الهجرة
جلس الكبارُ على كرسيّهم الطويل الذي يُسمّى كنبة
تحدّثوا عن الطقس والندى على نوّار الصباح
وما قد يحلّ بنا، نحن الأطفال
قالت أمّي: لا تتركوا البيت بدون الوثائق!
ماذا سأحكي عن الوثائق المخبّأة في الزوايا؟
وكم قصيدة يمكن لك أن تكتب
عن وجه معجون بالخوف
قبل أن يمسك بك؟
القارئ يبحث أيضًا
فلنجد زاوية معتمة، أنا وأنت
نضع فيها هذه الكلمات
نترك الأطفال ينامون في غرفٍ بلا شبابيك
والأمُّ تقضم صلاة
والبلاد تنسجُ قبرًا
الفراغ
حين رحل أبي ليبحث عن عمل
البساتين التي كان يعتني بها
والتي كان قد أحرقها ثلجُ غيمةٍ في كانون الأول
لم تشتق لهُ
والبرتقال الذي كان سيسرقه
ويضعه في الثلاجة ليبرد
كي يقطّعه لنا فيما بعد
كأنّه حبٌّ يؤكل
ظلّ على الشجرة الخيّالية التي نجت
انفطرت الأرض المشمّعة تحت حقيبته التي اشتراها مستعملة
تخيّلتُ الفئران التي كانت ما تزال تحت الأرض
ولم أبك، لا لأنني لا أريد أن أبكي
بل لأنني لم أكن أعرف كيف
فحتى إظهار مشاعر كهذه يجب أن يُلقّن
كلّ هذا تخيّلتُهُ
لأنني لا أذكر في الحقيقة متى رحل
كل ما أذكره هو أنه ذات يوم لم يجلس إلى الطاولة
وملأ الفراغ يديّ
بحزنٍ صامتٍ مثل الشجرة المجهولة
التي تتكئ على الشبّاك
واهنة في ريح الشتاء
بلا ثمر
[ترجمة سنان أنطون. من مجموعة José Antonio Rodríguez, This American Autopsy (University of Oklahoma Press), 2019].