[علي أصلان شاعر وصانع أفلام عراقي من مواليد مدينة بابل ١٩٩٠. بكالوريوس إعلام الجامعة المستنصرية. صدرت له مجموعة شعرية بعنوان "عرّاف في غابة الدم"].
أحقادُ الصغار
حاقدٌ على كلّ ما يحزنكِ يا أمّي،
حاقدٌ على النعاةِ في المجالس الحسينية،
حاقدٌ على التراب الذي أخذ ما تحبّين،
على مرضِ السرطان الذي جعل مِن ثمرتِكِ؛
وجباتٍ سريعة لـ(السيد عزرا)،
على النخلةِ التي هدّدتِها بفأس؛
كي تحمل لك ثمراً،
كنت تهدهدين السرطان،
ولأنه مرض؛
جسّدتِهِ بنخلتنا اليتيمة،
على التنورِ الذي جعلَ..
مِن مساماتِ وجهك سندويتشات،
الحقدُ كرةٌ زجاجيّةٌ
ملوّنة بأوجاعي،
أخبّئها في جيبي،
ألتقطها مِن وجوهِ المارة في ذاكرتي،
ألوّنها بأكياس الدم و البلازما
في مدينة الطبّ الهاربةِ من أقدامي
ربّما أنا هاربٌ .. من حقدي.
ليلةٌ لا بدَّ منها
هذه الليلة؛
ستنفدُ قنينةُ العرقِ المُقوّى،
ويصحو جميعُ أولئك الغرباء،
وتغفو ابتسامتي عند آخرِ قطرةٍ،
سأتدلى كمسبحةِ عجوزٍ
من أريكتي،
أمدّدُ ساقيّ ولكنّ الأرضَ لا تدنو،
هذه الليلة؛
ستعودُ الجاذبيةُ إلى أرضِ المنزل،
وتنتظرُ سعادتي عند أقربِ حانة،
هذه الليلة؛
سأقرأ جميعَ التحذيراتِ على علبِ الوقت،
وأعدُّ كدماتِ أكتافي على جدرانِ الهواء،
سأعتذرُ مِن الهواءِ كثيراً،
أحبكَ أيها الهواءُ،
أنا آسف لأنّ وزني ثقيلٌ عليك،
سأقبّلُ فتاتيَ المهووسةِ باللغةِ،
وتفاصيلِ النحو والصرف،
سأقولُ لها:
الأخطاءُ هي من تصنعُ النصوص.
سرير يعي ما يقول
تعالي لندعو الجميع
لحفلةِ نزعِ الأرواح،
في غرفتنا،
في سريرنا المتكّئ على الخيبات،
حفلة فيها الرقصُ؛
على الجدران لا الأرض،
ولتكن ملابسُنا سميكةً وكثيرة؛
حتى نحسَّ بأرواحنا؛
وطبيعتنا الأنانية.
نحن لا نتخلّى بسهولة،
نجمعُ الكثيرَ مِن العظام والجماجم،
العازفُ لا يجيد العزفَ دونها،
ثم نذهب إلى مصرفِ الدم؛
ونأتي بفصيلةٍ نادرة،
الضيوف يستحقون هذا الشراب،
إنها حفلة للسادة العطاشى،
حفلةٌ غبيّةٌ،
حفلةٌ سميكةٌ.. كعقول المتمسّكين بالعقيدة،
حفلةٌ نخلق فيها كوناً مائلاً،
حفلةٌ فيها جماجمنا في سقفِ الغرفة،
ونصحو على صراخِ الطفل ذي النابين،
آسفٌ.. إنّها حفلة من صنع خيالٍ مرَضي.
[هذا النص ضمن ملف عن الشعر العراقي].