كان سعد الله ونّوس يقيس عُمْره بالخيبات، بالهزائم. ليست وسيلة سيئة لقياس مرور السنوات، إذا ما تذكّرنا أنّه ابن الستينيّات والسبعينيّات؛ جيلان رسما خارطة الأدب والفنّ السوريّ بعد رحيل الروّاد، وكرّسا صبغةً راسخةً لما سيكون عليه الأدب بعدهم، ودوّنا خيباتهما وخيبات السابقين وخيبات اللاحقين، وابتكرا وسائل جديدة لقياس الخيبات والهزائم. ما كان ونّوس - إذن - وحيدًا في ابتكار وسيلة خلّاقة للقياس؛ كان رياض الصالح الحسين يقيس عمره بالبرتقالات القاحلة والطلقات المصوَّبة إلى الفراغ، وقاس فوّاز الساجر عمره بالضّيق، بل ربّما كان يرى عمره تفصيلًا صغيرًا في ستار الضيق الذي يغطّي خشبة الحياة، وقاس لؤي كيّالي عمره بأعمار المسحوقين الذين خلَّد بؤسهم في لوحاته، ويقيس حيدر حيدر عمره تبعًا لانتصارات اللوياثان أو هزائمه. كيف لنا أن نقيس أعمارنا اليوم، والخيبات هي الخيبات؟ لا بدّ من وسيلة مبتكرة تلائم زماننا، وتلائم عقد السنوات العجاف الأخير. كانت قذائف الهاون وسيلة معقولة غير أنّها باتت كثيرة حتّى لو عددنا اليوم بقذيفة. القنابل إذن، أو السيارات المفخّخة. ثم كانت البراميل المتفجّرة كي يسهل العدّ، أو ربّما الغارات الإسرائيليّة على ما تبقّى من البلاد التي قضمتها الأسلحة. باتت الوسائل كلّها أكثر من أن تُحصى، أو ربّما أيامنا باتت قصيرةً إلى حدّ التّلاشي. سُرقت أيامنا وأعمارنا. يبدو الزّمن السوريّ عَوْدًا أبديًا للهزائم والخيبات، لو افترضنا وجود لعنةٍ أزليّة تجتاح هذه البلاد، بيد أنّ التّفسير أبسط وأكثر واقعيّة لو تذكّرنا أنّ السُّلطة هي هي طوال ستة عقود؛ وأنّ الجارة العدوّة هي هي أيضًا. يبدو تشبيه المطرقة والسّندان مبتذلًا، وكذا حال حجرَيْ الرّحى، غير أنّ الكليشيهات السوريّة تفاجئنا دومًا بتجديد نفسها: طُحنت أجيال متلاحقة وسُرقت أعمارها بالتّساوي بين هذين الحجرين، بل لعلّ تدوين تاريخ سوريا الراهن وتاريخ أدبها مستحيل من دون التركيز على هذين الحجرين، بالتساوي وبالتوازي.
قال ونّوس إنّ إسرائيل سرقت عمره، وقد كان محقًا. بل لعلّه اليوم ما يزال يضرب أحجار قبره أمام محاكم التّفتيش ويقول: ولكنّها سرقته! وقد أثار بعد رحيله بربع قرن شهوة الضّباع التي طوّرت قدرتها الفائقة على شمّ الجثث، فأغارت على جثث الماضي. استكثروا عليه أن يتفجّع ويتّهم إسرائيل. كان النّظام أمامك، ألم يسرق عمرك أيضًا أيّها المنافق؟ فجأةً، وبلا سابق إنذار، قرّروا الإغارة على الجثث، فتحوَّل ونّوس في يومٍ وليلة إلى «صنيعة نظام». كان هذا طبيعيًا، إذ ما كانوا ليغفروا له أنّه يناقضهم في كلّ شيء: لم يرتزق، لم ينافق، لم يُسخِّف نفسه أو نتاجه، لم ينصّب نفسه زعيمًا أو مختارًا، لم ينهش الجثث كالضباع؛ والأهم أنّه مات قبل الدخول في زمن خوض معارك وهميّة لمراكمة اللايكات. ما الذي سيقوله هؤلاء لو انفجرنا بما ضاق القلب به وقلنا إنّ أعمارنا قد سُرقت أيضًا في السنوات العشر الأخيرة؟ وهن نفسيّة الثورة ربّما! لا عجب، فقاموس الإقصاء هو هو سلطويًا كان أم ثوريًا، والجعجعة هي هي سلطويّةً كانت أم ثوريّة، بعثيّةً كانت أم أنتي-بعثيّة. نظريّة الطبول الفارغة والصوت العالي ليست هراءً في نهاية المطاف.
هل كان ونّوس مهادنًا تجاه الاستبداد كما رآه هؤلاء؟ السؤال منقوص إذ يفترض فصلًا حاسمًا بين استبداد الداخل واحتلال الخارج، وهو فصل متهافت في الحالة السوريّة تحديدًا. لعلّ السؤال الأهم: هل بوسعنا فصل هذين القطبين؟ أو ربّما، هل يعني التركيز على أحدهما تجاهلًا للآخر؟ اختلطت الأسئلة وتضاربت في السنوات العشر الأخيرة، غير أنّ نظرة ونّوس، وجيله، كانت أدقّ. ثمّة جدليّة تبادليّة دائمة بين هذين القطبين: لا يمكن لك أن تكون معارضًا للسُّلطة وأنت تتجاهل إسرائيل، ولا يمكن لك أن تكون معارضًا لإسرائيل وأنت تتجاهل السُّلطة. ليس في سوريا كاتبٌ اشتبك مع مفهوم السُّلطة في ذاته بقدر ما فعل ونّوس، ولعلّه أيضًا أكثر كاتب سوريّ حاول فهم العدوّ الوجوديّ المجاور، كتابةً وتنظيرًا وإبداعًا وصمتًا. سادَ اتّجاه إقصائيّ عجيب منذ بداية الألفيّة، وترسّخ أكثر بعد الانتفاضة، يقوم على أنّ المعارضة تعني الزّعيق، من دون أن يدرك أصحاب هذه النظريّة المتهافتة أنّ الصّياح لا يعني الوضوح بالضرورة، وأنّ الهدوء لا يعني الحياد بالضرورة، و - الأهم - أنّ فهم الاستبداد ومقارعته، وأنّ فهم العدوّ ومقارعته، لا يستلزم استنزافًا مجانيًا للجهد وللصوت وللوقت في زعيق متواصل. أصحاب هذا الاتّجاه مولعون بإضافة نعوت يتوهّمون أنّها تقوّي قضيّتهم، وكأنّ الاستبداد لا يكون استبدادًا إلا حين نسمّيه «استبدادًا ظالمًا»، ولا يكون النّظام نظامًا يستدعي المعارضة إلا حين نسمّيه «نظامًا وحشيًا»، ولا يكون الاحتلال احتلالًا إلا حين نسمّيه «احتلالًا غاشمًا». اللافت أنّ هذا الولع بإضافة النّعوت راسخٌ في قاموس السُّلطة والمعارضة على السواء. ليس غريبًا إذن أنّنا لم نقرأ إلى اليوم تحليلًا مهمًا لبنية السُّلطة البعثيّة أو تمظهراتها عبر العقود، ولا تحليلًا للمعارضة (المعارضات؟) بطبيعة الحال، ولا تحليلًا لإسرائيل بمعزل عن ثنائيّة التّهوين والتّهويل. هنا بالذات، يبرز ونّوس وتبرز أعماله التي لم يُحسن مهاجموه قراءتها، إن كانوا قد قرؤوها أصلًا. نتذكّر هنا أنّ صاحب نظريّة «ونّوس صنيعة النّظام» افترض أهميّة ونّوس قبل قراءة أيّ عمل من أعماله حين حاول التسلّق على اسمه في بداية حياته (أهدى أحد أعماله لونّوس قبل قراءة حرف لونّوس!)، ثم واصل تسلّقه على أكتاف ونّوس حين شنّ هجومه بعد أن افترض أنّه قرأ أعمال ونّوس وفهمها وأدرك رسالتها الخفيّة في مهادنة النّظام. يستوقفنا هنا أنّ صاحبنا يسمّي ونّوس «الزميل»، مفترضًا افتراضًا ضمنيًا أنّ الزمالة تعني تكديس أعمال لا قيمة لها، وكأنّنا أمام رؤية مماثلة وموازية لعضويّة اتحاد الكتّاب العرب التي تُمنَح لكلّ من ألّف كتابين بصرف النّظر عن قيمتها، فالكل زملاء في نهاية المطاف.
كان ونّوس في السادسة والعشرين حين انفجرت هزيمة 1967، حين أدرك فجأةً تلازُم الهزيمة والاستبداد، حين أدرك خطوط معركته المزدوجة القادمة في مقارعة الاستبداد والاحتلال، حين أدرك أنّ العُمر الذي يُفترَض أن يكون في بداية تألّقه سيُسرَق. لم يكن ليتنبأ بموعد موته، غير أنّه ناوشَ الموت واقترب منه أكثر من مرة خلال العقود الثلاثة اللاحقة، وقد أيقن أنّ معركته المزدوجة لن تسمح له بعُمر النّسور، ولا حتّى بعُمر البشر الطبيعيّين، فهذه الأرض تقصف الأعمار حرفيًا ومجازًا. كانت الهزيمة ولادةً جديدةً لونّوس حين نسف أعماله القديمة كلّها تقريبًا واختطّ لنفسه مسارًا متفرّدًا بأدوات مهزومة هي الأخرى. تشريح السُّلطة، عبر المسرح، بالفصحى، بنبش الصفحات الخفيّة من التاريخ؛ وحين أراد تغيير الوسيلة كان المرض قد أوهنه. شبَّ ونّوس بالتّوازي مع ولادة العسكريتاريا التي فرض وطأتها على المنطقة بأسرها منذ الخمسينيّات بالرغم من تغيّر الأشخاص، وبدأ نتاجه بالتّوازي مع بروز العسكريتاريا السوريّة التي اجتاحت سوريا منذ الستينيّات. سنُجحف إجحافًا كبيرًا في حقّ ونّوس (وفي حقّ أيّ كاتب مهمّ) حين نفرض تقسيمات زمنيّة على نتاجه، وإنْ كانت تلك التّقسيمات مفيدةً أحيانًا لتسهيل الدراسة. لم تكن بداية اشتباك ونّوس مع مفهوم السُّلطة والاستبداد مرتبطةً بهزيمة 1967 التي ردّ عليها بمسرحيّته الشّهيرة «حفلة سفر من أجل 5 حزيران». ربّما لمسنا تجذّرًا ووضوحًا أكبر في هذه المسرحيّة عمّا قبلها، غير أنّ الفصل بينها وبين سابقاتها (حين نتجاهلها بوصفها «المرحلة الوجوديّة الفرنسيّة» من مسيرة ونّوس) فصل تعسّفيّ، على الأخص حين نتذكّر مسرحيّة «مأساة بائع الدّبس الفقير» أو حتّى «الجراد» و«فصد الدم». وسيكون الفصل تعسّفيًا بقدر مماثل حين نظنّ أنّ «حفلة سمر» (التي يعيب عليها نقّادها الزاعقون تبرئتها للنّظام من الهزيمة) مختلفةٌ اختلافًا جذريًا عن ثلاثيّة «مغامرة رأس المملوك جابر» و«الفيل يا ملك الزمان» و«الملك هو الملك» (ستكون رباعيّة لو أضفنا «رحلة حنظلة من الغفلة إلى اليقظة») التي كانت أعظم تشريح للسُّلطة في الأدب السوريّ؛ لعلّ في وسعنا إضافة بعض أعمال سعيد حورانيّة وزكريا تامر وإبراهيم صموئيل في القصة، وبعض روايات هاني الراهب وفوّاز حدّاد، إلّا أنّ مشروع ونّوس - حين يُؤخَذ بكلّيته - لا نظير له. وكذا الأمر حين سادَ رأيٌ وقعنا جميعنا في فخّه حين ظننّا وجود هوّة بين مسرحيّات السبعينيّات «الأيديولوجيّة» وبين مسرحيّات التسعينيّات التي برز فيها الهمّ الفرديّ الذي كان غائبًا بهذا القدر أو ذاك عن «عموميّة» أعمال السبعينيّات. أثمة بونٌ شاسعٌ حقًا بين «سهرة مع أبي خليل القبّاني» وبين «طقوس الإشارات والتحوّلات»؟ لا أقصد هنا تماثلًا في الأهميّة والبراعة، إذ ما من شكّ أنّ أعمال التسعينيّات مثّلت قفزةً نوعيّةً في مسيرة ونّوس وفي مسيرة المسرح العربيّ عمومًا، إذ نكاد لا نعثر على أعمال مسرحيّة عربيّة تضاهي ثلاثيّة «منمنمات تاريخيّة» و«طقوس الإشارات والتحوّلات» و«ملحمة السّراب» (مجددًا، رباعيّة لو أضفنا «الأيام المخمورة»). كان منحنى أعمال ونّوس تراكميًا تصاعديًا، لا مجال (ولا فائدة) من فرض تقسيمات زمنيّة أو ثيماتيّة عليه، فالهموم والمشاغل هي هي: وطأة السُّلطة وآثارها على الجماعة، ومن ثمّ آثارها على الفرد. إلا أنّ ثمّة حضورًا خفيًا لـ «الآخر»، للعدوّ، داخل نسيج هذه الأعمال كلّها تقريبًا، وإنْ كان قد أبرز نفسه بوضوح في مسرحيّة «الاغتصاب» وما بعدها: إسرائيل التي رسمت عبر حضورها مسارًا آخر ضمن أعمال ونّوس وحياته بالتّوازي مع حضور وطأة السُّلطة.
كان ونّوس في السابعة حين ولدت إسرائيل. كبر فكبرت معه خيباته، وكبرت «جارته» أيضًا وتوسّعت إلى أن باتت أمام مأزق ضيق الأرض وتفجُّر شهوة التوسّع، فقرّرت الجارة زرع نسخ منها في أراضٍ جديدة، فالاستيطان لعبتها الأثيرة، مثل ورمٍ سرطانيّ. مفارقة المجاز الذي سيحكم حياة ونّوس إلى أن رحل قبل أن يرى اليوم جارات كثيرات تقمّصنَ دور الأم إلى أن فاقوها. كبر ونّوس أيضًا، وكبر الوعي ففاض؛ الوعي بالنّكبات، بالنكسات، بالهزائم، بالخيبات: هزيمة 1967، سادات 1977، بيروت 1982، خليج 1991، إلى أن أدركه توسُّع الورم فاستوطنه السرطان. ليس مجازًا هذه المرة، بل حقيقةً مؤرّقةً يدركها كلّما حاول البلع أو التنفّس. هل كانت مصادفةً أن يغزوه السرطان في البلعوم؟ ما عادت لديه قدرة البلع، وتحوّلت الطُّعوم كلّها إلى طعم معدن قاتل، مثل رصاصة، أو قنبلة، أو إيماءات زعماء الهرولة إلى السلام في التسعينيّات. لو لم ينهشه سرطان حرب الخليج، لنهشه سرطان السلام: مدريد 1991، أوسلو 1993، وادي عربة 1994. من حسن الحظ أنّ قدرته على البلع قد ضعفت، فما عاد فارقًا إنْ غصّ بهذه اللقمة أم تلك، ولكنّه لم يفقد الإدراك، حين حكم على هذه المحاولات كلّها بالموت السريريّ. ذوت مدريد شيئًا فشيئًا إلى أن وُئدتْ في جنيف عام 2000، بعد رحيله بثلاث سنوات. مات يوم النّكبة 15 أيّار 1997، فلم يشهد انتصار جارته وهي تحتفل بعيد ميلادها الخمسين، ولم يشهد نهاية «سلام الشجعان». كانت الأقدار رحيمةً عليه، جزئيًا على الأقل.
مثلما كانت وسائل قياس عمره مبتكرة، كانت وسائل مقاومته غير اعتياديّة، إذ امتلك جرأة الصمت، وجرأة التفكير بالانتحار، وجرأة التجدُّد في الكتابة حين استنفد الصمت ومحاولات الانتحار. حين جرّب الانتحار بعد زيارة السادات إلى القدس، أنقذه الماء الذي خفَّف جرعة الحبوب المنوّمة. ما كان لهذا الرجل أن يموت بالنّوم. هنا، تحديدًا، كانت ضربة الأقدار الغادرة حين حكمت عليه بالموت بعينين جاحظتين كي يشهد تضاعف الخيبات. سيموت اختناقًا بالسرطان الذي نما بجانبه في طفولته، وتنبأ به في صباه، إلى أن قتله في سنوات الكهولة. ولكنّه بقي حاضرًا حتّى حين صمت، بل إنّ حضوره تضاعف بالصمت. كان مكانه قد شغر، وقد أحسّ الجميع بالنّقصان. لم يصمت في واقع الحال، بقدر ما بدّل وسائل المقاومة: كان يتأمّل، ويدوّن بهدوء تمهيدًا لنيران سنوات التسعينيّات التي عوّضت عقد ثمانينيّات الصمت. وحين عاد إلى الكتابة وباغته السرطان، واصل المقاومة بالكتابة أكثر، بجرعات مضاعفة فاقت جرعات العلاج. لا تحتاج الكتابة إلى بلعوم أو صوت أو لسان؛ تكفي اليد والعقل، ولم يخيّباه يومًا. بقي حاضرًا حتّى بعد رحيله، حين ندرك غيابه، فنملأ الفراغ بتذكّره. بات اسمه مرادفًا للمسرح الذي غاب بغيابه، ومرادفًا للمشاريع الثقافيّة الجادّة مثل مشروع «قضايا وشهادات» الذي انتهى برحيله، ولكنّه منحنا إيماءة الوداع الأخيرة حين عاد المشروع شتاء عام 2000 بعدد سابع وأخير؛ كان مثلّثُ التحرير قد نقص بغياب ونّوس، وبقي عبد الرحمن منيف وفيصل درّاج، غير أنّه أكملَ النّقصان حين كان هو موضوع ذلك العدد الذي ضمّ باقةً من أهمّ الدراسات عنه وعن نتاجه لأسماء لا سبيل إلى جمعها اليوم بعد أن فرّقتهم أمواج عديدة.
كان ونّوس مولعًا في أيامه الأخيرة بكلمة «رجراج» التي استخدمها في مقالات وحوارات ورسائل عديدة؛ تبدو هذه الكلمة الآن الصفة الأدقّ لواقع سنوات التسعينيّات حين كان التخبّط يسم كلّ شيء، وحين بات الواقعُ الرجراجُ حقيقةً يدركها الجميع كان صاحب الكلمة قد غاب. ولكنْ، مرةً أخرى، كان سيحضر في غيابه، حين انتقلت سوريا من «التصحيح» إلى «التحديث». كان «بيان الـ 99» الذي صدر في أيلول عام 2000، بمثابة انتقال موازٍ لذلك الانتقال السياسيّ الذي فُرضَ بحكم الواقع. كان لا بدّ من موقف للمثقّفين حيال نهايات ذلك الواقع الرجراج فكان البيان الذي يبدو اليوم بعيدًا (وباهتًا ربّما) مثل صدى. كان اسم ونّوس الاسم المئة الذي ينقص التوقيعات التسعة والتسعين، وقد كان موجودًا وإنْ لم يوقّع.