محمد نعيم*
تاريخ العصامية والجربعة: تأملات نقدية في الاجتماع السياسي الحديث
(مركز المحروسة للنشر، القاهرة، 2021)
جدلية (ج): كيف تبلورت فكرة الكتاب وما الذي قادك نحو الموضوع؟
محمد نعيم (م. ن.): ما قادني ويقودني منذ أكثر من ست سنوات هو سؤال هزيمة الربيع العربي، ولا أعني هنا هزيمة تياراته التقدمية بل أعني هزيمة مجتمعاته ككل بمكوناتها كافة، المنتصرة والمهزومة فيما بدا معركة سياسية وذلك على حد سواء، لدرجة جعلت الأسقف والمعايير أكثر بدائية وبؤسًا تجعل من أسئلة التقدم السابقة على الربيع تبدو وكأنها من زمن بعيد وخيالي.
من هذا الموقع السياسي بالأساس رأيت منذ عام 2016 وجوب إجراء مراجعات فكرية عميقة تتجاوز في جراحيّتها حدود الاشتباك السياسي السابق عليها لتصل لمتن الانحيازات وصدقيّتها، عبّرت عن ذلك من خلال مقال نشرته في موقع مدى مصر بعنوان "أشباح يناير التى تنتظر المراجعة والنقد الذاتي"، والذي كتبتُ فيه عن شروعي في كتابة كرّاس عن أسئلة الثورة المغدورة، إلا أن هذا الكرّاس ابتعد تدريجيًّا عن أسئلة الثورة نفسها إلى محاولة فهم الإطار النظري والاجتماعي الذي شكّل الأدمغة التي طرحت أسئلة هذه الثورة، وحدودها وآفاقها ودوافعها، من هنا بدأ الأمر فيما أعتقد.
(ج): ما هي الأفكار والأطروحات الرئيسية التي يتضمنها الكتاب؟
(م. ن.): للكتاب ثلاثة أبواب، أو لأكون أكثر دقة، ثلاثة مداخل، الأول أسميته خصال صاحبت رحلة التحديث. وفيه، حاولت التأمل فى شفرات التمايز والتمييز الاجتماعي المصري المختلفة بين الطبقات والفئات الاجتماعية والثقافية، وكذا القيم المهيمنة على معاني ودلالات الرفعة والتطور أو الوضاعة والانحطاط، والتي اشتقّيت من خلالها تعريفات العصامية والجربعة.
ثاني المداخل هو ما أسميته بعضًا من ملامح تاريخ السيولة الاجتماعية في مصر، وحاولت من خلاله رصد المحطات التاريخية لعمليات الصعود والحراك الاجتماعي في مصر وسِماتها كل على حدة. سواء قبل جمهورية يوليو 1952، أو في محطاتها الناصرية والمباركية. وخصصت فصلًا خاصًّا لمناقشة ظواهر اعتبرتها استثنائية فى زمنها وهي الأمركة، والهجرة إلى الخليج، والصحوة الإسلامية، والانفتاح السبعيني. وإذا ما كانت الحياة في مصر منذ بداية السبعينات قد تشكَّلَت بمثلَّثٍ، أضلاعه هي: الانفتاح الاقتصادي وهجرة العمالة المصرية إلى الخليج وغزو أنماط الحياة المتأمركة، فالصحوة الإسلامية كانت بمثابة المساحة الداخلية لهذا المُثلَّث والمجال الرابط بين أضلاعه، فكل ظاهرة من الثلاثة على حِدَة كانت مؤثِّرَةً على قطاعات مُعيَّنة في المجتمع أكثر من غيرها، لكن الصحوة الإسلامية شكَّلَت في ظنِّي الحبلَ السُّرِّيَّ الذي يربط كل هذه الظواهر ببعضها البعض.
أما المدخل الثالث فسميته من ملامح أزمة التأسيس الاجتماعي والسياسي فى مصر، والتي اعتَبَرَت أن ثورة يناير 2011 كانت بمثابة إعلانًا نهائيًّا عنها، وأن هذا الإعلان جاء ليبقى طالما لم يتم الاشتباك مع الشروط المادية والموضوعية التي أنتجته، وهو ما جعلني بالضرورة أتطرق لسؤال الجمهورية فى مصر؛ سؤال ابتسارها وإرجائها المستمر باسم عدم اكتمال الشعب الخديج، وأعتقد أن سؤال الجمهورية هذا هو سؤال الأسئلة، سواء في هذا الكتاب أو فى الكتب التي ستليه.
(ج): ما هي التحديات التي جابهتك أثناء البحث والكتابة؟
(م. ن.): كانت تحديات شخصية ونفسية بالأساس، فتوقيت كتابة الكتاب كانت مرافقة لفترة العزلة التي صاحبت تفشي جائحة كوفيد-19. ومثّلت الكتابة محاولة الهروب من الإقامة الجبرية التي فرضتها عليّ ظروفي الصحية ومخاطر الإصابة بالفيروس، رافق هذا تغييب الموت لخالي ولجدتي، وهما كانا - رحمهم الله - من أقرب الناس إلى قلبي وكنت عاجزًا عن حضور مراسم عزائهما نظرًا للسفر والعزلة. أعتقد أن ما ذكرته كان أهم تحد لي، وهو تحدي الإقدام على الكتابة نفسها واستخدامها كأداة للبقاء والحفاظ على الحدود الدنيا من الأمل.
(ج): كيف يتموضع هذا الكتاب في الحقل الفكري/الجنس الكتابي الخاص به وكيف سيتفاعل معه؟
(م. ن.): لست أكاديميًّا، وبالتالي منطق الكتابة بالأساس سياسي ومتفاعل مع جمهور القراء بشكل سياسي وحركي ومباشر. من سيحدد موقع الكتاب من الحقول المعرفية هم القرّاء أنفسهم، بمستوياتهم المعرفية ومستويات تفاعلاتهم مع العمل. أما أنا فلا أستطيع القول أبعد من أنها كتابة سياسية تأخذ من التطور الاجتماعي ومساراته مدخلًا لتكوين زاوية النظر والانحياز.
(ج): ما هو موقع هذا الكتاب في مسيرتك الفكرية والإبداعية؟
(م. ن.): هذه هي المرة الأولى التي أنشر فيها كتابًا كاملًا. أغلب إسهاماتي في العادة تأخذ شكل المقالات التي لا تتعدى أكبرها 8000 كلمة. لكن بالرغم من كونه كتابي الأول، إلا أنني كنت أعي وأضمر تمامًا أنه مجرد مقدمة لما أريد كتابته والاشتباك معه فى المستقبل. لقد أردت من خلال هذا الكتاب تقديم زاوية نظر واسعة وفضفاضة لأفكاري حول التاريخ المصري الحديث، وذلك بغرض التعاطي التفصيلي لاحقًا استنادًا لما قدمته فى هذا الكتاب وانطلاقًا منه.
(ج): من هو الجمهور المفترض للكتاب وما الذي تأمل أن يصل إليه القراء؟
(م. ن.): أثناء الكتابة كنت أضع فى اعتباري جمهورين من القراء، أحدهما شديد الاتساع والآخر شديد الضيق. شديد الاتساع هو جمهور الشباب المهتم بالشأن العام بين سن الـ20 والـ30، فهذه الشريحة العمرية تحتاج فى ظني إلى أعمال تقدم لهم نقدًا على مستوى من الحدة، هم في حاجة له في سنوات الموات والقهر هذه فى مصر، وحاولت ماطبتهم من خلال تبسيط اللغة والصياغات قدر الإمكان واستخدام مجازات حية ويومية. أما الجمهور الضيق فهو جمهور المثقفين والسياسيين المصريين المهمومين بإعادة قراءة تاريخ الاجتماع السياسي كجزء من عملية المراجعة والنقد الذاتي التى أصبح الجميع يعلمون بضرورتها سرًّا وعلنًا.
(ج): ما هي مشاريعك الأخرى/المستقبلية؟
(م. ن.): على المستوى الفردي لدي مشروعان في المدى المتوسط، الأول هو محاولة عمل نقد أكثر تمحيصًا وتأملية فى الوطنية المصرية كأيدولوجيا مهيمنة على المخيال السياسي والاجتماعي المصري، وحدود تصوراتها عن معنى الاجتماع السياسي الحديث وأفقه وأثرها الطاغي على التمظهرات الأيديولوجية الليبرالية والاشتراكية والقومية العربية والإسلامية داخل مصر. أما المشروع الثاني فهو عن ثورة يناير 2011 كلحظة اختبار تاريخي واستثنائي للبنى الأيديولوجية الموجودة فى مصر.
مقتطف من الكتاب
إما إتمام الجمهورية أو الفوضى (من الفصل السابع للكتاب)
إتمام الجمهورية ليست عمليَّةً نظريَّةً أو صياغات متماسِكةً لمبادئ تأسيسية؛ فما أحلى الصياغات وما أجمل ديباجات الدساتير، الجمهورية هي التجسيد المادي لممارسة سلطة الشعب وسيادته في أدقِّ يوميات حياته وببساطة وأريحية؛ فالشعوب ليست مظاهراتٍ كبيرةً وبشرًا تكتظُّ في الميادين، ولا هم بطاقات اقتراع تُعَدُّ وتحصى في مواسم الانتخابات؛ فتلك مجرَّد تعبيرات عن الإرادة الشعبية في لحظات بعينها، ولفترات بعينها، يمكن لها أن تتغيَّر بين فترة وأخرى، فلا المظاهرة الكبرى لحظة تأسيس، ولا التصويت الانتخابي تفويضًا على بياض، الشعوب توجد في حركتها الدائمة، ونشاطاتها الحية، في تنوُّعاتها واختلافاتها. الشعب تجربة اجتماعية وسياسية مستمرَّة، وليست مجرَّدَ قِصَّةٍ مسطورة وحكاية مكتملة، ليس أزليًّا ولا أبديًّا، بل صراعات وتسويات وتوافقات مستمرَّة بين أبناء جماعة بشرية اختارت طوعًا العيش معًا وفقًا لقواعد وقوانين تجعل من عيشها المشترك سببًا للسعادة والرضا والتقدُّم. القواعد والقوانين تلك ليست أزليَّةً ولا أبدية هي الأخرى، بل موضوعًا دائمًا للإبداع والتطوير والمراجعة والتجاوز والخلق.
ولو كانت الدولة مؤسَّساتٍ فالشعوب مُنظَّمات، ولو كانت مقوِّمات الدولة تكتمل بوجودِ وفعاليةِ سُلُطاتها التشريعية والتنفيذية والقضائية وأجهزتها السيادية المُسلَّحة، فالشعوب ليست موضوعًا خاضِعًا لتلك السلطات، بل هي معينها ومصدر عناصرها، ليس بالمعنى الجسدي فقط، بل بالمعنى الروحي والأخلاقي والثقافي، والدولة الوطنية بلا مجتمعٍ حَيٍّ وحر هي سلطة احتلال ضعيفة أسيرة شعبها المحتل؛ لأنها مهما حاولت خلق حواجز ثقافية وطبقية بينها وبين هذا الشعب كي تتمكَّن من ممارسة القهر والتجبر والطغيان بدون وخز للضمير، فهي تظلُّ كيانًا محلِّيًّا في النهاية، لا مهرب له من وطنيته، لا مرفأ آخر له، سلطة لن تحمل عصاها وترحل كما قال عبد الناصر للإنجليز، بل ستنتظر حساب شعبها لها، طال الزمان أم قصر.
ولا يمكن الاستمرار في النظر إلى المجتمع باعتباره عبارة عن مصدر فوضى محتَمَلَة في أي وقت، ثم ننتظر بعد ذلك أي نتيجة إيجابية تصبو إلى تقدُّم أو تنمية، فصيغة المجتمع كفوضى متحرِّكة مقابل الدولة كضابط يطارده هي صيغة لا تُفضي إلَّا إلى إعياء المجتمع وتحطيمه، واستنزاف الدولة وإضعافها في نفس الوقت، ولطالما كانت قواعد العلاقة بين الدولة والمجتمع غير رشيدة وغير مُتَّفَقٍ عليها بشكل توافقي يخلق مساحات للتفاوض والحلول الوسط، فستمتدُّ أزمات الشرعية وتطول وتتراكم الإحَنُ والمرارات، وتزداد مساحات الشك وعدم الثقة المتبادَلَة بين مُكوِّنات المجتمع من جهة، وبين كل تلك المكوِّنات والدولة من جهة أخرى، بحيث تتحوَّل الدولة الوطنية مع الوقت إلى دولة احتلال محلِّيٍّ، في حالة ارتهانٍ مُتبادَلٍ بينها وبين شعبها المُتَّهم منها دومًا بشيء ما.
إن سيادة الشك والريبة وعدم الثقة بين مكوِّنات المجتمع لفترة طويلة لن يفضي إلَّا إلى تفخيخ كل أركانه، بحيث لن يمكننا أن نحدد زمن الانفجار أو مكانه. أكثر الأماكن استقرارًا هي القبور، في التحليل الأخير، لكن أخطر القبور تلك التي تعجُّ بالأحياء الصامتين، ومع صمتهم هذا تزداد الريبة والخوف المُتبادَلُ، فيتحوَّل معه ما يبدو قبرًا مُستقرًّا إلى ساحة لصراع الكلِّ ضِدَّ الكُلِّ، وعملية رهن أي عمل أهلي أو سياسي باشتراطات أمنية شبه مستحيلة، فضلًا عن أنها تُجرِّف المجتمع تجريفًا، وتمسح ذاكرته الحضارية؛ فينحط تدريجيًّا دون أن يدري، حتى يصل إلى مرحلة السقوط الحر، فإنها أيضًا ستخلق ثقافات سرِّيَّةً لا يعلم عنها إلَّا أصحابُها، ولا تخاطب إلا نفسها وفئاتٍ بعينها، بحيث تسيطر التصوُّراتُ النمطية الفجَّة على علاقة أطراف المجتمع ببعض، وتنشأ مستويات من الكراهية البغيضة، ستحوِّل مكونات المجتمع إلى جزر شديدة التباعُد عن بعضها، زيادة عن تباعدها الحاصل بالفعل، وبشكل يُمهِّد الطريق للصيغة الكابوسية لذلك المجتمع المفخَّخ، الذي لا نعلم أين ومتى سينفجر.
لا شكَّ أننا نعيش أزمة سياسية ممتدَّة منذ صيف 2013، لكن لم تَعُد تلك هي المشكلة الأولى الجديرة بالتعامل الآن، فبالنظر إلى الوضع الذي ترتَّب عليها لاحقًا، سنجد مستوى غير مسبوق من تجفيف ومحاصرة لكل نشاط سياسي أو إعلامي أو ثقافي، تحوَّل معه أي إنتاج رمزي إلى موضع اشتباه في حدِّ ذاته، وبعد أن كانت الصحافة تتفاخر تفاخُرًا أدبيًّا بأنها سُلطَة خامسة، أصبح الشعار الحالي هو "الصحافة ليست جريمة"، وانحدر مستوى الإعلام المرئي والمسموع إلى مستويات من الانحطاط لم يكن على بال أكثر الناس تشاؤُمًا أن تصل إليه، وسادت حالة من التفاخُر بالجهل، والاستثمار فيه، لدرجة خروج الصحف علينا بين يومٍ وآخر بأخبار عن مخترعين صغار من أطفال مدارس الأقاليم تمكَّنوا من كسر قوانين الجاذبية، أو صنعوا مركبات تتحرَّك بدون طاقة، كما لو كان هناك رسالة مطلوب إيصالها لكل متعلِّم في مصر أن وجوده لم يَعُد مرغوبًا فيه إلا بقدر ما ظلَّ صامتًا أو غير موجود بالفعل، فنحن صِرنا إزاء حالة أشبه بالعداء الغريزي لأي فكرة مُركَّبة وأي مغزى مُعقَّد. يتم التشكيك فيه بداهة باعتباره أوَّلَ الطريق إلى عودة " كابوس" ثورة يناير مرة أخرى، حتى وصلنا إلى مرحلة يتسيَّد فيها العداء للمثقفين أو إلى أي فكرة نقدية، عداء لم تشهده مصر منذ شروع الوالي عباس الأول في إغلاق المدارس الحديثة، وترصَّدَ لكلِّ مظاهر التفكير الغربي منذ ما يقارب 180 عامًا.
والحقيقة أن الصيغة الحالية للحكم في مصر مُحيِّرة بالفعل لكلِّ ذي لُبٍّ، وفقًا لأي معيار، فالبُسَطاء ينظر إليهم كعبء كسول غير منتج بشكل كافٍ، وغير متعلِّم بالقدر الذي يجعل قوَّةَ عمله ماهِرةً وفارِقَةً، والمثقَّفون يُنظَر إليهم كخطرٍ مُستمرٍّ، أو ربما هم أكبر خطر على مصر، كما صرَّح رئيس اتحاد الصناعات الأسبق محمد فريد خميس منذ خمس سنوات تحت قُبَّة الجامعة البريطانية في القاهرة، وكأن مصر كلها أصبحت تحتاج إلى إعادة تربية من جديد، هذه ذهنية تفتقر إلى التواضُع والحكمة. الوضع الحالي أدنى من أن نتحدث في الشأن السياسي به، وأركانه المأساوية؛ فما أصبح محلًّا للتفاوض الآن هو تراث التجربة الحضارية المصرية المستمرَّة منذ عهد محمد سعيد باشا، على كل عوارها وسوءاتها وأزماتها، تراث الصحافة وتقاليدها، ما تبقَّى من حيثية للجامعات المصرية علًما ونشاطًا، محاولة استعادة جودة إعلام مصري انحطَّ إلى الحضيض، بل حتى عودة جماهير كرة القدم إلى مُدرَّجات الملاعب، ببساطة: الكفُّ عن التعامُل مع كل ما هو مدنيٌّ باعتباره موضوعًا للاشتباه والتَّشكُّك في نواياه أو في أخلاقه أو في ولائه لمصر.
الوطن هو تجربة اجتماعية مستمرَّة، وليس نَقشًا فرعونيًّا على حجر منذ آلاف السنين، تجربة اجتماعية حيَّة، أساس العلاقة فيها بين المواطنين ببعضهم البعض أو مع الدولة ليس الاضطرار أو الارتهان المتبادَل، بل سيادة القانون القابل للتنفيذ فعلًا، استنادًا إلى عقلانيته ومشروعيته، في وقتٍ أصبح وضع مبادئ جديدة لجمهورية جديدة أمرًا مُلِحًّا وليس تَرَفًا؛ لأن الجمهورية الجديدة هي المحطة الأكثر إمكانًا وعقلانية في مسيرة مصر نحو نحو الأمام، وعِوَضًا عنها سترتدُّ البلاد إلى صِيَغٍ سلطانية تقليدية، ستُدمِّر تمامًا أُسُسَ الدولة الحديثة بكل مقوِّماتها المادية والرمزيَّة، وبدونها لن نجد سبيلًا لأزمة الشرعية الطويلة والممتدة لعقود طويلة، والتي -بمنتهى الأسف- تزداد تعقيدًا يومًا بعد آخر، بشكل لا يجعلنا نملك تَرَفَ كَتْمِ الشهادة أو التَّنطُّع على التاريخ، أو حتى التضرُّع إلى السماء.
*محمد نعيم، محلل مالي ومصرفي سابق. ناشط شيوعي منذ منتصف التسعينيات، وأحد مؤسسي تيار اليسار الديمقراطي في مصر منذ منتصف العقد الأول من الألفية الجديدة. كاتب ومشتغل بالفكر السياسي وسبق له النشر في صحف ومواقع المصري اليوم ومدى مصر والمنصة ومنشور، باللغتين العربية والإنجليزية.