تحرير مي حواس، ترجمة محمد الدخاخني
(الكتب خان، القاهرة، 2021)
***
من المجلَّد الأوَّل (1964 – 1966):
الأربعاء، 8 يوليو 1964
حضر كلّ من زاندر وأمّه مساء الإثنين.. لقد زارا كورت وأمّه.. وكورت، وفقًا للأم، متعب جدًّا ويغالبه النّوم؛ لأنّه كان في الخارج حتّى الثّالثة صباحًا يوم الأحد (مع ليزلوت - مع ليزلوت...) وما كان بالطّبع إلا أن شعرت بالضّيق بشكل رهيب. لم أتمكّن من انتظار مغادرتهما.. ذهبت إلى الفراش فورًا، فورًا. وأخذت أقرأ "السكِّير". حتّى لا أفكّر، حتّى لا أفكّر.
[...]
شعرت صباح اليوم بتحسُّن كبير، على دراية بأنّه من الجيّد بالنّسبة إليَّ عدم رؤية (ل) –وبعد أن سلَّمتُ بانتهاء ما بيننا بالكامل وبشكل تامّ– وأنّ الأسوأ أخذ يتضاءل. ذهبت إلى المكتب لمدّة ساعتين (كم حجم الفوضى التي يمكن أن تحدث إذا لم أذهب كلّ يوم!). ثمّ اصطحبتُ هربرت ليوكنز وابتعتُ طعامًا ونبيذًا وذهبتُ إلى بوبي لتناول الغداء. [...] وبعد أن أوصلت هربرت إلى بيته، جئت إلى هنا ونمت في الحال. في الخامسة رنّ جرس الباب.. كنت مُخدَّرًا جدًّا من النّوم، واعتقدتُّ أنّ الوقت يوافق ساعة مبكِّرة من الصّباح. أخرج في ملابسي الدّاخليّة وأفتح الباب، ومن هناك؟ من؟ ليزلوت.
لماذا بحقّ الجحيم لا تتركني في حالي؟ عدتُّ إلى الفراش وجلسَتْ على مقربة منّي.. مهذّبة للغاية.. السّطوة التي كانت لها عليَّ من قبل، مهما كان نوعها، لا شكّ أنّها قد تبدَّدتْ كلّيًّا. أشعر بأنّني أقوى منها. كنت على كلّ حال مهذّبًا.. ذكرَتْ كورت والسّباحة معه، وما إلى ذلك، وهو ما تعاملتُ معه على أنّه أمر طبيعيّ جدًّا. لكنّني لم أستطع تحمُّل وجودها هنا. كانت تبدو جميلة جدًّا وحيويّة (يعود هذا، بالطّبع، إلى ممارستها للجنس). حتّى أنّني أخبرتها بذلك، ليس عن الجنس، ولكن أنّها تبدو في حالة جيّدة. وهو ما قالت إنّه غريب؛ لأنّها تسهر لساعات متأخّرة جدًّا في الآونة الأخيرة. لكنّني أردتُّ التّخلُّص منها. ارتديتُ ملابسي، وتحت ذريعة أنّني كنت جائعًا وعليَّ الخروج لتناول الطّعام، أخبرتُها أنّني سأصطحبها إلى البيت [...].
أوصلتُها إلى البيت.. قالت إنّها ستقدِّم لي شيئًا آكله إذا صعدتُّ، لكنّني رفضتُ. لماذا لا تتركني في حالي؟ لا أريد أن أراها. إنّها منجذبة إلى كورت (اللعنة عليه)، فلماذا بحقّ الجحيم أتت اليوم، لا أستطيع أن أفهم. ربّما هو من أرسلها؟ بدافع من شهامة لعينة ربّما؟ [...] أخبرني بشيء، متى سيأتي يومي؟ متى؟ أأنا غير مستحقٍّ ليومي الآن؟
[...]
صباح السّبت، 11 يوليو 1946
[...]
بالأمس، الجمعة، ذهبت إلى المكتب لمدّة ساعتين، وكنت متعبًا. ثمّ إلى هربرت ليوكنز. وكان علينا قتل ثلاث دجاجات ولم يكن أحد منّا يريد القيام بهذا. ومع ذلك، حملنا بَلْطة، وركضّتُّ بعيدًا. لكنّني عدتّ حين كان يقتل الدّجاجة الثّالثة، متذكّرًا أنّني أصبحت "قويًّا" الآن. نتفنا الرّيش ثمّ أخرجت الأحشاء بالرّغم من نفوري من فعل ذلك، ولكنّني قرّرت ألا أكون شديد الحساسية أو ضعيفًا بعد الآن. شربتُ زجاجتي بيرة، وشعرتُ بالنّعاس والتّعب مجدّدًا [...].
إنّها العاشرة صباحًا تقريبًا.. أريد أن أكتب اليوم.. بعد الذّهاب إلى شهاب، (لاقتراض 100 مارك أخرى) سأحاول المجيء إلى هنا لأكتب.
الأحد
بالطّبع لم أكتب بالأمس.. ذهبت إلى شهاب ثمّ كان عليَّ اصطحابه بالسّيارة هنا وهناك. عدتُّ إلى هنا في حوالي الثّانية عشرة والنّصف وحاولت النّوم. فجأةً داهمني هجوم اكتئابيّ مروّع، كنت محمومًا من الاكتئاب بالمعنى الحرفيّ للكلمة. هكذا فجأةً. ومن ثمّ [...] ذهبت إلى بوبي. أخذت هناك قهوة مع بضع زوّار مملين كانوا عنده. أخذت أمّه تقول، "السيد غالي كاتب مشهور، كتب كتابًا رائعًا"، ولم أكن أعرف أين أضع وجهي.
"ما هو عنوان كتابك"؟
"بيرة"، أخبرهم.
أخذت بوبي وذهبنا إلى عمّه، وهو كاهن أبرشيّة. لعبنا معه الورق وكسبنا 7 ماركات كانت هي ما احتجنا إليه من أجل البيرة. عدتُّ إلى بوبي لتناول الطّعام في الثّامنة والنّصف، ثمّ حضر هو وأخته إلى هنا.. شربنا نصف زجاجة براندي، ثمّ ذهبنا إلى حانة لطيفة في مونشنغلادباخ. زجاجة بيرة تقود إلى أخرى - [...] حتّى الخامسة والنّصف صباحًا. توتو وأنا، أخبرنا بوبي ضاحكين أن يذهب بعيدًا لأنّنا أردنا مطارحة الغرام. تظاهر بالذّهاب بعيدًا وأخذ السّيّارة ورحل. وبعد ذلك حصل أن أخذنا، أنا وتوتو، نقبِّل بعضنا بشغفٍ، لكن للأسف لا يوجد شعور حقيقيّ نحوها في داخلي على الإطلاق.. ثمّ عاد بوبي وغادرا.
[...] إنّها تقريبًا الحادية عشرة صباحًا.. سأذهب لشرب البيرة وبعد ذلك سأتناول الغداء مع هربرت ليوكنز (الدّجاجات الثّلاث).
[...]
ها أنا في البيت.. سأقرأ وأذهب إلى الفراش.. كتبت خطابًا الخميس الماضي إلى ديانا وأرسلته اليوم، أخبرها فيه ألا تتوقّع منّي خطابات ولا حتّى أن تكتب لفترة من الوقت. أشعر أنّني بحاجة إلى الزّحف داخل حفرة لبعض الوقت.. يجب أن يكون أخي رامي قد وصل إلى هامبورغ الآن.. أفترض أنّه يجب عليَّ أن أتصل به.. لا أشعر بذلك على الإطلاق.. كم هذا محزن!
الأربعاء، 15 يوليو 1964
ذهبت يوم الإثنين إلى الدّكتور هاوسمان الذي أرسلني إلى الجّرّاح الدّكتور ويلمان. "انتظِر وراقِب"، قال.. شعرت بكثير من الألم. ثمّ ذهبت إلى دوسلدورف وأحضرت مارجريتا إيسر معي. توقّفنا بالقرب من غابة وأخذنا تمشية لطيفة ثمّ ذهبنا إلى منزلها وشربنا ويسكي وتحدّثنا وتحدّثنا. [...] أخبرتني أنّها لا تزال بحاجة إلى تعلّم "مطارحة الغرام" حتّى تجعل هاينز سعيدًا. تساءلَت كيف يجب أن تتصرّف، وقلت لها ألا "تتصرّف" وإنّما أن تكون نفسها، نفسها بشكل مطلق. كم يختلف حبّها لهاينز، و(كما أفترض) حبّه لها. يختلف الأمر كثيرًا عن علاقاتي المضطّربة والحافلة والمتّقدة وغير الصّبورة. لقد ظلّا مدّة عام كامل يدعوان بعضهما البعض: السيد يوكنز والسيدة إيسر، عامًا كاملًا، بالرّغم من أنّ بذور الحبّ كانت قد تبرعمت بالفعل بداخلهما. جميل ودائم جدًّا. لكن للأسف، ليس لي على الإطلاق.
[...]
في الثّانية عشرة والنّصف ذهبت إلى المكتب ونظّمت بعض الأشياء [...]. ثمّ فعلت شيئًا شعرت أنّني أريد القيام به لكنّني أوقّفت نفسي. ذهبت للسّباحة، ومن ثمّ التقيت بكورت. وكان مضيافًا كالعادة ولمدّة ثلاث ساعات تحدّثنا عن أشياء مختلفة ولكن لم نأت قطّ على ذكر ليزلوت، التي كانت لا شكّ تتسكّع معه. فجأةً، قال، "أفترض أنّك وليزلوت قد عدتّما إلى بعض من جديد؟".
"ماذا تعني؟ هل توقَّفتما عن المواعدة"؟
"نعم، تمامًا"، قال. "منذ أسبوعين، عندما خرجنا معًا يوم الأحد، وكلانا [...] لا يرى الآخر".
أبهجني هذا بشكل رائع بالرّغم من أنّني لا أصدّقه تمامًا.
[...]
تلقّيت بالأمس خطابًا من كيتي وأمّي (التي لم أرها منذ 11 عامًا) وأخي رامي، الذي وصل بالفعل إلى اليونان في طريقه إلى هامبورغ.
[...]
في وقت متأخر من المساء، الحادية عشر مساءً أو نحو ذلك.
لم أقم قطّ "بالجري" لفترة طويلة خلف امرأة. حتّى جاءت (ل) هذه. لقد كان حبّي في الغالب شعورًا متبادلًا، أو "وقعت" في الحبّ، وسرعان ما استسلمت عندما لم تكن هناك أيّة تبادليّة، أو أيًّا ما كانت تهجئة هذه الكلمة.
ذهبت إلى المكتب بين الواحدة والثّانية والنّصف صباحًا. ثمّ إلى المسبح. [...] جلست مع كورت، وكانت هناك موجة حرّ شديدة. كنّا ندخّن ولا نتحدّث كثيرًا. في حوالي الخامسة مساءً، ذهبت إلى الكانتين لإرجاع طبق، عندما سمعت شخصًا، يحمل زجاجة مليئة بعصير البرتقال الغازيّ، يقول "ألم تعد تعرفني بعد الآن"؟
نظرت. "مرحبًا ليزلوت"، قلت.
ارتجفتُ قليلًا، وأخذتُها إلى كورت، وجلستُ، أشعر بضيق، على دراية بأنّها قد حضرت من أجل كورت.
جلسنا، ثلاثتنا، كورت بمنأى عنّا على نحو غريب، وهي تتحدّث معي بين الحين والآخر. ثمّ نزل كورت إلى الماء وبعد دقائق قليلة تبعته. [...] الماء هو خلاصي. إنّني أُبعِد بؤسي بالسباحة، في كثير من الأحيان. أن أكون تحت الماء وحدي، وحدي، وأقلِّب ساقيّ بعناية، وأن أكون وحدي، محاطًا ببعض الأجسام المرنة. أهملتها، وذهب كورت إلى الجانب الآخر من المسبح. ثمّ خرجت، وهي أيضًا، وجلسنا على المقاعد، نشاهد السّبّاحين والنّساء الإنجليزيات، كم تبدو عليهنّ البشاعة! (النّساء الإنجليزيّات). ولا واحدة منهنّ جميلة أو جذّابة، ترتدين أكثر أنواع الملابس شناعة، وأطفالهنّ على نحو غريب نصف محدودبي الظّهر وقبيحي الهيئة. [...] الأطفال في عمر الدّراسة قاماتهم غير معتدلة، وأسنانهم تالفة، ويتعثّرون بشكل أكثر أو أقلّ في خطاهم. لا شيء صحّيّ أو رجوليّ في تلاميذ المدارس، عدا التّشدُّق في خطابهم والمشي مثل البطّ دون فخر أو فرحة بالعيش أو صحّة على الإطلاق. مشهد حزين ومثير للشّفقة في آن واحد. كورت قوي البنية وأنا، على طريقتي، حسن المظهر مع هيئة بنيت بشكل جيّد وسيقان طويلة. على كلٍّ.
وهكذا، جلسنا، هي وأنا، وكورت نزل مجدّدًا إلى الماء. ثمّ ارتدى ملابسه ورحل. ذهبت لارتداء ملابسي وسألتني ما إذا كنت سأوصلها إلى بيتها.
[...] وهكذا أخذتُ (ل) في سيّارتي وقدتّ عائدًا إلى رايدت. [...] تبادلنا الضّحك حول مارجريت (السيدة سنو أو أيًّا ما كان اسمها) القادمة لزيارة المقرّ الرئيسي هذا المساء. وقلت، "لقد أرسلَت إليَّ بطاقة تدعو فيها كلانا إلى حفلة. لكنّني أخبرتها أنّنا لن نستطيع الحضور".
"لماذا"؟ سألَت (ل).
"لأنك لن تخرجي معي".
"لِمَ لا"؟
"لأنّني لن أطلب منك أبدًا أن تخرجي معي"، قلت وضحكنا.
حسنٌ طلبت منها أن تخرج معي، وقالت نعم. [...] وذهبنا إلى حانة أخرى لطيفة؛ حيث جلسنا على مقاعد طويلة وأخذنا نشرب.
في البداية كان هناك الكثير من التّوتّر، ولكن في وقت لاحق (البيرة -أيّتها البيرة- كم أحبّك!) بدأنا نتحدّث، وكنّا صريحين مع بعضنا البعض. إلا أنّني كذبت وقلت إنّني لم أعد أحبّها، بالرّغم من أنّني كنت أعشقها في وقت ما في الماضي، قلت. وقلت لها إنّ كورت قد "ذاقها"، وهو ما نفته [...]. تمازحنا، بل وقبّلنا بعضنا البعض، وشربنا وشربنا، وتحدّثنا عن الحبّ والحبّ والحبّ، ولم تستطع أن تشكّ للحظة أنّني أعشقها لأنّني كنت غير مبالٍ وقويًّا جدًّا. أخبرتني عن قيام ضبّاط بريطانيّين بدعوتها للخروج معهم وخروجها معهم بالفعل، وعلى نحو غريب لم أهتمّ على الإطلاق، على الإطلاق. أخيرًا أخبرتُها عن الحبّ، عن حبّ هاينز ومارجريتا؛ إذ قضيا عامًا كاملًا يخاطب أحدهما الآخر بألقاب السيد والسيدة، قبل أن يُفصِحا عن حبّهما. وهذا، كما أخبرتها، هو الحبّ، الذي، أنا، وهي، كما قلت، لن نعيشه أبدًا، وهو ما أقرَّته.
وهكذا دفعت ثمن سبعة عشر زجاجة بيرة، بآخر ما معي من نقود، واصطحبتها بالسّيّارة لبيتها، وقبَّلتُها على شفتيها –وقبَّلتَـني على شفتيّ- وها أنا.
إنّني لا أمانع الحياة؛ فقط لا أريد والديَّ وأبناء عمومتي وخؤولتي والنّاشرين وإخوتي. أريد أن أكون وحدي وأن أحكم على حياتي كما أجدها أنا، وليس كما يجدها الآخرون. ذات مرّة، قال نوتشه - نيتشه (لا أستطيع تهجئة اسمه)، إنّ الإنسان الذي يرى نفسه ليس شخصًا. لن أرى نفسي إذا كنت وحدي.. أرى نفسي من خلال عيون الآخرين؛ ومن خلال أحكام الآخرين، أدين نفسي.
لقد بدأت يوميّات هذا المساء بقولي: "في حياتي لم أقم قطّ بالجري لفترة طويلة خلف امرأة". باستثناء هذه.. إنّني أجري خلفها، بالرّغم من كلّ شيء. لمرّة في حياتي، أجري خلف امرأة بتحفّظ ولا مبالاة وإهمال مدروس. إنّني أحبّها بكلّ شغف.
افترقنا الليلة كـ"صديقين جيّدين".. إلا إنّها، بالطّبع، أذكى كثيرًا من [ألا] تعرف أنّني لا أنتمي إلى هذا النّوع؛ أذكى كثيرًا من ألا تعرف أنّني [...] أعشقها. لكن ليس مؤكّدًا تمامًا، ما إذا كان لا بدّ لي من تطوير انعدام التّأكُّد هذا وربّما تحويله إلى اشتياق إليَّ.. إذا كنت قويًّا بما فيه الكفاية.. إذا كنت قويًّا بما فيه الكفاية.
غدًا، سنلتقي في [الـ]ـمسبح..
إنّها الثّالثة صباحًا تقريبًا، الجمعة، 16 يوليو 1964
- سكران بعض الشّيء -.
بالأمس، في البداية، لم أكن راغبًا في الذّهاب للسِّباحة لأنّني لم أُرِد رؤية (ل). لكن الجوّ كان حارًّا جدًّا؛ موجة حامية فعلًا. وهكذا ذهبت، في حوالي الرّابعة والنّصف. رأيتها، وكان يحملها شابّ على سبيل المزاح، ويتغازلان، وما إلى ذلك. وفيما أنا جالس مع كورت مرَّتْ بي ولوَّحتْ. ولوَّحتُ لها بدوري. وعلى نحو غريب لم أكن مهتمًّا. أعرف أيضًا أنّها تذهب للرّقص مع الشّاب نفسه، لكنّي لم أهتمّ. لا أستطيع فهم السّبب. [...] ثمّ تناولت وجبة عند كورت وذهبت إلى بوبي، الذي لم يكن هناك؛ في الواقع ذهب يبحث عنّي. أخذت توتو وذهبنا إلى الحانة اللطيفة ذات الأرائك المريحة. [...] قبَّلَ أحدنا الآخر وتغازلنا وتحدَّثنا عن الأثاث اللطيف والطّعام اللذيذ. "أرستقراطيان مُنحلَّان"، كُـنَّـا. اصطحبتها إلى بيتها في الحادية عشرة والنّصف مساءً. وقبَّلنا بعضنا بحماسٍ على عتبة بابها. تتمتَّع بوجهٍ وجسم جميلين، باستثناء ساقيها السَّميكتين اللتين أشعر بالنُّفور تجاههما. إنّ أخذها إلى الفراش يتطلَّب مسؤوليّة أكثر ممّا يستحقّ الأمر، للأسف!
اليوم، في الحادية عشرة مساءً، أخذت قهوة عند إيدا، ثمّ ذهبت إلى المسبح، وكان اليوم حارًّا بشكل رهيب. أصبح من الصّعب دخول المسبح؛ لأنّه ليس مُـخوَّلًا حقًّا دخوله. على كلٍّ. أمضيت يومًا جميلًا، أدخل وأخرج من الماء، أكتسب سمرةً أكثر فأكثر فأكثر. في الرّابعة حضرت (ل).. وحدها. رأيتها قادمة، لكنّها لم ترني. فقد كنت جالسًا مع كورت تحت شجرة. ذهبتُ إلى المسبح.. لا أرغب في الكتابة أكثر من ذلك، سأواصل غدًا. وأحلم الليلة بـ(ل).
السّبت بعد الظّهيرة، 18 يوليو 1964
يومٌ حارّ بشكلٍ رهيب. بالأمس خرجتْ (ل) من الماء، ورأتنا، وجاءت لتجلس معنا. غادر كورت مُبكِّـرًا، وبعد ساعة قرَّرتُ المغادرة أيضًا، ظنًّا منّي أنّها ستبقى وتنتظر صديقها الذي كان معها بالأمس. لكنّها طلبتْ منّي أن أوصلها بالسّيّارة إلى بيتها. وكان أن ذهبنا إلى إيدا وشربنا البيرة.. وتغازلنا.. في الواقع أرادتني أن أُقبِّـلها. كانت تُحني وجهها ناحيتي وتقترب منّي. [...] اصطحبتُ ليزلوت إلى البيت. "أراكَ يوم الإثنين في المسبح"، قالت.. ثمّ، عندما خرجَتْ من السّيّارة، قالت: "لماذا لا تأتي لزيارتنا خلال العطلة الأسبوعيّة"؟
قلت: "ربّما". لا أعتقد أنّني سأفعل ذلك [...].
هذا الصّباح [...] تلقيتُ برقيّة من سمير، يقول فيها إنّه سيكون هنا بحلول نهاية الشّهر. توقيت سيئ، إنّني مفلس وأريد أن أُترَك بمفردي في هذه اللحظة وما إلى ذلك.
يجب أن أفعل شيئًا بخصوص المال. لا أستطيع الكتابة على الإطلاق، على الإطلاق. تعطي إعادة قراءة هذه اليوميّات انطباعًا مثيرًا للشّفقة. (ل) فعلت هذا؛ (ل) فعلت ذلك، مكتئب، خرجت مع هذا وذاك، قبَّـلتْ هذه وقبَّـلتْ تلك.. أمر يحثّ على رثاء هذا المسمّى مؤلِّـفًا أو كاتبًا.
[تُنشَر هذه المقتطفات بالاتفاق مع الناشر، دار الكتب خان في القاهرة. كتاب "يوميات وجيه غالي" الذي صدر حديثًا، يضّم اليوميات الكاملة للكاتب المصري وجيه غالي، في جزئين].