I.
النار ترْغُو بداخلي زبدًا
بَعيدَ البحرِ؛
أنَّ المسافةَ لا هواء ولا ماء
بل فضاء كلامي دون نَحْوٍ متأصل،
أنَّ عنقاء ما نامَتْ في انتظاركَ
ولا بُدَّ من فمكَ الفحم لإيقاظها في عُلوّ الطير
(بقُبْلةٍ أو قولةٍ شعريَّة سُخْفٍ)
أنَّكَ تيهُ خَطواتكَ لو بِلا تجربَةٍ ظللتَ
تتأبَّدُ في حَجَرٍ بدلًا من أن تتحَجَّرَ في أبَدٍ:
منْ هو أنا الذي النارُ بداخلي ترْغو؟
ومَنْ هو الأنتَ الذي إليهِ يتَّجهُ الخطابُ؟
ظِلّي وأنا ننظرُ بعضًا بُغْضًا خَطفًا
كغُرَابينِ يبْحثانِ عن لمْعَةٍ ما
في وقت الرَّمادِ العَميمْ!
قلتُ: النَّارُ،
فاستُهِلَّتْ موجةُ البركانْ
زبدي احمَرَّ
وما زلتُ في خيبتي أسْوَدُّ كظيمًا
كمُفردَةٍ غَزَليَّةٍ
بين المُخَاطِب والمُخَاطَبِ
وهُمَا أنَايَايَ: جريرٌ والفرزْدَقُ،
في آنٍ معا!
II.
لا ملائكَ
تحرسُ معناكَ
وأنتَ تفقِدُكَ تفاديًا تفاديًا
من هذي الشَّبائكِ
في سُدَّةِ الأشواكِ!
ما عُدتَ تختالُ بالأشْدَاخ في قدميكَ؛
طاوُوسُكَ يتدنَّى ضفدعًا،
معناكَ يتهرَّأ جلدةً جلدةً
يتَعقَّفُ مسمارًا فآخرَ
يتَأكَّلهُ صدَأٌ في الطريقِ إليكَ
وأنتَ في الطريقِ المُتشابِكةِ انحدَاراتٍ إلى هُناكَ الوقتِ
هُروبًا من هُنا المَقْتِ
التي وُلدتَّ فيها؛
بلدٍ حرَامٍ عليكَ
وحِرْمانٍ لعَينيكَ/
فاربطْ جأشَ كعبكَ الأيسر فهو رَخْوٌ
قد لا تصلُ
وقد تصلُ ولا طعمَ وصولٍ مثلَ لاجئِ سرگون
لا، ليست الطريقُ هي الأهم
وليسَ الوصولُ حتَّى
إنما اللالبُوثْ!
III.
لو أنك هِرْمِسُ الأسرار
تنقلُ المعنَى من قُبلةِ شاعرٍ لقصيدَةٍ
إلى أُذُن المُغنّي وهو في الرَّحْبِ الأخير مِنَ الجوابِ
لقلتُ: طيب، هذا جميل ومؤثر ومُثْرٍ لغباءاتِ العاطفيّينَ
وهم ثُلّةُ وَشْكِ الانقرَاضْ!
لكنَّكَ لسْتَ
وأنتَ تدري جيدًا
أنَّكَ هذْرَةٌ تعبُرُ صوبَ عجينَةِ الآذَانِ
وأنَّ صداكَ - لو كانَ - فهو التفاتةٌ إلى عطسة، غالبًا..
أقولُ: أنتَ تدري هذا جيِّدًا، مثلي (ومَنْ مِثْلُ مَنْ؟)
إنما، وَاصِلْ..
فالموجةُ إن سكنَتْ ماءٌ مالِحٌ
أيْ لا شيءَ دُونَ اسْتَطيقِ اللولبَةْ!
امْضِ أبعدَ في ضبابِ القَصْدِ
سَتُلفي طللًا باليًا وراءَهُ؛
ولا تغنّي طلليّةً مكرورةً، آنئذٍ
بل قُلْ: مرحبًا إيثاكايْ!
IV.
هل الهناك ميتافيزيقُ الهُنَا؟
أثمَّة خيطٌ واصلٌ بينَهُمَا خَفيٌّ كسِلْكِ الحب بين قلبين؟
أعني
أنني لو طرَّسْتُ اسميَ آلافًا على غيمَةٍ
في مجلّد العبور رقْمِ 2021/ب
هَل أجدُ معنايَ، ولو غامِضًا، في خُفُوتِ الحُروفِ، أخيرًا، آخِرَ الأمْرِ؟
هَل يتَرَتَّبُ عبثي،
أو يتَّخِذُ شكْلَ قصيدة نثْرٍ بلا معنَى؟
لو أنني على ثقَةٍ ولو وَهنًا
بأنَّ أميرَةَ الهُناكَ يقظَانَةٌ
- أعني آرِيَادنِهْ -
لفَرَدْتُّ صوتي من أخْمَصِ الصُّرَاخِ إلى رَأسِ العُوَاءِ
لكنَّ عِلمي علمُ نيتشهْ!
مَنْ هو نائمٌ لا يوقظهُ إلا جوعٌ
وكيفَ يجوعُ نَصٌّ؟
ومَنْ هو ميتٌ لا ينشرهُ إلا دولابُ الدَّهْرِ ناسيًا
مُجرَياتهِ سابقًا!
ومَنْ هُوَ تائهٌ لا يُسلّيهِ سوى نرد السؤالِ على رقعة الاحتمالات فهلَّا
تلعبونَ معي؟
V.
هَبْني خُطاكَ
وسوفَ أهَبُ إليكَ الهُنَاكَ المَحْض - خاطَبَتْنِي المسَافَةُ،
فَرَدَدتُّ عليها بالعنوان أعلاه
مُرْدِفًا:
إنَّ هُنَايَ ضَحْلٌ
ولا يكفي سوى خَطْوينِ
خطْوِ التَّقدُّمِ لإرخاءِ الإسْتِ خَرْيًا
وخَطْوِ التَّرُدِدِ خَشْيَ السَّيفْ!
إذَن، فكيف؟ - قالَتْ
قلتُ: رُبما حيلَةُ الصُّوفيّ مُجديةٌ،
إنَّ المُولويَّ يدورُ في ارتكاز نُقْطَةٍ
لضِيقِ الأرْض بما رَحُبَتْ!
إذَنْ، صَغُرَتْ
كِبَارُ فِجَاجي حبة خردلٍ - قالَتْ
قلتُ: وميزانيَ هَشٌّ
• كأنَّكَ رِيشَةٌ..
• بل صخرَةٌ تحسدُ الطَّيرَ،
تحقدُ على الرَّاحلينَ
وَتَتَحرَّقُ
إنْ لاجِئينَ أو مِيِّتينْ!