الصورة الضوئية ما بين الذوبان في الزمن وبين الخلود. بدأ كل شيء عندما ذكرني فيسبوك بصورتي أنا وزوجي في رحلتنا الأولى إلى لبنان بعد زواجنا، مرت خمس سنوات على هذه الرحلة، التدفق الذي حدث في الذاكرة بعد هذه الرحلة، العدد الهائل من الصور والأحداث التي مرت جعلتني أكاد أنساها وتبدو كحلم بعيد، كلُ تفاصيلِ تلك الرحلة التي لم تسجل بالصور أصبحت بعيدةً الآن تأتيني الذكريات كفلاشات تلمع قليلًا وتذهب. يبدو الزمن لي كنهر يأخذ في طريقه كل شيء، قليلةٌ جدًّا الأشياءُ العالقةُ على الضفاف. الصورة أوقفت الزمن للحظة استعادته للحظة، ما بين الخلود والذوبان شعرة رفيعة يصعب الإمساك بها. كيف كنا؟ مقدار السعادة والمشاعر الخاصة التي أحسسنا بها وقتها؟ إحساسنا أننا على قيد الحياة! إحساسنا بالكون والوجود والطبيعة، هذه الفسحة النادرة بعد سنوات الحرب الرهيبة، النزهة التي سنعود لنفتقدها طويلًا. في صورتي السعيدة أنا وزوجي لا تظهر آثار الندب الهائلة التي خلفتها الحرب وملابساتها في أرواحنا، الندب التي نعاني منها يوميًّا، إذًا تلك الصورة السعيدة قد تكون مُضلّلة بشكل ما، صورة لزوجين يقفان على شاطئ البحر في بيروت في يومٍ مشمس وهما يبتسمان. ربما كانت الصورة الضوئية إحدى معجزات الإنسان؛ أن تلتقطَ ما لا يُلتقط، الزمن، ثم الحب وتحولاته في الزمن، ثم وقبل كل شيء الضوء المنبثق عن العتمة والذي يشكل كل شيء. عندما أفكر في هواجس ابن الهيثم وصراعاته لفهم الضوء وانعكاساته ولالتقاط صورة الشيء وفهمه وفهم كيفية وآلية الرؤية ثم كيفية الإمساك بصورة الشيء، ثم في قوله العلمي الساحر: "الحقيقةُ ذاتها تبحث عن الحقائق المغمورة في الشكوك" وأين وصلت الصورة اليوم، ابتسم.
تقول سوزان سونتاغ في إحدى حواراتها: "على الأدب أن يكون حقيقيًّا مثل الصورة الفوتوغرافية"؟ نعلم أن عمل الأدب في العقل مختلف عن عمل الصورة الفوتوغرافية، بالتأكيد عمل الصورة أسرع وأسهل بكثير وأخطر لأنه مباشر، لكن تأثير الأدب عميق وغير مباشر وسلس ويأخذ مسارات أخرى في الدماغ البشري. في رواية "صورة دوريان غراي" الصادرة عام 1891 لأوسكار وايلد، تلك الصورة صورة الشاب دوريان غراي التي تعكس ما يعتمل في النفس البشرية من مشاعر وشرور وانفعالات وتغيرات حسية وفكرية، والتي رصدت من خلال تغير ألوانها وهيئتها، وتغير الشخصية المرسومة، من الجمال والبراءة الأولى لشاب وسيم في مقتبل العمر إلى التطرف في إرضاء النزوات والشر والتكبر والغرور البشري، الذي رافقه تشوه حسي للشخصية في الصورة، والذي قاد أخيرًا إلى الإجرام وأودى بعدة حيوات ومنها حياة الرسام الذي استنزف مشاعره وحواسه وهو يرسمها مخلدًا جمالَ شابٍ يافعٍ نضرٍ بريء، قام بإفساده أحد لوردات المجتمع الأرستقراطي. يقوم وايلد هنا من خلال قصة هذه اللوحة/الصورة، بتعرية المجتمع الأرستقراطي الإنجليزي ويرصد بعين الناقد ما يطرأ عليها من تغيرات سلوكية مشوهة منحرفة متأثرًا بفلسفات عصره التي كانت تعلي من شأن اللذة الذاتية على حساب كل شيء آخر. إذًا الصورة هنا حامل موضوعي لأفكار وايلد وفلسفته الخاصة، إذ إن التشوه الذي يحدث لها يمثل تشوه عدد لا بأس به من أفراد الطبقة المخملية الإنجليزية في تلك الفترة الزمنية، أفراد يملكون صورة براقة اجتماعيًّا ويبذلون جهدًا خارقًا لحجب صورتهم الحقيقية، القصة التي أحدثت جلبة كبيرة في المجتمع والمحاكم الإنجليزية والتي اضطرت وايلد لشرح وجهة نظره والدفاع عن عمله وإبداعه أخلاقيًّا بعد أن استخدمت ضده في المحكمة. ما كتبه وايلد في ما يقارب الثلاثمائة وستين صفحة هو عبارة عن وصف لصورة يمكنك أن تراها في دقيقة واحدة، لكن لتتمعن فيها لتفهم خلفيتها النفسية السيكولوجية والاجتماعية والتاريخية أنتَ بحاجة للثلاثمائة وستين صفحة. وأنا أتحدث هنا عن النسخة العربية التي قام بترجمتها لويس عوض لدار المعارف بمصر 1969. يمكننا المقارنة بين عمل الصورة اللوحة "صورة دوريان غراي" لدى وايلد هنا وبين عملها في قصة لكاتب آخر أقدم وهو الكاتب الروسي العظيم غوغول في قصته "بورتريه" أو "الصورة" التي كتبها ما بين 1833-1834. وهي موجودة ضمن مجموعة قصص أرابيسك.
يلتقي العملان في استخدام الصورة لتشريح الشخصية والنفاذ إلى أعماقها أيضًا في تشريح الطبقة الاجتماعية والنخبة المثقفة في المجتمع، ويختلفان قليلًا في الطريقة فبينما كانت الصورة اللوحة، التي رُسِمت بنية حسنة للغاية، لدى وايلد تتلقى التشويه والتأثير المباشر الناتج عن تدهور سلوك البطل تجاه نفسه وتجاه المجتمع فتغدو هي الحاضن لكل التشوهات والإساءات، نرى العكس تمامًا في قصة الصورة لغوغول، إذ إن الشخصية في الصورة هي التي تتسبب في ازدهار ثم دمار شخصية البطل، فقد كان غوغول يرغب في إعطاء أمثولة أخلاقية حول ما يمكن للمال وللسلطة أن يفعلاه لفنان شاب موهوب مبتدىء، وكيف يمكن أن يُحرف عن مساره بسهولة نتيجة لعنة أصابته من عينيْ شخصية العجوز التي يصورها البورتريه المرسوم بمهارة فائقة منذ زمن طويل بعد أن استقر لدى الفنان الشاب الفقير بالصدفة، تمنحه الصورة المال الذي يسمح له بقطع مراحل سريعة نحو الشهرة والمناصب الاجتماعية والأكاديمية، لكنها تأخذ منه أهم شيء في عمله وهو الشغف إذ يصبح عمله الفني رغم مهارته الحرفية خاليًا من الروح ما يجعله يحقد على كل فنان موهوب وعلى كل عمل إبداعي حقيقي، الأمر الذي سيقوده إلى تدمير نفسه تدريجيًّا، ثم يكشف في النهاية قصة هذه الصورة التي رسمها أحدهم لشخصية مرابي عجوز غامض ويقوم بهذا الكشف في المزاد الذي عقد لبيع ممتلكات الفنان الميت، ابن الفنان الذي قام برسم هذه الصورة التي صبت لعناتها على كل من مر بطريقها، وكأن غوغول يُحمل صورة هذا العجوز فعل الشيطان الذي يغوي ويحرف الأشخاص عن مسارهم. لا ندري إذا كان وايلد قد اطلع على هذه القصة أم لا، لكن ما بين غوغول الذي مات بعد صيام طويل قام به بسبب لوثة دينية 1809-1852 عن 49 عامًا، وبين وايلد 1854-1900 عن 46 عامًا الذي توفي بسبب التهاب السحايا وبعد صراع طويل مع مجتمعه بسبب ميوله المثلية رغم نجاحه الأدبي والأكاديمي وكاثوليكيته، تقوم اللوحة/الصورة كعنصر أساسي في العمل الأدبي باستقطاب الحدث والتأثير المباشر في مصير بطلي العملين وفي التقاط روح العصر والمجتمع.
إذًا بشكل ما، يمكن للأدب أن يكون حقيقيًّا أكثر من الصورة الفوتوغرافية إذ إنه يحلل الواقع ليفهمه ويعيد تركيبه.. أيضًا يمكننا أن نلاحظ الأمر نفسه في روايات تولستوي مثلًا أي صورة فوتوغرافية يمكن أن تعبر عن روسيا في الربع الأخير من القرن التاسع عشر مثل رواية "البعث" أي صورة يمكنها أن تشرح طبقات المجتمع الروسي وتحيط بالصراعات وتدرس سيكلوجيات أفراد الطبقة الأرستقراطية والطبقات الأخرى وحراك المجتمع في تلك الفترة، وأي صورة يمكنها أن تنقل الأمزجة والنقاشات التي كانت تدور في تلك الفترة الغنية على جميع الأصعدة السياسية والاجتماعية والثقافية واللاهوتية، والسمات العامة للشخصية الروسية، بالتأكيد الصورة الضوئية تستطيع التقاط ما لايلتقط.. الزمن، لكن ليست هي فقط من يستطيع القيام بذلك إن الأدب العظيم يستطيع تمامًا أن يقوم بعملية الالتقاط الذكية هذه.
الصراع ما بين عين الإنسان الفنان ومهارته وتقنياته وبين عدسة الكاميرا الآلية!
في مرحلةٍ ما، دقةُ الصورة الضوئية في نقل الواقعي جعلت الفنانين يثورون على التصوير الواقعي، ويتبعون أساليب أخرى مفارقة له، ومرت عدة مدارس فنية اعتمدت على فهم الفنان لطبيعة الضوء والتكوين والألوان واجترحت أساليب متعددة للتعبير عن الأفكار وعن القضايا وعن الحساسيات الخاصة للون وللضوء؛ الوحشية، الانطباعية، التكعيبية، التجريدية، السريالية، المستقبيلة، المفاهيمية، وغيرها.
لكن الإنسان لم ينسَ شغفه القديم بنقل الواقع، كما هو، فأصبح لدينا ما يسمى بالواقعية الجديدة أو الواقعية المفرطة، وهو أسلوب اعتمده بعض الفنانين لنقل الواقع بدقة متناهية تضاهي دقة الكاميرات الرقمية. إنه جهد إنساني فائق وذو تقنيات عالية وربما أكثر ما يتجلى به التقاطهم المذهل للضوء في اللوحة، من سوريا نرى الفنانة الشابة رنا عثمان التي أنتجت لوحات مائية واقعية تميل للتعبيرية في رسم بورتريهات لأشخاص حقيقيين، والفنان عبد الرزاق شبلوط المقيم في برلين الذي ينقل الطبيعة الحية والصامتة بشكلٍ صارم حتى أنه يضاهي بدقته عدسة الكاميرا في التقاط عينه ويده لطّبيعة الأشياء الصامتة في مثل رسمه لأكياس النايلون الشفافة وعلب السردين والماء المنسكب على طاولة زجاجية، بما يشبه فن البوستر الإعلاني.
ولكن الأمر المؤثر هو تأثر التصوير الضوئي بالفن التشكيلي، إذ أصبحنا نلاحظ تطور المهارات التقنية للمصورين الضوئيين وللكاميرات الرقمية الحديثة في اللعب على الصورة وإعطائها بعدًا مفاهيميًّا بعيدًا عن الجانب التوثيقي أو الجمالي البحت، إذًا التصوير الرقمي الحديث يساهم أيضًا في تحوير الواقعي للوصول لأمر أبعد من الواقع الآني، إنه يحاول أن ينتج فنًّا مختلفًا.
لكن إذا أردنا التحدث عن المصداقية، هل هي موجودة فقط بالصور الضوئية الفوتوغرافية؟ ألا يمكن التلاعب بالصور، إنّنا في زمن يمكن التلاعب به في أي شيء فأي شيء يمكنك أن تنتزعه من السياق الأصلي له وتزرعه في سياق جديد تكون قد تلاعبت به خاصة اليوم بوجود التقنيات الرقمية الهائلة. فهل يمكنك أن تتحدث عن الحقيقة بأي شيء؟ أنا شخصيًّا لا أعتقد ذلك إلا بنسبة ضئيلة للغاية. إنَّ تركيزكَ كمصور على نقطة ما وتجاهلك لبقية النقاط يُعتبرُ نوعًا من التلاعب بالحقيقة، ربما كان تلاعبًا مشروعًا لتظهر موضوعك، لكن ما أدراك ما الذي أهملته في الخلفية؟ يبقى إذا الأمر له علاقة بالاختيارات الواعية للمصور، فنجد مثلاً في صور المصور السوري الشاب فادي الياس انتزاعًا للموضوع من السياق العام، انزياحًا عن الواقعي في التصوير الضوئي وتشويشًا للصورة أحيانًا والتلاعب بها وعزل الموضوع عن السياق، وخلق فضاء جديد للموضوع، وتكييف الضوء وتطويعه أثناء التقاط صورة الموضوع، كالصور التي التقطها في المظاهرات الأخيرة المساندة لفلسطينيي حي الشيخ الجرّاح في ألمانيا، من بين جميع الصور التي التقطها فادي للمظاهرات لفتت نظري صورتان تشبهان أسلوبه في التقاط صور أخرى ذات مضامين مختلفة تنحو نحو التجريد وتعطي مفهومًا جديدًا للصورة، إحداهما صورة مقتطعة لجديلة فتاة ترتدي الشال الفلسطيني (السلك) الذي أصبح معروفًا عالميًّا منذ بدايات اندلاع الثورة الفلسطينية ضد الاحتلال الاسرائيلي، إذ إن مجرد رؤية المتلقي للجديلة مع السُلك الفلسطيني سيستحضر عددًا كبيرًا من الدلالات العميقة لهذين الأمرين من الشِعر الفلسطيني، إلى العديد من صور ومرويات الثورة الفلسطينية بكل مراحل تطورها وترحالها، أيضًا هناك صور العلم الفلسطيني مع الطيور والسماء الملبّدة التي تنذر بالتغيير، وقد لعب في درجة وضوح الصورة وقام بتكَسيّر دقة الصورة وبتشظية الموضوع ليعطي انطباعًا مختلفًا تمامًا عن الانطباع الواقعي والمحاكمة الواقعية الأولى للصورة، إذ ستصبح أمام دلالات جديدة ومختلفة، العلم الفلسطيني المعروف منذ زمن طويل أصبح يمثل رمزًا للقضايا العادلة عامةً إذ إنه يمثل رمزًا لمقاومة آخر استعمار فعلي مباشر طويل الأمد على الأرض يعتمد على جدار فصل عنصري، أعادت انتفاضة فلسطيني حي الشيخ الجراح القضية الفلسطينية إلى واجهة الحدث العالمي وأفرزت هذه العودة مستوىً جديدًا للتفاعل العالمي معها. إحدى الصور الملتقطة لهذا الحدث حول العالم كانت صور فادي (وهي صور ملتقطة بكاميرا الموبايل الشخصي) التي ينحو بعضها نحو التجريد. وهي ملتقطة خارج دائرة الحدث للتضامن مع الحدث أما الصور الملتقطة للشباب والشابات الفلسطينين داخل الأرض المحتلة فكانت مختلفة تمامًا. كان معظم الشباب والشابات يبتسمون للكاميرا وهم يعتقلون ويضربون على أيدي جنود الاحتلال. إنهم يعرفون تمامًا أنهم يوجهون رسالة للعالم من خلال الصور سلاحهم الوحيد للبقاء في منازلهم، ولا ننسى أن الصور رافقت القضية الفلسطينية من بداياتها، والفلسطينيون جميعهم يعرفون تمامًا مدى أهميتها. ربما إحدى أهم وأبلغ ميزات الصورة إنها فوق اللغات البشرية جميعها، إنها تشبه الموسيقا. في هذا الأمر لغة يفهمها ويشعر بها الجميع، رغم أن عمل الموسيقا أكثر تجريدًا وتعقيدًا، بينما للصورة لغة بصرية سهلة واضحة سلسة للعقل البشري، في التقاطها الأول قبل أن تدخل عمليات التجريب والتجريد والصنعة الفكرية والفنية.
الشاعر كمصور ضوئي
منذ أن سافر الشاعر والمترجم السوري أسامة إسبر إلى الولايات المتحدة الأميركية، وهو يمارس التصوير الضوئي بشكل يومي وبشغف قل نظيره يستدرج العالم باتساعه إلى كاميرته، يتجول ويلتقط ويكتب، أصبح التصوير جزءًا أساسيًّا من نشاطه الإبداعي اليومي، ما بين الصورة الشعرية والصورة الضوئية الملتقطة بعدسة الكاميرا اتّسعَ فضاءٌ آخر للابداع. ولم ينسَ للحظة، شعريًّا، التقاط ما يحدث في وطنه الأم على الطرف الآخر من العالم، يقول عن علاقته مع التصوير الضوئي في قصيدته شواطئ هاربة:
كان الشاطئُ الرملي
سماءً لخطواتٍ تتحوّل إلى غيوم
يغرق الضوء فيها كسمكةٍ تعلق في شبكة
هذا ما قالتْهُ العين للعدسة
أو العدسة للعين.
لم أعد أذكر.
-٢-
امرأةٌ تتمدّد على الشاطئ
سمعتُ بشرتها تتحدّث.
أو ربما تعزف ألحانًا أرضية
حين رمتْ جسدها في الماء
ارتعش كجناحين.
حلّقا أمام بصري.
-٣-
اندفع كلبٌ فجأة
وركض وراء طيور الطيطوي
التي هربت.
ثم دارت وعادت إلى البقعة نفسها
ربما تعرف أنه لن يفترس أيًّا منها
ربما تهرب وتعود
كي لا تحرمه من متعة اللعب.
-٤-
الكاميرا في يدي ترتعشُ
أشعر أنها حيوان أليف
أو طائر يحلق بجناحيه إلى الصورة.
-٥-
الكاميرا معلقة بكتفي
كأنها جزء مني
أو عضو من جسدي
وحين أمسك بها بين يديّ
يُخيّل لي أنها تقول:
أحبّ أن أكون جزءًا من المشهد الذي ألتقطه.
-٦-
رأيت مصوّرًا
ينصب كاميرته على الشاطئ
ويدقق النظر في شيء بعيد
كان مستسلمًا أمام الشيء
حين ضغط على الزر والتقط الصورة
ظننتُ لثانية أنه اختفى
بعد أن دخل من باب فتحه الشيء البعيد.
تقول سونتاغ في أحد حواراتها "إن اختراع التصوير الفوتوغرافي يكاد يكون أهم من اختراع المطبعة"، لكن الواقع يخبرنا أن لكل عصر تقنياته التي تحاول أن تلتقط وتواكب الحياة البشرية في تطوراتها الهائلة، من الكلمة، إلى الغرافيك على جدران الكهوف، إلى اللوحة، إلى المطبعة، إلى الصورة الفوتوغرافية، إلى السينما، إلى الفيديو، إلى المنصات الإلكترونية، إلى.. لا ندري إلى أين؟ نعود للتساؤل في النهاية هل من الممكن التقاط ما لا يلتقط.. الزمن، بل ربما التساؤل الحقيقي هو: هل يمكننا التقاط أنفسنا نحن في الزمن اللامتناهي!