[عباس ثائر شاعر وكاتب عراقي. ولد عام 1990. حاصل على شهادة الماجستير في القانون من جامعة الدون التقنية الحكومية في روسيا الاتحادية. كتب ونشر في الصحف والمجلات المحلية والعربية. ترجمت كثير من قصائده إلى الفرنسية والانكليزية. حاز على جائزة الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق عن مجموعته الشعرية (ولله أفكارٌ أخرى) عام 2018].
المكان الذي لا وصول إليه ولا انتهاء منه
ثمة شيءٌ لم يلحظه المرء
سقوطكِ مثلًا
دون أن يُخدش شيءٌ منكِ
كان يشبه غزو دولةٍ عصيةٍ
دون أن يموتَ أحدٌ
دون أن تُهد بناية أو يُعمر شارع قديم
دون أن تُبنى محلة وتُهدّ أخرى.
ثمة شيءٌ لم نلحظه
انهياركِ مثلًا
دون أن يُحطمَ زجاجكِ؛ يشبه طعنات قاتلة
بجسد هزيل، دون أن تسقطَ قطرة دم واحدة.
قطرة دم واحدة
كان بإمكانها أن تعيد الدم الى رأسكِ،
أن تعيد ترميمكِ دون أن تتهدمي،
كنتِ بحاجة إلى الهدم لتعرفي
لم يحبس الإنسانُ نفسه بين جدران وسقف
خشية قطرة ماء، تسقط من الأعلى،
تتناسل بذاتها، فيصير لها أبناء كثيرون،
ثم يهبطون إلى الأرض سريعاً مثل غزاة.
كنتِ بحاجة لقطرة ماء واحدة
تذكركِ بالغرق أو السفر للبعيد.
البعيد: المكان الذي لا وصول إليه ولا انتهاء منه
ولا عودة عن الشروع فيه.
السفر الذي محطته انتهاء، واجتيازها انتهاء، والرجوع منها انتهاء.
فكري في أن تسافري؛ لتعرفي أنّ العمرَ رحلةٌ بلا محطات أو مطارات
ليس لها من المتاع سوى الانتهاء
هل فكرتِ في أن تعرفي معنى الانتهاء
وكيف تضيق عيناكِ حابستين أياماً كثيرة بمحجرين صغيرين؟
هل فكرتِ كيف يقدر المرءُ على حبس
مساحات شاسعة من اللحظات بعينين صغيرتين؟
ثمة شيء لم يلحظه المرء
أن تتحرك الأصابع مثل بركان هائج إذا ما أومأت بالتهديد
ومثل بلبل هائم وهي تشير الى شفتيكِ
ومثل وحش كاسر عند المضاجعة
ومثل رب حازم عند الوعيد
ومثل رجل يموت ببطء عند النوم.
ثمة شيءٌ لم يلحظه المرء
سقوطكِ دون أن يُخْدش شيء منكِ.
[هذا النص ضمن ملف عن الشعر العراقي].