دانييل سيمون، شاعر ومترجم وكاتب مقالات من مواليد نبراسكا، حائز على عدة جوائز، ويعمل في رئاسة تحرير مجلة World Literature Today، ومدرساً في جامعة أوكلاهوما. صدرت له أربع مجموعات شعرية، ونشرت SFA Press مجموعته الشعرية الأخيرة بعنوان "تحت سماء جامعة"، في نيسان/أبريل 2024. سيمون عضو في أكاديمية الشعراء الأمريكيين، ومركز نبراسكا للكتاب، والطاولة المستديرة لمجلس نورمان للفنون.
تؤكد أعمال سيمون الشعرية ومساهماته التحريرية على أهمية التراث الثقافي والأدبي، واهتمامه بالأدب العالمي مما يُبرز تأثيره الدولي واهتمامه بالأصوات الأدبية المتنوعة. وقد تُرجمت قصائده إلى عدة لغات.
اختار وترجم القصائد أدناه: يونس البستي.
1- تصريح على الحدود
كتب نوين:
«ادخل البلدَ الجديد»،
بلدَ الحب،
بلد الذاكرة،
بلد العبور.
غير أننا ما نزال على الحدود.
هل يسكن حبيبنا في الداخل، أم في الخارج؟
نتمسك بقوة بأفكار كنا نعتنقها ذات يوم،
نحتضنها بين أذرعنا واقفين على العتبة
عند نقطة التفتيش،
حيث يصرخ الخوف بنا، ويطالبنا بالعودة من حيث أتينا.
لا يكترث بلد المستقبل بأوراقنا
ولا يهمه ماضينا
أو الخلفية التي نقدم أنفسنا على أساسها
ذلك أن الولاءات التي نختارها هي التي تقرر مصيرنا.
نرفع أيدينا، نجاهر بما نؤمن
أنه سيتيح لنا العبور. ورغم ذلك فإن الحارس لا يطالبنا إلا
بالوفاء، ولا يهمه الإيمان.
تماماً خارج حافة الرؤية
نعلن عن شيء لا نستطيع رؤيته
ولكن في يوم من الأيام نأمل أن نعتنقه مرة أخرى.
2- تجمّع
نتفرق في البداية ثم نتجمّع
وبينهما ـ قبل أن يتحوّل الحداد إلى فرح ـ
ننتظر.
في المنفى تتحول الأشهر إلى سنوات،
تتلاشى ذاكرة الوطن،
وتتفكك أواصر الرحم.
وحين نسمع نداء العودة
لا نقوى في البداية على إجبار أنفسنا على تصديق ذلك:
نخاف أن لا شيء في الوادي سوى الموت.
غير أن البقاء متفرقين يعني موتنا لا محالة.
هكذا نتشبث بوعد العودة:
ثمة خيوط غير مرئية تقودنا على الطريق،
وترشدنا حين نتوقف عن رؤيته
تعزز عزمنا على المضي قدماً.
3- الآنسة فلانيري تندم
إذا بدت حمية الكاتبة غريبة،
نميل إلى الظن بأن غرابة
قصصها شيء تستوحيه
من غرابة ذوقها في الأكل:
أناناس بالمايونيز،
رسائل غير مرغوب بها مع البُقْسُمَاط، ملعقة كبيرة
من النبيذ الرديء الممزوج بالماء
(كي يساعدها على النوم، طبعا).
في تلك الرسائل اليومية لريجينا
المليئة بالثرثرة والأحاديث،
بالصلوات والارتباطات الاجتماعية،
تصبح ماري فلانيري الآنسة فلانيري
أمام أعيننا. وحتى حين تكرر لازمتها: "لا يوجد
الكثير كي نفعله هنا"، تؤكد الكاتبة
تدريجياً تحكمها بتفاصيل
روتينها، وتوبخ الابنة والدتها
بلطف ولكن بحزم.
ونكتشف أن تلك اللازمة "لا يوجد الكثير"
مجرد ستار دخاني خلفه
يُصر عمل الكاتب، قبل كل شيء،
على عزل نفسه عن العالم فيما يتقن
حرفته، التي تُعرض أمام مرآة
معوجة، كمديح لحماقاته.
4- مصارف الوقت
حيث يضيق النهر،
تُقْذَفُ كرمح
عبر مضائق الفناء.
المجاذيف عديمة الفائدة هنا
وكذلك الاستماتة
للنظر عكس التيار إلى المنبع.
نأمل أن نستعد بصورة أفضل
للدوامات القادمة،
أو نتمنى لو أن الزمن
يعكس مجراه.
وإذا ما اجتزت َ
المنحدر وأِلقي بك
إلى المياه الهادئة، تُقسم
أن الزمن لم يبطئ:
أن الرمح اكتسب سرعة إضافية
وهو ينحدر إلى أسفل، نحو هدفه.
5- تكوين
ألما، كولورادو
أوراق الحور الرجراج، تتراقص وقد جنّنتها الريح.
أغصان الصنوبر تتمايل مستسلمة للخدر.
إن ضوء الشمس، بالطبع، هو الـذي يسحر
العين كمثل الريح، كتلك الحركة
في أجنحةالعصافير التي فتنت
هوبكنز: كلُّها مرقطة ومبقّعة ومخطّطة ومضمومة.
فعلٌ واحدٌ ينجب بقية
القصيدة، سلسلة من من أسماء الفاعل والنعوت
ترافق فعل الخلق،
نعبّر عن موافقتنا، في فعلي أمر فقط،
وفيثناءٍ، أخيراً، لكن لا للخالق
بل للتنوع.
وعلى غرار الغراب الـذي يسرّه تعدد الألوان،
إن الجمالالمرقط هو أيضًا حرفتنا:
فنحن نغترف من المجهول، مما لا نفهمه
كما ننبهر بالتغير، والتحدي الماثل أمامنا هو
ألا نحزن بل أن نمدح، أن نبتهج
ونتنقط ونتطهر، ذلك أننا نحن أيضاً خالقون.