يواصلُ التطور التكنولوجي المتسارع والمذهل تغيير العادات الاجتماعية وطرق التسلية والألعاب التي يروّح بها الناس عن أنفسهم، غير أن هذا لا يجري بمعزلٍ عن السياسة وألعاب الأيديولوجيا واستراتيجيات التحكم والسيطرة والتأثير في العقول للترويج لتوجهات أو سياسات أو برامج معينة كما لو أن العالم الافتراضي للألعاب عالم واقعي للسياسة وألعابها، أو لمقاومة هذه السياسات، افتراضيًّا. وصار حقلُ الألعاب الذي يُعدّ مهربًا من مشاغل العالم ساحة جديدة للانخراط في مشاكله. ولم يعد التحول مقتصرًا على بلد بعينه لأن السلعة، أو المُنْتَج، الذي يؤدي إلى التحول، والذي يُبتكر في الغرب، سرعان ما يتخطى حدود التسويق المحلية منطلقًا نحو بلدان أخرى ويكون له أحيانًا وطأة الغزو الثقافي ويغيّر في الأعراف والتقاليد، وفي النظرة إلى الحياة، أو يروّج لتوجّه أو لمسبّقات عنصرية، ذلك أن التوزيع جزء جوهري من آلية الإنتاج الرأسمالية، ويمتلكُ المُنْتج الرأسمالي شبكة شاملة للعالم، وهذا ما نشهدهُ الآن في ألعاب الفيديو التي صار تسويقها رافدًا أساسيًّا لتدفق نهر اقتصاد بعض البلدان، فأرقام المبيعات والأرباح تواصل تحليقها وقفزاتها النوعية.
بدأت ألعاب الفيديو تتحول إلى صناعة مدرة لأرباح خيالية منذ عام 1985، وصار تصميم الألعاب وتطوير برمجياتها أسرع القطاعات نموًّا في الصناعة العالمية ومن أهم محركات النمو الاقتصادي ووفّر ملايين الوظائف والكثير من عائدات الضرائب. وتعكس الإحصاءات هذه الحقيقة، فمثلًا بعد 24 ساعة من إطلاقها في أيلول 2013 كسبت لعبة "جراند ثيفت أوتو 5" أكثر من 800 مليون دولار أميركي وباعت أكثر من 11 مليون نسخة في أنحاء العالم. وفي غضون ثلاثة أيام حققت مبيعاتها رقمًا قياسيًّا هو مليار دولار داخل الولايات المتحدة. وأشار موقع ويبو ماجازين إلى أن صناعة ألعاب الفيديو تتطور باستمرار على نحو إبداعي من ناحية شكل اللعبة ومظهرها، وعلى الصعيد التكنولوجي، من ناحية المعدات والبرمجيات، وعلى الصعيد التجاري من ناحية أنماط الأعمال المستخدمة لتوزيعها على المستهلكين. ولم يفت الموقع أن يشير إلى مسألة مهمة ألا وهي التأثير الثقافي للألعاب الذي بدأ العالم يشعر به.
الثقافة في مجال اللعب
بدأت الثقافة، في الحقل الاجتماعي، تتحول من من كونها نتاجًا للتأمل والجهد الفكري والبحثي الذي يُعبّر عن نفسه في اللغة المكتوبة والمدونة إلى نتاج للألعاب الإلكترونية وممارستها، أي تحولت الثقافة إلى دور يُلعب بحكم مقتضى اللعبة، دون أن يعني هذا أن اللاعب مؤهل نظريًّا أو سياسيًّا للقيام بهذا الدور التغييري على أرض الواقع، فما يراهن عليه المصممون هو مجتمع اللاعبين المتجاوز للحدود القومية، والذي يمكن أن يؤسس شبكة عالمية تهتم بقضايا محددة تهم العالم. ويراهنُ مصممو الألعاب السياسية المخصّصة للبلدان العربية على نشاط يقوم به لاعبو لعبة ما لتوسيع دائرة اللعب كي تضم آخرين من خارج دوائرهم، كي يشدوا إلى اللعبة من لا يمارسها عادة، فهل الهدف هنا هو نشر الوعي السياسي من خلال اللعبة أم التمهيد لمزيد من التسويق؟ وهل يمكن خرط شخص في لعبة تغيير افتراضية وحشده في مظاهرة افتراضية ومنحه دورًا في انقلاب أو تغيير لنظام افتراضي، سيولّدون وعيًا واقعيًّا، أم أن المسألة ضربٌ من التنفيس، الدور الذي كانت تؤديه الكوميديا وما تزال في الأنظمة الاستبدادية والشمولية، رغم أننا يمكن أن نراهن على جانب في الكوميديا عصي على التدجين. وقد يكون دورك كلاعب هو مغيّر للعادات الاجتماعية وصانع انقلاب يطيح بالأنظمة العسكرية والبيروقراطية أو يغيّر القيم السائدة أو يعلم الشبان الاقتصاد، وكيف يدّخرون النقود، وما هي أنجع الطرق لصرفها. بالتالي انتقلت العملية الثقافية من حقل القراءة والتأمل إلى حقل اللعب بالضغط على الأزرار، وتحولت عملية التفكير التجريدية والنظرية إلى عملية حسابية كمبيوترية. ولا نعرف ما هي المنطلقات الفكرية للاعبين، الذين لم يعودوا أطفالًا بل معظمهم في الثلاثين من عمرهم، والأمر الوحيد الذي نعرفه عن الذين سيطيحون بالدكتاتوريات والأنظمة البيروقراطية وحكم الجيوش في اللعبة التي صنعتْها شركة زيمرمان بشكل خاص للشرق الأوسط، هو أنهم يملكون الذكاء والبراعة.
من برامج الأحزاب إلى برمجيات الألعاب
لم يكن الجيل الذي أنتمي إليه جيل ألعاب فيديو أو ألعاب إلكترونية، وحين أعود بالذاكرة إلى فترات الطفولة والمراهقة في الريف السوري والمدن السورية أتذكر ألعاب الورق والطاولة والمنقلة والداما والشطرنج، أما بالنسبة للألعاب التي تشغل العقل، ربما كانت لعبة الشطرنج هي الأكثر انتشارًا بين أبناء جيلي، ومع مرور الزمن اكتشفتُ عالم الألعاب الإلكترونية ليس كممارس بل كمراقب، وكان السبب هو ابنتي التي دخلتْ منذ بداية طفولتها في هذه العوالم الإدمانية والتي اقتضت مني التدخل أحيانًا، وكنت أنا الخائف والذي يلعب دور الرقيب غير أنها كثيرًا ما فاجأتني بأنها أكثر وعيًا مني بما يجري في عالم الألعاب، غير أن ما يجري يحتاج إلى نظرة متعمقة خاصة أن هناك من يستغل ظاهرة اللعب البريئة وينصب فيها الفخاخ، الأمر الذي يقتضي وعيًا نقديًّا لمقاربة ظاهرة الألعاب المتفشية في العالم كما لو أنها فيروس من نوعٍ جديد، مما ينذرُ بتحولات راديكالية ستغيّر من طبيعة كثيرٍ من الأشياء التي كنا نُضْفي عليها قيمة ونظنها جوهرية لحياتنا وغذاء روحيًّا لنا.
بدأت الثقافة في عصرنا الحديث تتبنى أو تلبس هوية إلكترونية، ونسمع الآن عن ألعاب تلعب دورًا في صقل الوعي من خلال تحديد هدف قد يكون نبيلًا على المستوى السياسي بالمعنى الثوري للكلمة، فهل يمكن القول إن الصراع الإيديولوجي سيكون صراعًا بين مبرمجي ومصممي الألعاب، وإن الأفكار ستتجسّد في ألعاب، وأن الأحزاب ذات الطابع الدعائي والقائمة على تسييس الشارع وتحريكه لخدمة مآربها لم تعد قادرة على فعل ذلك، أو انفضح أمرها، وصارت لعبة فيديو أكثر تأثيرًا في الأجيال الجديدة، من إيديولوجيا وبرامج الأحزاب وخدمها المخلصين الذين صاروا عاجزين عن فرض سحر سياسي في الشارع أو لم يعودوا قادرين على خداع الأجيال والتضحية بها على مذابح الإيديولوجيا؟ فهل صار بوسعنا القول إنه خاب أمل الأجيال المتعاقبة، وإن الجيل الجديد لم يعد يرى في السياسيين بكافة تياراتهم سواء كانوا في الحكم أو في المعارضة سوى وجهين لعملة واحدة لم يعد تداولها مرغوبًا، وهكذا انصرفوا إلى الألعاب وفي الألعاب لُعب بوعيهم أو تَوسَّعَ، وهنا يدور الجدل، فثمة من يُرْجع أسباب النزوع إلى العنف والإجرام والمشاكل النفسية والانعزال عن المجتمع إلى الإدمان على الألعاب الإلكترونية. وهناك من يقول عكس ذلك، بل ثمة من يقول إن هناك ألعابًا تحفّز الوعي وتطوّره وتجدده وتُدْخله في آفاق لم تكن واردة من قبل وتعلّمه كيف يغير الواقع والأنظمة المتحكمة به، بل إنها يمكن أن تحوّل اللاعب إلى ناشط سياسي يحفّزه حلم التغيير والإطاحة بالأنظمة القمعية.
إيديولوجيات السيطرة الواضحة
كانت أجيال الشباب، وعلى مر الأزمنة، هدفًا للتحكم والسيطرة من قبل الإيديولوجيات كلها سواء كانت يسارية أم يمينية، علمانية أو دينية، فالتحكم بوعي الشباب المتحمس وغسل دماغه يعني توظيفه وتجييشه وتسخيره وبالتالي وضعه في خدمة الكرسي وإطالة أمد الجلوس على العرش، أو في خدمة عقيدة أو إيديولوجيا متطرفة وإلغائية، وهكذا تَقْوى شوكة العروش أو التنظيمات من خلال تسليح نفسها بجيل الشبان، واستغلال طاقتهم وحماسهم، ولهذا لجأت الأحزاب الشمولية في المنطقة، ومن بينها حزب البعث العربي الاشتراكي، إلى تأسيس منظمات لاستيعاب مختلف الشرائح العمرية والسيطرة عليها أو توظيفها منذ المراحل الأولى للتعليم. ومن أجل مواصلة عملية السيطرة على العقول تحاول بعض القوى والحركات الانتقال من المجال الواقعي للسيطرة إلى المجال الافتراضي من خلال استثمار الألعاب الإلكترونية لخدمة برامجها في السيطرة والتحكم، وفي هذا السياق طوّر تنظيم الدولة الإسلامية في 2014 لعبة "صليل الصوارم" من خلال عملية تعديل على لعبة "جراند ثيفت أوتو 5"، من أجل تجنيد وتطويع الأطفال والمراهقين ونشر عقيدته الإرهابية. ونقلت إسرائيل أيضًا حربها إلى مجال الألعاب الإلكترونية من خلال لعبة "اقتل الإرهابي" التي حمّلتْها القناة الإسرائيلية السابعة على شبكة الإنترنت لشحن الأطفال الإسرائيليين ضد الفلسطينيين وتبرير قتلهم، ومن خلال اللعبة العنصرية "اقصفْوا غزة". وطُورت في تركيا بعض الألعاب كي يُروج من خلالها لأمجاد الإمبراطورية العثمانية ويُعبر عن طموحاتها الإمبراطورية التوسعية، وابتُكرت ألعاب أخرى للترويج لتجارة الأسلحة والذخائر التركيةوخاصة لعبة "Arma 3" والتي تروج للطائرات المسيّرة التركية. كما أن هناك ألعابًا انتشرت في الغرب تقوم بالتمييز ضد النساء وتصويرهن بشكل سلبي وقتلهن ورميهنّ للتماسيح، لمجرد أنهن نساء. إن الصراع الدائر في الألعاب الإلكترونية هو امتداد للصراع التقليدي بين الخير والشر، وللتوجهات الثقافية والفكرية الأفقية العامة والتي تجدها على مواقع الإعلام الاجتماعي، وثمة أيضًا صورة نمطية لبطل منتصر دومًا ولو كانت النتيجة تدمير مدينة بأكملها والقضاء على سكانها، وهناك دومًا آخر على خطأ، وجماعات مجرمة ومارقة وفوضوية وصور نمطية معممة غير أنه يمكن القول أيضًا إن مصممي الألعاب خرجوا، جزئيًّا، من هذه النمطية وبدأوا يرتادون آفاقًا جديدة غير مألوفة وغير متوقعة.
من الرقابة على الكتب إلى الرقابة على الألعاب
كانت الرقابة حتى وقت متأخر رقابة على المطبوعات فقط، لكن الرقابة تطورت عربيًّا لتصبح رقابة على المادة المسموعة والمرئية وعلى المنتجات الرقمية الأخرى، حتى وصلت إلى رقابة على الألعاب الإلكترونية، وربما كانت الرقابة الشيء الوحيد الذي يتطور في الدول العربية بما أن السلطات تعرف أين تستثمر لتطيل من أمد جلوسها على الكراسي والعروش. وفي هذا السياق عقدت الجامعة العربية في دبي في 2019 مؤتمرًا ناقشت فيه مخاطر الألعاب الإلكترونية، ولم يغب من الورقة التي قدمتهْا دولة الإمارات مخاوف تتعلق بجوانب منها الجانب "الأمني"، ولجأت الإمارات إلى مكافحة ما تسميه تجاوزات صانعي الألعاب الإلكترونية تتمثل في نظام التصنيف العمري، وسياسة استخدام الإنترنت، ودليل سياسة المبادئ التوجيهية لإنشاء برنامج سفير الأمن السيبراني الوطني، وإطلاق حملات مثل "حملة لا يخدعونك" و"حملة الابتزاز الإلكتروني" وغيرها، وترافق هذا في الإمارات مع حظر ألعاب تشجع على التعري مثل لعبة ”دارك سايدرز". ومُنعت في هذا البلد لعبة الجحيم ”إنفيرنو" المستوحاة من الكوميديا الإلهية لدانتي والسبب هو اختراقها للمحظور الديني الإسلامي فالبطل يذهب إلى عالم الآخرة وتنحاز اللعبة إلى الصليبيين وترمي قتلى المسلمين في النار وتضع قتلى الصليبيين في الجنة. وفي ندوة نظمتها مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية بعنوان ”مخاطر الإنترنت والألعاب الإلكترونية على النشء في المملكة العربية السعودية" أظهرت المداخلات خوفًا وهلعًا من الألعاب الإلكترونية. في المملكة العربية السعودية رقابة مزدوجة على الأفكار، رقابة المؤسسة السياسية ورقابة ممثلي الثقافة الدينية، بالتالي هناك سيطرة على الأفكار الداخلة أو الوافدة والتي تُوسم بأنها "تخريبية"، لكن هذه الأفكار المحظورة استطاعت التسلل عبر الألعاب الإلكترونية، مما دفع عضو مجلس الشورى السعودي خالد العواد إلى فتح نار النقد على وزارة الثقافة السعودية متهمًا إياها بالتقصير في منع الألعاب الإلكترونية التي لا تتناسب مع قيم المجتمع السعودي، بحسب موقع العربية، ودعا إلى تصميم برمجيات لألعاب إلكترونية بديلة تتماشى مع الإسلام والتقاليد. كما هاجم مشائخ الأزهر لعبة "الحوت الأزرق" وأصدرت دار الإفتاء المصرية فتوى بتحريم المشاركة في هذه اللعبة، ووصل بعض المشائخ المصريين إلى نتيجة مفادها أن الشريعة الإسلامية لا تحرم المرح واللهو إلا إذا خرج عن مقصده. ولا تقتصر الرقابة على العالم العربي فقد عمدت بعض الدول في الغرب والشرق على حظر ألعاب معينة، فمثلًا حظرت أستراليا لعبة "سيمس ٧ وينت" و"ليت بروف فيفتي" و"بي إم إكس إكس إكس إكس"، وغيرها بسبب مشاهد الرعب المفرط والدعوة إلى الإباحية الجنسية والجرائم وأشكال الموت المخيفة المفروضة على الخصوم، كما منعت إيران لعبة "باتلفيلد 3" والتي تظهر فيها القوات الأميركية غازية لطهران واعتبرت هذا إهانة قومية. ومنعت الرقابة في اليابان لعبة "سولجر أوف فورشن، بي باك" بسبب مناظر القتل والنزيف المؤثرة، كما حظرت لعبة "هارفستر بسبب محتواها الجنسي العنيف.
التوظيف السياسي
انتقلت النظرة النمطية إلى الآخر في الغرب إلى عالم الألعاب فلعبة "إنفيرنو" مركّبة فكريًّا وفق نظرة الغرب المتمركز على نفسه إلى الآخر، والغربي الذي يلعبها يتم تلقينه هذه الأفكار حول الآخر في المناهج أو في الإعلام الرئيسي السائد، فالمسلم في هذا المنظور هو آخر متخلف وإرهابي يجب قتله ووضعه في النار، وتعكس هذه اللعبة طريقة داعشية في التفكير. وبدأ السياسيون في العالم يكتشفون أهمية الألعاب الإلكترونية في الترويج لبرنامجهم السياسي الانتخابي فبحسب تقارير صحفية أصبحت لعبة الفيديو التي تُدعى "عبور الحيوان: آفاق جديدة" منصة للسياسيين والناشطين في حملة الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة، ففي هذه اللعبة يسافر اللاعبون إلى جزيرة افتراضية حيث بوسعهم صيد السمك فيها وهزّ الأشجار كي تسّاقط الثمار وبناء المنازل وتبادل الحديث مع الحيوانات. باعت هذه اللعبة حتى الآن 4.22 مليون نسخة في العالم. ويستخدمها بعض السياسيين للترويج لبرامجهم. ومن الأمثلة على ذلك قيام ناشط من حركة "حياة السود مهمة" ببناء صرح على جزيرة في لعبة "أنيمال كروسينغ" بصورٍ لجورج فلويد وضحايا آخرين لعنف رجال الشرطة الأمريكيين. كما تحدث مظاهرات افتراضية لحركة "حياة السود مهمة" في ألعاب مثل "سيمس وجراند ثيفت أوتو" و"عالم السحر". وتهدف لعبة "Path Out" التي تعني "طريق الخروج" إلى فهم موقف اللاجئين السوريين، وقد صممها مصمم الغرافيك السوري عبد الله أكرم وتدعمها شركة كوسا كريشنز النمساوية، المتخصصة في الألعاب التي تُوصل رسائل اجتماعية. وقامت عضو كونغرس أميركية باستخدام لعبة "أنيمال كروسينغ" من أجل حملة انتخابية عبر إيصال رسائل شخصية لسكان الجزيرة. وتحتوي لعبة "Fallout and Metal Gear Solid" على رسائل معادية للأسلحة النووية، وتتناول لعبة "Square-Enix’s Life is Strange 2" مواضيع مثل الهجرة وعنف الأسلحة، وتأثرت لعبة "Animal Crossing: New Horizons" بالثقافة الرأسمالية، مثلها مثل "ليجند أوف زيلدا" و"أندرتيل". وتبرر لعبة "Ghost Recon Wildlands" التدخل العسكري الأمريكي في العالم وتشجع عليه، وفي "The Division 2" نرى عمليات قتل بحجة إعادة النظام بعد انهيار النظام العالمي. وكان بوسع محبي الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب أن يدخلوا شخصيته في بعض ألعاب الفيديو (احْمِ ترامب) وحتى حمايته من الاغتيال في "غراند ثيفت أوتو"، وكان بوسع اللاعبين من مختلف الميول السياسية زيارة منافسه الديمقراطي في مقره في ”أنيمال كروسنغ“ وعرض ملصقات حملته في فضاءات افتراضية. في سوريا أدى انتشار وإدمان لعبة "مريم الشيطانية" إلى عدة حوادث انتحار بين الأطفال سنة 2018. وانتشرت في إدلب أثناء الحرب السورية وبكثافة لعبة قتالية حماسية تُدْعى (PUBG) أدمنها لاعبوها، التي تهدف إلى تنمية النزعات القتالية لديهم وتشجيع انتقالهم من العالم الافتراضي إلى العالم الواقعي ليكونوا مقاتلين متحمسين. وطُورت لعبة فيديو جديدة تُدعى سلطة الشعب "PeoplePower" تم تحديثها لتزرع في جيل جديد من الثوريين، كما يزعم مصمموها، مهارات تكتيكية واستراتيجية لقيادة حركات مضادة للأنظمة الاستبدادية. كانت اللعبة تدعى بالأصل "قوة أكثر قوة" وحُدِّثت بشكل خاص كي تصل إلى الجمهور في مناطق مقموعة وفقيرة، وخاصة في الشرق الأوسط. إن الصفة الأكثر ابتكارًا فيها، بحسب مصمميها، هي أنها تسمح للمستخدمين ببناء عوالمهم الافتراضية كي تتماشى مع حكوماتهم وبلدانهم خالقة منصة مفتوحة المصادر حول تغيير الأنظمة. وتقدم لعبة "بيبول باور" لاعبها كقائد لحركة شعبية يقاتل ضد سيطرة الشرطة والجيش والبيروقراطية، وحتى الإعلام. إن السلاح الوحيد الذي يمتلكه اللاعب هو مهارته الاستراتيجية وبراعته. وبُسّطتْ هذه اللعبة بالمقارنة مع الأصل وثمة نسخة قابلة للتحميل وهناك نسخ بلغات مختلفة بينها الفارسية والعربية. وصرح مصمم اللعبة ستيف يورك أنه يبني سيناريوهات خاصة بالشرق الأوسط والهدف هو الوصول إلى جمهور خارج الذين يلعبون اللعبة. ابتكر هذه اللعبة وطورها وحدّثها المركز الدولي للصراعات غير العنفية وشركة يورك زيمرمان. والجديد هنا أن الألعاب تسمح بمجال لتفاعل الآراء من خلال إنشاء برامج مصغرة تدعى "تعديلات" تضاف إلى الألعاب، مما يساعد على زيادة المضمون السياسي.
يمكن الاستفاضة أكثر حول أنواع الألعاب الإلكترونية وطرق توظيفها أو حتى هدفها السياسي والاجتماعي والديني، ولكن تنبغي الإشارة إلى أن الشركات التي تنتج الألعاب مرتبطة بشكل ما بالسياسات التي تعمل على ترويج ثقافات أو توجهات بعينها مما يجعل حقل اللعب حقلًا للسياسة، ويكمن الخطر في قدرة المصممين على اختراق خصوصيتنا والوصول إلينا حتى حين نريد أن نلعب ونتسلى، كما لو أنه من غير المسموح لنا أن نكون أنفسنا، أو أن نمتلك خصوصية، وسط الصراع الدائر لاستتباعنا لمراكز القوى والنفوذ.
مراجع
https://www.alarabiya.net/saudi-today/2013/05/08/السعودية-الرقابة-على-الألعاب-الإلكترونية-مقصّرة-
https://www.dw.com/en/how-politicians-use-video-games-for-their-own-gains/a-55286753
https://retriever.umbc.edu/2020/11/politics-and-video-games-are-more-linked-than-you-might-think/
https://www.fastcompany.com/1678382/civil-resistance-simulator-teaches-players-to-topple-dictators
https://al-ain.com/article/seminar-arab-league-odangers-electronic-game-dubai
https://www.arab48.com/ترجمان/2018/11/18/ألعاب-الفيديو-والسياسة
https://www.dw.com/ar/الألعاب-الالكترونية-منصة-للحملات-الانتخابية-في-الولايات-المتحدة/a-55336439
https://www.sasapost.com/how-the-gaming-community-is-misportrayed-in-the-media/
https://www.enabbaladi.net/archives/323793
https://www.skynewsarabia.com/varieties/1417505-سوريا-المنقلة-لعبة-شعبية-تقاوم-النسيان-وآثار-الحرب
https://7al.net/2019/05/20/الألعاب-الالكترونية-تشعل-صراعاً-بين-م/fathi-s/economy/
https://soukukkaz.com/مبرمج-سوري-ينقل-شوارع-دمشق-إلى-عالم-الأ/
https://horrya.net/archives/90320
tps://imamhussain.org/news/23187
https://www.skynewsarabia.com/varieties/1428687-لعبة-مريم-الشيطانية-تقتل-أطفال-سوريا-القصة؟
[هذه المقالة جزء من ملف خصّصته جدلية لتناول موضوع الألعاب الرقمية].