تنشر جدلية سلسلة من المقابلات تحت عنوان "الإبادة الأكاديمية"، يشارك فيها الأساتذة الجامعيون ومختلف الأكاديميون في غزة أفكارهم وتحليلاتهم لمجريات الإبادة الأكاديمية التي يتعرّض لها القطاع ضمن الإبادة الجماعية التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي على البشر والحجر في غزة، ويقدمون مقترحاتهم للنهوض مجدداً بقطاع التعليم العالي هناك.
هل يمكنك أن تخبرنا قليلاً عن خلفيتك الأكاديمية والتدريب الأكاديمي الذي حصلت عليه، وكيف أتيت إلى العمل الذي تقوم به كعالم وإداري في غزة؟
حاصل على درجة الدكتوراه في الحقوق بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف من جامعة المنصورة في مصر سنة 2019، وحصلت على درجة الماجستير في القانون من كلية الحقوق بجامعة الإسكندرية في مصر سنة 2016، بالإضافة إلى درجة البكالوريوس في الحقوق من جامعة الأزهر في غزة سنة 2014.
قمت بتأليف ثلاثة كتب أكاديمية منشورة عن دار النشر بالجامعة الإسلامية بغزة، ونشرت عدداً من الأعمال البحثية المحكمة، في مجلة جامعة النجاح للأبحاث، ومجلة جامعة فلسطين للدراسات والبحوث، ومجلة جامعة الإسراء للعلوم الإنسانية، ومجلة البحوث القانونية والاقتصادية.
حالياً أعمل أستاذاً زائراً لدى الجامعة الأمريكية في القاهرة للعام الجامعي 2025/2024 بدعم من جمعية دراسات الشرق الأوسط في أمريكا الشمالية (ميسا).
هل يمكنك وصف المؤسسة أو المؤسسات في غزة التي عملت معها؟
أعمل أستاذ القانون العام المساعد بكلية الشريعة والقانون في الجامعة الإسلامية في غزة منذ عام 2019 حتى الآن، وهي مؤسسة أكاديمية مستقلة من مؤسسات التعليم العالي، تعمل بإشراف وزارة التربية والتعليم العالي، وهي عضو في: اتحاد الجامعات العربية، ورابطة الجامعات الإسلامية، واتحاد الجامعات الإسلامية، ورابطة جامعات البحر الأبيض المتوسط، والاتحاد الدولي للجامعات، وتربطها علاقات تعاون بالكثير من الجامعات العربية والأجنبية.
وكذلك أعمل أستاذ القانون العام المساعد في كلية الحقوق جامعة الأزهر في غزة منذ عام 2021 حتى الآن، وهي مؤسسة للتعليم العالي أُسست لتلبي طموحات الشعب الفلسطيني ولتكون عنواناً لقدرة هذا الشعب على البذل والعطاء.
ودرست سابقاً في كلية القانون جامعة الإسراء في غزة في الأعوام الدراسية 2022/2021، و2023/2022، وهي جامعة فلسطينية تأسست عام 2014 ويقع مقرها الرئيسي في مدينة الزهراء بمحافظة غزة.
حاصل على رخصة ممارسة المحاماة في دولة فلسطين منذ العام 2017 إلى الآن، حيث أنني محامي مزاول لدى نقابة المحامين مركز غزة لمدة تزيد عن 7 سنوات.
ما هي الآثار الرئيسية للإبادة الأكاديمية الإسرائيلية المستمرة التي شاهدتها واختبرتها، سواء داخل مؤسستك أو على المستوى الشخصي؟
منذ بداية الهجوم العسكري الإسرائيلي الواسع في أكتوبر/تشرين الأول 2023 قصفت الطائرات والدبابات والسفن الحربية الإسرائيلية المؤسسات التعليمية في قطاع غزة بشكل ممنهج ومقصود، حيث دمّر الاحتلال الإسرائيلي جميع الجامعات العاملة في قطاع غزة والبالغ عددها 19 جامعة تدميراً كليًّا أو جزئيًّا، وقام بتصفية كبار الأكاديميين الفلسطينيين، والكثير من العلماء من أساتذة الجامعات في مختلف التخصصات، والذين بلغ عددهم 105 من أعضاء هيئة التدريس، من بينهم 3 رؤساء جامعات أحدهم كان رئيسًا لليونسكو للفيزياء الفلكية وعلوم الفضاء في فلسطين ليحرم الاحتلال حوالي 90,000 طالباً كانوا مسجلين في مؤسسات التعليم العالي في غزة قبل العدوان من مواصلة دراستهم.
فالواضح أنه من خلال التدمير الكبير للجامعات والمدارس الفلسطينية في قطاع غزة، أن الجيش الإسرائيلي لديه سياسة ممنهجة في استهداف مراكز التعليم في القطاع، بهدف التجهيل وإنهاء وجود أي مكان للدراسة حتى بعد انتهاء الحرب.
ما هي المبادئ التي تراها الأكثر أهمية لإعادة بناء النظام التعليمي في غزة؟
يتعين على المجتمع الدولي تخصيص موارد مستدامة لدعم إعادة بناء وتأهيل المدارس والمنشآت التعليمية في غزة، بما يضمن استئناف العملية التعليمية بأسرع وقت ممكن. يجب أن تشمل هذه الجهود تقديم المعدات التعليمية الضرورية وتدريب الكوادر التعليمية لتلبية احتياجات الطلاب في ظل الظروف الحالية.
نظراً للتداعيات النفسية الخطيرة التي تركتها الحرب على الطلبة، يجب على المجتمع الدولي تكثيف جهود توفير الدعم النفسي والاجتماعي لهم، بما يشمل ذلك إنشاء برامج علاجية متكاملة لتعزيز الصحة النفسية للأطفال ومساعدتهم على تجاوز الصدمات الناجمة عن النزاع (صدمات الحرب).
مطالبة المجتمع الدولي بفرض ضغوط مستمرة على إسرائيل لضمان التزامها بالمعاهدات الدولية التي تحمي الحق في التعليم، بما في ذلك اتفاقيات جنيف، على أن تتضمن هذه الجهود ضمانات بعدم استهداف المنشآت والطاقم التعليمي.
أخيراً دعوة المحكمة الجنائية الدولية والجهات المختصة إلى بدء تحقيقات عاجلة في الجرائم المرتكبة ضد المنشآت التعليمية والأكاديميين.
ما هي أشكال إنتاج المعرفة والخبرة التي تراها ضرورية لعملية إعادة بناء التعليم في غزة؟
ضرورة تركيز الإنتاج العلمي حول أهمية التحول الرقمي في التعليم لمواجهة الوضع الراهن بسبب تدمير كافة منشآت التعليم في قطاع غزة، لضمان استمرار التعليم في حالات الطوارئ، مع التركيز على منح الطلاب إمكانية الوصول إلى الأجهزة الإلكترونية والاتصال بالإنترنت والفصول الدراسية الافتراضية.
بالإضافة إلى الحاجة المحلة إلى نظام تعليمي جديد كلًّيا يمكنه التعامل مع الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة، بما في ذلك الذين فقدوا أطرافهم أو فقدوا أسرهم.
كذلك ضرورة تضمين برامج تدريب الأكاديميين أنشطة للدعم النفسي والاجتماعي، وتزويدهم بالمعرفة والمهارات اللازمة لهذا النهج، مع التركيز على التعامل مع الطلبة الذين تعرضوا لصدمات طويلة الأمد.
ما هي أشكال التعاون والتضامن بين العلماء الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية وداخل فلسطين 48 والشتات التي تعتقد أنها الأهم في الوقت الحالي؟
ضرورة إنشاء شبكات فلسطينية للتضامن والدعم لتبادل الموارد والمعرفة وأفضل الممارسات لتطوير التعليم وإعادة تأهيله، من أجل توفير منصة للتعاون بين المؤسسات الأكاديمية والمنظمات غير الحكومية والحكومات والأطراف الأخرى المكرسة لتلبية المتطلبات التعليمية لطلاب غزة.
ما الأدوار التي يمكن أن يلعبها الأكاديميون والطلاب الدوليون في مقاومة الإبادة الأكاديمية المستمرة الإسرائيلية-الأمريكية ودعم إعادة بناء التعليم في غزة؟
في خضم هذا الوقت العصيب الذي يمر به قطاع غزة، تتعاظم الحاجة إلى التضامن الأكاديمي من الأكاديميين والطلاب الدوليين كاستجابة أخلاقية للحرب الإسرائيلية وآثارها المدّمرة، حيث إن مستوى العنف الإسرائيلي المستمر في قطاع غزة هذه المرة غير مسبوق لدرجة أن محكمة العدل الدولية أعلنته إبادة جماعية، مع ذلك لا ينبغي أن تثني الحرب الجميع عن اتخاذ التدابير اللازمة لدعم المجتمع الأكاديمي في غزة وإعادة بناء جامعاتها.
يمكن أن يكون دعم التعليم في غزة على شكل مبادرات سياسية وإنسانية وأكاديمية ورعوية، أو مزيجاً من كل هذه المبادرات، لأنها مترابطة.
ما هي أشكال الدعم الملموسة المطلوبة في غزة، وهل هناك أمثلة على مبادرات يمكن أن توفر خارطة طريق؟
-
إنشاء زمالات ومنح دراسية وفرص تدريب لرفع المهارات للأكاديميين والطلبة.
-
خلق فرص عمل مؤقتة للطلاب الذين تخرجوا من الجامعات الفلسطينية، ولكنهم ما زالوا عالقين بسبب ظروف الحرب في غزة.
-
توفير دعم مالي إنساني للطلاب والموظفين الأكاديميين لدعمهم في مسؤوليات الرعاية الناشئة عن الحرب والأزمات.
-
مراجعة سياسات وممارسات الجامعات لضمان ملاءمتها لدعم المتقدمين والطلاب من غزة في ظل ظروف الحرب والنزوح.
-
دعوة الفلسطينيين للمشاركة في الفعاليات والمؤتمرات والمنشورات الأكاديمية.
-
ضمان إقامة التعاون والشراكات مع جامعات غزة والمجتمع الأكاديمي، بما في ذلك أولئك الذين بقوا والذين يعيشون في الخارج، على أساس عادل.
-
المشاركة في إعادة بناء جامعات غزة، فضلاً عن تزويد هذه الجامعات بالخبرات والموارد الأكاديمية.
-
الاستثمار في البنية التحتية التكنولوجية التي يمكن أن تكون حاسمة لتسهيل إيجاد مساحات بديلة للتعلم في أوقات الحروب والأزمات.