[صالح رحيم، مواليد 1994، شاعر عراقي يدرس الفلسفة في كلية الآداب جامعة المستنصرية صدرت له ثلاث مجموعات شعرية، الأولى بعنوان (أهناك من يرى؟) صدرت عن منشورات أحمد المالكي في بغداد سنة ٢٠١٧، والثانية بعنوان (ريشة لطائر منقرض) عن دار الدراويش بلغاريا، والثالثة (ليس للأسى نبع) عن دار لازورد هولندا، ترجمت نصوصه إلى الإنكليزية والإسبانية، ونشرت في مجلات وصحف ومواقع إلكترونية عراقية وعربية].
ميتافيزيقيا الغياب
رفستُ المياه بقدمي
فأدركتُ طبيعتي
فأدركت المياه.
روائح الخشب، لا تنفك، تبثها عروقي
والوشاة همسوا النار
لأحترقَ مثل قارب
أضاعَ صاحبه على شاطئٍ مهجور.
تركتُ صاحبي عمداً
وإلى الشاطئ المهجور غادرت
لكنَّ رائحةَ المكان ولت
والدخان غير الدخان
والخراب عميمٌ.
بأي الندوب أواجهك يا رب
وبأي خرابٍ أحتج على هذا العالم
تنبو بي الشواطئ والأمواج!
تقاذفتني أيادٍ ملساء
وأخرى خشنة
بحثاً عن قاربٍ تاه في الشطآن.
قصائد زائلة
بودي أن أعانق شاحنةً محملةً ببضائع لا تقبل النفاد
بودي أن أجرب الموت وأعود
بودي ألا أفعل شيئاً.
*
إما أن تعيش مهموماً
وإما أن تنام حالماً
وبين هذا وذاك
لم يبقَ متسع من الوقت.
*
بطرانة هذه الفئة من الناس
بل متخمة بالبطر
إنهم يعشقون!
*
إنهم مشغولون بالحب
لا توجد فائدة
انتحر عزيزي.
*
الحب معجزةٌ فاسدة هذه الأيام
أعرف رجلاً أحبَّ امرأةً من صميم قلبه
لكنه بعد زمن طويلٍ طويل
اكتشف معجزةً أكبر:
وهي أن الوجود معجزة فاسدة.
عش على أية حال يا غبار الطلع
كنا غبارَ طلعٍ مجهول
حتى جاء من لا خبرة له بالغبار
نكَّد علينا حياتنا
وأرغمنا على الولادة في أرضٍ أخرى.
صرنا لكثيرين وليس لأحدٍ فحسب
وعرفنا أننا غبارُ طلعٍ جَيِّد
ولكنا كَبُرنا قرب هياكل عظمية بائدة
فتسربت إلى نفوسنا حيوات أولئك الناس
وها نحن اليوم متعبون
ننام من الربيع إلى الربيع
لعلَّ ريحاً صرصراً تنقلنا إلى أرضٍ آمنة.
كنا غباراً ليس لأحد
ومتى ما حان الربيع
نطيرُ على أجنحة البراغيث
آمنين نغني:
عش في القلب دائماً وابداً
يا غبار الطلع.
أينكِ اليومَ أيتها الريح
لم يبق غير الصوت الأخضر البعيد والعالم الأخرس،
صرنا عبثاً نغني:
عش على أية حال يا غبار الطلع
لقد أرغمونا -يا ريحُ-على الميلاد.
[هذا النص ضمن ملف عن الشعر العراقي].