صفاء خلف
(شهريار للتوزيع والنشر، بغداد، 2022)
[صفاء خلف: شاعر وناقد، مواليد البصرة 1982، ناشر ورئيس تحرير مجلة "نثر" الفصلية (2010 - 2011)، عضو اتحاد الأدباء والكتاب في العراق، من مؤسسي نادي الشعر في البصرة في دورته التأسيسية (2007 – 2008)].
جدلية (ج): كيف ولدت فكرة نصوص المجموعة؟ ما هي منابعها وروافدها، ومراحل تطوّرها؟
صفاء خلف (ص. خ.): فكرة المجموعة الشعرية الجديدة بُنيت بالتراكم مكانياً وزمانياً على مساحة ١٠ أعوام تقريباً، فمنذ أن أصدرت مجموعتي الشعرية الأولى (زنجي أشقر – ٢٠١١) ظل التفكير الشخصي حول الهوية الذاتية المغتربة بتعدد الأمكنة مُثاراً، ويبحث عن إجابة تعيد ترتيب (الانتماء) وصولاً إلى العثور على هوية مستقرة في ظل تداعي العالم القديم الذي قدمت منه، ونشوء عالم جديد مليء بالتقانات التواصلية لكن بلا روح تجسد المعنى العميق لوجودنا، فالعالم الجديد لا يوفر لي سوى المزيد من الشكوك والعمى النفسي وسط رياح القلق العاتية التي تعصف برغبة المكوث في مكان واحد، لذا كانت المجموعة خيط متصل من انتقالات مكانية بين مدن قد لا تشبه بعضها، لكنها كانت ملاذاً من الانجماد الروحي نتيجة تهشم المدينة الأم (البصرة)، التي حضرت بقوة داخل المجموعة لا وعياً أو حتى تخطيط مسبق، وكأنها تقيم بداخلي وعينها على كل المدن، من اجل ان تنجو هي الأخرى من مصيرها المُعتم.
الكتابة الشعرية اليوم، ليست كما الماضي، كما أنها ليست استعمالاً جديداً للغة أو استنطاق لها، بل إن واحدة من مهامها المجيدة، هي إعادة الاعتبار للذاكرة وترميمها، وابتكار ابعاد مدهشة وخلاقة لفكرة ان نوجد في الآن، ونكون مسؤولين عن حركة التاريخ أو المجتمع أو حتى الأفكار نحو المستقبل، بمعنى ان الكتابة الشعرية - اليوم - هي "ذاكرة المستقبل" غداً. وشخصياً لست ميالاً إلى الكتابة التجريدية العمياء، وكأنها تهويمات لفظية تركض وراء الغموض ولا تمنح القارئ نافذة ليطل على التفكير أو حتى الاستمتاع بما يقرأ.
فاستحضار الذاكرة الشخصية أو الفئوية القريبة للأمة أو الجماعة أو حتى استعادة منطقة الطفولة باعتبارها تجربة فردية خاصة وتملك من الحميمية ما يفوق أي تجربة أخرى، على عكس الموت فهو محطة عمومية غير محببة ولا تنطوي على مخاطرة سوى أنها تقود إلى انقطاع المغامرة مع الحياة. لذا أجد أن الكتابة هي استكشاف للكيفية التي تشكلت بها تلك الذاكرة والمؤثرات الداكنة أو المرحة التي صاغتها لتكون مخيالاً وخطاً بيانياً صاعداً أو ممتداً. هنا يمكننا أن نقول إن الكتابة الشعرية الجديدة هي تجسيم لعالم متعدد الأبعاد، لا ينطوي على سيرة واحدة، بل مصائر متقاطعة، تتداخل فيما بينها بخفة وثقل معاً، وبحرفة صانع عطور تمتزج تلك الحيوات دون أن نلحظ غرابتها.
ويمكنني القول، بأن هذه المجموعة صاغت نفسها بنفسها بتأن وبطء، ونمت إلى جواري بهدوء، بينما أنا منشغل بالتنقل والبحث عن هويتي في عالم يضيق ولا يتسع، ولعل ثمة نصوص انبثقت كفكرة، فقط فكرة تتوغل في أحراش التفكير، الضغط اليومي، زحمة المخاوف وكوابيس اليقظة والنوم، ثم تولد مثل اليراعة وتبحث عن الضوء أو تتجه إلى العزلة.
وإذا ما أردنا تأصيل المنابع الحقيقية لنصوص المجموعة، فاعتقد ان منابعها كثيرة بتعدد الحيوات المعقدة التي وجدتني مشتبكاً معها، لكن المنبع الأكثر اصالة؛ هما مركبا (الطفولة/ المغامرة). فالطفولة هي المنطقة الآمنة، العناق الدافئ مع السكينة التي تفتح لي بوابات اللغة الرائقة الرئيفة بصناعة الصورة وصياغة المعنى. الكتابة الشعرية قد لا تتسم بمنطق الرواية أو القص، لها منطقها المختلف، تقنياتها تشبه الطريقة التي تتحد وتتقاطع بها المصائر، حيث لا منطق يحكم تلك العلاقات سوى الاشتباك المستمر، ويمكن القول إن تكنيك الكتابة الشعرية ديالكتيك حي ومتدفق ولا نهائي ومبهر، إذ يقود دائماً إلى طرق لا مرئية في التفكير، ويفتح مسارات رؤية داخل العقل، وهذا ما يجعلني مشدوداً إلى الشعر بوصفه مساراً غير حاسم ونتائجه غير متوقعة وتظل مفتوحة دائماً.
(ج): ما هي الثيمة/ات الرئيسية التي تحتوي عليها؟ ما هو العالم الذي تأخذنا إليه النصوص؟
(ص. خ.): يمكن أن نعتبر المجموعة حفائر اجتماعية، فضلاً عن كونها عملاً شعرياً و نثرياً جمالياً، فالحقل الذي تتحرك فيه المجموعة نصوصاً وشخوص، هو حقل مكاني - زماني تفاعلي، ينطلق من علاقة الكائن مع ذاته وبيئته ومؤثراتهما، ويلقط التحولات ومآثر الزمن، وكيف يتبدل الحال إلى أحوال تتشعب وتتنامى، لذا فكرة أن الكائن ينطلق مندفعاً لـ(الخروج إلى المسرة) التي لا يجدها في بيئة القرية ومنزل الجدة والنهر الصديق إلى عالم أكبر شاسع يمنحه البهجة المفترضة والأفق المفتوح الذي هو المبتغى، ففي المجموعة نتتبع رحلة الكائن من القرية إلى المدن والمتاحف والمقابر والشطوط الجميلة الزرقاء والسفر عبر الزمن إما إلى الماضي أو إلى المستقبل، وحتى تجربة الفضاء السيبراني الافتراضي وهو يدلف إليه الكائن خائفاً متوجساً كانت حاضرة. لكن بعد الرحلة التي تقلب فيها الكائن بين السماء والأرض واليقظة والحلم، يجد أن فضاء القرية الذي كان يتوق للانعتاق منه، كان أرحب من ضيق العالم الواسع الذي هو فيه الآن، وأمنيته أن يعود مجدداً إلى البساطة بوصفها المفتاح الثامن للمعرفة والسكينة الروحية. لذا يمكن القول إني مقيم في الذاكرة، أو مواطن ذاكراتي.
حينما كتبت نصوص المجموعة على فترات زمنية متقاربة ومتباعدة، وتحت ظل مدن وأفياء متناثرة ومختلفة، لم يكن ثمة تفكير بما يمكن أن تعبر عنه يوماً كنص جامع في كتاب، فالكتابة كانت تجيء وتذهب مثل هبوب رياح رحيمة بشمعة صغيرة، لكنها أحيانا تشتد كعاصفة غاضبة تريد أن تهشم رأس كل الأفكار وتظل وحيدة.. وبذا كانت النصوص التي لم تكتب في زمن واحد، كأنها ولدت معاً، على سبيل السيرة الذاتية - الجمعية والتجوال بين المدن والتنقل عبر أزمان وحيوات تتباعد وتتقارب كزمن دائري.
المجموعة تسرد نثراً، أحداثاً وأقاصيص وحكايات وتأملات ويوميات ومشاهدات بدءاً من بيت النازحين إبان الحرب العراقية – الإيرانية، حيث ولدت في البصرة، ومآسي حرب الخليج الثانية (١٩٩١). والتجربة المُرّة لحقبة الغزو الأميركي في ٢٠٠٣، وما تلاها من الانتقالات، مروراً بالمُدن التي أقمت بها ناشئاً ومطارداً ومشرداً ومرتحلاً ومقيماً كالبصرة، بغداد، الكوفة، بيروت، باريس وبرلين، هي حفائر تاريخية تستقصي تحولات المكان والزمن، وتعيد إنتاج اليوميات بوصفها شهادة قيّمة على حياتنا المضطربة.
وفي التجربة الجديدة، ثَمَة سرد شعري يستثمر تقنيات الكتابة الجديدة، ويستكشف مدى شفافية اللغة وتوظيف طاقاتها الحسيّة وجماليات الصياغة الشعرية للتعبير عن الهموم اليومية والمآزق الاجتماعية والاغتراب وتحولات الناس والأمكنة عبر (٣٢) نصاً تصدرتها افتتاحية مشبعة باللايقين: (لِلأيام فَراسَتها؛ وللزَّمَنِ نارهُ التي تُنضِجُ البَشَرْ/ فَمَنْ يَفْتَح باب المَودَّة، المُحْكم بالظنونِ السَّيْئَةِ؟).
التركيبة كانت مزيجاً من كتابة شعرية ممزوجة بالسرد، ففي كل نص ثمة حكاية، ومنها تتدفق حكايات، فالمخيال الذي استثمر خزائن من المشاهدات والتأملات والأحداث الكبرى، أيضاً كان يروح مطواعاً إلى التجارب الشخصية في المدن، حيث تتمشى حياة البشر وتتعارك وتسيح على قماشة التجربة الإنسانية وتنتظر من يلقطها ويحولها إلى فسحة تأملية، لكن اكتشفت أني مثقل بتجارب عديدة، حتى تلك التي لم أخضها، وجدتها تحتل شقوقاً وزوايا بداخلي، لذا اعترفت بواحدة من النصوص بأني: "عِشْتُ مِثْلَ أَثَرٍ... أَنْمو وَالطَّبَقاتُ تَتَكاثرُ عَلَى رَأسي"، مثل المكان الثابت وهو يراقب نفسه متحولاً عبر متغير الأزمان، وهو ما أسميه بـ"المكان المُزْمن".
يا للأسف، وجدتني أعيش مغترباً في خريف المدن العربية الكبرى مثل البصرة وبغداد وبيروت ودمشق، يحدوني إليهن شوق تاريخي قديم مندفعاً بكل المحمولات الفكرية التي أنتجتها لنا تلك الحواضر الثورية العتيدة، وكأني أبحث عن زمنها اللامع، لكني ما وجدت سوى مدن منطفئة منكوبة تنتشر بها خرائب وكتل بشرية تختبئ وراء أسوار طائفية وخطوط تماس وإنكار هائل للمنزلة العظيمة لهذه الحواضر، وشخصياً كنت أبحث عما يمكن أن أعتاش عليه من ذاكرة وفكر وقوة روحية شحيحة تبقت بتلك المدن، وما وجدت. حل الخراب وكأنه انتقام ينبعث من كهوف القسوة ليحطم تاريخاً عملاقاً من التنوير. فحتى (الربيع العربي) جاء بالتزامن مع خريف الحواضر العربية! فأي مفارقة تاريخية هذه، بأن يكون ربيعك خريفاً؟
(ج): كتابُك الأخير عبارة عن مجموعة شعرية، هل لاختيارك جنساً أدبيّاً بذاته تأثير فيما تريد أن تقول، وما هي طبيعة هذا التأثير؟
(ص. خ.): مثلما أشرت في جزء من هذا الحوار، إن الكتابة الشعرية تمتلك ديالكتيكاً حياً ولا نهائياً، ويقود إلى طرق لا مرئية في التفكير، وهو ما يجعلني مشدوداً إلى الشعر بوصفه مساراً غير حاسم ونتائجه غير متوقعة وتظل ازدهارات الوقائع فيه مفتوحة دائماً... لكن أيضاً؛ إن مفهوم تجنيس الكتابة قد يكون احتمالاً انطوائياً للتجربة إنسانية حرة، ولعله أقرب إلى محاولة خلق منطق لطريقة تفكير أكثر استقلالية من المنهجية المعتادة في تسمية صنوف الكتابة، وربما فيه هيمنة أكاديمية بحتة، بمعنى آخر، وببساطة: ما الذي يجعل الشعر شعراً، والرواية رواية، والقصة قصة، مثلاً؟ هي حزمة التقنيات والقواعد والمراقبة التي يفرضها حراس كل صنف من صنوف الكتابة لحراسة منطقتهم من اعتداءات يرونها شنيعة من قبل آخرين يصلحون أن يكونوا شعراء فقط، أو قصاصين فقط. لكن هل تحتمل الكتابة كل ذلك الآن؟ كل صنف من الكتابة له مهاراته وجمالياته ودروبه السرية وتقاناته المبهرة. لكن لي اعتقاد، الفطرة هي من تقود الكاتب إلى اختيار جنس كتابته. إنها تجربة فردانية بحتة تشبه المسحة البايومترية والتركيبة الجينية، ولا يمكن لأحد أن يكون حاسماً في تبرير لِمَ يكون شاعراً، فيما غيره روائياً، وآخر موسيقياً... وهكذا. لذا الكتابة تجد صاحبها بالطريقة التي تتفاعل بداخله الأفكار وتشتبك باحثة عن اللغة الأكثر طواعية للتعبير عن نفسها.
وكما أشرت، إن المجموعة كتبت على سبيل الكتابة الشعرية نثراً بتقنيات السرد. كيف يمكن أن نُجنس هذه الكتابة؟ أعتقد أن جنسانية الكتابة متأتية من مؤثرين أساسيين: الشكلانية والبنيوية، فالأولى تمنح الكتابة صفتها اللغوية الجمالية باعتبارها أدباً خالصاً، والثانية تجعل من الكتابة الأدبية منطقة شديدة الخصوصية من حيث المنهج والبناء والتقنية والعلائق النصية ومنطق الشكل العام للنص. لذا حين يتم التمرد على هذين الأساسين، ينمو الجدل حول شرعية النص، ومدى انتمائه إلى الفضاء الأدبي. لكن بالنتيجة مثلاً: يخضع المكان إلى تأثيرات الزمن بفعل الحركة التاريخية العمومية للآدمية، أيضاً الكتابة محكومة بالمؤثرات ذاتها، وتقع بمأزق ضرورة التحديث. لذا الجنسانية الأدبية في عالم اليوم، لا يجب أن تكون قائمة على انفصال الأجناس، بل يجب أن تقترب من تجريبية استضافة تقنيات مختلفة في النص الواحد، حتى يمكن ابتكار كتابة حرة قادرة على التفكير والتعبير في الآن نفسه.
يحلو لدور النشر أن تصنف المنتجات الأدبية على سبيل الاعتياد، والخوف من بقاء أي نص بلا بوصلة تقود المشتري/ القارئ إليه، لكن هل تفحص دور النشر – في العالم العربي حتماً – جنسانية النتاجات الأدبية، بالعادة يحاول الجميع أن تكون هوية النص واضحة منعاً لكساد النص أو حتى تأويله. نحن لا نملك شجاعة أن نقول إن هذا المنتج تحديداً رائع، وهو نص بلا هوية، أو ننعته بـ(اللا نص)، لكنه بالنهاية نتاج يحظى برصانة اللغة والجودة الفكرية والابهار الجمالي، لكنه غير مصنف. الإشكالية لدينا اليوم هي إشكالية تصنيف. وأعتقد أن عطالة النقد العربي وجموده متأتية من جمود النص العربي المنتج تحت قسوة التجنيس والتعليب والتصنيف، فحتى يزدهر النقد وتنفتح آفاقه هو بحاجة إلى نصوص حرة مكتوبة بجودة وعي منفتح.
(ج): ما هي التحديات والصعوبات التي جابهتك أثناء الكتابة؟
(ص. خ.): ثمة ثلاثة تحديات: اللغة، التكنيك، نمو النص. ولأن النصوص كتبت في مناخات مختلفة كلياً عن بعضها، وكأني مثل الجني الذي يتقافز، كان من الصعوبة ضبط لغة وتكنيك كل نص. وحتى لا تبدو نصوصاً متنافرة ومشوهة وكأنها مقتطعة من سياقها ومنطقتها وحرارة الفكرة التي خلقت منها، كان شاقاً أن أعود لمعايشة كل نص مجدداً بزمنه وبيئته والقوة الحسية التي تدفق منها، واستعادة الاشتعال النفسي الذي أحدثه، وبالطبع فإن اللغة التي تولد بالفطرة من الاستحالة أن تخضع لسطوة التعديل لاحقاً، ذلك أشبه بأن "يقوم جراح بعملية قلب مفتوح بنفسه لنفسه" على حد وصف إدواردو غاليانو. وعلى سبيل مداراة كل نص بظرفه وكينونته، كان لزاماً أن أقترض من الزمن والحياة اليومية، عزلة حميدة، ولحسن الحظ أنها كانت ببيروت في شتاء العام ٢٠١٨. كان شتاءً دافئاً روحياً ومكانياً، فالقلب كان مزداناً بعاطفة جياشة، والذاكرة متوقدة كأنها شمس فوارة تسطع في مدار العقل.
مكثت في غرفة مستأجرة في إحدى سقوف بيروت مسافة ثلاثة أشهر مع قط كان صديقاً لي وألهمني كثيراً، في معايشة النصوص. بعضها خضع لإعادة كتابة، وأخرى استلهمت فكرتها الأصلية وكتبت من جديد كلياً، وثمة نصوص عاجلة ولدت فجأة من رحم هذا العصف الشعري، ولم أمانع أن تكون جزءاً من تجربة متأنية.
تحدي اللغة كان ضاغطاً. كيف يمكن صناعة نص بلغة تتسرب إلى القارئ بخفة؟ صورة تنطق بلا لغة؟ أن ينتقل القارئ إلى المكان والزمن الذي أريد، ويشم ذات الروائح، يتحسس صخوراً ومدن وحيوات وميتات، تغمره النشوة حين يشتد به العرفان، فيبصر ما أبصرته وما سأبصره. كانت هذه هي المهمة الأكثر شقاءً.
وبخلاصة تلك التجربة، وجدت: أن ما لا تقوله المفردة في الشعر، هو سياقها في الكلام، وما لا يقوله الكلام في الشعر، هو مضغ المفردة حتى تفقد قيمتها في التأويل، لذا صناعة أي جملة شعرية يجب أن لا يتعارض مع الفيزياء وأن يستلهم من الكيمياء براعة مزج العناصر. وأن توضع المفردة في الجملة بمنتهى الإدراك، وأن لا يتعامل الشاعر مع التهويم اللغوي الخادع على أنه باب تأويل لاسيما في قصيدة النثر، فتلك انتهازية وانعدام خُلق شعري، يجب أن ينتقي الشاعر مفرداته بحكمة ويصنع جملته الانيقة بلغة نفيسة وخفيفة ومحكية، ولا تدخل في تيه التشبيهات الممضوغة، فالكتابة ليست مكب نفايات لعقل مشوش.
كما أن تستضيف السرد في نصوص شعرية كتبت نثراً، أيضاً فيه مشقة. فالشعر لا يحتمل أن يكون حكاية، فالحكاية تستوجب مناخاً ومساحة لتتمدد عليها وتسيح مثل نهر يفيض تحت أفياء قرى ناعمة، وهنا تأتي إشكالية كثافة اللغة الشعرية والاختزال الذي فيها، وبين الحكاية التي تريد تقصي التفاصيل، ولأني أميل إلى الجملة القصيرة الدالة المكتفية بنفسها في المعنى والدلالة والإحالة، كانت فكرة أن تمتزج اللغة الشعرية بتقنية السرد، بأن تكون الجملة بنفسها مستقلة واضحة وجريئة وتمنح نفسها للقارئ ولا تمنح. بأن تظل فيها تلك اللسعة الحارة لما تخفيه وما تسكت عنه.
ثمة تقانات عظيمة تعبر عن أصالة اللغة العربية، بأن الجملة فيها تكاد تكتفي بنفسها إن أرادت، وتتعدى إلى ما يجاورها إن احتاجت إلى رفقة حتى يتم المعنى، ولعل ملحمية اللغة في القرآن ونصوص التراث العربي مثلاً، هي المثال الأسطع بوصفه نصاً نثرياً وجمالياً، تفوقت فيه اللغة بصناعة الصورة عبر صياغات مختزلة، لذا وجدتني مفتوناً بتلك الجماليات كفن لغوي رفيع، والتفكير في لغة عصرية تجذب لها القارئ وتدهشه. لذا كانت اللغة الرائقة المطواعة بجملة قصيرة مختزلة هو التكنيك الذي أحببته.
(ج): ما هو موقع هذا الكتاب في مسيرتك الإبداعية؟
(ص. خ.): موقعية كتاب أو منتج أدبي ما في حياة أي كاتب، من الصعب أن تُصنف على أنها مرحلة تنسخ ما قبلها وتؤسس لما بعدها – ابتكاراً من فكرة الناسخ والمنسوخ -، وأيضاً ربما فيها نوع من التجني على النضج الفكري للكاتب نفسه، بمعنى لا يمكن أن ننتقص من مكانة كاتب ما بناءً على تجربته الكتابية الأولى، أو أننا ننبهر بالتجربة الكتابية النهائية له. الكتابة تتطور بتطور وعي الكاتب وإدراكه العميق للغته وأدواته وطريقة تفكيره والمؤثرات التي تظل تطرق آفاقه، ولكل مرحلة كتابية حلاوتها وشغفها. لذا كتابي الجديد، في حقيقته هو طرق متأن على خامة التفكير والتجربة، فحين يمنح الشاعر لنفسه زمناً كافياً لمراقبة تطور اللغة والتفكير وبناء التقانة، إنما يستثمر الخبرة التي تتراكم، فيقتني منها ما يجده صالحاً لأن يكون مادة فاخرة للكتابة، لذا الكتابة العجولة تُضيّع على الكاتب اكتشاف قدراته الجديدة. وأنا أعتبر هذا الكتاب هو عتبة جديدة لاكتشاف حقل التجربة الذي ما زال شاسعاً وممتداً.
التجربة الشعرية الأولى (زنجي أشقر - ٢٠١١)، كانت مندفعة بفعل الهياج الروحي والانشداد إلى الرفض بقول كل شيء، كان اشتباكاً مع اللحظة التي كنت أتكون بها فكرياً، كنت محملاً بتناقضات عجيبة، كأي طفل خرج من القرية إلى فضاء المدينة ملتحماً بالأيديولوجيات وزحمة البشر الراكضين وراء مصالحهم مع تهشم منظومة القيم وانهيار الدولة وأزمة العلاقة مع فكرة الاحتلال العسكري. كان زمناً فاصلاً بين زمنين، عالم قديم منهار، وعالم جديد محتار. وحين أصدرت المجموعة كانت النقائض تصرخ بداخلي كسجين حُر، يبحث عن الخلاص برفض حرية مشبوهة ومغموسة بالثأرية والانسحاب من فكرة الأمة إلى حضيض الطائفة من جهة، ومن أخرى يسعى إلى الانعتاق من الفوضى إلى محاولة ترميم عالمه الممزق بكثير من الغضب والانعزال وشراسة توكيد الفردانية بعيداً عن القطيع.
لكن مع التجربة الجديدة، ومع الخروج من المكان المحلي إلى التعالق مع ثقافات وأمكنة وأنساق فكرية وحياتية جديدة، هدأت تلك العاصفة المخيفة، وبات التأمل وكتمان الغضب هو الحاكم، وباتت الأفكار تنساب بعفوية العارف بما يريد قوله بحكمة، لا بما يريد أن يصرخ به.
(ج): هل هناك نصوص كانت ذات تأثير خاص، أو قرأتها أثناء إنجاز المجموعة؟
(ص. خ.): القراءة فعل يومي، ديناميكية لا تنقطع. من الصعب أن أحدد تأثيرات مباشرة للقراءة على نصوص المجموعة، لكن بالتأكيد وحتماً هناك تأثيرات لا مباشرة أسقطت نفسها كتداع حر في النصوص. هنا أود أن أشير إلى تجربة شخصية أجدها طريفة ومحببة أيضاً، وهي تنبئ عن الكيفية التي كتبت بها الحكاوي والحواديت في المجموعة، مثلاً هناك نص قصير اسمه: (دَفْتَرُ الجَدَّة)، يحكي عن متلازمة الاحتلال التي أصابت العراق منذ نشوئه التاريخي، وكأنه فعل اغتصاب مبرر، يشبه الدلالة الرمزية لمجسم (أسد بابل)، حيث الأسد يفترش سيدة على الأرض، هذه الصورة المُرمّزة لاختطاف الإرادة وسلب المصير، ظلت حاضرة في ذهني متأتية من حوار عفوي خجول مع جدتي لأبي السيدة شفيقة، كنت طفلاً يافعاً أقلب في ليلة شتائية كتاباً حكومياً عن الآثار العظيمة لوادي الرافدين، استفزت صورة (أسد بابل) السيدة شفيقة، سألتني عما ينطرح تحت الأسد، أجبتها أنها امرأة. جدتي صمتت، لكن نظرتها أفصحت عن كل شيء. في النصّ استحضرت تلك الحادثة كحكاية ثلاثية الأبعاد: (متلازمة الاحتلال/ الأنوثة المسلوبة/ الزمن الضائع). هذه واحدة من المؤثرات السيميائية التي تسعفنا بها الذاكرة.
أو مثلاً في نص آخر، كُتب هرباً من الشمس الصيفية الحارقة في بغداد، وعنونته (خبل استوائي)، هو نص كوزموبولتي ثقافياً، بانوراما ورحلة في أطياف مدن وتجارب وكتاب وأعراق، يتنقل عبره القارئ من ثقافة إلى أخرى، من حكاية إلى مدينة، من كاتب إلى نقيضه. أعتقد أن هذا النص هو الأكثر الذي بانت فيه التجربة القرائية عموماً، ففكرة النص تنطوي على هوية الإنسان المتعددة بثراء التجربة الآدمية، وأن أي محاولة لحصر الفرد في صفة أو عرق أو ثقافة، إنما هو استعداء لفكرة ديمومة البشرية، وقتل لروح الاستكشاف العجيبة التي ندين لها بفضل التعايش السلمي.
(ج): هل تُفكّر بقارئ محدّد أثناء الكتابة، صفه لنا؟
(ص. خ.): أفكر بقارئ تتلاطم برأسه الأفكار. في زمن ما من طفولتي، في القرية، كان الكتاب والجريدة والمجلة هي التي تصل إلي، لكن في المدينة كنت أنا الذي أسعى إليها. لا أعني أن مكانة القرية أعلى من المدينة، لكن القرية توطن الإنسان على التركيز، فيما المدينة ترغمه على التشتت. لذا أنا أفكر بالقارئ الذي تنتابه شراسة الحياة الحديثة، وتشعره بمزيد من الاغتراب والضياع والثقل النفسي والاكتئاب، وثمة أناس كثر يهربون من التفكير مخافة أن يسقطوا في دوامة من الأسئلة العسيرة التي لا تلقى إجابات، أو يخافون من مواجهة حقيقة الزمن الذي هم فيه. وأفكر أيضاً بكثيرين ضاعت حيواتهم في الحروب والشتات والنزوح أو الهرب من مصير داكن فيلاقون مصيراً أسوأ. فالكتابة لدي هي المضي بالقارئ إلى المنطقة التي يستطيع بها مقاومة مخاوفه، فهم المتغيرات من حوله، مشاركة التجربة معه، الإجابة معه عن الأسئلة المحيرة، العودة به إلى ضفاف آمنة ورحيمة، استفزاز منطقة الجمال الكامن خلف ركام صخور القسوة التي تساقطت من الصراع اليومي مع الحياة، هذه نقطة هامة في الكتابة، بأن نستفز الإحساس والجمال الداخلي، إننا هنا نعيد الفرد إلى آدميته... إلى روح مشرقة انطفأت. أي فرد يشعر أن ثمة من يسنده يستطيع الاستمرار بالمقاومة، والكتابة هي إسناد لمن يعانون من الوحشة الروحية والوحدة الشرسة، طاقة لا مرئية تعزز الأمل، وتمنح اليائس واللامرئي إحساساً بالقيمة.
(ج): ما هو مشروعك القادم؟
(ص. خ.): أفكر بملحمية الإنسان في العصر الآلي، حيث تُستنزف إنسانية البشر قبالة منح حقوق أكبر إلى الآلات والسحائب الرقمية، فيما يظل الكائن الآدمي مهجوراً ولا يراعى وجوده إزاء تضخم الوجود الافتراضي، وفي السنوات المقبلة حينما يشيع (الميتافيرس - Metaverse) هل سيتبقى للآدميين من قيمة؟ البشرية آخذة بالتدهور السريع نحو مزيد من الاستهلاك الغبي وتدمير الطبيعة وحرق الكوكب، وحينما يفقد الإنسان قيمته، فإن وجوده يتحول إلى عبودية ساحقة. وفي العصر الرقمي ستكون عبودية لامعة وبراقة، والجميع سينساق نحوها بروح القطيع. لذا أفكر بعمل يشجب التوحش الرأسمالي ويدين الأيديولوجية الرقمية وينتصر لفكرة العودة إلى الطبيعة، لا بد من جبهة ضد عبودية الزمن الحالي، وأن نكون أحراراً تحت شمس غير مقيدة. إنها الفكرة التي تجول في رأسي وتتبضع من الرفض الذي ينمو بداخلي يومياً لعالم يأكل الشراهة ويدمر البيئة ويحطم القوة الرشيدة للكوكب بعبث لا متناهي من انعدام المسؤولية والتفكك الأخلاقي وسقوط القيم وسيادة التفاهة.
مقتطف من الكتاب
عَالمٌ فِضيٌّ يَرْقِدُ مَيْتاً...
الشَّمْسُ البَيْضاءُ تُشرِقُ عَلَى البَّحْر الفضيْ. العُشْبُ المُتَجَمِدُ يَنْمو بِضراوة الحَقيقة التي تُولَد مِنَ العاصِفة. فُروعُ الأَشجار اليابِسَةِ تَدَّخِرُ خُضْرتِها كالحَكيم الذي يَشْرَب الصَّبر وَيكتَنِزُ الرَّأفةْ.
هُنا،
فِي القِبلةِ الرَّماديةِ المُطلّة عَلَى جَفاء العالَمِ،
أَضعُ كُلَّ مَرارتي فِي دَوْرَق الِنسْيان وَأدُقها حَتَّى تَصير مِلحاً
أَطردُ بِه الهَمَج مِنْ رَأسيْ.
لَيْتَني كُنتُ تَاجاً تَحومُ عَلَى رَأسِهِ الخِيانات، فَأَخلَعَهُ...
×××
ثَقيلةٌ كَالكَون المَحشور فِي زَورَقٍ
هِي الهمومُ التي تَعْصِفُ وَتُسْقِطُ عَنِ الرَّأس الهُدوء.
مَريرةٌ هِي الخِيارات التي تَقْذِفُ بِالاخضرارِ إلى الوَحْشَةِ.
وَلَئِيمةٌ تِلك الخِيانات التي تَذبُل بِها الرُّوح وَتَصْفَرُ.
البَرْدُ، رِداءٌ سَميكٌ يَحضِنُ دِفءَ الرَّأسِ حِينَ تَصْطَفِق فِيه رِماحُ الذَّاكِرةِ.
مَوجوعٌ أَنا بِالبَرْدِ السَاقِطِ مِنْ وِحْدَتَي
وَلَيْتَهُ التَّاج الذي أَخْلَعَهُ،
لَهُ خِفةُ غارِسِي نِصالِ الأَذى فِي حَلْقي
×××
كنتُ رَبيبُ الشُطآنِ وَهِي تَلُمُ السَّمكَ عَلَى الضِفافِ الزَّرْقاء
الحُلْوَةُ المَرْصوفَة بِالزَّوارقِ وَالنَّاس وَالجِسْر العِملاق المَثْقوب بِالصواريخِ.
كَبرتُ وَلداً شقياً يُراوغُ الأَيام عَلَى حِفْنَة مَوَدةْ.
لَمْ يَكُنْ لِي مِنَ الأَيام مَا أَحبْ،
كانَ يَجِب أَنْ تَموت تِلكَ
التي مَا كَانَ يَجب أَنْ تَكون..
إِنَّها غِيرةُ البَقاء وَحِيداً فِي طَيْشِ النَّارْ،
غِيرةُ الاِحتِشاد الفَارِغ فِي الوجودِ الخَطأ.
... وَهَكذا غَامرَ الوَلدُ بالمَدينة كُلها، وَحَطها تَحتَ القَصْفِ شَرقَ بُحيرةِ الأَسماكِ، حَتَّى يَدخلَ غُرْفَة المَشارط فَيَسدُّ سَقفَ الأَذى مِنَ النِزول إلى بَساتينِ المَوَدةِ، فَلا يَعْصفُ بِها اِصفرار الجُحودْ.
أَخافُ مِنَ العَشائِرِ المُقيمةُ فِي حَلْقي،
حِينَ تَهزها الرّيح النَازِلة مِنَ الشَّق،
فَتَنْسَلُ إلى المَدِينَةِ.
وَبَيْنَما العَشائِر تَتَكاثر،
دَأَبت وِحْدَتي تَتَسِع،
وَالمَدِينَةُ تَضِيقْ.
المُسْتشفى الجُمهورِيُ – أَقدَمُ المَشافي -، قُبالته السجْنُ المَركزي – أَقدَمُ السِجون -، وَعَلَى مَرْمَى قَذائِفَ سُوق البَصْرَة القَديمة، وَفِي زُقاقٍ ضَيق مَكتبة غازي الأهلية – أَقدَمُ المَكتَبات -، وَغُرْفة المَشارِط بَاردة مِثل لَسْعَة المَوْت، تَسْطِع مِنْها شَّمْسٌ بَيْضاءٌ تَسِيحُ عَلَى الوَلَد الفِضي، وَالقَذائِف خَارجاً تَدِكُ المَدينة وَتَنْثُرها. فَخَرَج الهَمَج مِن الشَّقْ.
يَتَنافَسُ السّخامُ وَالهَمَجُ عَلَى البَصْرَةِ،
مَنْ يَبْلَعَها وَلَا يَغِصُّ بِالمُلوحَةْ؟
×××
وَلَمْا يَزَلْ؛
يَجوعُ النَّاس فَلا يَهابون شِفرَة السَّيفْ.
السَّماءُ سَقفٌ ثَقيلٌ بِالحَديدِ المُجنَّحٍ وَالأسلحَة. وَمِنْ شُرْفَةِ البَيْتِ تَطِنُ الزَعانِفُ الصَقيلةُ مُزمجِرة. فِي المِذياع يَطنُّ الثَأرَ، وَالنَّاس مَرعوبةٌ تَتَساقَط.
سُلِقَ وَاشْتَوى الجُنود الفُقراء عَلَى طَريق "المُطْلاع – العَبْدلي" بِعرباتِهم المَكسوة بِاليورانيوم. سُخامٌ مَنزوعٌ مِنْ رِئة الحَديد المُكسَّر بِالجُثَثِ، وَتَحْتَ ظِل الهَزِيمة التي تَخْفِق مُبَقَعَةً بِالهزيمةِ، شَظية الجُوع تَشحذُ الفُوهات، وَتُفرِغُ المُهانين فِي الطُرق.
يَومَها اِحْتَشدَ الخَلْق
وَاِرْتَمى غاضِباً فِي فمِ الحُوت المَطعون بـ"إحْنا الغيّمنا ونمطر نار إعليه".
النَّاسُ حِينَ تَجوعُ
لَها غَرائِز الغَابة وَفَراسَة العَمَى.
×××
يَأَتي الخَيالُ مُحَمَّلاً بِالرَّوائِحِ مِنْ سَرنديبْ.
بِالخَشَب الجاوي تُحَصَّن الجَميلات مِن العُيون المَشقوقَة بِالكُحل المَغربي.
بَالزَّعتَر الحِامِض مِنْ حَلَبْ.
بِالنبيذِ الرَّائِقِ الشَّفاف كَاليَرقات الجَميلةِ مِن بوچولييه.
تُصفُ البِشارات كَقَصَب الخَيْزُران وَهَي مَنْقوعَة بِماء الوَرَد.
تَطْلعُ الشُهب مِثل حَرير كاواماتا لِتَجلُب الحَظْ.
... وَالعِراقيُ يَشِبُّ وَيَشيبُ
وَهو راهبٌ آثمٌ مسكينٌ يُقيمُ في الأُمنيات!
ثَمَّةَ عَالَمٌ فِضيٌّ يَرْقُدُ مَيْتاً فِي العِراقْ
×××
عَلَى سَرير النَّقاهةِ يَجْلِسُ الوَلَد
وَتُلْقطُ لَه صُورةٌ رَماديةٌ.
تَقولُ الجَريدةُ إِنَّ قَذِيفةَ الهَمَج شَقَت رُوحَه.
وَالصورَةُ تَقول إِنَّ الوَلَد كانَ وَحيداً.
وَالنَّظْرةُ الفَزِعَةُ فِي الصْورةِ المَحطوطةِ
بِالجريدةِ تَقول:
لَيْتَني كُنتُ تَاجاً تَحومُ عَلَى رَأسِهِ الخِيانات، فَأَخلَعَهُ...
مَوجوعٌ أَنا بِالبَرْدِ السَاقِط مِن وِحْدتَي
وَلَيْتَهُ التَّاج الذي أَخلَعَهُ،
لَهُ خِفةُ غارِسِي نِصالِ الأَذى فِي حَلْقي