[شاعر عراقي من مواليد 1990. أصدر مجموعته الأولى (أكثر من موت بإصبع واحدة) عن الهيئة المصرية العامة للكتاب. ثم مجموعته الثانية (يقف وحيداً كشجرتين) التي فازت في المسابقة الأدبية للاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق لسنة 2018، للأدباء دون سن 35 عاماً. مجموعته الثالثة صدرت في تونس عن دار الأمينة للنشر والتوزيع وكان عنوانها «كريات الدم الخضراء». له مجموعات أخرى تحت الطبع وقد نشرت نصوصه في أغلب الصحف المحلية والعربية وترجم بعضها إلى اللغة الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والكردية والفارسية أيضاً. وهو عضو اتحاد الكتاب العراقيين].
على نصفِ برتقالةٍ رسمتُ لكِ
بيتاً، أي أفعال أقوم بها
تعني أن السبل تقطعت
فيما بيننا،
أي أجراس ترنُّ بعيداً
فهي من أجل أن أكون متأهباً
للمغادرة.
على عكس الحبِ تستعملُ
والدتي السكينةَ دون مبالاة
ومن أجل ألا يطال الدمار كلَّ شيءٍ
أعمدُ إلى تقشير
جانبٍ من البرتقالة بيدي!
*
حشوتُ فمي بالكلمات
و جئتُ لأقول إما كل شيء
دفعة واحدة
أو أرمي كلمة صغيرة كعظمة
و أفوز
بأنني لم يعد مطلوب مني
أن أتكلم.
أحببتُ أن يكون لي فم العجوز:
ترتعش شفتاي
فتخرج الكلمات المأثورة فقط !
*
أعانق مثل آلة
لكني أبكي طوال ما أنا أحدق
بالمنازل الصغيرة
بظلال خطى لم تعد مرهونة
بشيء.
و كما يقول مؤلفو الأغنيات المفقودة:
الشمس تشرب الظلال الممتدة
و تتقيأ الخطى!
*
الديمقراطية ذات العظام الفاسدة
الوجوه الأنيقة كالزجاج الملطخ بالدم
المدن التي
تعني
إلى أين يذهبُ المرء
لا إلى أين يختبئُ،
كل شيء يطمح بأن يصير
عدوي النبيل
فأتصنع إنسانيتي للمباهاة
وأعرف أنني
من أجل حبكِ الضائع فحسب
بجلتُ الكراهية التي لا تثرثر
وسامحتُ الأعداء!
*
ثمة حصان مرسوم على نبتة
و متى ما هبَّ الهواء
فقد صار لكل أحد
أن يختار المصير الذي يحبُ
بالنسبة لي
فإن الحصان يجري متوجعاً
والنبتة تنحني!
*
أطفال في السادسة
يقفزون
في النهر
مثل الضفادع
ولا بد من أنني كنتُ طفلاً
معهم حتى وإن بدوتُ
رجلاً في الثلاثين من عمرهِ.
حياتي مثل حياة أي امرؤ آخر
تنتهي من القفز بهذه الضآلة
إلى المراقبة فحسب!
*
يقول أحد المتصوفين
لو لمحتني
لما رأيتني،
لو أبصرتني لما لمستني
لو لمستني
لضعت كالعطر
في المقبرة الظلماء.
هي حرية، لكن ما الذي نفعله
بالحرية
التي لا يمكننا أن نتأكد
من أغلالها الثقيلة باليد؟!
*
تعلمتُ ألا أكون جشعاً،
أنظر إلى نفسي في المرآة
وأقول لقد قمتُ
بما لم أحلم به.
أحببتُ مَن لا يحق لي أن أحبهم
وكرهت من كان بإمكاني
أن أؤذيهم،
هل قلت أحببتُ؟
بلى،
الحبُ بدفء أقل كصلاة الغرباء!
*
ما أسهل أن تصطحب أحداً
في رحلة
تقطعان طريقاً وعراً
ويكتشف كل واحد منكما
نصفاً من حياة الآخر
تنتهي الرحلة
فتؤلفان صلاة
النصف الذي لم يُكتشف بعد!
*
البشر يرتعشون مثل
الوريقات
ويموتون
ما الجديد في ذلك؟
منذ آلاف السنين
يذهب الواحد منهم
نحو حياته على دراجة نارية
ونحو موته
مشياً على القدم!
*
أذكر أنني كنتُ في العشب
حين لمحتني
عبر نافذة نصف مفتوحة،
لن أقول
بأنك أحببتني منذ تلك النظرة
فإن هذا النوع
من الحب لم يعد كافياً.
يتطلب الأمر الآن
أن يفتح المرء
عينه بإصبعيه
ثم يبقي منها على الأرجح ممراً نحو الموت!
*
لدي جسدان
أحدهما عرفتُه اليوم، لمستُه
بلطف و أسفتُ
لأني لم أدثره بالفرو
أيام ما كنا نتمشى في برد
المدن المفاجئ.
هل يثير ذلك استغرابك الآن؟
حسناً
وماذا إن أخبرتك
بأن حبك هو الذي قذفني مائة متر
عن الجسد الآخر!
*
في الليلة التي نقول
بأنه قد رحل
يهمس الميت بآذان مشيعيه
بأنه لم يفعل.
في الصباح يكون هناك بلد ثان
تلتهم به العظام
حيث الناس متساوون لأول مرة.
إلهي يا إله البطولة التي نفقدها
أرجو أن تهبَ القلوب التي تتلامس
أفواه الموتى!
*
هنا
على الكرسي الهزاز
أريد أن أحبك دون أحذية،
دون شموع
وحقائب
دون أن أبدو للآخرين
أنني أقف
أو أنطلق.
هنا قرب المدفئة
يواصل الكرسي الهزاز
حركته،
فيمكنني الفرار متى ما شئتُ
نحو اللفتة الأولى!
[هذا النص ضمن ملف عن الشعر العراقي].