كم صوتاً صرخ بك آمراً استئناف المسير متبعاً أشباح الذكرى.
عدت إلى ما كنتَ، كان صباحاً، خفافيش ليل رأسك اختفت، واللاأحد في انتظارك، أحدٌ ينهش روحك، سرت على الماء لا مسيحاً، ولا تبشّرُ، غير أن الأرض لم تكف خيباتك، وحملتك ريحٌ تعترشُ أوّلها إلى حكامٍ بين النجوم، من ضوء باهت يستنجدونك. ضحكت من ازدواج عاطفتك، وجدت نفسك، ثم أغمضت عينيك لئلا تبصرها، عرفتَ الجحيم، وكل شقاء الكون حين أنعمت عليك فطرتك بقطرة من غيمة حقيقتك، تشتهي كلّ النساء، غير أنك لا تحب، لا تحب الانصياع لرتابة رمادية الأيام. كانت الحياة تجري في مكان ما، وأنت أعمى بعصا وأذنين تسمعان حديث الآلهة تبحث عنها في مكان آخر.
ما يحزنك يرحل، مارّاً كغيمة في سماء الصيف. ما يسعدك يتجدّر في روحك ويثمر أنانية، خيبة أمل، ضياعاً للحظة التالية، إذ لا تذكر فرحة دون أن يباغتك سؤال أزليٌ: ما معنى هذا الفرح؟
اشتقت، إلى ما لست إياه، كأنا(ك) لا تعرفك، ولم تمض ولو لحظة واحدة، في رأسك.
يناديك ألف صوت، تعير أذنيك للسماء، تناديك السماء، تعير لسانك للأرض، يناديك الموتى، تعير حياتك للحجر، يناديك بيتك، تعير عاطفتك للبشر، أنت لست إلا ما خشيته، وأنت خوفك من نفسك.
يسعى الكائن ألا يكون كائناً، يسعى البحر أن يكون أرضاً، تسعى الأرض أن تكون أمّاً، تسعى الأم أن تكون إلهاً، تسعى الآلهة أن تكون رجالاً، يسعى الرجل أن يكون جلداً.
تلهث الأشياء وراء خيالاتها رغبة في تحوّل يعيد تشكيل هويّة تحدد بدء رحلة مغايرة في طرف قصيٍّ. ترفرفُ روح الكون المغروزة في كل حي، عين السماء عمياء، ترى العالم.
جوع يعتاش على خبز الزمن، زمنٌ يعتاش على سيل الحياة، حياة تمصّ إصبع الكائن العسلية، شموس غاربة في الشرق، نهارات كئيبة في الليل، الجلود تتبدل.
وأنت؟ لا تسعى لشيءٍ، ولا يخيفك أن تدرك لا أهميتك، إذّاك، ستراك كما أنت: لا شيء.