يحاول هذا التقرير رصد ما أمكن من واقع النشر والقراءة في المناطق الواقعة تحت نفوذ وسيطرة الإدارة الذاتية لشمال شرق سوريا، كردياً (روج آفا)، بالنسبة للكرد، بدأت حركة نشر متصاعدة منذ 2016، حيث افتتحت أول دار نشر في كوباني لكن بدون ترخيص اسمها (دار) لمدة عام أصدرت 12 عنواناً بطباعة جيدة ثم أغلقت، وأيضاً افتتحت دار نشر ومشروع ثقافي بمبادرة من مجموعة من الأشخاص اسمها (هنار) لمدة عامين ثم أغلقت، ثم افتتحت دور نشر جديدة مثل دار شلير، ودار آفا للنشر، ودار نقش، ودار ميزوبوتاميا وهي جميعها دور نشر كردية يصب اهتمامها بالدرجة الأولى على الأكراد والقضية الكردية وتتوجه للقارئ الكردي، تصدر منشوراتها باللغتين الكردية والعربية، وبدأت حركة قراءة للكتب باللغة الكردية غير مسبوقة لتوفر الكتاب المكتوب باللغة الكردية بعد سنوات طويلة من الإقصاء ومن حرمان تداول الكتب الكردية، وبدأت حركة كبيرة لمعارض الكتاب داخل مناطق (روج آفا)، وافتتحت مكتبات وبعضها افتتح مقاهي للكتاب، كما صدر عدد كبير من المجلات والصحف والمواقع الالكترونية التي تعنى بالشأن الكردي والإنساني والمجتمع المدني والديمقراطية ومعظمها ممول من منظمات مدنية دولية وبعضها من الإدارة الذاتية، إلى جانب المجلات والمنشورات السياسية الصادرة عن الأحزاب والاتحادات الكردية.
قمت بإجراء حوارات سريعة وقصيرة وطرحت مجموعة من الأسئلة على عدد من أصحاب دور النشر والمجلات والمكتبات الناشطة اليوم وبعض المثقفين للاطلاع على واقع النشر والقراءة، وأيضاً على بعض المواطنين المهتمين بالقراءة من غير الأكراد في الشمال، بما يمكن أن يقدم مقاربة لفهم الوضع الثقافي الراهن، في مناطق (روج آفا).
مشروع هنار الثقافي
انطلق في 2016 - 2018 "هنار"، أول مشروع ثقافي ينشر باللغة الكردية فقط في روج آفا، يهدف لحماية اللغة والتراث الكردي. ويطمح لترجمة الروايات والأعمال الأدبية العالمية إلى اللغة الكردية. يقول أحد المشرفين على المشروع الأستاذ زوهراب قادو: "أحد أهداف هنار كان جمع وتوثيق التراث الشفوي بالمنطقة، أصدرنا ما يقارب 13 كتاباً ما بين قصص وروايات وفكر وموسيقا وشعر وقصص للأطفال وأبحاث، و ترجمنا 8 كتب عن العربية والفرنسية للكردية ونشرت كتاب في الموسيقا عن المغني الكردي محمد شيخو ونوتات للبيانو لأغاني كردية، ونشرنا كتاباً شعرياً ومجموعة قصصية للأطفال باللغة الكردية. توقف المشروع لأننا لم نتمكن من الحصول على دعم مادي، عملنا لثلاث سنوات اعتماداً على جهودنا الخاصة وتمويلنا الشخصي لكن لم نتمكن من الاستمرار، نأمل أن نتمكن من إعادة الإقلاع بالمشروع من جديد، لم نتمكن حتى الآن من نشر كتب عن ما جمعناه من التراث الشفوي لأنه يحتاج إلى دعم وخبرات وجهود أكبر. بشكل عام المشاريع الثقافية المستقلة في روج آفا تلاقي صعوبة شديدة في إيجاد تمويل فحتى المنظمات الدولية والمدنية تهتم بقطاعات وأمور أخرى تعطيها الأولوية كالمجتمع المدني والجندر والمرأة وغيرها.
دار شلير
افتتحت في آذار 2017 في القامشلي. تقول السيدة زارا محمد وهي إدارية في شلير كنا نصدر من 40 الى 50 عنواناً خلال أول سنتين ثم وصلنا في السنوات الأخيرة لـ100 عنوان في السنة، لدينا في شلير لجان للقراءة باللغتين الكردية والعربية، وبمعظم الاختصاصات في الفلسفة والأدب والدين لتقييم الكتب التي ستنشر بالدار،غالباً مانقوم بطباعة 1000 نسخة من كل عنوان. ونطبع في أكثر من مكان في مطابع الإدارة الذاتية عندما يكون عدد النسخ كبيرا على بلاكات أو في مطابع خاصة صغيرة على الريزو عندما يكون عدد النسخ أقل. مشرع دار نشرشلير (غير ربحي) همنا نشر الثقافة بالدرجة الأولى. نهتم بكتب الأطفال ونشارك بمعظم معارض الكتاب ونبيع الكتاب بأسعار رمزية، وأيضاً نقدم الكتب كهدية للطلاب الذين يعدون دراسات جامعية. بالنسبة للقراءة نلاحظ أن الكبار وجيل الشباب لديهم شغف للقراءة، و يهتمون بكتب التاريخ والفلسفة المترجمة وكتب عن الحروب العالمية والروايات المترجمة، نأخذ دعم من أكثر من جهة لنستمر في مشروعنا من الإدارة الذاتية ومن هيئة الثقافة ومن جمعيات أخرى.
دار آفا للنشر
وهي دار نشر أسست في 1/8/2019 لديها ترخيص أوروبي وترخيص من هيئة الثقافة في الإدارة الذاتية تطبع سنوياً ما يقارب 30 عنواناً لديها حتى الآن 67 عنواناً، وتوزع كتبها في المناطق التي تخضع لروج آفا (بالمالكية والقامشلي والرقة وكوباني) وكردستان العراق وفي عدد من الدول الأوروبية. يقول صاحبها الأستاذ شيرزاد بصراوي: تصدر الدار عناوين لكتاب أكراد وعرب محليين أو مقيمين في الخارج أو لكتاب من الجزائر والمغرب ولكتاب أجانب يعنون بالقضية الكردية، حيث تقوم الدار بترجمة كتب تتحدث عن الحرب في كوباني وعن حرب الأكراد ضد داعش. وكنا قد أطلقنا مشروع آفا للترجمة حيث ترجمنا سبعة أعمال عربية للغة الكردية وهي مجموعة قصصية لأيمن زيدان، ومسرحية لعبد المنعم عمايري اسمها الفوضى والصدى، ورواية حبل سري لمها حسن، ورواية كهرمان لريزان عيسى، ورواية إبرة الرعب لهيثم حسين، والأغاني الشعبية لنساء البشتون. لدينا في دار آفا مكتبة لاستعارة الكتب للقراءة فيها 5000 عنوان للإعارة من معظم اللغات وانطلقت آفا كدار نشر ومكتبة من كوباني.
بالنسبة لموضوع القراءة أعتقد أنه جيد ومقبول بالنسبة لمنطقة تشهد حرباً كمنطقة شمال شرق سوريا، الإقبال جيد على الكتب الكردية بين الأوساط الكردية نظراً لأن الكتاب المكتوب باللغة الكردية لم يكن متوفراً في السنوات السابقة، وربما الوضع الاقتصادي السيء يلعب دورا في ضعف شراء الكتب الورقية، لكن آفا قامت بنشاط وهو توزيع 500 كتاب مجاناً داخل الأوساط المهتمة بالقراءة، ونسبة القراءة داخل الجالية الكردية في أوروبا جيدة أيضاً رغم تأثير وسائل التواصل الاجتماعي عليها، أقمنا 13 معرضاً سميناه آفا الأول للكتاب في أوروبا وكردستان وكوباني وأربيل وشاركنا بمعرض الكتاب العربي بالسويد. أما أين نطبع كتبنا فنحن نطبعها إما في تركيا بديار بكر أو في طهران حسب عنوان الكتاب ونتعرض لعدة متاعب بسبب هذا الأمر، فأحياناً تصادر الكتب على الحدود وذلك لأن المطابع الموجودة في منطقة شمال شرق سوريا ليست ذات جودة عالية، أما بالنسبة لتوزيع كتبنا داخل سوريا، فهي لاتوزع بالمكتبات بل توزع بشكل شخصي للمهتمين بكتبنا فقط. في روج آفا لدينا شركة توزيع معروفة اسمها شركة الشمال مركزها بكوباني توزع الكتب والمجلات والصحف على الدوائر الرسمية فقط وليس على المكتبات.
أما بالنسبة لتراخيص النشر فتؤخذ من هيئة الثقافة في الإدارة الذاتية، لا يوجد قانون مطبوعات في روج آفا، لكنهم اقترحوا وجود ديوان الأدب لتقييم الكتب.
المكتبات الموجودة حالياً مكتبة بنداروك في القامشلي وصاحبها هو نفسه صاحب دار نشر نقش وهي تبيع كتباً كردية وعربية وهناك مكتبة مانيسا في المالكية وهناك مكتبة مركزية تابعة للحكومة بكوباني، ومكتبة جامعة كوباني تعير الكتب لطلاب الجامعة ومكتبة معهد الشهيدة زوزان. يوجد طاولة نقش للقراءة كل 15 يوماً يناقشون كتاباً. اليوم يوجد في مناطق روج آفا حركة ثقافية ملفتة بالنسبة للسنوات العشر الماضية. لا تمول الإدارة الذاتية دور النشر الخاصة، لكنها قد تمول بعض المشاريع مثلاً تقدمت دار نشر آفا بمشروع ترجمة خمسة كتب للغة الكردية لكتاب غربيين تتحدث عن الحرب في كوباني وتم الموافقة على تمويلها، أيضاً مولت ترجمة ملحمة شعرية وكتب أخرى في أدب الحرب.
دار نقش ومكتبة بنداروك
يقول عبدو شيخو (مترجم وهو مدير دارنقش ومكتبة بنداروك): تأسست منشورات نقش في نهاية عام 2019 في مدينة قامشلي. قمنا حتى الآن، كدار نشر ناشئة، بإصدار نحو 25 كتابًا باللغتين الكردية والعربية، بعضها مشترك مع دور نشر أخرى من المنطقة، كدار شلير للنشر ودار آفا للنشر. بالنسبة للطباعة غالباً نقوم بطباعة كتبنا في إيران أو كردستان العراق، ويعود ذلك لأسباب قانونية ومالية ولوجستية. فمن الناحية القانونية، نحن غير مرخّصون من قبل الحكومة السورية في دمشق، ولا نستطيع الطباعة فيها بشكلٍ قانوني، ومنطقتنا لا تملك إمكانيات تقنية وآلات طباعة عالية الجودة، والمطابع الموجودة تطبع بأسعار مرتفعة بسبب الحصار، والجودة أيضاً هنا تكون متوسطة أو سيئة. أما بالنسبة للصعوبات فنحن نعيش في منطقة محاصرة وغير معترف بها سياسيًا، لذلك لا نستطيع المشاركة في المعارض وتوزيع منشوراتنا بشكل سلس. فعلى سبيل المثال، لم نستطع المشاركة في الدورة الثالثة من معرض السليمانية الدولي للكتاب في إقليم كردستان العراق بسبب منعنا من الدخول عبر معبر سيمالكا الحدودي مع كردستان العراق. كما لا نستطيع المشاركة في المعارض العربية والدولية الأخرى لأننا لا نملك تصريح عمل من الحكومة السورية ولا نستطيع الانضمام إلى اتحاد الناشرين السوريين والعرب، ولا نستطيع التوجه من دمشق. باختصار، نحن نكافح في العمل على أمل تحسّن الظروف مستقبلًا والتأسيس لصناعة الكتاب والنشر في المنطقة بعد سنوات من الكبت الحكومي السوري. وكما أشرت سابقًا، هناك مشاكل في الطباعة أيضًا. كلُّ ذلك يسبب لنا خسائر مادية في ظلّ عدم وجود دعم. أما عن مستقبل النشر والناشرين، أعتقد أن كل ذلك مرتبط بانتهاء الحرب في سوريا والاستقرار السياسي. تحتاج صناعة الكتاب والنشر إلى حالة استقرار واعتراف قانوني وسياسي وتسهيلات ودعم من الحكومات المحلية والمركزية، وهذا كلّه معقود على الحل السياسي الذي سيبعث الأمل في مجالات العمل كافةً، ومنها العمل الثقافي. وكذلك نحتاج إلى تعزيز القطاع التربوي والتعليمي الذي يعتمد بدوره على قطاع النشر والمكتبات؛ هناك ترابط وثيق بين القطاعين.
أما عن مكتبتة بنداروك فقد تأسست في نهاية عام 2018، كانت مشروعاً مشتركاً مع صديقي الكاتب عباس علي موسى. المشروع يهدف إلى تعزيز ثقافة القراءة ونشرها، خاصةً أن معظم المكتبات الموجودة تعمل كأكشاك قرطاسية وألعاب.
دار ميزوبوتاميا للنشر
تقول السيدة دولفين توبال صاحبة الدار: افتتحنا الدار في أيار 2021 وأخذنا موافقة على النشر من دمشق لسبعة كتب، وهي قيد الطباعة الآن ومؤخراً حصلنا على موافقة طباعة ونشر سبعة كتب جديدة، وسنطبع 1000 نسخة من كل عنوان، نطبع كتبنا خارج روج آفا.
المجلات
مجلة الشرق الأوسط الديمقراطي
وهي مجلة فكرية فصلية تعنى بنشر وتعميم الفكر الديمقراطي في الشرق الأوسط، يقول الأستاذ صلاح الدين مسلم وهو رئيس تحرير المجلة: "رخصت المجلة أول مرة ببغداد في 2003 ثم في مصر وهي توزع في سوريا ومصر والعراق ولبنان وبأوروبا إلا منذ عددين بسبب مشاكل تقنية لم توزع في أوروبا، توزع بسوريا بواسطة شركة الشمال وفي مصر توزع بالاتفاق مع دار الفراعنة، تنشر المجلة لكُتاب من مختلف الدول العربية من ليبيا، الجزائر، السعودية، لبنان، مصر، أصدرت حتى اليوم مايقارب 56 عدداً، والمجلة توزع على المكتبات بسعر رمزي، تنشر ورقياً والكترونياً".
بالنسبة للمجلات الموجودة في مناطق روج آفا هناك المجلة الثقافية شرمولة ومجلة الحوار ومجلة دراسات استراتيجية تابعة لمكتب روج آفا للدراسات وهناك مجلات عسكرية وصحيفة يومية تصدر بشكل ورقي والكتروني تدعى روناهي.
برجاف مكازين
برجاف مجلة وجريدة تصدر باللغة العربية عن منظمة برجاف، وهي منظمة غير ربحية تأسست بكوباني في 2013. يقول رئيس تحريرها الأستاذ فاروق حجي مصطفى إنها تهتم بمسألة التنمية والمجتمع المدني والديمقراطية وشعارها "هم الناس همنا"، وبرجاف منظمة شبيهة بالشبكة لديها موقع الكتروني وصفحات في وسائل التواصل الاجتماعي وتصدر مجلة وجريدة و كتباً فكرية. قدمت برجاف مكازين في عددها الأول ملفاً حول مفهوم الدولة وأنظمة الحكم والشعب، وفي عددها الثاني قدمت ملفاً عن المجتمع المدني وعن العقد الاجتماعي. والكتب التي أصدرتها برجاف عن قسم الدراسات والأبحاث هي كتاب المجتمع المدني السوري الواقع والمأمول وكتاب قيامة كوباني، وأما الجريدة فقد صدر منها 36 عدداً وزعت في تركيا و أربيل وكوباني ومناطق روج آفا. نعاني حالياً من أزمة بموضوع التمويل، لكننا سنتابع النشر الورقي، إلى جانب الموقع الإلكتروني. برجاف جريدة الشمال المتنوع المتعدد، وترغب بالانطلاق نحو إطار سوري أوسع من كوباني.
مجلة شار
وهي مجلة تهتم بقضايا التعايش المدني، ونشر القيم الديمقراطية والمجتمع المدني. يقول رئيس تحريرها الأستاذ بيروز بريك تأسست شار بالقامشلي في نيسان 2014، وطبعنا العدد الأول في تركيا وزع منه 5000 نسخة وطبعنا العدد الثاني في تركيا أيضا لكن لم يسمحوا لنا بإدخاله إلى القامشلي، تصدر شار باللغتين الكردية والعربية، وهي دورية لكنها لا تصدر بشكل منتظم بسبب مشاكل في التمويل فشار تعتمد على منح المنظمات الدولية لتتمكن من دفع استكتابات الكتاب، أصدرنا عدة أعداد بشكل ورقي لكننا اتجهنا نحو الإصدار الإلكتروني بشكل كامل بسبب ارتفاع أسعار الإصدار الورقي وصعوبة توزيعه، ويقول بريك: المجلة أسست ضمن مشروع لدعم التعايش والتنوع بالمنطقة، ربما أغلب كتاب شار أكراد لكننا نحاول أن نستقطب كتاباً من إثنيات أخرى، نركز على سوية المحتوى أكثر، والمحتوى يجب أن يكون داعماً للاستقرار والسلام. نهتم بالسياسة من جانبها المفاهيمي وندعم حركة المجتمع المدني والدمقرطة، أما بالنسبة للمناطق التي نهتم بها نحن نركز على مناطق شمال شرق سوريا مع اهتمامنا بالوضع السوري العام.
الطباعة
حركة الطباعة في الداخل لها عوائق كثيرة
يوجد ثلاث مطابع حديثة في روج آفا، لكنها مكرسة لمنشورات الإدارة الذاتية ولطباعة المناهج التعليمية والإدارة تفضل الكتب الصادرة عن مؤسساتها والكُتاب الأكثر قرباً منها ويوجد مطبعتان أهليتان لكنها متعاقدة مع الإدارة الذاتية، لدينا مشكلة في الطباعة من حيث ارتفاع السعر وبطء الإنجاز من حيث الوقت.
بالنسبة لحركة القراءة تحسنت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، ولكن ليس إلى المستوى المطلوب فهي لاتزال ضعيفة، والكتب الإلكترونية المقرصنة منتشرة بكثرة بين الشباب بسبب ارتفاع سعر الكتاب على الرغم من أن بعض دور النشر تبيع كتبها بسعر رمزي، أما بالنسبة للمواقع الالكترونية الأكثر متابعة فهي بالتأكيد المواقع الخبرية. بالنسبة للكتب الأكثر رواجاً من خلال التواصل مع الشباب فأرى أنهم يقرؤون بشكل متنوع لكنهم يهتمون أكثر بالروايات المترجمة.
مجلة الحوار مجلة ثقافية فصلية حرة تهتم بالشؤون الكردية وتهدف إلى تنشيط الحوار العربي الكردي تصدر عن حزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي).
مجلة ولات: دورية شهرية تصدر من القامشلي عن مؤسسة ولات الإعلامية المستقلة باللغتين الكردية والعربية، وتعتمد على تقارير من مختلف مناطق روج آفا، وتصدر مجلة كوليكن ولات وهي مجلة للأطفال تصدر باللغة الكردية ومخصصة لتعليم اللغة الكردية.
مجلة آرا زاروك: وهي مجلة تصدر في القامشلي منذ 17/8/2021، موجهة للأطفال. يقول أحد المشرفين العامين عليها الأستاذ سليمان عثمان: آرا مجلة فصلية، فيها صفحات باللغات الأربع الكردية والسريانية والعربية والإنكليزية، تركز المجلة على تعليم اللغات وعلى الأمور العلمية واهتمامنا منصب على الأطفال لأنهم لا يجدون كتباً يقرؤونها خارج المنهاج المدرسي، تصدر المجلة عن مجموعة آرارات غروب وهي مؤسسة كاملة تعنى بالأطفال لديها 8 قنوات للبث التلفزيوني الأرضي وتصدر مجموعة قصص متسلسلة للأطفال، 12 قصة فلكلورية باللغة الكردية. تحتوي مجلة آرا على ألعاب وقصص مصورة وأناشيد ومواضيع علمية، نعتمد في المجلة على خمس شخصيات رئيسة تمثل اللغات. لدينا شخصية حسن العربية، وريتا السريانية، وآرا وشيفان الكرديان، وجون الإنكليزي، أصدرنا 5000 نسخة من العدد الأول وقمنا بتوزيعه على المدارس وعلى المخيمات الموجودة في شمال شرق سوريا والعدد الثاني قيد الطباعة الآن.
المكتبات
مكتبة منيسا تتوضع المالكية في ويقول صاحبها الأستاذ آزاد داوود: افتتحنا المكتبة في 2016 ومنذ عام تقريباً انتقلنا إلى مكان جديد. لدينا الآن مكتبة ومقهى كتاب، نعتمد في مكتبتنا على الكتب النظامية التي تأتي عن طريق المعابر النظامية بيننا وبين كردستان والمعابر تغلق أحياناً في فترات معينة مما يجعلنا غير قادرين على استقدام الكتب، ونحن نستقدم معظم الكتب العربية والكتب الكردية من أربيل. لدينا مشكلة حقيقية في حركة الكتب خارج مناطق روج آفا. في معظم مكتبات العالم يعتمدون على الدلفري (خدمة توصيل الكتب) إلا عندنا لا يمكننا أن نقوم بهذه الخدمة بسبب الكلفة العالية والعوائق الكثيرة. إننا محاصرون بعملنا فمثلاً لا يمكننا استقدام الكتب أو إرسالها من دمشق أو بقية المحافظات إلا بالطائرة مما يعني تكلفة عالية جداً، حركتنا محصورة داخل مناطق روج آفا، نشارك بمعظم المعارض التي تقام بكوباني وبالرقة والقامشلي، بالنسبة لبيع الكتب الورقية نجد أنها تتحسن من سنة إلى أخرى. الإقبال جيد على القراءة، بدأ الناس يشعرون بقيمة الكتاب وبدأ الناس يقتنون مكتبة في بيوتهم بعد أن خفت المعارك وشعروا ببعض الاستقرار. بدأت تنتشر ثقافة الكتاب الذي أصبح يقدم كهدية أحياناً، بالنسبة لظاهرة الكتب المهكرة فهي منتشرة للأسف لكنها مرغوبة أكثر بسبب انخفاض ثمنها عن الطبعات النظامية فمثلاً نحن وكلاء دار المتوسط الإيطالية يصل سعر كتابهم ما بين 8 إلى 10 دولار وهو سعر مرتفع بالنسبة لدخل معظم الناس هنا، والناس تعودت على شراء العناوين الرائجة المقرصنة، أما بالنسبة للكتب النوعية فالطلب عليها قليل، أولاً لأن جامعتنا حديثة لا يوجد اهتمام جدي ببحوث الطلاب، تُطلب بعض كتب الفلسفة وكتب عن تاريخ المنطقة أما الكتب الفكرية والعلمية وعلم الاجتماع، فالطلب عليها قليل، لدينا نظام إعارة فالمكتبة تقسم إلى ثلاثة أقسام: القسم الأساسي للكتب الأدبية المعروضة للبيع، وقسم لكتب الأطفال وقبو المكتبة الذي تعرض فيه الكتب المستعملة للبيع وهي غالباً تباع للعراق، وقسم الإعارة والتبديل، بالنسبة للغة الكتب التي تطلب أكثر ما تزال الكتب التي كتبت بالعربية عليها طلب أكثر بكثير من الكتب المكتوبة باللغة الكردية.
المكتبات الموجودة حالياً من أشهر المكتبات في الجزيرة. كانت مكتبة نضال اللواء في الثمانينات والتسعينيات تحولت لبيع القرطاسية إلى جانب الكتب وهناك مكتبة سوريانا والإيثار والحرية وأول مقهى كتاب كان في مكتبة بندروك لعبدالله شيخو وهناك مقهى كتاب مكتبة القلعة تقدم فيها قراءات ونشاطات ثقافية، بالحسكة لا يوجد مكتبات جيدة. في بلدة معبدة يوجد مكتبة اسمها نوبهار افتتحت في 2021 تبيع كتب دور النشر.
الواقع الثقافي الراهن من وجهة نظر غير الأكراد في الشمال
الرقة
يقول الأستاذ عمر الصران وهو شاعر ويحمل إجازة في الأدب الانكليزي ويعمل مدرب محادثة في معهد خاص: لا يوجد دور نشر في الرقة ولا مكتبات تبيع الكتب. توجد مكتبة واحدة قديمة كانت تدعى مكتبة الخابور ثم سميت مكتبة بورسعيد وللأسف هذه المكتبة لا تجدد عناوينها وهي مكتبة فقيرة لا يوجد فيها عناوين مهمة، أيضاً يوجد مكتبة في المركز الثقافي تعرفنا عليها مؤخراً لكنها لا تعير الكتب، لا يوجد سوق كتب في الرقة يعتمد القراء هنا على الإنترنت نحن والأصدقاء نعمل غروبات على الواتساب نتداول فيه الكتب بصيغة pdf، الإنترنت مصدرنا الوحيد تقريباً للقراءة. لدينا ملتقيات للقراءة ومقاهي ثقافية مثل مقهى النوفرة، وبيت القصيد، والسرايا، والفراديس، الذي تدعمه الإدارة الذاتية وفيه قسم اسمه "فسحة حوار" وهو مكان يجتمع فيه المثقفون. أما بالنسبة للصحف والمجلات المتداولة في الرقة فهي نادرة، وتطبع خارج الرقة وهي صحفية روناهي ومجلة شرمولة.
أما عن نوعية الكتب التي يقرأها الشباب اليوم فيقول: الروايات بالدرجة الأولى، وربما بعض الكتب التاريخية والتراثية. وعندما سألنا هل تمول الإدارة الذاتية طباعة الكتب؟ أجاب لا، الإدارة الذاتية تقدم دعماً قليلاً للملتقيات والفعاليات لكنها لا تدعم نشر الكتاب الورقي. معظم الكتاب الذين يقيمون داخل منطقة سيطرة الإدارة الذاتية يطبعون كتبهم خارج نطاقها.
يقول الأستاذ عبد العظيم العجيلي وهو من جيل أكبر: "تسببت الحرب والوضع الراهن في تصدع الحياة الاجتماعية والثقافية لسكان المدينة، لا يوجد مكتبات ولا دور نشر ولا صالة سينما ولا مسرح اليوم في الرقة. الشباب معظمهم أصبحوا خارج المدينة لا يهتمون بالقراءة أو الثقافة بسبب ما حدث رغم محاولات قليلة لعقد ندوات وملتقيات ثقافية، يحاولون فيها خلق ثقافة جديدة موجهة لا أعتقد أنها ستنجح لأنها لا تأتي بشكل طبيعي. لا يوجد ظروف طبيعية لشباب اليوم، لا يوجد صحف أو مجلات ثقافية أو نشاطات ثقافية حقيقية فيما مضى كانت الرقة معروفة على مستوى العالم العربي بنشاطها الثقافي".
القامشلي
يقول الأستاذ حنا بهنان صاحب مكتبة سوريانا وهو حقوقي وقانوني ومختص باللغات السورية القديمة درَّس اللغات السورية في باريس وطبعت له ثلاثة كتب في باريس ترجمت إلى اللغة الفرنسية والإنكليزية والألمانية والعبرية: "لا يوجد دور نشر في القامشلي والحسكة، في المكتبات الموجودة في القامشلي هي مكتبة سوريانا، ومكتبة الإيثار، ومكتبة الزهراء، كان هناك محاولات لمكتبة دار اللواء في طباعة بعض العناوين فقط. يقول افتتحت مكتبتي منذ 18 أو 19 عاماً وكنت أستقدم الكتب من دمشق، وبغداد، وبيروت، ومن باريس، وألمانيا عن طريق علاقاتي، لكن بعد بدء الأزمة لم أتمكن من استقدام كتاب واحد. أواجه صعوبة شديدة بسبب غلاء أجور الشحن وتدني دخل الفرد اليوم، القراءة اليوم صفر، عندما فتحت المكتبة كانت المبيعات جيدة، أما اليوم أنا وجميع سكان القامشلي خائفون من الغد".
تحدثنا عن كافة هذه المحاور مع الكاتب والصحفي عباس موسى فقال: إن البنية الهشة والإبادة الثقافية للثقافات المختلفة في المنطقة على مستوى المنتوج فيما خارج العربية كالكردية والسريانية أدى إلى ضعف الواقع الثقافي المعبر عن هذه المنطقة، إذ لا يمكن الحديث عن واقع ثقافي عن طريق عزل المنتج الثقافي باللغات المضطهدة في هذه المنطقة، هذا الأمر أدى خلال عقود إلى ضعف الحركة الثقافية، لذلك ونتيجة البنى التحتية الثقافية الهشة وغير المعبرة عن المنطقة طيلة عقود أدت الفسحة التي جاءت متأخرة بعد أحداث الحراك المدني السوري إلى حراك ثقافي على مستوى النشر وحتى حركة القراءة لكن ولأنها بنيت على بنية هشة فإنها لم تأت بأكلها بشكل جيد.
أضاف عباس أن واقع النشر يخطو خطى بطيئة فنحن نتحدث عن بضع دور نشر فقط هي قليلة جداً نسبة إلى العدد الكبير للكتاب والأدباء والمشتغلين بالشأن الثقافي. كما أن السلطات المحلية لم تعط أولوية للمشاريع الثقافية التي يغلب عليها طابع العمل الفردي أو على مستوى مجموعات صغيرة. إن عدم وجود مكتبات عامة ضخمة في المدن وغياب المشاريع الثقافية الممولة وغياب مشاريع لدور النشر وواقع القراءة يسهم في هذا الوضع المتردي. أما بالنسبة لواقع النشر فيلجأ معظم الكتاب إلى طباعة منتوجهم على نفقتهم وبجودة رديئة وتوزيع مجاني أو يلجؤون لنشره في الخارج. هناك مئات العناوين خلال هذه السنوات طبعت ونشرت لكنها لم تكن بمستوى جيد من ناحية الطباعة والنشر وأما المضامين فهي موضوع آخر يمكن طرحه في مقام آخر.
أما بالنسبة للاهتمام بثقافة المكونات الأخرى، أشار عباس أن المؤسسات الرسمية ليس لديها مشاريع ثقافية كبيرة أو موازنات بإمكانها التعبير عن الواقع الثقافي، الأمر أكبر من إهمال ثقافة على حساب أخرى وذلك أنه حين تريد تبني دعم ثقافات عانت تطهيرا ثقافيا ممنهجا في الثقافة طيلة عقود فهذا يستدعي عملا كبيرا وتخصيص موازنات وخطط ثقافية وهو ما تفتقر إليه المؤسسات الرسمية ناهيك عن كونها ألقت بهذه الأمور في ذيل أولوياتها.
وبالنسبة لبعد المكونات عن مشاريع ثقافية منجزة كمعارض الكتاب وغيرها ينظر إليها من قبل البعض كمنتج أيديولوجي لذلك لا ينخرط مثلا الكثير من العرب في هذه المشاريع.
خاتمة
بالنسبة لعدد كبير من الأكراد في الشمال هم أمام فرصتهم التاريخية ليعملوا في الهامش الضيق المعطى لهم فهم يحاولون جاهدين أن يشكلوا ملامح شخصيتهم الثقافية والحضارية الجديدة ومجتمعهم المدني، أمام العالم الذي يعرفهم كشعب مقاتل بالدرجة الأولى. ويعتبر جزء لا بأس به من سكان شمال شرق سوريا من العرب والإثنيات الأخرى وبعض الكرد أنه حتى الآن لا يوجد ظروف طبيعية تسمح بظهور ثقافة طبيعية، الواقع بالنسبة لهم مضطرب وغير مفهوم، لا يوجد مكتبات أو دور نشر أو أماكن ثقافية حقيقية، الواقع الحالي بالنسبة لهم استمرار لواقع قديم عمل على تهميشهم وتحييدهم عن الحياة العامة، خاصة أنهم مقصيون اليوم عن معظم المؤسسات في روج آفا، الرسمية وغير الرسمية، لذلك السؤال الذي يتبادر إلى الذهن: هل الإدارة الذاتية لشمال شرق سوريا قادرة على إدارة التنوع الإثني والثقافي لسكان شمال شرق سوريا، وما هو دور المثقفين في ذلك؟ وكيف سيكون مستقبل الشمال بعد عدة سنوات؟