أصدرت شركة كرايتيك لعبة "هنت شوداون" (Hunt Showdown) رسمياً في شهر آب عام 2019 بعد أن قضت عاماً ونصف العام في مرحلة اللعب التجريبية (Early Access)، وقد حالفني الحظ بأن أكون من أولئك الذين اقتنوها قبيل إصدارها الكامل. بعد عدة أعوام وقبل بضعة أشهر، أعادت الشركة إصدار اللعبة بحلة جديدة وأضافت عاماً إلى عنوانها لتصبح "Hunt Showdown 1896". وبناء عليه، أكتب هذه المقالة كي أزعم أن لعبة الصيد عادت إلى مرحلة اللعب التجريبية مجدداً وأن الوقت مناسب للخوض فيها بغض النظر عن مستقبلها.
نبذة عن مناخ اللعبة
اللعبة هي من منظور الشخص الأول، أي أن اللاعب يتقمص دور الشخصية ويتعاطى مع العالم عبر عينيها، وهي لعبة تنافسية عبر الإنترنت وتشبه ظاهرياً ما يعرف بصنف ألعاب المعركة الجماعية (Battle Royale) مثل لعبة "PUBG" التي اشتهرت وأشهرت هذا الصنف، ولعبة "Fortnight" التي أخذت مكانها على عرشه، لكن تصنيف "هنت" معهم لا يعطيها حقها، فهي مميزة وتستحق صنفاً لوحدها حتى بين الألعاب من صنفها المعتمد المعروف بصنف تصويب وتهريب (Extraction Shooter) وهو صنف لا يكتفي بتأليب اللاعبين على بعضهم في معركة فوضوية وإنما يعتمد على استخراج جائزة ما وتهريبها لإتمام المهمة، هذا الصنف ما زال مغموراً لعدة أسباب قد نلتمس بعضها في هذه المقالة.
"هنت" لعبة مجهولة مقارنة بالألعاب المذكورة، وهذا ليس عيباً بل ميزة، على الأقل من وجهة نظر اللاعبين المخضرمين، أما بالنسبة لأصحاب الشركة فذاك موضوع آخر سنتطرق إليه لاحقاً. أول ما يلفت اللاعب هو المناخ السوداوي، إذ تدور أحداثها في تاريخ موازٍ لا واقعي، انتشر في ذاك العالم فساد خارق للطبيعة من صنيع كيان يلقب بالنحّات. ترك هذا الفساد أسوأ أثرٍ في ولاية لويزيانا ومسخ سكانها وحيواناتها حتى صاروا الأعداء المبرمجين المنتشرين في اللعبة. بعضهم مرعب وأقرب إلى الواقع مثل كلاب شرسة استوحي تصميمها من سلالة الماستيف الإيطالي، أما البعض الآخر يُعتبر أقل واقعية لكنه ليس مميزاً مثل وحشٍ جسده من جمر وقد يحرق كل ما حوله.
المميز والخارق للطبيعة حقاً هو الهدف الرئيسي في كل مرحلة، وهو وحش من أصل أربعة يسعى اللاعبون لقتلهم، من أوائل الوحوش في اللعبة كان جزّاراً عملاقاً رُبط إليه رأسُ خنزير يرمي كتلاً نارية. بينه وبين الأعداء المبعثرين يتواجه اللاعبون الآخرون، فرادى كانوا أو في أفرقة ثنائية وثلاثية.
اللاعب أو الصياد كما يسمى في اللعبة يملك قدرة غرائبية اسمها "البصيرة المظلمة" تسمح له بأبسط صورة لها بتقفي أثر الوحش الرئيسي وكشف موقعه بعد جمع ثلاثة أدلة من أصل تسعة عشر دليلاً. على الرغم من كل غرائبية العالم وكل ما يخرق الطبيعة من قدرات إلا أن اللعبة تحافظ على درجة التقدم التكنولوجي في تلك الحقبة، معظم الأسلحة النارية بطيئة وقديمة لا تقارن بالأسلحة في ألعاب مشهورة تعتمد أسلحتها على تكنولوجيا معاصرة أو مستقبلية مثل "Overwatch" أو "Call of Duty". مما يعني البطء في تلقيم السلاح واستخدامه ويقترن بسهولة قتل الخصوم بعددٍ قليل من الإصابات، كل هذا يجعل المواجهات صعبة وتطلب تركيزاً عالياً، علاوة على كل ذلك عندما يُقتل الصياد لا يعود إلى نقطة البداية ليكمل المواجهة وإنما تنتهي المرحلة بخسارتك له ولعتاده.
يبدع مصممو اللعبة في محاولة غمر اللاعب في الحقبة القديمة دون التخلي عن بعض التكنولوجيا العسكرية المعاصرة مثل استخدام المسيرات، وبما أنهم لن يضعوا مسيرة بكل تعقيدها التقني يعتمدون على المقولة المشهورة لآرثر كلارك "أي تكنولوجيا متقدمة بما فيه الكفاية لا يمكن تمييزها عن السحر" ولذا أضافوا ذباباً انقضاضياً يحرّكه الصياد مثل المسيّرات.
كل أداة وهدف وعدو وكل صياد وصديق لهم خلفيات قصصية، أو ما يعرف بعالم الألعاب بكلمة "lore"، هذه المعلومات يجدها اللاعب في قصاصات وكتيبات وتسجيلات صوت كلها خارج المراحل التي يلعبها بشكل مباشر، أي أن اللاعب يمكنه أن يقضي كل وقته دون الحاجة لمعرفة أي شيء عن القصة سوى تلك المعلومات الشحيحة التي تظهر على شاشة التحميل، مثلاً يُقال إن ذاك الوحش الجمريّ كان بالأصل راهباً تعرّض لضرب مبرح واستشاط غضباً ليصبح كتلة من الحنق والنار.
مثل هذه المعلومات تضيف إلى عمق اللعبة، قد يتسلى اللاعب باختيار صياد تبيّن خلفيته القصصية أنه مجنون ويلعب بهمجية، لكن القصة لا تؤثر على المجرى التنافسي، ولا فرق بين الصيادين سوى بالجماليات السطحية، لأن تصميم اللعبة يسعى لتوحيد قدرات الصيادين إلى أقصى حد. على سبيل المثال كل الصيادين لهم صوتٌ واحد فقط للتعبير عن الألم بشتى أنواعه داخل المهمة، أما أصواتهم الحقيقية لا يمكن سماعها إلا في التسجيلات الخارجية.
بالنسبة لي وكما حاججت مسبقاً أرى أن القصص في الألعاب مثيرة وترتقي إن أُحسِن صنعُها لأن تصبح قطعة فنية، في هذه اللعبة مثلاً عداد وقت مقداره 45 دقيقة[1]، وكان من الممكن أن يُترك الرقم بهذه العشوائية دون نسجه مع القصة، إلا أن القصة تفسّر اقتصار المدة بحجة أن الفساد المنتشر قد يؤثر على الصياد إذا طال بقاؤه في تلك المنطقة الموبوءة. تتطلب النجاة الوصول إلى إحدى نقاط الإخلاء الثلاثة والتي تتنقل عشوائياً على أطراف الخريطة في كل مرة.
كانت لويزيانا مركز اللعبة قبل التحديث وأخذت المهمات موقعها على ثلاثة خرائط في تلك المنطقة، بعد التحديث ينتقل اللاعب إلى خريطة في ولاية كولورادو. وبما أن التحديث تطلب جهداً كبيراً قررت الشركة تحسين الخرائط وإعادة إصدارها بالتدريج مما يحضرنا للنقطة الأولى من حجة المقالة، وهي أن اللاعب الذي سيجرب اللعبة للمرة الأولى سيكتشف الخرائط بالتدريج كما صدرت بالأصل.
بهذا قد يكتمل تصوّرك للعبة، لكن يجب التأكيد على أن أهم جزء منها هم الصيادون الآخرون، فأنت لست وحدك في مهمة صيد الهدف الرئيسي مثل الجزار برأس الخنزير أو العنكبوت المكوّن من جثث بشرية. هناك صيادون آخرون في نفس المنطقة يتجهون نحو الهدف ذاته وقد تصادفهم في أي مكان. هذه التشكيلة هي ثاني أهم مميزات هذه اللعبة، على عكس عدة ألعاب التي تستخدم دائرة تضيق وتجبر اللاعبين على أن يحشروا أنفسهم في نقطة واحدة أو تجعل مساحة اللعب ضيقة بالأصل لتسرّع من ملاقاة اللاعبين، في "هنت" يمكنك التنقل كيفما تشاء. يستعيض التصميم عن تلك الدائرة المضيقة أو المساحة المتواضعة بما يشبه أعناق الزجاجة، مثلاً نقاط الإخلاء تجبر اللاعبين على الاتجاه نحوها عاجلاً أم آجلاً، الهدف الرئيسي هو قبلة الصيادين والأدلة تحدد مساراتهم، وبين هذا وذاك هناك عربات محطمة تحتوي على عدة مفيدة.
الحد الأعلى لعدد الصيادين في المهمة الواحدة[2] هو اثنا عشر صياداً، ينطلق كل فريق من نقطة على طرف الخريطة، مما يستحضر ثالث أهم سبب لاقتناء هذه اللعبة ألا وهو تجربتها مع الأصدقاء. معظم الألعاب التنافسية عبر الإنترنت ترحّب باللعب المشترك، وما يميّز "هنت" هو في أن فناء الصياد وصعوبة المواجهات يعطيان كل مرحلة حساً من المصيرية، أي أن كفتي الربح والخسارة ثقيلتان، ما يمنح وجود رفيقٍ ينقذ الفريق في لحظات حاسمة طعماً خاصّاً. وبحكم الطبيعة التكتيكية يصبح نجاح خطة ما يعتمد على التنسيق أكثر من عدة ألعاب أخرى تركز على سرعة ردود الأفعال فحسب، وهذا البعد التكتيكي يكافئ التطبيق الحقيقي للشراكة.
يصل التحدي ذروته بعد قتل الهدف الرئيسي، لأن الصياد عليه البدء بعملية شبيهة بطرد الروح قبل أن يحصل على الجائزة، هذه العملية تتطلب تقريباً ثلاث دقائق، في تلك الأثناء على الصياد أن يحصّن نفسه بينما ينكشف موقعه على الخريطة لجميع اللاعبين، ويبدأ حصار أو مطاردة أو كلاهما. تعتمد كلها على تكتيكات اللاعبين المتنوعة وتزامن وصولهم. البعض يحبذ الهجوم مباشرة بينما يتريث الآخرون، وبما أن نقاط الخروج من المرحلة معدودة ومحددة يستغل البعض ذلك لينصب كميناً للصياد وهو يهرع هارباً مع جائزته التي تكشف موقعه على الخريطة طالما حملها.
ما هو متوقع في الساعات الأولى
يُعدّ ما سبق وصفاً عامّاً ومبسطاً لمجريات أية مهمة تقليدية، إلا أن اللعبة تقدم تنوعاً يجعل كل مهمة تختلف على نحو كبير عن الأخريات، حتى لو اجتمع نفس عدد الصيادين في نفس المبنى. يعود هذا التنوع لاختلاف تكتيكات الصيادين واختلاف أدواتهم وأسلحتهم وعشوائية الوحوش من حولهم.
في التجارب الأولى، يجد اللاعب نفسه في عالم مخيف، حيث الوحوش مرعبة وفتاكة، وينتظره في كل زاوية كمين أو فخ نصبه الصيادون. هناك فخاخ بسيطة مثل فخ الدببة وأخرى مبتكرة تبث السم أو تطلق شبكاً حديدياً يصعّب الحركة ويدمي الصياد، وهناك رصاص مميز قد يضر اللاعب بأشكال عدة، بعضه قد يحرق اللاعب أو يخترق الجدران الرفيعة فيصيبه حتى لو احتمى وراءها. هنالك متفجرات بأحجام متعددة ومولوتوف قد يُرمى عبر فجوات رفيعة بين الجدران. ببساطة، التجارب الأولى ستكون مليئة بالذعر والمفاجآت.
تشارك الطبيعة أيضاً في المؤامرة ضد الصياد، قد يصادف حصاناً مصاباً وإذا اقترب منه يصهل مما ينبّه أي وحش وصياد بالقرب منه. قد يحاول الصياد المبتدئ السير بكل حذر وسط الأحراش ثم يدوس بالخطأ على فرع شجرة مما يخيف مجموعة من الغربان القريبة فتطير وتكشف لكل من رآها أن صياداً مر من هناك، وإذا كان الصياد الذي شاهد الغربان تحلق قد قضى مئات الساعات في مستنقعات لويزيانا فهو يستطيع تحديد اتجاه الصياد الذي أزعجها.
قد يبدو الأمر محبطاً وهو بالفعل كذلك، أن تقضي عشر دقائق وأنت تطارد عنكبوتاً ضخماً ينفث السم ويطرحك أرضاً ثم يتسلق الجدران هارباً منك وبعد جهد جهيد تفرح لأنك اقتربت من إسقاطه، لكن بما أنك لم تتعلم بعد ضرورة التأكد من محيطك قد تكتشف أن فريقاً آخر تسلل وسيأتي الاكتشاف على شكل مطرقة تهوي على رأسك.
تعدد المخاطر وكثرة الخسارات التي تبدو في البداية وكأنها مرتبطة بالحظ المحض قد يجعل اللعبة منفرة للمبتدئين، أغلب الظن أنك ستخرج من اللعبة غاضباً أو تتواضع وتشاهد مقاطع فيديو تعليمية لكنك عندما تعود وتلعب مجدداً ستأتي تلك اللحظة التي تجعل التعب مُستحقاً، هي تلك المرة الأولى التي تذوق فيها حلاوة النصر، المرة الأولى التي تواجه فيها صياداً آخر وتنال منه برصاصة سديدة بدلاً من إصابة كل شيء حوله عوضاً عنه. في المرات الأولى التي تنجو بجلدك من موت محتم لأن فريقاً آخر قتل خصمك قبل أن يقتلهم قطيع من الكلاب المسعورة. فإن صبرت وأكثرت من التجارب ستأتي تلك اللحظة المميزة التي تكتشف فيها أن بعض الصيادين خيّرون يعرضون عليك مشاركة الغنائم بدلاً من القتال.
أما بعد
بعد اجتياز حاجز معين من الساعات يختلف وفق القدرة على التعلم تختلف التجربة بشكل جذري، حينها تعرف نقاط قوتك وضعفك وتكتشف أنك تستطيع التنويع في أهدافك وأساليب الصيد، بدلاً من التركيز على الهدف الرئيسي برأس الخنزير يمكنك صيد هدف أقل أهمية ولن يبحث عنه الآخرون مثل الزِبَعرَى المعروفة باسم "الفك العفن"، أو ربما تختار أهدافاً أقل من عادية كي تدرب الصياد وتحسن من قدراته وقدراتك للتحضير لمهمة لاحقة.
في هذا المستوى المحترف يسهل التمييز بين هدف متوسط أي هدف يحتاج تحقيقه إلى نافذة زمنية معينة وبين هدف مباشر لكن تنفيذه يتطلب صبراً يبعده زمنياً. مثلاً التسلل إلى منطقة ما يتطلب الرويّة كي لا يفضحك الوحوش المنتشرون في كل مكان لكن التسلل بذاته يمكنك المباشرة به فور بدء المهمة، في المقابل قد تعلن زغاريد الرصاص بين فريقين أو أكثر بالقرب منك عن مواجهة مباشرة إلا أن الأذكى هو الثبات وانتظارهم كي يستنزفوا بعضهم والانقضاض عندما ينشغلوا بالتطبيب بعد انتهاء المواجهة، تلك اللحظة في لعبة كهذه لا تُمنح لك بإشارة واضحة مؤتمتة، تعتمد المسألة كلياً على خبرتك. في بعض الأحيان أو ربما في الكثير منها تنتج الخبرة من الخسارة لا من النجاح، بعد أن تلتهم عدة رصاصات حارقة وأنت في منتصف الشارع تتعلم أن الاختباء بين الأشجار قبل أن تطفئ النيران خيارك الأفضل.
بعد عشرات الساعات يختفي حس الذعر المصاحب للأجواء السوداوية وتحل مكانه سكينة المحترف، تدرك متى عليك أن تهرع ومتى تتأنى، متى يمكنك أن تستمر بإلقاء النكت مع رفاقك ومتى عليكم التركيز وكأن حياتكم هي التي في خطر. مع الخبرة ستختار معاركك بدلاً من أن تختارك، في السابق لا تجرؤ على مواجهة فريق من ثلاثة صيادين منفرداً لكن مع الوقت تكتشف أن نصف المعركة هي في توقعاتك، وهذه التوقعات مع الوقت مبنية على خبرة تسمح لك بالجمع بين إحكام الكمائن وسرعة البديهة. في بعض المهمات قد تتوافق الظروف لتكشف لك فريقاً في طريقه إلى الهدف الرئيسي، وبدلاً من جمع الأدلة بنفسك أو مواجهتهم مباشرة يمكنك أن تتقفى أثرهم بهدوء حتى تصل إلى الهدف وهم في معمعة قتاله، لتصبح أنت من يفاجئ العدو بمطرقة على جبينه.
بعد تراكم الخبرة تكتشف لماذا هذه اللعبة هي من نسيج متفرّد، لا تقتصر المسألة على براعتك في إصابة الأهداف والسرعة وإنما على تكتيكات وحسابات نشطة، دون أن تمتد لتصبح استراتيجية مملة. إلى لحظة نشر المقالة أستطيع الإشادة بما أبدع فريق المصممين في فعله، وهو ابتكار الخلطة المثالية بين لعبة تصويب من المنظور الأول والرعب وتكتيك الوقت الحقيقي، لكن للأسف بعض الغيوم أخذت تتجمع في الأفق.
المواجهة تبدأ باكراً
بما أن المقالة تدعو اللاعب لاقتناء هذه اللعبة لا بد من الإشارة إلى العيوب وأغلبها جاءت مع التحديث الأخير، هناك إجماع على أسوأ العيوب وهو في القائمة الرئيسية. يمكن للصياد أن يقتني ثمانية أدوات والاختيار بين عدد كبير من الأسلحة التي تتاح له كل ما تقدّم في اللعبة، هذا يجعل القائمة متورمة بحاجة لتصميم ذكي، وهذا ما فُقِد بعد التحديث، لذلك قبل أن تواجه الوحوش والصيادين عليك أن تجاهد أثناء التحضير للمهمة.
بعد هذه المشكلة هناك عدة مشاكل لا إجماع حولها لكنها مشهورة ومنتشرة في التعليقات، بعضها يتعلق بالخوادم المستخدمة واستغلال اللاعبين لفجوات في سرعة الإنترنت، هناك مشكلة الغش لكنها محصورة في الدول الأسيوية ويمكنك تجاهلها لو لعبت في خوادم أخرى.
الغيمة المظلمة الأكبر تتقصع في الأفق وهي ليست فوق اللعبة الآن. لقراءة المستقبل يجب إدراك الوضع الحالي، ما يميّز مناخ "هنت" هو الحقبة الزمنية والأسلوب الفني الحصري، هناك فريق فنانين مميز في رسم هويتها البصرية وهناك فرقة غنائية كاملة حصرية تصدر الأغاني المتناسقة مع أجواء اللعبة. الأجواء البعيدة عن عصرنا في اللعبة أتقنها الفريقان الصوري والصوتي. التجربة الصوتية خصوصاً تستحق مقالة مفصلة، لكن الكلام لن يوفيها حقها والأجدر باللاعب أن يخوض التجربة بنفسه لينغمر في مزيج الرعب والترقب.
استجدت المشكلة مع إضافة شخصية "Ghostface" التي لا ترتبط بتلك الحقبة الزمنية بتاتاً. ومع أنهم حاولوا إعطاء الصياد أزياء تدمجه في محيط تلك الحقبة إلا أنه ما زال شاذاً عنها. يرى الكثيرون في هذا التوجه خيانة لأصالة اللعبة ويسخرون من احتمالية إضافة المزيد من هذه الشخصيات المعاصرة مثل "نيكي ميناج" أو "سنوب دوغ" لاستقطاب لاعبين جدد كما تفعل الألعاب الأخرى، ولم يأتِ تعاون اللعبة مع المغني "بوست مالون" مؤخراً ليطمئن هذه المخاوف.
ومع أن الحجة قوية جداً في رفض تمييع الأجواء إلى هذه الدرجة إلا أن النموذج التجاري الذي يعتمد على هذه التقاطعات والاستعارات أثبت نجاحه مع ألعاب أخرى، لعبة "Dead By Daylight" مثلاً تحتوي على تشكيلة غريبة أشبه بأحلام العصر، حيث تجد الفضائي "Xenomorph" يلاحق الممثل "نيكولاس كيج"، أي أن الحجة الاستهلاكية الباردة والقاتلة للأصالة لها وزنها.
بالنسبة للاعب جديد فإن بعض المشاكل، مثل أصالة تمثيل الحقبة التاريخية أو الهوية البصرية، لن تزعجه كثيراً، وكذلك بعض الأخطاء التقنية قد تكون محتملة على أمل إصلاحها -باستثناء القائمة الرئيسية فهي لا تحتمل وتصميمها لا يغتفر-، في المحصلة يبدو وكأن الشركة إما أنها صارت تقامر باللاعبين المخضرمين لتكسب تجزئة مختلفة من السوق أو أن الكثير من التعليقات الساخطة التي قد تجدها على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي ومتجر "steam" لا تعكس حقيقة ارتفاع الأرباح المرحلي، كما أن هناك تناقض بين سلبية التعليقات من مجتمع اللاعبين وإيجابية فرعٍ آخر من ذات المجتمع عندما تلاقيه على مواقع البث. هذا الخلاف قد يكون سطحياً أو يعكس حقيقة مفترق الطرق أمام اللعبة، ولهذا أظن أن الوقت الأنسب للخوض في التجربة الآن، فهي إذا استمرت على نهجها المميز ستفيد اللاعب الجديد وإذا كانت في طريقها إلى الهاوية فهذه آخر فرصة لبعض الساعات الرائعة أثناء سقوطها الحر.
آخر القول هو أن انتشار الفساد في عالم "هنت شوداون" ترك أثراً مريراً لكنه في ذات الوقت أتاح فرصة للصيادين من شتى المنابت، اللعبة قاسية ولئيمة ولا تتساهل مع أي لاعب، لكن حلاوة اللعبة تكمن في صعوبتها، ولذة النصر تتناسب طردياً مع حجم التحدي.
هوامش:
[1]: أغلب المهمات لا تتطلب الوقت كاملاً، إذا كنت محظوظاً يمكنك أن تنهي مرحلة في خمس دقائق، وإن لم تكن محظوظاً قد ينال منك عدو في أقل من دقيقة.
[2]: حالياً هناك ثلاثة أنواع من المهمات لكن المقالة تتحدث عن أكثرها شيوعاً إلى الآن وهو نوع صيد الجوائز والذي يشمل بتفاصيله باقي الأنواع.