ألحق العدوان الإسرائيلي الأخير على غزّة خسائر فادحة في البنى التحتيّة الصحيّة في القطاع المحاصر، مع مخاوف من أن يكون النظام الصحيّ في غزّة قد بات على شفير الانهيار. إلّا أنّه لا بد من معرفة حقيقة أنّ الغارات الإسرائيليّة الأخيرة التي قتلت أبرز الأطباء في غزّة، ودمّرت مؤسسات صحية، تأتي في إطار استراتيجية أشمل تهدف إلى تقويض صحة الفلسطينيين تحت الاحتلال.
أحد عشر يوما من الغارات الإسرائيليّة المكثّفة على غزة ألحقت ضررا كبيرا بالبنى التحتيّة الصحيّة الضعيفة أصلا. وقتل القصف كلا من الدكتور معين العالول، طبيب الأعصاب الأبرز في غزّة، والدكتور أيمن أبو العوف، رئيس قسم الطبّ الداخلي والمشرف على جناح كامل مخصص لمرضى حالات كوفيد-19 في مستشفى الشفاء، والطبيبة النفسيّة رجاء أبو العوف، ومعهم قُتل أولادهم وأقاربهم. أمّا شارع الوحدة المؤدي إلى مستشفى الشفاء، وهو الأكبر في غزّة، فقد قصف أيضا لدرجة تجعل من المستحيل وصول سيارات الإسعاف وطواقم الطوارئ إلى المستشفى عبر طريق مباشر. كما ألحقت غارات يوم الأحد ضررا كبيرا بإحدى عيادات "أطباء بلا حدود"، مما أدى إلى إغلاقها. ودمرّت غارة إسرائيلية المختبر الوحيد في غزّة لإجراء فحوصات كوفيد-19، كما أفيد عن قصف المقرّ الرئيسي لـ "جمعية إغاثة أطفال فلسطين" في غزّة.
ويجب عدم اعتبار هذه الهجمات الأخيرة على أطباء غزّة ونظامها الصحيّ معزولة عن سواها. بل بالعكس، فهذه الاعتداءات هي جزء من حملة شاملة ومستمرّة وممنهجة تستهدف صحّة الفلسطينيين في الضفة الغربيّة وغزّة المحتلتين.
قبل أسابيع قليلة، ضربت قطاع غزة المحاصر الموجة الثانية من فيروس كورونا، مسجلّة أرقاما قياسيّة في عدد الإصابات والوفيات. الآن، ومع ندرة الأسرّة في المستشفيات، جاءت الغارات الإسرائيليّة لإسقاط الفوضى على الأزمة الصحيّة. وفيما كان عدد الإصابات يتزايد، كان الأطباء يهرعون لتضميد الجراح الناجمة عن الشظايا، ولبتر الأطراف فيما كان المرضى يصطفون في الأروقة المزدحمة في المستشفيات والعيادات. وكانت المستلزمات الطبيّة، بما فيها أكياس الدم، وأسطوانات الأوكسيجين، والبنج (للتخدير)، وتجهيزات الحماية الشخصية، والمضادات الحيوية تنفذ بوتيرة خطيرة. وأفاد المسؤول في وزارة الصحة في غزة عبد اللطيف الحاج أنّه يخشى "انهيارا تاما" في البنية التحتية الصحية في غزة.
وفيما النظام الصحيّ في غزّة على شفير الانهيار تحت وطأة فيروس كورونا، والغارات العسكرية، والحصار القائم منذ أربعة عشر عاما، يمتدح النهج الذي طبقتّه إسرائيل للتلقيح ضدّ كورونا على أنّه نموذج نجاح يتعين على الدول الأخرى اتباعه. إلّا أنّ سياسات إسرائيل للتلقيح هي في الواقع نموذج صارخ للتفرقة العرقية الطبيّة. ستة وخمسون في المائة من التسعة ملايين نسمة في إسرائيل تلقوا جرعتي اللقاح، وستون في المئة تلقوا الجرعة الأولى منه. ومنذ نيسان/إبريل الماضي، لم تسجّل إسرائيل أي حالة وفاة يومية بسبب كوفيد-19. في المقابل، تستمر غزّة والضفة الغربية في المعاناة من تحويرات الفيروس الجديدة ومن الانتشار السريع للمرض.
إن أزمة القطاع الصحي في فلسطين المحتلة هي واقع أحدثته إسرائيل. وإسرائيل ملزمة قانونيا بموجب القانون الدولي بتأمين لقاح كوفيد-19 للفلسطينيين الخاضعين لاحتلالها العسكري في غزة وفي الضفة الغربية.
في نهاية شباط\ فبراير، وفي حين كانت غالبيّة الفلسطينيين في الأراضي المحتلة ينتظرون تلقي اللقاح، قررت إسرائيل إرسال نحو مئة ألف لقاح إلى دول حليفة. وبحلول مطلع أيّار/ مايو، كان هناك فقط 3،6 فلسطينيا قد تلقوا الجرعة الأولى من اللقاح في الضفة الغربية، وكان أقل من واحد في المئة قد تلقوا الجرعتين. في غضون ذلك، كان لدى المستوطنين الإسرائيليين الذين يعيشون في مستوطنات يهودية بحتة على امتداد الضفة الغربية في انتهاك للقانون الدولي، الحق الكامل بالحصول على اللقاحات الموجودة لدى إسرائيل، في حين أنّه يحظر على الفلسطينيين الذين يعيشون في المناطق ذاتها الحصول عليه.
إلّا أن إسرائيل تدحض التزاماتها بتلقيح الفلسطينيين (القاطنين) تحت حكمها العسكري، وتدعي في المقابل أنه بموجب اتفاقات أسلو فإن السلطة الفلسطينية هي المسؤولة عن تلقيح ناسها. وهذا ليس صحيحا موضوعيا. فرفض إسرائيل توفير التلقيح الكامل للفلسطينيين الخاضعين لاحتلالها العسكري، هو انتهاك لاتفاقية جنيف الرابعة، ولاتفاقية لاهاي للعام 1907، وللعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ولاتفاقيات أوسلو.
وكونها القوة المُحتَلّة، فإن البند 55 من اتفاقيّة جنيف الرابعة يلزم إسرائيل بتأمين "المستلزمات الطبيّة للشعب (المُحتَل)"، فيما البند 56 يقضي بإلزام الطرف المحتل بـ "تبني وتطبيق الإجراءات الوقائية والرادعة اللازمة لمكافحة تفشي الأمراض والأوبئة المعدية" وذلك "بجميع الوسائل المتاحة" لديه. أما البند 43 لمعاهدة لاهاي للعام 1907 ، والتي تعد أساس القانون الدولي المتعارف عليه، الذي يلزم إسرائيل عمليا بواجباتها، فيطالب إسرائيل بتأمين النظام والسلامة العامة للشعب الفلسطيني المحتل. أما البند 12 من "العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية"، وإسرائيل وفلسطين عضوان فيه، فيطالب الدول اتخاذ الخطوات اللازمة لـ "تجنب ومعالجة والسيطرة على الأوبئة، والأمراض المزمنة المتفشية والأمراض المهنية وغيرها". ويقضي البند ذاته أيضا بـ "خلق ظروف تؤمن للجميع الخدمات الطبية والاهتمام الطبي في حال المرض"، وهو بند يمكن الجدل أن إسرائيل خرقته كما ثبت لدى قيام الجنود الإسرائيليين بتدمير مواقع اختبار كوفيد-19 في الضفة الغربية، والغارات الإسرائيليّة التي ألحقت الضرر بكل من مقر أطباء بلا حدود والطريق الرئيسية التي توصل إلى المنشأة الصحية الأكبر في غزة وهي مستشفى الشفاء، وتدمير المختبر الوحيد لاختبار كوفيد-19 في غزة.
وأخيرا، تخطئ إسرائيل في الإشارة إلى اتفاقات أوسلو لدعم حجتها بعدم تلقيح الفلسطينيين في الأراضي المحتلة. فبموجب اتفاقيات أسلو، فإن السلطة الوطنية مسؤولة عن الإشراف على الصحة العامة وعن إدارة برامج التلقيح الدورية مثل الشلل أو الحصبة. إلا أن الملحق الرقم 3 من الاتفاقيات فينص على أن تقوم "إسرائيل والطرف الفلسطيني بتبادل المعلومات المتعلقة بالأوبئة والأمراض المعدية، وبالتعاون لمكافحتها وتطوير أساليب لتبادل الملفات والوثائق الطبيّة".
بالإضافة إلى ذلك، فإن الأولوية هي للقانون الدولي قبل هذه الاتفاقات كلها، حيث أنّ اتفاقات أوسلو لا تمحو التزامات إسرائيل بموجب القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان بما أن إسرائيل تبقى قوة الاحتلال. ولا تلغي اتفاقات أوسلو معاهدة جنيف الرابعة، وهي دقيقة ومحددة في ما يتعلق بواجبات قوة الاحتلال لتوفير الخدمات الصحيّة. إلى ذلك، تُبقي الحكومة الإسرائيلية سيطرة أوليّة أساسيّة على كل من غزة والضفة الغربية، بالإضافة إلى سيطرة حصريّة على المنطقة "سي" من الضفة الغربية والتي تشمل ستين في المئة من المساحة، مما لا يترك لإسرائيل أي عذر للتنصل من مسؤوليتها في تلقيح الفلسطينيين ورميها على السلطة الفلسطينية فقط لأنها تجد ذلك مناسبا لها.
وعوضا عن الالتزام بتعهداتها القانونية الدولية والقيام بتلقيح الفلسطينيين في الضفة الغربية وفي غزة، تحتفظ إسرائيل الآن بمخزون غير مستخدم مؤلف من عشرة ملايين لقاح من نوع "أسترازينيكا" مدّتها على وشك الانتهاء، من دون أي خطط لتقديمها للفلسطينيين تحت الاحتلال.
في غضون ذلك، أدت الغارات الإسرائيلية التي دمّرت المركز الوحيد لإجراء اختبارات كورونا في غزة إلى زيادة تخلّف القطاع المحاصر في التعامل مع الوباء. قبل انقضاض الصواريخ الإسرائيلية، كان سكان غزة المقدرين بنحو مليوني شخص يعانون من نسبة إصابات تقدر بثمانية وعشرين في المئة وهي منن الأعلى في العالم، وكان أكثر من نصف مخزونها المحدود من اللقاحات المقدر بمئة وإثنين وعشرين ألف لقاح، معظمها توّفر عن طريق مبادرة "كوفاكس"، مهدد بنفاذ مدة الصلاحية لأن عملية التلقيح جمّدت وسط القصف الإسرائيلي. ويبقى واقع أن قيام إسرائيل بتلقيح مواطنيها، بمن فيهم مستوطنين يقيمون بصورة غير شرعية في الضفة الغربية، بوتيرة هي من أسرع المعدلات في العالم يعني أنّها قادرة وتملك السبل لتوفير اللقاح للفلسطينيين تحت الاحتلال. وعبر رفضها لتلقيح الفلسطينيين بشكل كامل، فإن إسرائيل تقوم بتفرقة عرقية طبية.
وقد أظهرت السنوات الأخيرة أن استهداف البنى التحتية الصحية الفلسطينية والعاملين الفلسطينيين في المجال الطبي هي استراتيجية إسرائيلية للقضاء على النظام الصحي في غزة وإلحاق عقاب جماعي بالفلسطينيين. في حزيران/يونيو من العام 2018، خلال احتجاجات مسيرة العودة الكبرى في غزة قام جندي إسرائيلي بإطلاق النار وقتل رزان النجّار وكانت في العشرين منن عمرها، وكانت مسعفة تعالج المصابين. وعلى الرغم من أنّ إسرائيل ادعّت لاحقا أنها قتلها لم يكن متعمدا، إلّا أن القنّاص الإسرائيلي الذي أصابها كان يطلق الرصاص على حشد يتضمن مسعفين يرتدون رداءهم الأبيض بوضوح. ولم يكن قتل رزان حدثا فرديا. فقد وجدت الأمم المتحدة أن إسرائيل "استهدفت عمدا" أطفالا وصحافيين ومسعفين خلال احتجاجات مسيرة العودة الكبرى، وقتلت ثلاثة مسعفين خلال تسعة أشهر في العام 2018.
في العام 2019، قتل الجنود الإسرائيليون بالرصاص مسعفا في السابعة عشرة من العمر، هو ساجد مزهر في مخيم الدهيشة للاجئين بالقرب من بيت لحم. ويرقى الاستهداف الإسرائيلي المتعمد للكادر الطبي إلى جرائم الحرب بموجب البند الثامن من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. وعمليات القتل الحديثة لكل من الدكتور معين العلول، أبرز طبيب أعصاب في غزّة، والطبيبة النفسية رجاء أبو العوف، والدكتور أيمن أبو العوف، رئيس القسم المخصص لفيروس كورونا في مستشفى الشفاء، تفرض المزيد من الخسائر الجسيمة على غزة المحاصرة، حيث يوجد أصلا نقص في عدد الأطباء. إلى ذلك، فإن التدمير المستجد لشارع الوحدة المؤدي إلى مستشفى الشفاء وعيادة أطباء بلا حدود في غزة، يمكن اعتباره خرقا للقانون الدولي المعهود والبند العام الرقم ثلاثة من معاهدات جنيف، الذي ينصّ على جمع الجرحى والمرضى والاهتمام بهم، ويحظر توجيه هجمات عمدا ضد المستشفيات وأماكن جمع المرضى والجرحى، على ألّا تكون أهدافا عسكرية.
بالإضافة إلى ذلك، تمنع السياسات الإسرائيلية الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة من الحصول على العلاجات الطبية. إذ يتعين على أهل غزة التقدم بطلب للحصول على أذونات طبية تصدرها إسرائيل من أجل مغادرة القطاع المحاصر لتلقي العلاجات الطبية. ويتطلب نظام الأذونات المضني الذي تفرضه إسرائيل على حرية تنقل فلسطينيي الضفة الغربية، وأيضا على المرضى وطواقم المستشفيات، التقدم بطلبات للحصول على أذونات تصدرها إسرائيل من أجل الوصول إلى المستشفيات المتخصصة الأساسيّة في القدس الشرقية.
ومن العسير الحصول على هذه الأذونات وغالبا ما يتم رفض منحها. وفي بعض الأحيان، يشترط، لمنح الأذونات، توفير معلومات عن العائلة، والأصدقاء، أو الزملاء للسلطات الأمنية. وحتى مع توفّر إذن تلقي العلاج الطبي، يواجه الفلسطينيون قيودا تتعلق بعدد أفراد الأسرى الذين يسمح لهم بمرافقة الأطفال والمسنين إلى المستشفيات أو للمعاينات الطبيّة، كما أنه يتعين على فلسطينيي الضفة الغربية الحاصلين على أذونات لدخول القدس الشرقية تجاوز معوّقات إضافية للحصول على الطبابة يفرضها التأخير الطويل على الحواجز العسكرية، أو إقفالها. مثلا، في 2019، أجبرت الطفلة عايشة اللولو التي لم تصل إلى سن المدرسة بعد، على السفر وحدها من غزة إلى القدس لأن إسرائيل رفضت إعطاء والديها أذونات لمرافقتها. حين خرجت من جراحة في الدماغ في مستشفى في القدس، بكت طالبة أهلها، الذين كانوا على بعد ساعة واحدة منها في غزة، إلا أنهم كانوا غير قادرين على أن يكونوا إلى جانبها. ولمّا تدهور وضعها الصحي، تمت إعادتها إلى غزة وهي فاقدة للوعي، وبعد أسبوع، ماتت.
أيضا في 2019، رفضت السلطات الإسرائيلية إصدار إذن لليث أبو زيد لمرافقة والدته إلى جلسة العلاج الكيميائي في القدس التي تبعد 15 دقيقة عن منزلهم في الضفة الغربية، ومنع من رؤية والدته للمرة الأخيرة قبل موتها من السرطان في القدس. ويفرض نظام الأذونات الإسرائيلي ثمنا مميتا على الفلسطينيين. وأفادت منظمة الصحة الدولية أن أربعة وخمسين فلسطينيا في غزة، من بينهم ستة وأربعين مصابين بالسرطان، ماتوا سنة 2017 بعدما تم تأخير أو منع منحهم أذونات للسفر لتلقي العلاج الطبي.
وقد أجبر نظام الأذونات، بالإضافة إلى الحواجز العسكرية على امتداد الضفة الغربية، سبعة وستين امرأة على الإنجاب عند الحاجز بين العامين 2000 و2005، مما عرض حياة الأمهات كما الأطفال للخطر وأسفر عن موت ستة وثلاثين مولودا.
ويخضع الفلسطينيون لنظام الأذونات لتلقي العلاجات الطبية خارج الضفة الغربية وغزة بسبب تردي البنى التحتية الصحية في الأراضي المحتلة. إلا أنه يجب عدم النظر إلى نظام الأذونات الصحية بشكل منعزل- بل يجب ربطه بسبب تردي البنى التحتية الصحية في فلسطين وافتقارها إلى الموارد في الإطار الأوسع للاحتلال. فالنقص بالموارد والرعاية الطبية المتوفرة للفلسطينيين في الأراضي المحتلة هو واقع صنعه الاحتلال بنفسه. لدى إسرائيل السيطرة التامة على الحدود في الضفة الغربية وغزة، بما في ذلك ما يمكن استيراده أو تصديره. والسياسة الإسرائيلية مزدوجة الحدّ تمنع استيراد أي مواد يمكن أن تعتبرها خطرا أمنيا أو من المحتمل أن يكون لها استخدامات لأغراض عسكرية. وبموجب هذه السياسة، تمنع إسرائيل استيراد موارد حيوية مثل المعدات الطبية، وأجهزة الاتصالات أو المواد الخام المستخدمة في البناء مثل الإسمنت.
ولأن السياسة المزدوجة الحد تحظر المعدات الطبية المتطورة والأجهزة الطبية من الوصول إلى الأراضي المحتلة، فإن النظام الصحي الفلسطيني محكوم بالعمل ضمن نقص الموارد والفلسطينيون مجبرون على الاعتماد على إسرائيل للحصول على الأذونات الطبية لتلقي الرعاية الصحيّة الأساسية.
والسياسات الإسرائيلية التي تقيّد الحصول على العلاجات الطبية وتمنع المستلزمات الطبية من الوصول للذين تحت الاحتلال تتناقض بشكل مباشر مع واجباتهم كمحتلين بموجب معاهدة جنيف الرابعة.
والعدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، بما فيه الغارات الجوية على البنى التحتية الصحية وقتل أطباء فلسطينيين، يجب وضعه في إطار السياق الأوسع لحملة أكبر تستهدف صحة الفلسطينيين ضمن نظام من التفرقة العرقية الطبية في كل من غزة والضفة الغربية المحتلة. ولقد أدى حصار غزة المستمر منذ أربعة عشر عاما إلى خلق نقص مستديم في الأدوية والموارد الطبيّة، والسلسلة الأخيرة من الغارات فاقمت من الوضع الصحي المريع القائم بفعل فيروس كورونا وغياب اللقاحات. أما قتل الأطباء والمسعفين، وتدمير المنشآت الطبية، ورفض تلقيح الفلسطينيين الخاضعين للاحتلال، ونظام الحواجز العسكرية والأذونات التي تستخدم كعقبات للحصول على الرعاية الصحية، بالإضافة إلى منع الموارد الحيوية من الدخول إلى الأراضي المحتلة بموجب السياسة المزدوجة الحدّ، فيتعين اعتبارها كلّها مرتبطة باستراتيجية أوسع تستهدف صحة الشعب الفلسطيني.
[نشرت على «جدلية».ترجمة هنادي سلمان]