روث ستون شاعرة أمريكية حصلت على جوائز رفيعة بينها جائزة دائرة نقاد الكتب الوطنية، كما حصلت على جائزة الكتاب الوطنية عن ديوانها "في المجرة التالية"، الذي اخترنا منه القصائد المنشورة هنا.
ولدت روث ستون في ولاية فرجينيا في ١٩١٥. صدرت لها ثماني مجموعات شعرية وعملت كأستاذة جامعية ودرّست الكتابة الإبداعية في عدد من الجامعات الأمريكية. توفيت في ٢٠١١.
١- الأستاذ يبكي
إنها نهاية آذار.
جابي الضرائب
يريدني أن أقطع رسغيّ.
مفتش الطرقات
يسوق شاحنة.
الثلج يتوضّع كعجينة
تصبح حامضة. كل ساعة
تصيرُ عظام الحب أكثر خفّة.
هذا ما ينجمُ
عن غياب الشفقة.
لقد استغلني الزمن
واستهلكني الموت.
أعيش في مدينة جونسون.
٢- سفر التكوين
أكياس ماء أسطوانية تملأ المحيطات،
كراتٌ مائية لا نهاية لها،
جلودٌ مليئة بالماء
كانت تتدحرج وتنقلب
حين انتشينا معاً
كما لو أن الضوء فصل بيننا
كما لو أن الضوء
أتى مع أنقاض الكلمات
رغم أننا متنا بين قشور الذكريات.
كان الأمر كما توقعنا أنه سيكون
في أصداء محطات بلا نهاية،
في الأقنعة البطيئة المتقشرة لأنفسنا
حين انتشينا معاً
في أغلفة أنفسنا،
في الظل العاري،
ونَفَس الكلمات اللامرئية
كأخطاء ضئيلة تكرر نفسها،
كما يمر الانحطاط كجنون عبر حشد.
لم يكن الأمر مقضياً.
كانت قطرة واحدة من الماء المالح إزاء أخرى.
٣- الوهم
لستُ الجينات والجيناتُ ليست أنا،
نحن توأمان متشابهان، فُصل بيننا عند الولادة.
هذا عَصَبي. هذا مبيضي الخصب.
ما يستحقه الكون أستحقه أنا أيضاً.
أنا لستُ أنا. أنا الجينات.
أنا اللولب المضاعف.
مستقبلي موضّحٌ. أداة الكون:
القضبان، الأكساس، الركوع على الركب، لعنة رعشة الجماع،
أيتها المدة الوجيزة، ليتقدس اسمكِ: أنا إصلاح النيوترون.
أنا الثقبُ، الآخرُ الغامضُ، النيغاتيف بين
ما كنتُ وأنا. من أجل ذلك نعم، أنا كثيفة ومبعثرة،
رائية أصيبت بالعمى تحبس القمر في موضعه.
أنا المنخل البسيط الذي يشرب الكون.
٤- كلمات بلا فائدة
أتذوّق طعم المطر وأشمّ رائحته
وخلف الحجاب
أسمع صوتكَ،
نغماته الخافتة المرتجفة
دون جسد أو ندم،
في هذه الساعات
التي تحتفظ بي كزخرف.
حتى المحيط بكل كرمه
يستلقي مسطحاً دون هدير
وصوتك ما يزال يخفق
داخل جمجمتي،
كما لو أنّ بوسعي أن أدخل أصابعي
في عينيّ وأخرجكَ.
في هذا الكون الأبكم الأجنبي،
هذه الأشياء العادية،
القهوة والتوست،
ثم لا شيء لدينا إلا الشوارع
وأشجار المدينة،
فقد عشنا في غرف مستأجرة.
لماذا تحتفظ رائحة جسمك
بعنف كهذا،
وصارت قمصانك العادية
قماشة لأزهار ذابلة ومُرّة؟
٥- ثلوج الربيع
مطرٌ يثير الذكريات،
ثلوجٌ متأخرةٌ تتحول إلى مطر.
ثم في المنزل البارد،
أستلقي وحيدة في السرير،
أسمع تمتمة خافتة على السطح،
وعبارات عشوائية: صوتكَ،
فقط صوتكَ،
كيف يمكن أن يكون ذلك الصوت الذي
لمسني في جميع المواضع؟
وما قلتَهُ
أتمنى لو كان في وسعي
أن أسمعه مرة أخرى
بكل غناه،
كان الجوهر المقطر
في لحظة الاستيقاظ،
التعفن الخفيف وروائح
تحلّل الشتاء
في الثلج الناعم الذي يأتي
بين الماضي والتقطّر البارد،
همس الهواء المنقسم
بين عطر البلورات الذائبة،
بين التشبّث والإفلات.
٦- الحب
هذا الجزءُ من نفسي الذي كرستهُ لكَ
لا يقرّ بأي شيء يتناقص ويتلاشى.
وبالرغم من أنني أذوب لحظة إثر لحظة
في شيء آخر، إلا أنني أحملك
معي كما لو أنك دمية في هذه الظروف
ترقص كما أرقص حين أقدم نفسي
الغريبة، لك، أيها الغريب.
نتحدث عنهما باستعجال،
نخرجهما من صدرينا
ونحملهما إزاء بعضهما البعض،
أعني القلبين الزجاجيين،
الجسدين الشفافين.
٧- حزن ليس حزناً
نأكل عن طريق أنابيب الزمن
كالصرصار
كالتفاحة ودودتها
كديدان الجزيئات المحايدة،
وما ليس موجوداً
هو دوماً أكثر من موجود
مثل الخشف الساقط،
الأرقط والذي بلون القرفة،
كما تميّل الريح نبات السرخس
وتحمل النَفَس الحليبيَّ للخشف
على لسانها اللامبالي
فوق الحقول النهمة.
[ترجمة: أسامة إسبر. المصدر، In the Next Galaxy].