[آية ضياء شاعرة حاصلة على ماجستير إعلام - قسم الإذاعة والتلفزيون / جامعة بغداد صدر لها (شيءٌ وعشرون شوقاً) مجموعة شعرية عن دار سطور ٢٠٢١، وصدر لها (قندول في الظلام) قصة للطفل عن منشورات مصابيح لكتاب الطفل ٢٠٢٢، ونشر لها العديد من القصائد في صحف ومواقع عراقية وعربية ورقية وإلكترونية].
امرأة مثلها
يا ماءً
يجرفُ سكونَ نهري
يجري فيّ سريعاً
لن تكفينا موجةٌ واحدة
فأنا أبعدُ من الآن قليلاً
أقربُ للشمسِ من مدينتها
ونحنُ كما نبدو
صورةٌ بالألوان
تخدعُ زمنَ الأشياء الثابتة
تسرقُ حركتها
لصوص لحظةٍ أو أقل
أنبياءٌ بلا دين
وهذه حياتي
بثوبها القصير
تمتلئُ مني بحراً
أمتلكُ فيها من الضوء
ما يكفيني للمشي بمفردي
في أزقةٍ مظلمة
فتُنير
أمتلكُ فيها قصتي
بفصولِ صيفها
بأشواكها
بأحلامها التي تتدلىٰ كالعناقيد
فوقَ رأسي
ولا أقطفها
لأحتفظَ بأقدامي التي تركض.
وعميقاً جداً في صوت الماء
شوارع تصحو من غفوتها
أسماء تنمو وتغادر
فيعودُ لعهدهِ جلدي
يُحاكي شكلَ الغرقِ
بلغةٍ بيضاءَ
تحرقُ فيَّ الضوء أحياناً
تُضرمُ النار
تتسلل فوقَ رصيفي
تتأملني بعدها
كيفَ أني لا أنطفئ
كيف أني أُربي قلقَ العالم
أسقيهِ أسئلتي
لئلا أهربَ من قولِ لا
وحتىٰ لا أضيع
كأي فيلمٍ
لم نصل فيهِ للمشهد الأخير ..
يظهر المعنى .. يختفي الأمس
أتوقفُ لمرات
تعود إليّ أقدامي لمراتٍ مثلها
لكتابة أحلام اليقظة
أعود
أصبُّ ماءاً في أوردتي
علامةَ التذكر
أبحثُ عن عشبةٍ
لا تجلبُ أياماً قديمة
تتدلىٰ منها الوجوه
علىٰ حبل غسيل
يربطها وجهي بخيطٍ واحد
في عالمٍ لا يراه أحد
سمعتُ ما أود سماعه
في عالمٍ يجرني وراءهُ من يدي
ثمة حجر
كان على الحجر أن ينطق
لأستبدلَ سور بيتي
بوشاحٍ من الدانتيل
أما الأشياء التي أُحب
فبالونٌ كبير
لن يلامسَ أرض روحي
إلا بوخزة دبوس
وعندها ليس ثمة بالون
بل حجر.
نقطة تحول
الأصابع الخمس
ما زالت خمساً
كفٌ كاملة
تكفي للإمساكِ بشخصٍ واحد
تكفي لإفلات الأشياء المُضنية
لم تعُد الأغاني ساحةً للحُب فقط
ولا مكباً للوقت الفارغ
فالأغنيةُ باتت تكفي
للإمساكِ بحياةٍ أبدية.
بعد أن زينتها بالصور السوداء
أبتعدُ الآن عن الأوراق الساخنة
ببرود
بخفة الكلمة التي يلقيها الهواء
على مسامعِ غصن أخير
أشتري حياتي
ممن يبيع
أسرقها
من طوق الخوف والقبيلة
وأمضي
بلا وجع التردد وأورام السكوت المزمنة
أمضي إليّ
أمضي إلينا
إلى مساحةٍ بيضاء
تركضُ فيها الخيول بلا توقف.
حمامةٌ تعرفُ لونها
لأن نسجَ الضوء مهمة صعبة
حاولتُ مراراً
فكانت حياتي بلا تكرار،
أغرسُ عمراً في قلبي
فيكونُ أن،
أطلبُ من عشرةِ أشخاصٍ
أو أكثر
أن يتركوا مقاعدهم أثناء العرض
لترشيد استهلاك الأوكسجين
فيكون المشهد أوضح،
يسألني رجلٌ
عن معنىَ كلمة مخبأ
ليشتري حكايةً عن الأحلامِ
بألفي دينارٍ فقط
وأبيع..
لا تطيرُ الحمامةُ لوجهةٍ مجهولة
لا تطيرُ الحماماتُ جُزافاً
فما تاهَ فيكَ مني
وجدَ الطريق،
وأنا
كلما عبرتُ النهرَ تذكرتُ
بأن عليَّ عبورهُ مرةً أخرىٰ
فالأنهارُ تنادي
والجسور تحمل
وأن الروحَ تعرفُ ماءها
والمجرىٰ،
والنردُ يُرمى
كما تُرمى صخرةُ العمرِ
في الوادي،
لذا رميت
وجلستُ بجانبي للمرةِ الأولى
سالمةً من الأذى
رأيتُ وجهي للمرةِ الأولى
كنتُ في الرؤيا شجرةً
تحبُ شارعاً في بغداد
وتقفُ فيه خضراء.
[هذا النص ضمن ملف عن الشعر العراقي].