تنشر جدلية سلسلة من المقابلات تحت عنوان "الإبادة الأكاديمية"، يشارك فيها الأساتذة الجامعيون ومختلف الأكاديميون في غزة أفكارهم وتحليلاتهم لمجريات الإبادة الأكاديمية التي يتعرّض لها القطاع ضمن الإبادة الجماعية التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي على البشر والحجر في غزة، ويقدمون مقترحاتهم للنهوض مجدداً بقطاع التعليم العالي هناك.
هل يمكنك أن تخبرنا قليلاً عن خلفيتك الأكاديمية والتدريب الأكاديمي الذي حصلت عليه، وكيف أتيت إلى العمل الذي تقوم به كعالم وإداري في غزة؟
أنا الدكتور مهاب أيمن صوالي أستاذ القانون الجنائي المساعد في كلية الحقوق - جامعة الأزهر بغزة. لقد حصلت على وظيفتي في جامعة الأزهر بعدما تقدمت لمسابقة توظيف كانت الجامعة قد أعلنت عنها عقب حصولي على درجة الماجستير بتقدير ممتاز من جامعة الأزهر بغزة ونجحت في المسابقة وقد تم تعييني في العام الجامعي 2017/2016 وما زلت على رأس عملي حتى هذه اللحظة.
أشرفت على رسالة الماجستير للطالبة منار جرس والتي حملت عنوان "خصوصية الأنثى في الإجراءات الجزائية في التشريع الفلسطيني (دراسة تحليلية)" عام 2023. كما ساهمت في إنشاء أول محكمة صورية لمحاكمة بريطانيا على وعد بلفور، وأول محكمة صورية إلكترونية في جريمة فساد.
نشرت العديد من المؤلفات من ضمنها كتاب "الشهادة الزور-اليمين الكاذبة-البلاغ الكاذب" عن دار النهضة العربية، وأعمل الآن باحثاً زائراً في الجامعة الأمريكية بالقاهرة في قسم القانون.
هل يمكنك وصف المؤسسة أو المؤسسات في غزة التي عملت معها؟
جامعة الأزهر بغزة تقع في الجنوب الغربي لمحافظة غزة في حي الرمال، وهي من أكبر الجامعات ويتقدم لها سنوياً ما يزيد عن خمسة آلاف طالب، وتضم 464 أكاديمياً وثلاثة برامج دكتوراه و76 برنامج بكالوريوس و26 برنامج ماجستير و12 كلية بالإضافة إلى المكتبة والمراكز البحثية بمختلف التخصصات، كما تملك كلية الحقوق برنامجين للقانون واحد باللغة العربية والثاني باللغة الإنجليزية، وتملك برنامجي ماجستير في القانون العام والقانون الخاص، وتملك عيادة قانونية لتقديم الدعم القانوني للفئات الهشة والضعيفة وتدريب طلبة كلية الحقوق من خلال الأنشطة اللامنهجية كالمحاكم الصورية، كما تملك الجامعات مبان مصممة بأحدث التصاميم المعمارية وفيها مساحات خضراء كبيرة، ولكن للأسف لم يبق شيء مما سبق بفعل الحرب منذ السابع من أكتوبر.
ما هي الآثار الرئيسية للإبادة الأكاديمية الإسرائيلية المستمرة التي شاهدتها واختبرتها، سواء داخل مؤسستك أو على المستوى الشخصي؟
على مستوى الجامعة لم يبق شيء، لا مبان ولا مختبرات بالإضافة إلى مقتل العديد من الطلبة والأكاديميين، وهذا شاهدته بعيني من خلال الفيديوهات والصور التي وصلت من أماكن عملنا وهي متوفرة لدينا على موقع جامعة الأزهر بغزة. أما على المستوى الشخصي فقد تم تدمير منزلي بشكل كامل وقصف سيارتي وقصف مكتبي للمحاماة فلم يبق لي في غزة أي شيء يذكر.
ما هي المبادئ التي تراها الأكثر أهمية لإعادة بناء النظام التعليمي في غزة؟
-
وقف الحرب بشكل كامل.
-
توفير بيئة إلكترونية للاستمرار في تدريس الطلبة عن بعد.
-
توفير التمويل للأكاديميين لتمكينهم من الاستمرار في عملهم لأن الجامعة بالنسبة لي شخصياً توقفت عن صرف راتبي منذ السابع من أكتوبر.
-
إعادة تأهيل الأكاديميين والطلبة على السواء من الناحية النفسية والأكاديمية بسبب صدمة الحرب.
-
إعادة دمج الأكاديميين في مؤسسات تعليم عالي حتى لا يفقدوا نمطهم التدريسي ولا يفقدوا كفاءتهم التدريسية مع استمرار الحرب.
-
إعطاء دورات وورشات عمل حول آلية إيجاد مصدر دخل للأكاديميين الذين فقدوا عملهم بسبب الحرب.
-
يمكن اللجوء إلى التبادل البحثي بين الأكاديمي وجامعات أجنبية.
-
يمكن اللجوء إلى الزمالات الأكاديمية وتوفير مناخ مناسب لهم لإتمام بحوثهم.
ما هي أشكال إنتاج المعرفة والخبرة التي تراها ضرورية لعملية إعادة بناء التعليم في غزة؟
أهم عامل هو البحث العلمي والتقني والاستمرار في عملية التعليم عن بعد قدر الإمكان، والزيارات البحثية التي تكسب الأكاديميين والطلاب الخبرة والمعرفة والاختلاط مع الأقران والتعرف إلى ثقافات وخبرات أكثر إبداعية.
ما هي أشكال التعاون والتضامن بين العلماء الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية وداخل فلسطين 48 والشتات التي تعتقد أنها الأهم في الوقت الحالي؟
توافقت الجامعات الفلسطينية في الضفة الغربية على استضافة طلبة جامعة الأزهر وغيرها من الجامعات في قطاع غزة كطلبة زائرين على أن يبقى الطالب على ملاك جامعته الأم وهي مبادرة رائعة ولكن بسبب اختلاف المساقات في بعض الأحيان واجه الطلبة تحديات كبيرة خاصة أن التواصل ضئيل بين الطالب وأستاذه في جامعات الضفة الغربية.
ما الأدوار التي يمكن أن يلعبها الأكاديميون والطلاب الدوليون في مقاومة الإبادة الأكاديمية المستمرة الإسرائيلية-الأمريكية ودعم إعادة بناء التعليم في غزة؟
يمكن لهم تقديم الدعم النفسي والتشجيع للطلاب كما يمكن للأكاديميين المشاركة في تدريس الطلبة في العديد من المساقات التي كان يدرسها أساتذة قتلوا بفعل الحرب خاصة ما يرتبط منها باللغة الانجليزية فلدينا في كلية الحقوق برنامج كامل باللغة الانجليزية أوشك على الانهيار بسبب فقد الكادر الأكاديمي.
ما هي أشكال الدعم الملموسة المطلوبة في غزة، وهل هناك أمثلة على مبادرات يمكن أن توفر خارطة طريق؟
قبل وقف الحرب يمكن الاعتماد على التعليم الإلكتروني والذي يحتاج إلى أموال سواء لدعم الطالب في شراء حزمة الإنترنت مرتفعة الثمن أو الحصول على جهاز إلكتروني يستطيع متابعة واجباته من خلاله، وكذلك الأمر بالنسبة للأكاديمي.
أما بعد الحرب فيمكن الاستمرار في ذلك التعليم الإلكتروني حتى يتم بناء الجامعات وخلال هذه الفترة يمكن عمل لجنة لجلب الدعم المالي اللازم للمضي قدماً في التعليم الإلكتروني وإسناد الأكاديميين في شواغر أكاديمية مؤقتاً يمارسون من خلالها مهامهم الأكاديمية لخدمة الجامعة الأم أو لخدمة الجامعة أو المؤسسة المضيفة!