هذه الأيام
الصمتُ كفنٌ للكلمات
خاطتهُ أصابعُ المصيبة
ورَمَتهُ على كتفي: "تدفأ"!
اللحظة
يدُ زبالٍ ميتٍ
تنبشُ بجنونٍ
قبور أيامٍ ولدت ميتةً
وأحيدُ عن طريقي
لأزور خرائبها
مُرغماً، هذا المساء
حيثُ أسيرُ وأجفلُ
للمعةِ شظيةٍ
في رُكام ذاكرةٍ مهجومة
أحترتُ كيف أطمرها
بأي ألمٍ
بأي ألمٍ صاعدٍ كالنسغِ
من القلب إلى الرأس
حيثُ صوتُ أمي
حيثُ التابوت على محفةِ باصٍ
يسرعُ بها عند الفجر
على الطريق الدولي رقم 1
صوب مقبرة الكرخ
(حيثُ ألعبُ، صغيراً، كُل ليلة)
بلا عودة
لحظةٌ تعميني
لترتبكَ خطوتي التالية
في طريق عودتي من قلب واشنطن دي سي
إلى شقتي هذه
بنوافذها التي تطلُ على أجمةٍ
ترتفعُ منها هينماتُ
إلى إلهٍ ما في دُجنة ليلٍ
يطوفُ في ديجورهِ ثعلبٌ جائعٌ
تحت جُثثٍ تدلت من الأغصان
وجوهٌ رأيتها على رصيفٍ في مدينتي
تُشنقُ الآن
أٌلقي نظرةً عليها
وأنام
المساء في الكرخ
مَشّيتُ وحدي
شوارعَ مبتورة
زارها جنودٌ
واخرَسَتْ
نخلةٌ بنِصف رأس
ونعيٌ بائتٌ على حاجز كونكريت
أثرُ رصاصةٍ على جدارٍ آخر
والبابُ مقفول
لَعِبُ صبيةٍ بالأمس
ظفيرةٌ وشريطٌ أبيضْ
لكن لا أحد
مشيتُ وحدي
ثم رُفعَ أذانُ المغرب
واستقر الخنجرُ عميقاً
في خاصرتي
كلب الجيران
"أعتذرُ"!
قالت لي
"روكسي تريدُ إلقاء التحيةِ فحسب"
ابتسمتُ
"لا بأس"، قلتُ لها
لم أقلْ:
سيدتي
أنا لا أخشى الكلاب
لكن قطيعاً قد التهمَ الوجه
وصارَ يَنهشُ لحم الزندين
مُتحلقاً فوق امرأةٍ
ما زالت جُثتها مُلقاةً
على أرصفةِ الطفولة
حيثُ يعلُو النباحُ ويهبطُ
في رأسي ليلَ نهار