[هذه المقالة جزء من ملف حول اللغة الأمازيغية، تحت عنوان «"تانكرا تمزيغت": الصحوة والأصلانية الأمازيغتَيْنِ في الآداب والفنون»].
مقدمة لا بد منها
قيل وكتب الكثير عن القصة القصيرة المغربية باللغتين العربية والفرنسية، لكن القصة باللغة الامازيغية ما تزال حقلًا أدبيًّا ونقديًّا بِكرًا لم ترتده الأقلام النقدية ولا قيل حوله شيء. فلا يزال كل ما يتصل بها هو برسم القول أو قيد الكتابة رغم الدفقة التي طبعت هذا النوع الأدبي على مستوى الإبداع والنشر، لذا تروم هذه الدراسة أن تسهم في تقديم نبذة عن المنجز القصصي بالأمازيغية بالجنوب، من خلال الوقوف على بعض المستجدات التي شهدها في السنوات الأخيرة، ورصد بعض ملامح التحول الذي طرأ عليه خصوصا وأن القصة القصيرة جنس أدبي غربي وافد على الأدب الأمازيغي المكتوب مثل الرواية والمسرح.
وأؤكد في البداية أنني أفضل تسمية القصة القصيرة بالأمازيغية بدل نعت القصة بكونها أمازيغية (القصة الأمازيغية) لاعتبارين اثنين:
1. تقديري أن أول ما يميز هذا المنجز القصصي الذي يوصف بالأمازيغي هو اللغة التي كتب بها.
2. أن هناك قصة أخرى يمكن أن تكون ذات خلفية أمازيغية من حيث مرجعيتها الثقافية ومن حيث المتخيل الذي تمتح منه أو تستلهمه دون أن تكتب بالأمازيغية، بل بلغات أخرى متداولة في السوق اللغوية المغربية كالعربية والفرنسية[1].
وظهور القصة بالأمازيغية في المشهد القصصي المغربي بقدر ما يثري هذا المشهد الأدبي ويكرس التعدد في لغات الكتابة الذي يطبعه، بقدر ما يشكل دافعا إلى مراجعة مفهوم القصة المغربية ذاته الذي عادة ما يحيل في أوعاء النقاد والمثقفين المغاربة ولا وعيهم إلى القصة المكتوبة بالعربية، إذ بات لزاما اليوم الكف عن احتكار مفهوم المغرب وربطه بالإنتاجات المكتوبة باللغة العربية فقط، وبالتالي الحديث عن القصة المغربية باللغة العربية وأخرى باللغة الأمازيغية أو باللغات الأخرى لأن الاستمرار في تكريس النظرة الأحادية اللغوية للأدب المغربي ينم عن عجز عن استيعاب التحولات الثقافية التي تعرفها بلادنا أو يعكس نوعا من الممانعة ورفض التعددية التي يمور بها الواقع السوسيوثقافي واللغوي المغربي.
وتجدر الإشارة أيضا إلى أن التأكيد على نعت هذا المنجز بالقصة المغربية باللغة الأمازيغية ضمن العنوان مرده إلى أن هناك واقعة نصية قصصية باللغة الأمازيغية في بلدان الجوار أيضًا، خصوصا الجزائر التي عرفت ميلاد أولى النصوص القصصية منذ الأربعينيات من القرن الماضي مع بلعيد ن أيت علي[2]، والتي نشرت لاحقا من قبل الناشرين Degezelle ودالي Dallet تحت مسمى (أمخلوط) ضمن كتاب[3] Cahiers du Belaid Ait Ali ou la kabylie d’antan (دفاتر بلعيد نايت علي أو القابل في ما مضى) دون تحديد هوية نصوصها الأدبية وتعيينها على أنها قصص[4]، وبلغ عدد المجاميع فيها إلى اليوم ما ينيف عن الأربعين مجموعة[5].
كما وجب التنويه أيضا أن هذه الدراسة سوف تتركز على القصة بالجنوب المغربي لقلة اطلاعي على ما ينتج في المناطق الأخرى من بلادنا بسبب العوائق المرتبطة بتداول وتوزيع ونشر الكتاب الامازيغي على امتداد التراب الوطني، أضف إلى ذلك أن ما أنتج خصوصا في مناطق الوسط والجنوب الشرقي لا يزال محدودا وأبعد ما يكون عن تحقيق التراكم الكمي والنوعي الذي يسمح بالحديث عن التحولات النوعية أو الكمية[6].
أما ما يتعلق بمفهومي التنوع والتحول، فهما مجرد مفهومين أو مقولتين إجرائيتين منهجيتين استعرتهما لرصد بعض ملامح التطور أو المغايرة والتمرحل في هذا التراكم الكمي للمنجز القصصي بالأمازيغية، فالتحول ذو بعد دياكروني(diachronique) دال على التعاقبية والدينامية والانتقال، بينما يحيل التنوع على التعدد في الأشكال والأساليب والأدوات والرؤى والأبنية ويوحي بالسكونية والستاتيكية والسانكرونية (synchronique) أو التزامنية.
[المصدر: Tirra Association].
تحولات القصة القصيرة
إذا كان أكبر تحول دال شهده الأدب الامازيغي بالمغرب عموما هو انتقاله إلى الكتابة، فإن التراكم المكتوب الذي تمخض عنه قد عرف في العقود الأولى هيمنة الكتابة الشعرية[7]، إذ شكل الشعر عمود الأدب الأمازيغي ومركزه[8]، فكان لا بد من تحول ثان يخلق تنوعا في الأجناس الأدبية ويوسع فضاء الإبداع بهذه اللغة حتى لا تحتكر القصيدة وحدها حقل الكتابة الإبداعية، فانبثقت القصة (تولّيست) لكون الحاجة ماسة إلى شكل تعبيري جديد يتجاوز الأشكال التقليدية من قصيدة وحكاية، لأنهما بصيغتهما التقليدية الشفوية عاجزتين عن استيعاب المتغيرات وترجمة التحولات التي يعيشها المجتمع المغربي، والتعبير عن تيمات جديدة وقضايا راهنة بأبنية غير تقليدية. فالحكاية مثلا، وهي الشكل السردي التقليدي، رغم وفرتها وثرائها في الأدب الأمازيغي الشفوي والمدون، قد استنفذت طاقتها الإبداعية واستحالت إلى نماذج شبه جامدة لعدم انفتاحها الإبداعي على مستوى التيمات والبنى والرؤى، ولارتهانها للشفوية التي تغيرت شروط وطقوس إنتاج وتلقي نصوصها، وتراجعت سياقات تداولها بسبب التحولات السوسيوثقافية التي يعرفها المجتمع المغربي.
في هذا السياق ظهرت القصة القصيرة بإصدار أول مجموعة قصصية باللغة الأمازيغية بالمغرب سنة 1988 بعنوان " ئماراين" (الأحباب/العشّاق) لحسن إيد بلقاسم، ثم توالت في السنين الأخيرة حتى قارب عددها 89 مؤلفًا قصصيًّا.
ورغم وعيي بمحاذير التحقيب ومزالق التجييل في الأدب، إلا أنه يمكنني إجرائيا التمييز بين مرحلتين أساسيتين في المنجز القصصي بالأمازيغية:
مرحلة التأسيس والريادة
1. ولا تتجاوز حصيلتها ثلاثة مؤلفات إلى جانب بعض القصص المبثوثة في المجلات والجرائد التي كانت تصدر حينئذ مثل مجلة أمود، وتمتد زمنيا على مدى عشر سنوات من 1988 إلى 1998.
وتتسم الكتابة القصصية فيها بما يلي:
- انطلاقها من فراغ تقريبا لعدم استنادها إلى أي تقليد كتابي في مجال السرد بالأمازيغية خلافا للشعر مثلا الذي سبقه تقليد كتابي ولو في شكل منظومات فقهية[9].
- ظهورها في سياق يشهد غياب أي اعتراف رسمي أو شبه رسمي، وبالتالي غياب الأمازيغية في المؤسسات الرسمية أو التعليم، فظهرت في الهامش المقصي بعيدا عن المركز، وفي إطار جمعيات حاضنة خصوصا الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي AMREC التي أصدرت مؤلفين مهمين منهما، وكان الهاجس الذي يحرك هذه المرحلة هو إثبات الذات وتأكيد أن الأمازيغية قادرة على التعبير الكتابي وحمل المضامين والقضايا المختلفة في إطار جدلية الهوية والاختلاف، وهذا الهاجس هو نفسه الذي طبع هذه التجربة بأن أخضعها لسطوة المرجع وسلطة الأيديولوجيا وتحكمية المضامين في الإبداع.
- اعتماد الخط العربي في الكتابة بحكم طبيعة المرحلة المسيجة بالعوائق الإيديولوجية والابستمولوجية حيث كان كل ما يتعلق بالثقافة الأمازيغية يتراوح بين الممنوع أو الممتنع واللامفكر فيه. أضف إلى ذلك اعتماد الاجتهادات الشخصية في التقطيع والقواعد الإملائية لغياب المعيرة والتقعيد (بسبب غياب المأسسة).
- صدورها بدون تعيين جنسي على الغلاف أو حتى داخل المتن النصي باستثناء مجموعة ايد بلقاسم الذي عين عمله بكونه "تادّمينين"[10] لكن ضمن الاهداء، أما العنونة فاكتست طابعا إحاليا تيماتيا لم تنفتح بعد على أفق التأويل والإيحائية.
- تسامحها الكبير على المستوى اللغوي مع الدخيل المعجمي والاقتراض من اللغات الأخرى.
- غياب الصوت النسوي ضمن هذه الكتابات.
- توقف كتاب هذه المرحلة عند حدود العمل القصصي الأول وبالتالي غياب الاستمرارية لدى هؤلاء الرواد.
في هذه المرحلة حصل تحول على المستوى البنائي بالانتقال إلى القصة المطولة، حيث ظهر أول نص منها في تاريخ السرد المكتوب باللغة الأمازيغية على المستوى الوطني، وهو "تيغري ن تبرات" (قراءة الرسالة) سنة 1993. وعلى المستوى الدلالي حصل انتقال من قصة الالتزام النضالي والتعبير عن قضية والارتهان لسلطة الأيديولوجيا في مجموعة "ئماراين" إلى قصة بدأت تنشغل نسبيا بالهاجس الجمالي والاهتمام بالرؤية الفنية والاشتغال على اللغة في مجموعة أنزليف (المكان المشمس) سنة 1998، حيث بدأنا نحس بتحولات في القصة سببها الوعي بضرورة إقامة نوع من المسافة بين الخطاب الاجتماعي والسياسي وبين الأدب دون النجاح تماما في الفكاك من إسار الخطاب الإيديولوجي كما سيتبين لاحقا.
وداخل قصة الالتزام النضالي (اعتبار القصة وسيلة لخدمة قضية) حصل انتقال آخر من قصة تروج لخطاب اليسار وقضايا الفقر والصراع الطبقي والاعتقال السياسي في سنوات الرصاص في مجموعة "ايماراين"، بحكم طبيعة المرحلة التي تمخضت عنها، إلى قصة مشحونة بهم الهوية واللغة الأمازيغيتين منبجسة من خطاب الحركة الثقافية الأمازيغية في "تيغري ن تبرات".
[المصدر: Tirra Association].
مجموعة "ئماراين" مخاض الولادة وثقل الإيديولوجيا
تكتسي مجموعة "ئماراين" - والتي تعني العشاق بالأمازيغية - أهمية كبرى في مسار المدونة السردية المكتوبة باللغة الأمازيغية بحكم رياديتها وتأسيسها للفعل القصصي الحديث، وبحكم توثيقها لأسئلة وهموم عصرها، ولذلك فإنها تستحق منا وقفة خاصة لإبراز بعض الملامح المرتبطة بمخاضات الميلاد والتأسيس في القصة المكتوبة بالأمازيغية.
تتكون هذه المجموعة من تسع قصص موزعة على ست وتمانين صفحة من القطع المتوسط، وهي على التوالي: اكبور – تيكّي اوهو – دّمين ن تهيّا د بومليك- كيّي أيكان تيدرفيت اينو- تامغرا وّوشّن- تامارايت- ازكّاغ- تاوّوكت- اكفاي ئـ تاروا نو.
ويمكن أن نجمل ملاحظاتنا عن هذه المجموعة عموما فيما يلي:
1. غياب مفهوم واضح للقصة القصيرة لدى الكاتب انعكس في نصوص المجموعة التي تتأرجح بين الكتابة الابداعية والتدوين الشفوي والتوثيق التاريخي، فبعض منها تعتبر إما تثبيتا كتابيا لحكايات وأخبار طريفة متناقلة شفويا بمنطقة "إيحاحان" تم تسجيلها بأسلوب حكائي تقريري مباشر مثل نص (تيكّي أوهو)[11]، أو صياغة أسلوبية لحكايات مروية مثل نص (دمين ن تهيّا د بومليك)، أو استلهاما لتجارب واقعية وتاريخية من صميم ما عاشه الكاتب نفسه من اعتقال بسبب مواقفه السياسية ضمن تجربة اليسار خلال سنوات الرصاص.
2. إن مجموعة "ايماراين" اذن تندرج ضمن مشروع نضالي ايديولوجي يقوم على المنافحة على حقوق الإنسان والحريات والديمقراطية والهوية الثقافية ويعتبر الكتابة نضالا وضمانا لاستمرارية الأمازيغ، وهو الأمر الذي تعكسه كل النصوص الموازية (paratextes) التي أثثت المجموعة بدءا من وجه الغلاف[12] وظهره والإهداء[13] والصفحات الأولى التي تضمنت شواهد مقتبسة ومقتطفات (épigraphes) من مواد وفصول[14] إعلان المؤتمر العام للأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة.
3. إن هذه القصص هي إفراز لبيئتها الاجتماعية، فهي تعكس بحرفية سياقها التاريخي والسياسي والثقافي المطبوع بالقمع والقهر السياسي وخنق البعد الهوياتي الأمازيغي وهيمنة الخطاب الإيديولوجي لليسار، حتى أن الكاتب لجأ إلى النحت الاصطلاحي لمفاهيم باتت الحاجة ماسة إليها لترجمة هذه الانشغالات (مثل اجتراح كلمات "تاوماتـﮕيت" للدلالة على الهوية التي ولدت لديه فعل الكتابة باللغة الأمازيغية – "تاماغت ن تسكّيوين" لترجمة الصراع الطبقي)، لذا فهي تكتسي طابعا تسجيليا وتقريريا في أغلب نصوصها، لكونها شهادة مريرة عن الحياة الواقعية في السبعينيات من القرن الماضي في مجتمع أمازيغي قروي غالبا، وشخوص بسطاء من الفقراء والطلبة الذين تعلق بهم أسرهم الآمال لتخليصها من الفقر والعوز والحاجة، حتى أن ثمة إيقاعا متواترا ببنية دلالية تتكرر في عدة قصص (شاب مناضل خلال مرحلته الدراسية بالجامعة ثم يتخرج، ثم يعقد العزم على الزواج من المعشوقة لكن أحلامه تنكسر على صخرة الاعتقال) في نصوص (أزكّاغ- تامارايت- كييّ أ يـﮔان تيدرفيت ئنو)- وإلى حد ما قصة "تامغرا ووشّن"، فتيمة الاعتقال والقهر تيمة مركزية تحولت إلى ما يشبه الخيط الرابط بين أغلب النصوص، إلى جانب تصوير البؤس والقهر الاجتماعي، وتناول بعض الظواهر الناتجة عنها كالتسول (قصة أكفاي ئـ تاروا ئنو)، وإدانة الفكر الخرافي المغلف بلبوس ديني (من خلال شخصية شاب في القرية مشبع بالفكر الماركسي يعتبر الفكر الخرافي مثل التطير وتقديس الأولياء ويعتبره إحدى وسائل تحكم الطبقة المسيطرة في عقول الفقراء والطبقات المسحوقة في قصة تاوّوكت، لكن ينتهي به الأمر نحو الاعتقال. التيمة مركزية متكررة في نصوص ايد بلقاسم)، فقصص المجموعة تسجل الأحداث المحيلة على وقائع مستلهمة في كثير من تضاعيفها من بيوغرافية الكاتب ذاته، أو من السياق التاريخي والواقعي الفعلي مما له علاقة بتجربة الاعتقال، فتوثقها زمنيا في بعض السياقات مع الإحالة على التواريخ المرجعية للأحداث[15]، أو أمكنتها الفعلية التي عاش بها الكاتب وخبرها بنفسه خلال نشأته بإيحاحان ودراسته في تارودانت واعتقاله بالرباط[16]، وأسماء شخصيات حقيقية مرتبطة بتاريخ منطقة إيحاحان[17] بما يؤكد رغبة الكاتب في "ربط النص بخارج النص والإيهام بانتمائه للواقع"[18]، لذا أثقلت بعبء الأيديولوجيا والاحتفاء بالمضمون وضمور الهاجس الفني إلا من بعض الاستثناءات مثل نص (أﮔبور).
4. واقعية ايد بلقاسم التسجيلية تتخللها نفحات رومانسية شجوية أحيانا (الزواج القسري لتيهيا وانتحار بومليك في قصة دمين ن تهيّا د بومليك- انتهاء مصائر الأبطال بالاعتقال والانفصال عن العشاق) ما يفسر العنوان "ئماراين".
المرحلة الثانية: مرحلة الترسيخ والامتداد من 2008 إلى الآن
هي استمرار وامتداد للمرحلة التأسيسية وترسيخ لتقليد الكتابة القصصية باللغة الأمازيغية، قد تميزت بانطلاقها بعد فجوة دامت 10 سنوات، (من 1998 إلى 2008). والمنجز القصصي في هذه المرحلة اتسم بالزخم والدينامية والتصاعد في المد الإبداعي وارتفاع وتيرة الإنتاج خصوصا في السنوات الأخيرة حتى تسيدت القصة القصيرة ساحة الأدب الأمازيغي الحديث بالجنوب بعد الشعر كما يتضح من خلال الجدول التالي:
ومن العوامل التي ساهمت في هذه الدينامية الإنتاجية نذكر ما يلي:
1. انطلاق هذه المرحلة في مناخ يطبعه الاعتراف الرسمي بالأمازيغية، وبداية التصالح مع الذات بعد خطاب أجدير، وإنشاء مؤسسة رسمية تعنى بالشأن اللغوي والثقافي الأمازيغي هي مؤسسة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، ثم دسترة الأمازيغية كلغة رسمية سنة 2011، وإدماج جزئي للأمازيغية في المنظومة التعليمية.
2. ظهور إطارات جمعوية مختصة وحاضنة للإبداع الادبي، وأخص بالذكر رابطة تيرّا التي استهدفت بالأساس تشجيع الشباب على الكتابة السردية باللغة الأمازيغية عبر تنظيم ملتقيات وندوات دورية لمناقشة قضايا الأدب الأمازيغي المكتوب خصوصا في شقه السردي، إلى جانب دورات تكوينية في مجال القصة تتمخض عنها أعمال مختارة تنشر في أعمال جماعية أو فردية، وقد راكمت رابطة تيرّا وحدها ما يقارب الثلثين منها (83 عملا قصصيا من أصل 110).
3. تنظيم جوائز سنوية لتشجيع الأدب المكتوب باللغة الأمازيغية، والتي حفزت عددا من الكتاب، وخصوصا الشباب على الإقبال على خوض مغامرة كتابة القصة باللغة الأمازيغية، وأذكر على رأسها جائزة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية وجائزة القناة الثانية 2M إلى جانب جائزة تيرّا السالف ذكرها.
4. تأسيس مسالك وشعب الدراسات الامازيغية بجامعة ابن زهر بأكادير خصوصا كان لها دور كبير في إقراء القصة باللغة الأمازيغية والتعريف بها والإشراف على بحوث فيها.
و في ما يلي أهم إفرازات وتحولات هذه الدينامية التي وسمت هذه المرحلة:
1. اتسام نصوص هذه المرحلة بضبط الإملائية والتحول نحو الحرف اللاتيني أو الحرف المزدوج (تيفيناغ والحرف اللاتيني) وانقطاع الكتابة نهائيا بالحرف العربي.
2. تحول عدد من كتاب الأجناس الأخرى (رواية- شعر) إلى كتابة القصة، ويمكن التمثيل على ذلك بكل من حسن أوبراهيم أموري ولطيفة ايد لمودن ومحمد اوضمين الذين راهنوا جميعا في بداية مسارهم الإبداعي على الكتابة الشعرية، ومحمد أكوناض الذي تربع على عرش الرواية بالجنوب، وزهرة ذكر التي رسخت أقدامها في الكتابة للأطفال والعربي موموش الذي عهد فيه اهتمامه بالترجمة، ثم ما لبث هؤلاء الكتاب جميعا أن اقتحموا في السنوات الأخيرة مدار الكتابة القصصية، ما نتج عنه توسيع دائرة كتاب القصة باللغة الأمازيغية التي أسفرت عن شريحة من القصاصين المتمرسين، كل من موقع اهتمامه ومنهله الفني، كما سمح ذلك بتوسع مستمر لمجال القراءة والمتابعة وميلاد أقلام شابة إلى جانب الرواد والمخضرمين (أمثال فؤاد كوغلت- فيصل متقي- محمد بلقايد- زهرة ذكر- صالح أيت صالح...) ما أدى إلى تنوع خصب في أجيال القصاصين.
3. انبجاس أقلام نسوية لأول مرة لتجترح لها مساحة سردية للبوح والتعبير عن هموم المرأة واحتجاجها على الهيمنة الذكورية، ما أغنى القصة بانشغالات ورؤى جمالية وقضايا دلالية جديدة، وكانت انطلاقتها بقصة أﮔّو ن توارﮔيت لخديجة أروهال التي تعد أول نص نسوي يصدر مستقلا في مؤلف، فتلتها بعدئذ عدة كاتبات مثل زهرة دكر ومليكة بوطالب وعزيزة نفيع ولطيفة ايدلمودن وفاضما فراس وبشرى الأدوزي وخديجة لكجضا...
4. ظهور القصة الموجهة للأطفال مع زهرة ذكر ومحمد كارحو ومحمد أرجدال...
5. ظهور تجربة المؤلفات الجماعية التي أتاحت تلاقح تجارب متعددة مختلفة المشارب والتوجهات والأجيال في نفس المجموعة.
6. انطلاق حركة الترجمة في مجال القصة القصيرة بغرض الاطلاع على تجارب الشعوب بلغات أخرى انطلقت بترجمة صالح أكرّام لقصص ساخرة لعزيز نيسين (نكنين ئغويال سنة 2009، وأﮔروض ن طوروس سنة 2018) وترجمة جمال أيت جدي لقصص مختلفة لكتاب أجانب وعربا صدرت بعنوان (تودّيمين س توﮔميمين عن رابطة تيرّا سنة 2015) وتمزيغ بوحمدي لثلاثة قصص لموباسان (عن منشورات تيرّا سنة 2016)، ثم ترجمة صالح أيت صالح لقصص لدوستويفسكي بعنوان (بوبوك د تولّيسين ياضن عن منشورات رابطة تيرّا سنة 2018) كما ساهم نفس الإطار (رابطة تيرّا) بمؤلفين جماعيين آخرين يدل عنوانهما على هذا الهاجس المتحكم في عملية الترجمة إلى الأمازيغية، ألا وهو الانفتاح على الآخر عبر آدابه، وهما: "تيسيت ن وييّاض" (مرآة الآخرين سنة 1220) و »ؤل نسن س ييلس نغ «سنة 2015 (قلبهم بلساننا)، ويضمان قصصا مترجمة لمؤلفين معروفين من الأدب العالمي أمثال تشيخوف ومورافيا وبورخيس وعزيز نيسين وابراهيم الكوني وغيرهم. ولعل ترجمة لحسن زهور لقصة (المعطف) لغوغول "أرصميض" سنة 2012 ليعد أكبر دليل على الوعي الذي يثوي خلف حركة الترجمة تلك، وهو استلهام تجارب الغير والرواد منهم خصوصا[19].
7. كون تجارب هؤلاء لا تزال مستمرة، وفي أوج عنفوانها ما يجعلها غير مكتملة التطور، وبالتالي يتعذر الحكم النهائي على نضجها وتصنيفها بشكل حاسم، فانفتاح هذه الكتابات واستمراريتها، خلافا للجيل الأول، يمكنها من الاغتناء المستمر من بعضها البعض وتلاقحها ما يعد بالمزيد من الخصوبة والتنوع، خصوصا وأنها لم تتشرنق ضمن الايديولوجيات التقليدية، بل انفتحت على التيارات الفكرية والأدبية الفلسفية الغربية المختلفة من رومانسية وسوريالية ووجودية وعبثية وحتى نيهلستية عدمية وما بعد حداثية.
وهكذا شكلت كل هذه المعطيات عوامل إثراء للمتن القصصي الأمازيغي بسوس ما مكن من تنويع الجماليات والقوالب السردية والمحمولات الدلالية وأشكال الاشتغال على اللغة وعلى التناصات كل حسب ذائقته ورصيده ومناهله وتصوراته الفنية والجمالية أو رؤاه الفكرية، فبدأت القصة القصيرة ترسخ قدمها في الخارطة الإبداعية باللغة الامازيغية، وبات ممكنا للباحث والدارس لهذه المدونة الحديث عن تجارب بعد ما حققته بعض الأسماء من تراكم كمي[20].
[المصدر: Tirra Association].
ولما اقتضت الضرورة المنهجية تصنيف هذه الأعمال على المستوى البنائي والدلالي، وذلك بالبحث عن خاصية كبرى أو خيط رابط يمكن أن يضم هذه الكتابات المختلفة المتنوعة بعضها إلى بعض، ولو اقتضى الأمر بعضا مما يسمى بعنف التوحيد أي التعسف الذي تنطوي عليه كل عملية قسرية للمّ المتفرق وضمه، وبما أن عمر التجربة القصصية بالأمازيغية قصير بحيث لا تزال في طور التشكل والتبلور، ولم تتخلص بعد من تعثرات النشأة ومخاضات الميلاد، ولم تبلغ من الاختمار والنضج ما يسمح بتأطيرها ضمن تيارات ومدارس فنية بالمعنى المعروف في الآداب العالمية، فإنه يمكن لي أن أغامر بتفريع منهجي لهذه التجربة إلى ما يمكن تسميته بثلاث حساسيات[21] أو توجهات- مع ما يقتضيه الأمر من التحوط - وهي كالتالي:
1- التقليد أو محور الارتهان للواقع (على مستوى الدلالة) والمعيارية (على مستوى البناء)
2- التفاعل مع التراث:
3- التجديد وخرق أو خلخلة المعيارية:
ووجب التأكيد أولا على أن هذه الحساسيات لا تفصلها حدود مرسومة بدقة لأنها لا تقوم على التجاوز الجذري، بل على التجاور، بمعنى أن تمة تداخلات وتقاطعات بين هذه الحساسيات بل مجاورة بين هذه الأنساق أحيانا داخل نفس التجربة، بل وداخل نفس المجموعة أحيانا ففي قلب بعض تجارب التقليد مثلا يمكن أن نرصد بعض ملامح التجريب.
على سبيل الختام
في ختام هذه الدراسة وجب التأكيد على أن القصة باللغة الامازيغية بالجنوب لا تزال، وبعد ثلاثة عقود من نشأة نصوصها الطلائعية الأولى، تعرف تأرجحا في تجاربها بين النمطية والتجاوزية، تتجاذبها ظلال الذاكرة وآفاق التخييل وانعكاسات المرجع، وإن كانت في السنوات الأخيرة تشهد تحولات ملموسة وتطورا مطردا على مستوى الوعي الفني وعلى الصعيد الدلالي والتيماتي والبنائي، على الرغم من أن عربة النقد والقراءة لا تجاري سورة الكتابة الإبداعية القصصية المندفعة بوتيرة متسارعة، إذ لا تزال تسير خلفها بخطى خجولة متثاقلة.
*ملاحظة من المحرر: لقد وافانا الكاتب بلائحة بكل الإبداعات القصصية المنشورة منذ سنة 2008 إلا أنه تعذر علينا إدراج كل الجدول، نظرا لطوله، فاخترنا بعض الأعمال فقط لترافق المقالة.
الهوامش
[1]: يمكن التمثيل لها بقصص تعتمد حوارات باللغة الأمازيغية مثل مجموعة اشتباكات لأمين الخمليشي أو يتبدى استلهامها لمتخيل أمازيغي على مستوى العنونة باختيار عناوين أمازيغية اللغة، مثل قصة تافوكت ضمن مجموعة تسونامي لمصطفى الغتيري، أو اعتماد عناوين تمثل تعريبا حرفيا لصيغ وأمثال امازيغية مستمدة من المحكي التراثي الأمازيغي مثل (أمواه أخرى قالت الضفدعة) للطاهر الكينزي، والتي ليست سوى ترجمة للمثل الأمازيغي aman yaḍnin ayad as inna ugru أو توظيفها للميثولوجيا الأمازيغية (تاسليت ن ؤنزار مثلا) في مجموعة (تانيت) لفتيحة أعرور، ناهيك عن توظيف أسماء أمازيغية لشخصيات القصص (تانيت، ئدّر، تودا، توناروز، أمناي، أنير، تامالوت...).
[2]: ملاحظة من المحرر: هناك اختلاف بين حبيب الله منصوري الذي يعتبر هذا الكتاب رواية في حين يعتبرها أوسوس مجموعة قصصية. هذه الاختلافات مهمة لأنها تثبت حيوية الحركة النقدية الأمازيغية.
[3]: Dallet (J.-M.) et Degezelle (J.-L.) : Les cahiers de Belaïd ou la Kabylie d’antan, Fort-National, 1964 ; I (Textes), 478 p. + II (Traductions), 446 p.
[4]: يعتبر الباحث رشيد تيتوش أول من قام بدراسة تحليلية لهذه النصوص وبيَّن طبيعتها كقصص قصيرة جديرة بهذه التسمية ضمن بحث جامعي له بعنوان: Les cahiers de Belaid: du conte à la nouvelle, mémoire de magistrat, Université de Tizi Ouzou, 2001.
وضمن مقال آخر له مع صابرينا زرار معنون بـ: Naissance du genre nouvelle en tamazight (kabyle in El- Tawassol- 29 janvier 2009 – pp -56-66.
وهو التعيين الذي تبناه أغلب الباحثين والنقاد الجزائريين الأمازيغ أمثال عمار أمزيان في الصفحة 85 من كتابه: Amar Améziane, Tradition et renouvellement dans la littérature kabyle. Paris : L'Harmattan, 2014. 216 p.
ونادية بردوس في بحثها المعنون بالسرد في النثر القصصي القبائلي – دراسة مقارنة بين السرد في الحكاية الشفوية الشعبية ومؤلفات بلعيد ايت علي والرواية القبائلية – مذكرة لنيل شهادة الماجستير- جامعة مولود معمري تيزي ووزو- 2000/2001، وكذلك موحاند أكلي صالحي في دراسة له بعنوان (الصفحة 111):
"La nouvelle littérature kabyle et ses rapports à l'oralité traditionnelle" فيLa littérature amazighe : Oralité et écriture, spécificités et perspectives, actes du colloque international, Aziz Kich (s/d), 2004, 103-121.
[5]: أنظر بيبلوغرافيا المجاميع القصصية بالأمازيغية في الجزائر (القبايل) حتى سنة 2014 ضمن دراسة بعنوان:
Améziane Amar et Salhi Mohand Akli, 2014 : «Tullist kabyle : Réflexions préliminaires sur le corpus", Actes du 3ème colloque international sur " la problématique des genres littéraires amazighes: définitions, dénominations et classifications" Université de Bouira. pp.114-120.
أو ضمن الكتاب التالي المكتوب باللغة الأمازيغية لموحاند أكلي الصالحي: kra n tsura i tɣuri n tsekla- 1. ɣef tsekla d tɣuri- Muḥend Akli Salḥi- Ed. Tira- Bejaia- 2015- pp 89-91.
[6]: ما صدر في الوسط والجنوب الشرقي لا يزال معدودا على رؤوس الأصابع، نذكر منها tasggawrt n ugdal inzan لعمر درويش وtiwtmin yufn irgzn لمصطفى ملّو وgar tamṭṭuḍt لسعيد اوبولمان، وtaḍṣa n iɣf izlfn لخالد بوعدي وtamssumant للحبيب فؤاد.
[7]: يتجاوز عدد الدواوين الشعرية بالأمازيغية بالمغرب حتى الآن المائتي ديوان، ويمكن الاطلاع على بعض المعطيات البيبلوغرافية المتعلقة بها حتى سنة 2010 ضمن كتاب بيبليوغرافيا الإبداع الأدبي الأمازيغي بالمغرب (1968-2010) لمحمد أفقير وأحمد المنادي- منشورات المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية سنة 2012، كما يمكن الاطلاع على بيبليوغرافيا دواوين الجنوب حتى سنة 2013 في مقالنا "الأدب الأمازيغي الحديث بالجنوب: الحصيلة والأسئلة ضمن الكتاب الجماعي الصادر عن منشورات رابطة تيرّا: دراسات في الأدب الأمازيغي الحديث- مطبعة دار السلام عن - سنة 2013.
[8]: فؤاد أزروال- السرد في الأدب الأمازيغي الجديد- مجلة أسيناك – عدد مزدوج 4/5 – 2010- المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية- صـ26.
[9]: يتعلق الأمر بالتقليد الكتابي المعروف في سوس بتامازغيت، والذي كان من ثماره عدة مخطوطات عبارة عن منظومات فقهية لأزناك وأوزال وغيرهم.
[10]: كلمة تاّدمينين جمع لتادّمينت التي تعني الحكاية، وهي اللفظة التي استعملت في البداية قبل أن يتم استبدال لفظة تالاّست ثم تولّيست بها.
[11]: يستهل هذا النص بالافتتاحية الحكائية (ئكّا تّينّ)، ويتم فيه سرد أخبار منسوبة لأشخاص تاريخيين معروفين في ايحاحان مثل سعيد اوتكزيزين وايد بارود وفي أمكنة فعلية بمنطقة ايحاحان مسقط رأس الكاتب مثل (اورتي اوفلاّح وتمنار...).
[12]: كتب عليه بحرف تيفيناغ ما يلي: تيرّا أ غ تلاّ تودرت ن ئمادانّ غ دّونيت، أي ما معناه أن الكتابة ضمان استمرارية حياة الشعوب في العالم.
[13]: في الإهداء ورد ما يلي: "ريغ تادّمينين اد أد كينت تارزيفت ئـ ئنمّاغن ف تاوماتكيت د تدرفيت د تديموقراطيت غ دّونيت تيسّ كراضت"-"للمناضلين من اجل الهوية والحرية والديموقراطية ".
[14]: ورد في الصفحة الثالثة نص المادة الخامسة من إعلان المؤتمر العام للامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة 27- 11- 1978 حول حق الجماعات كافة في أن التمتع بذاتيتها الثقافية وفي تنمية حياتها الثقافية الخاصة بها في الإطارين الوطني والدولي. أما على ظهر الغلاف فورد مقتطف من المادة (1) من نفس الإعلان حول الأصل المشترك للبشر وتساويهم في الكرامة والحقوق ووجوب احترام اختلافهم في الثقافة وأساليب العيش وحقهم في الحفاظ على هوياتهم الثقافية.
[15]: ففي قصة أزكاغ مثلا الإحالة التاريخية التالية: (16/01/1976) كما وردت الإحالة على سنوات الدراسة بين البطلين حتى تخرجهما واشتغالهما وسجن الزوج مرتين 1971-1972- 1984 في قصة كييّ أيكان تيدرفيت ئنو.
[16]: تعج القصص بطوبونيمات مثل ايحاحان والجنوب اكادير، تارلاودانت، سيدي بيبي- الرباط- تاوريرت ن أيت بوزيد- سيدي محاند ايحيا- تين زمك- أكادير ييسك- ايت تسيلا- أسيف ن ئد حوّا.
[17]: من الانتروبونيمات المرتبطة بتاريخ المنطقة والواردة بالقصص نذكر: لقايد سعيد اوتكزيرين ولقايد أنفلوس.
[18]: لطيف زيتوني - مصطلحات نقد الرواية - مكتبة لبنان – طـ1- 2002. ص- 172.
[19]: من المعلوم أن هذه القصة تعد من النصوص القصصية المؤسسة لفن القصة في العالم، حتى أن دوستويفسكي Dostoïevski قال: كلنا خرجنا من معطف غوغول Gogol ، فهو إلى جانب: Tourguéniev, Nabokov يعتبرون أنفسهم ينحدرون من الإرث الـﮔوﮔولي في هذه القصة.
[20]: المجموعة الرابعة منها بعنوان nkki, macc ur d nkki (أنا ولكن ليس أنا) هي قيد الطبع، ولم تصدر بعد أثناء كتابة هذه الدراسة.
[21]: استعرت هذا الاصطلاح (الحساسية) من إدوار الخراط في كتابه الحساسية الجديدة- مقالات في الظاهرة القصصية- دار الآداب – بيروت- 1993 حيث عرف الحساسية بكونها كيفية تلقي المؤثرات الخارجية والاستجابة لها، ويرى أنه مصطلح مفضل لديه لكونه يوحي بمرونة متجددة وتدفق مستمر. (ص 28).