(1)
صلاة النجاة[1]
يا من تقفون على ضفاف البحر
—على حافة القرار—
أشقياء ووحيدين،
ويا من لا تملكون حتى رفاهية الحلم
بامتلاك زمام الخيار،
ويا من تسترقون الحب جيئة وذهابا
في جنبات الأزقة والردهات المصمتة
قبيل الفجر،
ويا من تقتطعون من أجسادكم
لقيمات لسد جوع أطفالكم
وتفتشون فيما بين أيديكم وما خلفكم
عن مستقبل لا تنضب فيه أحلام الصغار
بعدما باءت أحلامكم بالبوار؛
ويا من حملتم جمر الخوف بين أضلعكم
وعرفتم ذائقة الذل قبل الفطام،
فكان ذلك الوهم
—وهم الأمان النسبي—
سلاح الباطشين وسبيلهم:
لنا أن نعرف
في هذه اللحظة الغفلة
من الانتصار المستعار
أننا لسنا مخلدين.
ونخاف عندما تشرق الشمس
من غروبها،
ونخاف عندما تغرب
ألا تشرق مجددًا،
ونخاف حينما نشبع
من عسر الهضم،
ونخاف حينما نجوع
ألا نجد ما يسد جوعنا،
ونخاف متى وقعنا في الحب
من الهجر،
ونخاف متى اختلينا بأنفسنا
ألا نصادف الحب ثانيةً،
ونخاف متى تكلمنا
ألا تُسمع كلماتنا
ومن القهر،
ونخاف
حتى وإن ارتضينا الصمت.
فتكلموا
وتذكروا
أننا لسنا مخلدين.
(2)
القوة[2]
الفرق بين الشعر والخطابة
هو كمثل ارتضاء التضحية
بنفسك
فداء لأطفالك.
وجدت نفسي حبيسة صحراء تنضح بجراح أسلحة نارية
يجرجر فيها طفل أسود ميت وجهه المتهشم خلفه
من على حافة الحلم،
وليس ثمة من سائل على مد البصر
سوى الدم المنساب من ثقوب وجنتيه وكتفيه.
تتهيج معدتي
من المذاق المتخيل للدم بينما
تتشقق عن فمي شفتان جافتان تتعطشان
—بلا ولاء أو منطق—
لنداوة دمه
الذي يتشربه بياض صحراء تيهي.
أحاول استجماع قواي
في خضم الكره والدمار؛
أحاول شفاء ابني المحتضر بالقبلات،
لكن ضوء الشمس لا ينتظر
ويغمر عظامه بالبياض.
في بلدة «كوينز»، قتل رجل شرطة طفلاً في العاشرة رميًا بالرصاص،
ثم دهس الجسد الأسود الصغير بدم بارد وقال:
«مت أيها الوغد!»،
وثمة تسجيلات تثبت ما حدث. أثناء المحاكمة
دافع الشرطي عن نفسه قائلًا:
«لم ألحظ حجمه أو أي شيء آخر؛
كان لونه كل ما رأيت.»
وثمة تسجيلات تثبت هذا أيضًا.
اليوم أُطلق سراح الشرطي الأبيض ذاته،
والبالغ من العمر 37 عامًا
و13 عامًا من قمع الشرطة،
بعدما أقرت هيئة محلفين من أحد عشر رجلًا أبيضَ
أن العدالة قد تحققت وأخذت مجراها،
وبعدما قالت امرأة سوداء وحيدة وسطهم:
«لقد أقنعوني»، بدلًا من أن تقول
أنهم قد سحلوا امرأة صغيرة البنيان
—لا يتعدى طول قامتها متراً ونصف—
بطول جمر متقد يمتد لأربعة قرون من تصديق الرجل الأبيض،
فأفلتت بما كان في يدها من فتات قوة لأول مرة،
مبطنة بذلك رحمها بنفس الإسمنت
الذي سيشيد به مقابر أطفالنا.
لم أمد يدي قط نحو كل ما بداخلي
من دمار.
لكن إذا لم أتعلم كيفية الاستفادة من
الفرق بين الشعر والخطابة،
فإما سيسري فيّ عفن الفساد ويتوغل،
أو سيحيلني هشة عاجزة، كمثل سلك مقطوع،
أمسك به يومًا ما وأوصله بأقرب منفذ كهربائي،
وآتي بأم بيضاء في الخامسة والثمانين من عمرها
أغتصبها وأنهال عليها ضربًا حتى يغشى عليها قبل أن أشعل فيها النار
بينما تغني جوقة في الخلفية بميلودرامية:
«يا لها من مسكينة. لم تؤذ أحداً قط. يا لهم من وحوش.»
(3)
من قال أن الأمر كان هينًا[3]
كثيرة هي الجذور التي تغذي شجرة الغضب؛
وأحيانًا تتكسر الأفرع
قبل حتى أن تؤتي ثمرها.
جلست بعض النساء السوداوات
في مطعم «نِدِكس»
يتجاذبن أطراف الحديث قبل المضي إلى مظاهرة،
يتحدثن عن النساء البيضاوات
اللاتي يتشدقن بحقوق السود بالنيابة عنهم.
يلبي النادل الأبيض نداءهن
بدلًا من أن يتجاهلهن—كما هو معتاد—لخدمة رجل أبيض آخر،
فتنفرج أسارير النسوة، غير آبهات
بكل ما تبقى من ظلال عبوديتهن.
أما أنا
—بكل ما يربطني بصورتي في مرآتي وسريري—
أرى الجذور المتأصلة في اللون
والجنس،
وأجلس هنا متسائلة
عما سوف يبقى مني، عما سوف ينجو
ليرى اليوم الذي نتحرر فيه من كل أشكال العبودية.
[ترجمة سلمى هارلند]
هوامش
[1] Lorde, Audre. “A Litany for Survival”. The Black Unicorn, 1978. In The Collected Poems of Audre Lorde. New York: W. W. Norton, 1997. Pp. 255-6.
[2] Lorde, Audre. “Power”. Between Our Selves, 1976. In The Collected Poems of Audre Lorde. New York: W. W. Norton, 1997. Pp. 215-6.
[3] Lorde, Audre. “Who Said It Was Simple.” From a Land Where Other People Live, 1973. In The Collected Poems of Audre Lorde. New York: W. W. Norton, 1997. P. 92.