بلغت «جدلية» التاسعة من عمرها الخريف الماضي. إننا فخورون بما أنجزناه ومتحمسون للمضي إلى الأمام. ذلك أن المنطقة تتطلب، الآن أكثر من أي وقت سابق، تحليلاً عميقاً وذكياً يستند إلى معرفة محلية. وثمة حاجة ماسة للإلهام والتجديد وسط حالة عدم الاستقرار المتواصلة، وخاصة في لبنان وسوريا ومصر والعراق وإيران. وفي ذكرى انطلاقتنا التاسعة، نجدد التزامنا لقرائنا.
ولا يمكن أن نتناول هنا بشكل كامل التقدم الذي حققته «جدلية» والهيئات التابعة لها في مؤسسة الدراسات العربية هذا العام، إلى درجة أننا فشلنا، للمرة الأولى خلال تسع سنوات، في الإعلان عن ذكرى انطلاقتنا في الوقت المناسب، والذي يحدث عادة في الخريف. مع ذلك، يسعدنا أن نطلعكم على بعض العناوين الرئيسية.
التطورات في جدلية
صفحات جديدة وأخرى تم تجديدها
وسّعت جدلية العام الماضي إطار عمليتها من خلال إطلاق صفحتين جديدتين وتجديد أخرى. توفّر صفحة إيران الجديدة التي أُطلقت في 4 أيلول منبراً قوياً وغنياً لإعادة النظر في الكيفية التي كنا نفكر بها حتى الآن بإيران والإيرانيين وكيف صوّرْناهم. وتهدف الصفحة إلى تفكيك السرديات واللغة القديمة التي استُخدمت لمقاربة سلوك إيران. إن مقالات ومقابلات مثل "المشكلة المنهجية للخبرة حول إيران في واشنطن" و"الطاولة المستديرة: سياسة إيران المحلية والاقتصاد السياسي" و"توثيق النفط الأنجلو إيراني وأرشيف شركة بي بي"، هي أمثلة على ما جذب القراء إلى صفحاتنا.
أما صفحة اللاجئين والمهاجرين التي أُطلقت في خريف 2018 فقد كانت مشروعاً قيد العمل لوقت طويل. وتتضمّن هذه الصفحة التي طُورت خلال العام الماضي الآن تقريراً إعلامياً وسلسلة من المقالات المهمة. وتتضمن الأمثلة على الإنتاج المعرفي "تقرير تشرين الثاني الإعلامي"، و"أهمية واستحالة بحث الأونروا" و"شباب بلاطة: جيل بلا أمل".
أعيد تجديد صفحة مصر في 25 تشرين الأول 2019 في أعقاب احتجاجات لم تدم طويلاً وبينما تشهد المنطقة الآن تصاعداً في الفعل الاجتماعي، تأمل صفحة مصر المُجَددة تناول دور مصر والانخراط في النقاش والجدل حول دور مصر ومواطنيها في القضايا الحالية. وأطلقنا الصفحة بمقالات مهمة مثل "القمع، الدين، الإصلاح الاقتصادي: تحليل نظام السيسي"، ومقابلة حول التطورات في اقتصاد مصر السياسي منذ 2013.
تزايد مواد اللغة العربية
يواصل القسم العربي مهمته في أن يكون فضاء مستقلاً للقراء والكتاب الشباب المنطقة والذين يتعطشون للتعبير عن وجهات نظر عميقة ونقدية. وبالإضافة إلى الكتابات والمساهمات المنتظمة من نقاد ومفكرين واعدين، ينشر القسم بانتظام ترجمات مختارة من قسم «جدلية» الإنجليزي.
الطاولات المستديرة
واصلت «جدلية» التزامها بالتركيز على الإنتاج المعرفي من خلال ثلاث طاولات مستديرة في 2019.
.في أيار، نشرت «جدلية» طاولة مستديرة حول ماضي وحاضر الكهرباء في لبنان. وتتناول طبيعة قطاع الكهرباء في لبنان وإنتاج المعرفة حوله
وفي 11 أيلول نشرنا الطاولة المستديرة: "المذهب الإنساني الذي صار أنقاضاً، والتي تدرس كتاب أسلي عزيز، المذهب الإنساني صار أنقاضاً: الميراثات المتشابكة للتبادل السكاني اليوناني- التركي.
وفي الشهر الماضي نشرت «جدلية» الطاولة المستديرة "سياسة إيران المحلية واقتصادها السياسي". وتتألف هذه الطاولة من جزأين يحتويان على جدل حول الاقتصاد السياسي لإيران قبل وأثناء الانتفاضات الأخيرة.
طاولات مستديرة باللغة العربية
رعت «جدلية» أو شاركت في طاولات مستديرة تناولت الوضع السوري من الداخل ومن وجهة نظر كتاب سوريين شاركوا في الطاولات المستديرة من داخل سوريا رغم ظروفهم الصعبة، ففي كانون الثاني 2018 بدأت «جدلية» وبالتعاون مع صالون سوريا بنشر عدد من الطاولات المستديرة التي تناولت الوضع في سوريا وكان أولها الطاولة المستديرة التي حملت عنوان ”سوريا: الوضع الحالي وآفاق المستقبل“، والتي شارك فيها عدد من الكتاب والباحثين السوريين الذين تناولوا تصفية القضية السورية ودور المجتمع الدولي في تدمير سوريا وقمع النظام والصراع ذا الطابع الطائفي وكيف أن الثورة في سوريا لم يكتمل نضوجها بعد.
كما نشرت جدلية في أيار\مايو طاولة مستديرة الأخرى حول اليسار السوري وبعنوان ما الذي تبقى من اليسار السوري؟ هدفت هذه الطاولة المستديرة التي أعدها وأشرف عليها أسامة إسبر وباسيليوس زينو إلى تسليط الضوء على واقع اليسار السوري بمختلف تياراته ودوره السياسي والثقافي والاجتماعي في سوريا، ومدى تأثيره في الأجيال الجديدة، وما الانتصارات التي حققها وأين فشل. كما هدفت الطاولة المستديرة إلى إلقاء نظرة من الداخل على اليسار السوري وتجربته وأين أخطأ وأين أصاب، ومن أجل هذا الهدف اتصلنا بعدد من الكتاب والباحثين وطلبنا منهم المشاركة في هذه الطاولة المستديرة انطلاقاً من تجربتهم، وخاصة من كان منخرطاً في السابق في أحزاب يسارية معينة، أو درس هذه التيارات وبحث فيها وتبنى موقفاً نقدياً منها. دعت الطاولة المستديرة الباحثين والكتاب السوريين المهتمين إلى مناقشة الموضوع من زوايا مختلفة، كما قام بعض الصحفيين في هذا الإطار باستطلاع الآراء لمعرفة رأي الشارع ورأي الكتاب والباحثين بواقع اليسار الحالي.
كما نشرت «جدلية» طاولة مستديرة بعنوان آفاق العلمانية في سوريا في ٢٠ سبتمبر ٢٠١٩ أجاب فيها الكتاب عن عدة أسئلة تتعلق بالعلمانية وهل هي الحل في سوريا. وكما هو معروف، بعد اندلاع انتفاضات العالم العربي، احتلت مسألة العلاقة بين الدين والدولة والعلمانية والحداثة الحيز الأكبر من النقاشات والمناظرات، سيما وأنّ نقد أو تحليل البنية التسلطية الأمنية للأنظمة الحاكمة كان من المحظورات، على الأقل علناً.
ولهذا سعت هذه الطاولة المستديرة إلى طرح أسئلة عن آفاق العلمانية في مستقبل سوريا. وكيف يمكن تحديد علاقة الدولة والمجتمع بالأديان ودرجة حضور الدين في الخطاب العام والحيز العام.
تغطية الاحتجاجات في المنطقة
تجددت هذا العام دعوات للثورة والإصلاح في المنطقة، من السودان والجزائر إلى لبنان والعراق وإيران. وحين بدأت الاحتجاجات في أوائل آذار في الجزائر قدم توماس سيريس لجدلية "أفكار سريعة" حول ما يُعرف الآن باسم الحراك. وحين انتقلت الحماسة الثورية جنوباً إلى السودان، زودت مقالة خالد مدني، ديناميات التعبئة الجديدة لانتفاضة السودان الشعبية: فضيلة التعلم من الماضي، قراءنا بفهم أفضل للانتفاضة والإطاحة اللاحقة بالرئيس عمر البشير. وفي 1 تشرين الأول، نشر عمر سري تحديثات متواصلة حول الاحتجاجات في العراق. وحين خرج المتظاهرون إلى الشوارع في إيران في منتصف تشرين الثاني، أسرعت صفحة إيران بالاستجابة . فنشر إسكندر صادقي بروجردي بين التضامن والتبرئة: ملاحظة اعتراضية على استجابة اليسار الأوربي للاحتجاجات الأخيرة في إيران، وقيم مشاركون في الجزء الثاني من الطاولة المستديرة: سياسة إيران المحلية واقتصادها السياسي الاحتجاجات حين حدثت.
وقدم محررو «جدلية» تحليلاً نقديا لكل انتفاضة جديدة. وفيما كان المحتجون يخرجون إلى الشارع في لبنان في 18 تشرين الأول انضم عدد من المحررين المشاركين في «جدلية» إلى الاحتجاجات. ولقد أغنت مشاركتهم مساهمتهم التي نُشرت بعنوان تقرير متواصل حول الاحتجاجات في بيروت\لبنان. وكان الهدف من تغطيتنا هو المساعدة في تعميق فهم قرائنا للاحتجاجات، بطريقة تختلف عما كان يقال عنها في الوسائل الإعلامية التقليدية.
المقالات المائة الأكثر قراءة في جدلية في 2019
ما زال المحتوى المنشور على «جدلية» وصفحاتها الجديدة، بالإضافة إلى ما نُشر في الأعوام الماضية، يجذب جمهوراً واسعاً في 2019. أدناه نظرة على المقالات المائة الأكثر قراءة في «جدلية» من 2019 على الرابط.
تدوين للنشر: جدلية مطبوعةً
أطلقنا منذ سنة حقبةً ومفهوماً جديدين لـ"جادماغ: جدلية مطبوعةً"، إن الحفاظ على جمهور ثابت من القراء من خلال نموذج تدوين للنشر المستند إلى الاشتراك مكننا من إنتاج منشورات أكثر تحفيزاً على المستوى الفكري وتوزيعها على نطاق واسع.
وفي العام الذي تلا إطلاق أعداد الاشتراك، نشرنا مقالات جديدة كتبها باحثون مختلفون من بينها "الإسلام السياسي وتحمل الإمبراطورية الأميركية" لعبد الله العريان، و"الشمس تغرب على رأسمالية المحسوبية" لتوماس سيريس و"بعض الأشياء الخاطئة في الاقتصاد السياسي للشرق الأوسط"، لجوليا إلياتشار. نشرنا أيضاً "سيتيز جاد ماغ"، والذي دعم فيه المحرران منى حرب وإيريك فيرديل فهمنا لـ"الأدوار التكوينية للبيئات المبنية والطبيعية في إنتاج الأحداث في مدن ومناطق الشرق الأوسط". وسيكون الإطلاق القادم هو عددنا التعليمي الأول.
إن الجمع بين المحتوى الذي يتابع الأحداث وإضافة قوائم قراءة جوهرية ومراجعات كتب جديدة ومقالات بحثية، ومقالات تعالج موضوعات محددة من أرشيف جدلية المشهور سمح بأن يكون مشروع «جاد ماغ» أكثر طموحاً في العمل كمنتج معرفي، وكمصدر شبه شامل للتحليل حول المنطقة، وكمصدر تعليمي بامتياز. يمكن الاشتراك على الموقع التالي:
تعاون
مبادرة تعليم دراسات الشرق الأوسط
عزّزنا أيضاً تعاوننا مع مبادرة تعليم دراسات الشرق الأوسط (ميسبي)، والتي لديها الآن مجلس إدارة كامل وموقع خاص على الشبكة هو MESPI.org. ومع نمو ميسبي بشكل مهم منذ 2015 نمت كذلك علاقة مبادرة تعليم دراسات الشرق الأوسط مع «جدلية» وهيئات شقيقة أخرى في مؤسسة الدراسات العربية. تعمل كل من (ميسبي) و«جدلية» كمنبر لإصدارات جديدة تطلقها ميسبي، ولكتب ذات صلة، وقراءات جوهرية، ومراجعات المقالات المحكّمة، ومقالات أخرى ومشاريع ووحدات ذات هدف تعليمي. وتنتج كل المشاريع مواد جديدة على أساس منتظم وغالباً أسبوعي. ولقد أدّى هذا التعاون إلى نشر عدة مئات من المقالات التي منحت قراء «جدلية» مدخلاً إلى بحث جديد ومهم ومصادر تعليمية متعلقة بالمنطقة.
في مؤتمر ميسبي السنوي في حزيران 2019 عمل فريق ميسبي مع مجلس إدارته لتوسيع مشاريع البرنامج الكثيرة. وبمساعدة واستبصار من أعضاء مجلس الإدارة نمت شبكة ميسبي بشكل كبير، مما مكننا من نشر مقالات أكثر تتضمن قراءات جوهرية. فضلاً عن ذلك، بدأنا العمل الشاق بإنشاء وحداتنا المنهجية الدراسية الثلاث الأولى حول الجندر والإسلام وإيران.
مجلة الوضع الصوتية
أنتجت مجلة «الوضع» الصوتية (ستاتوس) بالتعاون مع «جدلية» محتوى غنياً في 2019. وتضمن عددا ستاتوس 6.1 و 6.2 مقابلات مع مساهمين في «جدلية» مما منحهم فضاء للتعبير عن أفكارهم بالإضافة إلى ما نشروه مكتوباً. واستمتع قراؤنا أيضاً بحلقات جديدة من "أغرب برنامج على الإنترنت"، والذي يستضيف باحثين يتحدثون عن كتب استلمها مكتب «مجلة الدراسات العربية» و«جدلية». أطلق الفريقان أيضاً "بودكاست الكرة الحقيقية" حيث يعالج أعضاء فريق «جدلية» وستاتوس موضوعات متنوعة، بما فيه مسائل كرة قدم النساء والعنصرية ووضع المنتخبات العربية وغيرها. وبالتعاون مع المشاريع المتنوعة لمؤسسة الدراسات العربية أطلقت مجلة الوضع الصوتية "جدلية تتحدث" و"تدوين يتحدث"، و"ميسبي تتحدث". وكل سلسلة تقدم منبراً لكتاب «جدلية» و«تدوين» و«ميسبي» كي ينشروا بحثهم عبر أداة بودكاست صوتية.
مجلة الدراسات العربية
تواصل «جدلية» منذ عدة سنوات نشر مقالات مُحَكَّمة ومراجعات كتب من «مجلة الدراسات العربية». يهدف نشر هذه المقالات إلى إطلاع قراء «جدلية» على التطورات والدراساات التي تنشرها «مجلة الدراسات العربية.» نشر عدد خريف 2019 من «مجلة الدراسات العربية». وهذا عامنا الرابع على التوالي الذي ننشر فيه عددين كل عام. وقد سمح الإنتاج المتزايد لفريق التحرير والمساهمين بمواصلة التوسع بطرق تنعكس على حيوية الاختصاص.
مشروع الاقتصاد السياسي
يمثل مشروع الاقتصاد السياسي (بيب) شبكة من الباحثين الذين يعملون في مسائل الاقتصاد السياسي النقدي في الشرق الأوسط. إن هدف بيب هو تشكيل هذه الشبكة من خلال عدد من المبادرات، بما فيه التعاون مع «جدلية» لنشر طاولات مستديرة افتراضية، ومساهمات نيوتن، وحلقات من «ستاتوس»، ومقالات، بالإضافة إلى نشاطين سنويين رئيسيين نقوم بهما هما المعهد الصيفي للاقتصاد السياسي (بيسي) وجائزة كتاب الاقتصاد السياسي. تدخل بيسي الآن عامها الخامس وتديرها لجنة التعليم في بيب، المؤلفة من سبعة أعضاء من الشبكة، والذين يشرفون على نشر الدعوة إلى التقديم، والمراجعة وتصميم مقرر الأيام الخمسة الذي يتضمن حصصاً تعليمية. ومحاضرات طلابية، ومحاضرات ضيوف، وندوات تطور مهني. وتُقدم جائزة الكتاب سنوياً لكتاب يساهم بشكل أصيل ومبدع في دراسة الاقتصاد السياسي النقدي في الشرق الأوسط. وتحدد الفائز بالجائزة لجنة من ستة أشخاص تستجلب وتراجع كل الكتب.
[Collaboration with Tadween is addressed above.]
خاتمة
ونحن ندخل عامنا العاشر، يشعر فريق «جدلية» بحماسة أكبر من قبل كي يكون نبع معرفة وتحليل وفهم لقرائنا. نشكركم بصدق، أيها القراء والقارئات، لإخلاصكم. وقبل كل شيء نشكركم على القراءة.