منذ مدة ليست بعيدة، وبدون أي تفسير مسبق، أرسلت قائمة تحوي أسماء عربية إلى صديق أجنبي وطلبت منه أن يبذل قصارى جهده في قراءة هذه الأسماء بينما يعيد إرسالها لي بتسجيل صوتي. كان وقع هذا الطلب غريبًا بعض الشيء، ولكنه امتثل وأرسل لي محاولاته لعدة أسماء منها: موسى، وبدر، ويحيى، ورحيم.
حتى الآن، لم أخبره أنني قد صرت مهووسًا بطريقة نطق هذه الأسماء من قبل غير الناطقين بالعربية. سيولد طفلي هذا الصيف، وبطريقة ما، هذا كل ما أفكر به: أن أعرف وقع هذا الاسم في كل مرة سينطق به من حوله من غير المسلمين.
بدأت البحث عبر غوغل باستخدام عبارات مثل "أسماء إسلامية" و"أسماء إسلامية فريدة من نوعها"، وتجميع الأسماء التي لن تحيّر ناطق الإنجليزية الأميركي الاعتيادي. وضعت ما أعجبني منها في جدول عبر برنامج إكسل، واعتمدت في ترتيب ما أعجبني منها على نظام تعداد نقطي اخترعته: كل اسم يحصل على مجموعة نقاط معينة بناء على عدة عناصر، منها مدى إسلامية الاسم (أي كم مرة ذُكر في القرآن)، وإذا كان من السهل نطقه (أعرف ذلك إذا استطاع صديقي نطقه أم لا). رُتّب الجدول بالألوان وزُوّدت المعلومات الواردة فيه بالمصادر.
أرسلت الجدول إلى زوجتي، معتقدًا أنها ستكون متحمسة، لكنها اعتقدت أني فقدت صوابي.
يجب أن يكون الاسم إسلاميًّا، كان هذا مهمًّا بالنسبة لي، ربما أكثر من اللازم. أعلم أن الأسماء بحد ذاتها ليست "دينية"، ولكن وفاء لتعبي في هذه العملية؛ نعم يمكن للأسماء أن تكون إسلامية. اسمي أيمن، وهو اسم إسلامي. ها هو مذكور في الموقع الإلكتروني "أسماء قرآنية"، وهو موقع عزّز للغاية من هوسي.
تُبقي الأسماء الإسلامية المسلمين الأميركيين أمثالي على اتصال بالسردية الإسلامية العالمية. ذلك هو السبب وراء تحوّل كاسيوس كلاي إلى محمد علي، أو كات ستيفنز الذي صار يوسف إسلام. إنه إعلان عام بالانتماء إلى مجتمع دولي؛ إنه تحول في الهوية. أتمنى لابني أن يبقيه اسمه الإسلامي على صلة قوية بنا، قبل أن يتلاشى في الخليط العرقي الأميركي، كما جرى معي في بعض النواحي، حين ابتعدت عن بعض عادات والداي المهاجرين.
يحتاج الاسم لأن يكون سهل النطق، ويعود الشكر هنا لمشاهير يحملون أسماء إسلامية تقليدية، وبعض تلك الأسماء التي أحببتها باتت مألوفة للعديد من الأميركيين مثل: رحيم ستيرلينغ، وإدريس ألبا، ويحيي عبد المتين الثاني. هناك أسماء أحببتها على الرغم من وقعها الأجنبي. هل يعرف الناس في أميركا أحدًا يُدعى بدر، أو ياسر، أو شعبان؟ حتى عند طباعة هذه الأسماء على مستند وورد فإنه يبرز تلك الأسماء على أنها أخطاء إملائية. ربما لم تعجبني هذه الأسماء كثيرًا، لكن الأمر مهم بالنسبة لي، كما سيهمّ ابني أيضًا.
بناءًا على التجربة، أعرف ما هو شعور أن يرتبك الناس لمجرّد محاولة نطق اسمك. لم يتكبد الأطفال في المدرسة الابتدائية عناء محاولة نطق اسم أيمن، وإنما كانوا يدعونني بـ"إيجبت" (مصر)، ولم أتأمل أن يحاول المدرسون ذلك، بل كنت بمجرّد ترددهم في نطق الاسم المكتوب أمامهم على ورقة الحضور أرفع يدي وأصرخ "حاضر" ليبادر باقي الصف بالضحك.
لتأتي بعدها الألقاب. كل من يقول "مرحبا يا رجل" يعتقد أنه أول من توصل للحل الأمثل لتجنّب نطق اسمي، وهذا يعتبر لا شيء مقارنة مع بعض الذين أعرفهم؛ تخيل أن يكون اسمك جهاد أو أسامة بعد أحداث 11 أيلول. أنا أعرف شخصًا فضّل أن يُنادى باسم سام، وأنا لا ألومه بالطبع.
ليس هذا فقط ما أشعر بالقلق حياله، في منطقتي تعطي الأسماء العربية عذرًا لأفراد الشرطة في التعامل معك بحدّية. لا ينبغي للأمر أن يسري على هذا النحو. ربما تتغير الأمور عندما يتقدم ابني في السن، ولكن إن كان باستطاعتي حمايته من عمليات التفتيش العشوائية التي تجريها الشرطة فلمَ لا؟ في الماضي، حين كنت أمارس التزلّج، كان أفراد شرطة نيويورك عندما يرون اسمي على بطاقة هويتي يطلقون عليّ اسم عبدول (Abdul) بدلًا من أيمن. في إحدى المرات هددني قاضٍ بترحيلي دون أي اهتمام. ولدتُ في نيوجيرسي. أن يحظى ابني باسم من شأنه أن يبقيه بعيدًا قدر المستطاع عن هذه المعاملة أمر مهم بالنسبة لي، بقدر أهمية أن أعطيه اسمًا يجعلني وزوجتي فخورين.
في الوقت ذاته هناك جزء مني يشكّك ويتخوّف من هذا المنطق. يوجد شيء ثوريّ في امتلاكي لاسم صعب. على صعيد شخصي، أشعر بالاعتزاز بمعرفتي أن اسمي هو مقاومة رمزية لتشويه سمعة الإسلام. عندما تقدمت في السن وحظيت ببعض النجاحات المهنية، صرت فخورًا بنطق اسمي. شعرت أن مستندي المرتّب حسب الألوان عبارة عن خيانة للاسم الذي أحببته.
أخيرًا، أدركت أنني لا أستطيع تغيير الكثير، بطبيعة الحال، كمولود في أميركا، فإن وجود ابني هنا سيكون سياسيًّا لا محالة. وهذا ليس خطأ أيّ منا. ربما الحصول على اسم أقل إسلامية، مثل عمر أو آدم، يمكن أن يجعل من حياته أقل ندية. عادة ما أتساءل عمَّ قد يتطلبه الأمر ليصير وجودنا كأميركيين مسلمين أمرًا اعتياديًّا، متى سيتوقف أن تكون مسلمًا هنا عن كونه أمرًا خارقًا للعادة؟ لا أعتقد أنه يمكنك تحقيق ذلك بتجنّب المواجهات، في نهاية المطاف توقفت عن التفكير في الأمر.
اخترنا أنا وزوجتي الاسم المثالي. نعم كان مدرجًا ضمن جدولي. لن أخبركم به ولكن كل ما أستطيع قوله أنه سهل النطق، لكنه إسلامي بلا شك. لا أعلم إذا ما سيواجه المعلمون صعوبة في نطقه، لكنني سأكون فخورًا حين أناديه على باب المدرسة. عندما يولد ابني، لن أطيق الانتظار لسماع اسمه بصوت عالٍ.
[ترجمة بتول الحجاحجة، عن موقع سلايت].