#حماية_سمارت_عالواقف: مقابلة مع رامي رؤوف
كيف نكتب كلمة سرّ قوية وسهلة الحفظ في نفس الوقت، أو كيف نؤمّن حساباتنا على مواقع التواصل الاجتماعي؟ ربما هي أسئلة بديهية لا نفكّر فيها ونعتبرها من المسلمّات، لكن ماذا لو كان الحال غير ذلك، هل نتّبع أفضل السبل لتأمين نشاطنا على الإنترنت في حياتنا اليومية؟
وجّهنا مجموعة من الأسئلة إلى رامي رؤوف، الباحث في مجالات التكنولوجيا والخصوصية والأمان الرقمي، تحديدًا عن البرنامج الجديد الذي أطلقه عبر موقع انستغرام تحت اسم "#حماية_سمارت_عالواقف" الذي يهدف إلى تعميم المعرفة حول تلك المجالات بطريقة سهلة ومبسّطة.
جدلية (ج): الاسم غريب بعض الشيء، أو يبدو كأنه ثلاث كلمات وليس جملة متّصلة. كيف اخترت اسم البرنامج؟
رامي رؤوف (ر. ر.): كان لدي بعض الدوافع قبل عملية العصف الذهني لاختيار الاسم، من ضمنها تفادي المسمى الأكاديمي الهندسي: "الأمان الرقمي"، لأنه يفتقد كل عناصر المرح ويفترض قدرًا من الدراية لدى المتلقي، في حين هدفي الأساسي هو تعميم المعرفة بقدر بسيط وعمومي لكل الناس بلا شروط أو معرفة مسبقة، كما أملتُ أن يكون اسمًا سهلًا على اللسان ويرتبط بأذهان الناس. اخترت كلمة حماية لاستبدال أمان رقمي. أما كلمة "سمارت" فقد جاءت من منطلق أن موضوع البرنامج يخصّ كل ما هو مرتبط بجيل الألفية، سواء جيل إكس أو جيل واي أو زِد، وجميعها أجيال "ذكية". ولأن كلمة ذكي غير دارجة في العموم أتيت بكلمة سمارت لخلق حالة من الألفة والضحك؛ هواتف سمارت، وحواسيب سمارت، ومعلومات سمارت.
كلمة "عالواقف" هدفها إخطار الناس بأنه من الممكن تحصيل المعرفة وتعلّم شيء جديد بدون إهدار وقت طويل، وبدون تركيز شديد، كأننا نشرب كأس شاي ساعة العصر. أنا من شمال أفريقيا ولدينا تعبيرات كثيرة من بلادنا ومنطقتنا للإيحاء بسرعة إتمام الشيء على نحو جيد، مثل "الحركة بركة" و"عالسريع" و"عالماشي". ولأني أستهدف أناسًا من لهجات عربية مختلفة جاء اختيار "عالواقف" الأكثر حيادية وذات المعنى الواضح.
(ج): كيف تبلورت فكرة البرنامج وما الذي قادك نحوها؟
(ر. ر.): تبلورت فكرة البرنامج من مسارات متعددة. بالنسبة لي، أي أحلام بالتغيير والحراك والنهوض بأحوال بلادنا في قطاعات الصحة والتعليم والحوكمة، يجب أن تنطلق من الأجيال الأصغر التي تتراوح أعمارها الآن بين 14 و25 عامًا. كما أرى أن دور من هم في أعمارنا هو نقل المعارف والمعلومات بأشكال مختلفة للأجيال القادمة، مع التعلم من كل أخطائنا المعرفية، وعدم الإصرار على التوجّه إلى من هم في جيلنا فقط. المسار الثاني يتمثّل في أن التفاعل مع أجيال وأعمار 14-25 يفتح أمامي مساحات تعلّم عظيمة، وأسئلة فضولية تدفعني للابتكار في توصيل المعلومات التقنية المعقدة والمركبة، على نحو بسيط ومرح بلا تعقيدات وبأكثر قدر من التواضع والراحة. لدى الأجيال الصاعدة فضول للمعرفة والاستكشاف، الأمر الذي يتيح لنا تبادل الخبرات والمرح. هذه الفئة العمرية عبارة عن الكتلة الحرجة القادمة، لأن كل الأنظمة عملت على تخريب أنظمة التعليم والمناهج، وجميعنا نحتاج أن نساعد بعضنا في رحلة التعلم والتطور. بالإضافة إلى ما سبق، وبصفتي باحث تقني في مجال الحماية والمراقبة، وبالتالي ملمّ بالمخاطر الحديثة والتهديدات للأجيال الأصغر، وجدت أن المحتوى العربي في هذه المجالات ضعيف ويحتاج إلى مدخلات ظريفة وتساعد الجميع.
[اضغط/ي هنا لمشاهدة مقطع الفيديو]
(ج): ما هي أهم المواضيع التي غطاها البرنامج، والتي يطمح لتغطيتها في المستقبل؟
(ر. ر.): إلى الآن، صدر من البرنامج 6 حلقات مرتّبة حسب أولويات الاستخدام من وجهة نظر الأجيال الشابة، مثل نصائح لحماية تيك توك، ونصائح لحماية انستغرام، وكيف نفهم الرسائل وواتسآب، وكيف نحمي البريد الإلكتروني. الخطة هي التركيز في البرنامج على أساسيات في مناهج حمائية مختلفة والإبقاء على صيغة بسيطة للمحتوى مع التدرج في صعوبة المواضيع، مثل ماهية الإنترنت نفسه، وما هي شبكة تور والبصلة، وما الفرق بين أنظمة أندرويد وآيفون، وما معنى الهاكنغ.
(ج): هل هنالك جمهور مستهدف للبرنامج؟ صِفه لنا
(ر. ر.): جمهور البرنامج المستهدف هو الصغار والكبار في البلاد الناطقة باللغة العربية. الصغار بالنسبة لي هم الفئة العمرية من 14 إلى 19 عامًا، والكبار بين 21 و45 عامًا. بالإضافة إلى التركيز على الفتيات والأمهات في مصر وليبيا والمغرب والجزائر والسودان وسورية، وبطبيعة الحال أبناء الخليج من منطلق اللغة. كما أن هناك تركيز على من يستخدمون الإنترنت بكثرة ولكن لا يستهويهم المحتوى الطويل.
(ج): اخترت أن يكون شكل البرنامج عبارة عن مقاطع فيديو قصيرة. هل هذا الشكل هو الأنسب برأيك، ولماذا؟
(ر. ر.): فكّرتُ كثيرًا في قالب البرنامج، ما بين الاستعانة بأدوات رقمية أو معلومات بصرية، أو إدخال عوامل معقدة، إلا أن ذلك كله لن يأتي بنتيجة مؤثرة لأنه معقد ومنفر، وغير جاذب لمستخدم الإنترنت الحالي. اخترت البساطة: لنجلس على القهوة ونحتسي مشروبنا المفضّل لخمس دقائق ونتكلّم. يحبّ الناس أن يروا ويستمعوا إلى بعضهم البعض. ولأنني أعمل كثيرًا على تبسيط المعرفة وأقضي أوقاتًا طويلة في تجريب طرق مختلفة لنقلها بسلاسة، وجدت أن أنسب طريقة هي البساطة والمباشرة؛ أخرج بنفسي لأتكلم وفي الخلفية رسومات مساعدة.
(ج): في أحد مقاطعك قلت إن الاهتمام بالخصوصية هي عملية فردية وليست جماعية، هل يمكنك التوسّع أكثر في توضيح هذه الفكرة؟
(ر. ر.): تساعد الخصوصية الأفراد على النمو والتطور والاستكشاف، وبالتالي سوف تساعدنا في تنظيم عملية الحوكمة الذاتية لأنفسنا ونمو مداركنا. يعتبر التعامل مع المجتمع كوحدة واحدة من الأخطاء الشائعة، لأن ذلك ليس حقيقيًّا. المجتمعات عبارة عن أفراد تجمعهم خبرات وثروات معرفية مختلفة في مجالات الأديان، واللغات، واللهجات، والأحلام، والمخاوف، والأولويات، وبالتالي يهدف البرنامج إلى مساعدة كل فرد في أن يمارس حقه ويتمتع به دون أن يشعر بذوبان شخصيته أو تيهها وسط الجموع. وفي مناهج الحماية التقنية والخصوصية، كلما فكرنا في الأفراد واحترمنا الاختلاف فيما بينهم، سنقدر على توزيع قدر أكبر من المعرفة على نحو أدق، كلٌّ وفق اهتمامه، وسنجعل الأفراد قادرين على تنظيم أنفسهم في مجموعات تعبّر عن نفسها.
[اضغط/ي هنا لمشاهدة مقطع الفيديو]
(ج): ما هي التحديات التي تجابهك أثناء الإعداد للبرنامج أو في مراحل النشر؟
(ر. ر.): أكبر تحد بالنسبة لي هو الخوارزمية الموجودة لدى كل موقع، ودراستها وفهمها حتى يُقدَّم المحتوى بشكل جيد وملائم. التحدي الثاني يتمثل في أنني أنطلق من سياق سياسي قمعي ومخيف، والكثيرون يتوجّسون من إبداء آرائهم ومشاعرهم واهتماماتهم في مثل هذا المناخ، وبالتالي هناك قلق من مشاركة المحتوى الذي يقدّمه رامي رؤوف، أو خوف من إبداء الإعجاب لأن جملة "كل حاجة متراقبة" تخيف الناس، ولأنني أيضًا مررت بظروف استهداف مختلفة من أهل الشر، ما يجعل البعض متحفظين قليلًا أثناء التعامل معي. ولكنّ الظريف أن مشاهدة مقاطع الفيديو لا تدعو إلى الخوف أو القلق، لكنّ التحدي يكمن في أن يشارك الناس المحتوى على نحو أسرع وأكثر انتشارًا. لكنّ هذا التخوّف موجود بنسب أقلّ لدى الفئات العمرية الصغيرة.
(ج): ما هي نصائحك للباحثين، والقرّاء عمومًا، لحماية ممارساتهم على الإنترنت من الأشرار والمتصيدين؟
(ر. ر.): هنالك الكثير من النصائح التي يمكن تقديمها لمجتمع الباحثين والقرّاء، لأن الأشرار كثر ومتنوعون، إلا أن أبسط نصيحة تكمن في القراءة من خلال واستكشاف برمجيات حرة مفتوحة المصدر. عملت على إعداد منصتين تحتويان على عدة مواضيع هامة، أنصح القرّاء الاطلاع عليها أثناء احتساء كأس من الشاي.