[وُلدت ريتا دوف في أكرون بولاية أوهايو في الولايات المتحدة الأمريكية في سنة ١٩٥٠، درست في جامعة ميامي في أوهايو وجامعة توبنجن في ألمانيا وفي جامعة أيوا، حيث حصلت على شهادة الماجستير في الكتابة الإبداعية (١٩٧٧). حصلت في عام ١٩٧٧ على جائزة بوليتزر على مجموعتها الشعرية الثالثة، "توماس وبيولا"، ومن عام ١٩٩٣ إلى ١٩٩٥ خدمت كشاعرة متوجة في مكتبة الكونغرس، وتلقت دوف في ٢٠٢٢ جائزة روث ليلي للشعر. ألفت الكثير من الدواوين الشعرية والروايات والمقالات، وتُرجمت أعمالها إلى معظم اللغات الحية. اخترنا القصائد التالية من كتابيها: "قصائد مختارة" و "في الحافلة مع روزا باركس"].
أغنية بصوتٍ رخيم
حين كنتُ في ريعان الشباب كان القمر يتحدّثُ بإبهام،
والنجوم تنظم القوافي. كنتُ دميةً جديدة
تنتظر أن يلتقطها مالكها.
حين كنتُ في ريعان الشباب، أركعتُ النهار على ركبتيه.
وكانت هناك أشجارٌ كي نتأرجح، وجنادبُ كي نمسك بها.
كانت عذوبتي ضمن حدود، وقسوتي بلا حدود،
وكان العسلُ والحليب تحت لساني
ولقد لفحتْني الشمس وكنتُ فضيةً ومرقّطة كمهر.
كان العالم قد بدأ يكبر،
وكنت أكبر مما أنا عليه الآن.
شهادة
في ما مضى
حين كانت الأرضُ حديثة العهد
والفردوس مجرّد همسةٍ.
في ما مضى
حين لم يكن لدى أسماء الأشياء
الوقت كي تَعْلق.
في ما مضى
حين كانت أخفّ النسائم
تُحيل الصيف إلى خريف،
وأشجار الحور ترتعش كلها بعذوبة
نادتني الدنيا فلبّيتُ النداء
ومع كل نظرة انقدحت شرارة
ثم التقطتُأنفاسي ودعوتُ هذا حياة،
تلاشت بين ملاعق مليئة بعصير الليمون.
كنتُ أرقص على ساقٍ واحدة وأتباهى
كنتُ الزركشة المخرّمة ولسان اللهب.
فكيف أستطيع أن أحصي بركاتي
حين لا أعرف أسماءها؟
في ما مضى،
حين لم يكن قد حان بعد موعدُ وصول كل شيء،
وكان الحظّ يحالف الجميع
في الأمكنة كلها،
أعطيتُ وعدي للدنيا،
فلحقت بي الدنيا إلى هنا.
زيارة جديدة للفجر
تخيّلْ أنك تستيقظ
وقد سنحتْ لكَ فرصة جديدة:
تسمعُ طائر القيق يصدحُ بصوته الجميل
وترى شجرة بلوط
ما تزال منتصبة،
تنشر تحتها ظلاً مجيداً.
إذا لم تنظر للخلف
لا يحدث المستقبل أبداً.
كم هو رائعٌ النهوض في ضوء الشمس
وسط الرائحة الزكية للبسكويت
فيما البيض والسجق على المشواة،
والسماء تمنح نفسها كاملة لك
كي تكتب عليها،
بعد أن تُنْفخ وتُفْتح كصفحة جديدة.
هيا، حرّكْ ساقيك قليلاً،
لن تعرف أبداً
من الذييشوي تلك البيضات في الأسفل،
إن لم تنهض لتراه بنفسك.
ردهة
كنا نمرُّ من خلالها
في طريقنا إلى أيّ مكانٍ آخر.
لم يعش فيها
سوى الصمت ولمعانُ آنيةٍ خزفيةٍ شاحبة،
وأعين متعبة لقديسين
تتوهّج في المخمل.
قالت أمي: صُنعت الأشياءُ
كي تُسْتخدم. لكن جدتي أصرّت
أن الطمأنينة موجودة في ما ليس هنا،
وأن القوة تكمن في ما لم يُقل بعد.
من الرائع أن تكون لديك غرفة
لا تستطيع أن تدخل إليها سوى في ذهنك.
أحبُّ الجلوس على سريري
وسماعتي موصولة بمذياعي الصغير،
وأغنية "قمر النهر"، تتدفق عبر رأسي.
كيف تستغلين حياتك؟
كيف تشعرين بها؟ سألتني أمي،
ثم قالت:
الأشياء تقسو مع مرور الزمن،
وجدتكِ أكثر سعادة الآن.
بعد الجنازة،
وبينما كانوا يقفون كي يتذكروا،
تسللتُ مبتعدة عن
الأحاديث والأكل والبكاء
كي أسترق النظر.
لم تكن موجودة هناك. ثم فهمتُ لماذا
حافظتْ عليها تماماً هكذا:
كانت الأغراض التي أحبّتْها
تبدو منفصلة وصامتة.
[ترجمة: أسامة إسبر].