حين سمعت بخبر رحيل الروائي حيدر حيدر الجمعة الرابعة صباحاً بتوقيت هيوستن لم أستطع استكمال النوم. من عادتي أن استيقظ من الرابعة إلى الخامسة صباح كل يوم لمراجعة الأخبار وهي عادة قديمة لم ألمس لها فائدة مرجوة، ثم كتابة رؤوس أقلام أفكار متناثرة تكون قد راودتني في الهزيع الأول من النوم على أمل العودة إليها مستقبلا. وهو أمر لم يحصل بعد ثلاثين سنة من التدوين. ثم قراءة فصل من رواية، وكانت هذه المرة رواية "افرح يا قلبي" للصديقة علوية صبح عسى أن يدخل الفرح إلى قلبي المفجوع حتى وإن دخل من شباك الحزن الثقيل ومن باب تحويل الألم إلى ذكرى جميلة. ثم أعاود النوم دون إخلال بهندسة النوم الفسيولوجية ودون أن ينتابني النعاس في اليوم التالي. يحسدني بعض الأصدقاء على تلك المقدرة حيث أنهم إذا استفاقوا في هكذا وقت فلن يستطيعوا معاودة النوم دون تفكيك لهندسة النوم وحلقاته المتوالية.
فجأة فكرت بنصير شيوعي اسمه ياسين. تعرفت عليه في 1985 في مقر الفوج الأول للأنصار في وادي مراني. كان شاباً في العشرينيات من عمره نحيفاً ذا عينين كبيرتين وأنف طويل وبارز. عينان محتقنتان في أغلب الأوقات ويدخن بشراهة والابتسامة ليست من عادته ألا أن وجهه لم يكن متجهماً. كان كأنه يبحث عن شيء ضائع. رغم أن مزاجه على ما يبدو غير مستقر إلا أنه كان يعاملني بلطف . كان أحياناً يزورني إلى الطبابة بعد منتصف الليل يشكو من ألم في البطن وكان دائما قلقاً وقليل النوم. لم أحزر ولم أحاول أن أفك طلاسم روحه.
في 21 آذار 1985 التقينا في عملية أنصارية غايتها القبض على عنصر من أهالي دهوك كان قد عاث فساداً في الأرض وكان يداً للسلطة في ترويع الناس. كطبيب، تُرِكْتُ في منطقة خلفية مستعداً لإسعاف الأنصار عند الحاجة وكان مرافقي ياسين. كانت حقيبتي الطبية فقيرة وتنطوي على بعض الضمادات والمضادات الحيوية والمسكنات. يبدو أن وجود طبيب في المفرزة كان يوفر دعماً نفسياً أكثر مما هو واقعي للأنصار. كان الطقس غير متناسب مع ربيعية آذار. رياح باردة وضباب كثيف ومطر خفيف. وقفنا خلف صخرة كنا نحتمي بها في ظلام دامس وقد بدت دهوك تحتنا في واد تتلألأ أضواؤه. ابتعدت المفرزة المكونة من حوالي 10 أنفار بقيادة الملازم (س) ونزلت عبر السفح إلى المدينة. ياسين كان سارحاً بأفكاره. سألته إن كان بخير. أنا من عادتي في مثل تلك الظروف أن أترك العنان لذاكرتي لتجول في بساتين الهويدر التي يغسلها عطر القداح في مثل ذلك الوقت من السنة. ياسين قال: سوسن؟ قلت: من ؟ قال: سوسن أخذت عقلي في سورية. لقد التمت بروحي المحنة وصرت أتفقد كل كلمة ولحظة عشناها سوية. كانت رقيقة ومحبة. أفتقد حنانها. لقد قرأنا سوية رواية اسمها "وليمة لأعشاب البحر" كانت قد صدرت حديثاً في بيروت لكاتب سوري اسمه حيدر حيدر. قلت: ما هو موضوعها؟ : قال تتحدث عن تجربة الكفاح المسلح في الأهوار في الستينيات. سألت: وهل كان حيدر حيدر مع الثوار؟ قال: لا ولكن تعلم عن التجربة من العراقيين اللاجئين إلى الجزائر حيث كان يقيم. ثم قال: لا أريد أن أفسد عليك متعة الدهشة في قراءة الرواية. ثم عاد إلى صمته. مرت سحابة سوداء فوقنا فتأملها قليلاً. الوقت مر سريعاً. سمعنا أصوات مشي تبين أن المفرزة قد عادت. تركنا المفرزة تمر ثم صرنا نمشي في آخرها نتحدث عن كواليس الشام وجمال فتياتها بصوت خافت. بعد قليل لم نستطع أن نتبين الطريق لكثافة الضباب. ولم نتبين حتى المفرزة. كنا في قمة جبل ولم نتبين حتى متراً من الطريق. إذا تحركنا بدون هداية فقد نسقط في الوادي السحيق. بدأت تمطر ولفنا الضباب من كل الجهات وهبت ريح باردة تقص الوجوه. قال ياسين مرتبكاً: ما العمل. دعنا نمشي. قلت سوف نتدحرج في الوادي ولن يجد جثثنا أحدٌ. سحب بندقيته وقال: سوف أطلق طلقتي إنذار عسى أن تدلهم علينا. قلت: ولكن السلطة في دهوك في حالة استنفار بعد العملية وسوف يستدلون علينا. قال: لا أحد يتجرأ صعود الجبل في هذا الوقت. أطلق طلقتين سمعتها مرتين بسبب الصدى القادم من الجبل المقابل. بعد قليل أطلقت المفرزة طلقتين جواباً من مكان بعيد ويبدو أنها قطعت شوطاً كبيراً في المشي. قلت بحزم: ياسين: احتم بتلك الصخرة وأنا سوف احتمي بهذه . أشرت إلى صخرة أكبر كانت على يميني حيث تصد الريح الباردة عن وجهي وكانت صخرته أسفل من صخرتي بأقل من متر. احتمى. سويعات وينبلج الفجر. سوف لن نموت جوعا أو برداً وسلاحنا بيدنا إن داهمنا حيوان أو بشر. أطلق لخيالك العنان. احك لي عن سوسن. كان غارقاً في قلقه. لقد تحسست جيبي كل عدة دقائق للتأكد من أن ما أملك في هذه الدنيا لم يمسسه مطر أو ضرر. كان في جيبي جواز سفري مع ألف دولار كنت قد جمعتها أثناء عملي في مدينة الطب تحسباً للسفر. كانا في كيس نايلون . من كثرة التحسس لمست ثقباً صغيراً في جيب السروال. لم أتقرب منه خشية توسعه. فكرت أن أنقل الكيس إلى الجيب الآخر الأيسر. لفحتني لسعة برد كادت أن تطير فكي. أمسكت بالصخرة لمقاومة الريح. الصخرة ليس لها مكان للإمساك فحضنت قسماً منها . لقد صرنا قطعة من الماء البارد حيث تخلل المطر كل ثنايانا. أغمضت عيني وسرحت في ثنايا العراق الذي كنا نتحمل كل ذلك من أجله. العراق المثقل بالحرب والاستبداد . خيط من الضوء تسلل عبر جدران الضباب ثم اتسع ليفصح عن واد سحيق تحتنا وطريق للمشاة فوقنا. صاح ياسين: فرجت. تنكبنا السلاح واقتفينا أثر الطريق. لم ينبس ياسين ببنت شفة. 30 دقيقة ووصلنا إلى أول قرية. استطلعنا القرية من القمة ثم دخلنا واهتدينا إلى المفرزة. كنت أتصور أن الرفاق في حالة انتظار وقلق ولكن يبدو أن ضياعنا كان آخر همومهم. تم توزيعنا على البيوت كالعادة لتناول الفطور ثم تحركنا إلى المقر.
حين وصلت إلى الشام بعد سنتين تقريباً بحثت عن سوسن بما زودني به عنها ياسين من معلومات. فوجدتها. شابة عراقية لطيفة نحيفة بيضاء في المقياس العراقي ذات عيون كبيرة ونظرات حادة وقلقة كقلق عيون ياسين. والداها كوادر شيوعية منفصلة عن الحزب ومنخرطة بالقيل والقال التي كانت متفشية في الشام حيث الحزب لم يكن في أحسن حالاته، بل الشرذمة كانت سيدة الموقف. لم أذكر اسم ياسين حفظاً للسر حيث أن الخارج والداخل إلى كردستان كان محاطاً بهالة من الأسرار. بحثت عن رواية "وليمة لأعشاب البحر" فوجدت نسخة عند صديق. قرأتها. تعرفت على تجربة الكفاح المسلح وخالد أحمد زكي وهور الغموكة وما لم أعرفه سابقا بسبب التعتيم الحكومي والحزبي على حد سواء. أذهلتني التفاصيل من قبل كاتب لم يعش تلك التجربة. وصف خارق للطبيعة وأهلها ولقضايا الخلاف في الحزب الشيوعي العراقي.
بعد 17 عاماً وحين صدرت الطبعة المصرية كتب ناقد مهلهل نقداً للرواية ما لبث أن استشاط الأزهر غضباً فخرجت مظاهرة وقدم ثلاثة محامين محسوبين على الإخوان المسلمين مذكرة إلى المدعي العام لمنعها لتجاوزها على المقدسات والذات الإلهية ولتقريع الأنظمة العربية ولتشكيكها بالثورة الجزائرية. الحكومة شكلت لجنة أصدرت تقريراً ببراءة الرواية. اندلعت التظاهرات مرج أخرى مما اضطر الحكومة المصرية إلى سحبها من الأسواق ومعاقبة الناشرين ومنعها. ثم انتشر وباء المنع إلى بقية الدول العربية. ولأن كل ممنوع مرغوب حققت الرواية مبيعات خيالية مثلها مثل رواية سلمان رشدي "الآيات الشيطانية" مع فارق أن الأولى كانت أكثر حبكة وجزلاً وسرداً من الثانية. حيث وصف حيدر حيدر على لسان البطل مهدي جواد وعشيقته فلة العنابية (نسبة إلى مدينة عنابة في الجزائر التي أقام فيها الكاتب) إفلاس الثورة والتي قال عنها النواب في وترياته الليلية: الثورة يزنى فيها والقلب تموت أمانيه. انتقدت فلة بؤس الثورة بعد انتصارها وخيانة مبادئها وتحولها إلى ألعوبة مما عرضّ فلة إلى سخط الثوار وعدائهم لها فما كان منها إلا أن تمتهن الزنا فأصبحت بائعة هوى مثلها مثل "نجمة" في رواية كاتب ياسين "نجمة" التي وصفها الكاتب بنجمة العنيفة النادرة. هنا فلة أصبحت عنيفة وغير مواربة وهي تقول في الرواية إن الناس تناسوا خصالها الثورية وصاروا يركزون على آهاتها الجنسية أثناء الوضع الحميمي. محمود أمين العالم كان يصف فلة بأنها تمثل روح الثورة التي أكلت أبناءها. القضاء المصري لم يفهم رمزية الرواية وخياليتها وتعامل معها وكأنها نص تاريخي. أليس من حق الكاتب الخيال؟ إذاً ماهي وظيفة الفن والأدب إن لم تكن التمرد على السائد ومساءلة المقدس؟ هل أن مهمة الأدب تبيض صفحات أهل العمائم واللحى؟ أو تبرير الخرافات وترهات الفكر؟ لم أر في الرواية انتهاكا صارخاً سوى لذوي العقول المسطحة والأفكار الخشبية. يقول الكاتب: قال الله: إذا ابتليتم بالمعاصي فاستتروا . إن ذلك ليس بنص قرآني كما تخيل الكاتب إنما حديث نبوي ولكن هل أن ذلك يتطلب المنع. ثم يقول أحد شخوص الرواية: "الله قال انكحوا ما طاب لكم، رسولنا المعظم كان مثالنا جميعًا ونحن على سنته، لقد تزوج أكثر من 20 امرأة بين شرعية وخليلة ومتعة.. وكان صلوات الله عليه وسلم يقول: تناسلوا تناسلوا فإني مفاخر بكم الأمم، استبد الغضب بالحاج: الرسول تزوج حسب الشريعة، أما أنتم فتريدونها شيوعية". أين التعدي هنا؟ تستعرض الرواية رأيان كلاهما خاطئ. هل كان على الشيوعيين معادات الكاتب لقدحهم بما ليس فيهم؟ طيب إن كان عدد الزوجات أقل مما هو متداول في الأدبية الدينية (11-13) فلينبري أحدهم لتصويبه بدل تكفيره وقطع رزقه مع أن الرواية هي ليست كتاب فقه أو تأريخ وأن ما يجري فيها ليس من المفترض وضعه في ميزان القياس العلمي أو التأريخي. كذلك يقول الكاتب في وصف بيئة الكفاح المسلح : «داخل هذه الأهوار التي خلقها الرب في الأزمنة الموغلة في القدم ثم نسيها فيما بعد لتراكم مشاغله التي لا تحد في بلاد العرب وحدها حيث الزمن يدور على عقبيه منذ ألفى عام» لكي يشير إلى الفقر المدقع الذي أكده قبلة تفصيلاً ولفرد ثيسجر في كتاب "عرب الأهوار" التاريخي. أين التعدي على الحرمات هنا؟ هي جمل اعتراضية ضمن سياق أعمق ولكن حين يشير الحكيم إلى القمر ينظر المعتوه إلى الأصبع . إن حيدر حيدر كتب روايات كثيرة وناضل في صفوف الثورة الفلسطينية وكان يعيش على الكفاف وفي حياته الكثير من الدروس والعبر أكبر من التحدي المزعوم للنص الديني.
ياسين استمر في العمل في الأنصار. كان خبيرا في زرع الألغام على طرقات المركبات العسكرية للسلطة وكان يتسلل إلى الأقسام الداخلية في جامعة الموصل لمهام سرية. كان شجاعاً ومجازفاً. عرفت فيما بعد من خلال التقرير السري (طيا نسخة منه) الذي أصبح علنيا بعد سقوط النظام بأن ياسين كان اسمه الصريح جماهير. والده هو أمين الخيون، أحد أبطال رواية "وليمة لأعشاب البحر". لقد كان في نظر البعض القائد الفعلي للكفاح المسلح في الأهوار. كانت الحركة المنشقة عن الحزب الشيوعي العراقي متناغمة مع حركات الشباب في فرنسا وجيكوسلوفاكيا والمد الجيفاري في آسيا وإفريقيا أمريكا اللاتينية على الضد من منحى خروتشوف السلمي الذي تبناه الحزب الشيوعي. لقد تم اغتيال أمين الخيون في بغداد من قبل السلطات في 1970 ورميت جثته في الشارع وتم إعدام زوجته (والدة ياسين). عرفت الآن مصدر قلق ياسين الدائم وبحثه عن معنى لحياته. في عمر السادسة عشر سافر إلى تركيا ثم إلى موسكو ثم تدرب عسكرياً في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ثم أقام في سورية حيث تعرف على سوسن ثم أرسل إلى كردستان. تم تنسيبه إلى تنظيم الداخل فنزل إلى بغداد. تم إلقاء القبض عليه في 1987 فتعهد بالتعاون مع أجهزة الأمن حسب تقرير محكمة الثورة المرفق ولكنه أخبر الحزب بذلك وبتوجيه من الحزب استمر في مماشاة الأمن والاتصال بالحزب عن طريق طالبة في جامعة الموصل اسمها فالنتينا ولكن بعد سنة اكتشف الأمن علاقته السرية بالحزب فتم إعدامه من قبل عواد البندر حسب تقريرهم المفصل عن نشاطه الذي دلني عليه الراحل خالد حسين سلطان في زيارتي إلى بغداد عام 2018.
إلى الخلود حيدر حيدر
إلى الخلود ياسين ووالداه
[ملاحظة: أبقينا محضر المحكمة أدناه كما هو بأخطائه].
نسخة طبق الأصل من محاضر المحاكمة:
رئاسة محكمة الثورة
بغداد
العدد / 428 / ج / 1989
التاريخ / 16 / ذو القعدة / 1409
19 / 6 / 1989 م
قرار التجريم
تشكلت محكمة الثورة بتاريخ 16 / ذو القعدة / 1409 هـ الموافق 19 / 6 / 1989م برئاسة السيد عواد حمد البندر وعضوية العميد الحقوقي داود سلمان شهاب والعميد الحقوقي طارق هادي شكر وأصدرت باسم الشعب القرار الآاتي :ـ
احال السيد رئيس ديوان الرئاسة بموجب امر الاحالة المرقم 6 /388 في 29 / 5 / 1989 القضية المرقمة 4 / 989 الامن العامة ش 1ـ الخاصة بالمتهم جماهير امين حسين علي الخيون . لاجراء محاكمته وفق المادة 156 من ق . ع .
لدى اجراء المرافعة والاستماع الى مطالعة المدعي العام المقدم الحقوقي هاشم طه حمد الذي طلب محاكمة المتهم وفق المادة : 204 / 1 / آ بدلالة المواد 49 , 50 و 53 والمادة : 175 / 2 من ق . ع ومصادرة أمواله المنقولة وغير المنقولة .
استمعت المحكمة الى : افادة المتهم ودفاع وكيله المحامي المنتدب جنكيز جميل .
وبالتدقيق والمداولة تبين ما يلي :ـ بتاريخ 18 / 1 / 1989 تم القبض على المتهم جماهير امين حسين علي الخيون ( عربي ) لعلاقته بالحزب الشيوعي العراقي العميل وممارسته نشاطا تخريبيا معاديا للحزب والثورة والوطن واستمراره بهذا العمل حتى بعد القبض عليه في المرة الاولى بتاريخ 14 / 12 / 1987 وكسبه للعمل لصــــالح دائرة الامن وبذلك يكون عمله مزدوجا . رغم علمه بمحذورية ذلك .
من سير التحقيق القضائي والمحاكمة الجارية والاطلاع على محضر ضبط رسالة معنونة الى المكتب السياسي للحزب الشيوعي من احد الكوادر الشيوعية بحوزة المتهم كانت مخفية في ملابسه الداخلية ومخطط لدار الشيوعي المكنى ابو سلام مستشار السرية التخريبية السادسة ومقالة مكتوبة بخط المتهم حول هزيمة ايران . والاطلاع على محاضر تفريغ اشرطة الكاسيت المسجل عليها احاديث المتهم والتي تؤيد علاقته بالحزب الشيوعي واستمراره بهذا العمل حتى بعد القبض عليه في المرة الاولى والاتفاق معه على التعاون مع الاجهزة المختصة .
لذا وقد تبين للمحكمة بانه سبق ان تم القبض على المتهم بتاريخ 14 / 12 / 987 من قبل مديرية امن محافظة نينوى اثناء نزوله من المنطقة الشمالية للقيام بالاعمال التخريبية داخل المحافظة بتكليف من قيادة حزبه العميل وتم التنسيق معه وتجنيده للعمل لصالح العمل الامني وتم نقل عمله الامني الى بغداد بتاريخ 30 / 5 / 1988 الا ان علاقته استمرت بالحزب الشيوعي العراقي العميل وكان عميل مزدوج وانه حجب الكثير من المعلومات المهمة عن دائرة الامن كما تبين للمحكمة ان والد المتهم اعدم عام 970 لكونه احد قادة الكفاح المسلح في منطقة الاهوار كما تم اعدام والدته لنشاطها المعادي .
اما المتهم فقد اعترف في ادوار التحقيق بما نسب اليه وبين بانه ارتبط بالحزب الشيوعي العراقي العميل عام 987 عندما كان عمره 14 سنة وفي عام 1980 سافر الى تركيا والتقى بخواله الشيوعيين هناك وهما جمال وكفاح ولدي حسين علي ثم اخذ يتنقل بين سوريا والاتحاد السوفيتي واليمن لغرض الدراسة والعمل الحزبي والتدريب ثم التحق بالمخربين الشيوعيين في شمال القطر واشترك بزرع الالغام في الطريق العام في قاطع بهدنان وضرب دائرة الامن في القوش والتعرض لمدينة العمادية ودهوك بواسطة الهاونات بالاضافة الى قيامه بمهمات الاستطلاع وتحديد الاهداف . وفي عام 987 اصبح امر الفصيل الاول في السرية السادسة ثم احد عناصر تشكيل ما يسمى ( بجهاز الامن ) واجهة التحري وجمع المعلومات عن العناصر الشيوعية الملتحقة الى مقر الفوج الاول لغرض التاكد من نواياهم خشية من عملهم لصالح الاجهزة الامنية واصبحت علاقته بالشيوعي لبيد عباوي ابو سالار عضو اللجنة المركزية الذي كلفه بالنزول الى الداخل وبالتنسيق مع المستشار السياسي للفوج الاول الشيوعي ( ابو امجد ) للقيام بالاعمال التخريبية داخل المدن وقام باستطلاع الاقسام الداخلية لجامعة الموصل ودار استراحة ضباط الجيش والنادي الاجتماعي واحدى الكازينوهات في منطقة الغابات واتصل بالشيوعية فالنتينا الطالبة في جامعة الموصل كونها تسكن الاقسام الداخلية لغرض الاستفادة منها لان شقيقها خليل كان شيوعيا وقتل من قبل القطعات العسكرية واتفق مع الشيوعي ابو سالار على ان يكون الهدف الاول في العمليات التخريبية هو الاقسام الداخلية وبتاريخ 14 / 12 / 987 قبض عليه من قبل دائرة امن نينوى واعترف بكل نشاطاته المذكورة اعلاه ثم اطلق سراحه بعد ان تم التنسيق معه . الا انه بتاريخ 3 / 1 / 988 التقى بالشيوعي ابو سالار بشكل سري وشرح له موضوع القبض عليه وعملية التنسيق معه واتفقا على استثمار هذه العلاقة لصالح الحزب الشيوعي بعد ان وافق على ذلك عضو المكتب السياسي ( مجيد حميد البياتي ـ ابو داود ) وطلب منه ابو سالار ان يستمر بلقائه مع ضابط الامن وان تكون الطالبة فالنتينا مراسلة حزبيه خاصة له واوعده بانه سوف يزوده بمسدس على شكل قلم لاستخدامه في حالات الضرورة وانه نفذ جميع ما طلبه منه ابو سالار من جمع المعلومات عن رجال الامن . . . الضباط وعناوينهم وارقام سياراتهم وانه تمكن من الاتصال بالشيوعي ( سعد كريم اسماعيل ) واوضح له عمله المزدوج وان الشيوعي المذكور اخبره بالمعلومات التي لديه والتي تشير الى وجود عناصر شيوعية تعمل لصالح دوائر الامن ومنهم ابو عادل وابو علي وهنالك شيوعي يتصل به يدعى حافظ ابراهيم وهو مكلف بتصفية الشيوعيين ابو عادل وابو علي للشك بتعاونهم مع الامن .
ولدى تدوين اقوال المتهم امام هذه المحكمة اعترف بالتهمة المسندة اليه وايد ما جاء بافادته المدونة في ادوار التحقيق وادعى بانه طلب من دائرة الامن عندما تم القبض عليه في المرة الاولى ان يعمل في بغداد الا انهم اصروا على يعمل في المنطقة الشمالية ولعدم اطمئنانه للاجهزة الامنية اخذ يعمل بشكل مزدوج واستمر بعلاقته بالحزب الشيوعي العراقي العميل وطلب الرحمة والرأفة .
لما تقدم تايد للمحكمة ان المتهم جماهير امين علي حسين الخيون ارتكب فعلا ينطبق واحكام المادة 204 / 1 / آ بدلالة المواد 49 و 50 و 53 والمادة 175 / 2 من ق . ع تقرر تجريمه بموجبها وتحديد عقوبته بمقتضاها .
قرارا صدر باتفاق الاراء وافهم علنا في 16 / ذو القعدة / 1409 هـ الموافق 19 / 6 / 1989م .
موقع ....................................................موقع ..................................................................موقع
عضو ............................................. عضو........................................................... الرئيس
_______________
رئاسة محكمة الثورة
بغداد
العدد / 428 / ج / 1989
التاريخ / 16 / ذو القعدة / 1409
19 / 6 / 1989 م
قرار الحكم
تشكلت محكمة الثورة بتاريخ 16 / ذو القعدة / 1409 هـ الموافق 19 / 6 / 1989م برئاسة السيد عواد حمد البندر وعضوية العميد الحقوقي داود سلمان شهاب والعميد الحقوقي طارق هادي شكر واصدرت باسم الشعب القرار الاتي :
الحكم على المجرم جماهير امين حسين علي الخيون بالاعدام شنقا حتى الموت وفق المادة 204 / 1 / آ بدلالة المواد 49 و 50 و 53 والمادة 175 / 2 من ق . ع ومصادرة امواله المنقولة وغير المنقولة . واعتبار جريمته جناية عادية مخلة بالشرف عملا بقرار مجلس قيادة الثورة المرقم 61 في 17 / 1 / 1988 .
قرارا صدر باتفاق الاراء وفهم علنا في 16 / ذو القعدة / 1409 هـ الموافق 19 / 6 / 1989م .
موقع ......................... موقع ........................ موقع
العميد الحقوقي................. العميد الحقوقي ..............عواد حمد البندر
طارق هادي شكر............داود سلمان شهاب.......... رئيس محكمة الثورة
عضو ...........................
عضو ........................... ع
***