ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بخبر "المكرمة الأميرية"، كما سماها الكثير من نواب مجلس الأمة الكويتي، بإعادة الجنسيات للناشطين السياسيين الذين سحبت منهم بعد أيام الحراك الشعبي السياسي في الكويت. في نوفمبر٢٠١٦ كنا نسمع الكثير من قادة المعارضة الذين قرروا المشاركة في الانتخابات بعد مقاطعة استمرت أربع سنوات تقريبا يقولون إن هناك قانوناً سيقر حال وصولهم لمجلس الأمة لمنع تكرار سحب الجنسية دون اللجوء للقضاء. واستمرت هذه التصريحات بعد حصول الكثير منهم على العضوية إلا أن اشكالية سحب الجنسية الكويتية من قبل الحكومة لم تحل بعد.
كباحث في التاريخ الكويتي، أرى بأن اشكالية إبعاد المعارضة السلمية وسحب الهوية هي إشكالية استمرت في الكويت منذ أن كانت مشيخة أو إمارة وحتى بعد أن صارت دولة. في هذا المقال سأحاول تسليط الضوء على ثلاث نقاط رئيسية: (١) هل تتشابه أساليب المعارضة السياسية في كويت المشيخة وكويت الدولة ؟ (٢) عقوبة سحب الجنسية والنفي من البلاد ثم طلب العفو من الحاكم. هل يعيد التاريخ نفسه في الكويت؟ (٣) سجن المعارضة السلمية التي تنادي بالإصلاح هل اختلف بين كويت الإمارة وكويت الدولة؟ وستكون الاجابة عن هذه التساؤلات بالمقارنة بين أقوى حراكين شعبيين في الكويت عامي ١٩٣٨ وعام ٢٠١١ وتبعات هذه الموجات الإصلاحية على المعارضين وعلى الشعب. سيناقش هذا المقال بشكل محدد موضوع العفو الأميري وإعادة الهوية والسماح للمعارضين الكويتيين بالعودة لوطنهم لكن بعد تقديم تنازلات وطلب العفو بشكل رسمي. وهذا قد يدل على أن شكل ونظام الدولة تغير اليوم لكن طريقة الإدارة مستمرة في هذه القضية على وجه التحديد.
تمهيد تاريخي
كان نظام الحكم في الكويت منذ تأسيسها قائماً على المشورة بين الحاكم والنخب التجارية كما يذكر مؤرخو الكويت. تغير نظام الحكم في الكويت بعد وصول الشيخ مبارك بن صباح للحكم عام ١٨٩٦ من نظام قائم على المشاورة بين الحاكم والنخب التجارية إلى نظام حكم فردي استمر حتى عام ١٩٢١. بعد وفاة سالم بن مبارك عام ١٩٢١ اجتمعت النخب الكويتية، تجار ورؤساء صنعة وعلماء دين، وأجمعوا على عدم مبايعة أحد من آل صباح إلا بعد موافقة الحاكم الجديد على إنشاء مجلس شورى تتخذ فيه القرارات المصيرية للكويت بصورة مشتركة. السبب الرئيسي وراء هذا التحرك هو أن الحكم الفردي في عهد مبارك بن صباح (١٨٩٦-١٩١٥) وابنه جابر (١٩١٥-١٩١٧) وأخيرا سالم بن مبارك (١٩١٧-١٩٢١) أثر بشكل كبير على المصالح التجارية لهذه النخب وكلف أهل الكويت الكثير من الرجال والمال من خلال إجبارهم على خوض حروب لم تكن ذات ضرورة من وجهه نظرهم. وقد ناقش عبد العزيز الرشيد في كتابه "تاريخ الكويت" هذا الموضوع عندما تحدث عن فترة حكم سالم بن صباح. في عام ١٩٣٨ ومع تطور الأوضاع الإقليمية وتحول العراق من التبعية للعثمانيين إلى حكم هاشمي وبدايات ظهور القومية العربية مع تطور ملحوظ في الوعي لدى المجتمع الكويتي من خلال إنشاء المدارس والبعثات الدراسية ثم ختاماً اكتشاف النفط، كل هذه المعطيات دعت مجموعة من التجار لإنشاء كتلة سموها الكتلة الوطنية التي دعت لإنشاء مجلس تشريعي وكتابة دستور وكان لها ما أرادت. وقد تحكم المجلس بمقدرات الدولة وسحب البساط من الحاكم في كل شيء بناء على الدستور الذي كتبه هذا المجلس ووافق عليه الحاكم في ذلك الوقت، أحمد الجابر. يقول خالد العدساني سكرتير المجلس التشريعي عند حديثه عن دائرة المالية "منذ ذلك الحين حدث أكبر انقلاب في تاريخ الكويت إذ صارت للأمة مالية (ميزانية) مستقله عن مالية الحاكم تستعمل في شؤون الإصلاح". ومن دون إسهاب فقد سيطر مجلس ١٩٣٨ على مفاصل القرار في الكويت فقد كان يمثل السلطات الثلاث: التشريعية والتنفيذية والقضائية، من خلال تنصيب نفسه محكمة تمييز.
هل تكرر المعارضة الكويتية أخطاءها؟
المدقق في حركة ١٩٣٨ وحراك ٢٠١١ يلاحظ أمرين مهمين: الأول هو أن المعارضة قدمت بشكل راديكالي فأرادت في الحالتين تغيير قواعد اللعبة السياسية القائمة في كويت الإمارة وكويت الدولة. الأمر الثاني هو عدم تقدير هؤلاء المعارضين والفهم العميق لقواعد اللعبة السياسية والحكم. كما أن عدم تجانس الكتلتين كان سبباً رئيسياً في سهولة تفكيكهما بعد استخدام قمع وعنف مؤقتين. في حركة ١٩٣٨ كان هناك كتلة متجانسة (الوطنية) والمؤلفة من عبد الله الصقر وسليمان العدساني وسيد علي سيد سليمان وعبد اللطيف ثنيان الغانم، وجميعهم من الطبقة التجارية، وكانوا جزء من مجلس يتكون من ١٤ عضواً ولكنهم كانوا الأعضاء المؤثرين فيه. الأمر ذاته تكرر في مجلس الأمة المبطل ٢٠١٣ فقد كانت هناك كتلة متفاهمة يمثلها مسلم البراك وجمعان الحربش وفيصل المسلم ووليد الطبطبائي، وربما أحمد السعدون في مجلس لهم فيه تأييد الأغلبية، وهذه الكتلة تتوزع على مجاميع اجتماعية مختلفة، بدو وحضر وتجار. كلا الكتلتين لم يكن عندها الوعي السياسي الكبير والفهم العميق للشارع الكويتي فهم ظنوا أن الشارع سيدعمهم مهما كلف الأمر. ولا يلامون على هذا الفهم، ففي عام ١٩٣٨ ساهم الشباب وغيرهم في دعم المعارضة من خلال الكتابة على الجدران والسير في مظاهرات وتنظيم إضراب مدني رغم أن غالب مؤيدي مجلس ١٩٣٨ لم يكن لديهم حق التصويت. في المقابل خرج الشباب بالدرجة الأولى وفئات المجتمع الأخرى نصرة لمبادئ وأفكار "كتلة الأغلبية" بل نجحوا في إسقاط رئيس الوزراء السابق الشيخ ناصر المحمد. التشابه بين الحركتين كبير لكن هذا ليس موضوع هذه المقالة. فنحن نحاول هنا تحليل استخدام السلطة السياسية لورقتي القمع والطرد في تقليل شعبية هذه الحركات من خلال تكرار الحركتين، ١٩٣٨ و٢٠١٣، لذات الأخطاء السياسية.
طريقة صنع القرار في الكويت قائمة على التفاهمات. والكلمة العليا في الغالب تكون للشيخ في زمن المشيخة، وللأمير في زمن الدولة والشواهد على ذلك كثيرة. هذه التفاهمات تناستها المعارضة في ١٩٣٨ و٢٠١٣ بعد أن خدرتها النشوة الجماهيرية المساندة للحراك. ولذلك مع ضعف السلطة الحاكمة وعدم وجود مساحة للتفاهمات التي اعتاد الساسة الكويتيون على وجودها لم يكن أمام السلطة سوى استخدام ورقة القمع ثم التأديب السياسي وهذا تم في النموذجين. ففي عام ١٩٣٨ قمع فدواية الشيوخ (الحراس الشخصيين لـ الصباح) الحركة واقتادوا كبار المعارضين وأعضاء المجلس للسجن بل أُعدمَ أحد الناشطين المؤيدين، محمد المنيس، وقتل آخر، محمد القطامي. في المقابل لم تحدث أي حالات قتل لكن القوات الخاصة قمعت بشكل عنيف كل المظاهرات التي خرجت للمطالبة بالتغيير الجذري في اللعبة السياسية الكويتية: إمارة دستورية، حكومة منتخبة وأخيراً، رئيس مجلس وزراء من الشعب. أدى هذا القمع أدى إلى خوف الكثيرين من المؤيدين الذين خرجوا رغبة في الإصلاح لكن دون استعداد للتضحية مقابل هذا التغيير. وهذا مالم يدركه قادة الحراك في ٢٠١٣ على الرغم من الفارق الزمني والثقافي والمعرفي بين الحركتين.
التاريخ يعيد نفسه: التأديب السياسي بين سحب الهوية والسجن والنفي
بعد انتعاش وسيطرة سياسية لمدة محدودة وقصيرة يكون فيها النفس الإصلاحي والتغييري كبيراً في المرحلتين ١٩٣٨ و٢٠١٣ تمارس السلطة، ممثلة في الأسرة الحاكمة، نوعين من السياسات. النوع الأول يوكل للصقور داخل الأسرة قمع هذه الحركات قمعاً شديداً كما أشرنا. وتبعات هذا القمع تتمثل في السجن والنفي، وحديثاً، سحب الهوية (الجنسية). في عام ١٩٣٩ وبعد أن حل الشيخ أحمد الجابر مجلس ١٩٣٩ تم سجن خمسة من أعضاء المجلس كما تشير مذكرات العدساني والوثائق البريطانية، خصوصاً ملف (IOR/R/15/5/206) . هؤلاء الأعضاء كانوا أصحاب نفوذ تجاري كبير ومن عوائل لها ثقل في الكويت وهم: عبد اللطيف ثنيان الغانم، سيد علي سيد سليمان الرفاعي، صالح العثمان الراشد، سليمان العدساني، مشعان الخضير، وسجن معهم يوسف المرزوق. استمر سجن هؤلاء أكثر من أربع سنوات حيث أطلق سراحهم في عام ١٩٤٤. تزامن هروب كثيرين للمنفى مع هذا الحدث، على رأسهم خالد العدساني وعبد الله الحمد الصقر وراشد العبدالغفور ومحمد البراك وغيرهم. خلال الأحداث كان السبيل الوحيد للمعارضين للنجاة من السجن هو البحث عن أحد الشيوخ وتوسيطه لدى الحاكم، خصوصاً إذا لم يكن المعارض صاحب ذنب كبير من وجهة نظر الحاكم. مثال ذلك خالد عبد اللطيف الحمد، عضو المجلس التشريعي، الذي وسط الشيخ عبد الله السالم وأحمد زيد السرحان، الذي وسط الشيخ علي الخليفة، كما ذكرا في لقائهما مع يوسف الشهاب صاحب كتاب "رجال من تاريخ الكويت". ولم يكن الشيخ ليقبل الشفاعات كلها فعندما أرسلت رسائل ممهورة بتوقيع الشعب الكويتي ونساء المسجونين للمعتمد السياسي البريطاني لم تشفع تلك الرسائل لأحد. بل طالب الحاكم مرات عديدة باسترجاع مجموعة من أعضاء المجلس، من الذين هربوا، مثل عبد الله الصقر. لكن لم يتم الأمر لعدم وجود اتفاقيات تبادل بين الكويت والعراق في تلك الفترة كما تذكر الوثائق البريطانية. الأمر الأهم هو أنه عندما طلبت السلطات البريطانية بعد صدور العفو الأميري عن المشاركين في الحركة وعودة الكثيرين منهم للكويت عودة محمد البراك وراشد العبدالغفور رفض حاكم الكويت ذلك حتى أجبره البريطانيون على استقبالهم وسجنوا لفترة ثم أطلق سراحهم.[1]
هذا ما تم في الكويت الإمارة، أما بعد عام ٢٠١٣ فقد تكرر السيناريو ذاته مع إضافه ورقة ضغط جديده لم تكن موجودة في عام ١٩٣٨ وهي ورقة سحب الهوية والجنسية. فقد سجن مسلم البراك ومجموعة من شباب الحراك لأسباب سياسية بحتة وتبع ذلك انتقام بصدور قانون يحرم على مسلم وبقية المسجونين الترشح لأي انتخابات قادمة، الأمر الذي دفع نواب المجلس الحالي إلى محاولة تعديل هذا القانون الذي سرى بالفعل على بعض المرشحين الذين قرروا المشاركة في انتخابات نوفمبر ٢٠١٦ مثل بدر الداهوم وسالم النملان وغيرهم. سجن مسلم البراك كزعيم للمعارضة بين حجم التشابه في ردة فعل المجتمع الكويتي. فلم تحدث أحداث جوهرية بعد سجنه إنما كانت ردة فعل عاطفية ماتت مع مرور الوقت. الهروب والنفي السياسي طال مجموعة كبيرة من مؤيدي الحراك الشعبي مثل محمد الوشيحي، الوجه الإعلامي للحراك، وطارق المطيري الذي كان يصنف على أنه أحد القادة الشباب وهو أحد مؤسسي حركة "حدم". والرجلان يقيمان حالياً في تركيا. رانيا السعد كذلك أعلنت في حسابها في تويتر أنها هربت لبريطانيا وكانت تنتقد الأوضاع في الكويت وقد أوقفت حسابها بعد صدور المكرمة الأميرية. سعد العجمي نفي بحجة حمله لجنسيتين (الكويتية والسعودية) وهذا يخالف القانون الكويتي إذ أن القانون الكويتي يمنع الجمع بين الجنسية الكويتية وجنسية أخرى. وقد قدم اعتذاراً وشكراً رسمياً بعد الإعلان عن العفو الأميري عنه. هؤلاء وغيرهم خرجوا من الكويت بسبب الأوضاع السياسية وخوفاً من الملاحقات القضائية.
بعد صدور أحكام بالسجن في يوليو ٢٠١٨ على من دخل المجلس من المواطنين والنواب خلال حراك عام ٢٠١١ أو ما يعرف محلياً بحادثة الأربعاء الأسود، هرب جميع المحكومين من النواب والكثير من الشباب لخارج الكويت قبل صدور هذا الحكم، وعلى رأسهم مسلم البراك الرجل الأبرز في المعارضة وكذلك عضوا مجلس الأمة، جمعان الحربش ووليد الطبطبائي حيث غادرا الكويت إلى تركيا. منذ صدور هذه الاحكام انقسم الشارع الكويتي بين مؤيد ومعارض لهذا الحكم ما يهمنا في هذا المقال هو التشابه الكبير بين ما حصل في ١٩٣٨ وبين ما يحدث في الكويت اليوم. فبعد المناشدات الكبيرة طلبا للعفو في ١٩٣٨ نجد أن ذات الطريقة تتكرر في ٢٠١٨-٢٠١٩ فيوسف المرزوق مثلاً الذي كان عضواً في مجلس ١٩٣٨ يرسل للبريطانيين رسالة يطالب فيها بالمساعدة للإفراج عنه يكرر ذات الأمر النائب السابق وليد الطبطبائي في تغريدة له يطالب فيه الأمير بإصدار العفو الشامل عن المحكومين في قضية المجلس. أما النائب السابق فهد الخنة فيعود للكويت لتنفيذ الحكم بعد أن كان في تركيا ويطلب العفو من أمير الكويت.
أما الورقة الجديدة وهي سحب الجنسيات فقد استخدمت من قبل في الثمانينيات ضد من اتهموا بتفجير موكب الأمير. وبطلب من نواب مجلس الأمة استخدمت في قضية ياسر الحبيب وسب السيدة عائشة وقد استجابت الحكومة لهم كما استخدمت مع سليمان بوغيث الرجل الثالث في تنظيم القاعدة ولم يعترض النواب أيضاً. يوضح هذان المثالان كيف أن الحقوق المدنية في عقليات النواب بصفة خاصة والشعب بصفه عامة ضحلة. إذ أن الاخطاء التي يرتكبها أي انسان لا علاقة لها بهويته ولا جنسيته إنما يحاسبه القانون على أفعاله حتى وان كانت العقوبة هي الاعدام في حالات مثل الخيانة العظمى. هذه التشابهات في السياسات الداخلية وأساليب المعارضة تقودنا لسؤال هو هل يكرر الساسة الكويتيون ذات الأفعال لكن بأساليب أكثر عصرية؟ ولا يحق لأي كويتي تسحب جنسيته الذهاب للمحاكم من أجل استرداد حقوقه إذ أن قضايا الجنسية ليست من اختصاص المحاكم وإنما هي حق للأمير ووزير الداخلية. وقد حاول عبدالله البرغش، النائب السابق، اللجوء للقضاء لكن محكمتي الاستئناف والتمييز قضتا بعدم اختصاصهما في قضايا سحب الجنسية. كيف عادت جنسية عبدالله البرغش؟ عادت بعد أن تدخل بعض النواب وأبناء القبيلة وطلبوا العفو من أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد وذلك في عام ٢٠١٧. بينما أعيدت الجنسيات للآخرين، مثل سعد العجمي ونبيل العوضي وغيرهم، بعدها بعام.
بعد الذي استعرضناه في هذا المقال نجد تشابهات كبيرة تصل لحد التطابق في بنية صنع القرار السياسي في الكويت في فترتي ما قبل وما بعد الاستقلال. إذ أن الإطار الخارجي للدولة تغير بالانتقال من مرحلة الإمارة إلى مرحلة الدولة المؤسساتية بشكلها السطحي، لكن مكامن صنع القرار لا تزال متشابهة ولا يكاد يمر حدث جوهري كبير في الكويت إلا وجد له المؤرخون في الغالب حدثاً يطابقه في تاريخ الكويت الحديث.
لا يكمن الخلل في طريقة صنع القرار السياسي وسلطة الدولة فحسب، بل حتى في المعارضة التي لا تخرج عن الأطر التاريخية التي اعتادت عليها. وأنا أميل إلى أن أيديولوجيا المعارضة القديمة كانت أوضح مقارنة بالمعارضة الحديثة. وقد يكون هذا الأمر بسبب وجود تيارات فكرية بدأت تظهر في العالم العربي مع صعود القومية العربية والتيارات الثورية اليسارية وظهر ذلك جليا في في صعود القوميين العرب في الكويت فترة الخمسينيات وعلى رأس هؤلاء أحمد الخطيب. أما اليوم فأصبح كثير من رموز العمل السياسي الإصلاحي أو المعارض لا يمثل فكرا أو أيدولوجيا واضحة بقدر ما يتعامل مع الأحداث وفق مصالح قبلية حزبية طائفية ضيقة. ويكفي القارئ الاطلاع على حسابات هؤلاء الرموز في وسائل التواصل الاجتماعي ليدرك مدى سطحية الكثيرين منهم. للخروج من أزمة التكرار التاريخي نحتاج لجيل سياسي واع لا يسعى للتغيير الراديكالي السريع إنما يؤسس لمشروع تكمله الأجيال القادمة. ولعل من حسنات حركة ١٩٣٨ أنها أصّلت لقواعد المشاركة في الحكم. لكن أكبر عيوبها كان أن قادة الحركة استعجلوا قطاف الثمر. هل سيعيد التاريخ نفسه ونشهد عصراً جديداً كعصر عبدالله السالم ؟ هذا ما ستكشفه الأيام القادمة.
[1] لمزيد من التفاصيل انظر سنوات ١٩٤٥ و١٩٤٦ في الملف رقم IOR/R/15/5/206