على مدى القرن الماضي، أسهمت الأسمدة والمبيدات والابتكارات التكنولوجية في المجال الزراعي في تعزيز إنتاج المحاصيل بالنسبة للمساحة المزروعة، وأسهم ذلك بشكل أساسي في توفير الغذاء ودعم النمو الاقتصادي بشكل عام وتجنب المجاعات، لكن التداعيات البيئية لهذه الإجراءات غالباً ما تم التغاضي عنها. تحتاج النباتات إلى ما لا يقل عن 16 عنصراً من أجل نموها، والعناصر الحاسمة هي الكربون والهيدروجين والأكسجين والنيتروجين والفوسفور والكبريت والبوتاسيوم والكالسيوم والمغنيسيوم. يتم الحصول على الكربون من الجو، حيث تمتص أوراق النباتات ثاني أكسيد الكربون وتستخلص منه الكربون ثم تقوم بإطلاق الأكسجين في الجو، بينما يتم الحصول على الهيدروجين والأكسجين من الماء، ويتم امتصاص العناصر الغذائية المتبقية من التربة. وبما أن الزراعة تستهلك العناصر المغذية من التربة، فإن توفر العناصر الغذائية الرئيسية لنمو النبات تقل في التربة عاماً بعد عام وموسماً بعد موسم، وبالتالي فإن تدعيم التربة بالعناصر التي تم استهلاكها أمر مهم جداً لاستمرار الزراعة، ومن هنا كانت الأسمدة واحدةً من أوائل الاكتشافات البشرية، حيث اقترنت باكتشاف الزراعة. كانت المخلفات الحيوانية مثل مخلفات الماشية والحظائر والدبال والقش الأسمدة الرئيسية التي توفر العناصر الغذائية اللازمة لنمو المحاصيل السماد الرئيسي في الزراعة التقليدية، واليوم أيضاً في الزراعة العضوية التي لا تستخدم الأسمدة الصناعية، لكن المعايير التي تضعها الجهات المنظمة مثل معايير وزارة الزراعة الأمريكية تضع إرشادات فيما يخص استخدام هذا النوع من الأسمدة مثل تطبيقها على التربة قبل الحصاد بنحو 90-120 يوماً، وغيرها من المعايير، وذلك بسبب قدرة هذه المخلفات على إيواء مسببات الأمراض البشرية. وحيث أن المعايير مكلفة من حيث الوقت والجهد، يتجنب المزارعون اللجوء إليها.
إن نقصان العناصر الغذائية اللازمة لنمو النبات يظهر على شكل أعراض مثل شحوب واصفرار الأوراق، وضعف المحصول أو انعدامه.
تحتوي الأسمدة الكيماوية الحديثة في المقام الأول على العناصر الأساسية الثلاثة الضرورية لتغذية النبات: النيتروجين والفوسفور والبوتاسيوم. عناصر مثل الكبريت والمغنيسيوم والكالسيوم لها أهمية ثانوية في هذه الأسمدة.
عادة ما يتم استخلاص الأسمدة النيتروجينية من الأمونيا الصناعية. ويستخدم هذا المركب كغاز في المحاليل المائية، أو يتم تحويله إلى أملاح مثل كبريتات الأمونيوم، ونترات الأمونيوم، وفوسفات الأمونيوم. بالإضافة إلى ذلك، يتم استخدام مصادر مثل نفايات أماكن معالجة القمامة ومياه الصرف الصحي في كثير من الأحيان للحصول على النيتروجين للأسمدة. تعتبر اليوريا، بسبب محتواها العالي من النيتروجين وسهولة تحويلها إلى الأمونيا في التربة، من بين الأسمدة النيتروجينية الأكثر تركيزًا، حيث إنه فعال من حيث التكلفة ويتم تضمينه في الأسمدة المخلوطة أو حتى رشه على أوراق الشجر.
تشتمل الأسمدة المعتمدة على الفوسفور عادةً على فوسفات الكالسيوم، الذي يتم الحصول عليه من صخور الفوسفات أو العظام، أما أسمدة البوتاسيوم، مثل كلوريد البوتاسيوم وكبريتات البوتاسيوم، فتنشأ من رواسب البوتاس. ما يقرب من 95 في المئة من مركبات البوتاسيوم المنتجة تجاريا يتم استخدامها في الزراعة كأسمدة.
أدى الاستخدام المفرط للأسمدة إلى زيادة نسبة تواجد المغذيات في المياه وهو ما يشجع على نمو الطحالب والفطريات، ويثير المخاوف بشأن تلوث المياه الجوفية والهواء، وتدهور التربة، وتغيرات النظام البيئي، مما يجعل الممارسات الزراعية المعاصرة غير مستدامة، وبالتالي فإن إيجاد حلول لهذه المشاكل أمر ضروري.
إن تحقيق التوازن بين زيادة إنتاجية المحاصيل والحفاظ على البيئة يتطلب تحسين كفاءة الأسمدة والمياه، والحد من استخدام المبيدات الحشرية، وهذا يتطلب حلولاً مبتكرة لهذه المشكلات في المجال الزراعي. من بين الحلول المبتكرة لمعالجة أوجه القصور في الأسمدة هي الأسمدة الصديقة للبيئة، والتي تهدف إلى الحد من فقدان المغذيات، وتقليل التلوث، وتعزيز استدامة التربة. إذ يتم تصميمها بحيث تغلف العناصر الغذائية بمواد صديقة للبيئة تتحلل في التربة، وتؤدي إلى إبطاء إطلاق العناصر الغذائية وتعزيز فعالية الأسمدة مما يقلل الضرر البيئي. معظم هذه الأغلفة مشتقة من مصادر طبيعية، والتي توفر العديد من المزايا مقارنة بالبوليمرات الاصطناعية، حيث أنها صديقة للبيئة، ويمكن تحمل تكاليفها، وتتوافر على نطاق واسع، وقادرة على التحلل البيولوجي. من هذه المواد الكيتوسان ومواد مشتقة من النشا، والسيليلوز، والليجنين، ثاني أكثر بوليمر متواجد في الطبيعة بعد السيليلوز.
إن فقدان التربة للعناصر الغذائية من خلال الترشيح والتطاير يتسبب في تقليل كفاءة الأسمدة، وبالتالي فإن الأسمدة المغلفة الصديقة للبيئة تمثل حلاً فعالاً، حيث تتحكم في إطلاق العناصر المغذية المتواجدة في الأسمدة، إلا أن هذا النوع من الأسمدة لا زال يواجه بعض التحديات، مثل تطويره بحيث يتضمن استخدام الأسمدة لمرة واحدة خلال موسم نمو المحاصيل، وضرورة فهم كيفية تأثير العوامل البيئية المختلفة مثل درجة الحرارة والرطوبة ونوع التربة ودرجة الحموضة والنشاط الميكروبي من خلال توفير الدعم للدراسات والأبحاث العلمية بحيث يفتح الفرص لتركيبات أكثر كفاءة.
من جانب آخر فإن تقدم الزراعة المستدامة لا يعتمد فقط على استخدام الأسمدة، بل يتضمن إدارة المياه والمبيدات الحشرية، وكفاءة استخدام الطاقة، وكفاءة التصنيع، والقطاعات الاقتصادية الأخرى، والتي تؤثر جميعها بشكل كبير على البيئة، ما يؤكد ضرورة أن تكون الحلول البيئية متكاملة تقود لاقتصاد مستدام تراعي جميع عملياته من إنتاج وتصنيع ونقل وإعادة تدوير معايير الحفاظ على البيئة والمسؤولية تجاه الأجيال المقبلة.