، "أنا الشمس" (١٩٧٩)، "عجن الدم" (١٩٨١)، وأعمال أخرى.
فراولة برية
إلى هيلين
سقتُ سيارة الجري هاوند إلى بروكلن
حيث أجلسُ الآن وآكلُ فراولة برية
نَمَتْ على ظهور المزارعين المكسيكيين
واستُوردتْ من حقول أيديهم،
عصائرها دون لون أو حلاوة.
فراولتي الدموية البرية من مروج الربيع
تمتصّها نحلاتُ حزيران وتحميها النسور
لطختْ وجهي وحلّتْ فمي
وعالجت الأسى في جسدي.
الكرمة تزحف على الأرض العشبية
للشمال، تتفرع في عالم
يُنشدُ ضوء الشمس والقَرْع
البريء للمطر يغذي الجذور
فتتبرعم زهوراً بيضاء صغيرة في حزيران
تقدم فاكهة وتعلن الربيع
حين يسقط الذئب فرو الشتاء
وتكسر طيور النمنمة بيوضها.
فراولتي الدموية التي أثارت
الضحك والألم في الظهر المنحني
الذي قاتل الهندباء لاقتلاعها
والنبيذ الذي غذى شبابنا وبشّر
بأزهار السوسن والذرة وبطيخ الصيف.
قاتلنا طيور أبي زريق من أجل البذور
تسلّحْنا ضد ثعابين الجارتر، وفئران الحقل
انتصرنا في المعركة مع الشمس الملتهبة
التي أعمتْ أعيننا وجمدت أيدينا
على الكرمة والتربة حيث ركعنا على الركب
وضحكنا في الندى الصباحي كالديدان
واليرقات، وشممنا العمر والحكمة.
أمي ضمدت جراح العالم بكمادة من عشب الساسافراس
وأكلنا توتاً برياً جرى عصيره
إلى جذور أفواهنا ومَتَّعَنا.
أجلسُ هنا في بروكلن آكل فراولة مكسيكية
لم أقطفها، ولا أعرف الأيدي التي فعلت ذلك، ولا قصصها…
الثلج يتساقط في كانون الثاني، اسمعوا.
إرث
وجهي أعشابٌ
لونُ مطر نيسان،
الذراعان، الساقان أعضاء
أشجار البرقوق والأرز،
أفكاري رياحٌ تهب.
ثمة صور في ذهني
هي للصعود إلى أعلى الهضبة
للحلم في الشمس،
ريشات النسر، وريشات نيص
يجري على حافة الجدول
تعكس قصص
صباحاتي الكثيرة
والأوجه الداكنة لليل
المختلطة مع انتصارات
الفجر والغد،
حقول من الذرة والقرع…
بنات أمي
اللواتي يجنين العسل
وجميع أنواع الفاكهة.
المرج والسماء هما نهاية نهاري،
امتداد ليلي
ولكن ولادة غباري،
ريحي هي نَفَس خَشْف
صيحةُ جرو ثعلب
هرولة ذئب
آثارها تغطي مسارات أقدامي،
كلمتي، كلمتي معارة
ميراث، الالتزام الذي أقدمه
لدم لحمي
عصب أعضائي
كي أتمسك بالشمس
والقمر
اللذين يوجهان النهر
الذي يحمل
أنشودتي
وإيقاع الطبل
إلى نيران القرية
التي تستمر.
يقولون لي إنني ضائع
إلى لانس هنسون
قدماي شجرتا دردار،
جذورهما في الأرض.
قلبي نسرٌ
فكري السهم الذي يمتطي
الريح عبر الوادي.
روحي تأكل مع النسور
فوق صخرة الجبل
وتصطدم مع الرعد.
أعشابي هي أنفاسُ لحمي
والغزال عظمُ ابني.
أصابع أقدامي
ترقص على إيقاع الطبل
في ضوء عينيْ السلحفاة المكتهلة.
ترنيمتي هي الريح
ترنيمتي هي فأر المسك
ترنيمتي هي البذرة
ترنيمتي هي الشرغوف
ترنيمتي هي الجد
وأحفاده الكثيرون
المولودون في جليد آذار
وظهيرة صيف آب البني
ترنيمتي هي الحقل الذي يُحْرَث مع شروق الشمس
ويغذي الفئران
والعسل والتوت الأحمر للدب
ترنيمتي هي النهر
الذي يروي ظمأ الشمس
ترنيمتي هي المرأة التي حملت بي
ودمي ولحمي غداً
ترنيمتي هي الأعشاب التي تشفي،
والقمر الذي يحرك المد
والريح التي تنظف الأرض
العظام القديمة
التي تغني في غبار الصباح
ترنيمتي هي الأرنب،
والظربان والبلشون
ترنيمتي هي الصفصافة الحمراء والطين
وشجرة الصنوبر الكبيرة التي توسّع الغابات
والفأس التي تقطع شجرة البرقوق
واليد التي تكسر قرون الذرة عن سيقانها
وتسقي القرع وتمسك بالنجوم
ترنيمتي بركة لسمكة الترويت والقندس
وبركة لطائر التدرج الفتي
الذي يدفئ شتائي
ترنيمتي هي الذئب في الظلام
ترنيمتي هي الغراب محلقاً إزاء الشمس
ترنيمتي هي الشمس
تنام على ظهر الأعشاب
وبينما هناك شمس
لا يمكن أن أضيع
ترنيمتي هي اهتزاز الأرض
الغاضبة والجريئة
رغم أنني أختبئ في دغل الغابة
أو البركة العميقة للنهر البطيء
رغم أنني أختبئ في كوخ، في سجن
رغم أنني أختبىء في كلمة، في قانون
رغم أنني أختبئ في كأس بيرة
أو عالياً على العوارض الفولاذية فوق المدينة
أو في أحياء صفيح تلك المدينة
رغم أنني أختبئ في ريشة بطة برية
أو تويجات نبتة المستدرة
أو في قصة رواها أبي
رغم أن هناك أعيناً لا تراني
وآذاناً لا تسمع طبلي
أو أيدياً لا تشعر بريحي
وألسنة لا تتذوق دمي
أنا الظل في الحقل
المطر على الصخور
الثلج على فرع الشجرة
أثر القدم في الماء
نبتة البيقية على القبر
أنا العَرَق الذي يتصبب من الفتى
الابتسامة على شفتيْ المرأة
الأصباغ على الرجل
أنا مُنشد الأغاني
صياد الثعلب
أنا وهج الشمس
الجليد على الثمار
الثلم في شجرة الأرز
أنا قدم الثعبان الذهبي
أنا قدم الثعبان الفضي
أنا لسان الريح
وغذاء اليرقات
أنا المخلب والحافر والصدفة
أنا الساق والبرعم وغبار الطلع
أنا الصخرة على حافة الهضبة
أنا الشمس والقمر
الضوء والظلام
الظل والحقل
أنا الخيط،
أنا القوس والنشاب.
[ترجمة: أسامة إسبر من دواوين مختلفة للشاعر.]