رغم غياب الأغنيات ذات الإيقاعات الهادئة من صدارة أعماله في السنوات الأخيرة، إلا أن عمرو دياب ما يزال مسيطرا على مكانة لا تكاد تهزها ريح التغيير والدماء الجديدة، ولعل السبب في ذلك يعود إلى قدرته المدهشة في المواكبة، عبر التنقل بقفزات سريعة ومحسوبة نحو الأمام، محققا من خلالها عبورا للأجيال مهما تجددت، وهو ما يحقق له في المحصلة جمهورا متعدد الأعمار، فيزيد من اتساع رقعة محبيه، ويمكن تبيُّن أثر ذلك من خلال عدد الحضور المهول في حفلاته، رغم أن أسعار تذاكرها آخذة في الارتفاع بشكل لا يكاد يصدق، هذه المبالاة التي تنعكس على نشاطه في الآونة الأخيرة كمًّا ونوعًا - في وقت توقّف فيه مجايلوه عن العطاء بسبب الملل أو الاكتفاء أو الفشل في الإتيان بجديد- توازيها لا مبالاة مفاجئة في تعاطيه مع قصص الحب التي تتصل به، إذ يلحظ المتابع بسهولة، أنه يعلّق هذه القصص على الأشهاد من خلال أغنياته، مما لا يدع مجالا للشك في أنه غدا بطل أغنياته الجديدة الوحيد، وأنه يقصد كل كلمة يغنيها، ولا يعبأ بما يمكن أن يقال، في هذه المادة نتتبع بعض أعماله الأخيرة، ونخضعها لهذا الميزان من ناحية الكلمات.
يا أجمل عيون
ما إن انتشرت شائعة ارتباط عمرو دياب بدينا الشربيني، والتي اقترنت بحضورها معظم فعاليته، من إطلاق ألبومات، إلى حفلات وسفريات، وحتى مناسبات شخصية، حتى أعلن بنفسه عن هذه العلاقة من خلال أغنية "يا أجمل عيون" أو "برج الحوت" كما هو متعارف عليها، وقد كتب كلماتها تركي آل الشيخ، الذي قيل إنه كان يقصد فيها آمال ماهر، حين كانا في علاقة شبه معلنة أيضا، ويتوافق أن النجمتين الشربيني وماهر، تنتميان إلى برج الحوت فعلا!
تناقلت مواقع وتقارير طبعا أن عمرو دياب ودينا الشربيني تزوجا فعلا، لكن القصة لم تكلل بالنجاح في آخر الأمر، الأهم من ذلك أن الشربيني نشرت عدة فيديوهات ترقص فيها على أنغام الأغنية ذاتها:
يا أجمل عيون وأحلى عيون
صحيتي ليل العاشقين
صحيتي الشوق من غير معاد
وسافرتي لـ آخر البلاد
والله لحبك موت، وأحب برج الحوت
وأعشق تفاصيلك، ضحك وبكا وسكوت
لإنك الدنيا، واللي يفوت يفوت
يوم تلات
وسواء كان الثنائي تزوجا أم لا، فإن متابعيهم صاروا على يقين بأنهما في علاقة معلنة، لتكون بذلك هي العلاقة الثالثة بالنسبة إلى عمرو دياب، بعد زوجته الأولى النجمة شيرين رضا، وزوجته الثانية السعودية زينة عاشور، ولم يفوّت الهضبة هذه الفرصة دون أن يوثقها بأغنية جديدة، غريبة المبنى والمرمى، من كلمات تامر حسين:
يوم تلات تلات بنات ندهوني
ع البساط بصّات يا ناس عجبوني
قعدة وانبساط غدا وعزموني
فتفتوا الفتافيت وفتنوني
شكلها مؤامرة
أعشق السمرا
ولا أعشق البيضا
أم الخدود حمرا
الحياة حلوة
ويّا أم روح حلوة
كلهم حلوين جننوني
والمتأمل للكلمات يمكنه بسهولة توزيع حصص منها على زوجاته الثلاث، ويدعم تلك المقاربة تصريح دينا الشربيني لـET بالعربي، إذ قالت إنها أرسلت فعلا لشيرين رضا صورة ميمز تجمع الزوجات الثلاث تاركة عبارة لكل منهن، فزينة عاشور "السمرا" وشيرين رضا "البيضا إم الخدود حمرا"، ودينا نفسها "أم روح حلوة".
زي ما انت
أما زينة عاشور ففضلت عدم الدخول في هذه الزوبعة، إذ امتنعت عن التعليق مرارا، مرة قالت إنها تفضل التركيز على تربية أبنائها، وأخرى قالت فيها إن مصير علاقتها بعمرو دياب مسألة شخصية، وثالثة رفضت فيها التعليق على انفصال عمرو ودينا. والمثير أن ثمة أغنية يبدي فيها الهضبة امتنانا لا يتلائم مع سياق علاقته بدينا، مما يركّز الأنظار نحو زينة، وهي أغنية "زي ما انت" من ألبوم سهران، من كلمات عزيز الشافعي:
انتي لسه زي ما انتي قمر في عيني
أحلى عمر دا اللي كان بينك وبيني
واما تيجي في الكلام سيرتك بقول
دي حبيبتي الغالية دي بنت الأصول
مستحيل أقبل في حقك أي كلمة
انتي أعلى منهم فوق انتي نجمة
واللي يسألني عليكي بقول دي نعمة
مستحيل أوصف جمالك مهما أقول
ويتابع الغوص في التفاصيل، مما يثير اليقين أكثر في الصدد ذاته، حين يقول:
ده انتي سايبة جوة قلبي ذكرى حلوة
لسه صوتك بسمعه في وداني غنوة
دي الحقيقه ان الحياة بعدك ما تسوى
حبي ليكي كل يوم في البعد يقوى
سيبك انتي، عاملة ايه وازيك انتي؟
دي الغلاوة هي هي والمشاعر متدارية
زي ما انتي انتي عندي زي ما انتي
الغلاوة هي هي والمشاعر متدارية
فمن جهة، لا يمكن أن يغني هذا النص لدينا في ذروة العلاقة، فكيف يمكن أن يسميها "ذكرى حلوة"، وهما يترافقان حتى في تصوير مسلسلاتها وإطلاق ألبوماته؟!
ومن جهة أخرى لا يمكن اعتبار هذه الأغنية مجانية وعبثية أو مجرد مصادفة، برغم حضورها ضمن سرب من الأغنيات التي تعبّر عن واقع الهضبة العاطفي.
سنجل
وبعد شيوع خبر انفصاله عن دينا الشربيني، والذي قيل إن سببه طلبها إعلان الزواج بشكل رسمي، أطلق عمرو دياب أغنية سنجل، مفجرا مفاجأة من النوع ذاته، بكلماتها التي كتبها بهاء الدين محمد:
بعلن في النبأ العاجل إن أنا دلوقتي بقيت سينجل
سينجل هاي هاي يا سناجل قلتلكوا انا هاجي وجيت
سابيقنّي وحصلتكوا احساس تاني يا بختكوا
مش كنتوا تقولوا ده يادوب من يوم بس حسدتكوا
وموبايلي مرنش رن.. ارتحت خلاص من الزن
وهخلص أنا علي قلبي لو قال مشاتق أو حن
هذه السلسلة من الأعمال، تعيد زمرة من الأسئلة الكلاسيكية إلى الواجهة: هل على المبدع أن يتمثل أحاسيس الآخرين لتكون أعماله مشاعًا يمكن للجميع أن يحسوا بها؟ أم أن عليه تقديم هواجسه ليكون إحساسه أكثر صدقا كشرط للنجاح؟ والسؤال الثالث: في أي الحالتين يخون المبدع جمهوره؛ إذا استأثر بالعمل على نحو يلبّي مشاعره الفردية؟ أم إذا باعهم مشاعر معلبة تشبه مشاعرهم؟